سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات
منال نور الهدى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) منال نور الهدى : (حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ) منال نور الهدى : (اجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً) منال نور الهدى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) منال نور الهدى : (رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07-17-2018, 01:31 PM   #51


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: التربية الإسلامية -علم القلوب



بسم الله الرحمن الرحيم

التربية الاسلامية - علم القلوب

الدرس : ( الواحد و الخمسون )

الموضوع : تفسير آيات من سورةالمؤمنون






الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. من طابق مقياسه مقياس القرآن الكريم كان هو المتفوق الحقيقي :
أيها الأخوة: لكل منا مقياسٌ للتفوق؛ فمن طابق مقياسه مقياس القرآن الكريم, كان هو المتفوق الحقيقي, ومن توهم تفوقاً ما أقره القرآن الكريم, كان هو الخاسر الحقيقي, فربنا عز وجل يقول:
﴿فَذَرْهُمْ﴾
[سورة المؤمنون الآية:54]
دعهم: ﴿فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ﴾
[سورة المؤمنون الآية:54]
إنسان غارق في أوهام, غارق في ضلالات, غارق في شهوات, غارق في انحرافات: ﴿فَذَرْهُمْ﴾
إن لم يستجيبوا لك فذرهم: ﴿فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ* أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ* نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾
[سورة المؤمنون الآية:54-56]
المال الوفير و الذرية النجيبة ليست دليل محبة الله عز وجل للعبد :
الآن: معظم الناس إذا آتاه الله المال الوفير, والذرية النجيبة, ظنّ أن الله يحبه حباً جماً:
﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ* نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾
[سورة المؤمنون الآية:55-56]
لعلهم ليسوا كما يريد الله عز وجل: ﴿) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) ﴾
[سورة المؤمنون الآية:57-61]
مقاييس التفوق هي الخشية والخوف والإيمان الصادق وعدم الإشراك :
الآن كم إنسان في هذا العصر يعد معرفة الله, والخوف من الله, والحرص على طاعة الله, هو التفوق؟ يقول لك: أبداً؛ القوة, والمال, والسيطرة, والنجاح المادي هو التفوق.
فربنا عز وجل يصحح لنا المفاهيم؛ لا تغتر بهؤلاء الذين أمددناهم بأموال وبنين, هذا ليس هو الخير؛ الخير أن يخاف الإنسان ربه, والخير أن يسارع في الخيرات, والخير أن يعمل الصالحات, لكن الشيء المحسوس هو الطاغي.
دائماً الآخرة غيب, كلام؛ كلامٌ في القرآن الكريم, أما الشيء الذي أمامك فتراه العين, الشهوات المحسوسة؛ ترى البيت الفاخر, المركبة الفارهة, المال الوفير, الطعام الطيب, المرأة الحسناء, هذه كلها محسوسة, أما الآخرة فخبر, غيب. القرآن يخبرك أن هناك آخرة, و جنة و نار للأبد, وهناك حساب و عذاب.
فالإنسان عليه أن يجعل مقياس التفوق كما في القرآن الكريم؛ الخشية, والخوف, والإيمان الصادق, وعدم الإشراك, والإخلاص:
﴿يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾
[سورة المؤمنون الآية:60]
يخاف ألا يقبل مع أن العمل طيب, لكن يخاف ألا تكون النية كذلك. من شروط العمل المقبول الإخلاص و الصواب :
العمل -كما تعلمون- لا يُقبل, إلا إذا كان خالصاً وصواباً؛ خالصاً: ما ابتغي به وجه الله, وصواباً: ما وافق السنة؛ لكن هذا الإيمان, وهذه الخشية, وهذا الإشفاق, وعدم الشرك, والعمل الصالح, والإخلاص, هذا من ضمن طاقة الإنسان:
﴿وَلَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾
[سورة المؤمنون الآية:62]
الشيء غير الواقعي الإنسان لا يبتغيه. الابتعاد عن الخيال في الدين :
هناك أخطاء كثيرة في السيرة, أو في التاريخ الإسلامي، أن أبا حنيفة النعمان -رضي الله عنه- أربعون سنة صلى الفجر بوضوء العشاء.
هذا كلام يُيَئس, غير معقول! إذا الإنسان لم ينم يوماً يختل كل كيانه. فإذا أعطيت إنساناً صفة ليست واقعية, معنى هذا أنت تُيَئس الناس من دين الله عز وجل.
هناك سحبات كثيرة في حياة العلماء السابقين، أنا أعتقد ليس لها أصل؛ النبي نام, وقام, وصلى, وصام, وأفطر, فإذا قال سيد الخلق - لا يوجد إنسان محبته لله تفوق محبة النبي-: أشدكم لله خشية أنا:
(( فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ))
[ أحمد عن عائشة]
فإذا بيّن الإنسان للناس أنه يفعل شيئاً غير واقعي, الناس لن تصدقه, أصبح الدين شيئاً خيالياً, غير واقعي, لكن لا؛ نم, واستيقظ, واعمل, واكسب مالاً, وأنفقه في سبيل الله: ﴿وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) ﴾
[سورة المؤمنون الآية:62-66]
من آمن بالآخرة لزم طريق الاستقامة :
الشيء الثاني: أن هذه الحياة ليست مستمرة, إنها منقطعة, الشيء المستمر هو الآخرة، فكل إنسان يعيش لحظته, وينسى هذه الحياة الأبدية, أيضاً ضلّ ضلالاً مبيناً, والإيمان بالآخرة يعكس المقاييس مئة وثمانين درجة؛ إذا آمنت بالآخرة فعلاً ترى العطاء هو المكسب, وإذا ضعف الإيمان بالآخرة ترى الأخذ هو المكسب؛ وشتان بين من يرى أن العطاء هو المكسب وهو التفوق, وبين من يرى أن الأخذ هو التفوق.
النقطة الدقيقة:
﴿وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾
[سورة المؤمنون الآية:74]
إذا آمنت بالآخرة فلا يمكن أن تعصي الله, أما إن لم تؤمن, فستنحرف, إذا كانت هذه الحياة الدنيا: ﴿نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾
[سورة المؤمنون الآية:37]
معنى هذا أن القوي يأكل الضعيف, والغني يعيش حياة ناعمة على حساب الفقير, أما إذا كان هناك إيمان بالآخرة فالإنسان يلزم سبيل الاستقامة, ولا يحيد عنها أبداً.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-17-2018, 01:34 PM   #52


