سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات
منال نور الهدى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) منال نور الهدى : (حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ) منال نور الهدى : (اجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً) منال نور الهدى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) منال نور الهدى : (رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07-26-2018, 07:31 AM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الاول )

الموضوع : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم






الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. ما هي نقاط الضعف في أصل خلق الإنسان ؟ :
أيها الأخوة الكرام, في أصل خلق الإنسان شعور بالضعف، قال تعالى:
﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾
[سورة النساء الآية: 28]
وفي أصل تركيب الإنسان الإنسان هلوع منوع، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾
[سورة المعارج الآية: 19-22]
وفي أصل تركيب الإنسان أنه عجول، هذه نقاط ضعف ثلاث في أصل خلق الإنسان، لذلك هذه النقاط، نقاط الضعف تسبب له القلق، ويكاد يكون القلق القاسم المشترك لأكثر بني البشر؛ الخوف من المجهول، الخوف من المستقبل، الخوف على الرزق، الخوف أن يأتي الأجل مبكراً، هذا الخوف الناتج عن أصل خلق الإنسان.
كيف يزول هذا الخوف الناتج عن أصل خلق الإنسان؟ :
﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾
[سورة النساء الآية: 28]
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾
[سورة المعارج الآية: 19-21]
كيف يزول؟ يزول كما قال الله عز وجل في آية قرِئت في الركعة الثالثة:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الآية: 147]
معنى ذلك: أنك حينما تؤمن وحينما تشكر, يجب أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنك خرجت من معالجة الله عز وجل:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الآية: 147]
ذلك أن الله عز وجل سخر هذا الكون تسخير تعريف وتكريم، رد فعل التعريف الإيمان، ورد فعل التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت, حققت الهدف من وجودك، قال عز وجل:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 18]
لذلك ورد عن رسول الله أنه:
((ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة))
إذا آمن الإنسان وشكر فقد حقق الهدف من خلقه :
أول اطمئنان: أن الإنسان حينما يؤمن الإيمان الذي أراده الله، وحينما يشكر, فقد حقق الهدف من خلقه، وتوقفت المعالجة الإلهية، والدليل: القرآن الكريم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 18]
والآية المطمئنة الثانية: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 18]
ما قبِل منهم أنهم أبناؤه وأحباؤه، لو قبِل أنهم أحباؤه لما عذبهم، وقد استنبط الإمام الشافعي من هذه الآية: أن الله لا يعذب أحبابه.
الآية الثالثة المطمئنة:

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
[سورة التوبة الآية: 51]
لم يقل: علينا، لن يصيبنا، لن: لتأبيد النفي.
آية رابعة:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾
[سورة فصلت الآية: 30]
هذه: لا تخافوا ولا تحزنوا: كلمتان: فيهما الماضي والحاضر والمستقبل, لا تخافوا من المستقبل؛ الخوف من المجهول، الخوف على الصحة، الخوف على الرزق، الخوف من خطر مجهول، ولا تحزنوا على ما مضى، ما مضى فات.
آية خامسة:

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية: 81-82]
الأمن وحده للمؤمن، والأمن ليس عدم وقوع مصيبة، بل عدم توقع مصيبة، لأنك من خوف الفقر في فقر، وفي خوف المرض في مرض، وتوقع المصيبة مصيبة أكبر منها.
الدليل من السنة :
ثم يأتي الحديث الشريف، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: ((بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ, فَقَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ, قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ, ثُمَّ سَارَ سَاعَةً, ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ, قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ, ثُمَّ سَارَ سَاعَةً, ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ, قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ, قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ, قَالَ: حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا, ثُمَّ سَارَ سَاعَةً, ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ, قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ, فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي: مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ, قَالَ: حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ))
ما يتمتع به المؤمن :
أيها الأخوة, يتمتع المؤمن بشعور بالأمن يفتقر إليه معظم أهل الأرض، ولو أن الأمن يشترى لاشتراه أناس بكل ما يملكون، قضية القلق والخوف من المجهول، والخوف من مرض خبيث، والخوف من ورم بالثدي، والخوف من ورم في مكان معين، والخوف من أن يذهب الرجل، وأن تلغى هذه التجارة، وأن تسحب الشركة هذه الوكالة، هذه المخاوف تنتاب معظم الناس، وحينما يحل الإنسان مشكلة الخوف بمزيد من الاحتياطات, قال عليه الصلاة والسلام:
((يؤتى الحذر من مأمنه))
قال تعالى: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
[سورة الحشر الآية: 2]
مشاعر الخوف والقلق والحزن:
مع الله ليس هناك ذكي، لكن هناك مستقيم، مهما كان الإنسان عاقلاً ذكياً, يؤتَ من مأمنه، أحياناً يفرّ الإنسان من الموت، قال تعالى:
﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾
[سورة الجمعة الآية: 8]
هو يظنه إنسانًا أصيب بأزمة قلبية، فيغلب على ظنه القطعي أنه ميت بأزمة قلبية قادمة، يفاجأ أنه يموت بحادث، قال تعالى:
﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ﴾
[سورة الجمعة الآية: 8]
مشاعر الخوف والقلق والحزن، الخوف من معلوم أو من مجهول، الخوف من شيء قريب أو من شيء بعيد، السأم، الضجر، الملل, كله سببه ضعف إيمان بالله.
الإيمان والاستقامة والشكر:
الذي آمن حق الإيمان، واستقام على أمر الله، وشكر حق الشكر، فوظف النعم التي أعطاه الله إياها في خدمة المؤمنين، هذا تغطيه الآية:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الآية: 147]
ثم إن الذي قال: ربنا الله ثم استقام تغطيه الآية: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾
[سورة فصلت الآية: 30]
ثم الذي آمن، ولم يلبس إيمانه بظلم تغطيه الآية: ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية: 81-82]
والذي عبد الله، ولم يشرك به شيئاً، فاستقام على أمر يغطيه الحديث الشريف:
((... مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ, قَالَ: حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ))
ما هما النعمتان المتوفرتان للمؤمن دون؟ :
فقضية الأمن مطلب أهل الأرض، ستة آلاف مليون في الأرض لو شققت على صدورهم ليس عندهم من طلب ملحٍّ إلا السلامة والأمن والسعادة، السلامة والسعادة، السلامة: عدم توقع الخطر، بمعنى أوسع: أمن الأمن والسعادة، وهاتان النعمتان متوافرتان للمؤمن، والله سبحانه وتعالى يؤكد هذا في آية سادسة:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
[سورة النحل الآية: 97]
الحياة الطيبة حياة آمنة، حياة فيها توازن. كيفية الخروج من المشكلة:
الآن: لو أن إنسانًا وقع في مشكلة، هي في الحقيقة علاج إلهي، وقع في مصيبة، وقد تكون مزعجة، وفيها تأديب إلهي كبير، ما الحل؟ يقرأ قصة سيدنا يونس، ما من مصيبة تفوق أن تجد نفسك في ظلمات ثلاث؛ في ظلمة الليل، وفي ظلمة أعماق البحر، وظلمة بطن الحوت :
﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾
[سورة الأنبياء الآية: 87-88]
أروع ما في القصة التعقيب، هذه القصة ليست قصة وقعت، ولن تقع، إنها قانون في أي مكان، وفي أي زمان، وفي أي عصر، وفي أي مصر، لمجرد أن تقول: يا رب, يقول لك : لبيك يا عبدي.
رمضان بمصطلحه الجديد:
شيء آخر أيها الأخوة: رمضان لعله بمصطلح جديد: إعادة تأهيل المؤمن، لعله دورة مكثفة، لعله شهر التوبة، لعله شهر الصلح مع الله، لعله في رمضان يفتح مع الله صفحة جديدة ، لعلك في رمضان إذا أحسنت صيامه، وأحسنت قيامه, خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))
[أخرجه البخاري في الصحيح]
ولعله إذا قام رمضان إيماناً واحتساباً, غفر الله له ما تقدم من ذنبه، فشهر التوبة والمغفرة والصلح مع الله، وفتح صفحة مع الله جديدة، وشهر إعادة التأهيل، بل هو دورة مكثفة، دورة صحية أيضاً لهذا الجسم، وفي أبحاث سمعت عنها، وقرأت بعضها, تكاد لا تصدق من آثار الصيام على تأهيل الجسم وأجهزته، وصيانته من كل عطب، لكن الإنسان حينما يصوم من أجل صحته ما عبد الله، نصوم لأن الصيام فرض، ونحن نخضع لله غاية الخضوع، لكن ما من أمر إلهي إلا وفيه فوائد لا تعد ولا تحصى.
فأسأل الله أن يكون هذا الشهر الكريم لنا جميعاً شهر توبة، وشهر عودة، وشهر إقبال، وشهر صلح مع الله، وشهر إعادة تأهيل، وشهر دورة مكثفة، وشهر سعادة روحية، من ذاق عرف:
فلو شاهدت عيناك من حســننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولـو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
و لو ذقـت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلا بحبنا
ولـو نسمت من قربنا لك نسمة لكنت غريباً واشــتياقاً لقربنا

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 07:34 AM   #2


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الثانى )

الموضوع : قل يا اهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
بماذا ينهى الله أهل الكتاب في هذه الآية؟ :
أيها الأخوة الكرام, يقول الله عز وجل في سورة المائدة:
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾
[سورة المائدة الآية: 77]
الحقيقة: أتباع الأديان أمامهم منزلق خطير، ألا وهو الغلو في الدين؛ الغلو في الدين آفة الدين، والغلو في الدين يعطي الطرف الآخر تشبثاً بكفرهم، والغلو في الدين يحول بين الدين وانتشاره بين الناس، فلذلك: ربنا عز وجل يخاطب أهل الكتاب فينهاهم عن الغلو في الدين.
أنواع الغلو في الدين :
الغلو في الدين أنواع: يمكن أن يكون الغلو اعتقادياً؛ أن تعتقد أن أحد فروع الدين هو الدين كله، وأن تزدري الفروع الأخرى، فهذا غلو من شأنه أن يشق صفوف الأمة، قال تعالى :
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾
[سورة الأنعام الآية: 159]
ولا تكن من الذين أشركوا وفرقوا دينهم وكانوا شيعاً، معنى ذلك: حينما تأخذ جزئية أو فرعاً وتجعله أصلاً، وتقاتل من أجله, فقد شققت صفوف المسلمين، هذا نوع من الغلو.
غلو آخر: التعصب إلى جماعة، وازدراء الجماعات الأخرى، هذا غلو أيضاً.
غلو ثالث: التعصب لإنسان، وازدراء بقية الدعاة، هذا غلو ثالث.
فالغلو في الدين يعطي عكس الذي تريده، الغلو في الدين يحول دون انتشار الدين، والغلو في الدين يمنع الطرف الآخر أن يؤمن بهذا الدين.

ما معنى هذه الآية؟ :
لذلك أيها الأخوة: تكاد الآية الكريمة التي نصها:
﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
[سورة يونس الآية: 85]
أي غلو المسلم في دينه يجعل الكافر يتشبث بكفره، ويتمسك بكفره، ويعتقد صواب رأيه، إذاً: نعوذ بالله من الغلو في الدين، فالتعصب والتشدد يساوي التفلت والتساهل، وكلاهما واحد؛ فإما أن تغلو نحو تشدد غير المعقول، وإما أن تغلو نحو تساهل غير المعقول، أما الوسطية التي جاء بها النبي -عليه الصلاة والسلام- فهي الصواب.
هذا الذي أهمل أهله، ولم يلتفت إليهم، وعكف على عبادة الله عز وجل, فلما دخلت زوجته على السيدة عائشة رأتها بهيئة مزرية، فلما سألتها عن حالها قالت: إن زوجي صوام قوام، فالنبي استدعاه, قال له: يا عثمان أليس لك بي أسوة؟.
أنا قدوتك، النبي -عليه الصلاة والسلام- يعطي كل ذي حق حقه.

