سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات
منال نور الهدى : طهروا أفواهكم من الغيبة بالاستغفار.. وطيبوا مجالسكم عن اللغو بالأذكار.. وعطروا أيامكم بالصلاة والسلام على النبي المختار. منال نور الهدى : إذا كنت تنام متى ما تشاء.. و تقوم متى ما تشاء دون اي مراعاة للصلاة.. عندئذ ستبقى في دائرة الاحزان.. ما دامت الصلاة ليست في دائرة اهتمامك0

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07-23-2018, 03:59 PM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الاول )

الموضوع : حقائق تفصيلية عن الإيمان - نقار الخشب









الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الإيمان تصديق وإقبال و الكفر تكذيب وإعراض:
أيها الأخوة الكرام: مع الدرس الأول من حقيقة الإيمان والإعجاز، كلمة الإيمان كلمة متداولة كثيراً بين أوساط المؤمنين
وقد تفهم فهماً مختصراً محدوداً ضيقاً لا يقدم ولا يؤخر ولا ينجي، وقد تفهم فهماً موسعاً هذا الذي أسعى إليه في هذه السلسلة من الدروس، أولاً الإيمان تصديق وإقبال:

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) ﴾
( سورة الكهف )
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) ﴾
( سورة الكهف )
هذه العقيدة، الآن الإيمان: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ (110) ﴾
( سورة الكهف )
صار الإيمان تصديق وإقبال، يقابله الكفر تكذيب وإعراض. التصديق بما جاء في القرآن الكريم و السنة الشريفة تصديقاً تاماً كاملاً:
الإيمان تصديق وإقبال على الله والكفر تكذيب وإعراض، تصديق بماذا ؟
تصديق بأن الله موجود حقيقة الوجود، وبأن الله واحد حقيقة التوحيد، وبأن الله كامل حقيقة التنزيه، موجود وواحد وكامل، وأسماؤه جميعاً حسنى، وصفاته كلها فضلى، أن تصدق بالله خالقاً، ورباً، ومسيراً، وموجوداً، وواحداً، وكاملاً، وأنه صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى، وأن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، وخلقنا لجنته، إلى ما لا ينتهي من حقائق الإيمان.
إذاً أنا أصدق بما جاء في القرآن الكريم تصديقاً تاماً وكاملاً، وأصدق بما جاء في صحيح السنة النبوية تصديقاً كاملاً وتاماً، ونحن في سلسلة الدروس السابقة العقيدة والإعجاز تحدثنا عن مقومات التكليف، تحدثنا عن الكون كثابت أول من ثوابت الإيمان، وتحدثنا عن العقل وكيف أنه أداة التكليف، وأداة معرفة الله، وتحدثنا عن الفكرة وكيف أنها مقياس نفسي تكشف به الخطأ، وتحدثنا عن الشهوة كيف أنها محرك، وتحدثنا عن حرية الاختيار كيف أنها مثمن، وتحدثنا عن الشرع كيف أنه حكم على ميزاني العقل والفطرة، وتحدثنا عن الوقت وهو غلاف العمل، الآن عرفنا ما الإيمان، نؤمن بالله.
الإيمان حركة:
الآن حقائق تفصيلية عن الإيمان، أول حقيقة الإيمان تصديق وإقبال، لا يكفي أن نصدق لأن إبليس قال:
﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
( سور ص الآية: 82 ).
﴿ خَلَقْتَنِي ﴾
( سورة الأعراف الآية: 12 ).

قال:
﴿ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
( سورة الأعراف ).
لا يكفي أن أصدق ما لم يترجم هذا التصديق إلى حركة، حركة، الإيمان حركة الدليل: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾
( سورة الأنفال)
الهجرة حركة من بلد لا تستطيع أن تقيم فيه شعائر الله إلى بلد تستطيع أن تعبد الله فيه حركة: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾
( سورة الأنفال)
الإيمان يقتضي العبادة:
أيها الأخوة، الإيمان يقتضي العبادة فإن لم يقتضِ العبادة لا قيمة له إطلاقاً:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ (110) ﴾
( سورة الكهف )
الإيمان تصديق وإقبال، أما التصديق وحده لا قيمة له إطلاقاً، تصديق وإقبال لئلا نقع في الغش، لئلا نغش أنفسنا، تصديق وإقبال والكفر تكذيب وإعراض، لذلك الآية الكريمة:
﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (68) ﴾
( سورة المائدة)

ويا أهل الإسلام لستم على شيء حتى تقيموا القرآن، ما لم تعطِ وتمنع، تغضب وترضى، تصل وتقطع لله، فلست مؤمناً الإيمان الذي ينجي، أذكركم بهذا المثل دائرة كل إنسان أنكر وجود الله عز وجل خارج هذه الدائرة، كل إنسان آمن بالله ضمن هذه الدائرة، إن آمن بالله ولم يقبل عليه، آمن بالله ولم يعبده، آمن بالله ولم يأتمر، آمن بالله ولم ينتهِ، آمن بالله ولم يقبل، هذا الإيمان لا قيمة له إطلاقاً، ضمن هذه الدائرة هناك دائرة ثانية، كل من آمن بالله وحمله إيمانه على طاعة الله دخل في الدائرة الثانية، هذا الإيمان المجدي، وأما الأنبياء والمرسلون فهم في مركز الدائرة الثانية، الأنبياء والمرسلون معصومون والمؤمنون محفوظون، المؤمن محفوظ لا تضره معصية بمعنى أنه سريعاً ما يتوب منها، وفي الأعم الأغلب تقصيراته في جزئيات صغيرة، لا يوجد كبائر، الأنبياء معصومون والأولياء محفوظون، والأولياء بالمفهوم القرآني:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) ﴾
( سورة يونس)
من رحمة الله بالإنسان أن كل شيء أمره الله به مركوز في فطرته:
أيها الأخوة الكرام، النقطة الثانية وهذا من رحمة الله بنا أن كل شيء أمرنا الله به مركوز في فطرنا
كل شيء أمرك الله به فطرك وجبلك على محبته، وكل شيء نهاك الله عنه فطرك وجبلك على كرهه، والدليل:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ(7) ﴾
( سورة الحجرات)
إذا قلت مؤمن مرتبة علمية، يعني طلبت العلم، يعني آمنت بالله، وبأنبيائه، وبكتبه، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر، لذلك الإيمان يحتاج إلى وقت، يحتاج إلى حضور مجالس علم، يحتاج إلى متابعة، يحتاج إلى دراسة، لأن بعضاً من شطر الإيمان مستوى معرفي، عرفت، فالمؤمن بشكل أو بآخر عرف الحقيقة المطلقة، عرف أنه إنسان، عرف أنه المخلوق الأول، عرف أن الله منحه حرية الاختيار وأودع فيه الشهوات، عرف أن منهج الله عز وجل يتناقض مع طبعه، والتناقض مع طبعه ثمن الجنة، عرف أن هذه الدنيا ممر وليست مقراً، عرف أن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي. الإيمان يقتضي الحساب و العقاب من الهي تعالى:

أيها الأخوة، الإيمان يقتضي أن توقن أن الله سوف يحاسب، وسوف يعاقب، ولا تنسى هاتين الآيتين:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى(37)ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى(38)فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى(39)أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى(40) ﴾
( سورة القيامة )



الله عز وجل خلق للإنسان عقلاً عليه أن يستخدمه في معرفة الله و اتباع منهجه:
أيها الأخوة، هناك نقطة دقيقة جداً، اكتشف أن الأسماك التي تعيش في قيعان البحار ليس لها أعين إطلاقاً، لماذا ؟ لأن بعد مئتي متر من سطح البحر ينعدم الضوء كلياً، بعد ألف ومئتي متر ظلام مطبق تام، إذاً لا معنى لوجود عينين عند السمك الذي يعيش في قيعان البحار
الآن حينما يضع الله لك عيناً ينبغي أن تستعملها، فإذا كان استعمالها مستحيل في الأصل لا يخلقها، دليل لماذا سمك أعماق البحار لا عيون له ؟ لأنه في ظلام دامس والعين تفتقر للضوء، فمادام الظلام دامس وهذه السمكة مصممة أن تعيش في قيعان البحار إذاً لا عيون لها، فإذا كان لك عين ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أنه من أجل أن تبصر بها، الآن الله عز وجل خلق لك عقلاً من أجل ماذا ؟ معظم الناس يستخدمون عقولهم لكسب أرزاقهم، ولدنياهم، ولتحسين دنياهم، ولتحقيق مصالحهم، ولجمع الثروة والأموال الطائلة، والإيقاع بين الناس، اسمحوا لي بهذا المثل لكن دقيق قليلاً، هناك حواسيب للمعامل الحاسوب ثمنه خمسين مليوناً، ممكن تشتري حاسوباً بخمسين مليوناً وتجعله طاولة في المعمل ؟ هو بحجم الطاولة، خمسين مليوناً كطاولة ؟ إن فعلت هذا ألست محتقراً له ؟ ممكن ورقة شيك بمليون ليرة تستخدمها كورقة مسودة تكتب على ظهرها بعض الكلمات ثم تمزقها ؟ فلما الإنسان يستخدم عقله لدنياه فقط كأنه استخدم شيك بمئة مليون كورق مسودة أو كأنه استخدم حاسوب بخمسين مليوناً كطاولة، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (9) ﴾
(سورة التوبة)
أكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله:
إذاً ما دام الله عز وجل قد خلق فينا العقل إذاً ينبغي أن نستخدمه لمعرفة الله، و الدليل أن الله نصب في هذا الكون آيات لا تعد ولا تحصى، لذلك:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) ﴾
( سورة القيامة )
الآية الثانية:
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) ﴾
(سورة المؤمنون)
أنا أقول، أكبر مصيبة تصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله، يعيش بلا هدف والآية الكريمة:
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (22) ﴾
( سورة الملك ).
من عرف هدفه الحقيقي في الدنيا جاءت أساليبه ووسائله لخدمة هذه الهدف:
أتمنى عليكم أيها الأخوة أن تتعرف إلى الهدف الحقيقي في الدنيا
تصور طالباً ذهب إلى بلد غربي لينال الدكتوراه في باريس، وباريس مدينة عملاقة، فيها مقاصف، فيها حدائق، فيها مسارح، فيها مكتبات، فيها دور سينما، فيها دور لهو، فيها معامل، فيها مؤسسات، مدينة عملاقة، في كل هذه المدينة له هدف واحد أن ينال الدكتوراه، مادام هذا الهدف واضحاً جداً دقق الآن يتحرك بمئة حركة لخدمة هذا الهدف، يريد أن يستأجر بيتاً، يبحث عن بيت قريب من الجامعة ليوفر الوقت والجهد والمال، يحب أن يصادق شخصاً، يصادق طالباً يتقن اللغة الفرنسية، يحب أن يشتري مجلة، يشتري مجلة متعلقة باختصاصه، يحب أن يأكل أكلاً يعينه على الدراسة، حينما يتضح الهدف تأتي الجزئيات والوسائل لخدمة هذا الهدف.
لذلك أهم شيء أن تعرف لماذا أنت في الدنيا ؟ لا أن تكتشف الحقيقة على شفير القبر، أو على فراش الموت، والله إنسان عنده دار قمار (القصة طويلة) ولكن وهو على فراش الموت أصيب بمرض عضال، فيبدو أن من أقربائه هناك رجل مؤمن زاره قال له: معي ثمانمئة مليون جمعتها من القمار ماذا أفعل ؟ أنا لا أقول هذا الذي قاله على صواب لكن أقول ما الذي قاله، قال له والله لو أنفقتها كلها لا تنجو من عذاب الله ؟ متى كشف الحقيقة ؟ وهو على فراش الموت.
العاقل من تكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو مغادرة الدنيا:
أنا أتمنى أن تؤمنوا معي أن قمة الذكاء هو التكيف، التكيف مع ماذا ؟
التكيف مع أخطر حدث في المستقبل وهو مغادرة الدنيا من بيت أربعة وصالون، غرفة نوم، غرفة ضيوف، استقبال، مطبخ، حمام، تكييف، تدفئة، ثلاجة، فواكه، عصير، أزهار، أجهزة كاملة إلى قبر، هل هناك من حدث أخطر من هذه النقلة المفاجئة ؟ من بيت إلى قبر، ماذا أعددنا لهذه الساعة ؟ هذه البطولة، هذا هو الذكاء، والله الذي لا إله إلا هو مرة شيعنا أحد أخوتنا حينما رفع غطاء النعش وحمل وأحد من دفنه سبقه إلى القبر لكي يستقبله وضع على الأرض وضعت الحجرة أهيل التراب، والله الذي لا إله إلا هو جاءتني ومضة أنه ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ولا أذكى ممن يعد لهذه الساعة، كل ذكائك، بطولتك، تفوقك، نجاحك، فلاحك، في الإعداد لهذه الساعة، هل أعددت عملاً صالحاً ؟ هل أعددت عبادة متقنة ؟ هل أعددت تربية أولاد صالحين ؟ أعددت بيتاً مسلماً ؟ أعددت عملاً صحيحاً ؟ أعددت إنفاقاً ؟ دعوة إلى الله ؟ ماذا فعلت ؟ اسأل نفسك هذا السؤال المحرج، ماذا فعلت في هذه الدنيا ؟

كل إيمان بحاجة إلى عمل صالح:
نحن في حقائق الإيمان، الإيمان عمل، أكثر من مئتي آية في كتاب الله:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (3) ﴾
( سورة العصر ).

إبليس من الذين آمنوا لكن ليس له عمل صالح، تأكيد آخر:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾
( سورة فصلت: الآية 30).
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (3) ﴾
( سورة العصر ).
اعتقد يقيناً أن إيمانك وتصديقك أن هناك إلهاً عظيماً، وأن هناك دار آخرة، وأن هناك موتاً، وأن هناك عذاباً في القبر، وأن هناك جنة عرضها السماوات والأرض، كل هذا الإيمان لا قيمة له، كنت أضرب هذا المثل شخص قال لآخر على كتفك عقرب، هذا الذي على كتفه العقرب بقي هادئاً مرتاحاً، تلقى هذه الملاحظة بابتسامة قال: والله أنا شاكر لك على هذه الملاحظة، وأرجو الله عز وجل أن يُمكنني من ردّ هذا الجميل، هل تصدقون أنه فهم ما قيل له ؟ لو فهم ما قيل له لقفز وصرخ وخلع معطفه فجأةً. ما إن تستقر حقيقة الإيمان في نفس المؤمن حتى تعبر عن نفسها بحركة:
ما لم تتحرك الإيمان غير صحيح، حتى إنهم قالوا هناك قانون يضبط علاقتك بالمحيط إدراك، انفعال، سلوك، بالضبط تمشي في بستان لا سمح الله رأيت أفعى علامة صحة إدراكك أنها أفعى وأن لدغتها قاتلة تضطرب و قد تصرخ، علامة صحة الإدراك الانفعال
وعلامة صحة الانفعال الحركة، إما أن تقتلها وإما أن تهرب منها، دقق بهذا القانون عالم اسمه دوركاين جاء بهذا القانون إدراك انفعال سلوك، إن قيل لك كلام رائع، ولم تنفعل، ولم تدرك ما قيل لك، وإن انفعلت ولم تتحرك كذب لم تنفعل تصنعت الانفعال، علامة صحة الإدراك الانفعال وعلامة صحة الانفعال الحركة، فما لم تتحرك لست مؤمناً حتى إنهم قالوا ما إن تستقر حقيقة الإيمان في نفس المؤمن حتى تعبر عن نفسها بحركة، يذهب إلى درس علم هذه حركة، يذهب لإطعام فقير، يذهب لزيارة أخته في طرف المدينة صلة رحم، حركة، ينفق من ماله حركة، يسأل عن قضية في التجارة حركة، المؤمن متحرك، مؤمن سكوني لا يوجد، الإيمان إعجاب سلبي غير صحيح، الإيمان إعجاب إيجابي، إعجابه حركي، الإيمان تصديق وإقبال، تصديق وحركة، المؤمن إنسان متحرك:

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (72) ﴾
( سورة الأنفال)
ينبغي أن تؤمن. بطولة الإنسان أن يُعرض عن الشر و يستجيب للخير:
الإيمان تصديق أن الله عز وجل فرز لك ملكاً معك
يأمرك بالخير، ينهاك عن الشر، يأمرك بالطاعة، ينهاك عن المعصية، يأمرك بعمل صالح، ينهاك عن عمل سيئ، هذا الملك، وللتوازن والتعادل هناك جني، هناك شيطان مع الإنسان يأمره بالمعصية ويزهده في الطاعة، لا تنفق اترك هذا القرش ليومك الأسود، ينهاك عن العمل الصالح ويفرق بينك وبين زوجتك، والملك يوفق بينك وبين زوجتك، هناك شيطان وهناك ملك، من أجل التوازن، فأنت مخير حتى إن الشيطان قال:

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ﴾
( سورة إبراهيم الآية: 22 ).
فالإيمان في ملك وفي شيطان، بطولتك أن تستجيب للملك، وأن تعرض عن الشيطان. المعركة بين الطبع و التكليف معركة دائمة:

الآن الإيمان لك قلب هو مركز النفس، هذا القلب مسيطر على كل ما في النفس والدليل:

(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ))
في ( الصحيحين ) عن النعمان بن بشير
القلب معه مستشار علمي الفكر، كشخص معه آلة حاسبة، الفكر جهاز لخدمة القلب، وهناك الجسم، لذلك القلب هو الآمر، الآمر على الدماغ، والآمر على النفس، هناك صراع بين النفس وبين القلب، النفس تريد أن تجر القلب إليها، وأن تجعله في خدمتها، وأن تجعله يأمرها بالمعصية، والقلب يحاول أن يسيطر على النفس، هناك معركة هي الحقيقة بين الطبع وبين التكليف.
فصل الإيمان عن العمل يوقع الإنسان في أخطاء كثيرة:
أيها الأخوة، حينما تدرك حقيقة النفس، أنت المخلوق الأول، المخلوق المكرم، المخلوق المكلف بعبادة الله، والعبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمبحة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية
أنت هناك ملك وهناك شيطان مركزك القلب والدماغ في خدمتك، للتقريب، إنسان لا يملك من الدنيا إلا بيتاً غالٍ جداً، وباعه بعملة صعبة، ما هو الخطر ؟ الخطر أن يقبض ثمن البيت عملة مزورة، هذا خطأ ماحق ضيّع كل شيء، يوجد بجيبه اليمين جهاز إلكتروني يكشف له العملة المزورة، الآن في جهاز يعطيك لوناً زهرياً معنى هذا أن الدولار صحيح، فيه معدن، وإن كان مزوراً أي عبارة عن ورق يظهر لون آخر، معه جهاز و معه بالجيب اليسار أرقام العملات المزورة، يعني الشرع، الجهاز الإلكتروني العقل، أرقام العملات المزورة الشرع، وباع البيت لا يملك غيره بعملة صعبة لا استخدم الجهاز ولا قرأ أرقام العملات المزورة فخسر الدنيا والآخرة، إما أن تستخدم عقلك وإما أن تستخدم المنهج الشرع افعل ولا تفعل، فأنت الإيمان تصديق ولكن حركة، تصديق وإقبال، تصديق واتصال بالله، تصديق واستقامة، تصديق وعمل صالح، حينما تفصل العمل عن الإيمان وقعت في متاهة كبيرة.
أيها الأخوة، إن شاء الله نمضي ثلاثين حلقة في موضوعات الإيمان ونحن في أمس الحاجة إلى تفاصيلها ونحن كما تعودنا ننتقل إلى موضوع علمي إن شاء الله. الموضوع العلمي:
نقار الخشب من صنع الله الذي أتقن كل شيء:
عندنا طائر اسمه نقار الخشب، والله أيها الأخوة، هناك حقائق عن هذا الطائر أقول دائماً لا تصدق، هذا الطائر له منقار قوي متين، منقار طويل جداً، هذا المنقار يمكن أن يثقب أشد الأشجار صلابة، هذا المنقار يقاوم قوى الضغط، شجر صلب كخشب الزان مثلاً ومتين يقاوم قوى الشد، قوي ومتين، كأداة لخرق الخشب
إنه مثقب تركيبه عجيب في قوة ومتانة ومرونة وعضلات رقبة قوية جداً، منقار في رأس الطائر فمن أجل أن يثقب هذه الشجرة يحتاج إلى عضلات قوية جداً، وإلى بنية لهذا المنقار متينة جداً ومرنة جداً، لماذا يحتاج إلى عضلات قوية جداً ؟ قال لتأمين ضربات إيقاعية قوية وكأنه إزميل، يقف هذا الطائر على الشجرة يداه قصيرتان جداً ورجلاه طويلتان، ويداه ورجلاه مزودتان بمخالب تمسك بلحاء الخشب، كيف أحياناً الرافعة تلغى عجلاتها، وتلغى مفاصلها، وتقف على أربعة أعمدة كي تكون ثابتة، كذلك هذا الطائر يغرس ظفرين بلحاء الشجر بيديه ورجليه كي يثبت تماماً، وهناك عضلة برقبته شديدة جداً، و منقار طويل متين قوي مرن، يجب أن يصل إلى لب الشجرة، لماذا ؟ لأن في داخل الشجرة حشرة هي غذاؤه حتى هذا التاريخ، الشجرة عملاقة بلبها حشرة بأي مكان مثلاً ثلاثة أمتار وثمانية وتسعين سنتمتراً يقف هنا، حتى هذه الساعة لا أحد يعرف كيف يعرف هذا الطائر مكان الدودة، يقف بمسافة على مستوى سنتمترات هذه المسافة تقابل هذه الدودة ينقر ينقر يقطع اثني عشر سنتمتراً من الخشب الصلب نقراً إلى أن يصل المنقار إلى لب الشجرة عند الدودة، له لسان بطول منقاره اثني عشر سنتمتراً، ينتهي بسطح خشن في مادة لاصقة يضعه على الحشرة ويسحبها ويأكلها، صنع الله الذي أتقن كل شيء.

الله عز وجل خلق كل شيء بتفاصيل تتناسب مع وظيفته:
رجلان طويلتان مع مخالب، يدان قصيرتان مع مخالب، عضلة قوية جداً تعطي هذا الدفع المستمر، منقار طويل متين، ومرن، وقوي، ولسان بطول المنقار، ينتهي بسطح خشن مع مادة لزجة يصل إلى الحشرة أو الدودة في المكان الدقيق، أما كيف يعلم هذا الطائر مكان الدودة حتى هذا التاريخ لا أحد يعلم.

أيها الأخوة، هذا صنع الله:

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) ﴾
( سورة لقمان )
أيضاً له ريش، حينما يستند إلى الشجرة بيديه الصغيرتين مع المخلبين، ورجليه الطويلتين مع مخلبين، ريش ذيله ريش قاسٍ جداً حتى يكون مسنداً قوياً له أثناء الضغط على الشجرة: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
( سورة : طه ).
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) ﴾
( سورة الأعلى )
ما معنى خلق فسوى ؟ يعني سوى هذا الخلق بتفاصيل تتناسب مع وظيفته، أنا وضحت ذلك بمثل، شخص أراد أن يبني غرفة لمركبته أشاد غرفة حيطان وسقف وباب، لكن بعد أن أشادها تبين أن طول هذه الغرفة أقصر من سيارته معنى ما سوى، صنع غرفة لكن ليست متناسبة مع مركبته، أو صنع غرفة عرض هذه الغرفة لا يسمح بفتح الأبواب ما استفاد شيئاً، أما حينما يكون طولها وعرضها وارتفاعها وفيها حنفية ماء من أجل غسيل المركبة، حينما تسوى هذه الغرفة مع أبعاد السيارة نقول بنى غرفة وسواها مع مركبته. الله تعالى في كل شيء له آية تدل على أنه واحد:
الله عز وجل وصف ذاته العلية بأنه خلق فسوى، يعني أنت مخلوق وفق خصائص دقيقة جداً
هذا الطفل ليس في حليب أمه حديد، الله أودع في طحاله كمية حديد تكفيه لعامين، الطفل لا يمكن أن يتعلم في الأشهر الأولى، أعطاه منعكساً جاهزاً منعكس المص، آلية معقدة جداً تُخلق مع الطفل، الطفل حينما يخرج من بطن أمه الطريق ضيق عظامه مرنة غضروفية بعد أن يكبر يتحول الغضروف إلى عظم، خلق فسوى.
فيا أيها الأخوة:
وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد
***
هذا نقار الخشب رجلاه، يداه، الكلاليب، الريش، عضلات الرقبة، المنقار الطويل المتين القوي المرن، اللسان، المنطقة الخشنة في مقدمة اللسان، المادة اللزجة كيف يعرف مكان الدودة هذا من آيات الله الدالة على عظمته:

وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد
***

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 08:56 AM   #2


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز





بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الثانى )

الموضوع : الأمن العقدي وتوافق الإيمان مع الفطرة و تلبيته لجوانب الإنسان - المنهج الرباني للتفكر









الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
كلام الله وحي من عنده لن يتغير مهما ظهرت تطورات جديدة:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثاني من دروس حقائق الإيمان والإعجاز
أيها الأخوة، في الدرس الماضي بينت لكم بفضل الله عز وجل أن الإيمان تصديق وإقبال وأن الكفر تكذيب وإعراض، بالإيمان جانب فكري تصديقي عقدي معرفي، بالإيمان جانب يلبي حاجة العقل، هذه الحاجة العليا في معرفة الحقيقة، فالإيمان فيه جانب معرفي، الإسلام من خلال القرآن طرح تفسيراً عميقاً جداً، دقيقاً جداً، متناسقاً جداً للكون، وللحياة، وللإنسان، ولما قبل الموت، ولما بعد الموت، تفسير شمولي متناسق مترابط متناغم، فالإسلام لبى حاجة عقلية، عند المسلم شيء اسمه أمن عقدي، يعني مهما تطورت الأمور، مهما استجدت المستجدات، مهما ظهرت التطورات، لن يظهر شيء يناقض كلام الله لأن كلام الله وحي من عند الله، من عند المطلق.

ارتباط العقل بالواقع:
وبالمناسبة يكون هناك عالم كبير جداً، لكن عاش بعصر ما كان في حاسوب، ولا في قرص مدمج
لو أن افتراضاً أيقظناه من قبره وقلنا له هذا القرص فيه خمسة آلاف عنوان، معنى عنوان قد يكون العنوان أربعين مجلداً، أو خمسين مجلداً، إذا قلنا بقرص رقيق يوجد خمسة آلاف عنوان، افرض العنوان بعشرة كتب تقريباً، يعني خمسين ألف كتاب محلهم في البيت أربعة جدران إلى السقف، بقرص واحد والنصوص مشكلة وهناك فهرس، وهناك بحث، وهناك قابلية للطباعة، لا يصدق، بالعكس لو إنسان عاش قبل خمسين عاماً وقلت له هناك قرص فيه خمسة آلاف كتاب يتهمك بالجنون، لأن العقل مرتبط بالواقع، كان عاقلاً، كان عالماً كبيراً لكن بعصره ما كان في حاسوب، تصور الأمر يأتي من الخليفة إلى الأمصار بأربعة أشهر، دمشق عاصمة الدولة الأموية إذا أراد الخليفة أن يرسل أمراً إلى شمال إفريقيا أربعة أشهر، ركوب خيل، الآن أي حدث في العالم تراه بعد دقائق حياً بصورة ملونة مع التعليقات والتحليلات، فلذلك العقل مرتبط بالواقع أن الوحي من عند المطلق.