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: التربية الإسلامية -علم القلوب



بسم الله الرحمن الرحيم

التربية الاسلامية - علم القلوب

الدرس : ( الثانى و الخمسون )

الموضوع : مقياس المؤمن من خلال صفات المؤمنين من القران







الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
النبي الكريم قدوة لنا ينبغي أن نتأسى به :
أيها الأخوة: ربنا جل جلاله: يذكر لنا في قرآنه الكريم قصص الأنبياء.
هناك مفهوم خاطئ مؤداه: أنه كلما قلت لإنسان: هذا النبي العظيم فعل كذا وكذا, يقول: لا, أنا لست نبياً, كأن هناك فصلاً بين حياة المؤمنين وبين حياة الأنبياء, من قال لك إنك في مرتبة هذا النبي؟ لكن هذا النبي قدوة لنا؛ يجب أن تقتدي به, وأن تتأسى به, وأن تكون الآيات التي ذكرها الله عنه نبراساً لك في طريقك إلى الله.
فربنا عز وجل في سورة الأنبياء ذكر عدة أنبياء, سيدنا أيوب مثلاً:

﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾
[سورة الأنبياء الآية:83-84]
هناك إنسان لا يوجد عنده مشكلة؛ المشكلة, والضر, والابتلاء من لوازم الحياة؛ إن هذه الدنيا دار ابتلاء, إنا كنا مبتلين.
فهذا النبي الكريم وقف هذا الموقف من هذا البلاء, فدعا الله عز وجل, لو كل شخص منا كلما ألمَّ به شيء بادر إلى الصلاة، لكنا في حال غير هذه الحال.
كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة.
قصص الأنبياء علينا أن نتخذها نبراساً في علاقتنا مع الله عز وجل :
الله عز وجل جعل من الدعاء سبباً لتقوية العقيدة، أنت تؤمن أن الله فعال, بيده كل شيء, ومعك أينما كنت؛ لكن عندما تساق مشكلة, وتستجير بالله منها, وتنكشف عنها بشكل استثنائي, وشكل ملفت للنظر, تشعر أن كل شيء بيد الله عز وجل. فالله عز وجل يريدك أن تؤمن به إيماناً كاملاً, أحد وسائل أن يزداد إيمانك به تساق لك مشكلة, أو شبح مشكلة, تفزع أنت إلى الدعاء, فتنكشف بشكل ملفت للنظر, بشكل استثنائي.
فهذه القصص نبراس لنا؛ هناك مشكلات اجتماعية, مشكلات اقتصادية, ومشكلات صحية.
مثلاً: الطالب في الجامعة له مشكلة, الباحث عن وظيفة له مشكلة, العامل في التجارة له مشكلة, لماذا الدعاء يجب أن يكون إفرادياً؟ ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا بشكل إفرادي.
مرة ذكرت مثلاً طالب جامعي عنده مادة صعبة جداً, وأستاذها لا يرحم أحداً, ومتوقف تخرجه عليها, وتاجر عنده بضاعة متوقفة بالجمرك, عليها مشكلة كبيرة, وإذا لم تتخلص فهناك خسارة كبيرة جداً, وامرأة لم تنجب, وزوجها يفكر في تركها, وتطليقها, هل هناك دعاء يجمع بين هؤلاء؟ لا يوجد.
إذا قلنا لهم: ادعوا؛ هذه تطلب من الله ولداً, وهذا يطلب من الله تيسيراً, أو تخليص هذه البضاعة, وهذا الطالب يطلب من الله التوفيق في أداء الامتحان, لأن كل إنسان له حاجات, وهناك مريض معه مرض مستعص, يرجو الله أن يشفيه منه.
فالعبرة: القصص -قصص الأنبياء-يجب أن نتخذها نبراساً في علاقتنا مع الله عز وجل.

