حفظ البيانات .. ؟ هل نسيت كلمة السر .. ؟

شغل الموسيقى هنا




اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسَلامة والإسلَام، والعَافِية المُجَلّلة، ودِفَاع الأَسْقَام، والعَون عَلى الصَلاة والصِيام وتِلاوَة القُرآن..اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا، حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا، وَرَحِمْتَنَا، وَعَفَوْتَ عَنَّا، وقَبِلْتَهُ مِنَّا. اللَّهُمَّ إنّكَ عَفُوُّ كَرِيم تُحِبُّ الْعَفْوَ فَأعْفُ عَنَّا يَاكرِيم . كُلّ عَامٍ وَ أنتُم بِأَلْفِ خيْرِ وَ صِحَة وَعَافِيَة بِحُلُول شَهر التَوبَة وَ المَغْفِرَة شَهْرُ رَمَضان الْمُبَارَك كَلِمةُ الإِدَارَة


جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 02-24-2018, 01:46 PM   #101


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم



(93)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.



من أسماء الله الحسنى:(المقتدر):


أيها الأخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "المقتدر".



ورود اسم المقتدر في القرآن الكريم :


اسم الله "المقتدر" سمّى الله نفسه به، في قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
( سورة القمر )
وقال أيضاً:

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
( سورة القمر )
ورد:

(( ابتغوا الرفعة عند الله ))

[كنز العمال عن ابن عمر]
الإنسان أحياناً يصل إلى الرفعة عند الناس، لكن هذه الرفعة زائلة، يموت ينتهي كل شيء، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، ينهي ضعف الضعيف، ينهي وسامة الوسيم، ينهي دمامة الدميم، ينهي غنى الغني، ينهي فقر الفقير، ينهي صحة الصحيح ، ينهي مرض المريض، ينهي كل شيء، ولكن الذي عرف الله، واستقام على أمره، وتقرب إليه له يوم القيامة
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾



ورود اسم المقتدر في الآيتين التاليتين مطلقاً منوناً مقترناً بالعلو والفوقية:


الاسم أيها الأخوة، ورد في الآيتين مطلقاً منوناً، وقد ورد مقترناً بالعلو والفوقية، العلو والفوقية تزيد الاسم إطلاقاً على إطلاقه، فقال تعالى:

﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ﴾
( سورة الكهف )
أنت إذا عرفت الله أنت مع من ؟ أنت مع القوي، أنت مع القادر، أنت مع القدير، أنت مع "المقتدر"، قادر، قدير، مقتدر، كل شيء بيده.

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾
( سورة الزمر الآية: 67 )
أقوى الأقوياء في الدنيا في قبضته، كن فيكون، زل فيزول
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ﴾
كمال على كمال، هذه الآية بمفردها كافية في إثبات اسم "المقتدر"، ولم يرد هذا الاسم في حديث ثابت.


المقتدر في اللغة:

أما في اللغة، "المقتدر" لغة اسم فاعل من اقتدر، يقتدر، اقتداراً، فهو مقتدر، الأصل قدّر، أصل اقتدر قدّر، يقدر، أصل الأصل قَدَر، قَدرَ ثلاثي، وأفعال اللغة العربية في الأصل بنيت على الثلاثي، الثلاثي فعل مجرد، الرباعي مزيد بحرف، الخماسي مزيد بحرفين، السداسي مزيد بثلاثة أحرف، قَدرَ، قَدّر، اقتدر خماسي.
هو أكثر مبالغة من القادر والقدير، "المقتدر" الوسط في كل شيء بالأساس "المقتدر" وسط في كل شيء، رجل مقتدر الخلق أي وسطه معتدل، كامل الأوصاف كما يقولون، ليس بالطويل ولا بالقصير.
و "المقتدر" على الشيء هو المتمكن منه تمكن إحاطة وقوة تامتين، والمهيمن عليه بإحكام كامل وقدرة فائقة، أحياناً يكون بمكان رجل قوي متمكن، معلوماته دقيقة جداً ، معه سلطة مطلقة، نقول هذا الرجل في هذا المكان هو الرجل الأول، أو القوي، أو القادر ، أو القدير، أو "المقتدر"، لا يعصى له أمر.
قال البيهقي: "المقتدر" هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء، أحياناً يكون الحاكم قوياً مقتدراً في بلده طبعاً، أما في بلاد أخرى ليس له عليها أي سلطة، قدرته ليست هامة، الآية الكريمة:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾
أي ما عرفوه حقّ معرفته، ما وصفوه حقّ صفته.


المقتدر يقتدر على الأقوياء لا على الضعفاء فقط:

الآن قَدره أي عرفه، قَدره من التقدير، وقَدره من التعظيم، ومنها ليلة القدر:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾
( سورة القدر )
في هذه الليلة قدر الإنسان فيها ربه، لذلك إذا قدرت ربك وعرفته خير لك من ألف شهر، ألف شهر يقدر بثمانين عاماً عبادة جوفاء، أما هذه الليلة التي عرفت فيها الله عز وجل تعدل عند الله أن تعبده ألف شهر.
"المقتدر" أيضاً من الاقتدار، وهو الاستيلاء على كل ما أعطاه الله حظاً من قدرة.
"المقتدر" يقتدر على الأقوياء لا على الضعفاء فقط، يقتدر على أقوى الأقوياء.
أيها الأخوة، و "المقتدر" القادر لما في البناء، لما في معنى التكلف والاكتساب ، الآن كتب غير اكتتب، كتب لمرة وحدة، أما اكتتب جعل الكتابة له حرفة، يعني اكتتب مكتتب، محترف، متفوق، يعلم أسرار الكتاب، عبارته متينة، ناصعة، فيها بلاغة.