الأمن العقدي لن يظهر شيئاً يتناقض مع القرآن الكريم:
لذلك المؤمن يتمتع بحالة لا يتمتع بها إلا هو، الأمن العقدي لن يظهر شيئاً في الحياة لا فكر، ولا علم، ولا اختراع، ولا شيء يتناقض مع القرآن الكريم، لأنه من عند خالق السماوات والأرض
أوضح مثل أنت راكب أحدث طائرة في العالم، وبالدرجة الأولى، والمقعد وثير، والمجلات أمامك، والقنوات أمامك، والأشربة المنوعة، والطعام الساخن النادر من صنع أكبر الطباخين، وكل شيء يدعو للرفاه والمقعد يكون سريراً كاملاً، تنام ساعات طويلة نوماً عميقاً وأنت في أطباق الجو، وتفتح القرآن الكريم لتقرأ قوله تعالى:

﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً (8) ﴾
( سورة النحل)
وازن بين ركوب حمار وركوب طائرة، أكمل: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) ﴾
( سورة النحل)
الطائرة دخلت، واليخت دخل، والقطار دخل، والمركبة دخلت، والسيارة دخلت، كلام خالق السماوات والأرض. عدم ظهور أي حقيقة تلغي وحي السماء أو كلام الله عز وجل في أي زمن:
إذاً يتمتع المؤمن بحالة أمن عقدي، لعل الفكرة واضحة لن يظهر شيئاً يلغي آية قرآنية، لن تظهر حقيقة تلغي وحي السماء، لن يظهر اكتشاف يلغي كلام الله، كلام الله عز وجل من عند خالق السماوات والأرض الذي علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، مثلاً الله عز وجل جعل رسالة النبي عليه الصلاة والسلام خاتمة الرسالات، وبعثة النبي خاتمة البعثات، والقرآن الكريم خاتم الكتب، ودعوة النبي لكل الأمم والشعوب من دون استثناء لكل البشر جميعاً، لكل القارات إلى نهاية الدوران لماذا ؟ لأن الله علم أنه سيكون هناك تواصل، الآن الأرض سطح مكتب، أينما ذهبت إلى أمريكا، إلى استراليا، إلى فرنسا، إلى ألمانيا، إلى إفريقيا، إلى غينيا، ترى كل شيء في الأخبار كأنك في دمشق
لا يوجد شيء يمكن أن يحجب عن الإنسان، فصارت الأرض سطح مكتب، كانت خمس قارات، القارة بلد كبير عاصمة، مدينة، قرية، بيت، غرفة، سطح مكتب، لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ))
[ من حديث أبي ثعلبة الخشني مرفوعا أخرجه الحاكم وصححه ورده الذهبي ].
هذا الأمر أمر الدين ما بلغ الليل والنهار، أينما ذهبت في إذاعات إسلامية، في صحف إسلامية، لي موقع في الانترنيت، مرة سافرت إلى مدينة في جنوب استراليا مالبن وزرت جامعتها تفا جئت أمين مكتبة رحب بي ترحيباً يفوق حدّ الخيال لا أعرفه، ثم أكد لي أنه يتابع موقعي في الانترنيت، يعني الخطبة تلقى هنا يأخذها ويخطبها هناك، درس التفسير، درس الأحد، درس الاثنين، محاضراتي، ندواتي، كله في الانترنيت، الآن أنا أذهب لا آخذ معي شيئاً أعطي عنوان الانترنيت الخطبة، ودرس التفسير، ودرس الأحد، ودرس السبت على الانترنيت صورة وصوت، كل محاضراتي بالفضائيات على الانترنيت، بأي مكان في العالم، البارحة زارنا أخ من كندا، قال أنا أتابع الدروس كلها التي تلقى هنا، الأرض أصبحت مكاناً واحداً. الله عز وجل فطر كل إنسان على منهجه:
لذلك رغم التقدم المذهل يسمى الآن الانفجار المعلوماتي، عصر التواصل، التواصل بكل شيء، يعني معك هاتف جوال عدة أزرار تحاكي شخصاً بكندا كأنه معك، عندك فاكس تعمل رسالة خلال ثانية تكون في أقصى بلاد الدنيا
في تواصل لأن الله عز وجل علم هذا التواصل فجعل رسالة النبي خاتمة الرسالات، لأن مضمون الكتاب والسنة طار في الآفاق، أول نقطة في الإيمان أن الله عز وجل فطرنا، جبلنا، برمجنا بالتعبير المعاصر ولفنا على منهجه، أمرك بالصدق تحب الصدق، أمرك بالأمانة تحب الأمانة، لذلك قال تعالى:

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) ﴾
( سورة الحجرات )
أكبر إنجاز أن نفسك ترتاح لمنهج الله، ترتاح لأوامر الله، تتألم لو فعلت شيئاً يخالف منهج الله.
النفس البشرية حينما تصطلح مع الله عز وجل تسعد في الدنيا و الآخرة:
لذلك أروع كلمة في القرآن:
﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ (157) ﴾
( سورة الأعراف)

ما معنى معروف ؟ يعني معروف، من يعرفه ؟ أي إنسان، الفطرة السليمة تعرفه، لذلك قالوا المعروف ما عرفته الفطر السليمة ابتداءً، والمنكر ما أنكرته الفطر السليمة ابتداءً، أول نقطة في الإيمان: حقائق الإيمان، مناهج الرحمن، الأمر، النهي، افعل لا تفعل، الفرض، الحرام، الحلال، المباح، أنت وفق هذه المنظومة من القيم قد برمجت نفسك لذلك من هو أسعد الناس ؟ الذي يصطلح مع نفسه، أنت حينما تطيع الله عز وجل تصطلح مع نفسك، للتقريب، راكب سيارة حديثة جداً أما الطريق وعر، حجار، حفر، صخور، أكمات، غبار، تراب، تسمع أصواتاً يقول لك: السيارة تكسرت، هي مصممة لطريق معبد، خذها إلى طريق معبد انسيابي، صوت ناعم، سرعة عالية، هذه مصممة لهذا الطريق، فأنت تعرف كل قيمتها بهذا الطريق، لم تعرف قيمة سيارة ثمنها خمسة وعشرين مليوناً بطريق وعر لا تمشي تسمع تكسير، تسمع أصوات لا تحتمل، تضطرب، فلذلك النفس البشرية حينما تصطلح مع الله عز وجل تماماً كمركبة حديثة جداً مصممة لطريق معبد، مشيت بها بطريق غير معبد، فانزعجت منها انزعاجاً كبيراً، فلما انتقلت بها إلى الطريق المعبد ارتاحت، هذا الوضع.
من طبق منهج الله عز وجل شعر بسعادة و سكينة لا توصف:
أول شيء في الإيمان، الإيمان متوافق مع الفطرة لذلك قالوا: الإسلام دين الفطرة، تلاحظ ملاحظة تجد الأخ المؤمن مرتاح، في ظروف صعبة، في تهديدات، في مشكلات منطقة تغلي غلياناً، ما في شيء واضح، الغرب يتهددنا:

(( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا))
[ أبو داود عَنْ ثَوْبَانَ]
خمس دول إسلامية محتلة، الثروات منهوبة، الشباب يقتلون، الكذب والدجل، الإسلام متهم، حرب عالمية ثالثة على الإسلام، تجد مؤمناً ما عنده شيء لكن مرتاح لأنه تحرك حركة تتوافق مع فطرته، ما كذب، ما أكل مالاً حراماً، ما غش، عنده إحساس عميق أن خالق السماوات والأرض يحبه، وكل شيء بيد الله عز وجل، والله أيها الأخوة، هناك شيء غير مرئي بالعين لو أخ عادي لكن هذا الأخ العادي لأنه اصطلح مع الله، وعرف منهج الله، وسار في طريق يرضي الله، يحس بثقة بالله، وأمن، وطمأنينة، وسعادة، ورضا، وسكينة، واستقرار، لو وزع على أهل بلد لكفاهم. توافق الإيمان مع الفطرة:
أول حقيقة خصائصك النفسية
فطرتك، برمجتك، متوافقة تماماً مع منهج الله فحينما تصطلح مع الله، وتطرق باب الله، وتخطب ود الله، تحس براحة لا يعرفها إلا من فقدها، هذه أول حقيقة الإيمان متوافق مع نفسه، أما الكفر متنافر، أقنعوك أنه لا إله، يأتي خطر داهم أنت ضعيف تحتاج إلى جهة تلتجئ إليها لا يوجد، تحتاج إلى جهة تعتمد عليها، أحياناً تأخذ رأيها، لا يوجد، دقق:

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد )
تصور ابن له أب كبير علماً وقدراً ومالاً، له غرفة خاصة، البيت منظم تماماً، وجبات الطعام درجة أولى، ثيابه جيدة جداً، في خدمات في البيت عالية جداً، أب دقيق يتابع دراسته وتحصيله، وتصور ابناً مشرداً من ملجأ إلى ملجأ، من سجن إلى إصلاحية، غارق بالمعاصي والآثام والسرقة والفواحش. حياة المؤمن مستقرة لأن مولاه الله عز وجل:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد )

لك مولى هو الله، لك مرجعية، تجد حياة المؤمن مستقرة لماذا ؟ هناك سبب أنه يطبق منهج الله ، لا يوجد عنده شيء مدمر، دخل إلى ملهى أعجبته الراقصة تزوجها، في اليوم مئة اتصال، لها زبائن، ما تحمل، طردها ثم حنّ إليها طلبت منه مبلغاً فلكياً يضاف إلى مهرها كتب، ثم تركته، فوجئ بدعوى تطالبه بالمهر، ما معه فذهب إليها وإلى أمها أطلق عليها وعلى أمها الرصاص، وأطلق على نفسه الرصاص، لم يموتا بل مات هو.
دمر، لأنه مشى غلط، أما أنت مؤمن تطبق منهج رسول الله:
(( فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
تأخذ بنت الحلال، بنت عائلة محترمة، مرباة تربية عالية، تخاف الله، تسرك إذا نظرت إليها، تحفظك إذا غبت عنها، تطيعك إن أمرتها، تنجب لك أولاداً يملؤون البيت فرحة وبهجة يعني:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾
( سورة السجدة)
قطعة لحم مشوية طازجة وأنت ميت من الجوع، مثل قطعة لحم متفسخة رائحتها لخمسين متراً، تطلع من جلدك منها ؟ أحياناً يوجد دابة تكون ميتة في الفلاة تشم رائحة تكاد تموت من شدة الانزعاج:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾
( سورة السجدة)
ارتباط نجاح الملحد في الدنيا بتطبيق إيجابيات الدين الإسلامي:
أول نقطة في الإيمان أنه متوافق مع الفطرة، أول نقطة في الإيمان يعمل لك أمن عقدي، ما في أي مفاجأة، لا نظرية، ولا اكتشاف دواء يطول العمر، تعيش خمسمئة سنة خلاف القرآن، لا حول ولا قوة إلا بالله تتخبط، الله عز وجل قال:
﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) ﴾
( سورة الأعراف )

لن يظهر شيئاً يتناقض مع القرآن لأن هذا الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لذلك الأمن العقدي تتمتع بحالة أمن عقدي طول حياتك، بالعكس تفاجأ أن المعسكر الشرقي قبل انهياره حرم الخمر، معنى ذلك أنه وجد أن هذا المشروب يعيق تقدم الأمة، يشل حركة أبنائها، الاتحاد السوفيتي قبل انهياره بخمس سنوات الخمر محرمة تحريماً مطلقاً عنده، تتفاجأ الآن دعوة كبيرة جداً في أمريكا لإنشاء الجامعات من دون اختلاط، ثلاثمئة وخمسين ألف لقيط بحدائق الجامعات في أمريكا، الآن هناك دعوة قوية جداً يقودها هذا طاغية العصر لإنشاء جامعات ليس فيها اختلاط، تجد مع تقدم الزمان الأرض تقترب من الدين لا لأنهم آمنوا بالله، أبداً، لأنهم آمنوا بالمال، آمنوا بالنجاح في الدنيا، فنجاحهم في الدنيا يقتضي ذلك، بالعكس أنا سافرت إلى أوربا وأمريكا كثيراً كل إيجابيات البلدين إسلامية، لا لأنهم يعبدون الله أبداً، لكن مصلحتهم تقتضي ذلك، أنت سوف ترى كلما تقدمت الحياة بذكاء معين الإنسان يقترب من الدين في أمن عقدي، توافق مع الفطرة، واضح تمام، في خصائص الإيمان، لذلك المؤمن يعطي لله، يمنع لله، يصل لله، يقطع لله، يرضى لله، يغضب لله.
الإيمان خطاب ديني شمولي شمل القلب و العقل و الجسم:
الآن أحياناً هناك رسوم كاريكاتيرية إنسان رأسه كبير وجسمه ضئيل لا يوجد توازن، أي منهج أرضي قد يركز على القلب فقط، وهناك منهج آخر على العقل
إنسان عقله كبير وزنديق والثاني طيب جداً لكن جاهل، لكن الشيء الدقيق أن القرآن الكريم، الدين، الإيمان، خاطب عقلك، وخاطب قلبك، وأمرك أن تعتني بجسمك، خطاب ديني متوازن، خطاب ديني شمولي، هناك خطاب للعقل والعقل غذاؤه العلم، خطاب للقلب والقلب غذاؤه الحب، و خطاب بأن تعتني بجسمك، نفسك مطيتك فارفق بها، إذاً في توازن لا يوجد شيء على حساب شيء، صار أول خصيصة في أمن عقدي، الخصيصة الثانية توافق الإيمان مع الفطرة، الخصيصة الثالثة في تلبية جوانب الإنسان الثلاثة، جانب عقله بالعلم، وجانب قلبه بالحب، لذلك قال تعالى:

﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54) ﴾
( سورة المائدة )
يوجد حب بالإسلام، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ (165) ﴾
( سورة البقرة)
من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان. الله عز وجل جعل الإنسان ضعيفاً كي يفتقر بضعفه فيسعد بافتقاره:
الآن الإيمان معه خصيصة أنه يعتمد على حاجات الإنسان، الله عز وجل جعلك ضعيفاً لحكمة بالغة بالغة، ما قولك عندك حاسوب صناعي ثمنه خمسين مليوناً والتيار في بلادنا غير منتظم فجاءت ومضة كهربائية أحرقته ما رأيك ؟
لكن في قطعة بهذا الحاسوب اسمها فيوز هي وصلة كهرباء ضعيفة جداً فلو جاء التيار فوق المئتين وعشرين يسيح السيخ، ينقطع التيار، يسلم الجهاز، ألا ترى أن هذه القطعة سليمة جداً، أن المصمم بأعلى درجة من الذكاء هكذا فعل الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) ﴾
( سورة النساء )
لو لم تكن ضعيفاً لا تتوب إلى الله، لو لم تكن ضعيفاً لا تسعى لجنة عرضها السماوات والأرض، لذلك الإنسان يكون بشبابه أرعن بالخمسين يبدأ يصلي، يقول سوف أموت ماذا في القبر ؟ ماذا بعد الموت ؟ فالله عز وجل فضّل علينا بأن جعلنا ضعافاً، اسمعوا هذا الكلام الدقيق، جعلك ضعيفاً كي تفتقر بضعفك فتسعد بافتقارك، ولو جعلك قوياً لاستغنيت بقوتك فشقيت باستغنائك، لذلك قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾
( سورة العلق )
أغبى إنسان في الأرض الذي لا يدخل الله في حساباته:
من هذا الذي غرق في المعصية والله عز وجل يمده ؟ هذا أسوأ إنسان بالأرض:
﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً ﴾
( سورة الأنعام الآية: 44 ).

هذا الذي هدم سبعين ألف بيت في غزة جاءته خثره بالدماغ، دخل المستشفى وصحي لم يمضِ عشر ساعات أول تصريح له سأتابع هدم البيوت، ثم جاءته القاضية إلى الآن صار له أربع سنوات في سبات وأمدّ الله بعمره، شخص ذكر لي أنه رأى صورته بالإنترنت شيء مخيف.
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾
( سورة العلق )
معه سلاح متطور، والعالم كله معه، هؤلاء ضعاف (الفلسطينيون)، هدم بيوتهم، قتّل شبابهم، من هو أغبى إنسان في الأرض ؟ أغبى إنسان في الأرض الذي لا يدخل الله في حساباته، يقول لك ليس مسمياً بالرحمن، أي أحمق: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾
( سورة العلق )
المتواضع لله أفضل ألف مرة من المتعجرف لأنه يعرف قيمة نعم الله عز وجل:
لذلك أتمنى أن تكونوا معي بهذه الفكرة، أفضل لك أيها الأخ الكريم أن تكون ضعيفاً، وتعاني ما تعاني، وأنت في ضعفك ومعاناتك تقول: يا رب لا يوجد غيرك، يا رب وفقني، يا رب اشفني، أفضل ألف مرة أن تعاني ما تعاني وأنت مفتقر، من أين جاء هذا المعنى ؟
جاء جبريل عليه السلام وخيّر النبي عليه الصلاة والسلام، قال له يا محمد أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟ قال بل نبياً عبداً أجوع يوماً فأذكره وأشبع يوماً فأشكره.
الضعف أقرب للعبودية وأحياناً الفقر أقرب، تجد فقيراً متواضعاً أديباً، المال له قيمة عنده ينفقه، أقسم لي بالله شخص حضر وليمة في بلد غني جداً، قال لي هذا الكاعود (الجمل الصغير) لحمه نفيس جداً، كاعود مكتف محشي رز ولحم وفستق وصنوبر وكاجو وفوقه خاروف مكتف ثانٍ مثل التاج وضعوه، والمدعوون أربعة خمسة أكلوا واحد من مئتي من وزنه والباقي غسلوا أيديهم فوقه فاعترض شخصاً، قال لا أحد يأكل من بعدنا.
أفضل ألف مرة تكون إنساناً متواضعاً لله عز وجل تعرف قيمة نعم الله من أن تكون متعجرفاً ترى نفسك فوق الناس، من هو الأحمق ؟ الذي يرى أن له ما ليس لغيره، وأن على غيره ما ليس عليه هذا العنصري.

العالم إنساني و عنصري:
العالم الآن إنساني وعنصري، لا تستغربوا بدءاًً من الزوج حينما ترى لنفسك ما ليس لها، وحينما ترى عليها ما ليس عليك، عليها أن تحترم أمك، أما أنت حينما تسخر من أمها لك الحرية، أنت عنصري
أنا سأبدأ بزوج عنصري وسأنتهي بحق الفيتو عنصري، لماذا خمس دول في الأرض إذا قالت لا انتهى القرار ؟ من هي ؟ نحن بشر، دولة عندها 200 رأس نووي، ودولة تعمل على تطوير لمفاعل نووي سلمي ليس له علاقة، تقوم الدنيا ولا تقعد، لماذا لما ترتدي الفتاة ثياب السحاقيات في أمريكا والمدير يمنع هذه الفتاة يقيم والد الفتاة عليه دعوى يربحها والقاضي يحكم له بمبلغ فلكي ؟ ثياب الشاذات لما منعها المدير والد الفتاة أقام دعوى على المدير وربح الدعوى ودفع الإدارة مبلغاً فلكياً، أما طفلة صغيرة وضعت قماشة على رأسها تنفيذاً لدين يدين به ربع سكان الأرض يؤكد العفة والطهر والعفاف تقوم الدنيا ولا تقعد، هذا عالم، هذا مجتمع يحترم ؟ من حق الفتاة أن ترتدي ثياب السحاقيات، ثياب الشاذات، والشذوذ محرم في كل شرائع السماء، أما فتاة مسلمة تضع على رأسها قطعة قماش تقوم الدنيا في أوربا ولا تقعد، هذا مجتمع بشري يستحق الاحترام ؟
لذلك أيها الأخوة:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ (165) ﴾
( سورة البقرة)
يوجد بالإيمان حب، توازن، أمن عقدي، توافق مع الفطرة. شروط قراءة القرآن الكريم:
نحن تعودنا على موضوع علمي، أيها الأخوة، يعني أحياناً يكون الأخ الكريم غافل عن قيمة التفكر.
1 ـ قراءته قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة العربية:
كلكم يعلم أن هذا القرآن الكريم كلام الله ينبغي أن تقرأه قراءة صحيحة وفق قواعد اللغة العربية، هذا أول شرط.
2 ـ قراءته قراءة مجودة وفق أحكام التجويد:
ينبغي أن تقرأه قراءة مجودة وفق أحكام التجويد، هذا الشرط الثاني.
3 ـ فهمه:
ينبغي أن تفهمه الشرط الثالث.
4 ـ تدبر آياته:
ينبغي أن تتدبره الشرط الرابع ما التدبر ؟ التدبر أن تضع نفسك على المحك:
﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 191 ).
هل تذكر الله أنت ؟ قد لا تذكره: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

( سورة النور )
هل تغض أنت بصرك أم لا تغضه ؟ ﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا (177) ﴾

( سورة البقرة)
هل تفي بعهدك ؟ التدبر مع كل آية، أن تنظر أين أنت منها مطبق أم لست مطبقاً ؟ هذا التدبر.
5 ـ تطبيقه:
خامس بند التطبيق، قراءة وفق قواعد اللغة العربية، ثم قراءة وفق علم التجويد، ثم فهم للقرآن، ثم تدبر له، أن تضع نفسك على المحك مع كل آية، وآخر بند أن تطبقه. التدبر في آيات الله عز وجل:
لو أخذنا التدبر ثالث بند قراءة لغوية، قراءة تجويدية، فهم
رابع بند التدبر في أمر كيف تتدبر أمراً إلهياً ؟

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا (83) ﴾
( سورة البقرة)
التدبر أن تقول للناس حسناً: ﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ﴾
( سورة الحجرات الآية: 12 ).
التدبر ألا تغتاب أحداً، يعني ينبغي أن تأتمر بآية الأمر وأن تنتهي بآية النهي، الآن آية تصف لك الجنة: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (73) ﴾
( سورة الزمر)
إذا قرأت آية عن حال أهل الجنة ماذا ينبغي أن تعمل ؟ أن تسعى إلى الجنة، إذ قرأت آية عن أحوال أهل النار ماذا ينبغي أن تعمل ؟ أن تسعى إلى البعد عنها، إن قرأت آية عن هلاك أمة سابقة ماذا عليك أن تفعل ؟ أن تتعظ، فالتدبر يعني أن كل آية ينبغي أن يكون لك منها موقف. مجموع الآيات الكونية التي اختارها الله لنا في القرآن الكريم منهجنا في التفكر:
الآن إذا في آيات قرآنية تتحدث عن الكون وتقترب من ألف آية ما موقفك منها ؟
التفكر، لذلك الآية الكريمة:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
( سورة آل عمران )
أردت من هذه الدقائق أن أؤكد لكم الحقيقة التالية: يا ترى هل هناك منهج للتفكر ؟ سؤال في منهج، أنا أرى أن مجموع الآيات الكونية التي اختارها الله لنا من بين مليارات الآيات هي منهج التفكر، مجموع الآيات الكونية التي اختارها الله لنا من بين ملايين الآيات هي منهجنا في التفكر.
الماء من آيات الله الدالة على عظمته:
قال لك الله عز وجل:
﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾
( سورة الحجر )

الماء أنت لا تخزنه لو أنك مكلف أن تخزنه، لو عملنا دراسة سريعة لاحتاجت كل أسرة إلى مستودع للماء يكفيها عاماً بأكمله بحجم البيت تماماً، عندك بيت مساحته مئة متر وارتفاعه ثلاثة ونصف، يعني ثلاثمئة وخمسين متراً مكعباً تحتاج إلى مستودع للماء حجمه ثلاثمئة وخمسين متراً مكعباً، الله عز وجل قال:
﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾
( سورة الحجر )
لما يضطر الإنسان يخزن الماء نحن عندنا مستودع للماء يكفي دمشق بضعة أيام، تحت سطح الأرض بأربعمئة متر هذه المواصفات التي يخزن الله بها الماء في الجبال، الجبال مستودعات للمياه، تصور نهر الأمازون غزارته بالثانية ثلاثمئة ألف متر مكعب، تصور نهر النيل أطول أنهار العالم، كنت في فرنسا أنهار بأعلى درجة من الغزارة تخط فرنسا جنوباً وشمالاً وطولاً وعرضاً: ﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾

( سورة الحجر )
آيات التفكر على الإنسان أن يكتبها في مكان معين كي يتفكر فيها دائماً ولا ينساها:
من جعل هذا الماء مُخزناً في الجبال ؟
نبع الفيجة في دمشق لولا هذا النبع لا تسكن إطلاقاً، يعني بأيام الغزارة يعطي قريب خمسين متر مكعب بالثانية، مستودع هذا النبع بحسب ما قرأت وذهبت إلى مركز عين الفيجة بالطابق الثالث في مخطط للحوض الجيولوجي من دمشق إلى حمص، وعرضاً إلى البادية، وغرباً تحت لبنان، يعني نصف لبنان ثم إلى البادية، ومن دمشق إلى حمص هذا المستودع لإرواء هذه المدينة والآن ثلاثة متر مكعب بالثانية، يعني لما الله عز وجل:

﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾
( سورة الحجر )
هذا فقرة بمنهج التفكر، فأنا أقترح عليكم الآيات الكونية أن تكتب على دفتر، وأن تجعل كل آية من هذه الآيات بنداً من بنود التفكر، اقرأ الآية: ﴿ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) ﴾
( سورة الحجر )
هذا بند، آية ثانية: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾
( سور النحل )
الحليب ومشتقاته، هذا اللقاء الطيب حول منهج التفكر، مجموع الآيات الكونية التي اختارها الله لنا في القرآن الكريم من بين مليارات الآيات هي منهجنا في التفكر، فإذا شخص أخرج هذه الآيات ثم كتبها على دفتر وحاول كل يوم أن يفكر فيها.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 09:01 AM   #3


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز





بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الثالث )

الموضوع : الايمان اولا - الطحال





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من اتخذ قراراً بأن يؤمن بالله كل شيء في الحياة يدله على الله:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، هناك نقطة دقيقة جداً في هذا الدرس، أنتم حينما تقرؤون كتاب الله، وتقرؤون مثل هذه الآية:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ(49) ﴾
( سورة آل عمران)
قد يظن أحدكم هناك معنى آخر، أنا أتصور أنني بهذه الآية أؤمن، الآية معكوسة، إن كنت مؤمناً تنتفع بهذه الآية، كيف نفهم هذا ؟ أسمعكم بعض الآيات: ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
( سورة آل عمران )
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
( سورة المائدة )
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
( سورة آل عمران )
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(57) ﴾
( سورة المائدة )
﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(85) ﴾
( سورة الأعراف )
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(1) ﴾
( سورة الأنفال )
﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(13) ﴾
( سورة التوبة)
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)﴾
( سورة هود)
نستنبط من هذه الآيات أن الإيمان أولاً، أي أنك حينما تتخذ قراراً بأن تؤمن بالله كل شيء في الحياة يدلك على الله، إن اتخذت قراراً حاسماً قطعياً أن تؤمن بالله كل شيء في الكون، وكل شيء في الحياة، وكل شيء في الأرض، يدلك على الله، الماء يدل على الغدير، والأقدام تدل علي المسير، و البعرة تدل على البعير، أشياء بسيطة جداً ولو كنت في محطة ناسا الفضائية أضخم محطة في العالم، ولو كنت على مجهر إلكتروني ترى الخلية، ولو كنت في موقع معلوماتي مذهل، لو قرأت ألف كتاب بالإعجاز، إن لم تكن قد اتخذت قراراً بالإيمان، لا تنتفع بكل هذا. مشاعر الثقة بالله تحتاج إلى إيمان به:
أخطر شيء في هذا اللقاء هذه الحقيقة إن آمنت تصبح:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
( سورة آل عمران )
إن لم تكن مؤمناً بالله تتضعضع أمام القوي، تسحق أمامه، تتذلل، تنبطح، تحتقر نفسك أمامه، تخاف منه، أما إذا كنت مؤمناً لا ترى إلا الله، لا ترى إلا الله وحده لا شريك له:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية: 123 )
لا تنشأ عزتك إلا إذا آمنت أن أمرك بيد الله، لا تنشأ طمأنينتك إلا إذا آمنت أن أمرك بيد الله، وأنت مستقيم على أمر الله، والله يحبك، مشاعر الثقة، مشاعر الجرأة، القرار الحكيم، مشاعر الثقة بالله تحتاج إلى إيمان: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ(49) ﴾
( سورة آل عمران)
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
( سورة آل عمران )
فإذا هان المسلم على نفسه، شعر نفسه مهملاً، تافهاً، لا أحد يسمع له، معنى ذلك هو ليس مؤمناً، لو آمنت بالله لشعرت بعزة الإيمان، لو آمنت بالله لشعرت بكرامتك، لو آمنت بالله لشعرت أن أمرك بيد الله لا بيد أحد. كل شيء بيد الله عز وجل فلن يستطيع الإنسان التوكل على الله إلا إذا عرفه:
قال الحجاج لأحد التابعين سأقتلك، قال: والله لو علمت أن حياتي بيدك لعبدتك من دون الله، لكن حياتي بيد الله عز وجل.
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
( سورة المائدة )
لن تستطيع أن تتوكل على الله إلا إذا عرفت الله، بيده كل شيء، الطغاة بيده، الأعداء بيده، الوحوش بيده، الأمراض بيده، الفيروسات بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، زوجتك بيده، الأولاد بيده، من كان فوقك بيده، من كان تحتك بيده: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
( سورة المائدة )
الإيمان أولاً، قبل الإيمان لن تقطف شيئاً من ثمار هذا الدين، تخاف كما يخاف الناس، تيأس كما ييأسون، تتذلل كما يتذللون، تخضع كما يخضعون، تستغبي كما يستغبون، تشعر بانهيار كما ينهارون، باليأس، بالقنوط، بالإحباط: ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
( سورة آل عمران )
إذا آمنتم الأمر بيدي: ﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
( سورة طه ).
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
( سورة الشعراء ).
سيدنا النبي في الغار، يا رسول الله: لقد رأونا هكذا قال أبو بكر، قال له:
(( يَا أَبا بَكْرٍ مَا ظَنّكَ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا ؟ ))
[ متفق عليه ].
من آمن بالله عز وجل ابتعد عن معصيته لأن الله عنده أغلى من أي مخلوق:
عنوان هذه اللقاء الطيب الإيمان أولاً، إن اتخذت قراراً أن تؤمن كل شيء يدلك على الله، لا تحزن، لا تقلق، توكل لا تخف، إنك تخاف الله ولا تخاف الشركاء:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ (57) ﴾
( سورة المائدة )
متى تتقي أن تعصيه ؟ إذا آمنت به فإذا كنت متساهلاً ما الذي حدث ؟ سررنا، أما إذا في إيمان بالله تتقي أن تعصيه: ﴿ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾
( سورة يوسف الآية: 23 ).
أقسم لكم بالله لما أنت تغش المسلمين من أجل ربح إضافي والله الذي لا إله إلا هو ما قلت بحياتك الله أكبر ولا مرة، بل لسان حالك يقول: هذا المبلغ الذي سوف تحصّله من غش المسلمين أكبر عندك من الله، لو أطعت مخلوقاً وعصيت الخالق ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو نطقت بها ألف مرة، لأنك رأيت طاعة هذا المخلوق أكبر عندك من الله. بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(1) ﴾
( سورة الأنفال )
﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(13) ﴾
( سورة التوبة)
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)﴾
( سورة هود)
أي بقية ؟ الله عز وجل أودع فيك حب المرأة وأودع في المرأة حب الرجل، سمح لك بالزواج، سمح لك بزوجة، سمح لك أن ترى أمك، وأختك، وابنتك، وعمتك، وخالتك، وابنة أختك، وابنة ابنك، سمح لك من النساء أن تنظر إلى هؤلاء هذه بقية الله، وبقية النساء ممنوع: ﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86) ﴾
( سورة هود)
ألف طريق لكسب المال الغير مشروع، سمح لك بتجارة مشروعة، بعمل خدمي، بعمل مهني، بوظيفة، في قنوات نظيفة مسموحة، ما بقي لك من كسب المال الذي قنن الله قنواته النظيفة ترضى بها: ﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86) ﴾
( سورة هود)
من استعمل عمله لخدمة الخلق سعد في الدنيا و الآخرة:
أريد أن أؤكد لكم أن الإيمان أولاً إذا آمنت، كيف يوجد عندك في البيت ثلاجة وغسالة ومكواة ومروحة ومسجلة، عندك خمسين جهاز كهربائي وثمنهم بمبالغ فلكية كل جهاز أرقى من الثاني لكن ما في كهرباء، إذا ما في إيمان ما في كهرباء، كل هذه الأجهزة عبء عليك، كتل حديدية لا تنتفع بها، مثل واضح، إذا في كهرباء في إيمان الزوجة مسعدة، الأولاد يملؤون البيت فرحة، إذا كبروا ملؤوا نفوس الوالدين سعادة، التجارة محببة وفق منهج الله في استقامة، وفي سمعة طيبة، في ربح مشروع، في خدمة للمسلمين، الوظيفة مجال لخدمة المواطن، الطبيب مجال لخدمة المرضى، الطب مع الإيمان له معنى، الله استعملك لخدمة خلقه، الهندسة مع الإيمان له معنى ، كنا في اليمن دخلنا إلى مسجد شيء يصعب تصوره، طبعاً معي المهندس الذي يشرف على بنائه قلت له: هنيئاً لك إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، يستخدم علمه الهندسي الرائع في إنشاء بيت لله، من أندر المساجد، الهندسة مع الإيمان لها معنى، والطب مع الإيمان له معنى، يقول لي طبيب: أذهب إلى المستشفيات العامة في العالم كله العناية بهذه المستشفيات ضعيفة، يقول لي: أهتم بالمرضى كما أنهم في أرقى مستشفى بهذا البلد، أغنياء أو أقوياء وبأغلى مستشفى الفحوص والإيكو والمرنان، قال لي أشعر وكأنني في الجنة أنا أخدم عباد الله، الطب مع الإيمان له معنى، الهندسة مع الإيمان لها معنى، اللغة العربية مع الإيمان تنطق بالحق، بلغة فصيحة لها معنى، التجارة مع الإيمان، كان السلف الصالح يفتح باب محله التجاري ويقول نويت خدمة المسلمين.
من غشّ المسلمين ألغى صلاته و صيامه:
والله أيها الأخوة، أعمالكم المألوفة هذا حداد، أخ نجار، أخ موظف، أعمالكم المهنية المألوفة التي يفعلها سكان أهل الأرض عند المؤمن عبادات لأنه مؤمن، لماذا ؟ هذا الذي أمامه عبد لله وأنا مكنني الله أن أتقن هذا العمل سأقدمه بإخلاص، بإتقان، بسعر معتدل، سمعت عن محل تجاري كبير جداً في المواد الغذائية كان مالكه إنسان غير ملتزم فاشتراه إنسان ملتزم، الأسعار هبطت ثلاثين بالمئة، ملتزم يريد أن يرحم الناس وضع سعراً معقولاً، اختلف الوضع تماماً يقول لي أحد الأخوة الكرام عنده معمل مواد غذائية للصغار يقول: هذا الطفل والده إنسان قد يكون دخله محدوداً أعطاه عشر ليرات صباحاً معقول أبيعه مادة غذائية موادها الأساسية انتهت صلاحيتها معقول ؟ كيف ألقى الله ؟ طبعاً في معامل تشتري المواد الأولية انتهت صلاحيتها ثلاثين بالمئة حسم ولا أحد يعلم، إذا شخص قدم كاتو بزبدة انتهت صلاحيتها المواطن يكشفها ؟ لا يكشفها، سألت طبيب البارحة إذا الدواء انتهت صلاحيته يا ترى لا ينفع أم يضر ؟ قال يضر، أحياناً يتفكك يعطي عكس مفعوله، هناك دواء ثمنه ألف ومئتي ليرة نحك محل الصلاحية يأتي طفل صغير يطلبه نعطي الدواء، دواء انتهى مفعوله مؤذي.
أقسم لكم بالله بهذه الحادثة ألغى صلاته، ألغى صيامه، تغش المسلم، هل ترضى أن تشتري دواء بألف ومئتي ليرة انتهت صلاحيته ؟ والله يوجد معاصي، والله يوجد آثام، والله يوجد ألوان غش تنهد لها الجبال، وهؤلاء جميعاً يرتادون بيوت الله، يلبس جلابية يوم الجمعة، ومسبحة تركواز، ومعطر بمسك، وشحاطة، وجوارب بيض، لباس مرتب:

(( إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))
[ أخرجه مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة ].
مئات الحرف الشريفة تبنى على العطاء فعلى الإنسان أن يهتم بمهنته:
شخص مرة أحب أن يبوح لي بهمٍّ ألم به، قال أنا عملي لا يرضي الله سماه العمل القذر، سبحان الله لكن مكتبه في منتهى الأناقة، و الفخامة، ترتيب، تكييف، وقال: أنا عملي اسمه ديرتي ورك، ثاني يوم اضطررت أن أصلح مركبتي بأحد أيام الشتاء، والأمطار غزيرة، والأخ الذي أنا أتعامل معه لا يوجد عنده محل، أوقفنا المركبة في محل تحت بركة ماء، فانبطح تحت المركبة بثياب كان لونها أزرق من عشرة أيام مع الوحل والزيت ما عاد لها لون، انبطح تحت المركبة وفكّ القطعة وأصلحها وأخذ أجرة بالمعقول وعمله متقن، قلت سبحان الله هذا الإنسان عمله نظيف وازنت بين مكتب فخم، أحياناً في مكتب، أحياناً يقيم علاقات لا ترضي الله بالصيف مثلاً، في سائق له طلبات لا ترضي الله عز وجل، يؤمن لهذا السائق طلباته من المعاصي والآثام، المكتب فخم جداً فسمى اسم مكتبه أن عمله اسمه ديرتي ورك، والثاني الذي انبطح تحت المركبة، والأرض وحل وشحم، وفك القطعة، وأتقن تصليحها، وأخذ سعراً معتدلاً سميته عمله نظيف لأنه مساءً يغتسل ويلبس ثياباً نظيفة، أخذ مالاً حلالاً.
ابحث عن عمل نظيف في مليون عمل قذر:

(( إن روح القدس نفثت في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب، وهناك زيادة ببعض الروايات، واستجملوا مهنكم ))
[حديث صحيح بشواهده، ابن ماجه وأبو نعيم في الحلية والحاكم وابن حبان..]
علاقة التعليم أقدس علاقة بين إنسانين:
هناك مهن شريفة معلم، أقدس علاقة بين إنسانين علاقة التعليم، الدخل قليل لكن أشرف عمل:
(( وإنما بعثت معلماً ))
[ أخرجه ابن ماجه عن ابن عمرو ].
هناك مئات الحرف الشريفة تبنى على العطاء، مرة جاءني اتصال من أمريكا من لوس أنجلوس، قال لي أنا فلان، لا أعرفه، قال أخي طبيب كان تلميذك، قال أنا لي عمل أحقر عمل بالحياة، خير إن شاء الله، ما عملك ؟، قال مونتاج الأفلام الإباحية، قال لي: لك شريط سمعته خمسين مرة وكان هذا الشريط سبب توبتي، سافرت بعد سنة التقيت معه في واشنطن، تاب إلى الله واختار عملاً شريفاً.
إياك أن تقبل بعمل قذر، عمل فيه معصية، عمل فيه فاحشة، عمل فيه إلقاء الرعب في قلوب الناس، عمل فيه ابتزاز أموال الناس.
الإيمان قبل القرآن:
سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
(( لقد عشت برهة من دهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن))
إذا لم يؤتَ الإيمان قبل القرآن وبدأ بالقرآن يقرأ قوله تعالى:
﴿ لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً (130) ﴾
( سورة )
إذاً النهي لا ينصب على نسب قليلة على نسب عالية، لذلك يأكل الربا بأضعاف غير مضاعفة، لأنه أوتي القرآن قبل الإيمان، أما إذا عرفت من هو الآمر وسألت أهل العلم عن معنى هذه الآية لا تأكل الربا الذي من شأنه أنه أضعاف مضاعفة، الربا مركب، الله عز وجل قال: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا (169) ﴾
( سورة الأعراف )
حالة لم يؤتَ الإيمان، أي أمر إلهي بالقرآن سهل يفعله، صعب لا يفعله، ﴿ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
العمرة ممتعة تركب طيارة، سعي سبعة أشواط، وقص شعرتين وانتهى، في أبراج مكة وسوق رائع جداً وتسوق وسفر، يقول الحمد لله عملت ثمان وثلاثين عمرة، الله يعطيك العافية والمخالفات في البيع والشراء، لذلك هؤلاء الذين ما أوتوا الإيمان وقرؤوا القرآن تنطبق عليهم هذه الآية:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا (169) ﴾
( سورة الأعراف )
تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب:
كل شيء خفيف لطيف لا يكلف شيئاً، أما ضبط الشهوات، ضبط الدخل، يقول الله يتوب علينا نحن عبيد إحسان مالنا عبيد امتحان، ما لنا إلا رحمته وكرمه:
﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) ﴾
( سورة الحج )
تعظيم شعائر الله الدليل أن الإيمان كان قبل هذا العمل، قال تعالى: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ(207) ﴾
( سورة البقرة)
يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله مقابل ماذا ؟ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (111) ﴾
( سورة التوبة)
موضوع البيع أنفسهم وأموالهم، من المشتري ؟ هو الله، ومن البائع ؟ هو المؤمن، ما الثمن ؟ ﴿ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ (111) ﴾
( سورة التوبة)
الجنة ثمن من آمن بالله سبحانه و تعالى و استقام على أمره:
أنت حينما تعلم أن هناك جنة عرضها السماوات والأرض عندئذ تبالغ بالورع، وبالاستقامة، وبالإقبال على الله عز وجل، إن أوتيت الإيمان قبل القرآن:
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(9) ﴾
( سورة الحشر)
أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهول، يعني جائع متعب، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، سيد الخلق وحبيب الحق، ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، وقلن كلهن مثل ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام من يضيفه يرحمه الله ؟ فقام رجل من الأنصار يقال له أبا طلحة فقال: أنا يا رسول الله، أنا أستضيفه، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء ؟ هنا المشكلة قالت: والله ما عندي إلا قوت صبياني، وجبة طعام واحدة لصبياني، قال: فعلليهم بشيء ونوميهم، فإذا دخل ضيفنا نريه أنا نأكل فإذا أهوى بيده ليأكل فقومي إلى السراج كي تصلحيه فأطفئيه، ما في سراج يأكل وهم يحركوا أيديهم، ففعلت فقعدوا فأكل الضيف وباتا طاويين، ما أكل لا هو ولا زوجته ولا أولادهما، فلما أصبح غدا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: لقد عجب الله (هناك رواية ضحك الله) من فلان وفلانة، وفي رواية ولم يسمِّ أبا طلحة إنما قال من يضيف هذا الليلة، وهناك عدة روايات.
إنسان عنده قوت أولاده يستقبل ضيفاً، يضع له هذا الطعام، يطفئ السراج، يبقى هو طاوياً مع زوجته وأولاده تنفيذاً لوصية رسول الله، والله أيها الأخوة الإنسان حينما يؤمن يفعل المعجزات، يفعل المستحيل، يقبل تضحيات لا توصف أبداً.
من لوازم الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لذلك أيها الأخوة الكرام، من لوازم الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
( سورة الحشر)
فلما عاش المسلمون بلا إيمان كما ينبغي انطبق عليهم قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً المنكر معروفاً ؟ ))
[ ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
لذلك الآية الكريمة: ﴿ كُنْتُمْ (110) ﴾
( سورة آل عمران)
أي أصبحتم بهذه البعثة: ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
( سورة آل عمران)
فعلة هذه الخيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا لم يتناهَ المؤمنون عن المنكرات، كيف يعني ؟ أنت عم تأتي ابنة أخيك لتزورك، طالبة في الجامعة تلبس أحدث الأزياء، بنطال ضيق جداً وجزء من بطنها مكشوف وشعر، كيف الحال عمو أهلاً وسهلاً بالحبيبة، ما شاء الله حولك صرت صبية، فقط، ثيابها الفاضحة ما وجدت من المناسب وهي مسلمة بنت مسلم، ما وجدت من المناسب أن تنصحها ؟ يقول يباعوا بالعزاء:
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ (79) ﴾
( سورة المائدة )
حينما لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر فقدت خيريتك. الموضوع العلمي:

الطحال:
إلى الموضوع العلمي ؛ بالإنسان غدة كبيرة يزيد وزنها عن مئتي غرام اسمها الطحال، عند بائعي الشطائر اسمها سوداء، أو حمرة، طحال، هذا الطحال وزنه مئتا غرام متصل بشبكة أوعية دموية كثيفة جداً، وهناك عضلات إن تقلصت هذه العضلات أفرغ ما عنده من الدم، هذا الجهاز أول وظائفه يولد كريات الدم البيضاء، وكريات الدم البيضاء جيش بكل معاني هذه الكلمة، بعض هذه الكريات فرقة الاستطلاع، تتقصى الأخبار وتأخذ هذه الأخبار، تعطيها للقيادة، جيش من هذه الكريات مهمته تقصي الأخبار، فرقة الاستطلاع، وهذا الطحال مقبرة لكرات الدم البيضاء، مصنع للكريات البيضاء التي هي جيش بفرقه الاستطلاع، تصنيع السلاح، فرقة المقاتلة، الخدمات، المغاوير، وهذه الغدة فيها معمل لكريات الدم الحمراء، ولكن معمل احتياط، المعامل الأصلية في نقي العظام، هذه المعامل تصنع بكل ثانية اثنين ونصف مليون كرية حمراء، والمرض الذي مات به بعض الملوك أن هذه المعامل كفت عن تصنيع الكريات الحمراء، المرض اسمه فقر الدم المصنع، أو ابيضاض الدم، هذه المعامل تكف عن صناعة الكريات الحمراء، تصنع في الثانية الواحدة اثنين ونصف مليون، والنبي أمر بالحجامة، والحجامة نقص في الدم منتظم، والنقص المنتظم في الدم ينشط هذه المعاملة، صيانتها بأخذ الدم، النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وظائف الطحال:
إذاً مقبرة لكريات الدم الحمراء معنى مقبرة تصب على هذه الكريات الميتة مادة تحللها إلى مكوناتها، مكوناتها حديد وهيموغلوبين، الحديد يرسل إلى نقي العظام ليعاد تصنيعه، والهيموغلوبين يرسل إلى الصفراء ليشكل الصفراء، هذه الغدة تفرز مادة يهضم بها الدهن.
إذاً مقبرة مع تحليل وإرجاع إلى المكونات الأساسية، حديد يشحن إلى معامل نقي العظام، وهيموغلوبين يشحن إلى الصفراء، ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة ومعمل، شيء آخر هذا الطحال مستودع للدم، صار مستودعاً ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة كريات دم حمراء، ومعمل كريات دم حمراء احتياط، هذا فعل الإله ماذا يستنبط من ذلك ؟ أن الهدر ولو كان من غني، ولو كان من مليء، قيمة ساقطة عند الله، فالإله العظيم كن فيكون، يموت في الثانية الواحدة اثنان ونصف مليون كرية حمراء، تذهب هذه الكريات إلى الطحال، تصب عليها مواد معينة، تحلل إلى مكوناتها الأساسية، يعاد تصنيع الحديد مرة ثانية، ويعاد تصنيع الهيموغلوبين مرة ثانية، فينقل إلى الصفراء ليكون المادة الصفراء الهاضمة.
أيها الأخوة، مستودع احتياط، في عضلات حينما تتقلص مخزون هذا المستودع يخرج عبر الأوعية الدموية إلى الدم، مستودع، مقبرة، معمل كريات دم بيضاء، معمل كريات دم حمراء، وزنه مئتا غرام، قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( أحلت لكم ميتتان و دمان فأما الميتتان فالحوت و الجراد و أما الدمان فالكبد و الطحال ))
[ أحمد عن عبد الله بن عمر]
كله دم الطحال لكن أبيح لكم، كيف أن السمك ميت، أبيحت لكم ميتتان السمك والجراد. الهدر قيمة مرفوضة عند الله عز وجل:
لكن الفكرة اللطيفة أن الهدر ولو كنت غنياً قيمة مرفوضة عند الله عز وجل، فالإله العظيم الذي بيده كل شيء كن فيكون الكريات الميتة في كل ثانية اثنين ونصف مليون تذهب إلى مقبرة الكريات في الطحال، وتحلل إلى مكوناتها الأساسية، ويعاد تصنيعها مرة ثانية لئلا نهدر المواد الأولية.
أيها الأخوة الكرام، المشكلة أن هذا الجهاز أو الغدة المغلقة يموت الإنسان في حالتين: إذا تعطل عن العمل أو إذا زاد نشاطه، إذا زاد نشاطه يحلل الكرية الحية والميتة، يصبح فقط دم مع أن الغذاء جيد جداً، فقر دم مرضي ناتج من أن هذا الطحال يقوم بنشاط زائد عن النشاط المعقول فيقتل الكرية الحية ويحللها، ففي قتل مستمر لكريات الدم الحمراء، أنت إذا قلت طحال يعني معمل أول لكريات الدم البيضاء، معمل أصلي لكريات الدم البيضاء، معمل احتياط لكريات الدم الحمراء، مستودع لكريات الدم الحمراء، مقبرة لكريات الدم الحمراء:

﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
( سورة النمل: الآية 88)
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) ﴾
( سورة لقمان )







والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 09:05 AM   #4


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الرابع )

  1. الموضوع : الفرق بين دعوة الايمان و حقيقة الايمان - فوائد الصيام






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. كل إنسان يدّعي الإيمان و هو كاذب عذبه الله عزّ وجل بذنوبه ورفض دعواه:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، أولاً هناك حقيقة وهي أن كل إنسان يدعي
الإيمان، والادعاء سهل جداً:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
***
دعوى الإيمان وحقيقة الإيمان، أضرب على ذلك مثلاً، هؤلاء الذين قالوا:
﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
هذا ادعاء منهم يا ترى الله عز وجل هل قبل دعواهم ؟ لم يقبل دعواهم، لو قبل دعواهم لما عذبهم، الآية دقيقة جداً، الذين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ردّ الله عليهم فقال: ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
أي أن الله عز وجل رفض دعواهم والدليل أنه يعذبهم بذنوبهم ثم يقول: ﴿ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
( سورة المائدة: 18 )

ليست لكم أية ميزة كأية أمة خلقها الله، لو أن المسلمين قالوا نحن أمة سيد الخلق وحبيب الحق، نحن أمة خاتم الأنبياء، الرد نفسه:
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
حينما قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
( سورة الأنفال الآية: 33 ).
يعني مستحيل وألف ألف مستحيل أن يُعذب المسلمون وفيهم رسول الله، ما معنى فيهم رسول الله ؟ يعني منهجه مطبق في حياتهم. من طبق منهج النبي عليه الصلاة والسلام في حياته أَمِن من عذاب الله تعالى:
ما دام منهج النبي عليه الصلاة والسلام مطبق في حياتنا فنحن في مأمن من عذاب الله، فإذا كنا نعذب معنى ذلك أن الله لم يقبل خيريتنا، حينما قال الله عز وجل:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
( سورة آل عمران: 110)
ما قبل الله خيريتنا لأننا لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر، فأنا أريد من هذا اللقاء الطيب أن الإنسان لا يحابي نفسه، لا يتوهم نفسه بمرتبة هو دونها، الحقيقة المرة دائماً أفضل ألف مرة من الوهم المريح، والله عز وجل جلّت حكمته لما الإنسان يتوهم نفسه بدرجة إيمان عالية الله عز وجل يُحجمه، يضعه في ظرف صعب فلا يرضى عن الله أين إيمانه ؟ سيدنا إبراهيم كان المثل الأعلى: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (102) ﴾
( سورة الصافات )
الآن اجعل أباً يقول لابنه إني أرى أني أذبحك ينفجر على أبيه انفجاراً: ﴿فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) ﴾
(سورة الصافات )
القلب السليم هو القلب الذي يحتكم لشرع الله ولا يعبد إلا الله:
كلما الإنسان ادعى مرتبة في الإيمان ليس في مستواها الله عز وجل يُحجمه، يضعه في ظرف صعب فلا ينجح في الامتحان، في امتحانات دقيقة جداً لذلك الذي أتمنى أن يكون واضحاً في هذا اللقاء الطيب أن للإيمان علامات، كن جريئاً وحاول أن تطبق هذه العلامات على نفسك، فإن كنت كما جاء في القرآن الكريم اشكر الله عز وجل، وإلا إياك أن تتوهم أن القضية قضية دعوى.
أولاً:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
ما القلب السليم ؟ العلماء قالوا: القلب السليم الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يحتكم إلا لشرع الله، ولا يعبد إلا الله، هذا مقياس:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
قلب لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، لا يعبد غير الله، لا يحتكم إلا لشرع الله، هذا مقياس. من أراد التغيير فعليه أن يبدأ بنفسه:
مقياس آخر في وضع سيء:
﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
( سورة الرعد الآية: 11 ).
إن لم يبدأ التغيير من ذاتك، من نفسك، من تصوراتك، من توجهاتك، لم يحدث التغيير، مقياس القلب قضية داخلية وليست خارجية، والنقطة الدقيقة أن بالإنسان قلب، هذا القلب مركزه النفس: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾
( سورة الحج الآية: 179 ).

يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب ))
[ البخاري عن النعمان بن بشير]
ومن أعظم العبر أن هذا الحديث الشريف الصحيح ينطبق على قلب الجسم وعلى قلب النفس، الصلاح من الداخل، الصلاح نية طيبة، صفاء داخلي، حب للخلق، خلو الحقد من القلب، لا في حقد ولا حسد ولا في كراهية ولا في استعلاء ولا في تميز، أنا أقول لكم هذه الكلمة أي إنسان توهم أن له ما ليس لغيره وأن على غيره ما ليس عليه فهو عنصري، سقط من عين الله، أوضح مثل أنت حينما لا تعامل زوجة ابنك في البيت كما تتمنى أن تعامل ابنتك عند بيت أهل زوجها فأنت عنصري، حينما ترى ما لنفسك ما ليس لزوجتك أو ترى على زوجتك ما ليس عليك، فأنت عنصري، فلذلك الإيمان مرتبة أخلاقية عالية جداً، أولاً:
﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
إن أردت التغيير ينبغي أن يبدأ التغيير من الداخل. الابتعاد عن الهوى و الانحراف و التمسك بالإيمان و الاستقامة:
شيء آخر هناك بالحياة ما يسمى بالاثنينية، كيف ؟ هناك حق، وهناك باطل، خير و شر، جمال و قبح، معروف و منكر، استقامة وانحراف، شجاعة و جبن، كرم و بخل، إنصاف و جحود، إيمان و هوى:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
إن لم تكن على خط المؤمنين فأنت على خط أهل الهوى، أوضح لكم هذه، نقطتان أنت بينهما كلما اقتربت من نقطة ابتعدت عن الثانية وكلما اقتربت من الثانية ابتعدت عن الأولى، فإذا في نقطتان الإيمان والهوى، يعني طاعة الله وطاعة النفس، شيء يسمو بك إلى الله شيء يقربك إلى الدنيا، أية حركة نحو الأولى هي حركة معاكسة نحو الثانية، أوضح دليل من أحبّ دنياه أضر بآخرته، ومن أحبّ آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى، تجلس بمجلس علم اقتربت من الإيمان، تقرأ القرآن يومياً اقتربت من الإيمان، تؤدي الصلوات الخمس بإتقان اقتربت من الإيمان، تصاحب مؤمناً اقتربت من الإيمان، تصاحب غير المؤمن أبعدك عن الإيمان، تنزل إلى الأسواق وتستمتع بما ترى في الطرقات من نساء كاسيات عاريات ابتعدت عن الإيمان، أنت بالحركة اليومية في حركة تقربك من الله وتبعدك عن الشيطان، وفي حركة تقرب من الشيطان وتبعد عن الدنيا. المؤمن الحق يشعر بقرب من الله تعالى فيقشعر لذلك جلده ويرتجف قلبه:

الآن الذي أريده سأحاول أن أضع بين أيديكم علامات الإيمان من خلال الكتاب والسنة، دقق:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
إنما أداة حصر: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
يعني تضطرب، تحس بخفقة قلب، تحس بدمعة انهارت من عينك على خدك، تحس بقرب من الله يقشعر جلدك، يرتجف قلبك ؟ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) ﴾
( سورة الأنفال)
الفرق بين المؤمن حقاً و المؤمن شكلاً:
﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) ﴾
( سورة الأنفال)
كلمة حقاً تميز بين من هو مؤمن حقاً وبين من هو مؤمن شكلاً، مثلاً الطبيب العادة يرتدي رداء أبيض وهناك نظارة على عينيه في الأعم الأغلب و سماعة قلب بأذنه و ميزان حرارة بجيبه، فلو جئنا بإنسان أمي لا يقرأ ولا يكتب ألبسناه ثوباً أبيض وضعنا نظارة على عينيه وسماعة قلب بأذنيه وميزان حرارة في جيبه وصورناه هذا طبيب ؟ هذا طبيب شكلاً، أما الذي معه بورد بعد دراسة سبع وثلاثين سنة وعمل خمسمئة عملية جراحية ناجحة نقول ذاك طبيب حقيقة، هناك فرق بين أن تقول هذا طبيب حقيقة وهذا طبيب شكلاً، فلذلك: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) ﴾
( سورة الأنفال)
كلمة حقاً حقيقةً: ﴿ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4) ﴾
( سورة الأنفال)
من زادت قناعاته رجحت كفة الإيمان عنده إلى أن تصبح قناعاته أقوى من شهواته:
أيها الأخوة، الشيء الحاصل أنك تعيش في الدنيا، الدنيا فيها شهوات وقد أودع الله فيك هذه الشهوات، يعني في امرأة جميلة تمشي في الطريق بثياب مبتذلة معظم مفاتنها ظاهرة، هذا شيء، أودع الله في الإنسان حب المرأة، هناك مال وفير كلمة مليون، عشرة ملايين، مئة مليون، مليون دولار، دولار يقول له ليس سوري، كل دولار خمسون ليرة الآن خمس وأربعون، كلمة المال شيء محسوس، المرأة محسوسة، بيت فخم جداً، سيارة يقول لك ثمنها ثمانية عشر مليوناً أحدث موديل، هذه أشياء محسوسة، النقطة الدقيقة أنه يوجد إيمان، يا ترى هل تستطيع أفكار بسيطة في الإيمان، مبادئ الإيمان، أن الله خلق السماوات والأرض، هذه الأفكار البسيطة هل تستطيع أن تلجمك عن هذه الشهوات ؟ تصور أنت حضرت درس علم حصلت بهذا الدرس عشر غرامات إيمان وعندك شهوات وزنها عشرة كيلو، العشر غرامات لا تقف أمام العشرة كيلو، أنت مندفع إلى طعام نفيس، إلى شهوة لا ترضي الله، إلى التمتع بالحياة، فكلما زادت قناعاتك رجحت كفة الإيمان إلى أن تصبح قناعاتك أقوى من كل شهواتك، يعني لما سحرة فرعون يخاطبون جباراً من جبابرة الأرض وقتلهم يتم بثانية واحدة، لا محاكمات ولا محامي إدعاء لا يوجد شيء إطلاقاً، قالوا له:
﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72)إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى(73) ﴾
( سورة طه )
من يقدر يقف أمام مساعد بفرع معين، وقفوا أمام فرعون طاغية الطغاة، لما تؤمن تحس حالك بقوة تفوق حدّ الخيال. الإيمان القوي علاج الشهوات الجامحة:
لذلك كلما زادت قناعاتك تغلبت على شهواتك، وكلما قّلت قناعاتك تغلبت عليك شهواتك، لماذا حضور مجلس العلم ؟ من أجل أن تزداد قناعاتك في كفة الإيمان، القصة واضحة جداً عندك شهوات وعندك قناعات، القناعات المحدودة لا تقف أمام الشهوات الجامحة، والشهوات الجامحة علاجها إيمان قوي، لذلك:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
( سورة النازعات )
لذلك ينبغي أن تزداد عندك قناعاتك بعظمة مقام الله عز وجل: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
( سورة النازعات )
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إن النور إذا دخل الصدر انفسح، فقيل يا رسول الله: هل لذلك من علم يعرف ـ في علامة ـ ؟ قال نعم التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله.))
[ ضعيف عن عبد الله بن مسعود]
ورد في الأثر:
(( وإن أكيسكم أكثركم للموت ذكراً، و أحزمكم أشدكم استعداداً له، ألا و إن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود، و التزود لسكنى القبور، و التأهب ليوم النشور.))
علامات الإيمان:
1 ـ على الإنسان ألا يحابي نفسه و يكون جريئاً في مواجهتها:
الآن من علامات الإيمان، محور هذا اللقاء الطيب علامات الإيمان، لا تحابي نفسك كن جريئاً، اقبل الحقيقة المرة لأنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح، لذلك أنا أرى أن تلاوة القرآن شيء، و فهمه شيء آخر، و تدبره شيء ثالث، التدبر كلما قرأت آية أين أنت من هذه الآية ؟ هذا ما اسمه تدبر، مثلاً: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
هل يضطرب قلبي إذا ذكرت الله ؟ هذه الآية تصف المؤمنين أين أنت منهم ؟ المنافقون:
﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى (142) ﴾
( سورة النساء)
أين أنا من هذه الآية ؟ إذا قمت إلى الصلاة متكاسلاً فكأنني على ثلمة من النفاق، ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى (142) ﴾
العاقل من عرض نفسه على كل آية من آيات القرآن الكريم ليعرف أين هو منها:

أتمنى أن تقرأ القرآن برؤية أخرى، صفات المؤمنين، صفات المنافقين، صفات الكفار، وفي كل آية فيها وصف للمؤمنين راجع نفسك أين أنت ؟ هذا القرآن كما قال الله عز وجل:

﴿ فِيهِ ذِكْرُكُمْ (10) ﴾
( سورة الأنبياء )
مثلاً، دخلت إلى عند صديقك مع صديق، لك صديق مريض دخلت عليه ومع صديقك هدية ثمينة، الابن أخذ الهدية من يد صديقك وضعها بمكان، ما عرف عند الأب من هو الذي قدم الهدية، هناك إنسان يبقى صامتاً لعله يتوهم أنها مني، هذه ليست منك من الثاني، هل تحب أن تحمد بما لم تفعل ؟ في وصف قرآني: ﴿ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا (188) ﴾
( سورة آل عمران )
لا، قل له الأخ الله يجزيه الخير معه هدية أعطاها لا أحب أن أحمد بما لم أفعل، هناك قضية معاكسة إنسان زار شخصاً بالعيد يبدو صاحب البيت مشغول جداً وضع أمامه طبق كبير من المعمول حلويات فاخرة جداً، فأكل واحدة، جاء ضيف ثانٍ أدخله صاحب البيت وذهب، مشغول أكل أول واحدة والثانية والثالثة والخامسة والعاشرة، أكل نصف الطبق، من انحرج ؟ أول إنسان، أكل واحدة، فلما دخل قال والله أنا ما كنت أعرف محبتي لك أما الأخ يحبك مئة ضعف عني والدليل على قد ما أكل من المعمول.
هل تحب أن تحمد بما لم تفعل ؟ هذا إيمان، ليست مني هذه من فلان جزاه الله خيراً، القرآن يدور معك دورات دقيقة جداً، لما تقرأ القرآن اعرض نفسك على هذه الآية أين أنت منها، أنا أسمي هذا التدبر، أن تعرض نفسك على هذه الآية أين أنت منها ؟
2 ـ من ازداد إيمانه أحبّ أهل الإيمان و لو كانوا فقراء:

الآن إن أوثق عرى الإيمان، أوثق شيء يشدك إلى الإيمان، أن تحب لله وأن تبغض لله، قد تحب إنساناً فقيراً لكنه مؤمن وقد تكره إنساناً غنياً جداً لكن دخله غير مشروع، أعوام الناس يعظمون الغني ويزورون عن الفقير، أما المؤمن يُعظم الفقير المؤمن ولا يأبه للغني المنحرف، فأنت حينما تتوجه للقوي والغني وتعلم أن له معاصٍ لا تعد ولا تحصى، ولا يصلي، أنت كمؤمن تتوجه إليه، تحترمه احتراماً زائداً، تتضعضع أمامه، من جلس إلى غني فتضعضع أمامه ذهب ثلثا دينه.
هذا مقياس، أنت أحياناً يكون المؤمن مستواه المادي ضعيف جداً، بيت صغير لكن مستقيم، مؤمن إيماناً كبيراً، له صلة بالله كبيرة، هل عندك إمكانية أن تحب هذا ؟ وأن تقدر هذا ؟ وأن تعتني بهذا ؟ وأن تهمل إنساناً دخله فيه شبهات، وفيه حرمات، وبيته متفلت، بناته كاسيات عاريات ؟ لماذا تعظمه إلى هذه الدرجة ؟ هذه علامة ضعف الإيمان، كلما ازداد إيمانك تحب أهل الإيمان ولو كانوا فقراء، ولو كانوا ضعفاء، وتبغض أهل الكفر والعصيان ولو كانوا أغنياء وأقوياء، هذه علامة.
3 ـ على الإنسان أن يؤثر طاعة الله عز وجل على مصلحته:
علامة ثانية دقق في آية والله تقصم الظهر:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
( سورة التوبة)
يعني مثلاً ساكن في بيت على النظام القديم للإيجار، أجرته مئة ليرة بالشهر، والبيت مستوى أجرته20 ألفاً بالشهر، أقول على النظام القديم الآن القضية حلت والحمد لله، وأنت مستأجر والقوة معك والقانون معك، وعندك بيت ثان، حينما تؤثر أن تبقى في هذا البيت الرائع الواسع ذي الأجرة الرمزية على طاعتك لله: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (24) ﴾
( سورة التوبة)
الطريق إلى الله طريق مسدود من آثر دنياه على آخرته:

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا (24) ﴾
( سورة التوبة)
وكيل شركة عملاقة وأنت وكيل حصري لكن في منتجاتها مواد محرمة وأجبروك أن تستوردها، ماذا نفعل الله يسامحنا، استوردها، يأتي مندوب الشركة يطلب خمراً لا نستطيع أن نحزنه:
﴿ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ (24) ﴾
( سورة التوبة)
الطريق إلى الله ليس سالكاً، مسدوداً: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
( سورة التوبة)
على الإنسان مراقبة نفسه:
أتمنى عليكم إذا قرأتم القرآن، كلما قرأت آية فيها ملمح يشير إلى صفات المؤمنين أن تجمعها، تجمعها في دفتر أو في كتيب هذا منهجك، راقب نفسك هل يعقل أن تؤثر الدنيا على الآخرة ؟ أحياناً والله أعرف أخوة كرام يركلون صفقات بمئات الألوف، أحياناً بضعة ملايين أرباحها فيها شبهة كبيرة جداً، معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين.
شخص قال لي أنا عندي مطعم لكن يبيع خمر شريكي الله يسامحه بجاه الحبيب والله أنا لا أرضى، وإن شاء الله برقبته، أنا ليس لي علاقة، كيف ليس لك علاقة ؟ لك نصف الربح كيف برقبته ؟ كل وقت تصليه في الجامع، مطعم يبيع خمر، قال هذا رأي شريكه وبرقبته وهو ليس له علاقة، لا، لك علاقة تنسحب من الشركة إذا في خمر، هذه:
﴿ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾
( سورة التوبة)
العاقل من يقرأ القرآن الكريم قراءة تدبر و وعي:

لا تقرأ هكذا اقرأ بوعي، تدبر ما تقرأ، اقرأ صفحة واحدة مع التدبر أفضل من جزء بلا تدبر، وفي درس آخر إن شاء الله نتابع علامات الإيمان، أنا أعطيكم نماذج أنا لا أستقصي، أقدم لكم بعض الأمثلة ولكن ينبغي أن تقرأ القرآن، وأنت على فهم عميق في صفات المؤمنين، وكن جريئاً واسأل نفسك أنا كذلك ؟ عندك استعداد تركل بقدمك مبلغاً ضخماً إذا فيه شبهة، عندك استعداد، قالت له زوجته يحبها كثيراً شابة وجميلة طلبت منه شيئاً لا يرضي الله، فقال لها ما يلي: اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك.
تجد يستجيب لزوجته ويعصي الله، أنت حينما استجبت لها وعصيت الله والله الذي لا إله إلا هو ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو رددتها بلسانك ألف مرة، لأنك رأيت أن إرضاء الزوجة أكبر عندك من إرضاء الله، والذي يغش المسلمين يقدم مواد مسرطنة لكن ترفع السعر رأى المبلغ الذي سيُحصله من غش المسلمين أكبر عنده من الله، الدين دقيق جداً لا تظن أنك إذا دخلت إلى جامع وصليت أصبحت صاحب دين، لا، الدين عند الحلال والحرام، أن يراك حيث أمرك وأن يفتقدك حيث نهاك، لهذا الموضوع تتمة إن شاء الله في درس سابق عنوانه علامات الإيمان من القرآن ومن سنة النبي العدنان. الموضوع العلمي:

الصيام:
ا
نظر في أمور الصحة يقرأ مقالة أنه إذا في آلام باليد اليسرى عقب بذل جهد معنى هذا يوجد دلائل مبكرة على ذبحة صدرية، أو على عدم تروية في القلب، لا ينام الليل لأنه قرأ مقالة تشير إلى ظاهرة يعاني منها، هو ظنّ أنه ألم عادي، لما وجد ألم باليد اليسرى عقب بذل جهد معنى ذلك في نقص تروية في القلب، في شريان مسدود يحتاج إلى عملية قلب مفتوح، لا ينام الليل، لماذا في أمور صحتك تقلق أشد القلق ؟ لماذا حينما تشعر أنه في خطأ كبير بتصوراتك عن الله عز وجل يجب ألا تقلق لمرض أصاب قلب إيمانك أو قلب نفسك ؟ لذلك قال سيدنا عمر تعاهد قلبك.
أيها الأخوة الكرام، الموضوع العلمي، الصيام ونحن مقبلون على شهر الصيام، دورة وقائية سنوية، الصيام عبادة من أرقى العبادات، أنا أتحدث الآن في الموضوع العلمي لا على أن الصيام عبادة ؛ على أن أمر الله عز وجل فوائده لا تعد ولا تحصى.
فوائد الصيام:
للصيام فوائد صحية، هو دورة وقائية سنوية، من أجل سلامة العضوية ودورة علاجية لبعض الأمراض، ثلاثون يوماً دورة وقائية لأمراض الشيخوخة، ودورة علاجية لبعض الأمراض، أمراض الشيخوخة أيها الأخوة، تظهر مع تقدم السن لكن مسبباتها تبدأ من مرحلة الفتوة، بشكل أو بآخر محور هذه الأمراض الإفراط في إرهاق العضوية طوال الحياة بالطعام، والشراب، وبسائر الملذات، وبالعمل، والتعب، وبذل الجهد، تتراكم المتاعب، فيأتي الصيام ليريح العضوية وليصحح الأخطاء كل عام.
يعني في شهر يهبط الدسم بالدم إلى أقل نسبة، ويهبط حمض البول في الدم إلى أدنى نسبة، وكل شيء مخزن بأطراف الأمعاء يجرف، الجوع يجرفها، فعملية تنقية للجهاز الهضمي، عملية إراحة للقلب، إراحة للدورة الدموية، عملية انخفاض للشحوم في الدم، انخفاض حمض البول، دورة سنوية، والصيام بالحقيقة أقرب إلى الطب الوقائي من الطب العلاجي، بالمناسبة مرة سألت طبيباً إذا شخص ما أصابه مرض خبيث، أو أصابته خثرة بالدماغ، أو أصابه احتشاء قلب، أو أصابه فشل كلوي، أو أصابه تشمع كبد كيف يموت ؟ هناك أمراض عضالة تسبب الموت، لكن لو شخص نجا من كل هذه الأمراض ما المرض الذي يميته ؟ فقال لي: تصلب الشرايين، عمر الإنسان من عمر شرايينه، والصيام دورة وقائية تؤخر تصلب الشرايين، لأنها ترتاح في شهر، لكن الشرط أن تصوم كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام، أما صيام الناس اليوم في ثلاث وجبات دسمات جداً الصبح والظهر والمساء قلبت إلى الليل، وهناك إفطار دسم جداً، و وجبة الساعة الثانية عشرة، و سحور دسم جداً، الثلاثة قلبت من وقت إلى وقت ليس هذا هو المقصود.
الصيام علاج لبعض الأمراض و دورة وقائية شمولية:
أيها الأخوة الكرام، الصيام يخفف العبء عن جهاز الدوران، ويريح الأوعية، والقلب بانخفاض نسب الدسم في الدم، وانخفاض نسبة حمض البول في الدم، وإن الصيام يريح الكليتين بإقلال فضلات الاستقلاب، الاستقلاب عملية معقدة جداً تحول الغذاء إلى نسج أو إلى طاقة، الآن في شهر الصيام ينخفض الاستقلاب إلى أدنى مستوى ممكن، الآن الصيام يحرك سكر الكبد، الكبد مستودع للسكر، أثناء الإفطار كأس شاي، فنجان قهوة، كأس عصير، يتلقى سكر باستمرار، مخزون السكر في الكبد ثابت لما يصوم يتحرك مخزون السكر في الكبد وإذا تحرك يجدد نشاط الكبد، والإنسان بلا كبد لا يعيش أكثر من ثلاث ساعات، يعيش عشرين سنة مع قلب مصاب، أما من دون كبد ثلاث ساعات فقط، تحريك السكر في الكبد ينشط الكبد، الآن إذا تحرك سكر الكبد يتحرك معه الدهن تحت الجلد، يتحرك السكر أولاً ثم الدهن تحت الجلد ثانياً، تتحرك معه البروتينات وخلايا الكبد والصيام كما قال بعض العلماء يبدل الأنسجة وينظفها وكأنه صيانة سنوية لأجهزة الجسم.
الآن هو علاج لبعض الأمراض، علاج لالتهاب المعدة الحاد، إقياءات الحمل العنيدة، ارتفاع الضغط الشرياني، داء السكري، قصور الكلية المزمن، وبعض الأمراض الجلدية.
إذاً هو دورة وقائية شمولية يتخفف الدسم، يتحرك السكر، ترتاح الأوعية، يرتاح القلب، يرتاح جهاز الدوران، لذلك هذا جانب من جوانب فوائد الصيام، ورد في بعض الأحاديث:
(( صوموا تصحوا ))
[ ورد في كتاب الفردوس، وفي كشف الخفاء وفيه ضعف ]




والحمد لله رب العالمين







 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 09:09 AM   #5


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الخامس )

الموضوع : علامات الايمان - النحل


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. عمل الإنسان ينطلق إما من إيمان أو من شهوة:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الخامس من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، والموضوع اليوم ينطلق من أن الإنسان حينما يتحرك، حينما يعمل، ينطلق من أحد شيئين ؛ إما من إيمان أو من هوىً ولا ثالث لهما، إما بدافع من شهوة أو هوىً، أو بدافع من إيمان، إما انطلاقاً من عقله أو من شهوته، وعمله يعكس حجم إيمانه أو حجم شهوته .
أيها الأخوة، حينما يكون الإنسان ضعيف الإيمان فكل أفعاله الخاطئة أعراض لضعف إيمانه، فمعالجة هذه الحالات لا تكون بعلاج جزئي لكل مرض، بل تكون بعلاج أصل المرض، وهو ضعف الإيمان، لذلك الكلمة الدقيقة أن ما يعانيه المسلمون اليوم هي أعراض الإعراض عن الله، فمحاولة معالجة هذه المشكلات كل مشكلة على حدة بعيداً عن ضعف الإيمان معالجة غير ناجحة، لأن الأصل هو ضعف الإيمان، تماماً كما لو أن طفلاً ارتفعت حرارته فالطبيب المتفوق يعالج أصل المرض وهو الالتهاب، بينما الطبيب الناشئ يعطيه خافضاً للحرارة.

شهوات الإنسان حيادية إما سلماً يرقى بها أو دركات يهوي بها:
الآن الشهوات التي أودعها الله في الإنسان في قوله تعالى:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة آل عمران الآية: 14 )
هذه الشهوات التي أودعها الله في الإنسان تجذب الإنسان إلى الأرض، تشده إلى الأرض، وإيمانه ومعرفته بسرّ وجوده وغاية وجوده معرفته بالله تشده إلى الله والدار الآخرة، فإما أن تتغلب شهوات الأرض فيشد الإنسان إلى الدنيا، وإما أن تتغلب حقائق الإيمان وعندئذ يشد الإنسان إلى الدار الآخرة. من انصاع لأمر الله و استقام على أمره ربح الدنيا و الآخرة:
والدين أيها الأخوة إن أردنا ضغطه كله ينضغط بكلمة الاستقامة قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ (22) ﴾
( سورة لقمان )
أي انصاع لأمر الله، استقام على أمر الله، وفضلاً عن ذلك أعطى من ماله، من وقته، من جهده، من خبرته، من علمه:
﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى (22) ﴾
( سورة لقمان )
أخطر حال يعاقب به الإنسان أن يغفل عن الله والغفلة من أخطر الأمراض:
أيها الأخوة، الآن من أين نبدأ ؟ إنسان يتحرك بدافع شهوته، هؤلاء البشر جميعاً:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) ﴾
( سورة الليل )
كل شخص يتحرك بدافع من شهوة أومن إيمان، وبهدف واضح أو غير واضح، ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
من أين يبدأ الإنسان ؟ حينما يستيقظ قلبه، عندنا حال اسمه اليقظة وحال اسمه الغفلة، أخطر حال يعاقب به الإنسان أن يغفل عن الله، الغفلة من أخطر الأمراض، غافل عن مصيره، غافل عما بعد الموت، غافل عما في خريف الحياة من متاعب، غافل من أن الله سيحاسب وسيعاقب، غافل أن هناك جنة لا نهاية لها، وأن هناك نار لا نهاية لها، غافل عن حقائق خطيرة، حينما تكشف له عند الموت يصعق:
﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) ﴾
(سورة الزخرف)
أكبر مصيبة تصيب الإنسان حينما يكتشف أنه خسر الآخرة:
الإنسان حينما تنكشف له الحقيقة المرة يقول:
﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
( سورة الفجر )
إن أكبر مصيبة حينما يكتشف الإنسان أنه خسر الآخرة:
﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
( سورة الزمر )
إذاً البدء من يقظة في حركة يومية، من يوم إلى يوم، من أسبوع إلى أسبوع، من شهر إلى شهر، من فصل إلى فصل، يكتشف الإنسان بعد حين أنه على مشارف الموت، الأيام تمضي سريعاً، فالحركة غير المدروسة، الحركة العشوائية، حركة الحياة، أكلنا، وشربنا، ونمنا، واستيقظنا، وذهبنا إلى أعمالنا، وعدنا إلى البيت، وأكلنا، ونمنا، وسهرنا، وتحدثنا، وسمعنا الأخبار، إلى ما شاء الله، لماذا أنت في الدنيا ؟ الإنسان متى يصحو من غفلته ؟ عند الموت:
﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾
( سورة ق )
الذكي من تكيف مع أخطر حدث مستقبلي ألا و هو الموت:
أيها الأخوة، أذكى إنسان هو المتكيف، من تعريف الذكاء الجامعة المانعة أن الذكاء هو التكييف، التكيف مع ماذا ؟ التكيف مع أخطر حدث مستقبلي، أخطر حدث مستقبلي هو الموت، والدليل:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
( سورة الملك الآية: 2 )
بدأ بالموت لأنه أخطر، الحياة أمامك، عندك خيارات لا تعد ولا تحصى، الإنسان حينما يولد أمام خيارات لا تعد ولا تحصى، أما حينما توافيه المنية أمام أحد خيارين إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها، فلذلك:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ (46) ﴾
( سورة سبأ )
بطولة الإنسان أن يكتشف الحقيقة قبل فوات الأوان:
هناك كلمة أرددها كثيراً ثم ماذا ؟ جمعت أموالاً طائلة، معك أموال منقولة وغير منقولة، ثم ماذا ؟ هناك موت، في الموت بحسب الظاهر تخسر كل شيء، ما جمعته في عمر مديد تخسره في ثانية واحدة، كل ثروتك، وكل منجزاتك، وكل أموالك، وكل مكانتك مبنية على نبض القلب، القلب يقف أحياناً ولأسباب لا تعد ولا تحصى، أحدها سكتة قلبية، كان إنساناً صار خبراً على الجدران، كان إنساناً مخيفاً صار إنساناً في نعش، كل قيمة الإنسان، وهيمنته، ومكانته، وسيطرته، وعظمته، مبنية على سيولة دمه، فإذا تجمد الدم في أي مكان في الإنسان أصيب بجلطة، وفي الأعم الأغلب قاتلة، كل عظمة الإنسان، وقوته، ومكانته، وهيمنته بنمو خلاياه، فإذا نمت نمواً عشوائياً يعني ورم خبيث انتهى، هذه الكلمة، ثم ماذا ؟ ماذا بعد الغنى ؟ الموت، ماذا بعد أن ترتقي إلى أعلى منصب ؟ الموت، ماذا بعد أن تغرق في ملذات الدنيا ؟ الموت، ثم ماذا ؟ فلذلك البطولة أن تكتشف الحقيقة في وقت مبكر.
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط:
ثم كل إنسان حتى فرعون هناك نقطة دقيقة أنت مخير، وعندك خيار القبول أو الرفض مع مليون موضوع، قدمت لك وظيفة رفضتها الدخل قليل والدوام طويل، تعرفت على فتاة للزواج لم تعجبك رفضتها، دعيت إلى سفر الدخل أقل مما تطمح لغيته، مع مليون موضوع معك خيار قبول أو رفض، إلا مع موضوع الإيمان معك خيار وقت، المليون موضوع الأولى خيار قبول أو رفض، لكن مع موضوع الإيمان خيار وقت، إما أن تؤمن بالوقت المناسب، أو أن تؤمن بعد فوات الأوان، أكبر دليل على ذلك أن فرعون أكفر كفار الأرض الذي قال:
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
( سورة النازعات )
والذي قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
( سورة القصص الآية: 38 )
فرعون عندما أدركه الغرق قال:
﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾
( سورة يونس الآية: 90 )
بطولة الإنسان أن يضبط حياته وفق منهج الله عز وجل:
لذلك اليقظة، مثل هذه الدروس تعطيك اليقظة، انظر الحركة اليومية استيقظنا، أكلنا، ذهبنا للعمل، رجعنا، أكلنا، نمنا، عندنا سهرة للساعة الثانية عشرة، نمنا، استيقظنا، من يوم ليوم، من أسبوع لأسبوع، من شهر لشهر، من فصل لفصل، من عام لعام، غمض فتح بالثامنة والستين، ماذا أعد لآخرته ؟ أما البطولة أن تكون يقظاً، إلى أين أنا ذاهب ؟ الذي استيقظ وضبط حياته وفق منهج الله لا يوجد مشكلة عنده ولو جاء الموت، الموت أدخله في حسابه هو مستعد له، والله أيها الأخوة من غرائب ما قرأت، قرأت تاريخ سبعين صحابياً، شيء عجيب بينهم قاسم مشترك واحد أنهم جميعاً كانوا في أسعد لحظات حياتهم عندما وافتهم المنية، في أسعد لحظات حياتهم.
الخشوع لله أثناء الصلاة و قراءة القرآن من علامات القلب الحي:
لذلك أيها الأخوة، نحن مشكلتنا أننا نقرأ القرآن هل خطر في بالك أنك إذا قرأت آية أن تعرض نفسك عليها ؟ الله عز وجل يقول:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) ﴾
( سورة الأنفال)
يا ترى أثناء القراءة (قراءة القرآن) تحس باضطراب ؟ بقشعريرة ؟ بخشوع ؟ ببكاء ؟ أثناء الصلاة، أثناء تلاوة القرآن الكريم هذه علامة من علامات حياة القلب، سيدي أنت إما أن تكون حيّ القلب أو ميت القلب. الكفار أموات غير أحياء لانغماسهم في شهواتهم:
الله عز وجل يصف الكفار بأنهم أموات غير أحياء:
﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء ﴾
( سورة النحل الآية: 21 )
بل وصفهم أنهم في القبور:
﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾
( سورة فاطر )
هم في قبور شهواتهم، البداية اليقظة، استيقظت بحثت عن الحقيقة، حضرت درس علم، استمعت إلى شريط، قرأت كتاباً، تأملت في الكون، كشفت سرّ وجودك، وغاية وجودك، كان الإنسان غافلاً صار يقظاً، فاليقظة مقام، أحد كبار العلماء ابن القيم رحمه الله تعالى ألف كتاباً سماه مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، الإنسان إذا سلك إلى الله، هذا السلوك له طرق وله منازل، من هذه المنازل اليقظة، من هذه المنازل الإخلاص، من هذه المنازل الاستقامة، من هذه المنازل العمل الصالح. القلب السليم:
الآن سأستعرض معكم بعض علامات القلب الحي، نحن عندنا قلب حي وقلب ميت، اليقظ قلبه حي، بالمناسبة:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
( سورة الشعراء )
ما القلب السليم ؟ القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يعبد إلا الله، ولا يحكم إلا شرع الله، إن احتكم فإلى شرع الله، وإن عبد يعبد الله، ولا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
( سورة الشعراء )
علامات القلب الحي:
1 ـ انشراح الصدر:
الآن القلب الحي، القلب اليقظ، القلب الذي عرف الله ما خصائصه ؟ قال أول خصيصة:
﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ (22) ﴾
(سورة الزمر)
المؤمن سعيد، منشرح الصدر، لأنه عرف سرّ وجوده وغاية وجوده، الدنيا لا تعنيه كثيراً، يعنيه منها أن يكون له بيت يؤويه، وزوجة ترضيه، ورزق يكفيه، طموحات المؤمن في الدنيا متواضعة لكن طموحاته في الآخرة لا حدود لها، بينما أهل الدنيا طموحاتهم في الدنيا لا حدود لها أما في الآخرة ليست موجودة أصلاً:
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (7) ﴾
( سورة الروم الآية: 7 )
أيها الأخوة، قضية الانشراح ثابتة جداً، المؤمن سعيد على دخل محدود، وعلى بيت متواضع، وعلى زوجة متواضعة، يقول لك أنا الحمد لله، والله الذي لا إله إلا هو في بقلب المؤمن من السعادة ومن الطمأنينة ومن الرضا ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم، فأول علامة منشرح الصدر لا تقول لي كآبة، ضيق، إحباط، شعور بالضياع، شعور بالذنب، هذه كلها مشاعر العصاة، أما المؤمن بأي مستوى يعيشه راض عن الله عز وجل، حتى في حال اسمه الرضا، حال مسعد أن ترضى عن الله عز وجل، أن ترضى عن وجودك، عن كيانك، عن إمكاناتك، عن قدراتك، عن أسرتك، الله عز وجل جعلك من أصحاب الدخل المحدود الحمد لله ما دام الطريق باتجاه الجنة ما في مانع، ما سمح لك أن تنجب الله اختار لي أن أكون عقيماً ما في مشكلة.
2 ـ الموالاة في الله والمعاداة في الله:
أيها الأخوة العلامة الثانية أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله، محبته في الله عداوته لله، ولاؤه لله، عدم ولائه لله، المؤمن يوالي المؤمنين ولو كانوا ضعافاً وفقراء، ويتبرأ من الأقوياء والأغنياء ولو كانوا أقوياء وأغنياء، أنت كمؤمن قد تجد في مؤسسة مستخدماً ومدير عام، مدير عام غير مستقيم، ولاؤك للمستخدم هذه علامة الإيمان، أما من كان ولاؤه للأقوياء والأغنياء من علامات ضعف الإيمان أول نقطة، انشراح الصدر، النقطة الثانية: ولاؤك للمؤمنين ولو كانوا ضعافاً وفقراء وتتبرأ من المنحرفين ولو كانوا أقوياء وأغنياء، والآية بالمناسبة:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
( سورة التوبة)
3 ـ كراهة الكفار كراهة حقيقية:
سؤال صعب: هل تؤثر الله عز وجل وطاعته على أمك وأبيك وزوجتك وأخيك وتجارة ومسكن فخم وما إلى ذلك ؟ طبعاً من علامات القلب الحي أن تكره الكفار كراهة حقيقية، والله أيها الأخوة مع ما يجري في العالم من جرائم، ومن حروب، ومن حروب أهلية، وحروب تقليدية، واحتلال، واجتياح، ونهب ثروات، وقتل أبرياء، وغارات، وقصف، والله الإنسان الآن يشتهي أن يسكن في بيت من اللبن لكن فيه رحمة، أن يسكن في خيمة لكن فيها صدق، الحياة كلها كذب في كذب، كذب، وجرائم، وعدوان، وقتل، وسفك دماء، واعتقال، الآن الأخبار كلها هكذا، فلذلك من علامات القلب الحي كراهية الكفر بكل صوره لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))
[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]
عند التعارض، إذا تعارضت مصلحتك مع النص الشرعي وآثرت النص الشرعي على مصلحتك، أذاقك الله حلاوة الإيمان:
(( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ))
[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]
هذا اسمه الولاء والبراء، (( وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ))
يعني أناس كثيرون يجعل ولادة زوجته في بلد بعيد حتى يستحق المولود الجنسية، والله أعرف إنساناً مقيم هناك فقبل الولادة جاء إلى بلده ليسقط هذه الميزة من كراهيته لهؤلاء المنحرفين، فالذي يعتز بهم، يواليهم، يتمنى أن يكون مثلهم، بعيد عن الدين بعداً كبيراً.
4 ـ عدم الخوف من المخلوقين:
من علامات القلب الحي عدم الخوف من المخلوقين لقوله تعالى:
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
( سورة آل عمران )
علامة الإيمان هناك من يخاف غير الله، يعني تهديد من قوي لا ينام الليل، أنت أمرك بيد الله عز وجل، لماذا أمرك أن تعبده ؟ لأنه طمأنك أن كل أمرك بيده:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية: 123 )
لو أنه أسلمك إلى غيره كيف يأمرك أن تعبده ؟ قال تعالى:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية: 123 )
فلذلك من علامات القلب الحي عدم الخوف إلا من الله:
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
( سورة آل عمران )
5 ـ عدم خشية إلا الله:
ومن فرع هذا المعنى ومن علامة القلب الحي أن المؤمن لا يخشى إلا الله، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.
6 ـ التوكل على الله:
من علامات القلب الحي أن المؤمن لا يتوكل إلا على الله:
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
( سورة المائدة )
علامات دقيقة جداً، أولها الانشراح، انشراح الصدر، وثانيها الولاء والبراء، وثالثها إذا تعارضت مصالحك المادية مع الحكم الشرعي فأنت مع الحكم الشرعي وهذا من علامات القلب الحي، ورابعها أن تكره الكفر وما يتبع هذا الكفر، وخامسها ألا تخاف من المخلوقين، وأن تخاف من خالق الأرض والسماوات وألا تخشى إلا الله.
7 ـ الإذعان لحكم الشرع:
الآن وأن تذعن لحكم الشرع:
﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ (59) ﴾
(سورة النساء )
8 ـ عدم ارتكاب المعاصي عن قصد إطلاقاً:
الآن من علامات القلب الحي أن المؤمن لا يرتكب المعاصي عن قصد إطلاقاً، قد يخطئ لكن عن غير قصد، أما يعرفها معصية ويرتكبها هذا مستحيل، فلذلك الله عز وجل قال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) ﴾
(سورة البقرة)
ذروا، حينما تعلم علم اليقين أن هذا حرام خلاص، ليس لك خيار:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾
( سورة الأحزاب: الآية 36)
هذا مستحيل. الموت نهاية كل حي فالعاقل من أعدّ لهذه الساعة عدتها:
أيها الأخوة، المنطلق هذه الصحوة، المنطلق هذه اليقظة، المنطلق هذا السؤال الكبير لماذا أنا في الدنيا ؟ المنطلق ماذا بعد الموت ؟ المنطلق ثم ماذا ؟ تصور سباق، سباق الناس في الدنيا يشبه طريق عريض فيه ألف سيارة، فيه كبير وصغير، وقديم وحديث، وغالي ورخيص، ومحرك قوي جبار ومحرك ضعيف، وسيارة جميلة جداً وسارة قبيحة جداً، سباق أول سيارة وصلت إلى الهدف، الهدف انهيار خمسين متراً وقعت، والثانية وقعت، والثالثة وقعت، والألف سيارة كلهم وقعوا ما هذا السباق الأحمق ؟ سباق إلى ماذا ؟ أي الغني يموت انتهى الغنى، والفقير يموت، والقوي يموت، والأنبياء يموتون، والملوك يموتون، والضعفاء يموتون، والمقهورون يموتون، والوسيم يموت، والذميم يموت، والذكي يموت، والغني يموت، وإن ترك ثروات لا يعلمها إلا الله، سبحان من قهر عباده بالموت، إذاً الموت نهاية كل حي، هذا التعب بخلاف منهج الله حمق، إلى أين أنت سائر ؟ لذلك أيها الأخوة من ملخص هذا الدرس أن الإنسان يتحرك إما بدافع من هواه، من شهوته، أو بدافع من إيمانه، وعمله يعكس حجم شهواته أو حجم إيمانه، والعمل انعكاس لمستوى الإنسان، الآن من أين ننطلق ؟ من صحوة، من يقظة، مرة أذكر لي قريب متهاون بدراسته، كسول، أخرجه أبوه من المدرسة، واشتغل بمحل تجاري بسوق الحميدية، أحضر الطعام للبيت، له بنت عم فهو ترك من الصف السادس، هي بالسابع لما يزورهم أنا بالسابع صرت يشعر بضغط، أنا بالثامن، بالتاسع، وصل إلى درجة ما عاد يحتمل أن ابنة عمه أخذت كفاءة وهو صار معه اضطراب شديد، هذا الاضطراب دفعه للدراسة، وأخذ الكفاءة بسنة واحدة، صار عنده حالة قلق، إذا ما عندك حالة قلق شديدة، حالة خوف شديدة، حالة حيرة شديدة، لا تنطلق إلى الله عز وجل، هذه الحالة تأتي من التفكر بالموت، تأتي هذه الحالة من التفكر في خلق السماوات والأرض، فأنا أقول لابدّ من يقظة، البداية تبدأ باليقظة، تستقيم على أمر الله، تتصل بالله، الآن تأتيك العلامات أول علامة، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة، كلها علامات مسعدة، والله هذا الذي يصل إلى حقائق الإيمان ويؤمن، عنده مشاعر والله يفتقر إليها من يحتل أعلى منصب في العالم، يفتقر إليها من يملك أكبر ثروة في الأرض، إن الله يعطي الصحة، والذكاء، والمال، والجمال، للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين.
الموضوع العلمي:
إعجاز القرآن الكريم في وصف النحلة العاملة بأنها أنثى:
أيها الأخوة، ننتقل للموضوع العلمي، هذا القرآن كلام الله عز وجل، قال تعالى:
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي (68) ﴾
(سورة النحل)
إعراب الياء ياء مؤنثة مخاطبة، معنى النحل مؤنث، العاملات من قسم الإناث، والذكور ليس لهم عمل إطلاقاً في جمع الرحيق وصنع العسل، الذكور مهمتهم تلقيح الملكة فقط، أما الصنف الذي يجمع الرحيق من الأزهار، ويصنع البيوت الشمعية، ويصنع العسل هم العاملات، دقق في علاقة القرآن بكلمة اتخذي، العرب قديماً وقت نزول القرآن الكريم هل يعلمون أن هناك النحلة مؤنثة وهناك نحلة مذكرة ؟ مستحيل:
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا (69) ﴾
(سورة النحل)
النمل و النحل في القرآن الكريم:
إذاً:
﴿ اتَّخِذِي، كُلِي، فَاسْلُكِي ﴾
هذه إشارة قرآنية إلى أن النحلات اللواتي يجمعن الرحيق، ويصنعن العسل، من قسم الإناث لا من قسم الذكور، بينما هناك آية ثانية يقول الله عز وجل :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) ﴾
(سورة النمل)
فالنمل جاء في القرآن الكريم مذكراً لأن المذكر يغلب المؤنث، فالنمل شيء والنحل شيء آخر، شيء آخر قال تعالى:
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا (68) ﴾
(سورة النحل)
النحلات أول عمل صنع المسكن، المسكن يصنع من قبل النحلات أولاً، ثم تصنع بيوت العسل بشكل سداسي، الآن يقدمون للخلية مساكن أو أطباق شمع جاهزة، أما هي بالأساس النحلة تصنع شمع بنفسها، وصناعة الشمع شيء مذهل، يعني تبدأ النحلات من هنا ونحلات من هنا وتلتقي النحلات في الوسط على بيت نظامي بالميكرون، هذا فوق طاقة البشر، لو أردنا أن نبلط ساحة كبيرة بدأ قسم من اليمين وقسم من اليسار وقسم من الشمال وقسم من الجنوب واتجهوا نحو الداخل هل يعقل أن يلتقوا على بلاطة نظامية ؟ مستحيل أما النحل يبدأ من كل الجهات وتلتقي النحلات العاملات في صنع هذه البيوت الشمعية على مسدس نظامي في الوسط:
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا (68) ﴾
(سورة النحل)
جميع الأزهار التي خلقها الله قابلة أن تؤكل حبوب الطلع فيها وأن تمتص رحيقها:
هناك نحل في المغارات:
﴿ وَمِنَ الشَّجَرِ (68) ﴾
(سورة النحل)
وفي أصول الأشجار: ﴿ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ﴾
(سورة النحل)
هناك من يصنع للنحلة الخلية هذه، قديماً كانت الخلية من طين:
﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (69) ﴾
(سورة النحل)
جميع الأزهار التي خلقها الله عز وجل قابلة أن تؤكل حبوب الطلع فيها، وأن تمتص رحيقها، رحيقها يمتص وحبوب الطلع تؤكل، عندنا ثم، ثم تفيد الترتيب على التراخي، يعني إنشاء البيت يحتاج إلى وقت كبير، ثم إنشاء بيوت العسل الشمعية يحتاج إلى وقت أطول، بعد إنشاء البيت وإنشاء أماكن العسل قال تعالى ثم تفيد الترتيب على التراخي:
﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ (69) ﴾
(سورة النحل)
اهتداء النحلات إلى خليتهم بقدرة الله تعالى:
الآن النحلة غادرت، غادرت الخلية لمسافة عشرة كيلو متر كيف ترجع ؟ قال ترجع تضع روائح على الأزهار التي امتصت رحيقها، هذه الروائح مثل طريق تهتدي به في العودة، وهناك شيء آخر تهتدي بالشمس، وكيف تعلم أخواتها النحلات الطريق ؟ عن طريق الرقص، في رقصة باتجاه، الرقص له ثلاث حالات اتجاه الرقص وكثافة الرقص تحدد المكان والمسافة والكثافة، عن طريق رقص النحل يحدد مكان الأزهار، والكثافة، والمسافة، والعودة:
﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾
(سورة النحل)
بعد أن تجمع النحلات الرحيق وغبار الطلع، غبار الطلع الغذاء الملكي والرحيق هو العسل، الآن الرحيق يصبح عسلاً وغبار الطلع يصبح غذاءً ملكياً، قال تعالى:
﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾
(سورة النحل)
جاءت فاء، الأولى ثم، ثم في بناء البيت وبناء أطباق الشمع تحتاج وقت طويل، لكن بعد جمع الرحيق:
﴿ فَاسْلُكِي (69) ﴾
(سورة النحل)
عودي إلى الخلية. التنظيم أساس حياة النحل:
كل نحلة لا يمكن أن تدخل إلى خليتها إلا إذا نطقت بكلمة السر، فإن لم تعرفها قتلت، ومن حين لآخر تبدل كلمات السر، يكون في مليار نحلة بالنهار لا يمكن لأية نحلة إلا أن تبيت في خليتها:
﴿ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي (69) ﴾
(سورة النحل)
هنا جاء فاء: ﴿ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا (69) ﴾
(سورة النحل)
السبل هناك علامات ذات رائحة معينة تهتدي بها إلى خليتها. العسل شفاء للناس بقدرة الله تعالى:
الآن:
﴿ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ (69) ﴾
(سورة النحل)
كل عسل متعلق بالأزهار التي أخذت منها الرحيق:
﴿ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69) ﴾
(سورة النحل)
إله يقول فيه شفاء للناس:
﴿ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) ﴾
(سورة النحل)
التفكر طريق الإنسان إلى الله:
لذلك التفكر طريق إلى الله، والله آية العسل وحدها من آيات الله الدالة على عظمته، دقق في كلمة:
﴿ اتَّخِذِي، كُلِي، فَاسْلُكِي ﴾
معنى العاملات هن اللواتي يصنعن العسل، بعد هذا الفرق بين ثم وبين الفاء، هناك مرحلة طويلة تبدأ ببناء البيت، ثم بناء أطباق الشمع، بعد جمع الرحيق جاءت الفاء، فالنحلة سرعتها وهي فارغة ستين كيلو متراً في الساعة، وهي محملة ثلاثين كيلو متراً في الساعة:
﴿ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا (69) ﴾
(سورة النحل)
العسل والغذاء الملكي:
﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) ﴾
(سورة النحل)







والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 04:33 PM   #6


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( السادس )

الموضوع : لماذا يخاف الانسان - 1 - الزنجبيل






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. الله عز وجل خلقنا كي نسعد في الدنيا والآخرة:
أيها الأخوة الكرام مع الدرس السادس من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، موضوع اليوم يحتاج إلى تمهيد، هذا التمهيد ينطلق من أن السيارة لماذا صنعت ؟ من أجل أن تسير، ولماذا وضع فيها المكبح والمكبح يتناقض مع علة صنعها، والمكبح من أجل سلامتها ؟
السؤال لماذا يخاف الإنسان ؟ كان من الممكن أن يجعله الله قوياً لا يمرض ولا يفتقر، كل هذه المصائب الذي ترونها في الحياة يمكن ألا تكون، لأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود لكن ما سواه ممكن الوجود، ممكن الوجود أي ممكن أن يكون أو لا يكون، وممكن أن يكون على ما هو عليه أو على خلاف ما هو عليه، أي كان من الممكن أن يتمتع الإنسان بصحة حتى ساعة الوفاة، وكان من الممكن أن يكون مع الناس الأموال التي لا تأكلها النيران لكن شاءت حكمة الله أن يكون المرض، أن يكون الفقر، وأن يكون الخوف، فكما أن المكبح في المركبة يتناقض مع علة صنعها لكنه ضمان لسلامتها كذلك المصيبة تتناقض مع علة وجودنا، الله عز وجل خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليرحمنا، خلقنا كي نسعد به في الدنيا والآخرة، ولكن الإنسان مخير، وحينما يقصر يحتاج إلى شيء مخيف حتى يحمل على طاعة الله:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾
(سورة السجدة)
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ﴾
( سورة البقرة)
مرض الغفلة أخطر مرض يصيب الإنسان:
إذاً موضوع هذا الدرس لماذا يخاف الإنسان ؟ والخوف يتناقض مع علة خلقه، الله عز وجل خلقنا ليرحمنا والدليل:
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
( سورة هود الآية: 119 ).

أيها الأخوة، يكاد مرض الغفلة يكون أخطر مرض يصيب الإنسان، لابدّ من شيء يوقظه، لابدّ من شيء يحمله على الصحوة، إنه الخوف الذي يتولد عن شبح مصيبة، فلذلك حتى يستيقظ ويفيق من سكرة الهوى، وحتى تنقطع صلته بشهوات الأرض، لابدّ من وجود مؤثر ضخم يزعجه وينبهه، ما رأيت حكمة أبلغ من حكمة ابن عطاء الله السكندري حينما يقول: ربما منعك فأعطاك، وربما أعطاك فمنعك. وحينما تكشف لك الحكمة في المنع يصبح المنع عين العطاء، يعني من خلال اطلاعي على بعض البلاد، البلاد التي تتمتع برخاء ما بعده رخاء محجوبة عن الله حجاباً ما بعده حجاب، والبلاد التي تعاني ما تعاني، هذه المعاناة ربما كانت باعثاً إلى طاعة الله، إلى الإقبال على الدين، إلى الإقبال على العمل الصالح، فحينما يكشف الله الغطاء يذوب المؤمن الذي ابتلاه في الدنيا من شدة محبته لله على ما ساق له من شدائد:
﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾
( سورة يونس الآية: 10 ).
الاستقامة على أمر الله عزّ وجل سببها الخوف منه سبحانه:
أخوانا الكرام، هناك حالة سائدة بالمجتمعات
إنسان يشهد مشهداً مؤلماً يتأثر لربع ساعة، يسمع موعظة رقيقة يتأثر لساعة، يسمع خطبة يتابع موضوع، هذه المنشطات تأثيرها محدود، وبعد حين يعود إلى ما كان عليه، ما أكثر العِبر وما أقل المعتبرين، مثلاً حدث زلزال في تركيا أخبرني أحد الأخوة الكرام أنه عقب الزلزال بأيام المساجد ممتلئة بأكملها حتى الصحن حتى الطريق في صلاة الظهر، يومان ثلاثة وبعد هذه الصحوة عاد الناس إلى ما كانوا عليه، المشكلة أن الإنسان حينما يشهد مأساة، أو مصيبة، أو شبح مصيبة، أو حينما يخاف خوفاً أقل مما ينبغي التأثر آني، وبعدئذ يعود إلى ما كان عليه، أنا أعتقد ما يقوله بعضهم أن هذا عنده ضمير مسلكي، وعنده وازع داخلي، وعنده تربية بيتية، أنا أعتقد أن الإنسان ما لم يخف من الله لن يستقيم على أمره، ما لم يوقن أن صحته بيد الله، سلامته بيد الله، رزقه بيد الله، من حوله بيد الله، من فوقه بيد الله، وأن الله في أية لحظة قادر أن يجعله في قبضته، ما لم توقن هذا اليقين لن تخاف من الله رب العالمين.

دعوة الأنبياء بدأت بتحذير الناس من عقاب الله تعالى:
الآن لو استعرضنا دعوة الأنبياء، الأنبياء بدؤوا دعوتهم بتحذير الناس من عقاب الله:
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) ﴾
(سورة نوح ).
أنذر قومك: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) ﴾
(سورة نوح ).
نبي مرسل، نبي من أولي العزم، يبدأ دعوته بتحذير الناس من عقاب الله. الله عز وجل خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره:
السبب ؟ قال لأن الإنسان:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج ).
الهلع في أصل خلقه:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
( سورة المعارج ).

لو أن الله عز وجل خلقك قوياً لاستغنيت بقوتك فشقيت باستغنائك، لكن رحمة الله أنه خلقنا ضعفاء، ومع ضعفنا نفتقر إليه، ومع الافتقار إليه نسعد به، أعيد هذه العبارة، لو أن الله خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه، لكن الله جلت حكمته خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج ).
﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) ﴾
( سورة الأحقاف ).
(( يا فاطمة بنـت محمد، أنقذي نفسك من النار فإني و الله لا أملك لكم من الله شيئا، ))
[ أخرجه أحمد و الشيخان و الترمذي عن أبي هريرة]
الخوف من الله الوسيلة الأكيدة الفعالة لإيقاظ الراقدين وتنبيه الغافلين:
أيها الأخوة الكرام، إذاً الخوف من خصيصة الإنسان، ولأن الخوف من خصائص الإنسان هو سبب لتوبة الإنسان، وسبب لانطلاق الإنسان إلى الله عز وجل، أيها الأخوة لذلك لا تقلق إذا اجتاحتك موجة خوف، الخوف كالدواء تماماً، الدواء مر، وقد قال بعض المفسرين في قوله تعالى:
﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20) ﴾
(سورة لقمان)

قالوا النعم الظاهرة هي النعم المألوفة، الصحة، المال، الوسامة، والاستقرار النفسي، والزوجة، والأولاد، لكن النعم الباطنة هي المصائب، أقسم لكم بالله لو أن الله عز وجل كشف لمؤمن حكمة ما ساقه له من مصائب أقول لكم وأعني ما أقول إن لم يذب المؤمن كالشمعة من محبة الله هناك ضعف في إيمانه، معنى ذلك أن هذا المؤمن داخل العناية المشددة، هذا المؤمن مؤهل أن يشفى مرضه، هذا المؤمن مؤهل أن يرتقي إلى الله، ما دام الله عز وجل قد ساق لمؤمن مصيبة معنى ذلك أن الله عز وجل أدخله في عنايته المشددة، أنا أقول لكم ولا أبالغ حينما يسوق لك بعض المصائب على أثر بعض الأخطاء يجب أن تشعر أنك متميز عند الله، لأن الله عز وجل إذا أحبّ إنساناً ساق له بعض المصائب تأديباً وتربية وإصلاحاً، إذاً الخوف من الله الوسيلة الأكيدة الفعالة لإيقاظ الراقدين وتنبيه الغافلين، استخدمها أنبياء الله أجمعون، والدعاة الصادقون فتح الله على أيديهم قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً، ورد في بعض الأحاديث أنه من خاف أدلج، معنى أدلج سار ليلاً، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا أن سلعة الله غالية.
الموت ينهي كل شيء:
بعض العلماء يقولون: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات، وطرد رغبة الدنيا، وأسكت اللسان عن ذكر الدنيا، يعني إنسان عادي أظنه صالحاً لكن جاءته مصيبة كبيرة جداً
بعد هذه المصيبة صار حريصاً على صلاته حرصاً يفوق حدّ الخيال، صار حريصاً على غض بصره حرصاً يفوق حدّ الخيال، فأحياناً المصائب لها فضل علينا جميعاً، بالمصيبة يصحو الإنسان، بالمصيبة يلتزم، بالمصيبة يستقيم، بالمصيبة يتوب، هذه نعمة باطنة، الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، في بلادنا الطيبة تسمع نعوة في المئذنة، تقرأ نعوة، تشاهد جنازة، في بلاد كثيرة لا ترى للموت أثراً لا في نعوات ولا في إعلام بموت، أي كأنه لا يوجد موت، مرة أنا كنت في أمريكا فأثناء سيري في مدينة من مدنها رأيت مقبرة طبعاً تصنعت الدهشة قلت لهم: أنتم تموتون أيضاً، إذاً نحن سواء، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، وذكاء الذكي، وصحة الصحيح، ومرض المريض.
مرة دخلت إلى متحف في اسطنبول، الحقيقة هو قصر، صالة الاستقبال مساحتها ألفا متر مربع، الصالة "2" دونم، مزينة بخمسة طن ذهب، صالة واحدة للاستقبال هذا قصر دولما بهجت أين صاحب القصر ؟ تحت أطباق الثرى، سبحان من قهر عباده بالموت، كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت.
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
***
و كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمـــــول
فإذا حملت إلى القبـــور جنازة فاعلم بأنك بعدهــا محمـــــول

***
الحساب مخيف فعلى الإنسان ألا يغفل عن يوم تسوى فيه الحسابات:
كنت أروي هذه الطرفة، أن إنساناً من أغنياء مصر، من كبار أغنياء مصر، وافته المنية، وأولاده سمعوا من بعض العلماء أن أصعب ليلة في القبر هي أول ليلة، فرجوا إنساناً فقيراً جداً يكاد يموت من الجوع أعطوه عشر جنيهات لينام في هذه الليلة مع أبيهم في القبر (القصة رمزية)، جاء الملكان رأيا شخصين قال له عجيب، اثنين، يبدو الحي خاف تحرك
فقال له هذا حي وليس ميت، بدؤوا به أجلسوه، من شدة فقره أحضر كيساً، يسمونه عندنا قلم أحمر، فتحه من مكان من أجل رأسه ومن مكانين من على الطرفين من أجل يديه وربطه بحبل، لا يملك من الدنيا إلا هذا الكيس وهذا الحبل، أيقظوه بدؤوا بالحبل من أين جئت بها ؟ قال من بستان، تركوا من أين جئت بها، كيف دخلت إلى البستان ؟ تلعثم، انهالوا عليه ضرباً حتى كادوا يقتلونه، الآن كيف دخل إلى البستان ؟ بعد هذا كيف أخذ الحبل، بعد هذا من أين جاء بالكيس ؟ ففي صبيحة اليوم خرج من القبر وقال أعان الله أباكم.
الحساب مخيف:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
( سورة الحجر)
اسمعوا هذه الكلمة، والله الذي لا إله إلا هو ما من قطرة دم تراق من آدم إلى يوم القيامة إلا وسيسأل عنها إنسان يوم القيامة، تقول قصفاً عشوائياً، خطأ بالمعلومات مئة إنسان ماتوا بقصف وانتهى الأمر، لا يوجد شيء:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
( سورة الحجر)
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾
( سورة إبراهيم)
أيها الأخوة، قال الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا الطريق. الخشية من الله عز وجل من أساسيات المؤمن:
شيء آخر الآية الكريمة تصف الأنبياء الكرام:
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
(سورة الأنبياء الآية:90)

نبي يدعو الله خوفاً، إذا قال شخص أنا لا أخاف معنى هذا أنه إنسان معتوه، مرة قال لي طالب منحرف أنا لا أخاف من الله، فأنا أردت أن ألقنه درساً بليغاً قلت له: أنت بالذات معك حق، اندهش من جوابي، أنت بالذات معك حق ألا تخاف من الله، قال لي لماذا ؟ قلت به يا بني أحياناً الفلاح يذهب إلى الحصيدة، يأخذ معه ابنه الصغير، عمره سنتان، يضعه بين القمح، يمر ثعبان طوله عشرة أمتار الطفل لا يخاف منه بالعكس يلحمس عليه، قلت له إدراك ما في خوف ما في من الله، تخاف إذا في إدراك:
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
(سورة الأنبياء الآية:90)
آية أخرى:
﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) ﴾
(سورة الرعد)
الخشية من أساسيات المؤمن، الخوف مفيد جداً. دافعا الخوف و الرجاء طريقا الأنبياء إلى الله عز وجل:
وصف الله عز وجل ملائكته الكرام فقال:
﴿ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ(57) ﴾
(سورة المؤمنون)

والله سبحانه وتعالى وبخ الكفار فقال على لسان بعض أنبيائه:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13)وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14) ﴾
(سورة نوح)
قال علماء التفسير مالكم لا تخافون عظمة الله عز وجل ؟
أيها الأخوة الكرام، ملاحظة مهمة جداً ما لم تشعر بالخوف من الله فأنت في خطر، الأنبياء العظام ساروا إلى الله بدافع الخوف والرجاء:
﴿ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا(10) ﴾
( سورة الإنسان ).
ورد في بعض الآثار أن الإنسان حينما يوضع في قبره، ينادى: أن عبدي، رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت. اجتماع تعظيم الله ومحبته والخوف منه في قلب المؤمن:
الآن:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
( سورة النازعات)
قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(52) ﴾
( سورة النور)

حدثني أخ كريم يعمل في المحاماة قال: أنا كنت واقفاً في محكمة، جاؤوا بشاهد إن أدلى بهذه الشهادة انتقلت مزرعة مع ما فيها من منشآت من جهة إلى جهة ظلماً، وثمنها يزيد عن ستين مليوناً، من أجل أن تنتقل هذه المزرعة من جهة إلى جهة تحتاج إلى شاهد زور، جاؤوا بشاهد زور أعطوه مبلغاً كبيراً، أقسم لي بالله رأى ذلك بأم عينيه، وضع هذا الشاهد يده على كتاب الله وأقسم القسم الذي يقتضي أن تنتقل هذه المزرعة من إنسان إلى إنسان، ماسك الطاولة بيده اليسار وضع يده على المصحف فلما انتهى من القسم بقي هكذا، فالقاضي انزعج منه قال له: أنزل يدك، كان ميتاً، قال لي والله بعد نصف دقيقة يده تركت الطاولة فوقع على الأرض قال لي أمامي رأيتها:
﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ(14) ﴾
( سورة إبراهيم )
الخوف ضروري صحي، لذلك ورد في بعض الأحاديث:
(( يا رب، أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك ؟ فقال: أحبّ عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحبّ من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب إنك تعلم أني أحبك وأحبّ من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي))
[من الدر المنثور عن ابن عباس ].
أي ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني، معنى ذلك لابدّ من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله من خلال آياته الكونية، ومحبة له من خلال نعمه الجزيلة، وخوف منه بسبب العذاب والمصائب التي يسوقها الله أحياناً لبعض المنحرفين. عدم خوف الإنسان من الآخرة سبب أساسي من أسباب غفلة الإنسان عن الله:

أيها الأخوة الكرام، أكبر خطر يصيب الإنسان هو الغفلة عن الله، وأسباب الغفلة عدم خوف الآخرة، الآية:

﴿ فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ(49)كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ(50)فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ(51)بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً(52) ﴾
( سورة المدثر ).
السبب: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ(53) ﴾
( سورة المدثر ).
صدقوا لا يستطيع مسلم على وجه الأرض أن يقول ليس هناك يوم آخر، وصدقوا أيضاً أن قلة قليلة من المسلمين تدخل اليوم الآخر في حساباتهم، قلة قليلة، هذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل، هذا الذي يعتدي على أعراض الناس، هذا الذي يأخذ أموالهم بغير الحق، هذه الفتاة المتفلتة التي تثير الفتن فيمن حولها، هذه ما أدخلت حساب الآخرة في حساباتها إطلاقاً، فلذلك أيها الأخوة، الخوف ضروري جداً، بل هو من خصائص المؤمن، بل هو من بواعث المؤمن إلى الله والدار الآخرة. الموضوع العلمي:
الزنجبيل:

ننتقل اليوم في الموضوع العلمي إلى مادة غذائية اسمها الزنجبيل، هناك عالم جليل ألّف كتاباً عن بعض المواد أو بعض الأعشاب التي تصنف مع التوابل، وبحث في القرآن الكريم فوجد ثلاثة أنواع من التوابل وردت في القرآن الكريم، أولها الزنجبيل في قوله تعالى:
﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) ﴾
( سورة الإنسان )
والعنصر الثاني هو المسك في قوله تعالى:
﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) ﴾
( سورة المطففين )
والعنصر الثالث هو الكافور في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) ﴾
( سورة الإنسان )
فوائد الزنجبيل:
أما الزنجبيل ؛ الحقيقة كتب عنه الأطباء الأقدمون، وكتب عنه الأطباء المحدثون، فالأقدمون ماذا قالوا ؟ الزنجبيل مسخّنٌ للجسم، معينٌ على الهضم، مليّنٌ للبطن، مطهّرٌ ومقوّي، ينفع الزنجبيل في التهاب الحنجرة ويعالج الرشح، ومسكنٌ قويٌ لالتهاب المفاصل، ومسكنٌ قويٌ للمغص المعوي، ومضادٌ للغثيان، وخلاصته المائية دواءٌ جيّدٌ لأمراض العين.. هذا ورد في الكتب القديمة..

ولكن الشيء المدهش والذي لا يصدق ما ورد عن الزنجبيل في الكتب الحديثة، صديق لي (طبيب) اطلع على سبعة موضوعات رصينة في مجلات علمية تابعة لجامعات كبيرة، سبعة موضوعات رصينة قرأها في مجلات علمية تابعة لجامعات محترمة، الشيء الذي لا يصدق أن أدوية القلب مجتمعة في الزنجبيل فقال: الزنجبيل منعشٌ للقلب أي مقوي لعضلة القلب، هناك دواء اسمه ديكوكسين، الزنجبيل فعله في الجسم كفعل هذا الدواء، و الزنجبيل موسّعٌ للأوعية والشرايين، الآن أي إنسان يصاب بأزمات، باحتشاء، بجلطات، يعطونه دواء موسعاً، الزنجبيل مضاد للجلطات، الجلطة: تجتمع الكريات الحمراء مع بعضها فتشكل جلطة، فإذا دخلت على وعاء في الدماغ كان الشلل والسكتة الدماغية، في مكان العمى، في مكان فقد الذاكرة، الزنجبيل مميع للدم، مقوي للقلب، موسع للشرايين، مميع للقلب، يفيد في أمراض الجلطات الدماغية والقلب، وخثرات الأطراف، الزنجبيل يخفِّض من ارتفاع الضغط الدموي، أدوية القلب مجتمعة في هذه المادة (الزنجبيل)، الزنجبيل خافضٌ للكوليسترول.

أفضل دواء ما كان غذاءً وأفضل غذاء ما كان دواء:
أيها الأخوة
قرأت مرة كتاباً عنوانه الغذاء لا الدواء، وأفضل دواء ما كان غذاءً، وأفضل غذاء ما كان دواء، نحن لا ننتبه إلى هذه المواد التي حولنا، أحد الأطباء يقول كُلْ كل شيء لأن كل شيء يغطي في جسمك شيئاً، هناك أطعمة ترمم الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي، أطعمة تعد غذاء لخلايا الدماغ، لو أتيح لأحدكم أن يقرأ بعض الكتب المتعلقة بخصائص المواد الغذائية يعالج نفسه بالغذاء، هناك كتب مترجمة مشهورة جداً، الغذاء يصنع المعجزات ويمكن أن تعالج نفسك معالجة هادئة ولطيفة عن طريق الغذاء، فهذا الطبيب قال كُلْ شيء لأن كل شيء يغطي في جسمك شيئاً، هناك غذاء يغطي خلايا الدماغ، فهذا الزنجبيل كما ورد قبل قليل موسع للشرايين والأوردة، مقوي لعضلة القلب، خافضٌ للكوليسترول، خافض للضغط، مميع للدم، ثم إنّه يؤثِّر تأثيراً إيجابياً في الشفاء من التهاب المفاصل، فهذا من عجائب خلق الله عز وجل، هذا الطبيب يقول كُلْ كل شيء لأن كل شيء يغطي شيء، وكُلْ باعتدال اثنين، وابذل جهداً ثلاثة، وابتعد عن الشدة النفسية، هذه صعبة.

علينا التمسك بدين الله عز وجل لأنه منهج الله العظيم:
الآن لأن الشدة النفسية قاتلة
ثمانية وثلاثون ألف إنسان دخلوا في بلد عربي إسلامي إلى المستشفيات العام الماضي عقب انهيار البورصة، الآن هناك انتحارات، الآن العالم بأحدث إحصاء فقد خمسة وعشرين ترليون، ترليون ألف مليار، معظم أهل الأرض خسروا نصف أموالهم في البورصة، وأكبر بنك عمره مئة وخمسون عاماً ويتقاضى أعلى فائدة، لماذا ؟ لأن هذا البنك يشتري الديون والدين في الإسلام لا يباع، عظمة هذا الدين، الدين في الإسلام لا يباع، هذا البنك أفلس على سبعمئة مليار، لأنه يشتري الديون والديون توقف أصحابها عن الدفع بعد انهيار الأسواق المالية الغربية.
فيا أيها الأخوة الكرام، تمسكوا بهذا الدين العظيم إنه منهج الله العظيم، منهج خالق السماوات والأرض قال تعالى:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
( سورة فاطر ).


والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 04:36 PM   #7


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( السابع )

الموضوع : لماذا يخاف الانسان - 2 - رأس الحكمة مخافة الله، دوران الأرض







الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الخوف من الله وسام شرف للإنسان:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس السابع من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، ولازلنا في موضوع الخوف، وقد ورد:
(( رأس الحكمة مخافة الله ))a
[ رواه البيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفي إسناده ضعف ]

الحكمة سوف نمثلها بإنسان، أخطر شيء في الإنسان رأسه، فيه الدماغ، فيه المحاكمة، فيه الاستنباط، فيه الذاكرة، فيه الإرادة.
(( رأس الحكمة مخافة الله ))
[ رواه البيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفي إسناده ضعف ]
والخوف من الله وسام شرف للإنسان، من خاف من الله خافه كل شيء، ومن لم يخف من الله أخافه الله من كل شيء، الخوف من الله عزّ وجل، الخوف من الله أمن، نحن أيها الأخوة بالعلاقات، هناك علاقات ترضية، وهناك علاقات عكسية، مثلاً كلما زاد الملح في الطعام ارتفع الضغط، فالعلاقة طردية، لكن كلما ابتعدت عن الدنيا اقتربت من الآخرة، وكلما اقتربت من الآخرة ابتعدت عن الدنيا، علاقة عكسية، لو طبقنا هذه الحقيقة على موضوع الخوف، الخوف من الله يعني الأمن وعدم الخوف من الله يعني الخوف، فلذلك الله عز وجل يقول: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾
( سورة الأنعام )
من ازداد خوفاً من الله ازداد قرباً منه:
الحقيقة الأولى:
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
( سورة الحجرات الآية: 13 )

معنى أتقاكم أشدكم خوفاً من أن تعصوه، من هو المتقي ؟ الذي يخاف أن يعصي الله، من هو الفاجر ؟ الذي يعصي ولا يخاف، مرة طالب قال لي أنا لا أخاف من الله، طالب شرد عن الله قلت له: أنت بالذات معك حق، قال: كيف ؟ قلت له: الفلاح عندما يأخذ ابنه الصغير إلى الحصيدة، عمره سنتان يضعه بين القمح، قد يمر أمامه ثعبان، طوله اثنا عشر متراً، لا يخاف منه، يلمسه، لأن إدارك لا يوجد، خوف لا يوجد، أنت تخاف من الله بقدر إدراكك، ولا تخافه بقدر جهلك، لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت.
أنا أحياناً أقول كلمة يظنها السامع نقصاً، أقول له: أنا ينخلع قلبي عند الفتوى، قلت له: أنا ممكن حضر عشرة دروس وأنا مرتاح، لكن أهون عليّ من فتوى ضحلة، لعلي لم أفهم من السائل حدود المشكلة، أسمح له بشيء هو محرم، أو أحرم عليه شيء هو حلال، فلذلك كلما ازددت خوفاً من الله ازددت قرباً منه و
(( رأس الحكمة مخافة الله ))
سيدنا رسول الله في بيته، على السرير تمرة، قال: يا عائشة لولا أنني أخاف أنها من تمر الصدقة لأكلتها، أي اشتهى أن يأكلها لكنه خاف أن تكون من تمر الصدقة، فكلما ازددت خوفاً من الله ارتفع مقامك عند الله، وكلما اشتد خوفك من الله ازداد أمنك، كأن الله عز وجل لا يجمع على عبده خوفين وأمنين، إن خافه في الدنيا أمنه يوم القيامة، وإن أمنه في الدنيا أخافه يوم القيامة.
من ذاق طعم القرب من الله تعالى و سعد به حُجب عن معصية الله عز وجل:
اسمعوا هذه الكلمة هي والله ملخص الملخص، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تخافه في الدنيا وأن يخيفك من أحد عباده
احفظوا هذه القاعدة، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تخافه في الدنيا وأن يخيفك في الدنيا من أحد عباده، أنت في حصن حصين، أنت في عين الله، أنت في رعايته، لذلك الله عز وجل يلقي عليك مهابة يخافك من حولك، وقد يكون الذي يخافك أقوى منك، وقد يكون الذي يخافك أغنى منك، الإيمان يعطي هيبة:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
( سورة البقرة )
بالعبادة الآن تذوق طعم القرب، فإذا ذقت طعم القرب وسعدت بهذا القرب، تخاف أن تعصيه فيحجب عنك هذا. من متّن علاقته بالله عز وجل خاف من مجافاته:
الآن هناك معنى جديد بين أن تخاف عقابه وبين أن تخاف الجفوة معه، لذلك شاب سمع من شيخه أن لكل معصية عقاباً، فارتكب معصية صغيرة، بحسب كلام شيخه هو ينتظر العقاب من الله، مضى أسبوع
صحته، بيته، أولاده، مركبته لا يوجد شيء، واقع بجفوة يبدو أن قدمه زلت، في أثناء المناجاة قال: يا رب، لقد عصيتك ولم تعاقبني ؟ قال: وقع في قلب هذا الشاب: أن يا عبدي، قد عاقبتك ولم تدر، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟ ألا تكفي هذه ؟
المؤمن له صلة بالله، له ود مع الله:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾
( سورة مريم )
هذا الود إذا انقطع هناك مشكلة كبيرة، أول مرحلة أخاف عقابه، أخاف بلاءً، أخاف مصيبة، أخاف مرضاً عضالاً، أخاف فقراً، أخاف جفوة، الآن أخاف أن تنقطع هذه الصلة مع الله، بالتعبير الدارج بين أن تخاف منه وبين أن تخاف على حزنه، أنت عندما تمتن علاقتك مع الله تخاف أن يجافيك، لذلك: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
( سورة البقرة )
جوهر العبادة التفات القلب إلى الله تعالى:

الآن أريد حقيقة دقيقة جداً في هذا اللقاء الطيب، ممكن جوارحك، أعضاؤك، أن تنصاع لأمر الله، ليس هذا هو الهدف:
﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (37) ﴾
( سورة الحج )

الله عز وجل يريد قلبك، يريد قلباً منيباً له، يريد قلباً مقبلاً عليه، يريد قلباً خاشعاً له، يريد قلباً محباً له:
﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ (37) ﴾
( سورة الحج )
لذلك حتى العبادة جوهرها التفات القلب إلى الله، حتى الصيام من أجل أن يتعلق القلب بالله، حتى الصلاة من أجل أن يتصل القلب بالله، فلذلك أن تعبده بقلب حاضر، أو بقلب خاشع، هو سرّ العبادة، العبادة لها شكل ولها سرّ، شكلها أن تقف في الصلاة، أن تكبر تكبيرة الإحرام، أن تقرأ الفاتحة وسورة، أن تركع، أن تسجد، إلى آخره، ولكن الذي ينتظره الله منك أن يلتفت قلبك له وأن تقبل عليه:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ﴾
( سورة البقرة)
تتقون غضبه، تتقون سخطه، تتقون عقابه، تتقون البعد عنه، تتقون الجفوة معه. ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه:
أيها الأخوة الكرام، يقول بعض العلماء: أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله، أنا أتصور وأنا متأكد إن شاء الله أن هذه الدنيا لا تصلح إلا بالخوف من الله، نحن اخترعنا كلمات ليس لها معنى، يقول لك: ضمير مسلكي، ما هو الضمير المسلكي ؟ يترفع عن ألف ليرة، ألفين، أما خمسة ملايين ينهار أمامهم، أين الضمير المسلكي ؟
انتهى، أما الخوف من الله والله سمعت عن سائق وجد في سيارته عشرين مليوناً (قصة طويلة) بحث عن صاحبها أربعة أيام، يحوم حول المكان الذي ركب معه، إلى أن عثر عليه، أعطاه العشرين مليوناً، صاحب هذا المال شهم سأله هذه السيارة لك ؟ قال: لا، أنا سائق بالأجرة عليها، أخذه إلى سوق السيارات واشترى له سيارة بمليوني ليرة، لماذا ترك العشرين مليوناً ؟ خوف من الله، كلما ازددت خوفاً منه كلما ارتفعت عنده، كلما أعطاك، أيها الأخوة، عندنا قاعدة أنا أتصور أن زوال الكون أهون على الله من ألا تطبق هذه القاعدة:

(( ما ترك عبد شيئاً لله، إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه ))
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
شيء مغرٍ، ضغط كبير، صفقة فيها شبهة، بضاعة مصادرة رخيصة جداً، لكنك إذا أيقنت أنها مصادرة ظلماً ينبغي ألا تشتريها:
(( ما ترك عبد شيئاً لله، إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه ))
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
بأي مجال، بالتجارة، بالزواج، أي فتاة بارعة الجمال لكن دينها ضعيف جداً هذا الشاب نظر إلى مستقبل هذه الأسرة، عنده أولاد، هذه المرأة الغير المنضبطة لا تصلح أماً لأولاده، فاستغنى عنها وقال: حسبي الله ونعم الوكيل، هذا الإنسان مستحيل وألف ألف مستحيل أن يخيب ظنه يوفق إلى زوجة أفضل منها. الخوف من الله أصل كل خير في الدنيا و الآخرة:
أيها الأخوة، أصل كل خير في الدنيا وفي الآخرة الخوف من الله، بعضهم قال: قلة الخوف من قلة الحزن في القلب، وإذا قلّ الحزن في القلب خرب كما يخرب البيت.
هناك بيت خرب وهناك قلب خرب، فإذا لم يكن هناك معرفة بالله، لم يكن هناك خوف من الله، هناك من يقول الذي لا يخاف الله خف منه، لما المؤمن خاف من الله أذهب عنه الحزن:

﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) ﴾
( سورة الطور )

الآن بالجنة، غير المؤمن كان في أهله مسروراً، كان في الدنيا ببحبوحة، بيت وأولاد يرتدون أجمل الثياب، يقيم أفخر الولائم، يسافر، يتبجح، يتكلم عن سفرياته، عن مشاهداته، عن بيته، عن ثمن بيته، عن جمال زوجته، عن أولاده النجباء:
﴿ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) ﴾
( سورة الانشقاق)
أما المؤمن دقق:
﴿ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) ﴾
( سورة الانشقاق)
لذلك البطولة من يضحك آخراً، الإنسان يضحك، هناك من يضحك أولاً وهناك من يضحك آخراً، الذي يضحك أولاً يبكي كثيراً، والذي يضحك آخراً يضحك طويلاً إلى ما شاء الله: ﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴾
( سورة المطففين )
أما الكفار في الدنيا يضحكون من المؤمنين، بعض الأئمة يقول: الحزن تلقيح العمل الصالح، أي:
(( ‏إن الله تعالى يحب كل قلب حزين ))
[ رواه الطبراني والحاكم عن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ تصحيح السيوطي: حسن‏ ].
الحزانى معرضون للرحمة، الحزانى في كنف الله. الاستقامة على أمر الله عز وجل نجاة للإنسان في الدنيا و الآخرة:
الإنسان الله عز وجل أودع فيه الشهوات، والشهوات التي يراها كلها محرمة، امرأة سافرة، كاسية عارية، مائلة مميلة، هو يخاف من الله يبحث عن امرأة صالحة، مؤمنة، طاهرة، محجبة، تربي أولادها، قد يتأخر زواجه كثيراً، عنده مشكلة، عنده دافع قوي للزواج و لا يوجد امرأة صالحة يتألم، صار عنده حزن، قال الحزانى في كنف الله:
(( ‏إن الله تعالى يحب كل قلب حزين ))
[ رواه الطبراني والحاكم عن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ تصحيح السيوطي: حسن‏ ]
الحزانى معرضون للرحمة، الحزن تلقيح للعمل الصالح، لكن بعد أن تحزن ويأتي الفرج تقول: الحمد لله الذي أذهب عني الحزن: ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) ﴾
( سورة الطور )

يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الأثر:
ما من بيت، إلا وملك الموت يقف فيه في اليوم خمس مرات، فإذا رأى أن العبد قد انقضى أجله، وانقطع رزقه، ألقى عليه غم الموت، فغشيته سكراته، فمن أهل البيت الضاربة وجهها، والصارخة بويلها، يقول ملك الموت: ممَّ الفزع ؟ وممَّ الجزع ؟ ما أذهبت لواحد منكم رزقاً، ولا قربت له أجلاً، وإنّ لي فيكم لعودة، ثم عودة، حتى لا أبقي منكم أحداً، فو الذي نفس محمد بيده، لو يرون مكانه، ويسمعون كلامه، لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم.
سيدنا ابن عباس يقول: سمع أبو بكر يقول يا رسول الله أراك شبت ؟ ولعله شيب مبكر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( شيبتني هود وأخواتها ))
[أخرجه البزار في مسنده عن ابن عباس]
هود، سورة هود ما الذي شيبه من سورة هود ؟ فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا. أعقل إنسان من يعدّ ليوم القيامة التي لابدّ منها:
بعض الصحابة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء.
مرّ النبي عليه الصلاة والسلام بإخوانه وهم حول قبر يدفنون رجلاً، فبدر من بين أيديهم ثم واجه القبر حتى بلّ الثرى من دموعه، و قال عليه الصلاة و السلام: أي أخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا.

والله مرة شيعت جنازة وعند شفير القبر عندما فتح النعش، وحمل الميت، ووضع في القبر، في الشتاء برد ومطر وطين، وضع هذا الميت في القبر، وضعت البلاطة، أهيل التراب عليه، وانطلق أهله، انتهى الأمر، والله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ولا أذكى ممن يعد لهذه الساعة التي لابدّ منها.
مرة قال لي شخص (ظن نفسه حقق نجاحاً كبيراً): أستاذ لي محضر في الشعلان هو يساوي أربعمئة مليون أخذناه بمئتين، ما شاء الله، كيف ؟ شيء يلفت النظر، قال والله في خمسة وسبعين وريثاً له، عملنا مناقصة شكلية أحضر سبعة، ثمانية، دخلوا بالمناقصة بشكل صوري، يرفعوا المزاد شيء بسيط وبيوم سريع الإعلام عنه ضعيف ما جاء أحد ورسا علينا بمئتين وهو يساوي أربعة، كأنه رأى نفسه بأعلى درجة من الذكاء، قلت له من أصحابه ؟ قال والله عدد كبير، أكثرهم أيتاماً، قلت له ماذا تفعل بالقبر ؟ فكر، قال والله ما جاءت هذه في بالي، اعتبر نفسه تاجراً من الطراز الأول، قلت له: هذا اليتيم إذا قال يا رب يوم القيامة سله لماذا أكل حقي ؟ بحيلة، بمناقصة، بتمثيلية صورية، والله وقتها قال لي إذاً ما الحل ؟ قلت له إما أن تعطي أصحاب هذه الأرض حقهم الكامل، أو انسحب من المناقصة، هذا الجواب.

(( رأس الحكمة مخافة الله ))
[ رواه البيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفي إسناده ضعف ]
من لم يخف من الله عز وجل ففي إيمانه نقص:
والله أيها الأخوة، يستوي عند المؤمن المليار والليرة إذا فيها شبهة، يركلها بقدمه، طبعاً القصص التي أعرفها في هذا الموضوع لا تعد ولا تحصى، إنسان خاف من الله فركل هذه الصفقة بقدمه وقال معاذ الله:
(( ما ترك عبد شيئاً لله، إلا عوضه الله خير منه في دينه ودنياه ))
[ الجامع الصغير عن ابن عمر ]
الله عز وجل قال: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ(75) ﴾
( سورة هود )

مضطر أن أتكلم ؛ الأطفال الآن يموتون بغزة لأن كهرباء لا يوجد، هناك حاضنات، هناك أطفال على المنفسة، لا يوجد خبز، لا يوجد أكل والعالم كله يتفرج، شيء مؤلم جداً، والله الذي لا إله إلا هو ما من قطرة دم، وما من طفل يموت جوعاً، وما من مريض يموت بسبب انقطاع الكهرباء، إلا حمل هذا الذنب يوم القيامة إنسان، يا رب سله لما قتلني ؟
والله أيها الأخوة إذا لم تبكِ مع هذه الأخبار هناك نقص بإيمانك، ادعُ لهم الله يحفظهم، إن استطعت أن تساعدهم فساعدهم، لم تستطع ادعُ لهم، أقل شيء تألم، لكن لا علاقة لنا، مسلمون يموتون من الجوع، هناك فندق حفل افتتاحه كلف مئة مليون دولار، قبل أيام، الليلة فيه بتسعة وعشرين ألف دولار، اذهبوا واجلسوا عشرة أيام، أناس يبذخون بذخاً يفوق حدّ الخيال، وأناس يحتاجون إلى منفسة مع الكهرباء، ويموتون من الجوع، هذه أمة ؟ والله ما آمن، والله ما آمن، والله ما آمن، من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم ؟
﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾
( سورة إبراهيم )
العالم كله متفرج. وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ:
أيها الأخوة الكرام، جاءتني فكرة ؛ رئيس دولة عظمى في العالم بلقاء يقول: قبل أعوام مات أو قتل بجنوب إفريقيا بدولة اسمها رواندا ثمانمئة ألف
يقول هذا الرئيس الأمريكي: كان بإمكاني أن أنقذ حياة أربعمئة ألف لكن ما تدخلت. لأنه لا يوجد نفط، أما على شبهة سلاح شمولي، ثلاثون دولة احتلت العراق على شبهة غير صحيحة، أما أربعمئة ألف ؟! لكن قال كان بإمكاني أن أنقذ حياة أربعمئة ألف لكن ما تدخلت:

﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾
( سورة إبراهيم )
(( تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً ))
[ ابن ماجه عن عبد الله بلفظ قريب منه ]
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ(75) ﴾
( سورة هود )
رأس الحكمة مخافة الله:
سيدنا عمر كان يقرأ في سورة الطور فلما وصل إلى قوله تعالى: إن عذاب ربك لواقع بكى واشتد بكاءه حتى مرض وعاده أصحابه.
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
( سورة الحجر )

سيدنا عمر يقول لابنه وهو على فراش الموت ويحك ضع خدي على الأرض عسى الله أن يرحمني، ثم قال: يا ويل أمي إن لم يغفر لي ربي ثم قضى.
سيدنا عثمان كان إذا وقف على قبر يبكي حتى تبتل لحيته وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيهما أصير.
أبو الدرداء قال: إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال لي يا أبا الدرداء قد علمت فما عملت فيما علمت ؟
وكان يقول لو تعلمون ما أنتم تلقون بعد الموت ما أكلتم طعاماً عن شهوة، ولا دخلتم بيتاً تستظلون فيه، ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم، وتبكون على أنفسكم.
وسيدنا تميم الداري كان يقرأ القرآن فوصل إلى قوله تعالى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون.
سيدنا عمر بن عبد العزيز كان يصلي دخلت عليه فاطمة بنت عبد الملك زوجته رأته يبكي، قالت: ما لي أراك باكياً ؟ قال: دعيني وشأني، فلما ألحّت عليه قال: ويحك يا فاطمة، إني قد وليتُ أمر هذه الأمة، ففكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهول، واليتيم المكسور، والمظلوم المقهور، والغريب، والأسير، والشيخ الكبير، والأرملة الوحيدة، وذي العيال الكثير والرزق القليل، فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن خصمي دونهم رسول الله، فخفت ألا تثبت حجتي، فلهذا أبكي.
أيها الأخوة الكرام، في درس قادم إن شاء الله نتابع هذا الموضوع عنوانه
(( رأس الحكمة مخافة الله ))
الموضوع العلمي:
دوران الأرض آية من آيات الله عز وجل:
ننتقل إلى الموضوع العلمي، يعني أيها الأخوة هناك أشياء قريبة جداً منا، الليل والنهار، والشمس والقمر، ومن آياته الشمس والقمر:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾
( سورة فصلت الآية: 37 )
حقائق بسيطة جداً يعرفها معظم الطلاب، هذه الأرض لولا أنها تدور ما في ليل ولا في نهار، في شهر ؟ ما في شهر، في أسبوع ؟ في سبت، في أحد، في اثنين، في ألفين وثمانية، في ألفين وسبعة، في قرون وسطى ؟ ﴿ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ (12) ﴾
(سورة الإسراء)

لولا أن الأرض تدور ما في زمن أساساً، تصور حياة الشمس في كبد السماء على طول، ما عاد في سنة، ولا شهر، ولا أسبوع، ولا يوم، ولا ساعة، فالأرض تدور، لما دارت صار في ليل ونهار، هذه واحدة، الآن تدور الأرض، لو دارت الأرض على محور موازٍ لمستوي دورانها حول الشمس، نهار إلى أبد الآبدين، الحرارة ثلاثمئة وخمسين درجة فوق الصفر، وليل إلى أبد الآبدين والحرارة صفر مطلق، مئتان وسبعون تحت الصفر، انتهت الحياة، الأرض تدور حول الشمس، يوجد مستوي لدورانها، أي سطح، خط دورانها على هذا السطح، نقول هذا مستوي دورانها، لو دارت الأرض على محور موازٍ لمستوي دورانها حول الشمس، لصار الليل أبدياً والنهار أبدياً:
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ (71) ﴾
(سورة القصص)
آية من آيات الله. عظمة الله عز وجل وحكمته من دوران الأرض على محور مائل على مستوي دورانها:
الآن لو توقفت ألغي الزمن، لو دارت صار هناك زمن، وصار ليل ونهار، لكن دقق لو دارت على محور عامودي على مستوي دورانها، هنا صيف إلى أبد الآبدين، شتاء إلى أبد الآبدين
أي إذا دارت على محور عامودي على مستوي دورانها ألغيت الفصول، وألغي اختلاف الليل والنهار، النهار اثنا عشر ساعة، والليل اثنا عشر ساعة إلى أبد الآبدين، صيف، شتاء، خريف، ربيع، لا يوجد، لو لم تدر لا يوجد زمن، لو دارت على محور موازٍ لمستوي دورانها الليل سرمدي والنهار سرمدي، لو دارت على محور متعامد مع مستوي دورانها لا يوجد اختلاف ليل ونهار، ولا يوجد فصول.
لكن الأرض تدور على محور مائل على مستوي دورانها، الشمس من هنا، هنا صيف، وهنا ربيع، هنا شتاء، الأرض حينما تدور حول الشمس صار هنا صيف، هنا ربيع، هنا شتاء، بهذا المحور المائل صار في اختلاف الليل والنهار:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (190) ﴾
( سورة آل عمران )
في يوم بالصيف سبع عشرة ساعة وفي يوم بالشتاء تسع ساعات أحياناً: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) ﴾
( سورة آل عمران )
فقط الشمس والقمر والليل والنهار، فكر، فكر بعظمة الله عز وجل، فكر بحكمته، فكر بعلمه، فكر بقدرته. التفكر في خلق السماوات والأرض أوسع باب ندخل منه على الله:
إن لم يكن هناك دوران فلا يوجد زمن:

﴿ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ (12) ﴾
(سورة الإسراء)
صار في دوران، الدوران لو كان موازياً لمستوى الدوران نهار سرمدي، ثلاثمئة وخمسين درجة فوق الصفر ما في حياة، ليل سرمدي، مئتان وسبعون تحت الصفر، انتهت الحياة، دوران على محور عامودي مع مستوي الدوران لا يوجد اختلاف ليل ونهار، صيف سرمدي، شتاء سرمدي، ربيع سرمدي، خريف سرمدي، فصول لا يوجد، ما عاد في زراعة، الزراعة تحتاج إلى شتاء مطير وربيع وصيف حار، لما الله يقول: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
( سورة فصلت الآية: 37 )
من آيات الله الدالة على عظمته، لذلك هذا الكون ينطق بوجود الله، وينطق بوحدانيته، وينطق بكماله، والله عز وجل ذات كاملة، أسماؤه حسنى، وصفاته فضلى، والتفكر في خلق السماوات والأرض أوسع باب ندخل منه على الله، وأقصر طريق نصل به إلى الله.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 04:39 PM   #8


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( الثامن )

الموضوع : لماذا يخاف الانسان - 3 - الخوف من المستويات







الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. من لوازم الغفلة عن الله عز وجل الإساءة إلى خلقه:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثامن من دروس حقائق الإيمان والإعجاز
ومازلنا في موضوع الخوف منطلقين من رأس الحكمة مخافة الله، لكن الخوف مستويات، فبين أن تخاف من عقاب الله هذا مستوى، وبين أن تخاف من انقطاع الصلة بالله هذا مستوى أرقى، فلذلك الإنسان حينما يغفل عن الله من لوازم الغفلة أنه يسيء لخلق الله عز وجل، لو أن الإقبال وعدم الإقبال لا علاقة له بالسلوك أية حالة نفسية أنت فيها مقبولة، لكن لأن الغفلة عن الله، ولأن عدم الخوف من الله، ولأنك كائن متحرك، فلابدّ من أن تأخذ ما ليس لك، أو أن تستطيل على خلق الله، أو أن تستعلي عليهم، أو أن تبتز أموالهم، أو أن تعتدي على أعراضهم، فلذلك الضمان الوحيد والرادع الأكبر أن تخاف من الله، هذه الحقيقة الواقعية، وأي انضباط آخر بعيد عن الخوف من الله عز وجل انضباط شكلي أولاً، وانضباط بالحدود الدنيا، أما حينما يقع الإنسان تحت إغراء المال، تحت إغراء سبائك الذهب اللامعة، أو تحت قهر سياط الجلادين اللاذعة، لولا خوفه من الله لانهارت قواه، وخرق الاستقامة، واستجاب لمن أغراه بالمال، أو هدده بالسياط.

الدماغ آية من آيات الله الدالة على عظمته فعلى الإنسان أن يُحسن استخدامه:
أيها اaلأخوة الكرام، ما الذي ينبغي أن يشعر به المؤمن وهو في الطريق إلى الله عز وجل ؟ أولاً الله عز وجل قال:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) ﴾
( سورة الإسراء )

أي إذا الخالق العظيم كرمك، خلقك في أحسن تقويم، خلقك تمشي على قدميك، جعل يديك طليقتين، أعطاك العقل، مئة و أربعون خلية في الدماغ استنادية لم تعرف وظيفتها بعد، أربع عشرة مليار خلية سمراء هي الخلايا القشرية، بالذاكرة في ستين مليار صورة وحجم الذاكرة بحجم حبة العدس، مركز المحاكمة، الاستدلال، الاستنباط، الاستنتاج، تصور، تخيل، ذاكرة، هذا الدماغ وحده من آيات الله الدالة على عظمة الله، أيعقل أن تستخدم هذا الدماغ لإيقاع الأذى بالناس ؟ الله عز وجل قال:
﴿ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)﴾
(سورة العلق)
الناصية مقدم الرأس وفي هذا المكان تتخذ القرارات، معقول دماغ معجز تستخدمه لإيذاء البشر ؟ هؤلاء الذين يصنعون الأسلحة الكيماوية لإهلاك البشر، أو الجرثومية، أو أنواع القنابل العنقودية، والقنابل الانشطارية، والحارقة، والخارقة، والقنابل الذكية، والقنابل التي تمشي على أشعة الليزر، هذه الأنواع الخطيرة من الأسلحة من صنع هذا الدماغ لقتل عباد الله، والآن موت كعقاص الغنم، لا يدري القاتل لمَ يقتل، ولا المقتول فيمَ قتل. موقف من تفنن في إيذاء الناس يوم القيامة:
بالقرآن الكريم ملمح قال تعالى:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) ﴾
( سورة التكوير)

حينما تنكشف الحقائق يوم القيامة، وحينما يقف الإنسان أمام ربه وقد منحه نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، وهو قد تفنن في إيذاء خلق الله عز وجل، ألا ترون إلى جرائم العالم ؟ إلى القتل العشوائي ؟ إلى نهب الثروات ؟ إلى إذلال الشعوب ؟ هؤلاء الذين يملكون القرار، أصحاب القرار، ما موقفهم يوم القيامة ؟ قال تعالى:
﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾
( سورة إبراهيم )
فالإنسان حينما يقرأ قوله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُم فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾
( سورة الإسراء )
هو موقفه مع الذي خلقه، وأمده، وكرمه، وأعلى شأنه، وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، موقفه أنه تفنن في إيذاء العباد، وفي إيذاء خلق الله عز وجل، لذلك ورد في بعض الأحاديث التي لا ترقى إلى مستوى الصحة الكاملة إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب. على كل إنسان أن يخاف من أن يقابل إحسان الله عز وجل بالإساءة إلى خلقه:
والله أيها الأخوة، اسمعوا هذه الكلمات أرددها كثيراً، الآن في هذه الحرب العالمية الثالثة المعلنة على المسلمين
إن لم تكن طرفاً في مؤامرة قذرة هدفها إفقار المسلمين، أو إضلالهم، أو إفسادهم، أو إذلالهم، أو إبادتهم، أنت ملك، الذي سلمه الله عز وجل من أن يكون طرفاً مساهماً في إفقار المسلمين، أو إضلالهم، أو إفسادهم، أو إذلالهم، أو إبادتهم، نجا من جرائم سيحاسب عنها الإنسان حساباً عسيراً، فلذلك الخوف، الخوف من أن تقابل إحسان الله عز وجل بالإساءة إلى خلقه، قال تعالى:

﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) ﴾
( سورة الرحمن )


أنواع التكريم الإلهي للإنسان تسجيل أعماله خيرها و شرها:
أيها الأخوة، من أنواع التكريم الإلهي:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ ﴾
( سورة الانفطار )

معك ملك يسجل لك حسناتك، أو يسجل عليك سيئاتك، ألا تستحي من الله أن تستخدم نعم الله في معصية الله ؟ يعني نعمة الله عز وجل لا تقدر بثمن، أعطاك عقلاً، أعطاك سمعاً، أعطاك بصراً، أعطاك نطقاً، أعطاك ذاكرة، أعطاك قواماً جميلاً، أعطاك زوجة، أعطاك أولاداً، يعني ما موقفك يوم القيامة إذا غششت المسلمين ؟ أضفت مادة مسرطنة لكنها تحسن لون المادة الغذائية فيرتفع سعرها من أجل أن تربح بعض الألوف بالحرام تسبب للمسلمين الأمراض الخبيثة ما موقفك ؟ والله يا أخوان أقول لكم من القلب إلى القلب قبل أن تفعل شيئاً، قبل أن تقدم على خطأ في البيع والشراء إيهاماً، تدليساً، غشاً، قبل أن تبتز أموال الناس، فكر أنك واقف بين يدي الله عز وجل.
أخ كريم حدثني مرة عنده معمل غذائيات للصغار، قال لي: هذا الأب المسلم أعطى ابنه عشر ليرات ليشتري شيئاً في المدرسة، هذه المادة الغذائية أحياناً تصنع من مواد انتهت صلاحيتها، وإذا انتهت صلاحيتها معنى ذلك أنها لا تنفع بل تؤذي، إنسان فقير دخله محدود، أعطى ابنه عشر ليرات من أجل أن تطعمه مادة غذائية فاسدة ؟ أكثر المعامل يشترون المواد التي انتهت صلاحيتها هذه لا تكشف هويتها في التصنيع، فأنت أمام منتج له شكل جيد، وله طعم لا بأس به، لكن الزبدة و الشوكولا والفانيليا هذه كلها مواد لها صلاحية، فانتهت صلاحيتها تباع بثلاثين بالمئة ناقص عن سعرها الحقيقي لأنها لا تباع في الأسواق، ما موقفك يوم القيامة إذا وقفت بين يدي الله عز وجل وقد جمعت ثروة على حساب صحة المسلمين ؟ من أراد أمراً فليتدبر عاقبته:
أيها الأخوة، إذا أردت أمراً تدبر عاقبته، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾
( سورة التكوير )