بطولة الإنسان لا أن ينجو من المشكلة ولكن أن يقف منها الموقف الكامل :
هذا النبي الكريم, سيدنا أيوب قال:
﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة الأنبياء الآية:85]
معنى هذا أن المصيبة قد تصيب نبياً, أحد خصائص الحياة الدنيا أنها مفعمة بالابتلاء, لا بد من أن تبتلى.
فقلت لواحد من الناس قبل يومين عنده مشكلة, قلت له: البطولة لا أن تنجو من مشكلة, ولكن البطولة أن تقف منها الموقف الكامل.
النبي وقف موقفاً؛ اتهمت زوجته بالزنا, مات ابنه إبراهيم, افتقر, لا يوجد شيء يأكله:
(( هل عندكم شيء ؟ قالوا : لا، قال : فإني صائم ))
[ مسلم عن عائشة ]
بالطائف هناك مشكلة كبيرة جداً؛ اتهم, وضرب, وسخر به, وكذب.
فلا يوجد إنسان نفد من مشكلة. فأنت عندما يتوسع أفق تفكيرك, تشعر أن المشكلة أحد أسباب تقوية إيمانك, الله عز وجل لأنه يحب المؤمن يستخدمه شاء أم أبى.
أنت لم تنوِ أن تدعو لله عز وجل؛ لكن أنت فقير, يأتيك مبلغ ضخم, لكن فيه شبهة ترفضه, رفضك للمبلغ, وأنت في أمس الحاجة إليه دعوة دون أن تشعر, يأتي مرض -لا سمح الله- تجده صابراً, راضياً عن الله, إذا دخل عليه إنسان يستحي بحاله, هو لا يوجد عنده مشكلة, ومقصر, وهذا بالمرض متفوق. فالله عز وجل يجعل المؤمن دعوة شاء أم أبى:
﴿وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾
[سورة الأنبياء الآية:86]
التوجه إلى الله ينجي الإنسان من الهم و الكرب :
الإنسان عندما يقرأ قوله تعالى:
﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً﴾
[سورة ص الآية:43]
الإنسان يصبر لوجه الله, يحتسب لوجه الله, يضبط أموره, لا يشكو همه لأحد: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
[سورة يوسف الآية:86]
أنا أتحدى إنساناً في الأرض لا يوجد عنده مشكلة؛ إما من طرف بيته, أو من أولاده, أو من زوجته, أو من عمله, أو من صحته, أو من مكانته, أو من شخص أعلى منه يكيده, يجب أن يصبر؛ لكن ربنا علمنا أن نفزع إلى الدعاء: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة الأنبياء الآية:87-88]
والله أيها الأخوة هذه الآية تملأ قلب المؤمن طمأنينة؛ في أي مكان, في أي زمان, في أي حال, في أي وضع, إذا أنت توجهت إلى الله ينجيك من كل كرب. البشر كلهم خلقوا لجنة عرضها السموات والأرض :
أحد أسباب سكينة المؤمن أنه يعيش مع الله, ويعيش مع أنبيائه.
الآن: أنت لو سألت كافراً أو ملحداً, كل حياته: زوجته, وأولاده فقط, وجماعته, أما المؤمن فممتد الجذور إلى سيدنا آدم, هؤلاء أنبياء كرام, تعيش أنت معهم؛ بتجاربهم, بإقبالهم, بمحنهم, بإكرامهم، هذه:

﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾
[سورة الأنبياء الآية:88]
أصبحت قانوناً: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
[سورة الأنبياء الآية:89-90]
ألا ترى هذه الأوصاف: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ * وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ * إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾
[سورة الأنبياء الآية:90-92]
كل البشر مدعوون إلى الله, كل البشر مطلوبون إلى الله, كل البشر خلقوا لجنة عرضها السموات والأرض, هذه تفريقات البشر مفتعلة, ما أنزل الله بها من سلطان؛ تقسيمات عرقية, وتقسيمات إقليمية, وتقسيمات جنسية, وتقسيمات قبلية, وتقسيمات طائفية, هذه التقسيمات كلها من فعل الشيطان. البشر نوعان لا ثالث لهما :
البشر نوعان: مؤمن وكافر, مستقيم ومنحرف, صادق وكاذب, أمين وخائن, منصف وجاحد فقط.
فالمؤمنون متشابهون في العالم كله, وأنت أخ لكل مؤمن كائناً من كان, وأكبر دليل: أحياناً تزور بلداً في أقصى الدنيا, تجد مؤمناً كأنه أنت؛ بقيمه, بخشوعه, بنواياه الطيبة, بحبه لله عز وجل.
والله الإنسان عندما يسافر, ويلتقي بمؤمنين, والله كأنه جالس في بلده, كأنه جالس في بيته, وقد يكون أخوك النسبي -الذي من أم وأب واحدة- بعيداً.
من أسبوع تقريباً إنسانة صالحة أصيبت بمرض خبيث, وتوفيت, فلها ابن مقيم في أمريكا, متزوج امرأة أمريكية, يبدو أنها أسلمت, وإسلامها قوي جداً, فجاء هو وزوجته ليحضر مرض والدته, فالأمريكية المسلمة طلبت من زوجها أن ينام هذا الشهر مع أمه من أجل أن يكسب رضاها, قال لها: نعم, وضعت غطاء صلاة, لكي لا يراها أحد, لم تنزعه عن جسمها أبداً.
مرة أثناء النزاع بكى, قالت له: أتبك على أمك!؟ إنها في الجنة إن شاء الله, أما أنا التي ينبغي أن أبكي على أمي وأبي, فقد ماتا كفاراً, وخدمت والدة زوجها خدمة تفوق حدّ الخيال. هذه والدها نصراني, ووالدتها نصرانية, وكانت كافرة, فلما عرفت ربها تحولت لإنسانة أخرى, يوجد في البيت كنة, سابع جد لها مسلم, شيء غير معقول! قالت لها: أنت معك سرطان, سوف تموتين؛ بكل وقاحة, بكل فظاظة دائماً تستهتر بثيابها, وبطلعتها، لكن سبحان الله! أهل الإيمان متشابهون من أقصى الدنيا, جاءت, ووالدها ووالدتها نصرانيان, هكذا مواقفها, هذا هو الإيمان.
تشعر نفسك عندما تلتقي مع أي مؤمن في أي مكان بالعالم؛ القيم واحدة, الأهداف واحدة, المبادىء واحدة, المظهر واحد, الخشوع واحد:

﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾
[سورة الأنبياء الآية:92]
أينما ذهبت: المسلم هو المسلم؛ المسلم ورع, المسلم صاف, المسلم نواياه طيبة, المسلم يحب الخير, المسلم موصول بالله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾
[سورة الأنبياء الآية:92]
النزعات الفردية لا تظهر إلا بغياب الدين :
لذلك أي إنسان دخل في الإسلام, له ما لنا, وعليه ما علينا, هذه التقسيمات العرقية, تقسيمات من فعل جهات, تريد أن تمزق العالم.
بلاد المسلمين كانت من أقصى الشرق لأقصى الغرب أمة واحدة, الآن تفرقة, والشيطان دائماً يعمل عمله.
بالمناسبة الإنسان له طبع, وله تكليف؛ الطبع فردي أما التكليف فجماعي.
الله كلفنا أن نتعاون, أن نتفق, أن نزيل كل الفوارق بيننا, هكذا كلفنا الله, فإذا ابتعدنا عن ديننا تظهر الفروق الفردية, النزعات الفردية تظهر في غياب الدين, لذلك:

﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾
[سورة الحشر الآية:14]
الإنسان عندما يترك الدين, يصبح فردياً؛ ينافس, يعتز, قد يكون بعرقه, وقد يكون بنسبه، فهتلر عندما جاء, أقام الدنيا, اعتبر العرق الألماني أعظم عرق, ونحن اعتبرناه برابرة. أي إنسان من أي عرق إذا كان عمله صالحاً ويؤمن بالله فله الجنة :
كل إنسان عندما يكون بعيداً عن الله يدّعي لنفسه التفوق, ويحتقر الآخرين, أما المؤمن فليس كذلك, ثم يقول الله عز وجل -الآن تلخيص-:
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾
[سورة الأنبياء الآية:94]
انظر الشمول, أي إنسان من أي عرق إذا كان عمله صالحاً, ويؤمن بالله: ﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾
[سورة الأنبياء الآية:94]
﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)﴾
[سورة الأنبياء الآية:101-105]
في النهاية لا يصح إلا الصحيح.







والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-17-2018, 01:37 PM   #53


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: التربية الإسلامية -علم القلوب



بسم الله الرحمن الرحيم

التربية الاسلامية - علم القلوب

الدرس : ( الثالث و الخمسون )

الموضوع : ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونة الباطل





الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحق هو الشيء الذي لا يزول والباطل هو الشيء الذي يزول :
أيها الأخوة, يقول الله عز وجل:
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾
[سورة الحج الآية:62]
الحق: الشيء المستقر, الثابت, الذي لا يزول, والباطل: هو الشيء الذي يزول: ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾
[سورة الإسراء الآية:81]
وزهوق: صيغة مبالغة؛ أي: شديد الزهوق, أي أكبر باطل سوف ينهار, ومليون باطل سوف ينهار، مهما تنوع الباطل, لو كان هناك مليون نوع كله إلى زوال, ولو كان أكبر باطل تدعمه أكبر قوة في العالم لا بد من أن يزول. الحق هو الشيء الثابت الهادف :
لو أنشأنا حائطاً وفق قواعد هندسية ثابتة, فالحائط بني ليبقى, أما إذا بني بخلاف القواعد الهندسية، بلا شاقول, فهذا الحائط آيل إلى الزوال. فالشيء الذي سيزول هو الباطل:
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾
[سورة الحج الآية:62]
وخلق السموات والأرض بالحق, وكلمة حق تُفهم في القرآن عن طريق القرآن: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾
[سورة ص الآية:26]
﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾
[سورة الدخان الآية:39]
فالحق خلاف الباطل, والباطل هو الشيء الزائل: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾
[سورة الدخان الآية:38]
﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
[سورة ص الآية:26]
فالحق خلاف اللعب, اللعب عبث, والباطل زائل, فصار الحق هو الشيء الثابت, الهادف؛ وراءه حكمة بالغة, وراءه هدف نبيل, وراءه شيء عظيم, لذلك مليون اتجاه, مليون نظرية, مليون مذهب, ومليون نزعة, كلها تزول, والحق باق. بطولة الإنسان أن يكون مع الحق :
كم فرقة ضالة ظهرت عبر تطور الإسلام؟ كل هذه الفرق تلاشت, وانهارت, ونسيها التاريخ, بل قبعت في مزابل التاريخ, وبقي الإسلام صامداً كالطود؛ الله هو الحق, هو الذي ينصر الحق, هو الذي يدعم الحق؛ الحق هو الدائم, الحق هو الباقي, والباطل هو الزائل.
العصر شهد انهيار أكبر قوة في العالم, بنيت على الإلحاد, باطلة، وللعوام كلمة لطيفة, يقول لك: "لا يصح إلا الصحيح".
الأمر لا يستقر إلا على وضع سليم, فكل شيء خلاف الحق زائل وباطل.
الآن: الإنسان بطولته أن يكون مع الحق لا أن يكون مع الباطل, فإذا ربط مصيره مع الباطل فهو زائل؛ كل مكتسباته إلى زوال, كل أعماله يجعلها الله هباء منثوراً, كل تصرفاته لا قيمة لها:

﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾
[سورة الفرقان الآية:23]
من ربط مصيره بالحق نجح وأفلح وسعد :
في الإسلام نعمة لا يعرفها إلا من فقدها؛ مهما تطور العلم, مهما تغيرت الحياة, مهما استجدت النظم, الإسلام باق, ويزداد قوة ومنعة, ولو كان أعداؤه أهل الأرض, لأنه حق, أما لو كان الإنسان مع مذهب باطل, فعنده حالة قلق دائمة, لو أن هذا الباطل انهار, انهار هو معه؛ فإذا الإنسان ربط مصيره مع الحق نجح, وأفلح, وسعد, وإذا ربط مصيره مع الباطل, انهارت كل آماله.
هناك رئيس وزراء فرنسي انتحر, صحفيون كتبوا مئة مقالة تقريباً عن أسباب انتحاره, لم يصل صحفي واحد منهم إلى نتيجة, أولاً: رجل من أعرق أسر فرنسا, وغني, ليس له أي مخالفة بفضائح في حياته حتى ينتحر خوفاً منها, إلا صحفياً واحداً, وفِّق لفهم سبب انتحاره, كان مؤمناً بمبدأ, بعد سبعين سنة من ظهور هذا المبدأ تبين له أنه كان على خطأ, فاحتقر نفسه.
إنسان ربط مصيره و وضع كل إمكاناته في خدمة هذا المبدأ, ثم تبين له أنه كان مضللاً, وكان بعيداً عن الحق.
فالمسلم لا يوجد عنده هذه الحالة؛ مهما تطورت الحياة, مهما تطور العلم, لا يوجد شيء ظهر يناقض هذا الدين, بالعكس كلما اقترب العلم من الحق, كان على صواب.
الملاحظ أن الدول الشاردة عن الله عز وجل بدافع من مصلحتها الشخصية, بدافع من قناعاتها, تعود إلى الإسلام مقهورة.
الاتحاد السوفييتي قبل أن ينهار حرم الخمر, الآن في السويد الخمر محرم, بعض ولايات أمريكا الاختلاط فيها محرم.
هم يدركون أنهم إذا نفذوا هذا الإجراء لمصلحتهم, هم لا يعبدون الله في هذا, يعبدون ذواتهم؛ لكن اهتدوا إلى أن هذا الذي جاء به القرآن هو الحق, و ينبغي أن يطبق.

من طبق الحق بدافع من قناعاته و عبادة الله كسب الدنيا و الآخرة :
الإنسان إما أن يطبق الحق بدافع من مصالحه, عندئذ يكسب الدنيا فقط, وإما أن يطبق الحق بدافع من قناعاته, وبدافع من عبادة الله عز وجل, عندئذ يكسب الدنيا والآخرة.
آية قصيرة لكنها بليغة:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾
[سورة الحج الآية:62]
هو إن كان شيء عن النبي لم يرد, لكن يفعله معظم الناس, في تلقين الميت يقال له: ((اعلم -يا عبد الله!- أن الجنة حق, وأن النار حق, وأن الحساب حق, وأن الصراط حق, وأن العرض حق))
حق أي واقع.
الآن: كم إنسان في الأرض يعيش للدنيا فقط والآخرة غائبة عنه تماماً؟ عندما يفاجأ أن هناك آخرة, وهناك أبد, من الممكن أنه سوف يُصعق:
﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾
[سورة الطور الآية:45]
المؤمن عنده نعمة كبيرة, قبل أن يأتي هذا اليوم الذي يصعق فيه الناس, هو متوقع هذا اليوم. أكبر عطاء للمؤمن أن معه الحقيقة المطلقة :
أكبر عطاء للمؤمن أن معه الحقيقة, الحقيقة المطلقة, لا يوجد عنده مفاجأة؛ يموت, الموت حق, هناك جهنم للأبد, جهنم حق, هناك جنة, الجنة حق, هناك حساب دقيق, الحساب حق, هناك من يعمل مثقال ذرة خيراً يره, هذه العدالة الإلهية من يراها؟ لا يوجد إنسان يراها ويأخذ مال أخيه, هذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل, ويعتدي عليهم, لا يؤمن بالآخرة إطلاقاً, يؤمن بالدنيا فقط.
العبرة ألا يتفاجأ الإنسان, والإنسان حينما يندم, معنى هذا أن عقله ضعيف, أو لم يستخدمه.
تصور طالباً من أول يوم في العام الدراسي يدرس, لأن الامتحان ماثل أمامه, فيأتي الامتحان, مهيأ؛ يكتب, ينجح, بالعكس يفرح, لا يندم, طالب آخر غاب عنه الامتحان, عاش لحظته, فيبدو أنه مسرور أكثر من المجتهد؛ يذهب, ويعود, ويسهر, عندما يأتي الامتحان, ليس مستعداً له, هنا المصيبة!!.
فالمؤمن إذا وصل للحق وصل لكل شيء, إذا كان مع الحق كان مع أكبر قوة في الكون, إذا كان مصيره الحق, معنى هذا أن مصيره السعادة.