المقتدر بدايته من التقدير ونهايته من القدرة:


الآن إذا قلنا الله "المقتدر" ما معنى ذلك ؟ قال: الله "المقتدر" هو الذي يقدر الأشياء بعلمه، وينفذها بقدرته، علمه مطلق، وقدرته مطلقة.
فالمقتدر يجمع دلالة اسم الله القادر والقدير معاً، اسم الله القادر هو الذي يقدر المقادير بعلمه، وعلمه المرتبة الأولى لقضائه وقدره، والله قدر كل شيء قبل تصنيعه وتكوينه، ونظم أمور الخلق قبل إيجاده وإمداده، فالقادر يدل على التقدير.
عفواً، هذا المسجد، المهندس يقول لك: يحتاج إلى كذا طن و780 كيلو، و450 غرام إسمنت، لا يوجد مهندس بالأرض يستطيع أن يعطي التقدير الدقيق، يقول لك: بحدود خمسين طن مثلاً، بحدود، أحياناً يزيد، أحياناً ينقص.
التقدير الأول العلم المسبق، الدقيق، فالمقتدر من التقدير من العلم الدقيق، و "المقتدر" من القدرة من القوة التامة، علم وقدرة، تخطيط وتنفيذ.
القدير هو الذي يخلق بقدرته المطلقة وفق علم سابق، أحياناً يكون في تخطيط دقيق جداً، يأتي التنفيذ مطابقاً للتخطيط مئة بالمئة.
إذاً "المقتدر" فيه معنى العلم المسبق، القطعي، المطلق، الكامل، ومعنى القدرة القوية، المطلقة التي تنفذ هذا التخطيط.
أحياناً الإنسان يخطط، لكن لا يستطيع أن ينفذ، الآن نقول عن أعدائنا: ما كل شيء خططوه استطاعوا تنفيذه، إذاً قدرتهم ليست تامة، إما أن تقديرهم كان خاطئاً، أو أن التقدير جيد لكن نشأ مستجدات لم تكن في الحسبان، الآن أعداء المسلمين الأقوياء فقدوا الحسم، كانوا فيما مضى يخططون، وينفذون، ويحسمون الأمر لصالحهم، وانتهى الأمر، الآن يخططون، يبدؤون في التنفيذ، تنشأ مستجدات تحول بينهم وبين التنفيذ، إذاً ليسوا مقتدرين الله وحده "المقتدر"، فإذا كنت معه من يستطيع أن يصل إليك ؟ من يستطيع أن ينال منك ؟ إذا كنت مع القوي فأنت القوي.
فالمقتدر بدايته من التقدير، ونهايته من القدرة.



المقتدر لا يعجز عن شيء فكل شيء بيده:

أيها الأخوة، الجمع بين اسم الله القادر والقدير معاً هو أبلغ منهما في الدلالة على الوصف، يعني هناك قادر اسم فاعل، قدير اسم فاعل مبالغ به فعيل، مقتدر أبلغ من قادر ومن قدير، أي "المقتدر" أعلى درجة.
﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ﴾
( سورة الكهف )
من أين تأتي قوة المسلم الحقيقية ؟ أنه مع "المقتدر"، أن "المقتدر" ينصره، يؤيده، يحفظه، يهزم أعداءه، من هنا لا يوجد حل لمشكلات المسلمين إلا أن يصطلحوا مع "المقتدر" لأنه "المقتدر" على أعدائه.
وقالوا: "المقتدر" هو "المقتدر" على كل شيء من الأشياء، يحييه ويفنيه بقدرته، لا يعجز عن شيء، قال تعالى عن فرعون وقومه:

﴿ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
( سورة القمر )
أقوى الأقوياء بيد الله، كن فيكون، زل فيزول.


اعتماد الإنسان على الوسيلة وهذا أحد أسباب ضعفه:

قال بعض العلماء: "المقتدر" هو المتمكن من الفعل بلا واسطة، أنت متمكن أن تصل إلى حلب، ولكن بواسطة سيارة، متمكن أن تصل إلى أمريكا لكن بالطائرة، متمكن أن تجلب الماء، لكن بعد حفر بئر، فالإنسان يعتمد على الوسيلة، وهذا أحد أسباب ضعفه، الإنسان ما عنده كن فيكون، هناك شح مياه، لا يملك الإنسان قراراً بإنزال المطر، أما الله عز وجل كن فيكون، زل فيزول.
كنا في بلد في إفريقيا أمطار هذا البلد في الليلة الواحدة ضعف أمطار دمشق بعام بأكمله،
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ﴾
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾
( سورة الأنبياء )
انتهت الآية، فرعون وراء سيدنا موسى وقومه، والبحر أمامه، فرعون قوي ، جبار، متكبر، حاقد، متغطرس، وسيدنا موسى نبي من أولي العزم، ضعيف، معه شرذمة من بين إسرائيل خائفون.

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
( سورة الشعراء )
بحر أصبح طريقاً يبساً، مشوا فيه فلما خرجوا منه تبعهم فرعون في منتصف الطريق عاد الطريق بحراً.


من كان مع الله كان الله معه:

أنا أعتقد أن أقوى الأقوياء بثانية ينتهي عند الله، لا تقلق الأمر بيد الله عز وجل، يعني هؤلاء الذين رفعوا شعار لا إله، وعاشوا سبعين عاماً ينشرون الإلحاد في الأرض، من دون حرب، من دون أي مواجهة، هذا الكيان تداعى من الداخل.
﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ﴾
( سورة الأحزاب الآية: 25 )
كن فيكون، زل فيزول، بالمناسبة: يوجد ببعض معامل الحديد رافعات كهربائية، رافعة حولها وشيعة كهربائية، الوشيعة الكهربائية تمغنط المكان، فهذه الرافعة تسري بها الكهرباء تصبح عندها قوة جذب، توضع فوق كتلة حديد كبيرة جداً، تجذبها، ترفعها لتنقلها من مكان إلى مكان، الآن دققوا: لا يملك الإنسان قوة الإنسان لينزع قطعة منها، أما العامل على هذه الرافعة معه مفتاح إذا ضغطه واحد على عشرة من الميلي، وقطع الكهرباء كله يسقط.
والأقوياء كذلك يحتاجون من الله إلى أمر، يملأ الدنيا رعباً، وطغياناً، وغطرسة، يصبح على المنفسة أربع سنوات ونصف، ولم يمت بعد.
هذا مقتدر، أما إذا كنت مع "المقتدر"، إذا كنت مع الله كان الله معك.