ما الذي يدمر الدين؟ :
فالغلو في الدين هو الذي دمر الدين، ثم الحركة من دون دليل شرعي، صار الدين عرضة للأهواء، كل شخص يزعم أنه رأس جماعة، ويعطي توجيهات تخالف الكتاب والسنة ، تخالف منهج الله عز وجل، في أمور أخرى في الدنيا كل شخص له رأي، أما أمور الدين لا يمكن أن تقبل من دون دليل، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء.
فهذه الآية أصل -أيها الأخوة- في الصواب، لا تغلو في دينكم، لا غلوًا اعتقاديًا، ولا غلوًّا عمليًا، أي هذا الذي يمضي ساعة يتوضأ فيها، هذا غلو في الدين، هذا الذي من أجل أن يقبل الحجر يؤذي المسلمين، هذا غلو في الدين، عندنا غلو اعتقادي، وعندنا غلو عملي تطبيقي، وعندنا غلو بمعنى التعصب نحو جماعة معينة، أو الغلو بمعنى التعصب باتجاه إنسان معين.

المسلمون أمة واحدة تتكافأ ذممهم ويرعاهم أدناهم:
فالمسلمون جميعاً أمة واحدة، المسلمون جميعاً تتكافأ ذممهم، ويرعاهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، وحربهم واحدة، فأي شيء يشق صفوف المسلمين، ويجعل المسلمين شيعاً وفرقاً وطوائف وأحزاباً، ويكون بأسهم بينهم، هذا من الغلو في الدين:
لا تغلو في دينكم غير الحق.
إذاً: يوجد تمسك بالحق، أنا أتمسك بالحق، لكن لا أغلو غير الحق، التمسك بالحق أن تطبق ما جاء في الوحيين؛ الكتاب والسنة، أما الغلو فأن تنتقي انتقاء جزئياً لمقولة، وتجعلها أصلاً في الدين، وتقاتل من أجلها، فهذا توجيه لأهل الكتاب وللمسلمين أيضاً.
وقد قال عليه الصلاة والسلام:

((إن المنبت لا أرضى القطع ولا ظهراً أبقى))
المتشدد أحياناً لا يحقق الهدف. انظر إلى هذا التوازن في حياة النبي وفي دعوته :
يقول عليه الصلاة والسلام:
((أشدكم لله خشية أنا؛ أنام وأقوم، أصوم وأفطر، أتزوج النساء، آكل اللحم، هذه سنتي, فمن رغب عنها فليس من أمتي))
ولا تزايد على النبي -صلى الله عليه وسلم-، هو في أعلى مقام عند الله عز وجل، وكان متوازناً في حياته، كان يقول: ((الهوا، وامرحوا، فإني أكره أن أرى في دينكم غلظة))
وكان عليه الصلاة و السلام يمزح مع أصحابه.
من توازنه صلى الله عليه وسلم في دعوته: أنه جاءه أنصاري يسأله حاجة ......
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُهُ, فَقَالَ:
((أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى, حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ, وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ, وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ, قَالَ: ائْتِنِ بِهِمَا, قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا, فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ, وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ, قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ -مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا-, قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ, فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ, وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ, وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ, وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا, فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ, وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِ بِهِ, فَأَتَاهُ بِهِ, فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُودًا بِيَدِهِ, ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ, وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا, فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ, فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ, فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ؛ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ, أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ, أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ))
أحياناً: يعتزل الإنسان الناس، ويعتزل العمل، ويهمل عمله، ويضيع أسرته من أجل أن يؤدي الواجبات الدينية بدرجة يتجاوز بها الحد المعقول، هذا غلو في الدين. من أنواع الغلو في الدين أيضاً :
هناك غلو بالعبادات، وغلو في المعاملات أحياناً، ينسى فرائضه من أجل علاقاته الاجتماعية، هذا غلو في المعاملات، هناك غلو في الأشخاص، وغلو في الجماعات، يوجد غلو في فرع من فروع الدين, يوجد غلو في جزئية من جزئيات الدين، الغلو مجاوزة الحد، فلا بد من التوازن.
الكليات الثلاث في الإسلام :
وأنا أقول دائماً أيها الأخوة: يوجد في الإسلام ثلاث كليات؛ كلية معرفية، وكلية سلوكية، وكلية جمالية، هناك من يعتمد على الناحية الجمالية، في الدين أحوال، ومشاعر، ولا يعنيه من الدين إلا أحواله مع الله عز وجل، لكن لا يستطيع أن ينطق بكلمة، وهو كلٌ على مولاه، عبء على الآخرين، وإنسان آخر متبحر في العلم بدرجة رائعة، لكن عباداته ضعيفة، وإنسان ثالث أعماله جليلة، لكن علمه ضعيف، إنسان أحواله ضعيفة علمه قوي، الخطوط الثلاثة؛ خط طلب العلم، وخط العمل، وخط الاستمتاع، الناحية الجمالية، يجب أن نتحرك على الخطوط الثلاثة معاً، عندئذ نتفوق. هكذا ربى النبي أصحابه :
كان عليه الصلاة والسلام قد ربى أصحابه، فلما رآهم قبل أن يتوفاه الله, ابتسم حتى بدت نواجذه، وقال: ((علماء حكماء, كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء))
ورباهم فكانوا رهباناً في الليل، فرساناً في النهار، ورباهم على عزة النفس.
قال الأنصاري للمهاجر:
((دونك بستان من هذين البستانين، دونك دكان من هذين الدكانين))
فماذا كان موقف المهاجر؟ بارك الله في مالك، ولكن دلني على السوق.
بقدر ما كان الأنصاري سموحًا وسخيًا، بقدر ما كان المهاجر عفيفًا، والحقيقة: كما قال عليه الصلاة والسلام:
((إن الله اختارني واختار لي أصحابي))
هذا الإسلام :
الإسلام -أيها الأخوة- مثلث في أربع قطع؛ القطعة العليا القرآن، والثانية السنة، والثالثة السيرة، والرابعة سير الصحابة.
فكل واحد من المؤمنين إلى آخر الزمان يجد في تاريخ الصحابة من يكون قدوة له، فنحن يجب أن نأخذ الدين بعلمه وبالتزامه وبأحواله، لا أن نكتفي بواحدة، إذا اكتفينا بواحدة اختلف شكلنا، إنسان رأسه كبير، وجسمه صغير، هذا إنسان مشوه، إنسان بطنه كبير، ورأسه كبير، إنسان مشوه، إنسان أقدامه عملاقة، وجسمه صغير، لا بد من التناسق، فحينما نتحرك بخط طلب العلم، وبخط التمسك السلوكي، وبخط الإقبال على الله عز وجل, نكون قد حققنا وسطية الدين، وشمولية الدين، وعندئذ يغدو الدين دين الحياة، ويغدو الدين دين الواقع، ويغدو الدين دين الفطرة، عندئذ لا تنمو المادة على حساب الروح، ولا القيم على المصالح، ولا تنمو الدنيا على حساب الآخرة، ولا تنمو الآخرة على حساب الدنيا، هذا التوازن الذي يحتاجه المسلمون اليوم.

المنهج الوسطي الذي جاء به النبي :
إنسان ممكن أن تكفره لأنه يلبس بنطالاً، معقول! اليوم سمعت هذه القصة، كفّره لأنه يرتدي البنطال، مع أن هناك أحكامًا فقهية كثيرة متعلقة بالبيئة والعادات, ما لم تخالف الضوابط الشرعية في ستر العورة.
أحياناً تقيّم الإنسان من جزئية صغيرة جداً، وتنسى إنجازه الكبير، هذا غلو في الدين، لذلك: الغلو دائماً يقابَل بغلو، ويكاد التاريخ الإسلامي يكون غلواً يواجه غلواً آخر، لكن المنهج الوسطي الذي جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-: هو الذي يجمع بين العلم والعمل والاتصال بالله عز وجل، هذا هو المنهج الصحيح الذي كان عليه أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا قلت: فلان من أهل السنة والجماعة، بمعنى: مما أجمع الصحابة الكرام على أنه صواب، هذا الذي أتمناه في هذا اللقاء الطيب إن شاء الله:

﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 77]
والمسلمون دائماً مهيئون إلى أن يقعوا في غلو مشابه لغلو أهل الكتاب.
هل تصدقون قبل خمسين عاما: لا يجوز أن يتزوج شافعي من حنفي, ولا يجوز أن يقتدي حنفي بشافعي؟ جاءني اتصال هاتفي من مدينة في الشمال: يجوز أن أصلي وراء شافعي؟ يا أستاذ أنا حنفي، قلت للسائل: هذا من عصور تخلف المسلمين، أنت مسلم وكفى, صل وراء أي إمام.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 07:37 AM   #3


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الثالث )