من لا يؤمن بأن للكون خالقاً حكيماً يبحث عن طريق آخر :
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾
[سورة الحج الآية:62]
الله عز وجل خلق الإنسان من نطفة أمشاج يبتليه.
هم الآن في اتجاه أن يعملوا استنساخاً, فاستطاعوا أن يعملوا نعجة, ليست من ذكر وأنثى, ولا من حوين وبويضة, من أخذ خلية من الثدي, وتنبيتها في رحم, طبعاً اكتشفوا أن كل خلية في الإنسان فيها مورثات, لكن الطريق خلاف الطريق الذي رسمه الله؛ الله رسم ذكراً وأنثى, ومورثات هنا, ومورثات هنا, يتفاعلون, يظهر جنين يحمل مورثات الأب والأم معاً, هذه معنى أمشاج:
﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾
[سورة الإنسان الآية: 2]
أخذوا خلية من الثدي, فجاءت النعجة مشابهة لأمها تماماً, وليس لها علاقة بأبيها إطلاقاً.
من حوالي شهر تقريباً أذيع أن علامات الشيخوخة المبكرة جداً ظهرت على هذه النعجة, لأن خلق المخلوق من نطفة أمشاج, هذا هو الحق, هذا هو الكمال المطلق, فلما بحثوا عن طريق آخر, الطريق الآخر غير معقول! ولعله يبدو في المستقبل له آفات خطيرة جداً, وحالات نادرة جداً من تغيير خلق الله عز وجل.
فالإنسان حينما يؤمن أن لهذا الكون خالقاً حكيماً, وأنه يفعل أكمل شيء في الوجود, يستسلم, أما حينما لا يؤمن بهذه الحقيقة فيبحث عن طريق جديد.
في عالم الزراعة مثلاً بحثوا عن أسمدة كيماوية, الآن ثبت خطؤها, عادوا للنظام القديم -نظام السماد الطبيعي-, حاولوا أن يكافحوا الحشرات بأدوية كيماوية, الآن ثبت خطؤها, عادوا إلى النظام القديم -المكافحة الحيوية-، فكلما أخطؤوا خطأ فاحشاً, الآن يعودون إلى أصل التصميم الإلهي, معنى هذا أن أصل التصميم هو الحق.
أكبر إنجاز يحققه الإنسان أنه مع الحق :
حتى إن هناك عالماً اسمه كاريل, ألّف كتاباً: "الإنسان ذلك المجهول" قال فيه: "خير نظام البشرية أن يقصر المرء طرفه على زوجة واحدة".
حتى غض البصر وصلوا له عن طريق المنطق, فذلك لأن الله هو الحق, وأمره حق, وتوجيهاته حق, ونظام الزواج حق, ونظام الإرث حق, والطلاق حق، الله صمم أن الإنسان يأتيه ذكر, أو أنثى, أو ذكر و أنثى.
ظهر قانون في الصين: نريد ولداً واحداً فقط, فكل أسرة تأتيها بنت تخنقها, تقتلها, مادام مسموح للأسرة بطفل واحد فلا تسجل إلا الذكر, فالبنت كانت تقتل؛ هناك جهل, و إلحاد, ويريدون ذكراً, فعندما يأتي الذكر, ويسجلونه, ذكراً واحداً, لا يوجد غيره أساساً, لكن غاب عنهم أن هذا النظام باطل, الآن هناك إحصائية دقيقة أن خمسين مليون شاب من دون فتاة, من دون زوجة, فنشأت عصابات تخطف الفتيات في سن الزواج, لأن الإجراء باطل.
هناك بلد غربي بشمالي إفريقيا, أظهر قانوناً ألغى فيه قانون الزواج الإسلامي؛ أن كل إنسان يطلق, تأخذ زوجته نصف ممتلكاته, هذا نظام باطل, الحق أن المرأة لها مهر, تستحقه عند الطلاق, أما إنسان عنده معمل, ثمنه ألوف الملايين, وهذه التي عنده في البيت, أحب أن يطلقها, تأخذ نصف ثروته, فرد الفعل في أمريكا أن الزواج قد التغى.
الآن: هناك مشاكلة -هذا الشيء أنا لمسته بشكل واضح- نظام المشاكلة ألغى نظام الزواج, حتى الزواج المدني التغى, لأتفه سبب؛ يلفظها, يركلها بقدمه.
في بلد عربي بشمال إفريقيا, توقف سوق الزواج نهائياً على أثر القانون, فصار الأب يعرض على خاطب ابنته أن يوقع له سند أمانة بمليون في حال طالبناك بنصف ثروتك حتى يزوج ابنته. فتجد كلما ظهر قانون خلاف الشرع يثبت فشله بشكل ذريع:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾
[سورة الحج الآية:62]
نظام الزواج هو الحق, نظام المهر هو الحق, غض البصر هو الحق.
عندما عملوا بالكنيسة زوجة واحدة, أصبح هناك مئة عشيقة, أما الإسلام فلا يوجد عنده مخالفة؛ هناك أمر قاهر, هناك زوجة لا تنجب, زوجة مريضة, زوجة لا تحصن, سمح لك بزوجة ثانية, التعدد هو الحق, هو الذي يحل مشاكل المجتمعات, ومشاكل الأسر:
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾
[سورة الحج الآية:62]
أكبر إنجاز يحققه الإنسان أنه مع الحق؛ مع الشيء الثابت والهادف, مع الشيء الباقي, مع الشيء الذي لا يزول, حتى الإنسان لو مات الجنة حق, فسوف ينتقل من الدنيا إلى الآخرة, من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة, كما ينتقل الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الآخرة.








والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-17-2018, 01:40 PM   #54


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: التربية الإسلامية -علم القلوب



بسم الله الرحمن الرحيم

التربية الاسلامية - علم القلوب

الدرس : ( الرابع و الخمسون )

الموضوع : اين نحن من صفات المؤمنين ؟









الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الله جلّ جلاله جعل وصف المؤمنين هدفاً للإنسان أو مقياساً له :
أيها الأخوة: حينما نقرأ في القرآن الكريم وصفاً للمؤمنين, ينبغي أن نقف وقفة متأنية, وأن نتأمل أين نحن من هذه الأوصاف؟ كأن الله جل جلاله جعل هذا الوصف هدفاً لنا, أو مقياساً, والأصح أن نبدأ بالمقياس, هذا المقياس: المؤمن هكذا يشعر, وهكذا يفعل, وهكذا يقف, وهكذا يتصرف, وهكذا يفعل الله معه, وهكذا يدافع عنه, وهكذا ينصره, وهكذا يطمئنه.
لو أن الإنسان منا جمع صفات المؤمنين التي وردت في القرآن الكريم, فجعلها مقياساً لإيمانه, وسأل نفسه أين أنا من هذه الصفات؟ فإن انطبقت عليه, فهذه نعمة كبرى, وإن لم تنطبق عليه, فليجعلها هدفاً يسعى إليه, أما أن يقرأ صفات المؤمنين, دون أن يفكر لحظة أن يطبقها على نفسه, فهذه قراءة غافلة, ساهية, لاهية.
الله عز وجل جعل هذه الصفات مقياساً, فإن لم تتوفر هدفاً, إن انطبقت عليك هذه نعمة كبرى, وإن لم تنطبق فتحرك إلى أن تصل إليها, أما تقرؤها, وتمر عليها مرور الكرام, ولا تفكر أبداً أن تطبقها على نفسك, فهذه مشكلة, وهذه القراءة التي لا يرضاها الله عز وجل, لأنك لم تنتفع منها, قرأت القرآن بلا فهم.

على الإنسان أن يقلق على قلبه كما يقلق على صحته :
يقول الله عز وجل:
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ﴾
[سورة الحج الآية:35]
المخبتون: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾
[سورة الحج الآية:35]
لذلك هناك عالم يقول: -الحسن البصري من كبار التابعين-: "إذا صليت فلم تشعر بشيء, وذكرت الله فلم تشعر بشيء, وقرأت القرآن فلم تشعر بشيء, فهناك خلل خطير في إيمانك".
والإنسان عندما تصيبه أعراض في جسمه, يقلق أشد القلق, ويذهب إلى عند أكبر الأطباء, ويقول لك: يا أخي, هذه عين ليس معها لعبة, يحاول أن يتأكد من سلامة قلبه, من سلامة أعضائه, من سلامة حواسه, يعمل تقريراً, يعمل نسخاً, يعمل تحليلاً, حتى يطمئن, فلماذا نقلق على صحتنا ولا نقلق على قلوبنا؟ مع أن الله عز وجل يقول:
﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
[سورة الشعراء الآية:88-89]
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ﴾
[سورة الحج الآية:35]
كلما اتسعت دائرة المعرفة اتسعت معها دائرة الصبر :
علامة الإيمان الصحيح أن يضطرب قلبك إذا ذكرت الله, وعلامة الإيمان الصحيح أن تصبر على قضاء الله وقدره, فالصبر علم؛ الذي يصبر يعرف الله, والذي لا يصبر يغفل عن الله عز وجل, وأكبر دليل: طفل عند طبيب أسنان وراشد, الطفل يبكي؛ وقد يسب, وقد يمتنع, وقد يتحرك حركات عشوائية, لأن إدراكه محدود, لا يحتمل الألم, أما الراشد فقد يقلع ضرساً من دون مخدر, يقول: قلبك لا يتحمل مخدراً, فيصبر.
كلما اتسعت دائرة المعرفة اتسعت معها دائرة الصبر, فالمؤمن يصبر؛ لأنه يوجد عنده يقين أن أفعال الله كلها حكيمة, وكلها رحيمة, وكلها عادلة, وكلها خبيرة. فالعلم يدعو إلى الصبر.
معرفة الإنسان بالله تظهر في الشدة :
ثم يقول تعالى:
﴿وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾
[سورة الحج الآية:35]
لماذا لم يقل الله: أقام الصلاة و إنما المقيمي الصلاة؟ هناك فرق كبير، هناك معان كثيرة لهذه الآية؛ لكن الله أعلم.
شخص يقول: أقمت البناء؛ لأن البناء يحتاج إلى رخصة, إلى ممهدات, إلى موافقات, إلى حفر أساسات, إلى تأسيس هيكل, ثم إلى إكساء الهيكل, ثم إلى إكساء الهيكل خارجياً, ثم إلى تأسيس البيت, كلمة أقام بناء أي عمل له مراحل عديدة.
كل إنسان يستطيع بأي لحظة أن يصلي, الله أكبر, لكن لا يوجد اتصال, أما الاتصال فيحتاج إلى تمهيد؛ يجب أن يعرف الله, يجب أن يستقيم على أمره, يجب أن يضبط حواسه, وحركاته, وسكناته, ودخله, وإنفاقه, وضبط بيته, وضبط دخله, وضبط إنفاقه.
أن يسمح الله لك أن تتصل به ليست قضية سهلة, لا تأتي بثانية, ليس عملاً عشوائياً, عملاً له ممهدات:
أقام الصلاة- فقط للتوضيح- أقام البناء أولاً جمع أموالاً, بعد ذلك طلب رخصة, بعد ذلك حفر أساسات, بعد ذلك أتى بمهندس, بعد ذلك رسم الخطط, أي مراحل متعددة.
حتى الله عز وجل يسمح لك أن تتصل به, معنى ذلك أنت طاهر, دخلك طاهر, علاقاتك كلها طيبة, عندك انضباط, عندك التزام.
فهذا المخبب الذي يُبشره الله عز وجل إذا ذكر الله وجل قلبه:
﴿وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
[سورة الحج الآية:35]
مستحيل الله عز وجل يمنحك الجنة وأنت في الدنيا في رخاء تام, مستحيل أن تمتحن السيارة في النزول, لا بد من أن تمتحن محركها في الصعود.
كل إنسان بالرخاء يمشي, لكن في الشدة المعرفة تظهر في الشدة؛ معرفتك بالله تظهر في الشدة, إيمانك يظهر في الشدة, قوة صبرك تظهر في الشدة, الابتلاء يظهر في الشدة, الشدة تكشف, مثلاً إذا كان الصعود قاسياً جداً, تكشف السيارة يا ترى ترتفع حرارتها؟ يضعف المحرك؟ المحرك حاله متعبة؟ كل الأغلاط تظهر في الصعود, فالابتلاء من سنن ربنا عز وجل:
﴿وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾
[سورة المؤمنون الآية:30]
الفرق الصارخ بين المؤمن و الكافر :
فهذه الآية أيها الأخوة:
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
[سورة الحج الآية:35]
هناك شيء اسمه إستراتيجية، المؤمن بانت إستراتيجيته على الإنفاق, على العطاء, يسعد إذا أعطى, نذر حياته لله عز وجل, هناك إنسان بانت إستراتيجيته على الأخذ, همه الأول الجمع, والأخذ, واستهلاك جهد الآخرين, واستهلاك أموال الآخرين, همه أن يتمتع، هذا الكافر, المؤمن همه أن يعطي, حتى يرضى الله عز وجل عنه.
فتجد هناك فرقاً صارخاً, أو فرقاً حاداً, أو فرقاً يكاد يكون متناقضاً بين المؤمن وبين غير المؤمن؛ المؤمن بنى حياته على العطاء, الكافر بنى حياته على الأخذ, المؤمن يعطي ولا يأخذ, الكافر يأخذ ولا يعطي, من الصعب أن يجتمعا, لا يجتمع كافر ومؤمن, وكل شيء اسمه وحدة أديان كلام فارغ, ليس له أي معنى, هناك تناقض صارخ.
المؤمن يرجو الله و يتخلق بأخلاقه والكافر تحكمه الأهواء والشهوات والمصالح :
إنسان بنى حياته على الأخذ, وعلى الاستمتاع الرخيص, والمصلحة الذاتية, ولا يعبأ بأي قيمة, وأي مبدأ, هذا الكافر كيف يجتمع مع مؤمن بنى حياته على المبدأ والقيم والعطاء لا على الأخذ و عدم الخوف من الله عز وجل؟ من سابع المستحيلات أن يجتمعا, كما يجتمع الظلام مع النور, لا يجتمعان, أحدهما ينقض الآخر.
يتعاكس لونان -أبيض وأسود-, هناك أشياء متعاكسة, وقد تجمعها أبيض وأسود, أما الأشياء المتناقضة فوجود أحدهما ينقض وجود الآخر, هناك مئة وثمانون درجة بين المؤمن والكافر.
لذلك: التقسيم الحقيقي, البشر يقسمون إلى مؤمنين وإلى كفار؛ المؤمن يرجو الله, يتخلق بأخلاق الله, يسعى لمرضاة الله, يتقرب إلى الله بخدمة الخلق, والنصح لهم, الكافر تحكمه الأهواء, والشهوات, والمصالح فقط.