كن مع الله ترَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطـاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك
* * *




الله عز وجل قادر على إصلاح الخلائق على وجه لا يقدر عليه إلا هو:


"المقتدر" هو المتمكن من الفعل بلا واسطة، فالعلة الغائية لا تليق بجلال الله عز وجل، نحن كبشر مقهورون بالوسيلة، نخترع ميكروسكوب كي نرى ما لا تراه عيننا ، فنحن رأينا الأشياء الدقيقة بواسطة، ونخترع تليسكوباً لنرى النجوم البعيدة التي لا تراها أعيننا، فنحن كبشر مقهورون بالواسطة.
أيها الأخوة، لذلك ينبغي لهذا الإنسان أن يعرف الله، لأن "المقتدر" هو الذي يقدر على إصلاح الخلائق على وجه لا يقدر عليه إلا الله.
أعرف رجلاً عنده ابن منحرف انحرافاً شديداً، جعل حياة أسرته جحيماً لا يطاق انحراف، ورعونة، ووقاحة، ما في قوة تهيمن على هذا الشاب، لكن أثناء قيادته للمركبة دهس طفلة وتوعده أهلها بالقتل، فقبع في البيت، لم يكن هناك أي قوة تقهر هذا الشاب، يتطاول على والده، وعلى أمه، وعلى أقربائه، وعلى من معه في العمل، لا يصوم، يفطر جهاراً، وقح، فبهذا الحادث أصبح ذليلاً خائفاً يتوارى عن الأنظار.



من لم يستجب لله هيأ الله له علاجاً مراً:

أحياناً الإنسان لا تستطيع أن توجهه إطلاقاً، الله يهيئ له علاجاً مراً، لذلك حينما قال الله عز وجل لنبينا:
﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾
( سورة المدثر )
إن لم يستجب لك دعه لي، شيء مخيف،
﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾
﴿ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾
( سورة المدثر )



سرّ محبة الناس والتفافهم حول القوي لا لأنه قوي بل ليحتمون بقوته:

الإنسان يحب القوي بصراحة، هذا شيء من طبعه، ومن فطرته، أي إذا وجد إنسان قوي في مجموعة من الناس، ترى الناس يلتفون حوله، ويرمقونه بأبصارهم ، ويدعونه لولائمهم، ويقدمون له الهدايا اتقاء لشره، من أجل أن يطمئنوا إلى أنه لن يسحقهم، هذا شأن البشر، القوي يقدسونه، يعظمونه، ينافقون له، خوفاً منه، وقد قال عليه الصلاة والسلام شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره .
هناك تعبير في دمشق مشهور: نوم الظالمين عبادة، ينام الظالم يريح الناس والنبي الكريم حينما رأى جنازة قال:
(( مستريح، أو مُسْتَراح منه، فقالوا: يا رسول الله ما المستريحُ، وما المستَراح منه ؟ فقال: العبد المؤمنُ يستريح من نَصَب الدنيا، والعبد الفاجرُ: يستريح منه العبادُ والبلادُ، والشجر والدواب ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة ]
فالإنسان يحب القوي، الحقيقة سرّ محبة الناس والتفافهم حول القوي، لا لأنه قوي بل ليحتمون بقوته، لأنه يلبي عندهم حاجة.


المؤمن واثق من المستقبل لأنه مع القوي سبحانه:


الآن المؤمن لماذا هو لا ينافق ؟ لأنه مع القوي، لماذا هو واثق من المستقبل ؟ لأنه مع القوي.
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾
( سورة التوبة الآية: 51 )
مستحيل أن تكون مع القوي وتكون ضعيفاً، أحياناً يكون في شرطي مع وزير يمشي بالعرض، يقول أنا سائق الوزير، يستمد قوته من قوة الوزير، يمكن يتطاول على أكبر الموظفين بالوزارة، أنا سائق الوزير، فالإنسان الضعيف أحياناً يستمد قوته من القوي.
الآن مثلاً ببعض المجتمعات طفل صغير لا تستطيع أن تكلمه كلمة واحدة هو ضعيف جداً لكن أباه قوي جداً، الطفل ضعيف، يمكن أن تضربه، أن تسحقه، ولكن تخشى والده، فهذا الطفل ليس قوياً بذاته، هو قوي بقوة أبيه، هذا في شيء من واقع الحياة قوي بقوة أبيه لا بذاته.
المؤمن سرّ قوته ـ على الرغم من ضعفه ـ أنه يستمدها من الله، فإذا أردت أن تكون أقوى الأقوياء فتوكل على الله، إذا أردت أن تكون أقوى الأقوياء معك سلاح الدعاء، سلاح الدعاء يجعلك أقوى من الأقوياء، إذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك ؟ سيدنا هود تحدى قومه، قال:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة هود )



أساس العلاقة بين الإنسان و ربه التوكل على الله:


ملخص الملخص: هناك وحوش مفترسون، لكن مربوطون بأزمة محكمة، بيد قوي، منصف، رحيم، الإنسان الضعيف علاقته ليست مع الوحوش، مع الذي بيده أزمتها، فإذا رضي الله عنك أبعدهم عنك، وإذا غضب عليك أرخى بعض الحبال فوصلوا إليك

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
كن مع الله ترَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطـاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك
* * *

هذه ملة طه خذ بها.






والحمد لله رب العالمين





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-24-2018, 01:49 PM   #102


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى






بسم الله الرحمن الرحيم


(94)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.



من أسماء الله الحسنى:(الباسط):


أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الباسط" القابض "الباسط".



ورود اسم الباسط في السنة الصحيحة:


هذا الاسم ورد في السنة الصحيحة في قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]



الباسط في اللغة:

"الباسط" في اللغة اسم فاعل، فعله بسط، يبسط، بسطاً، الآن انبسط الشيء على الأرض اتسع، وامتد، وتبسط في البلاد ؛ أي سار فيها طولاً وعرضاً، وبسيط الوجه يعني متهلل الوجه، مشرق.
والبسيط هو الرجل منبسط اللسان، وبسط إليّ يده بما أحب أو بما أكره، وصل إليّ، بسطها ؛ أي مدها، وفي الآية:
﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾

( سورة المائدة الآية: 28 )



بسط الكف على أنواع منها:


1 ـ الطلب:


بسط الكف تستعمل على أنواع، تارةً للطلب.


﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ ﴾

( سورة الرعد الآية: 14 )
بمعنى الطلب.





2 ـ الأخذ:


تارةً للأخذ.

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 93 )



3 ـ الصولة و الضرب:


وتارةً للصولة والضرب.
﴿ وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾

( سورة الممتحنة )



4 ـ البذل و العطاء:



وتارةً للبذل والعطاء.

﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾

( سورة المائدة الآية: 63 )
وبسط اليد في حقنا نحن البشر معلوم المعنى والكيفية، بسط اليد، أما في حق الله جل جلاله معلوم المعنى، مجهول الكيفية، المعنى واضح، أما الكيفية لا نعلمها، هذا في اللغة.