الموضوع : وتمت كلمة ربك صدقا و عدلا







الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من معاني هذه الآية :
أيها الأخوة, في سورة الأنعام آية موجزة يقول الله فيها:
﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾
[سورة الأنعام الآية: 115]
قال بعض المفسرين: هذا القرآن الكريم من أول آية فيه إلى آخر آية, لا يزيد على أن يكون خبراً أو أمراً، فخبره صدق، وأمره عدل، هذا معنى.
معنى آخر: أن يا عبادي منكم الصدق، ومني العدل، تتفاوتون عندي بالصدق، ولكم علي أن أعدل بينكم، ولكن العقل البشري مهما كان حاداً في ذكائه, فلا يستطيع أن يثبت عدل الله إلا بحالة واحدة مستحيلة، أن يكون له علم كعلم الله، وهذا شيء مستحيل، لكن عدل الله يثبت بالخبر الصادق.
ما أخطر شيء في العقيدة؟ :
أخواننا الكرام, قضية دقيقة جداً، هناك أشياء مناطها العقل، وهناك أشياء مناطها النقل، أخطر شيء في العقيدة: أن تنقل قضية من العقل إلى النقل، أو من النقل إلى العقل، فهذا الكون عن طريق العقل يمكن أن يدلك على إله موجود عادل كامل، أسماؤه حسنى، وصفاته فضلى.
دور العقل في العقيدة :
الآن: هذا القرآن بإعجازه الذي لا حدود له, يعطيك برهاناً يقينياً قطعياً على أنه كلام الله، لأن فيه حقائق علمية لا يمكن للبشر مجتمعين وقت نزول الوحي أن تكتشف، الآن كشفت، إذاً: تؤمن بوجود الله، وعدالته، وكماله، ووحدانيته من خلال الكون، وتؤمن بأن هذا القرآن كلامه من خلال الإعجاز، وهذا الذي جاءك بالقرآن ما دام هذا القرآن من خلال إعجازه كلام الله, إذاً: هذا الذي جاء بهذا الكتاب هو رسول الله، الإيمان بالله، والإيمان بكتابه, والإيمان برسوله, هذا مناطه العقل، وهناك أدلة يقينية قاطعة على وجود الله، ووحدانيته، وكماله، وأن هذا القرآن كلامه، وأن هذا الإنسان الذي اسمه: محمد بن عبد الله رسوله، إلى هنا ينتهي دور العقل. دور النقل في العقيدة :
الآن: النقل يعني الوحي، القرآن والسنة أخبرتك أن هناك ملائكة، هذه الملائكة لا يستطيع أكبر عقل أن يثبت وجودها، وهناك جن، وهناك ماضٍ سحيق، ومستقبل بعيد، وهناك آخرة وما بعد الموت، هذه الموضوعات كلها إخبارية نقلية، الآن: أن الله عادل قضية نقلية، وليست عقلية، على شبكية العين: ترى أممًا بحالة من الترف لا يصدقها العقل، وبحالة من الفسق والفجور والكفر والإلحاد والتحدي والسيطرة على العالم كله، وترى شعوبًا تخاف الله، مؤمنة به، ومع ذلك فهي في ضيق من أمرها، العقل لا يستطيع إثبات عدل الله إلا إذا كان له علم كعلم الله، وهذا مستحيل، إذاً: عدل الله يثبت بالخبر الصادق. ما نوع النفي في هذه الآية ؟
الله عز وجل قال بأشد أنواع التأكيد: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾
[سورة التوبة الآية: 70]
هذا اسمه نفي الشأن، هناك نفي الحدث، أكبر لص تسأله: هل سرقت هذا القلم؟ يقول لك: لا، هو ينفي أنه سرق هذا القلم، لكنه سارق للمليارات، لا تنفي الحدث، أما إذا قال إنسان كريم: ما كان لي أن أسرق، هذه تنفي الشأن، يعني لا يتصور، ولا يريد، ولا يتمنى، ولا يقر، ولا يقبل، ولا يعين أبداً، أكثر من عشرة أفعال تنفى بهذه الصيغة، الله قال: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾
[سورة التوبة الآية: 70]
﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾
[سورة النساء الآية: 77]
﴿وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾
[سورة النساء الآية: 124]
﴿لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾
[سورة غافر الآية: 17]
هل يستطيع الإنسان أن يكتشف بعقله عدل الله؟ :
فعدل الله لا يمكن أن تكتشفه بعقلك، لأن في الحياة ظروفًا متناقضة، ونحن من ضيق أفقنا، ومن قصر نظرنا: أن الدنيا هي كل شيء؛ هذا غني، هذا فقير، الأبد الدنيا، لو عاش الإنسان مليار سنة أمام فهي الأبد صفر، فإذا كان في ضيق الدخل في الدنيا، وكان من أهل الجنة لا شك، الآن أنتم في الدنيا، هذا قبل خمسين سنة حتى نكون دقيقين، ما درس، وما تعلم، والذي درس وتعلم أصبح بمكانة عالية في المجتمع، في أثناء الدراسة جهد، وتعب، وسهر، ومعاناة، أما الذي لم يدرس يبدو في راحة، والآن أنت ترى الإنسان الشارد كأنه مرتاح، ليس عنده مشكلة، يأكل ما يشتهي، يلتقي مع من يشتهي، يتصل بمن يشتهي، ما عنده ضابط، ولا عنده رادع، ولا عنده قيمة، ولا عنده شيء اسمه حرام أو حلال، القضية عنده سهلة، هو يبدو لك مرتاح، لكنه خسر الآخر.
فيا أيها الأخوة, هذه الآية:

﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾
[سورة الأنعام الآية: 115]
القرآن الكريم من الفاتحة إلى سورة الناس, لا يزيد عن أن يكون أمراً أو خبراً؛ فالخبر صادق والأمر عدل، أو: يا عبادي, منكم الصدق ومني العدل.
هل اسم العدل محققاً في الدنيا تحقيقاً كاملاً؟ :
الآن: يا فاطمة بنت محمد، يا عباس عم رسول الله, أنقذا نفسيكما من النار, أنا لا أغني عنكما من الله شيئاً, لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم, من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه:
﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾
[سورة البقرة الآية: 124]
آية ثالثة: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ﴾
[سورة يونس الآية: 4]
إذاً: اسم العدل ليس محققاً في الدنيا تحقيقاً كاملاً، هو محقق في الدنيا تحقيقاً جزئياً, يعني الله عز وجل يعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين، ويكافئ بعد المحسنين تشجيعاً للباقين, ولكن قد تجد من أجل أن يتم الابتلاء إنسان يعصي كل المعاصي والآثام, ما في عنده مشكلة, لو كان يأتي العقاب بعد المشكلة ما عاد في اختيار، الآن ائتِ بإنسان وقل له: افعل كذا وخذ مئة ألف، لو جئت بمليون إنسان ملحد, قلت لهم: غض بصرك عن هذه الفتاة وخذ ألف ليرة, الكل يغضون بصرهم، لو الجزاء يأتي بعد الإحسان, أو العقاب بعد الإساءة, التغى الاختيار, ما معنى الاختيار؟.
ممكن تعصي الله كما تريد، ما عندك ولا مشكلة، النبض ثمانين، الضغط 8 ـ على 12، النسب كلها طبيعية، ولا أقول: مثل الحصان, مثل البغل، المؤمن مثل الحصان, الثاني مثل البغل، ما عنده مشكلة, يمكن أن تعصي ما تشاء, أن تعصي وأنت قوي هذا الاختيار، ويمكن أن تطيع الله وأنت فقير، وأنت مريض، وأنت معذب، وأنت في المنفردة، وأنت في أعلى درجة من القرب من الله عز وجل, لذلك أيها الأخوة:
قال له: يا سعد -سيدنا سعد كان من أصحاب رسول الله المقربين إليه، وما فدا النبي أحداً من أصحابه إلا سعداً: ارمِ سعد فداك أبي وأمي، وكان إذا دخل عليه داعبه، وقال: هذا خالي أروني خالاً مثل خالي، ماذا قال له سيدنا عمر بعد وفاة النبي-: يا سعد لا يغرنك قد قيل خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينهم وبينه قرابة إلا طاعتهم له.

من عظمة هذا الدين :
لذلك: آية لا تصدق, تعاتب النبي أشد العتاب، لأنه ولو لم يحكم بعد، لكن استقر أن هذا الأريقط بريء، وأن هذا اليهودي هو السارق، والقضية بالعكس، فقال الله عز وجل:
﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً﴾
[سورة النساء الآية: 105]
عدل الله مذهل: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾
[سورة الحاقة الآية: 44-47]
عظمة هذا الدين، لا تتقرب إلى الله إلا إذا كنت مستقيماً، أما الأقوياء فيقربونك، وقد تكون أسوأ إنسان ويقربونك، الإسلام ليس فيه تقريب، لا يمكن أن تتقرب إلى الله إلا إذا كنت مستقيماً، لذلك: تجد الصفات مشتركة بين المؤمنين؛ العدل, والرحمة, والإنصاف, والعفو, والحلم. اليقين بعدل الله يلغي مئات العقائد الفاسدة:
فيا أيها الأخوة, اليقين بعدل الله يلغي مئات العقائد الفاسدة:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ
-الله عادل-:
قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 18]
ولو قال المسلمون: نحن أمة محمد أمة مرحومة، قال تعالى:
﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 18]
لسنا مرتاحين، ولا أقوياء، وليس أمرنا بيدنا، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، ولسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، لأننا مقصرون، ولأننا اتبعنا الشهوات، أضعنا الصلاة، وإضاعتها ليس تركها، ولكن تفريغها من مضمونها.
ماذا لو طبق مفهوم العدل في حياتنا؟ :
فقضية العدل أيها الأخوة: لما توقن أنك إذا عاملت مجوسياً وظلمته, سوف يقتص الله منك، ولو كنت عند الناس ولياً كبيراً، مفهوم العدل إذا ترسخ, كانت حياتنا غير هذه الحياة، الله لا يحابي، ولو كنت منسوبًا، هل هناك أقرب من أن يكون عم رسول الله؟:
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾
[سورة المسد الآية: 1]
أين أصبح النسب؟ هل هناك أبعد من أن تكون من أمة أخرى؟. ((سلمان منا آل البيت))
((نِعم العبد صهيب, لو لم يخف الله لم يعصه))
((اسمعوا وأطيعوا ولو تولى عليكم عبد رأسه كالزبيبة))
هذا العدل، كلمة ندت من صحابي يخاطب سيدنا بلالاً، قال له: يا بن السوداء، فقال له النبي على غير عادته، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية، فلم يرض هذا الصحابي إلا أن يضع رأسه على الأرض ليطأ بلال رأسه بقدمه.
هذا الإسلام، الإسلام عدل.
ما معنى شيبتني هود؟ :
فأنت حينما تظن أنك متميز فأنت جاهل، ليس لك ولا ميزة.
يقول النبي:

((شيبتني هود))
ما معنى شيبتني هود؟ شيبتني سورة هود، ما معنى سورة هود؟ شيبتني آية: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ﴾
[سورة هود الآية: 112]
فإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. ما ينبغي أن تعلمه :
إن شاء الله كل يوم هناك موضوع موحد، واليوم: العدل, مفهوم العدل، لو كنت ابن رسول الله، العدل فوق الجميع، قد يرتكب إنسان مخالفة ربوية، يقول لك: أستاذ هناك رجل أفتاها لنا، والحمد لله، من أفتاها لك؟ واحد في جامع الشابكلية، إمام قال: لا شيء عليك، يجوز، لو استطعت أن تنتزع فتوى من رسول الله ولم تكن محقاً, لا تنجو من عذاب الله, في عدل، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً في هذا اللقاء، يجب أن تؤمن بعدل الله، ولا ينجيك من الله إلا أن تكون مستقيماً، لا ينجيك قرابة، ولا شفاعة .....:
﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ
-يا محمد-:
﴿ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾
[سورة الزمر الآية: 19]
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ((قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ, مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ, وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا, لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي, ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ, فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّي, فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ, فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي))


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 07:39 AM   #4


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الرابع )

الموضوع : وان تقولوا على الله ما لا تعلمون





بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هكذا رتبت المعاصي والآثام ترتيباً تصاعدياً:
أيها الأخوة, في سورة الأعراف آية رتب الله عز وجل المعاصي والآثام ترتيباً تصاعدياً, فقال تعالى:
﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً
-وجعل على رأس كل هذه المعاصي أكبر معصية-:
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 33]
لذلك قال الإمام الغزالي: لأن يرتكب العوام الكبائر, أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون. أليس هذا تهاوناً في أمر دينك؟:
أيها الأخوة, بشكل بسيط: عندك بيت، وأردت أن تبيعه، خرجت من بيتك، فإذا أمامك من يعمل في بيع البيوت، قال لك: هذا البيت ثمنه مليونان، هل تبيعه بسرعة؟ لماذا من أجل بيع بيت تسأل عشرة أشخاص، ومن أجل شراء سيارة تسأل مئة شخص، ومن أجل معالجة قضية في العين تبحث عن عشرة أطباء, أيهما أقوى علماً، وأشد إخلاصاً، لماذا في أمر دينك لا تتقصى الجهة الموثوقة والمتمكنة والورعة؟.
((ابن عمر دينكَ دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا))
((إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم))
علام يحضنا الله في هاتين الآيتين؟ :
لذلك قال تعالى:
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
[سورة النحل الآية: 43]
مَن هم أهل الذكر؟ أهل القرآن والسنة، وقال تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾
[سورة الفرقان الآية: 59]
اسأل عارفاً بالله عن أحوالك مع الله، فأنت مكلف أن تسأل عارفاً بالله عن أحوالك مع الله، وأن تسأل أهل القرآن والسنة عن أحكام الشريعة. مفتاح العلم السؤال :
إذاً: مفتاح العلم السؤال، حتى في أمور الفقه لا تتسرع.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ:

((خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ, فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ, فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ, ثُمَّ احْتَلَمَ, فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ, فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً, وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ, فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ, فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُخْبِرَ بِذَلِكَ, فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ, أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ, إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ, شَكَّ مُوسَى عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً, ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا, وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ))
قضايا العقيدة، قضايا الآخرة، قضايا العفو، قضايا الجنة، يجب أن تتأكد من صحة النص، وأن تتأكد من ورع القائل، وأن تتأكد من صواب المتكلم، قضية دين. لماذا في أمر دينك لا تتحرى ذلك؟ :
الآن: إنسان بشأن آلة لو دفعها إلى من لا يحسن إصلاحها فأعطبها, تشتري غيرها، أما قضية عملية قلب: يبقى الإنسان سنة يتقصى، أي طبيب أمهر؟ أي طبيب معلوماته أحدث؟ أي طبيب مشهود له بالصلاح؟ يقول لك: قلب، قضية القلب, وقضية العين، وقضية الأمراض العضالة تتحرى أفضل طبيب، وأشد الأطباء إخلاصاً، لماذا في أمر دينك لا تتحرى ذلك؟.
طرفة :
هذه طرفة: أعرف صديقًا لا يأكل الفول إلا من محل بجنوب المدينة، في أيام الشتاء عنده سيارة وزنها ثلاثة طن يحمّيها ربع ساعة، وينتقل من شمال المدينة إلى جنوب المدينة ليأتي بكيلو فول، ويذهب إلى صلاة الجمعة إلى أيّ مسجد قريب منه، فأنا قلت له: دينك أرخص من كيلو فول!؟ من أجل كيلو فول مشى قطر المدينة، ومن أجل دينه أي جامع، وقد يقول: الحمد لله أدركت الركعة الأخيرة يوم الجمعة، هي الصلاة من أجل الخطبة، وقد أجمع العلماء على أن ذكر الله يعني خطبة الجمعة. كلمة مهمة :
فيا أيها الأخوة, العوام لأن يرتكبوا الكبائر, أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون.
لا تقبل شيئاً إلا بالدليل، ولا ترفض إلا بالدليل، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء .
يا أخوان, مئات الأخوة الكرام يقولون لي: والله هكذا سمعت، أنت سمعت ممّن؟ قال لك الدليل؟ الدين ليس كلأ مباحاً لكل إنسان.

دعاء الختام :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 07:56 AM   #5


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الخامس )

الموضوع : ان الارض لله يورثها من يشاء








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من أمثلة الخلل في عقيدة الإنسان :
أيها الأخوة, هناك خلل كبير في عقيدة الإنسان، وهناك بالمقابل خلل في سلوكه.
مثل من أمثلة خلل العقيدة:
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 128]
الأمر بيد الله، والناصر هو الله، والمعطي هو الله، والمانع هو الله، والمعز هو الله، والمذل هو الله: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾
[سورة هود الآية: 123]
هذا هو التوحيد، هذه العقيدة هي العقيدة التي ينبغي أن يعتقدها كل مسلم، بماذا أجابوا؟: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾
[سورة الأعراف الآية: 129]
معناها: أن هناك عوامل للنجاح في الأرض لا علاقة لها بالله عز وجل، قال تعالى: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾
[سورة الأعراف الآية: 129]
أنواع الاعتقاد :
الملخص: إما أن تفهم الحوادث فهماً توحيدياً، وإما أن تفهم الحوادث فهماً شركياً، الحادث وقع، والعالم كله مشترك في علمه بما وقع، ولكن الناس لا يتفاوتون في تصديق ما وقع، ولكن في فهم ما وقع، فالبطولة: في سلامة تحليله للأحداث، فالإنسان في النهاية؛ إما أن يكون في فهمه لما يجري حوله مشركاً، أو أن يكون موحداً، الفهم الشركي: تعزو الحوادث والتفوق والنصر وعدم النصر إلى عوامل أرضية لا علاقة لها بالدين إطلاقاً، أما التفسير التوحيدي للأشياء: فأن تعزو التوفيق إلى الله، أما إذا جاء شيء لا تحبه, فينبغي أن تراجع نفسك: ما الذي فعلت؟ لأن الله عز وجل يقول:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾
[سورة النساء الآية: 147]
في الاعتقاد: هناك اعتقاد توحيدي: يلقي لك ضوءاً على كل الحوادث، فتفهمها فهماً توحيدياً، وهناك اعتقاد شركي: ينحّي عامل ألوهية الإله، وعامل أن الله: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾
[سورة الزخرف الآية: 84]
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾
[سورة هود الآية: 123]
من مخاطر الفهم الشركي :
من مخاطر الفهم الشركي: أن الإنسان يقهر، هناك ضعيف وهناك قوي، والقوي قد يقهر الضعيف، من دون توحيد الحياة لا تحتمل ولا تطاق، لأنه الطرف الآخر أقوى بكثير، ويتمنى أن يدمرك، وكل شيء بيده فيما يبدو، بيده المال والقوة، وأنت يراك إنسانًا متخلف ينبغي أن يبني مجده على أنقاضك، مع الشرك هناك قهر، وحقد، ويأس.
مع التوحيد :
مع التوحيد هناك مراجعة للنفس، لأن الله سلطه عليك لعلة فيك، ما هذه العلة؟ يبحث عنها، فإذا وجدها أزاحها، فإذا أزاحها عاد النصر كما كان.
مع التوحيد ليس هناك قهر، ولا حقد، ولا يأس، ولا سئم، ولا ضجر، لكن الكرة عندك:
يا عبدي ما سقت لك ما سقته إليك إلا لعلة منك، أَصلح أُصلح، غير أغير.
فالإنسان يبقى عزيز النفس، ويبقى متفائلا مع التوحيد، مع التوحيد الله عز وجل لا يسلمك لأحد، لو أنه أسلمك إلى عبد قوي وأنت ضعيف بين يديه, لا يستحق أن تعبده، متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، قال:

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾
[سورة هود الآية: 123]
طمأنك أن الأمر كله راجع إليه، فالآية واضحة جداً.
سيدنا موسى يقول:
﴿اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ
-أي توكلوا عليه-.
وَاصْبِرُوا
-على ما أنتم فيه، والعاقبة لكم، لأن الأرض لله-:

إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 128]
النماذج التي تميز بين الفهم التوحيدي وبين التفسير الشركي للأحداث :
1-في موضوع الأمطار :
هذه الأحداث التي تأتي, فترفع أقواماً وتخفض أقواماً, لا علاقة لها بالدين إطلاقاً, لأننا:
﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾
[سورة الأعراف الآية: 129]
أنت لاحظ أحياناً بجلسة، بسهرة، أنت تربط المطر بصلاة الاستسقاء مثلاً، هناك من يرفض ذلك, لا ما في علاقة، هذا منخفض جوي جاء, لذلك: الشرك والتوحيد على مستوى المطر، قال: أصبح مؤمن بي وكافر.
حديث قدسي صحيح في البخاري:

((من قال: أمطرنا بنوء كذا فقد كفر, ومن قال: أمطرنا برحمة الله فقد آمـن))
حتى في موضوع الأمطار، حتى في موضوع الجفاف، الفهم التوحيدي: أن هذا الجفاف تأديب من الله، لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾
[سورة الجن الآية: 16]
أما التفسير الشركي: هذا الجفاف انتقال خطوط المطر. 2-في موضوع الزلزال :
يحصل زلزال بأفسق بلد في الأرض، قال تعالى:
فإذا أردت أن تفسر هذا الزلزال تفسيرا توحيديا؛ أن الله سبحانه وتعالى:

﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾
[سورة هود الآية: 117]
يقول لك: هذا اضطراب في القشرة الداخلية للأرض، لا علاقة له بالدين، دائماً الكافر يفسر الأحداث تفسيراً أرضياً شركياً، ما دام في قوي وضعيف، ما دام في غني وفقير، ما دام في ذكي ومحدود، فينشأ يأس.
في سؤال كبير: ما دام هناك قوي وضعيف, وغني وفقير، وحاكم ومحكوم، ومستغِل ومستَغل، طيب: أين الله؟ لا بد من التوحيد:
وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
أنت كلما حاولت أن تعطي تفسيراً توحيدياً لكل شيء, يأتي الطرف الأخر ويعطيك تفسيراً أرضياً شركياً.
3-في موضوع الحرب الأهلية في بلد :
أحياناً تقوم حرب أهلية في بلد، يقوم اجتياح في بلد آخر، الله عز وجل قال:
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
[سورة النحل الآية: 112]
ما الشيء الذي يريح النفس ويجعلها مطمئنة ؟ :
أيها الأخوة, ما من شيء يريح النفس ويجعلها مطمئنة، ويجعلها متفائلة، ويجعلها مستبشرة كالتوحيد، وما من عذاب يحيط بالنفس كالشرك، والدليل: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 213]
المؤمن ينساق لأمر الله موحداً، مستسلماً، راضياً، لذلك: حاول أن تفهم كل شيء فهماً توحيدياً، فممكن أن تفهم الأحداث فهماً أرضياً، وممكن أن تفهم الأحداث فهمًا توحيديًا، الفهم التوحيدي يجعلك متوازنًا، الفهم التوحيدي يجعلك متفائلاً، الفهم التوحيدي ينفي عنك الحقد، الفهم التوحيدي ينفي عنك الألم والضجر، الفهم التوحيدي يجعلك مع الله عز وجل. هذه هي البطولة :
ومرة ثانية أقول: لا يمكن أن يقول لك الله: اعبدني وأمْرك بيد زيد أو عبيد، أما على الشبكية: فيبدو أن أمرك بيد زيد فيما يبدو، لكن الله يقول: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾
[سورة هود الآية: 123]
البطولة: أن تفهم الأحداث فهماً توحيدياً، وحينما تأتيك مشكلة -لا سمح الله-, راجع نفسك، وحاول أن تفهمها فهم إلهي، لماذا كان هذا الأمر؟ لأن الله يقول:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الآية: 147]
هذا شق. إليكم هذه الآية التي تريح الإنسان وتحل مشكلاته :
الشق الثاني في الموضوع:
﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 144]
شهد الله -أيها الأخوة-, ما من آية في كتاب الله، وفي معها آية ثانية: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 66]
ما من آية تريح الإنسان وتحل مشكلاته كهذه الآية. من مسالك الشيطان في ابن آدم :
قال سيد لعبد: سمعت أن سيدك سيبيعك، قال له: يعرف شغله، قال له: أرغب أن أشتريك، قال له: تعرف شغلك؟ قال له: اهرب، قال له: أعرف شغلي.
فأنت عليك أن تطيعه، وعلى الله الباقي، ما الذي يحصل؟ يأتي إبليس اللعين ويزهدك بما تستطيع، بإمكانك أن تكون صادقًا، وأمينًا، وعفيفًا، بإمكانك أن تكون محسنًا، بإمكانك أن تربي أولادك، بإمكانك أن تحجب زوجتك، بإمكانك أن تبيع المسلمين بيعًا شرعيًا، بإمكانك أن تعمل أعمالا صالحة، هذا كله تزهد فيه، ويقحمك إلى ما لا تستطيع، لا بد أن تقاوم, هذا شيء فوق طاقتك، تعمل حركة تتلقى مليون ضربة مثلاً، فيزهدك فيما تستطيع، ويدفعك إلى ما لا تستطيع.