أنا والله أيها الأخوة، لا أرى على وجه الأرض صنفاً من الناس أغبى من الطغاة لأنهم ما أدخلوا الله في حساباتهم، إله سيسألك، وسيحاسبك، وستقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون عليّ مما ألقى، لذلك كلما خفته في الدنيا أمنك يوم القيامة، وكلما أمنته في الدنيا أخافك يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) ﴾
( سورة الذاريات)
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ (40) ﴾
( سورة الروم)
الرزق مضمون، (( عبدي لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي، إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً ))
[ورد في الأثر]
طاعة الله عز وجل واجبة على كل إنسان لأنه تفضل عليه بنعم لا تعد و لا تحصى:
أيها الأخوة، إذاً لأن الله كرمنا، لأن الله رزقنا، لأن الله حفظنا، لأن الله:
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
( سورة الجاثية )
لأن الله سبحانه وتعالى تفضل علينا بهذا ينبغي أن نطيعه:
تعصي الإله وأنت تظهر حبـه ذاك لعمري في المقال شــنيع
لـو كان حبك صادقاً لأطعتـه إن المحب لمن يحب يطـــيع

***

أيها الأخوة الكرام، الحق الذي نؤمن به والحق هو الله، والحق الذي لابس خلق السماوات والأرض هو الشيء الثابت والهادف، قال تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾
( سورة المؤمنون )
غني يشتري طائرة خاصة له بثلاثمئة مليون، يمكن لهذه الطائرة أن تتسع لألف راكب الآن، بيت، وغرف نوم، وغرف استقبال، وغرف جلوس، وحمامات، وملايين مملينة تموت من الجوع في إفريقيا في الصومال، الإنسان يسأل، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾
( سورة التكاثر )
تناقض العبثية مع وجود الله عز وجل:
فيا أيها الأخوة الكرام:
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾
( سورة المؤمنون )

العبثية تتناقض مع وجود الله، غني وفقير، قوي وضعيف، صحيح ومريض، معمر ومات في شبابه، وسيم وذميم، قوي وضعيف، وتنتهي الحياة ولا شيء بعد الموت، هل يليق بكمال الله هذا ؟ لابدّ من يوم تسوى فيه الحسابات:
﴿ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾
( سورة يونس الآية: 4 )
﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾
( سورة الجاثية الآية: 22 )
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
( سورة الحجر )
﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)﴾
( سورة المدثر )
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا (115) ﴾
( سورة المؤمنون )
عدم وجود الشر المطلق و العبثية في الكون:
هناك سؤال، الآية الثانية:
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
( سورة الدخان )
بالكون لا يوجد عبثية و لا يوجد شرّ مطلق، هناك شرّ نسبي موظف للخير المطلق، الدليل قال تعالى:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾
( سورة عبس)
هذه البقرة لو أنها متوحشة كيف تنتفع بها ؟ الله عز وجل قال:
﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾
( سورة يس الآية: 42 )
حيوان كبير مذلل، وعقرب صغير تخرج من جلدك إذا رأيته، الأفعى غير مذللة، الثعبان غير مذلل، أما الجمل مذلل، البقرة مذللة، الأنعام كلها مذللة، من جعلها كذلك ؟ طبعاً هناك مرض يصيب البقر اسمه جنون البقر، اضطروا في بريطانيا أن يحرقوا ثلاثين مليون بقرة، ثمنها ثلاثة وثلاثون مليار جنيه إسترليني لأنها جنت، فنعمة البقرة المذللة هذه سوف نحاسب عليها. على الإنسان ألا يغير خلق الله عز وجل:
أنا كنت أقول إن جنون البقر من جنون البشر، لأن الله عز وجل خلقها لتأكل النبات، أطعموها مسحوق الجيف فجنت، هذا معنى قول الله عز وجل:

﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ (119) ﴾
( سورة النساء)
مشتقات الألبان كلما شرب النبي عليه الصلاة والسلام يقول اللهم زدنا منه.
مشتقات الألبان، الجبن، واللبن، والقشطة، والسمن، كلها من هذه المشتقات، البقرة معمل، لذلك قال تعالى:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) ﴾
( سور عبس )
الآيات الباهرات الدالة على عظمة رب الأرض والسماوات لا تنتهي منها:
1 ـ نعمة العقل:
أيها الأخوة، إنسان بكامل صحته، نبضه نظامي، ضغطه نظامي
لكن هناك مشكلة بعقله، هو اشترى هذا البيت يسعى أهله لإيداعه في مستشفى المجانين، نعمة العقل لا تقدر بثمن:
﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) ﴾
( سور يس )
حدثني أخ قال لي: والدي فقد ذاكرته، خرج من معمله، وبقي ساعتين يبحث عن بيته، لكن تذكر بيت ابنه فقد ذاكرة جزئي، إنسان لو فقد ذاكرته، فقد علمه، فقد معلوماته، فقد خبراته، نحن في نعم لا يعلمها إلا الله.

2 ـ جهاز المناعة:
جهاز المناعة الذي أكرمنا الله به جيش، بما في هذه الكلمة من معنى، فرقة استطلاع، فرقة مقاتلين، فرقة تصنيع الدواء، فرقة خدمات، جيش بكل معاني هذه الكلمة، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
( سورة التين )
3 ـ العينان و الأذنان:
والله أيها الأخوة ولا أبالغ يمكن أن تصل إلى الله، أن تعرف طرفاً من كمال الله من خلال جسمك فقط، عينان، أذنان، عينان لمعرفة البعد الثالث، عين واحدة صورة مسطحة، بالعين الثانية ترى البعد الثالث، أذنان من أجل أن تعرف جهة الصوت، هناك تناظر كامل بالإنسان.
4 ـ الدماغ و النخاع الشوكي و القلب:
أخطر جهاز هو الدماغ أين هو ؟
في صندوق من العظم، وبين الدماغ وبين العظم سائل، أغشية ثلاث وسائل، السائل لامتصاص الصدمة، لو أن طفلاً وقع على الأرض هذا الارتجاج يوزع على كامل سطح الدماغ فلا يتأثر عن طريق السائل، النخاع الشوكي يأتي بعد الدماغ في خطورته أين أودع ؟ في العمود الفقري، القلب يأتي بعد النخاع الشوكي أين أودع ؟ في القفص الصدري، معامل كريات الدم الحمراء أين هي ؟ في نقي العظام، الرحم في عظم الحوض، الدماغ في مكانه، العين في محجرها، لو أن العين على ظاهر الجبين لا أعتقد يبقى من الناس خمسة بالمئة لهم عيون، أما في محجر ترى حكمة الله عز وجل.

5 ـ المفاصل:

هذا المفصل لو ألغي هذا المفصل تفضل كُلْ، لابدّ أن تنبطح كالهرة وأن تأكل بلسانك من الصحن مباشرة، لا يوجد حل ثانٍ، إذا التغى المفصل التغت هذه الأصابع، التغى هذا الرسغ، والله يا أخوان يمكن أن نعرف الله، وأن نخشع في الصلاة فقط من جسم الإنسان، لذلك قال تعالى:
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
( سورة الذاريات )


6 ـ الأنف:
الأنف رطب، لماذا هو رطب ؟ هناك رطوبة لأن الدمع الفائض يسري في القناة الدمعية، القناة الدمعية دقيقة بحيث دقتها تفوق حدّ الخيال، لو أنها طمست وسدت، يمضي الإنسان كل عمره وهو يمسح عن خده الأيمن والأيسر إلى أن يلتهب الخد، هذه نعمة لا أحد ينتبه لها أن القناة الدمعية سالكة، لذلك:
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
( سورة الذاريات )
7 ـ الماء:

هذا الماء قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
( سورة الأنبياء الآية: 30 )
يعني هذا الماء لا لون له لو كان لونه زهر أو أزرق كل شيء بحياتنا صار زهر، لا طعم له، لا رائحة له، يتبخر بدرجة أربع عشرة، لو كان بدرجة مئة لا يوجد غسيل يجف إطلاقاً، تصور الشيء وخلاف ما هو عليه:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
( سورة الأنبياء الآية: 30 )
8 ـ دوران الأرض:

والدرس الماضي ذكرت أن الأرض لو دارت على محور موازٍ لمستوي دورانها لأصبح ليل سرمدي ونهار سرمدي، النهار السرمدي الحرارة ثلاثمئة وخمسين، الحرارة فوق الصفر، والليل السرمدي صفر مطلق، مئتان وسبعون تحت الصفر، الحياة تنتهي، لو أنها دارت على محور عامودي التغى اختلاف الليل والنهار والتغت الفصول الأربعة، من صمم أن تدور الأرض على محور مائل ؟ حكمة الحكيم، علم العليم، قدرة القدير:
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40) ﴾
( سورة يس)
الموازنة بين صنع الخالق سبحانه و بين صنع الإنسان:
وازن بين إنسانة من لحم ودم تنطق، تتكلم، تفكر، وبين هذا التمثال الذي في محلات الألبسة:

﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
( سورة لقمان الآية: 11 )
وازن بين وردة طبيعية تفوح منها رائحة عبقة رائعة، وبين وردة من مواد بترولية:
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ ﴾
( سورة لقمان الآية: 11 )
وازن بين كلية طبيعية تعمل بصمت، وبين كلية صناعية حجمها بحجم هذه الطاولة، ولابدّ من أن يستلقي الإنسان ثماني ساعات إلى جانبها بالأسبوع ثلاث مرات، يدفع كل مرة بضعة آلاف من الليرات.
كل إنسان مسؤول و محاسب عن عمله يوم القيامة:
أيها الأخوة، الآيات الباهرات الدالة على عظمة رب الأرض والسماوات لا تنتهي، يوم القيامة أو الموت هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون
الميت حينما يشيع قال: هذا الميت روحه ترفرف فوق النعش، تقول: يا أهلي، يا ولدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، فأنفقته في حلّه وفي غير حلّه، فالهناء لكم والتبعة علي.
الله عز وجل يقول:

﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) ﴾
( سورة الفرقان )
يعني أنا أدعوكم من خلال هذا الدرس، من خلال درس الخوف أن تخاف من الله، أن تخاف يوم العرض على الله، أن تخاف أن تقف بين يدي الله عز وجل من أجل أن تحاسب عن كل أعمالك:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
( سورة الحجر )
من خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة:
وعود على بدء هناك مستوى من الخوف أن تخاف من عقاب الله، هناك مستوى آخر أرقى من هذا أن تخاف أن تنقطع صلتك بالله
فالمؤمن مظنة صلاح، هو يخاف أن تنقطع صلته بالله عز وجل، ومهما بالغت من الخوف من الله فأنت الرابح الأول لأنه من خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة:

﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) ﴾
( سورة يس)
هذا النجاح:
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
( سورة آل عمران )
الإعجاز العلمي دليل قطعي يقيني على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن:
أيها الأخوة الكرام، مرة اطلعت على بحث مدهش، هذا البحث يؤكد أن النظرية العملاقة (النظرية النسبية التي جاء بها اينشتاين) هذه النظرية في القرن العشرين قلبت مفاهيم الفيزياء، والحركة، والسرعة، والحقيقة هي نظرية فذة تنطلق هذه النظرية من أن السرعة المطلقة في الكون، وهي سرعة الضوء، ليس في الكون أسرع من الضوء، كيف كشف اينشتاين هذه السرعة ؟ البحث طويل ولكن المدهش أكثر أن هناك آية فيها بضع كلمات تلخص هذه الآية نظرية اينشتاين، على أن الله عز وجل جعل في كتابه إعجازاً علمياً، هذا الإعجاز العلمي دليل قطعي يقيني على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم الآية الكريمة:
﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) ﴾
( سورة الحج )
حار العلماء في هذه الآية:
﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) ﴾
( سورة الحج )

كيف ؟ العرب تعدّ السنة القمرية، القمر يدور حول الأرض دورة كل شهر، نأخذ مركز الأرض ومركز القمر، نصل بينهما بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، إذا وصلنا بين مركز الأرض ومركز القمر بخط، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، من أين نأتي بطوله ؟ ببساطة بالغة طوله هو المسافة بين الأرض والقمر مع نصف قطر الأرض ونصف قطر القمر وحسابه سهل جداً، هذا نصف القطر، ضرب اثنين، ينتج القطر، ضرب 3،14 هو المحيط، ضرب 12 بالسنة، ضرب ألف بألف سنة، طالب من طلاب المرحلة الإعدادية بآلة حاسبة في دقائق يحسب لنا كمن يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، هذا الرقم كم يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، لو قسمنا هذا الرقم على ثواني اليوم ستين بستين بأربع وعشرين، الناتج سرعة الضوء (299752)، يعني المسافة التي يقطعها القمر حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد:
﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) ﴾
( سورة الحج )
سرعة الملائكة لا علاقة لها ببني البشر:
هناك إنسان يقول لك في آية " خمسين ألف سنة ":
﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) ﴾
( سورة المعارج )
نقول الجواب هذه سرعة الملائكة لا علاقة لها ببني البشر، السرعة المطلقة المادية سرعة الضوء وهذا الرقم 299752 مودع في جامعة الصوربون في باريس، قبل اكتشاف هذه النظرية، يعني عدد الكيلو مترات التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام لو قسمناه على ثوان اليوم لكان الرقم الدقيق لسرعة الضوء 299752، بضع كلمات بآية ضغطت بهما النظرية الكبيرة. الإنسان المؤمن هدفه واضح ووسائله واضحة:
مرة قال لي أخ درست في أمريكا إدارة الأعمال، فأنا قرأت له آية أقسم لي بالله أن هذه الآية تلخص كل دراسته:
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة الملك )

الإنسان المؤمن هدفه واضح، هدفه الجنة، يختار لهذا الهدف آلاف الوسائل، يختار الصلاة، الصوم، ضبط اللسان، الصدق، الأمانة، العفة، فلما الهدف واضح وسائله واضحة، أما غير المؤمن: ﴿ مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا ﴾ واقفاً، انظر الواقف يرى إلى بعيد، لو شخص مشى على شكل ركوع حنى ظهره ومشى ماذا يرى ؟
الأرض فقط، معظم الناس يعيشون الجزئيات، الأسعار تقلقه كثيراً، البيع، الشراء، بيته، زوجته فقط، لا ينتبه إلى يوم القيامة، فجأة معه أزمة قلبية، كم يوم صار بالقبر، ترك بيتاً الآن تحت أطباق الثرى، لماذا خلق ؟ لا يعلم:
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة الملك )
فيا أيها الأخوة الكرام، هذا القرآن الكريم ربيع قلوبنا، هذا القرآن الكريم منهج ربنا، هذا القرآن الكريم سبيل خلاصنا، هذا القرآن الكريم حبل الله المتين، هذا القرآن الكريم حبل النجاة، صمام الأمان، من اتبعه نجا ومن تركه وراء ظهره هلك.



والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 04:50 PM   #9


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( التاسع )

الموضوع : لماذا يخاف الانسان - 4 - العلاقة بين العلم والخوف - الحمام الزاجل







الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
العلاقة بين العلم و الخوف علاقة طردية:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس التاسع من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، لازلنا في موضوع الخوف، ولكن لابدّ من مقدمة، لماذا يخاف الطبيب أن يأكل الفاكهة من دون أن تغسل ؟ لأنه عالم، يعلم أخطار التلوث وانتقال الأوبئة والأمراض، فكلما ازداد العلم ازداد الخوف، والعلم والخوف العلاقة بينهما علاقة طردية، إذا زاد الخوف معنى ذلك هناك علم، إذا زاد العلم معنى ذلك زاد الخوف، فأنت تخاف الله إذا عرفته، هذه الحقيقة الأولى، ورأس الحكمة مخافة الله.
أنواع الخوف:
1 ـ أن تخاف أن لا تكون لله معظماً:
الآن الخوف أنواع منوعة أحد أنواع الخوف أن تخاف أن لا تكون لله معظماً، إبليس آمن به لكن ما عظمه والدليل:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ(30)ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ(31)ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ(32)إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(33) ﴾
( سورة الحاقة )
إبليس آمن بالله لكن ما آمن به عظيماً، فهنا الخوف متعلق أن تؤمن بالله العظيم، والآية:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13) ﴾
(سورة نوح)
مالكم لا تعظمونه: ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14) ﴾
(سورة نوح)
في الأثر القدسي:
(( يا رب، أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك ؟ فقال: أحبّ عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحبّ من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب إنك تعلم أني أحبك وأحبّ من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي))
[من الدر المنثور عن ابن عباس ]
أي ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني. الإيمان الذي لا ينتج عنه استقامة إيمان إبليسي لا قيمة له إطلاقاً:
إذاً قلب المؤمن يحتاج إلى تعظيم لله:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13) ﴾
(سورة نوح)
فالذي يعصي الله لا يراه عظيماً، الهّ خلق السماوات والأرض:
﴿ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾
( سورة الأعراف الآية: 12 )
﴿ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) ﴾
(سورة ص )
﴿ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
( سورة الأعراف )
هذا الإيمان الذي لا ينتج عنه استقامة هو إيمان إبليسي لا قيمة له إطلاقاً. تعظيم الله عز وجل يكون من خلال التفكر في خلق السماوات والأرض:
لذلك الخوف من ألا تكون لله معظماً، وتعظيم الله عز وجل يكون في التفكر في خلق السماوات والأرض، وهناك دليل قوي:
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾
( سورة الحج )
كيف أقدره حق قدره ؟
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
( سورة الزمر الآية: 67 )
يعني التفكر في خلق السماوات والأرض طريق لتعظيم الله. طاعة الله عز وجل من لوازم تعظيم الله تعالى:
تعظيم الله من لوازمه طاعة الله عز وجل، هذا نوع من أنواع الخوف، أن تخاف ألا يكون الله عندك عظيماً:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13)وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14) ﴾
(سورة نوح)
أحياناً الابن العاق ألا يرى أباه ؟ يراه، ألا يسمع صوته ؟ يسمع صوته، لكن لا يعظمه، أما الابن البار يضيف إلى رؤية أبيه بعينيه رؤية مكانته عنده في قلبه، فنحن بحاجة إلى أن نعظم الله عز وجل، وطريقة تعظيم الله التفكر في خلق السماوات والأرض:
﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3) ﴾
( سورة القدر)
ألف شهر عبادة جوفاء يفضلها ليلة واحدة تقدر الله فيها حقّ قدره.
2 ـ الخوف من عاقبة الذنوب:
الآن الخوف من عاقبة الذنوب:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
( سورة الحجر)
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(29) ﴾
( سورة الجاثية)
أعمال الإنسان كلها مسجلة عليه يوم القيامة فليتخذ حذره:
هناك طريق بدمشق مراقب بالرادار، أخ حدثني زوجته تقود مركبة في هذا الطريق ما أحد نبهها، مكتوب السرعة القصوى ستين، جاءتها مخالفة بخمسة وعشرين ألفاً، أنت إذا سرت في هذا الطريق وعلمت أنه مراقب بالرادار، وأن المخالفة خمسة وعشرون ألفاً كيف تنضبط ؟
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13)وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14) ﴾
(سورة نوح)
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(29) ﴾
( سورة الجاثية)
جاؤوا ببعض الأجهزة قديماً إذا السيارة مخالفة بسرعة معينة تلتقط لها صورة، فحينما يبلغ الإنسان هذه المخالفة وينكر تقدم له صورة مركبته وسرعتها، هذه الصورة مسكتة:
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(29) ﴾
( سورة الجاثية)
هناك مشاهد أعمالك كلها مسجلة، بالصوت والصورة، والصورة ملونة، كله مسجل:
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(29) ﴾
( سورة الجاثية)
إذاً الخوف من عدم تعظيم الله، الخوف من عاقبة الذنوب.
3 ـ الخوف من غضب الله عز وجل:
الخوف من غضب الله، هناك دعاء نبوي:
(( اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك ))
[ الجامع الصغير عن أبي نعيم ]
شاب يضحك، يتحرك، يسهر، يسافر، يتاجر، يقيم ولائم، فجأة خثرة بالدماغ طريح الفراش:
(( اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك ))
[ الجامع الصغير عن أبي نعيم ]
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ(12)إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ(13) ﴾
(سورة البروج )
لذلك الخوف من غضب الله:
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102) ﴾
(سورة هود)
سياسة الله عز وجل في معاملة عباده تبدأ بـ:
1 – الهدى البياني:
الآن أحياناً الإنسان الله عز وجل يدعوه دعوة بيانية يسمع خطبة، يسمع درساً، يقرأ كتاباً، دعوة من الله إلى أن يتوب، إلى أن يطيع، إلى أن يصطلح مع الله، هذه الدعوة البيانية وأنت معافى، سليم، ساكن، مرتاح في بيتك مع أهلك، بعملك، بدخلك، لا يوجد مشكلة دعوة بيانية، فبطولتك أن تستجيب للدعوة البيانية.
2 ـ التأديب التربوي:
إن لم تستجب أخضعك الله لمرحلة أصعب، يقول الطبيب لمن عنده التهاب معدة حاد بالحمية الصارمة تشفى وإلا لابدّ من عمل جراحي، لذلك في بعض معاني هذه الآية:
﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ (284) ﴾
( سورة البقرة )
﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ (284) ﴾
( سورة البقرة )
بالحمية الشديدة:
﴿ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ (284) ﴾
( سورة البقرة )
بالعمل الجراحي: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(284) ﴾
( سورة البقرة )
الاستقامة و التوبة أساس الشفاء من الذنوب:
ترغب أن تشفى من ذنوبك من دون مصائب ؟ استقم، تب إلى الله، ليس عندك رغبة أن تستقيم تحمل عملاً جراحياً:
يا رسول الله عظني ولا تطل، قال: قل آمنت بالله ثمَّ استقم، قال: أريد أخفَّ من ذلك قال: إذاً فاستعدّ للبلاء .
إن أردت أخف من ذلك إذاً فاستعدّ للبلاء، إذاً الخوف من غضب الله، تأتي المصائب فجأة، يأتي المرض فجأة، يأتي الشلل فجأة، فجأة فشل كلوي، فجأة خثرة بالدماغ، فجأة احتشاء بالقلب فجأة نمو سرطاني:

(( اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك ))
[ الجامع الصغير عن أبي نعيم ]
لذلك أدعية أرددها كثيراً:
(( اللهم إنا نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء ))
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102) ﴾
(سورة هود (
تسونامي سمعتم به، أجمل شواطئ العالم، المنتجعات، السباحة في البحر، الطعام النفيس، يعني صفوة أغنياء الأرض كانوا في هذه السواحل، وجاء هذا الزلزال طبعاً هم جالسون في منتجعات فئة العشر نجوم، لكنهم رأوا النجوم ظهراً في هذه المنتجعات:
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102) ﴾
(سورة هود (
حفلة مناسبات في القاهرة، رقص، فجأة انهار البناء، من الغناء والرقص إلى العويل والبكاء، (( اللهم إنا أعوذ بك من فجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك ))
[ الجامع الصغير عن أبي نعيم ]
3 ـ الإكرام الاستدراجي:
الآن هناك حالة اسمها استدراج إذا رأيت الله يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره هذا الاستدراج:
﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56) ﴾
( سورة المؤمنون )
إذا رأيت الله يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه، اعلم علم اليقين أن هذا الاستدراج، عندنا الدعوة البيانية أكمل موقف أن تستجيب:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
( سورة الأنفال: من آية " 24 " )
عندنا التأديب التربوي أكمل موقف أن تتوب إلى الله، فإن دعاك الله دعوة بيانية فلم تستجب، وأدبك تأديباً تربوياً فلم تتب، هناك حالة ثالثة اسمها استدارج، إكرام استدراجي، الدخل كبير، الصحة طيبة، الضغط ثمانية، اثنا عشر، النبض ثمانون، عمل تحليلات كلها طبيعية، يوم بسهرة، ويوم بفندق، ويوم بملهى، ويوم قضية مختلطة، ويوم سفر، لا يعلم إلا الله ماذا يقترف في هذا السفر من معاص وآثام، هذا استدراج. أعظم شيء بحياة المؤمن أن تكون خلوته كجلوته وسره كعلانيته:
انتبه:
﴿ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56) ﴾
الآن المؤمن يخاف من محبطات الأعمال، لك عمل كالجبال:
(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))
[ ابن ماجه عن ثوبان ]
لذلك أعظم شيء بحياة المؤمن أن تكون خلوته كجلوته، وسره كعلانيته، وظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره، موحد، لذلك قال تعالى:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(264) ﴾
( سورة البقرة)
إياك ومحبطات الأعمال، كبر، استعلاء، من وأذى، لحم كتفك من خيري، مفضل عليك، ما هذا الكلام ؟ هذا الكلام ما قاله أحد من الصحابة الكرام. المؤمن مع المنعم لا مع النعمة:
هناك شيء آخر يا أيها الأخوة، أحياناً الإنسان يعجب بعمله، عند علماء القلوب أن تشيد بعملك نوع من الشرك.
(( ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي ـ ما قال فهديتكم ـ ))
[ رواه الدارمي عن أبي سعيد الخدري]
المؤمن مفتقر إلى الله عز وجل، المؤمن لا يرى عمله يرى فضل الله عليه، المؤمن مع المنعم لا مع النعمة.
(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه، مُعافى في جَسَدِهِ، عندهُ قوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها ))
[أخرجه الترمذي عن عبيد الله بن محصن ]
فالإعجاب بالعمل يعمل استعلاء، لذلك قال بعض العلماء: رُبّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً.
(( لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب ))
[شعب الإيمان عن أنس بن مالك ]
يا رب ما هذا الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال العجب العجب. كل عملك لا قيمة له مع الكبر والاعتداد بالذات و الاستعلاء على الخلق:
أن تعتد باستقامتك، أن تعتد بإيمانك، أن ترى نفسك فوق الآخرين، أن تزدري الآخرين، كنت أقول دائماً شخص عنده كيلو لبن أضاف له أربعة لترات ماء، وضعه بكؤوس مع الثلج صار شراب عيران رائع جداً، هذا الكيلو قبل أربعة لتر ماء، يقبل هذا الكيلو نقطة كاز واحدة ؟ انتهى، الكبر مثل الكاز يفسد العمل، كل عملك لا قيمة له مع الكبر، مع الاعتداد بالذات، مع الاستعلاء على الخلق، فلذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ))
[ رواه مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ]
لو لم تحسوا بذنوبكم، أحياناً الكبر أكبر ذنب: (( وَلجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ تَعالى فَيَغفِرُ لَهُمْ ))
[ رواه مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ]
والرواية الثانية:
(( لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب ))
[شعب الإيمان عن أنس بن مالك ]
الشرك نوعان ؛ خفي و جلي:
إذاً ينبغي أن نخاف من محبطات الأعمال، المحبطات الرياء، المحبطات الإعجاب بالعمل، المحبطات الشرك بالله:
﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) ﴾
(سورة الأنعام)
لا تقل مشرك، المشرك نوعان شرك جلي أن تقول بوذا إله، هذا عندنا غير موجود والحمد لله، لكن هناك شرك خفي أن يعتمد الإنسان على ماله، الدراهم مراهم تحل بها كل المشكلات، فعلق بمشكلة جلس بالمنفردة أربعة وستين يوماً، لأنه قال الدراهم مراهم، تفضل حلها، هناك أشياء لا تحل بالمال، حينما تعتمد على مالك نوع من الشرك، حينما تعتمد على إنسان قوي هو قريب لك نوع من الشرك:
(( لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لكان أبو بكر خليلي، ولكن أخ وصاحب في الله حتى يجمع الله بيننا ))
[ابن إسحاق عن بعض آل أبي سعيد بن المعلى]
اعتمد على الله، لا تعتمد على مالك ولا على من حولك، مثلاً إنسان يكون همه الأول ابنه، يسافر، ويتجنس، ويتزوج أجنبية، ويقطع الاتصال به ثمانية أعوام لأنه نسي الله وعلق أمله بابنه، لذلك بعض العارفين بالله قال: أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي، إما أن يسلس قيادها وإما أن تتعبك كثيراً بحسب قربك من الله.
4 ـ الخوف من عدم قبول العمل:
والخوف من عدم قبول العمل:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) ﴾
( سورة الفرقان)
هذا خوف أيضاً، يقول لي شخص ما شاء الله، الله يتقبل، العبر بالتقبل:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) ﴾
( سورة الفرقان)
أحياناً هناك خوف من الخذلان، الله يهمل، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ (46) ﴾
( سورة التوبة)
ارتباط النية مع الرغبة عند القيام بالعمل:
أنت تريد أن تأتي إلى الدرس لكن لا أريد أحداً أن يتكلم عليّ، تأتيك مشكلة قبل الدرس ويعطب الدولاب قبل الدرس، وتنشأ معك مشكلة قبل الدرس، ما في درس، أنت لست راغباً أن تأتي إلى الدرس:
﴿ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) ﴾
( سورة التوبة)
يقول والله ناوي أن آتي، ناوي لكن ما عندك رغبة كبيرة جداً:
﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) ﴾
( سورة التوبة)
الناس ثلاثة ؛ عالم رباني و متعلم على سبيل نجاة و همج رعاع:
يعني أنت هاتف محمول بصراحة إذا ما شحنته تطفئ الشاشة ويسكت، بقي مثل الناس يهتم لما يهتمون، ويفتن بما يفتنون، ويرغب بما يرغبون، وينسحق كما ينسحقون، وييأس كما ييأسون، وتتهاوى معنوياتهم كما تهاوت معنوياته، من هؤلاء الناس، الآية دقيقة جداً:
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
(سورة المائدة: 18 )
من هؤلاء الناس ؟ من القطيع، القول الرائع، الناس ثلاثة، عالم رباني، و متعلم على سبيل نجاة، و همج رعاع لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، فاحذر يا كميل أن تكون منهم.
ما الناس سوى قوم عبدوك، وغيرهم همجٌ همجُ.
والله الذي لا إله إلا هو الذي لا يعرف الله كالبهيمة، أنا لي مصطلح قاسٍ، دابة فلتانة، كتلة شهوات، أناني، على دنيئة، على مزح رخيص، على قسوة بالغة، على ظلم، على إجحاف، وحش فلتان، والمؤمن ملك، الخوف من الخذلان:
﴿ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) ﴾
( سورة التوبة)
5 ـ الخوف من سلب الإيمان:
الآن الخوف من سلب الإيمان، يعني ممكن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء أن يقول:
﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾
( سورة إبراهيم )
الله عز وجل على كل شيء قدير، الخوف من سلب الإيمان.
6 ـ الخوف من سوء الخاتمة:
الخوف من سوء الخاتمة: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع، يعني يعمل بعمل أهل الجنة منافق ليس من أهل الجنة، يعمل بعملهم مصالحه تقتضي أن يرضيهم، يصلي في بلده لأن الصلاة إجبار، أما إذا سافر إلى أوربا يفعل جميع الموبقات بلندن.
(( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل النار))
[رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ]
هذا الخوف من سوء الخاتمة.
7 ـ الخوف من الموت:
هو مصيبة المصائب الموت:
﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(8) ﴾
( سورة الجمعة)
أصعب ليلة أول ليلة في القبر، (( أن عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))
إنسان من أغنياء مصر، من كبار أغنياء مصر، وافته المنية، وأولاده سمعوا من بعض العلماء أن أصعب ليلة في القبر هي أول ليلة، فرجوا إنساناً فقيراً جداً يكاد يموت من الجوع أعطوه عشرة جنيهات لينام في هذه الليلة مع أبيهم في القبر (القصة رمزية)، جاء الملكان رأيا شخصين قال له عجيب، اثنان، يبدو الحي خاف فتحرك، فقال له: هذا حي وليس بميت، بدؤوا به أجلسوه، من شدة فقره أحضر كيس خيش، فتحه من مكان من أجل رأسه ومن مكانين من على الطرفين من أجل يديه وربطه بحبل، من شدة فقره، لا يملك من الدنيا إلا هذا الكيس وهذا الحبل، أيقظوه بدؤوا بالحبل من أين جئت بها ؟ قال: من البستان، كيف دخلت إلى البستان ؟ تلعثم، انهالوا عليه ضرباً حتى كادوا يقتلونه، الآن كيف دخل إلى البستان ؟ بعد هذا كيف أخذ الحبل ؟ بعد هذا من أين جاء بالكيس ؟ ففي صبيحة اليوم خرج من القبر وقال: أعان الله أباكم.
﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(8) ﴾
( سورة الجمعة)
الموضوع العلمي:
الحمام الزاجل:
أيها الأخوة الكرام، من منكم يصدق أن هذا الحمام الزاجل وكالة أنباء، الحمام الزاجل كأن الله عز وجل سخره لنقل الرسائل، بريد سريع، الحمام الزاجل يزيد عن خمسمئة نوع، يمتاز الحمام الزاجل بحدة الذكاء، والقدرة الفائقة على الطيران، والغريزة القوية التي يهتدي بها إلى هدفه وموطنه، هو حيوان مستأنس وأليف قال تعالى:
﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ﴾
( سورة يس الآية: 42 )
الحمام الزاجل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل:
من جعله حاد الذكاء ؟ من جعله أليفاً ؟ من أعطاه قدرة فائقة على الطيران ؟ من هداه إلى هدفه ؟ من جعله مستأنساً ؟ هذا الحمام الزاجل يقطع مسافة ألف كيلو متر من دون توقف، سرعته كيلو متر بالدقيقة، يعني ستين كيلو بالساعة، ألف كيلو متر بلا توقف، هذا الحمام الزاجل يلد في العام تسعة أزواج من الزغاغيل كل عام، هل أحد منا اشترى سيارة وجد بعد سنة أمامها سيارة صغيرة ؟ نور الدين الشهيد استخدم الحمام بين دمشق والقاهرة، حيث كان ينقل البريد، وكان اسم السلطان ينقش على منقار هذا الحمام، وكان له ورق خاص يحمله ينقل به الرسائل، هذا الورق وزنه خفيف، وكان يستخدم هذا السلطان ألفين من الحمام الزاجل لإرسال الرسائل إلى الأمصار.
الله تعالى يتولى بذاته العلية هداية هذا الطائر إلى مستقره:
الآن هولندا لما استعمرت بلد اسمه سومطرة بشرق آسيا بينهما سبعة عشر كيلو متر، استخدمت الحمام الزاجل قديماً لنقل الأوامر إلى هذه المستعمرة، سبعة عشر ألف كيلو متر، يعني الآن بالطائرات تهتدي بالأقمار الصناعية، الأقمار الصناعية تبث لكل طائرة بث مستمر موقع الطائرة وهناك إحداثيات، مرة كنت في قسم القيادة بالطائرة ساعة كبيرة جداً أي طائرة على بعد خمسين كيلو متر تظهر على شاشة هذه الساعة، أجهزة عالية الدقة، لكن لا يوجد طيار في الأرض يستطيع أن يطير بطائرة من دون هذه الأجهزة، فهذا الحمام الزاجل كيف يهتدي من هولندا أمستردام إلى سومطرة ؟ هناك بحار، هناك جبال، هناك صحارى، هناك سهول، الحقيقة هناك مجموعة فرضيات، أول فرضية قال: إن معالم الأرض طبعت في ذاكرة هذا الطائر، فجاء عالم ونقض هذه الفرضية، عصب عينيه فوصل إلى هدفه، التغت، هناك فرضية ثانية أن هذا الحمام يشكل مع الشمس زاوية يهتدي بها إلى موطنه، ألغيت النظرية كيف يطير ليلاً ؟ الطيران ليلاً ونهاراً ألغيت هذه النظرية.
هناك نظرية ثالثة قال: عنده جهاز رادار في دماغه يهديه إلى الهدف، أحضروا جهازاً كهربائياً وضعوه على رأسه يصدر ذبذبات لتشويش هذا الجهاز الذي خلقه الله، وصل إلى هدفه التغت الثالثة، ثم توقعوا أن يهتدي عن طريق الساحة المغناطيسية، جاؤوا بمغناطيس، وأعطى موجات تخالف الساحة المألوفة، فاهتدى إلى موطنه، الآن لا يوجد تفسير إطلاقاً، كيف عصفور يخرج من دمشق ويستقر في الشتاء في جنوب إفريقيا، يقطع سبعة عشر ألف كيلو متر ويرجع ؟ لو أخطأ بالزاوية درجة واحدة يأتي في بغداد درجة ثانية يأتي في القاهرة، يأتي إلى دمشق الصالحية إلى عرودك إلى البيت الثالث إلى الليوان إلى عشه، من هداه ؟ ما عاد في تفسير إطلاقاً إلا أن الله يتولى بذاته العلية هداية هذا الطائر، من هولندا إلى سومطرة سبعة عشر ألف كيلو متر، ينطلق من أمستردام ويصل إلى سومطرة ما في عنده أجهزة ولا إحداثيات ولا اتصال خارجي ولا أقمار صناعية.