من معاني الباسط:


1 ـ يبسط الرزق لعباده بجوده و كرمه:


ولكن لو قلنا الله جلّ جلاله هو "الباسط" هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته.

مرة أطلعتُ على سنبلة أصلها حبة قمح واحدة، أنبتت هذه الجبة خمس و ثلاثين سنبلة، عددت إحدى السنابل فإذا فيها خمسون حبة، ضربت خمسة و ثلاثين بخمسين، ألف و سبعمئة و خمسون حبة من حبة، أحياناً يقول لك: الكيس أعطى مئة كيس، أحياناً يعطي الكيس كيسين.
"الباسط" في الرزق الذي يعطي بلا حساب، هو الذي يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته.
مرة طبيب توفي رحمه الله، كان عضواً في لجنة حوض دمشق، قال لي: انخفاض المياه في حوض دمشق ينبئ بمشكلة كبيرة جداً، ربما اضطر أهل دمشق أن يغادروا دمشق، تكلم كلاماً لم يمكّن الإنسان أن يقف على قدمه، هذه قصة قديمة، في العام الذي يليه نزل 350 مم، والمعدل السنوي 200، هناك ينابيع تفجرت، وقد انتهت من ثلاثين عام، مياه بعض القرى وصلت إلى دمشق، فإذا الله أعطى أدهش.
"الباسط" يبسط الرزق لعباده بجوده ورحمته، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته، فيبتليهم على ما تقتضيه مشيئته وحكمته، فإن شاء وسع، وإن شاء قتر، فهو "الباسط" القابض.



تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز:



لكن يجب أن نعلم
علم اليقين أنه إذا قبض، أو إذا قنن فتقنين تأديب لا تقنين عجز، إذا قبض بما تقتضيه حكمته الباهرة، لا لشيء آخر، لأن خزائن ملكه لا تفنى.


﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾

( سورة الحجر الآية: 21 )
ومواد جوده لا تتناهى، كما قال تعالى:

﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

( سورة الشورى )
كنت مرة في العمرة، فاطلعت على مجلة علمية رصينة فإذا فيها بحث لفت نظري، قال: هناك في الفضاء الخارجي سحابة، يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم الواحد بالمياه العذبة.

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

( سورة الحجر )
طبعاً يؤكد أن تقنين الله تقنين تأديب لا تقنين عجز قوله تعالى:

﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾

( سورة الشورى الآية: 27 )
لذلك قالوا: الله سبحانه وتعالى علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
إنسان له دخل محدود، صائم، مصلٍّ، صالح، يا ترى لو كان دخله غير محدود كيف يكون ؟ لا أحد يعلم إلا الله، لذلك في حكمة بالغة أن الحكيم عليم، حكيم عليم.


2 ـ يبسط يده بالتوبة لمن أساء:



و "الباسط" بمعنى آخر، هو الذي يبسط يده بالتوبة لمن أساء، أو هو الذي يملي لهم فيجعلهم بين الخوف والرجاء، فقد قال عليه الصلاة و السلام:

(( إنَّ اللِهَ عزَّ وجلَّ يبْسُطُ يدَهُ باللَّيْلٍ ليَتوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنَّهار ليتُوبَ مُسيء الليلِ، حتى تطْلُعَ الشمسُ من مغرِبِها ))

[ مسلم عن أبي موسى الأشعري]
طلوع الشمس من مغربها من أشراط الساعة، ولكن بعضهم له اجتهاد لطيف أنه حينما نرى أن العلم كله، وأن القيم كلها، وأن الحضارة كلها، وأن التقدم كله في الغرب يغلق باب التوبة، أنت حينما لا تعبأ بدينك، ولا بقيمك، ولا بماضيك المجيد، ولا بهذه الأمة العظيمة التي اختارها الله لتكون وسيطاً بينه وبين خلقه، حينما لا تعبأ بكل هذا التاريخ العظيم، وتلتفت إلى الغرب على حساب دينك وقيمك، ربما في مثل هذه الحالة يغلق باب التوبة.
النمط الغربي في الحياة مع التفلت، مع الإباحية، هو النمط السائد في الأرض الآن، النمط الغربي في الحياة، انعدام الضوابط، الاستمتاع بالحياة إلى أقصى درجة، الصد عن سبيل الله، هذا النمط إذا ساد في العالم الإسلامي الإنسان لن يتوب لأنه يرى هؤلاء هم القادة، هم السادة، هم الراقون.


اقتران الباسط مع القابض لأن الاسمين متكاملان:


بعض أهل العلم يرى أنه ينبغي أن نقول القابض "الباسط"، الضار النافع ، المعطي المانع، المعز المذل، لأن كلاً من هذين الاسمين متكاملان، هو يضر لينفع، ويذل أحياناً ليعز، ويأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، فقد ورد:

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء ))
لا تستقيم لأحد نجح في زواجه، ولم ينجح في عمله، نجح في عمله لم ينجح في زواجه، نجح في زواجه وفي عمله ويعاني من صحته.

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا در استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها ـ عرف حقيقتها ـ لم يفرح لرخاء ))
لأنه مؤقت، الموت ينهي الرخاء، ينهي القوة، ينهي الغنى، يلغي الوسامة ، يلغي كل شيء.

(( فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))

[ من كنز العمال عن ابن عمر ]



الله عز وجل لا يسلب من مؤمن نعمة ما إلا ليزيده قرباً منه:



هناك ملمح دقيق في الحديث القدسي التالي:


(( يا بنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين ؟ قال: أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ))

[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
يعني الله عز وجل إذا سلب من مؤمن بعض صحته، ليضاعف له القرب أضعافاً مضاعفة.

(( أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لوجَدتني عنده ))

(( إنَّ اللِهَ عزَّ وجلَّ يبْسُطُ يدَهُ باللَّيْلٍ ليَتوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنَّهار ليتُوبَ مُسيء الليلِ، حتى تطْلُعَ الشمسُ من مغرِبِها ))

[ رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري]



أسماء الله كلها حسنى وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه:


لابدّ من أن تقول القابض الباسط، والمعطي المانع، والمعز المذل، قال هذا كلام لا بأس به لكن فيه نظر، أي يحتاج إلى تحفظ، ما هو التحفظ ؟ قال: أسماء الله كلها حسنى، الضار من أسمائه الحسنى، لو لم تقرنه بالنافع أسماء الله كلها حسنى، وكلها تدل على الكمال، وكل واحد منها يفيد المدح والثناء على الله بنفسه، من دون اسم آخر، وإن ذُكرا مقترنين زاد الكمال فيهما، في وصف رب العزة والجلال، كما هو الحال عند اقتران الحي القيوم، والرحمن الرحيم، والغني الكريم، والقريب المجيب، هذه كلها من أسماء الله الحسنى.
فالقول بالوجوب ذكر الاسمين معاً قال: وإن كان مستحسناً يعني المستحسن أن تقول الضار النافع، والمعطي المانع، والمعز المذل، والخافض الرافع.



الأعمال الصالحة تجعل عمر الإنسان مديداً من حيث الثمرة:


الآن يقول عليه الصلاة والسلام:

(( مَن سَرّه أن يَبْسُط الله له في رزقه، وأن يَنْسَأ له في أَثَره ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة ]
يعني في أجله، أن يطول عمره، العلماء في شرح يطول عمره لهم آراء لطيفة العمر لا يزيد ولا ينقص.

﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾

( سورة الأعراف )
فكيف يقول النبي الكريم:

(( مَن سَرّه أن يَبْسُط الله له في رزقه، وأن يَنْسَأ له في أَثَره ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة ]
فسر العلماء هذا الكلام، الإنسان فتح محله التجاري ساعة، ربح صفقة بمليون ، وإنسان فتح محله عشر ساعات ربح مئة ليرة، الزمن ليس له قيمة، القيمة بالربح.
فالإمام الشافعي عاش أقل من خمسين عاماً، هناك علماء كبار، ابن باديس بالجزائر عاش أقل من خمسين عاماً، هناك عمالقة في العلم عاشوا أقل منه، وتركوا أثراً لا يمحى، وهناك أناس يعيشون مئة و خمسة و عشرين عاماً، ما قدموا شيئاً.
لذلك معنى
(( يَنْسَأ له في أَثَره ))
يعني يعطي أعمالاً صالحة تجعل عمره مديداً من حيث الثمرة، و هناك حديث:

((إن الله عز وجل يمهل حين يذهب ثلث الليل الأول، ثم ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، حتى ينفجر الفجر))

[ الدار قطني عن أبي هريرة]
وهذه والله نصيحة، حينما تتعقد الأمور، حينما تلوح أشباح المصائب، حينما يضيق الأمر، حينما تغلق الأبواب، استقيظ قبل صلاة الفجر، وصلِّ ركعتين واسأله في السجود حاجتك من خير الدنيا والآخرة.


التهنئة الحقيقية حينما يعرف الإنسان ربه و يصطلح معه و يتصل به:

أخوتنا الكرام:
﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ﴾

( سورة القصص الآية: 76 )
يعني سبعة رجال أشداء لا يستطيعون حمل مفاتيح كنوزه.

﴿ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ﴾

( سورة القصص الآية: 76 )
الله عز وجل ذم الفرح ومدحه، ذمه حينما تفرح بالدنيا الفانية والزائلة، في حمق، في غباء، ومدحه حينما تفرح بفضل الله، إن فرحت بالهدى، إن فرحت أنك مستقيم، إن فرحت أن الله أجرى على يديك أعمالاً صالحة، هذا فرح حقيقي، لذلك:

(( إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادياً في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))

[ ورد في الأثر]
التهنئة الحقيقية حينما تعرفه، وحينما تصطلح معه، وحينما تتصل به، وحينما تعمل لآخرتك.

﴿ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾

( سورة القصص )
يعني في الدنيا.


وظيفة الإنسان في الدنيا معرفة الله و الاستقامة على أمره:

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾

( سورة القصص الآية: 77 )
آتاك مالاً ابتغِ به الدار الآخرة، آتاك علماً ابتغِ به الدار الآخرة، آتاك جاهاً ابتغِ به الدار الآخرة.

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

( سورة القصص الآية: 77 )
جئت إلى الدنيا كي تعرف الله، كي تستقيم على أمره، كي تعمل الأعمال الصالحة
﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾
﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

( سورة القصص )



إظهار الإنسان ما عنده والاستكبار على غيره صفة مذمومة:

فقال قارون:
﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾

( سورة القصص الآية: 78 )
هذا كلام يقوله معظم الناس، بجهدي، بكد يميني وعرق جبيني، بخبراتي المتراكمة، من انتمائي إلى أسرة قوية... إلخ.

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

( سورة القصص )
مرة سألني أخ عن معنى هذه الآية ؟ قلت له: إذا شخص يُساق إلى الإعدام و عليه مخالفة سير يسامح بمخالفة السير
﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾

( سورة القصص الآية: 79 )
هذه حاجة عند ضعاف النفوس، أن يظهر ما عنده، إذا عنده بيت يقول لك هذا أربعمئة متر، شيء جميل ! البلاط استيراد من إيطاليا، هذه اللوحة من إيطاليا، إظهار ما عندك كي تستعلي على الآخر، هذه صفة مذمومة.
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ﴾

( سورة القصص الآية: 79 )



الله عز وجل جعل الآخرة لمن لا يريد علواً و لا فساداً في الأرض:


أحياناً إنسان يقف أمام بيت جميل تذوب نفسه ألماً، هنيئاً لأصحاب هذا البيت.

﴿ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾

( سورة القصص )
أصلاً هو في شرع الله.
﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾

( سورة القصص )
التعقيب:

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة القصص )
الشاهد في الآية
﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾
و لما كان يوم أُحد وانكفأ المشركون قال عليه الصلاة والسلام:

(( اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم يوم القيامة والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين ))

[أحمد عن ابن رفاعة الزرقي]



منهج الدعاة يقوم على التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس في آن واحد:


أيها الأخوة، قالوا القابض الذي يكاشفك فيقيك، و "الباسط" الذي بجلاله يكشفك بجماله فيبقيك، فأنت بين أن يقيك، القابض، وبين أن يبقيك، بالقبض يقيك، يمنعك أن تعصيه، يمنعك أن تشقى إلى أبد الآبدين، هو القابض "الباسط"، القابض الذي يقبض الصدقات، يأخذها بيمينه، من أربابها فيربيها.
"الباسط" يبسط النعمة فينميها، إذاً: يقبض الصدقات، ويبسط النعم، والقابض هو الذي يخوفك من فراقه، و "الباسط" يؤمن بعفوه وإطلاقه.
الإمام الغزالي يقول: القابض "الباسط" من العباد من أُلهم بدائع الحكم، وأوتي جوامع الكلم، داعية يخوف ويطمئن، يعبد الله خوفاً وطمعاً، يذكر أحوال أهل النار وأحوال أهل الجنة، يذكر عقاب الله وعدله، يذكر رحمته وفضله، في توازن، هناك دعاة يعتمد التخويف فقط، تخرج محطماً من كلامه، جهنم، والثعابين، غفور رحيم: يكون رحيماً حتى يدعو الناس إلى المعصية، لا، ينبغي أن تكون متوازناً بين التخويف وبث الرجاء في قلوب الناس.