هذه هي مهمتك :
أما الآية:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
[سورة الرعد الآية: 11]
هذا المعنى مأخوذ من كلمتين: ﴿فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 144]
﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 66]
مهمتك تنتهي بعبادتك، وعليّ الباقي. ((كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد, ولا تعلمني بما يصلحك، أنت تريد وأنا أريد, فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد))
ما النتيجة التي يحصل عليها العبد إذا أطاع الله؟ :
هذا الملخص: كلنا جميعاً حل مشاكلنا بكلمتين: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 66]
أنت أطع الله وارتح، تأتيك الأمور كما تتمنى، هذا الذي عليك، أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك، أقم أمر الله فيما تملك, يكفيك ما لا تملك، لا المسلمون يقصرون فيما يملكون, يتطلعون إلى ما لا يملكون.
مشكلة الناس :
لو تصورنا طالبًا داخلاً بمدرسة راقية جداً، وهو مكلف أن يطالع ويدرس، وهناك غرفة مطالعة راقية جداً مكيفة، ومراجع وأساتذة، وذهب إلى المطبخ، وقال: أنهيتم البصلات ؟ هذا ليس من شأنك، أنت الساعة الثانية الطعام يأتيك بالتمام والكمال، ارتح، وادرس، تركت دراستك، ولحقت عمل غيرك!؟ ما أنت مكلف به قصرّتَ فيه، وما لست مكلف فيه تحشر أنفك فيه؟.
هذه مشكلة الناس، يزهد فيما تستطيع، ويتطلع إلى ما لا يستطيع، وفي النهاية ما فعل شيئاً.
انظر إلى هذه الآية:

﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 144]
هناك ملمح رائع في الآية: أنت حينما تأخذ ما آتيتك, سيأتيك الخير والبركة والتوفيق فاشكر:
﴿فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الأعراف الآية: 144]
الآية الثانية: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 66]
نقطة مهمة في العقيدة :
هناك نقطة في العقيدة: كن توحيدياً، فسر الأمور تفسيرًا توحيديًّا.
هناك بلد إلى جوارنا كان فيه حرب أهلية، سمعت تفسيرات عديدة، سمعت تفسيرًا أن مكان للصراع العربي في هذا البلد، كل بلد عربي له في هذا البلد قوة مسلحة، وإذاعة، وإلخ .... ساحة صراع عربي، هذا تفسير عربي، هناك تفسير طائفي، حروب قديمة بين الطوائف، هناك تفسير دولي، مركز المال نما نموًّا كبيرًا، وهناك تفسير نسائي، قال: حكمتها عين، وهناك تفسير توحيدي:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
[سورة النحل الآية: 112]
ماذا نستنتج من هذا المثال؟ :
أخواننا الكرام, بالملخص: أنت راكب في سيارتك، تألق ضوء أحمر بلوحة العدادات، تألق أو ما تألق، تألق أكيدًا، رأيته أنت، أين بطولتك؟ بفهم سبب تألقه، إذا توهمت أن هذا ضوء تزييني احترق المحرك، هذا ضوء الزيت، إذا فهمت القضية تزينية, تسلية لك في الطريق, أشعلوا لك ضوءًا أحمر, هذا أسوأ فهم لهذه الحادثة، وإن فهمت أن هذا ضوء الزيت تقف، ولم يحصل شيء، فبين أن تقف وتصب الزيت ما كلفك شيء، بين أن تدفع خمسين ألفًا احترق المحرك!؟ من أين جاءت الغلطة؟ من سوء فهم هذا الضوء، فهمت الضوء فهمًا تزيينيًا, احترق المحرك، فهمت الضوء فهمًا تحذيريًا وقفت، فالبطولة: بإدراكك أن الضوء تألق أو ما تألق، لا، ليست هنا البطولة، تألق أكيدًا، رأيته تألق، البطولة في تفسيرك لهذا الـتألق.
انظر إلى فهم المؤمن وغير المؤمن للأحداث :
فأيضاً الأحداث تجري ما تفسيرها؟ المؤمن توحيدي، يفهم الأمور من عند الله عز وجل، يراجع نفسه دائماً، وغير المؤمن شركي يعزو كل شيء إلى الأرض، الطريق مسدود، لذلك: أكبر مصيبة تصيب الإنسان: من يقول؟
من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر
أصبح هو المصيبة، إذا جاءت المصيبة ولم يتعظ بها, أصبح هو المصيبة، إنسان غير طبيعي، الله عز وجل يرسل أحيانا رسالة.
صدقوا أيها الأخوة: ما من مصيبة تساق للإنسان إلا وهي رسالة من الواحد الديان، أحياناً الله يرسل لك رسائل كثيرة، فالبطولة: أن تفهم على الله، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَءَامَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الآية: 147]
خاتمة القول :
فهذا الكلام فهم توحيدي: أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك، إذا أحسنا فهم هاتين النقطتين, كنا في حال غير هذا الحال، افهم الأمور فهماً توحيدياً، وحاول أن تؤدي الذي عليك، وأن تطلب من الله الذي لك.
دائماً الناس الكسالى يضعون أهدافًا مستحيلة، فإذا لم يتحقق شيء لا يفعل شيئًا، والناس ينتظرون أن يأتي شيء من السماء يحل مشكلتنا مع اليهود ، ومع الاقتصاد، ومع الأخلاق، هذا كله أحلام مجانين، هذا المستقبل يكون من صنع أيدينا، باستقامتنا, بتحاببنا, بتعاطفنا، لا تنتظر معجزة، هذا فهم سقيم، وفهم متخلف، وفهم ضيق، لا تنتظر معجزة، كن أنت المعجزة، غير حتى الله يغير.
مخلص ملخص الملخص: يا عبدي أنت مرتاح, لا تغيّر لا أغيّر، ويا عبدي الآخر متضايق, غيّر أغيّر، فإذا كنت مرتاحًا لا تغير، طاعتك لله, وتواضعك, وإقبالك, وتوحيدك, وافتقارك, وخدمتك للناس، لا تغيّر لا يغيّر، ولأحسن: عندك مشكلة؛ غيّر أغيّر.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 08:01 AM   #6


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( السادس )

الموضوع : للذين احسنوا الحسنى وزيادة






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الإنسان فيه دوافع ثلاثة لحاجات ثلاث ما هما؟ :
أيها الأخوة الكرام, يقول الله جل جلاله في سورة يونس:
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
[سورة يونس الآية: 26-27]
أيها الأخوة, الإنسان فيه دوافع ثلاثة لحاجات ثلاث؛ دافع إلى الطعام والشراب لحاجة بقاء الفرد، ودافع إلى الجنس لحاجة بقاء النوع، ودافع إلى تأكيد الذات لحاجة بقاء الذكر.
ثلاث حاجات: أن يبقى الفرد بالطعام والشراب، وأن يبقى النوع بالزواج، وأن يبقى الذكر بتأكيد الذات.

من الدوافع الرئيسية عند الإنسان :
نأخذ الدافع الثالث: أكلت وشربت وتزوجت لم تحل المشكلة، لا بد من أن تشعر من حولك أنك إنسان عالم مثلاً، قوي، تتقن حرفة، متفوق اختصاص، تلفت النظر إليك بعمل سلبي أو إيجابي، فما من واحد إلا وفيه حاجة إلى تأكيد الذات، من أجل بقاء الذكر، يقول: كرامتي، مكانتي، هيبتي، شعبيتي، من حولي، فالآيتان اللتان تلوتهما على مسامعكم, متعلقتان بتأكيد الذات، ما الذي يزعجك؟ أن تكون ذليلاً، ما الذي يؤلمك؟ أن يقهرك إنسان، أن يقلل من شأنك إنسان، أن ينال منك إنسان، أن يزدريك إنسان، ما الذي يسعدك؟ أن تكون محترماً، مبجلاً، موقراً، ذا هيبة. هل تصدق أن لتأكيد الذات طريق يفضي إلى الجنة؟ :
هل تصدقون: أن لتأكيد الذات طريق يفضي إلى الجنة، يقول الله عز وجل:
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ﴾
-المطلق على إطلاقه؛ أي أحسن في انتقاء زوجته، انتقاها ذات صلاح ودين، أحسن في تربية أولاده، أحسن في إتقان عمله، أحسن في علاقته بمن حوله-: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾
[سورة يونس الآية: 26]
الحسنى هي الجنة؛ أي الحسنى ثمنها أن تحسن، الجنة ثمنها أن يكون عملك طيباً، هذا شيء بالفطرة، تجد إنساناً شريراً يؤذي، يبني مجده على أنقاض الناس، يبني حياته على موتهم أحياناً، يبني غناه على إفقارهم، يبني أمنه على خوفهم، يبني عزه على ذلهم، إنسان في خدمة الخلق، الخير بيده والشر بيده، فطوبى لمن قدرت على يده الخير، والويل لمن قدرت على يده الشر.
إذاً: إن أحسنت فلك الجنة بمطلق الكلمة؛ إن أحسنت في صنعتك، إن أحسنت في طبك، في هندستك، في مرافعتك، في دفاعك عن موكل مظلوم، إن أحسنت في صنع هذه البضاعة، إن أحسنت في تصنيع هذه المواد الغذائية، أن أحسنت في علاقاتك مع الناس:

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ﴾
-والإحسان يدرك بالفطرة، والإساءة تدرك بالفطرة، الدليل: أن السيدة خديجة عندما جاءها النبي وقد جاءه الوحي، وكان النبي وجلاً, علمت وجله, قالت: والله لا يخزيك الله أبداً، -لماذا؟ من أعلمها بذلك؟-, والله لا يخزيك الله أبداً، إنك تقري الضيف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر. إذاً: لن يخزيك الله أبداً.
قف عند هذا القول :
أنا أقول لكم تقليداً: أي شخص منا إذا كان عمله جيداً محسناً، إن كان ابناً صالحاً، وإن كان شاباً مستقيماً، وإن كان أباً رحيماً، وإن كان زوجة ترعى زوجها وأولادها، وإن كان طبيباً مخلصاً، يحاول شفاء المريض دون أن يبتز ماله، وإن كان محاميا يدافع عن موكله بإخلاص دون أن يوهمه بنجاح الدعوة، وهي خاسرة سلفاً, إن كان بائعاً يبيع بضاعة جيدة بسعر معتدل وبمعاملة طيبة، وإن كان مدرساً يعلم طلابه لا على قدر المعاش، على قدر حاجتهم إلى العلم-:
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾
[سورة يونس الآية: 26]
الحسنى: الجنة، الزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى.
وقد ورد في بعض الآثار: أن المؤمنين يوم القيامة إذا نظروا إلى وجه الله الكريم, غابوا خمسين ألف عام من نشوة النظرة:
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾
[سورة القيامة الآية: 22-23]
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾
[سورة يونس الآية: 26]
متى يكون الإنسان عزيزاً؟ :
متى تكون عزيزاً؟ في الدنيا إذا كنت محسناً، قد تجد حاجبًا عزيزا، لأنه يقوم بعمله قياماً صحيحاً، وتجد أكبر إنسان بالمؤسسة ذليلا, لأنه ملصقٌ بتهمة اختلاس، فأعضاؤه ترتعد خوفاً من كشف الاختلاس:
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾
[سورة يونس الآية: 26]
أي إن أردت أن تكون عزيزاً، موقراً، محترماً، تنام مرتاح البال، تنام مطمئناً، لا تخاف من أحد، لا تحسب حساباً لأحد، رافع رأسك، فكن محسناً، ومن ضمن الإحسان الاستقامة، الاستقامة والعمل الصالح, إذا اجتمعتا تفرقتا، وإن افترقتا اجتمعتا، إذا قلنا: إحسان فقط؛ أي مستقيم، وله عمل صالح، إذا قلنا: مستقيم فقط؛ أي مستقيم، وله عمل صالح، إذا اجتمعتا تفرقتا، وإن افترقتا اجتمعتا، إذا قلنا: مستقيم، وله عمل صالح، مستقيم: ترك كل المنهيات وله عمل صالح, فعل كل شيء جيد، الاستقامة ترك، والعمل الصالح عطاء، إن اجتمعا تفرقا، وإن تفرقا اجتمعا:
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾
[سورة يونس الآية: 26]
اجتمعا، أحسن؛ أي مستقيم، وعمله صالح، ثمن الجنة أن تنتهي عما عنه نهاك، وأن تأتمر بما أمر به، وأن تكمن محسناً للخلق.
من ثمار الاستقامة والعمل الصالح :
من ثمار الاستقامة والعمل الصالح: أنك عزيز لا تهاب أحداً، ولا تخاف من أحد، لأنك واضح كالشمس، أمورك منضبطة، أما إذا وجد خطأ بالمال، خطأ بالعلاقات، يوجد خلوة، ثم كشفت هذه الخلوة خوف الفضيحة، خوف الافتضاح، عندئذ القضية تحتاج إلى تذلل, وإلى ترجٍّ وخنوع وخضوع، قانون العزة: أن تكون مستقيماً محسناً، قانون الذل: أن تكون منحرفاً مسيئاً: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ﴾
[سورة يونس الآية: 26]
قصة :
كنت مرة عند صديق, يعمل قاضي تحقيق أول, فأنا جالس عنده, يحقق مع إنسان قاتل، شيء ممتع: كيف يسأله وكيف يستجوبه؟ وهذا القاتل يرهق وجهه كآبة وقتر وذل، فتح الباب, دخل شاب مشرق الوجه، مبتسم، كلفه القاضي بإصلاح ساعته.
الفرق بين هذا وهذا كبير جداً، هذا مشرق الوجه يبدو أنه لا يوجد عليه مشكلة، وكل إنسان مستقيم وعمله صالح يشعر بثقة بنفسه، وينتزع إعجاب الناس:

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
-في الدنيا عزيز، وفي الآخرة في الجنة، لذلك: سبحانك لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، العزة لله, ولرسوله, وللمؤمنين.
القانون الثاني-:
وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾
[سورة يونس الآية: 27]
هذا قانون العزة، وقانون الذلة، إن كنت مستقيماً، ولك عمل طيب, فأنت عزيز عند كل الناس.
متى يلقي الله على العبد الهيبة؟ :
حدثني إنسان في بلد آخر, يعمل في مؤسسة, له مدير عام منحرف انحرافاً مخيفاً، غارق بشرب الخمر والزنا وما إلى ذلك ....، هو يعمل معه بالمؤسسة، لكن هذا الموظف مستقيم تماماً, ومنضبط, ونزيه, ومحسن، وهذا الذي يعمل معه متفلت أبعد الحدود, وفاجر, وغارق بالزنا, وفي شرب الخمر، اقتضى العمل أن يكون هذا الموظف مع مديره في مهمة في سفر، يقول لي هذا الأخ: ذهبنا إلى بلد بعيد، ودخلنا إلى مطعم، والمفاجأة لم يطلب ما حرم الله من المشروبات، فبعد أن انتهى الطعام قال له بالحرف الواحد: أستاذ, لاحظت أنه لم نضع خمراً على الطاولة؟ قال له: لاحظت، قال له: هذا لأن دينك أصلي، ليس زعبرة، بالضبط؛ أي دينك أصلي، أي هذا الفاجر، هذا المنحرف الغارق في المعاصي: أدرك أن هذا مستقيم, فاحترمه إكراماً له, لم يضع على الطاولة شيئاً محرماً، وأنت حينما تكون مستقيماً, يلقي الله عليك هيبة، هيبة الله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾
[سورة يونس الآية: 26-27]
واقعة :
حدثني أخ مقيم في واشنطن، بعد فضيحة مونيكا, جمع الرئيس كلينتون رجال الدين, والرجل كان حاضراً، وتكلم أمامه كلمات، هو رئيس الجالية الإسلامية في أمريكا، قال: بكى رئيس الجمهورية خجلاً من هذه الفضيحة، لأنه ارتكب سيئة بكل المقاييس، حتى بالمقاييس غير الإسلامية: ارتكب شيئاً ممنوعاً أن يرتكبه, فصار يبكي، ويعتذر، ويقول: اغفروا لي، ولتغفر لي زوجتي وابنتي، لماذا؟ وهو في أعلى مقام بالعالم؛ أي لا يوجد منصب أعلى منه بالعالم، أعلى منصب بأقوى دولة بالعالم, اضطر أن يبكي, وأن يكون ذليلاً، وأن يعتذر لمن حوله، أي أكبر موقف فيه ذل؟ أمام زوجته التي خانها, وأمام ابنته التي اقتنعت بالإسلام، فلذلك:
﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾
[سورة يونس الآية: 27]
الإنسان إذا اختلس المال, سيقف صاغراً أمام المحقق، إذا ارتكب خيانة بعلاقة مع النساء, سيقف صاغراً, من يحقق معه في هذا الموضوع؟ إن أردت أن تكون عزيزاً فكن مستقيماً.
اعلم هذا :
قد يكون الحاجب أشد عزة ممن يعمل عنده، لأنه مستقيم، فإذا سألتني عن قانون العزة والذل أقل لك: استقم وأحسن تكن عزيزاً، ولا سمح الله ولا قدر: من ينحرف ويسئ يكون ذليلاً، ولا بد من أن يفضحه الله على رؤوس الخلق، لأن الإنسان يتوهم أنه بذكائه ينجو، لكن الله سبحانه وتعالى إذا أراد إنفاذ أمر, أخذ من كل ذي لب لبه، ووقع في شر عمله. من القوانين في القرآن الكريم :
مثلاً قانون التيسير والتعسير:
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾
[سورة الليل الآية: 5-7]
قانون المحبة والعداوة: ﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾
[سورة المائدة الآية: 14]
القرآن قوانين، قانون المحبة والبغضاء، إذا نسيت حظاً مما ذكرت به, أغريت بعداوة الآخرين، وإذا كنت مستقيماً أحببتهم.
عن عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ, عَنِ الْحَسَنِ, حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِيطٍ, قَالَ:

((أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي أَزْفَلَةٍ مِنْ النَّاسِ, فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَمَا تَوَادَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا حَدَثٌ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا ...))
هذا قانون العزة والذلة: استقم واعمل صالحاً تكن عزيزاً، وقصر وانحرف تكن ذليلاً ولو كنت كبيراً، أكبر الكبراء يهان، توجه له أقسى الكلمات، لو كان مستقيماً ينتزع إعجاب الناس واحترامهم.

والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 08:04 AM   #7


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( السابع )

الموضوع : ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
يجب أن تعلم علم اليقين :
أيها الأخوة, لو نشر خبر في الجريدة لا يزيد على بضع كلمات، أن هناك اتجاهًا إلى تخفيض رسوم السيارات، ماذا يحصل في السوق؟ كل سيارة يهبط سعرها مئة ألف، بأربع كلمات بخبر في جريدة، الآن للتوضيح:
إله الكون، خالق الكون، من بيده كل شيء, يقول على لسان سيدنا لوط:

﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة هود الآية: 55-56]
أنت علاقتك مع الدابة أم مع الذي أخذ بناصيتها؟ إذا أيقنت بهذه الآية: أن كل القوى في الأرض هي بيد الله, فإن كنت مع الله حجزهم عنك، وإن تفلت من منهجه أطلقهم علي.
ماذا تفيد كلمة (على) مع لفظ الجلالة ؟ :
﴿ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة هود الآية: 56]
وكلمة على مع لفظ الجلالة تعني: أن الله ألزم نفسه بالاستقامة. تمعن في آيات التوحيد:
قال تعالى:
﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾
[سورة سبأ الاية: 17]
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾
[سورة النساء الاية: 147]
هذه الآية: ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة هود الآية: 55-56]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 08:06 AM   #8


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( الثامن )

الموضوع : لقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب







الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ماذا تعني القصة؟ :
أيها الأخوة، سورة يوسف أطول قصة في القرآن، إذا رمزنا إلى الحقيقة بلعقة عسل, فالحقيقة في القصة شربة عسل، التعبير؛ إما أن يكون مباشرًا مركّزًا، وإما أن يكون غير مباشر على شكل قصة، والقصة تعني: أن هناك شخصيات، وهناك بيئة؛ بيئة زمانية، وبيئة مكانية، وهناك حوار، وهناك حبكة، بداية وعقدة ونهاية، والشيء الذي لا يصدق: أن أرقى قواعد القصة الفنية مطبقة في قصة يوسف، فمن بداية إلى عقدة إلى نهاية، من تصوير إلى تحليل، من سرد إلى وصف، فلو قرأت هذه القصة في منظار قواعد القصة الفنية, لكانت هذه القصة في أعلى مستوى فني.
هل تؤثر القصة في الناس ولماذا؟ :
لكن أيها الأخوة صدقوا: أنه ما من أسلوب في التعبير يمكن أن يؤثر في الناس كالقصة، لذلك قال تعالى:
﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾
[سورة يوسف الآية: 111]
فقوة تأثير القصة شيء لا يصدق، أنت بالقصة تستطيع أن تتسلل إلى كل خطوط الدفاع عند الإنسان، وتستطيع بالقصة أن تحطم مبدأ دون أن تؤاخذ، ماذا يفعل أعداء الدين الآن؟ لا يتكلمون عن الدين شيئاً، يقدمون للناس قصة أو مسلسلاً، الإنسان الديّن سخيف، في القصة طبعاً، أفقه ضيق، أناني، عنده ازدواج بالشخصية، مهمل لبيته، ترى إنسانًا آخر متفلتًا من الدين، لكنه بطل، منضبط، في غنى، في أناقة، في جمال، فكل إنسان يطالع هذه القصة يكره الدين، هم لا يتكلمون كلمة عن الدين، لكنه أعطاك نموذجاً قمئاً، فلذلك أخطر شريحة في المجتمع تؤثر فيهم القصة: الأطفال، لأن الطفل لا يتعامل مع الفكرة, بل يتعامل مع الصورة، كما أن القصة أقوى أداة تعبيرية للتأثير في الآخرين, هي في الحقيقة أخطر أداة تعبيرية لتحطيم المجتمع.
انظر إلى هذا القول لبعض الأدباء :
لذلك حينما يقال: إن القصة يمكن أن تصور الرذيلة، ولكن ينبغي أن تصورها على نحو نحتقرها، ونشمئز منها، لكن الواقع عكس ذلك، الرذيلة تصور في القصة على نحو نعجب بأبطالها، ونراها شيئاً عظيماً.
يقول بعض الأدباء: إذا صورت الرذيلة على نحو نعجب بها، ونحترمها، ونرى أصحابها أبطالاً, فإن مجتمعاً بأكمله يسقط من خلال هذه القصة، فأنا أتمنى على كل داعية أن يستخدم القصة كأداة تعبيرية.