الحق قيمة موضوعية تحتاج إلى قوة :
في أمريكا قاعدة, يؤمن بها كل من في هذه البلاد: القوة تصنع الحق, أنت قوي, افعل ما تشاء, هذا هو الحق؛ القوي لو انتهك الحرمات في نظرهم حق, لو اعتدى على الشعوب في نظرهم حق, لو داس القيم بقدمه هذا هو الحق, أما عند المؤمنين فالحق ما جاء به الكتاب والسنة, ويحتاج إلى قوة, الحق قيمة موضوعية, تحتاج إلى قوة, أما عند الكفار فالقوة هي الحق, هذا حق أهل الكفر.
أيها الأخوة, مرة ثانية: إذا قرأت القرآن, ووقفت عند أوصاف المؤمنين, فاجعلها مقياساً, فإن انطبقت عليك, فاشكر الله عز وجل, وإن لم تنطبق عليك, فاجعلها هدفاً, واسع نحوها.









والحمد لله رب العالمين





الختام



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-18-2018, 11:42 AM   #55



آفراح متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Sep 2012
 أخر زيارة : اليوم (11:08 PM)
 المشاركات : 15,170 [ + ]
 التقييم :  1818
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: التربية الإسلامية -علم القلوب



بورك فيك وجوزيت كل خير على الطرح القيم
تحية


 
 توقيع : آفراح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
-علم, التربية, الإسلامية, القلوب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التربية الإسلامية تسهم في تنمية القيم الروحية منال نور الهدى رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 2 11-03-2018 09:55 AM
التربية الاسلامية - الاخلاق المذمومة السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 12 09-22-2018 08:42 PM
التربية الإسلامية - الموت السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 5 09-06-2018 08:30 PM
التربية الاسلامية - مدارج السالكين السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 101 07-21-2018 03:54 PM
التربية الإسلامية - تربيةالأولاد في الإسلام السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 55 07-10-2018 03:58 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 11:48 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.