على الإنسان أن يؤمن بالله العظيم من خلال آياته الكونية ويحبه من خلال نعمه:

طبعاً أختم هذا الاسم "الباسط" بأثر قدسي، أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قال:
(( يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال: أحب عبادي إلي تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي ))
الأثر القدسي قال:

(( يا رب إنك تعلم إني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ـ هذا توجيه للدعاة ـ ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))
ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني، فلابد من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله.

﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

( سورة الحاقة )
معناها يجب أن نؤمن بالله العظيم من خلال آياته الكونية، ومحبة لله من خلال نعمه، وخوف منه من خلال نقمه وبلائه.

(( ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))
هذا منهج للدعاة.






والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-25-2018, 07:21 AM   #103


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم


(95)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.





من أسماء الله الحسنى:(القادر):


أيها الأخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم "القادر".



ورود اسم القادر في القرآن الكريم:



سمّى الله ذاته العلية بالقادر في القرآن الكريم، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الإطلاق والإضافة، ففي القرآن الكريم قوله تعالى:

﴿ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴾

( سورة المرسلات )
وقد ورد الاسم معرفاً مطلقاً على وجه المدح والكمال والتعظيم في قوله تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 65 )
يعني الصواعق، وحديثاً الصواريخ.
﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 65 )
الزلازل، وحديثاً الألغام.
﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾

( سورة الأنعام الآية: 65 )
الحرب الأهلية.

﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾

( سورة الأنعام الآية: 65 )



بطولة الإنسان أن يغفر لمن جاء القضاء والقدر على يديه:


أيها الأخوة، الحقيقة الزلازل مصيبة كبيرة، والصواعق مصيبة أكبر، ولكن أكبر المصائب أن يذوق الإنسان بأس أخيه، حينما يأتي القضاء والقدر من الله مباشرة، هو مؤلم أشد الألم لكن من الله مباشرة، أما حينما يأتي القضاء والقدر على يد إنسان فلابد من صبر أشد، لأن الله عز وجل حينما قال:

﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾

( سورة لقمان الآية: 17 )
لكن في آية ثانية:

﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾

( سورة الشورى )
هذه اللام لام المزحلقة، أو لام التوكيد، حينما يأتي القضاء والقدر من الله مباشرة أنت ينبغي أن تصبر والصبر
﴿ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
أما حينما يأتي القضاء والقدر على يد إنسان أنت ينبغي أن تعرف أن هذا قضاء الله وقدره، وأن تغفر لمن جاء هذا القضاء والقدر على يديه.
إنسان لا سمح الله ولا قدر وقع ابنه من الشرفة، فنزل ميتاً، هذا قضاء وقدر، جاءك من الله مباشرة، أما حينما يموت الطفل على يد سائق يقود مركبة، أمامك إنسان تتمنى أن تنتقم منه، لذلك الآية الثانية:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
تحتاج إلى صبر أشد، وإلى يقين أشد.


كل شيء وقع أراده الله و كل شيء أراده الله وقع:

كل شيء وقع أراده الله، و إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
(( لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))

[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]
هذا هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.

﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
فالقادر من أسماء الله الحسنى.
وعند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قيل:

(( يا رسول الله ! كيف يحشر أهل النار على وجوههم ؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم ))

[ أحمد عن أنس بن مالك]
الله عز وجل قدرته مطلقة، قدرته متعلقة بكل ممكن، أي شيء وقع الله عز وجل أراده، وأي شيء أراده الله وقع، وهو:
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

( سورة هود )



القادر في اللغة:

الآن "القادر" في اللغة، "القادر" اسم فاعل، من فعل قَدْر، يقدِر، ويقدُر، يقدِر عين المضارع جاءت مكسورة، وقد تأتي مضمومة، قَدَر، ويقدِر، قدْراً، وقدّراً لغة العرب واسعة جداً، يقال قدرت الأمر أقدره إذا نظرت فيه ودبرته، وقدر كل شيء ومقداره مقياسه، وقَدر الشيء بالشيء، وقدّرَهُ قاسه، والتقدير التروية والتفكير في تسوية الأمور، ويقال قَدْرتُ لأمر كذا إذا نظرت فيه ودبرته، وقايسته، هذا في شأن اللغة، واللغة العربية لغة واسعة جداً.
ومن بعض الأمثلة: أن فعل نظر، يعني أن تنظر إلى الشيء، لكن لمح نظرت وأعرضت، مفتوح باب، رأيت امرأة وأنت مؤمن، فغضضت بصرك عنها، لمحتها، لا تقل نظرت إليها، لمحتها، أما إذا رأيت طائرة بين الغيوم تقول لاحت طائرة، الشيء المنظور ظهر واختفى، أما إذا قلت حدجته ببصري التحديج النظر مع المحبة، حدث القوم ما حدجوك بأبصارهم.
أما إذا قلت نظرت شذراً، مع الاحتقار، أما إذا قلت شخصت نظرت مع الخوف.
﴿ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾

( سورة الأنبياء الآية: 97 )
أما إذا قلت: تمطيت، أي نظرت مع التمطي، أما إذا قلت: استشرف الشيء أي نظر إليه وقد تمدد قليلاً، استشف نظر إلى الشيء وقد لمسه بيده، أما إذا قلت: رنا، نظر مع المتعة، رنوت إلى المنظر، أما إذا قلت: رأى، هذه رؤيا قلبية، فالعربية واسعة جداً في التعبير، ولكن مع الأسف الشديد تضعف اللغة أحياناً بضعف أهلها، وتقوى اللغة بقوة أهلها.