ما سبب توبة هذا الشاب؟ :
أيها الأخوة, اتصل بي إنسان لا أعرفه من أقصى مكان في الدنيا من لوس أنجلوس، وقال لي: أنا أعمل عملاً حقيراً، أو من أحقر الأعمال، قلت له: ما العمل؟ قال لي: أنا بالتعبير الأجنبي: مونتاج للأفلام الإباحية، هذا عملي، واستمعت إلى شريط لك خمسين مرة، وكانت توبتي بسببه، بعد عام التقيت به في واشنطن، سألته: أي شريط؟ فأجابني، أي موضوع؟ فأجابني، أية قصة؟ فأجابني، سبب توبته قصة.
القصة حقيقة مع البرهان عليها:
وأنا متأكد مما أقول، قد تعرض قصة عرضًا فنيًّا دقيقًا من خلالها يتوب الإنسان، لذلك كانت السيرة أبلغ شيء في التعبير عن رسول الله وعن أصحابه الكرام، لأنهم قالوا:
القصة حقيقة مع البرهان عليها.
مثلاً:

﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾
[سورة النمل الآية: 62]
فكرة، تعبير مباشر، أما سيدنا يونس: فقد وقع في بطن الحوت، تصور حوتًا وزنه 150 طنًّا، فمه يفتحه ليأكل أربعة أطنان، وجبته المعتدلة أربعة أطنان، فالإنسان لقمة:
﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾
[سورة الصافات الآية: 142]
نبي كريم لقمة في بطن الحوت: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾
-هل هناك مصيبة على وجه الأرض تفوق أن تجد نفسك فجأة في بطن الحوت؛ في ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة بطن الحوت؟-:
﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾
[سورة الأنبياء الآية: 87 - 88]

معنى ذلك: أن الله عز وجل مع كل مخلوق، ولو كان في بطن الحوت.
نقطة دقيقة :
يمكن أن تستنبط من قصة يوسف حقائق لا تعد ولا تحصى، لذلك: القصة إذا كانت الحقيقة لعقة عسل, فالقصة شربة عسل، ممددة، وأحياناً قصة مؤلفة من ألف صفحة, فكرتها أربع كلمات، الإنسان أقوى من كل عقبة أمامه، قصة كبيرة جداً لكاتب فرنسي، الفكرة هذه ممدة في ثمانمئة صفحة، تعبير غير مباشر، لكن أساسه التصوير، أساسه الحركة، أساسه الوصف، أساسه التحليل، أساسه الوصف الداخلي، أحيانا تأتي الخواطر والصراعات والطموحات والإرهاصات كلها توصف، لذلك: أسلوب القصة أمتع أسلوب الدليل. القصة سلاح ذو حدين :
ائتِ بابنك إلى المسجد، وليستمع إلى خطبة الجمعة، الخطبة ساعة، فيها فكر, وفيها عقيدة، وفيها نصوص، وفيها شرح، وفيها قصة، اسأل ابنك: ماذا فهمت من هذه القصة؟ لا يذكر لك إلا القصة، وأنت إذا قرأت قصة لا تنساها أبداً، بينما أي شيء آخر تقرأه فتنساه، قصة سهلة جداً، لذلك: يمكن أن يستخدمها الأب، وأن تستخدمها الأم، وأن يستخدمها المعلم، وأن يستخدمها الداعي، والمؤلم: أن الدعاة إلى الباطل، والدعاة إلى الفساد يستخدمون القصة، من أجل إفساد العقائد وإفساد الأخلاق، هي سلاح ذو حدين؛ إما أن تهدم مجتمعًا، أو أن ترقى بمجتمع، وحينما تقرأ قصة أصحاب رسول الله, أبلغ ألف مرة من أن تطلع على أفكار مجردة للإسلام، الإسلام يتجسد بهؤلاء؛ بإيمانهم، بورعهم، بنزاهتهم, بمحبتهم للنبي، باستقامتهم، بصدقهم، بأمانتهم، بعفتهم. ما المغزى من قصة سيدنا يوسف؟ :
أيها الأخوة الكرام, أطول قصة في القرآن: قصة سيدنا يوسف، لكن أحياناً ربنا عز وجل يذكر في القصة مغزاها، هذه القصة الطويلة التي فيها بداية وعقدة ونهاية، وفيها شخصيات، امرأة العزيز؛ عزيز مصر، سيدنا يوسف، أخوة يوسف، سيدنا يعقوب، البيئة من مصر إلى فلسطين، الزمان، وقت ملوك مصر، وقت القحط، فيها بيئة مكانية، وبيئة زمانية، وحبكة، وحوار، وسرد, ووصف، هذه القصة بمجملها شربة عسل، ما لعقة عسلها؟ إنها قوله تعالى:
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
[سورة يوسف الآية: 21]
معظم أهل الأرض مشركون، لا يرون إلا هؤلاء القوى الكبرى في العالم، أما المؤمن فلا يرى إلا الله، لا يرى إلا يد الله تعمل في الخفاء.
قف هنا :
دخلت مرة إلى المسجد في الأوقات العصيبة، رأيت آية بأكبر مساحة في صدر المسجد، لما قرأتها اقشعر جلدي:
﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾
[سورة الفتح الآية: 10]
﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾
[سورة طه الآية: 45-46]
أحياناً القصة تفعل في نفسك فعلاً لا يصور، لا يصدق، لذلك: هذه قصة يوسف قصة الشباب.
لم استحق سيدنا يوسف هذه المكانة العليا في المجتمع؟ :
يروى أن خادماً في قصر العزيز رأى يوسف عبداً، ولقد سيق إلى السجن، ثم رآه عزيز مصر، هذا الخادم قال: سبحان من جعل الملوك عبيداً بمعصيته، ومن جعل العبيد ملوكًا بطاعته.
هذه قصة الشباب، ماذا فعل؟ عف عن الحرام فقط:

﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾
[سورة يوسف الآية: 23]
الآن: في الأرض مليارات البشر يرون الزنا فرصة لا تعوض، أما هذا الإنسان:
﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾
[سورة يوسف الآية: 23]
لذلك: رفعه الله إلى قمة المجتمع، جعله عزيز مصر، تبين الحسد بين الأخوة.
ما ملمح هذه القصة؟ :
أنا أذكر مرة كنت في أمريكا في مؤتمر، وقتها وقعت الطائرة المصرية التي فيها 38 ضابطاً كبيراً, أنهوا دراستهم العالية على أرقى الأسلحة في أمريكا، وقد سقطت طائرتهم، ماذا قال سيدنا يعقوب؟ قال تعالى:
﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾
[سورة يوسف الآية: 67]
ملمح في القصة: ينبغي أن يأتي هؤلاء الضباط واحداً وَاحداً، كل واحد في رحلة، أما 38 ضابطًا! هذا مغنم كبير، سقطت الطائرة، وقيل: أسقطت من الأرض بمكر صهيوني.
متى تبتز أموال هذه الأمة؟:
فالقصة يمكن أن تمضي وقتاً طويلاً في الحديث عن استنباطاتها، لذلك: القصة كما أنها أكثر أدوات التعبير فعالية, هي أكثر أدوات التعبير خطراً، فمن خلال قصة، الآن لو أن شبابنا وشاباتنا تابعوا القصص على الشاشة، في النهاية الدين مغيّب كلياً، الحرام مغيب كلياً، الآخرة مغيبة كلياً، المتعة مع المرأة بالحرام حصراً، لا يوجد في كل هذه القصص زواج سعيد، هناك زواج ممل، وعلاقة خارج الزواج، إذا رأى الشباب والشابات هذه القصص في النهاية, طريق الزنا أصبح واسعاً جداً وسهلاً.
أنا -أيها الأخوة- لست متشائماً، لكن ما دامت هذه الشاشة تعرض كل المعاصي والآثام على أنها بطولات، وكل الجرائم الكبيرة في المجتمع على أنها نزوات, فاقرأ على هذه الأمة السلام، ما لم يكن الصحابة الكرام هم أبطال أبنائنا، هم قدوتهم، فإن الطريق إلى الآخرة ليس سالكاً, تبتز أموال الأمة لسخافات ما بعدها من سخافات.

ملخص الدرس :
لذلك أيها الأخوة: هذه قصة العفاف، هذه قصة الطهر، هذه قصة لا إله إلا الله، هذه القصة أن الأمر بيد الله، هذه قصة أنك تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد، وضعوه في الجب ليموت، فكان عزيز مصر، وضعوه في الجب ليموت، فجعله الله عزيز مصر، هذا الذي قال لي: سمعت الشريط خمسين مرة، وتاب إلى الله، والتقيت به تائباً في واشنطن، هذه القصة، وقد اعتمد الله القصة في القرآن كأداة للتعبير، وأداة للتأثير، فلنستخدم هذه القصة، وأية قصة أخرى.
دعاء الختام :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.






والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 08:10 AM   #9


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله



بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( التاسع )

الموضوع :وان كادوا ليفتنونك









الطرف الآخر يريد تخفيف التكاليف وإلغاء الأحكام :
الحمد لله رب العالمين ، والصـلاة والسـلام علـى سـيدنا محمد الصـادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ إذا كان المؤمنون طرف والطرف الآخر هم غير المؤمنون كل سعيهم وكل طموحهم وكل جهدهم هذه الآية :
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73 ]
حينما تبدل الأحكام .
الطرف الآخر :
الآن لا يريد إلغاء الدين الإسلامي ، لأنه لا يستطيع ، لكن أمامه خيارات كبيرة جداً ؛ أن يبدل في الأحكام الشرعية ، فكل يوم تطلع علينا فتوى تبيح محرماً ، أو تحل محظوراً : ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73 ]
المشكلة أن تخفف من هذه التكاليف ، أن تلغي هذا الحكم ، أن تسمح بالاستثمار الربوي ، أن تسمح بالاختلاط ، أن تسمح بالغناء ، أن تسمح بالرقص .
العبرة أن تتبدل الأحكام :
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73-74 ]

الإنسان أحياناً يتمنى أن ينتشر الحق ، فلو تنازل قليلاً ، وعمّ الحق الأرض هذا يعد مكسباً كبيراً ، لكن الله عز وجل يلفت نظر نبيه إلى أنه ينبغي أن تبقى ثابتاً ، ولا تتزحزح عن الأحكام الشرعية قيد أنملة ، لأنك إن تنازلت قليلاً استمر هذا التنازل حتى أصبح القرآن رسماً ، والإسلام اسماً ، وهذا ما يطمح إليه الطرف الآخر ، أي أقرب شيء إلينا هذا الشهر ، هذا الشهر عند المسلمين شهر المسلسلات ، شهر الولائم ، شهر السهرات الرمضانية ، تبدأ بالأذان وطعام الإفطار ، وتنتهي بالرقص مع طعام السحور ، هذا الشهر شهر الفن ، شهر المخالفات ، شهر اللقاءات ، رمضان يبقى ، والحج يبقى ، كل شيء يبقى ، أما الأحكام الدقيقة التي جاء بها القرآن والتي جاءت بها السنة فينبغي أن تتغير :
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73 ]
بمصر إيداع المال في المصرف ، وأخذ الفائدة لا شيء فيه ، إذًا ما هو الربا ؟ الاختلاط لابد منه ، الفتاوى التي تصدر عن جهات معينة ، وعن ندوات فضائية شيء يلغي كل هذا الدين :
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73-75 ]
إذا كان سيد الخلق ، وحبيب الحق يخاطب بهذه اللغة ، فما بال أناس يريدون أن يتخففوا من أعباء هذا الدين ؟ . خصائص الفرق الضالة :