التفكر في خلق السماوات والأرض يضعنا وجهاً لوجه أمام عظمة الله عز وجل:
أيها الأخوة الكرام، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾
( سورة طه)
أيها الأخوة، التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك وجهاً إلى وجه أمام عظمة الله عز وجل، وبقدر ما تعظم الله عز وجل تطيعه، بقدر ما تعظمه تصطلح معه، بقدر ما تعظمه تحبه، ومن أعجب العجب أن تعرفه ولا تحبه، ومن أعجب العجب أيضاً أن تحبه ثم لا تطيعه.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننطلق جميعاً بتفكيرنا لمعرفة الله من خلال الكون، الحمام الزاجل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-24-2018, 04:53 PM   #10


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقائق الايمان والاعجاز



بسم الله الرحمن الرحيم

حقائق الايمان والاعجاز

الدرس : ( العاشر )

الموضوع : لماذا يخاف الانسان - 5 - فوائد ذكر الموت - فوائد الموز




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. إدراك الفكرة شيء وأن يعيشها الإنسان شيء آخر:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس العاشر من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، والموضوع اليوم متعلق بالخوف، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، ولا أجمع على عبدي أمنين وخوفين، إن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة.
أيها الأخوة، الحقيقة الأولى الموت كفكرة مقبولة، كل مخلوق يموت، و لا يبقى إلا ذو العزة و الجبروت:
و الليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجـر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبــر

***

كفكرة تَقبُّل هذه الفكرة سهل جداً، أما أن يعيش الإنسان حدث الموت تنخلع له الرقاب، حدث مرة معي أني كنت ذاهباً إلى أستراليا، فتحت الانترنيت على الطقس في أستراليا فكان الجواب أن درجة الحرارة ثلاثة أربعة، كانت الحرارة في الشام تقدر بست و أربعين درجة لأن الصيف هنا وهناك شتاء، أنا أعيش الحر، أعيش الحر الذي لا يحتمل وأما ثلاثة أربعة فكرة، يبدو أن الواقع أقوى من الفكرة، لم آخذ معي إلا ألبسة صيفية، فلما وصلت إلى هناك وكان عندي درس الفجر في جامع لاكامبا، أصابني برد ما ذقته في حياتي، فاشتريت الألبسة الصوفية هناك، وكل ما يحتاجه الإنسان في أشد حالات البرد، هذه الحادثة علمتني شيئاً كثيراً، الفكرة شيء والواقع شيء آخر، كلنا نقول سنموت لكن في إحساس أن القضية مطولة، عمري ثلاثون سنة مثلاً، هذا أربعون، هذا خمسون، لكن لما لا سمح الله ولا قدر يأتي عرض يدنيه من الموت ينخلع قلبه.

ذكر الموت لجام النفس المبتعدة عن الله عز وجل:
لذلك الإنسان بعد أن يؤمن بالله عز وجل الإيمان الصحيح ومعه منهج، حينما تعانده نفسه، حينما تأبى عليه طاعة الله عز وجل، حينما تدفعه إلى شيء لا يرضي الله الذي يلجمها هو الموت، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ مفرق الأحباب ـ مشتت الجماعات ))
[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر ]

(( وإن أكيسكم أكثركم للموت ذكراً، و أحزمكم أشدكم استعداداً له، ألا و إن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود، و التزود لسكنى القبور، و التأهب ليوم النشور ))
[ابن مردويه والبيهقي عن أبي جعفر المدايني[
لذلك حينما تعاندك نفسك، حينما تتأبى أن تخضع لشرع الله، حينما تغرم بالدنيا، حينما تنكب عليها، حينما تؤثر لذة على طاعة الله، حينما تؤثر سهرة لا ترضي الله على مجلس علم، حينما تؤثر دخلاً مشبوهاً كثيراً على دخل قليل وفق منهج الله، حينما تتأبى النفس أن تخضع لحكم الله:
(( أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ مفرق الأحباب ـ مشتت الجماعات ))
[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر ]
تذكر الموت من أفضل الوسائل الفعالة على حمل النفس على طاعة الله:
أيها الأخوة، صدقوا أن برنامج تذكر الموت من أفضل الوسائل الفعالة على حمل النفس على طاعة الله
يعني الإنسان كل يوم يدخل إلى المسجد ليصلي، لكن هل فكر بشكل جاد وجريء أنه في أحد الأيام سيقرأ الناس نعوته، ماذا أعددت لهذه الساعة ؟ تدخل إلى المسجد من أجل أن تصلي وهل فكرت أنه في أحد الأيام ستدخل المسجد في نعش ليصلى عليك الصلاة الأخيرة، كل يوم تخرج من البيت على قدميك فكرت بيوم توضع فيه بالنعش و لن تعود ؟ هذه حقائق، لا يوجد حقيقة صارخة واضحة جلية بينة أكيدة يقينية كالموت، بل إن العلم بالموت هو علم اليقين، والدليل:

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ﴾
( سورة التكاثر ).
ولا يقول الواحد أنا شاب، الموت لا يعرف عمراً، ولا صحة، ولا مرضاً، ولا غنىً، ولا فقراً، ولا قوة، ولا ضعفاً:
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس وإن تمنعت بالحجاب و الحــرس
فما تزال سهام الموت نافـــذة في جنب مدرع منها ومتـــرس
أراك لست وقافاً ولا حــــذراً كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكـها إن السفينة لا تجري على اليــبس
***

أحد كبار علماء دمشق الكبار حدثني أحد طلابه الأعزاء قال لي: كان شيخنا يزور قبره كل خميس لسنوات عديدة قبل أن يموت، اشترى القبر والشاهدة كتب عليها أما التاريخ فارغ، كل خميس يزور هذا القبر، أحد الصالحين حفر في صحن داره قبراً، وصار يضطجع فيه كل يوم خميس، ويتلو قوله تعالى:
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾
(سورة المؤمنون).
فيخاطب نفسه ويقول: قومي لقد أرجعناك. من عدّ غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت:
أيها الأخوة، والله نصحت نفسي قديماً وهذا فعلته وأنصحكم الآن أن تكثروا ذكر هادم اللذات، مفرق الأحباب، مشتت الجماعات
أنا قبل سنة أو أكثر بعض الأخوة الكرام وأنا أحبهم والله وأكبرهم صلى أحدهم الظهر إماماً وكان بعد العصر تحت التراب، خلال شهرين أو ثلاثة بعض الأخوة الكرام، بعضهم يعمل في المساجد، بعضهم يعمل في أعمال طيبة، لكن الظهر صلاه حاضراً وبعد العصر كان تحت التراب، لذلك قالوا: ومن عدّ غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت.
أيها الأخوة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر))
[ مسلم عن أبي هريرة ].
طول الأمل أحد أكبر الأخطار النفسية:
أحد أكبر الأخطار النفسية طول الأمل
والقصة التي رويتها عشرات المرات التقيت مع شخص، والله بشكل مختصر حدثني عما سيفعل في عشرين سنة قادمة يريد أن يسافر، وقد طلب إعارة للجزائر، ووافقوا له، قال لي: لا أريد الرجوع في الصيف، أريد أن أمضي صيفاً في باريس، وصيفاً في إسبانية، وصيفاً في إيطالية، وصيفاً في بريطانية، قال لي: أريد أن أرى البلاد، وأرى متاحفها، وأرى ريفها، و حضارتها، وبعد خمس سنوات أرجع فأقدم استقالتي وآخذ التقاعد، وعندما آتي أكون قد حصّلت مبلغاً من هذا السفر، افتح محل تحف، ويكون أولاده قد كبروا، والله حدثني عن عشرين سنة قادمة، وانتهى اللقاء، وفي المساء قرأت نعوته في اليوم نفسه:

و الليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجـر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبــر
***

و كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يومـاً على آلة حدباء محمول
فإذا حملت إلى القبـور جنــازة فاعلم بأنك بعدهــا محمول
***

الموت ينهي كل شيء:
الحديث الآخر:
(( أكثروا ذكر هاذم اللذات، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه‏))
[ البزار عن أنس ].

الذي معه ملايين مملينة لن يأخذ معه إلا الكفن وقماش رخيص جداً، والذي يعاني ما يعاني الموت تحل به المشكلة، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ينهي غنى الغني ، وفقر الفقير، ينهي صحة الصحيح، ومرض المريض، ينهي وسامة الوسيم، ودمامة الدميم، ينهي كل شيء، إذاً:
(( فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه‏))
[ البزار عن أنس ].
(( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة فقام رجل من الأنصار: يا نبي الله من أكيس الناس وأحزم الناس؟ ـ أي من أعقل الناس وأكرم الناس ؟ـ قال: أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة ‏))
[ الطبراني عن ابن عمر].
(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))
[ أخرجه ابن ماجه عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ] .
كان سيدنا عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، ويتذاكرون الموت، والقيامة، والآخرة، ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة. العاقل من أعدّ لساعة الفراق و أكثر من ذكر الموت:
مرة والله أيها الأخوة، شيعنا أحد الأخوة الكرام لما وضع في القبر، ووضعت فوق الفتحة الحجر الذي يغطيها، ثم أهيل التراب عليه
والله الذي لا إله إلا هو ما وجدت على وجه الأرض إنساناً أعقل ممن يعد لهذه الساعة التي لابدّ منها.
قالت صفية رضي الله عنها:
(( إن امرأة اشتكت إلى عائشة رضي الله عنها قساوة قلبها ـ يقرأ الإنسان قرآناً لا يبكي، يسمع موعظة مؤثرة لا يبكي، قسوة قلب ـ فقالت لها: أكثري ذكر الموت يرق قلبك، ففعلت فرق قلبها ))
[ إحياء علوم الدين عن صفية ].
معنى فلان قلبه رقيق أي دمعته جاهزة، يقرأ القرآن الكريم يبكي، بالصلاة يبكي، يشعر بخشوع، يدعو الله عز وجل يشعر بميل إلى الله، معنى ذلك أن القلب حي، أما إذا ما شعر بشيء إطلاقاً لا بصلاته، ولا بدعائه، ولا بقراءته، ولا بذكره، ولا على أثر خطبة، ولا على أثر درس، نقول: قلبه قاس. دواء قسوة القلب:
رجل سأل عالماً ما دواء قسوة القلب ؟ فأمره بعيادة المرضى، وتشييع الجنائز
كلكم شيع جنازة، يوضع النعش على قبرين، يرفع الغطاء، يحمل الميت، يوضع في القبر، توضع البلاطة، يهال التراب، والملف انتهى إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها.

(( فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار ))
[الجامع الصغير].
في كتاب الإحياء كلمة دقيقة، الإمام الغزالي يخاطب نفسه يقول يا نفس، لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ طبيب إنسان يحمل شهادة عليا قال له: الملح لا يناسبك، والطعام من دون ملح لا طعم له، يدع الملح كلياً، هكذا قال الطبيب.
يا نفس، لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً فما أجهلك، أيكون وعيد الطبيب، الوعيد مرض، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله ؟ جهنم إذاً ما أكفرك.
فكل إنسان يعصي الله مدموغ بالجهل والكفر. من عاش تقياً عاش قوياً:
أيها الأخوة الكرام، أنا في بداية هذا الدرس ذكرت لكم أن إدراك الفكرة شيء وأن تعيشها شيء آخر
من الناحية الإيجابية، أن تقرأ كلمة ثلاثة وعشرين مليار دولار بين أن تنطق بها وبين أن تملكها مسافة كبيرة جداً، هي المسافة بين إدراك الفكرة وبين أن تعيشها، هذا بالإيجابيات، وبين أن تقول سرطان وأنت مرتاح وبجلسة وهناك مزاح وضحك و سرور، و بين أن تشعر بورم وتأخذ خزعة، وذهبت هذه الخزعة إلى محلل، وجاءت النتيجة إيجابية ورم خبيث ماذا يصبح معه ؟ قال طبيب لمريض أنت معك سرطان تعيش أربعة أشهر فقط، دبر أمورك، و أنهِ أعمالك، مات في اليوم الثاني ما تحمل أربعة أشهر.
يا أخوان كلام دقيق كلكم شباب الله يمتعكم بالشباب والعافية والصحة، لكن عيشوا المستقبل، من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، أنت شاب الآن اطلب العلم، أطع ربك، احضر دروس العلم، اقرأ القرآن، اعمل الأعمال الصالحة، حتى بوقت خريف العمر تجد نفسك في بحبوحة.
مرة زرت والد صديقي في العيد، عمره ست وتسعون سنة، جلس معي بينما يأتي ابنه، قال: يا عم أنا في السادسة و التسعين عملنا البارحة تحليلاً كاملاً، قال والله بكل عمري ما أكلت قرشاً حراماً ولا أعرف الحرام، حرام النساء و حرام المال. من عاش تقياً عاش قوياً.
هناك عالم بهذه المدينة الطيبة بدأ بالتعليم في الثامنة عشرة من عمره، وتابع التعليم الديني حتى الثامنة والتسعين، علم ثمانين سنة كان إذا رأى شاباً يقول له: أنت كنت تلميذي يا بني، وكان أبوك تلميذي، وكان جدك تلميذي، تروي الروايات أنه كان منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، يُسأل يا سيدي ما هذه الصحة ؟ يقول يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر من عاش تقياً عاش قوياً.
التفكر بالموت ينقل معنى الموت من الشعور الطارئ إلى اللاشعور المستمر:
أنا قلت الموت كفكرة سهل قبولها أما أن تعيش الموت، الآن عندنا بالحياة النفسية الشعور واللاشعور، أحياناً تقرأ موضوعاً تشعر أبعاده، تقرأ قصة قد تتألم، هذا الشعور أما اللاشعور شيء مستمر، فالتفكر بالموت ينقل معنى الموت من الشعور إلى اللاشعور، اللاشعور مستمر، أما الشعور طارئ، الإكثار من ذكر الموت ينقل مفهوم الموت من الشعور إلى اللاشعور، قال ابن السماك: بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكة في البحر، فخرج فيها جمجمة لإنسان، أحياناً أنا أدخل لمتحف أرى جمجمة، يا ترى هذا من كان، عالم، جاهل، غني، فقير، وسيم، دميم، عمله صالح، عمله طالح، أسئلة ترد، فرأى جمجمة، فنظر إليها وبكى وقال: عزيز لم تترك لعزك، لو كنت في الدنيا عزيزاً لم تترك لعزك، غني لم تترك لغناك، فقير لم تترك لفقرك، جواد لم تترك لجودك، شديد لم تترك لشدتك، عالم لم تترك لعلمك، وجعل يبكي.
إن كان عزيزاً الموت أنهى عزه، وإن كان قوياً، وإن كان غنياً، وإن كان شديداً، الموت ينهي كل شيء.
الموت يسرع خطاك إلى الله سرعة مضاعفة ويمنعك أن تنزلق يمنة أو يسرة:
أيها الأخوة، قيل: من الحماقة الشديدة أن يذكر الموت عند إنسان ويستبعده عن نفسه، يقول لك مسكين مات، أنت لست مسكيناً ؟ كأنه هو مات لوحده، مسكين مات، أنت لست مسكيناً ؟ أنت لن تموت ؟ قال: إذا ذكر الموت فعد نفسك كأحدهم، سيدنا عمر يقول: كل يوم يقال مات فلان وفلان ولابدّ من يوم يقال فيه مات عمر.

يعني دخول المقابر، مشاهدة المرضى، أن ترى ميتاً يغسل أمامك، النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( أكثروا من ذكر هادم اللذات ))
[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ].
شخص لو سأل نفسه أنا أين أموت ؟ في بيتي، في الطريق، في مستشفى، في السفر، أين يغسلوني ؟ في المطبخ، الصالون، غرفة الجلوس، يا ترى بعد أن أموت ماذا يصبح مع أولادي ؟ يتنافسون، يتعاونون، هذه الأفكار اجعلها تأتيك كل يوم حتى تستعد للموت، يقول بعضهم: والله لولا الموت لكنت بالدنيا مسروراً، ولولا ما نصير إليه من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا، ثم بكى بكاءً شديداً حتى ارتفع صوته.
أنا لا أطلب منك أن تبكي دائماً، لكن الموت، كنت مرة في مدينة اسمها شيكاغو، بالمطار يوجد شريط متحرك، خاطرة جاءتني، وقفت على الشريط هو يمشي، هو يمشي و أنا واقف عليه، فلما مشيت عليه و هو يمشي تضاعفت سرعتي، شيء جميل وأنا ماشي صارت سرعتي الضعف، وجدت على طرفي هذا الشريط حاجزين، سبحان الله كيف ربطت بين هذا المنظر وبين الموت، الموت له ميزة يسرع خطاك إلى الله سرعة مضاعفة، ويمنعك أن تنزلق يمنة أو يسرة، هذا الشريط يسرع الخطا إلى الله، ويمنعك أن تنزلق يمنة ويسرة، إذا شخص فكر بالموت لا يدرس ؟ لا، يدرس، يأخذ دكتوراه، يعمل مشروعاً صناعياً ضخماً، والله هناك أخوة كرام أعمالهم الدنيوية للآخرة، أنا أؤمن فرص عمل، عندي ثمانون عاملاً، اعمل معملاً، واعمل مصنعاً، وكن طبيباً، وكن أستاذ جامعة، وكن شخصاً مهماً، وانفع المسلمين، الموت لا يمنعك أن تكون هكذا، الموت يمنعك أن تعصي الله فقط، الموت ليس مناقضاً للحياة، بالعكس مسرعاً للتفوق في الدنيا، ادرس لتأخذ شهادة عليا لتكون قوة للمسلمين، لا يوجد مانع، فكل دراستك في سبيل الله، بحياة المؤمن لا يوجد دنيا وآخرة، هناك حياة كلها لطاعة الله:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا (77) ﴾
(سورة القصص).
من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء ومن نسي الموت عوجل بثلاثة أشياء:
قال بعض العلماء: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء، تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ساكن في بيت مساحته تقدر بتسعين متراً الحمد لله مأوى، مدفئ في الشتاء و هناك مروحة بالصيف، يوجد طعام، هناك غرفة نوم، غرفة جلوس، مطبخ، الدنيا ليس لها نهاية والموت ينهي كل شيء، من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء، تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة أشياء تسويف التوبة، هلك المسوفون، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة.
الموضوع العلمي:
أيها الأخوة، ننتقل إلى موضوع علمي.
الموز و فوائده:
في بعض البلاد النامية تستورد أدوية بشرة ثمانية أمثال حاجتها، وهناك ضعف ثقافة بالتغذية كبير، وقع تحت يدي بحث عن فاكهة الموز، والموز متوافر والحمد لله، كان سعر الكيلو قديماً مئة وخمسة وسبعين ليرة، صار بثلاثين ليرة، فبائع الموز يقول: الله لا يذل عزيزاً، بالموز مادة مضادة للكآبة
هناك ثلاثة أنواع من السكريات، سكروز، وسكر فواكه، وغلوكوز، مع أليافها، موزتان في اليوم تزودان الجسم بطاقة للقيام بتمارين رياضية شاقة لتسعين دقيقة مستمرة فهي الأولى للرياضيين.
الموز فيه مادة عالية من الحديد مضادة لفقر الدم، الذي يعاني من فقر الدم الموز فيه نسبة عالية من الحديد، وهذه الفاكهة فيها نسبة عالية من البوتاسيوم، لذلك أكل هذه الفاكهة يكافح ارتفاع الضغط، هناك دراسة شملت مئتي طالب تمّ إعطاءهم الموز في وجبة الإفطار، فأثبتت هذه الدراسة أن هذه الفاكهة الغنية بالبوتاسيوم تقوم بتحفيز القدرة الدماغية عند الطلاب، عفواً أقل علبة دواء ثمنها مئات الليرات، لو عندك ثقافة غذائية قوية جداً تستغني بالغذاء عن الدواء، والغذاء أرخص من الدواء بكثير ولذيذ.
الموز يحتوي على مستوى عالٍ جداً من الألياف، وهذه الألياف تلغي مرض الإمساك، فهناك خمسون مرضاً يسببها الإمساك، الموز يلغي الإمساك كلياً.
الموز معدل لحموضة المعدة، الذي عنده آلام من حموضة المعدة فالموز معدل، والمرأة الحامل التي تعاني من غثيان أثناء الحمل بالموز مواد مهدئة مضادة للغثيان، والذي يلسعه البعوض كثيراً قشرة الموز من الداخل افرك بها مكان عضة البعوض الورم يزول فوراً، مرة كنت بمركز ثقافي ألقي محاضرة ومن فقرات المحاضرة الحديث عن البعوض، هناك شخص علماني أحب أن يهزأ من الدين كله، قال لي: بالإسلام حديث إذا سقطت ذبابة في إناء أحدكم فليغمسها كلها في أحد أجنحتها الداء وفي الثاني الدواء، هو يقولها مستخفاً قال لي هل ينسحب هذا على البعوضة أيضاً ؟ قلت له: إذا أقنعك طبيب أن تأكل التفاح بقشره هل ينسب ذلك على قشر البطيخ الأخضر ؟
الموز الفاكهة النيئة الوحيدة التي يمكن أن تؤكل بكل الحالات المرضية:
الإنسان مع ضغط العمل يميل إلى أكل السكريات والموز يخفف هذه الشهوة لأكل السكريات، له علاقة بزيادة الوزن
ويستخدم الموز لمعالجة قرحة المعدة، قوامه ناعم، وهو الفاكهة النيئة الوحيدة التي يمكن أن تؤكل بكل الحالات المرضية، والموز يساعد على خفض درجة حرارة الجسم، والموز يخفف من الاضطرابات العاطفية، بسبب مادة تربوتفان هذه المادة تخفف من اضطراب العاطفة، والذين يقلعون عن التدخين يحتاجون إلى فيتامين B6 و B12، وهذان النوعان من الفيتامينات متوافرة في الموز، يعين على الإقلاع عن التدخين، والبوتاسيوم في الموز يعين على النظم القلبي، إن كان هناك اضطرابات بالنظم القلبي، أو خوارج انقباض، أو أشياء كثيرة بالنظم القلبي، فالبوتاسيوم في الموز يسهل ضربات القلب بشكل منتظم، وهو يعين على الآلام المرافقة للدورة الشهرية.
الذين يأكلون الموز أبعد من غيرهم عن السكتات القلبية، والاحتشاء القلبي.
إطلاع الإنسان على بعض مركبات الغذائيات يجعله يعدل عن الدواء إلى الغذاء:

هذا بحث علمي وقع تحت يدي عن الموز، لذلك أنا أتمنى أن نأخذ فكرة اقتنوا بعض الكتب حول تركيبات الغذاء الذي نأكله، ويمكن أن تعدل عن الدواء إلى الغذاء، مرة تحدثت عن الزنجبيل، المفاجأة التي لا تصدق أن كل أدوية القلب مجموعة في الزنجبيل، الزنجبيل فيه مادة مقوية للقلب، ومادة تعين على انتظام النبض، ومادة موسعة للشرايين، ومادة مميعة للدم، هذه أدوية أمراض القلب، مميع، موسع، مقوي، يعين على انتظام ضربات القلب، كل هذه الأدوية في الزنجبيل، فإذا الإنسان اطلع على بعض مركبات الغذائيات يعدل عن الدواء إلى الغذاء.


والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الايمان, دقائق, والاعجاز


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الايمان باليوم الاخر السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 10 09-06-2018 01:22 PM
[ذائقة نورانية] رسائل الايمان السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 33 11-10-2017 02:20 PM
ثمرات الايمان الدنيا فناء رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 5 10-12-2016 08:24 PM
حقائق عنك أنت عطر الحياة رِيَاضُ YouTube الْعَام 2 07-12-2016 01:02 PM
حقائق عن الانترنت منال نور الهدى ريَاض شَبَكَة الأنترْنَت و مَواقِع التوَاصُل الإجتِمَاعِي 2 12-20-2015 06:29 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 06:34 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.