من معاني القادر:


1 ـ التقدير:



الآن "القادر" سبحانه وتعالى، هو الذي يقدر المقادير في علمه، وعلمه هو المرتبة الأولى في قضائه وقدره، فالله عز وجل قدّر كل شيء قبل صنعه، في خطة.
الآن البناء الشامخ العملاق، ناطحة السحاب تبدأ بورق، بخارطة.
و "القادر" هو الذي نظم أمور الخلق، قبل إيجادهم وإمدادهم، لذلك فإن القدر عند علماء العقيدة مبني على التقدير والقدرة، هناك علم وهناك قدرة، فبدايته في التقدير، قل تعالى:
﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً ﴾

( سورة الأحزاب )
قدر مقدور، مخطط له، يسبقه علم دقيقٌ دقيق، وقال سبحانه:
﴿ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾

( سورة الطلاق )
أي من التقدير، ومن ثم إن "القادر" هو الذي يقدر المقادير قبل الخلق والتصوير، لكن نحن كبشر حينما نبني بناء، نأتي بكذا ألف متر من البلاط، لكن لا يوجد إنسان على وجه الأرض، ولا يوجد مهندس يقدر أن يقول لك نحتاج إلى ثلاثة و ثمانين ألف متر وسبع بلاطات، هذا التقدير فوق طاقة البشر، أما نشتري كمية من البلاط، قد يزيد أو قد ينقص، أما أن يأتي تقدير المساحة بالسنتيمتر مئة بالمئة هذا فوق طاقة البشر.


2 ـ القدرة:



الله عز وجل من معاني "القادر" فضلاً عن التقدير يأتي معنى "القادر" من القدرة علم دقيق دقيقٌ دقيق، وقوة خارقة، علم مخطط، وقدرة تنفذ، هذا معنى "القادر"، لذلك قال تعالى:
﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾

( سورة يس )
وقال أيضاً:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾

( سورة المعارج )
أيها الأخوة، الآيات تتعلق بإمكانية تحقيق المقدر.
﴿ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )



من يتقِ الله عز وجل يجعل له مخرجاً من كل ضيق:

الآن الله عز وجل وعد الناس، وعد المرابي بالدمار، وعد العاصي بالهلاك ، لكن قد يتاح لك أن ترى وعد الله ووعيده محققاً، وقد لا يتاح، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام مع أنه سيد الخلق وحبيب الحق، قال تعالى:

﴿ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾

( سورة يونس الآية: 46 )
يعني أنت حينما لا يسمح لك عمرك المحدود أن ترى مصير الطغاة، يجب أن توقن يقيناً قطعياً أن الله سيدمره ولكن بعد حين، فسيدنا ابن عباس قال:

(( كنتُ خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال لي: يا غلام، إِني أُعَلِّمك كلمات احفظ الله يحفظك ))

[ الترمذي عن عبد الله ابن عباس]
احفظ أمر الله يحفظك، ابتعد عما نهى الله عنه يحفظك، اجعل دخلك حلالاً يحفظك، عامل الزوجة بالإحسان يحفظك، ربِّ أولادك على طاعة الله يحفظك من عقوقهم ، اجعل دخلك حلالاً يحفظ مالك من الدمار، اجعل علاقاتك علاقات إيمانية يحفظك من العدوان.

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

( سورة الطلاق )
الآية كما قلت لها معنى سياقي، ولها معنى آخر، مستقل عن سياقها، يعني من اتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، اختارها ذات دين، من يتقِ الله في تربية أولاده يربيهم في وقت مبكر على طاعة الله يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم، من يتق الله فيكسب ماله يجعل الله له مخرجاً من إتلاف المال، من يتقِ الله في علاقاته الاجتماعية يجعل الله له مخرجاً من الدمار الاجتماعي.


عزة النفس من صفات المؤمن:

لذلك:
(( احفظ الله يَحْفَظْك، احفظ الله تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]
إذا كنت معه كان معك، إذا حفظت أمره حفظك، إذا كنت وقافاً عند حدوده حفظك، إذا سألت فاسأل الله، هو الذي يستحق أن يُسأل، وما سوى الله فقير مثلك، ضعيف مثلك، مقيد مثلك، إذا سألت فاسأل الله.
كان أحد الخلفاء الأمويين في الحرم المكي، فالتقى عالماً جليلاً، قال له: سلني حاجتك ؟ قال: والله إني أستحي أن أسأل حاجتي في بيت الله لغير الله، مستحيل أنا في بيت الله، فسكت هذا الخليفة، التقاه خارج الحرم، قال له: سلني حاجتك ؟ قال له: والله ما سألتها من يملكها أفأسألها من لا يملكها ؟ قال له: سلني حاجتك ؟ قال: أنقذني من النار، وأدخلني الجنة، قال له: هذه لا أملكها، قال له: إذاً ليس لي عندك حاجة.
لذلك عزة النفس من صفات المؤمن، ابتغوا الرفعة عند الله.

(( إِذا سألتَ فاسألِ الله، وإِذا استعنت فاستَعِنْ بالله ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]



علاقة الإنسان مع الله وحده:

الآن دقق في التوحيد:
(( واعلم أن الأمة ـ يعني أهل الأرض ـ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]
هذه الحقيقة، علاقتك مع الله وحده، لذلك:

(( إِذا سألتَ فاسألِ الله، وإِذا استعنت فاستَعِنْ بالله ))
وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.

(( رُفِعَتِ الأقلام، وجَفَّتِ الصُّحف ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]



تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز:


الله عز وجل يقول:

﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾

( سورة الحجر )
الله غني، في جفاف، هذا التقنين في الأمطار تقنين تأديب لا تقنين عجز
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾
كنت مرة في عاصمة في بلد إفريقي، قيل لي: أمطارها في الشتاء أربعمئة ميليمتر في الليلة الواحدة، يعني ضعف ما ينزل من الأمطار في العام كله في دمشق
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾
نهر الأمازون كثافته ثلاثمئة ألف متر مكعب في الثانية
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾
وقال تعالى:

﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾

( سورة يس )

﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾

( سورة القمر )
من خلال هذه الآيات كلمة "القادر" من التقدير، وكلمة "القادر" من القدرة ، تخطيط وتنفيذ، علم وعمل، تصميم وتنفيذ، من التقدير ومن القدرة.