وقد ذكرت لكم في درس سابق أن كل الفرق الضالة تنتظمها أربع خصائص :
1- تأليه الأشخاص .
2- وتخفيف التكاليف ؛ أي تبديل الأحكام .
3- واعتماد نصوص ضعيفة أو موضوعة .
4- ونزعة عدوانية .
كنت في مؤتمر إسلامي كبير ، وهذا المؤتمر من تقاليده أن الضيوف يلقي كل واحد منهم في حفل الختام كلمة في دقيقة ، ستين ثانية ، اخترت هذه الآية ، لأن هذه الآية تمثل مشكلة الطرف الآخر ، الذين يريدون أن يبدلوا هذا الوحي ، إذاً نكون نحن أصدقاء :
﴿ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
[ سورة الإسراء الآية : 73 ]






والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-26-2018, 08:13 AM   #10


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: ومضات من ايات الله





بسم الله الرحمن الرحيم

ومضات من ايات الله

الدرس : ( العاشر )

الموضوع : فاما عاد فاستكبروا








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما من أمة باغية أهلكها الله إلا ولها مثيلتها في كل عصر من العصور:
أيها الأخوة الكرام, في القرآن الكريم فضلاً عن الأوامر والنواهي، وفضلاً عن الآيات الكونية، وفضلاً عن مشاهد يوم القيامة, وعن قصص الأنبياء، في القرآن الكريم نماذج بشرية فردية وجماعية، فالنماذج الفردية مثلاً كقوله تعالى:
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ﴾
[سورة الحج الآية: 66]
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾
[سورة الفجر الآية: 15-16]
هذا نموذج، النفس الأمارة بالسوء؛ نموذج النفس اللوامة، نموذج النفس المطمئنة، نموذج .....
ولكن هناك نماذج جماعية، يعني مثلاً قوم عاد, الآية:

﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً
-هذا الاستكبار، والعجرفة، والغطرسة: من أشد منا قوة؟ هذه الصفة ليست في عاد، بل في كل أمة قويت، وكانت مع قوتها جاهلةً بالله عز وجل-:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾
[سورة فصلت الآية: 15]
لذلك: ما أهلك الله قوماً إلا ذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوةً، إلا قوم عاد, يوم أهلكهم, ذكرهم أن الله أشد منهم قوة، معنى ذلك: أنه لم يكن فوق عاد إلا الله، فهذه أمة متغطرسة مستكبرة متكبرة، من أشد منا قوة؟ قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾
[سورة الفجر الآية: 6-8]
كانت متفوقة في شتى ميادين التفوق، هذه أول صفة، لم يخلق مثلها في البلاد، مع التفوق؛ الغطرسة, والكبر, والاستعلاء, والاستكبار، قال تعالى-:
﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾
[سورة فصلت الآية: 15]
ثم إن عاداً قال الله عنها:
﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 128-129]
تفوق في البنيان ناطحات السحاب، تؤكد هذه الحقيقة:
﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 128-129]
الآن: تتمتع عاد بقوة عسكرية جبارة، قال تعالى-:
﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 130]
وعاد تتمتع بتفوق علمي كبير، قال تعالى:
﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 38]
﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾
[سورة الشعراء الآية: 128-129]
الآن: قال تعالى:
﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى﴾
[سورة النجم الآية: 50]
إذا قال الله: عاداً الأولى, معنى ذلك: أن هناك عاداً الثانية، والثانية ليست عنكم ببعيد؛ لا عن أخبارها، ولا عن عدوانها، ولا عن احتلالها، ولا عن غطرستها، أهلك عاداً الأولى، دليل ثان:
﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً
-وما كان فوقهم إلا الله-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾
[سورة فصلت الآية: 15]
وتفوق عمراني بالغ، وتفوق عسكري بالغ، وتفوق علمي بالغ:
﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾
[سورة العنكبوت الآية: 38]
ماذا فعلت عاد؟ قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾
[سورة الفجر الآية: 6-8]
طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، طغوا؛ أي اعتدوا، أكثروا فيها الفساد، أفسدوا الأخلاق ، طغوا؛ أي فسقوا، وأفسدوا بأفلامهم، بصواريخهم طغوا, وهدموا, وبأفلامهم أفسدوا الأخلاق.
لذلك: أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً، قال تعالى:

﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾
[سورة الحاقة الآية: 1-7]
لذلك: عقابهم في الدنيا أعاصير لم يشهد الله لها مثيلاً، سرعة الإعصار ترتفع إلى مئتي كيلو متر، هذه السرعة تدمر كل شيء، ولا تبقي شيئاً.
مجموعة صفات تنطبق تماماً على دولة عظمى مستكبرة, طاغية ومفسدة في العالم.

لذلك: أنا كنت في هذه البلاد قبل حين، فلما عدت إلى بلدي سألت: أين كنت؟ قلت: في عاد الثانية.
ففي القرآن نماذج بشرية متكررة, القرآن الكريم أبلغ من أن يصف قوماً عاشوا واندثروا وانتهى أمرهم, أبلغ من ذلك، يقدم لك نماذج مستمرة، فهذا نموذج في النهاية أهلكها الله عز وجل، قوة مستكبرة عاتية طاغية، أن تخطط لمستقبلها على حساب بقية الأمم والشعوب، وعلى حساب كرامتها وثقافتها, وعلى حساب كفاءتها، هذه الخطط لا تنجح، لأن نجاحها يعني أن الله غير موجود، نجاح خططها يتناقض مع وجود الله، لذلك قال تعالى:

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 139]
لكن هؤلاء المؤمنين الذين يعاصرون هذه القوى الباغية, ليسوا كما يريد الله عز وجل، هان أمر الله عليهم فهانوا على الله، لكن المسلمين هم أقل الأمم معرفةً بعظم منهجهم.
انهيار الكتل الأرضية تحت قدم الإسلام:
لذلك: عالم أمريكي هداه الله إلى الإسلام، وتعمق فيه، وزار بريطانيا، والتقى بالجالية الإسلامية هناك, وقال بالحرف الواحد: أنا لا أعتقد أن في المدى المنظور يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب لاتساع الهوة بينهما، ولكنني أعتقد اعتقاداً جازماً أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لأن في منهجهم خلاص البشرية.
لذلك: الساحة فارغة -أيها الأخوة- كانت الساحة ثلاث كتل للقيم والمبادئ، كان هناك كتلة شرقية وكتلة غربية، والإسلام الإسلام لا شرقية ولا غربية، ولكن علوية، خطاب السماء إلى الأرض، لا شرقي ولا غربي، وأكبر خطأ أن نقول: في الإسلام ديمقراطية، في الإسلام اشتراكية، الإسلام لا شرقي ولا غربي، الإسلام منهج الله عز وجل، منهج علوي من عند الخالق, لذلك أيها الأخوة الكرام: كان هناك ثلاث كتل، الكتلة الشرقية تداعت من ذاتها، تداعت بقدرة قادر.
ومن كان يصدق أن هذه الكتلة التي تملك من القنابل النووية ما تستطيع تدمير القارات الخمس خمس مرات, تداعت من الداخل وتساقطت، وهي من الدول المتخلفة الآن؟ أليس كذلك؟.
بقي في الساحة قوتان، الإسلام قوة مبادئ، قيم الإسلام مع مبادئ الإسلام، وقيم الغرب مع مبادئ الغرب، فالغرب فضلاً عن أنه قوي جداً, طرح قيم رائعة، طرح الحرية, الديمقراطية، حقوق الإنسان، الرفق بالحيوان، حق المقاضاة، العدالة، تكافؤ الفرص، أشياء رائعة، هذه طرحت فصار الغرب قبلة الأبصار في العالم، يعني طموح كل إنسان، أن ينال هذه البطاقة الخضراء: green card، طموحه.
وكان قديماً إذا حج إنسان ورجع يقول له: الله يطعمها لكل مشته، الآن إذا ذهب واحد إلى عاد الثانية, يقول: الله يطعمها لكل مشته، اختلف الوضع.
فصار في كتلتان بعد الأحداث الأخيرة، والفضل لله عز وجل, الكتلة الغربية كقيمة حضارية سقطت, بقيت قوة عاتية، فقط قوة مخيفة، فقط قوة، أما كحضارة، كقيم, كديمقراطية، كحرية، كحقوق إنسان، كتكافؤ فرص، كعلاقات إنسانية راقية، ليس هناك من هذا شيء.
يعني رجعنا بالبشرية إلى عصور الاستعمار التقليدي، بالأربعينات، والثلاثينات, كان الاستعمار التقليدي، دولة تحتل دولة، الآن دققوا في ساحة القيم والمبادئ، عندنا مبادئ، وقيم كان، كتلة شرقية، وكتلة غربية، والإسلام، الشرقية تداعت من ذاتها، والغربية بعد الحادي عشر من أيلول تداعت، وأصبحت قوة جبارة, عاتية, طاغية, مستكبرةً.
يعني واحد يطلع علينا من بلاد الغرب البعيد، الغرب القريب أوربا، والبعيد معروف يقول : إن إله المسلمين وثن، وسوف نحاربه، وسوف نحارب هذا الشيطان، والتصريح قبل شهر تقريباً, لا يتكلم أحد حول هذا التصريح.
ببلاد ماليزيا مهاتير محمد في مؤتمر قال كلمة على اليهود, قامت الدنيا ولم تقعد، دين يحتل ثلث الأرض، يعتنقه مليار ومئتا مليون؛ يهان الدين، ونبي هذا الدين، وإله هذا الدين، ولا يتكلم أحد، وأما قلة لا تزيد على ثمانية عشر مليون، اليهود في الأرض تكلم كلمة عن تآمرهم, وعن عنصريتهم, فقامت الدنيا ولم تقعد.
لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:

((تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً, فيأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً))
لذلك في آخر الزمان: يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير؛ إن سكت استباحوه، وإن تكلم قتلوه.
ويقول عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان:
((موت كعقاص الغنم.
-في جنوب أفريقيا مذبحة, خمسمئة ألف ذبحوا في ليلتين-:
موت كعقاص الغنم, لا يدري القاتل لم يقتل, ولا المقتول فيم قتل؟))
نحن في آخر الزمان, فيا أيها الأخوة, قوم عاد نموذج متكرر، وقد تكرر إذاً في القرآن الكريم: نماذج فردية, ونماذج جماعية، وهو أعظم من أن يكون تاريخاً لقوم عاشوا، واندثروا، وانتهى الأمر, لا نموذج متكرر.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
لن, الله, اداب, ومضات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ومضات من حياة العالم ابو هريرة السعيد ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية 5 09-19-2019 11:53 PM
ومضات من عزف الذكريات منال نور الهدى رِيَـاضُ رِيشَـةُ مُصَـمِّم 12 12-19-2016 08:37 AM
اداة صغيرة الحجم بها عدد من الاطارات ابوفهد رِيَاض الفُوتُوشُوب و الملفَات المفتُوحة وبالشُروحات بَرامِج التَصْمِيم 3 05-29-2016 07:31 PM
اداب زياره المريض الدنيا فناء رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 3 05-11-2016 12:31 AM
اداب واخلاق الانترنت آفراح رِيَاض الدُرَرُ المَنْثُــورَة .. " للْمَنْقُــول" 10 06-25-2014 01:11 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 07:54 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.