القضاء و القدر:

نحن في القضاء والقدر، والقضاء والقدر يتضح جلياً في هذا الحديث الصحيح، عن عمر رضي الله عنه، لما رجع عن البلد التي فيها طاعون:
(( فقال أبو عُبَيْدَة بنُ الجراج رضي الله عنه: أَفِرارا من قَدَرِ اللَّه ؟ فقال عمر: لو غيرُك قالها أبو عُبَيْدَة ؟ نعم نَفِرُّ من قَدَرِ اللَّه إلى قَدَرِ اللَّه، أرأيتَ لو كانت لك إبلُ، فَهَبَطَتْ وَادِيا له عُدْوتَان: إحداهما خِصْبَةُ، والأخرى جَدْبة أليس إن رَعَيْتَ الخِصْبةَ رَعَيْتَها بقَدَرِ اللَّه، وإن رعيتَ الَجدْبة رعيتها بقدر اللَّه ؟ نعم نَفِرُّ من قَدَرِ اللَّه إلى قَدَرِ اللَّه ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك عن عبد الرحمن بن عوف ]
المرض قدر الله، والصحة قدر الله، نفر من المرض عن طريق الأدوية إلى قدر الله وهو الصحة.

(( فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان مُتغيبا في بعض حاجاته - فقال: إن عندي من هذا عِلما، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض: فلا تَقْدمُوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها: فلا تخرجوا فِرارا، قال: فَحَمِدَ اللَّه عمرُ بن الخطاب، ثم انصرف ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك عن عبد الرحمن بن عوف ]
إن رعيت هذه الأرض الجدباء ترعاها بقدر الله، وإن رعيت هذه الأرض المخصبة ترعاها بقدر الله، ونحن نفر من قضاء الله إلى قضاء الله، ومن قدر الله إلى قدر الله.
أخوانا الكرام، أحياناً الأمور تتعقد، والدين بسيط، الدين ينبغي أن يكون كالهواء نستنشقه بيسر، الدين يحتاجه كل إنسان، يحتاجه المثقف ثقافة عالية، يحتاجه الأمي ، يحتاجه البسيط، لذلك قالوا: الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، يعني إنسان أميّ لا يقرأ ولا يكتب، يشتري مكيفاً يفتح مفتاح التشغيل، يأتيه الهواء البارد، انتفع به، لكنه يجهل آلية العمل بهذا المكيف، ويأتي إنسان يحمل دكتوراه في التكييف، يشتري مكيفاً ويدير مفتاح التشغيل يأتيه الهواء البارد، فالانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، يعني القضاء والقدر بشيء مبسط من أجل أن نعرف الله، من أجل أن نحبه.


الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن:

القضاء هو الحكم، والقدر هو التقدير، فحينما يحكم الله على عبد بالانحراف عن منهجه يقدر له تدبيراً حكيماً يرده إليه، قال تعالى:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

( سورة السجدة )
يعني إنسان يقف في شرفة، وأمام الشرفة ساحة، والساحة يتفرع منها عدة طرق فله شخص عزيز في هذه الساحة، مشى في طريق خطرة، علم هذا الذي وقف في الشرفة أن هذا الإنسان مشى في طريق مؤذية، ينتهي بملاهٍ ساقطة، فأرسل له من يقنعه أن يعود من هذا الطريق، فالقضاء والقدر، القضاء حكم، والقدر تقدير حكيم، تدبير.
الآن هذه الحقيقة الدقيقة سأقربها بمثل آخر، نقول: يطلع الطبيب على مؤشرات ضغط الدم لدى مريض، فيرى الضغط مرتفعاً، يعني 16 ـ 18، الإطلاع على ضغط الدم المرتفع هذا قضاء حكم، الآن الطبيب يتخذ قراراً، يمنع المريض من تناول الملح، ويعطيه دواءً مدراً بمقادير دقيقة، فاطلع على ضغطه المرتفع قضاء، أمر بإيقاف الملح في الطعام وإعطاء دواء مدراً، هذا القدر، القضاء والقدر.
الآن الطبيب نفسه بعد حين اطلع على هذا المريض، اطلع على مؤشر الضغط لدى هذا المريض رآه طبيعياً، هذا هو القضاء، هذا هو الحكم، فقال: أوقفوا حمية الملح، قدموا له طعاماً مع الملح، ويخفض مقدار الدواء المدر، هذا هو القدر.
فالقضاء والقدر علم دقيق، وأمر حكيم، الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن.

(( لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))

[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]



الدين شيء عظيم جداً ينبغي أن نبسطه و نعطيه تفسيراً معقولاً:



أخوتنا الكرام: هذا الدين العظيم حاجتنا إليه كحاجتنا إلى الهواء، يجب أن نبسطه، ويجب أن نعقلنه، ويجب أن نطبقه حتى نقطف ثماره، والتعقيد ليس في صالح المؤمنين أحياناً ترى الأمور معقدة جداً، يعني إنسان أراد أن يسلم على يد شيخ من شيوخ تقلديين، أبقاه بأحكام المياه ستة أشهر، حكم الوضوء بماء الحمص، حكم الوضوء بماء العدس، حكم أنواع المياه، القلة والقلتان حتى خرج هذا الإنسان من جلده، وترك هذا الدين، التقى بعالم آخر الأمور عنده بسيطة، قال: الماء الذي تشربه توضأ منه.
أنا أرى أن هذا الدين شيء عظيم جداً، لكن ينبغي أن نبسطه، ينبغي أن نعطيه تفسيراً معقولاً، مقبولاً.
لذلك هذا الذي التقى بالجالية الإسلامية في بريطانيا، قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور لاتساع الهوة بينهما، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين لا لأنهم أقوياء، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، ولكن بشرط ـ هنا الشاهد ـ أن يحسنوا فهم دينهم، أن يحسنوا تطبيقه، أن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر.








والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-25-2018, 07:23 AM   #104


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم



(96)




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.





من أسماء الله الحسنى:(الرحيم):


أيها الأخوة الأكارم، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الرحيم".



ورود اسم الرحيم في القرآن الكريم والسنة الشريفة:



اسم الله الرحيم ورد في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة، ورد مطلقاً أي غير مضاف، ومعرفاً بأل، ومنوناً، واسم الله الرحيم اقترن مع اسم الله الرحمن في ستة مواضع في القرآن الكريم.



اسم الله الرحيم يؤكد رحمة الله الخاصة بالمؤمنين:

اقترن اسم الله الرحيم مع اسم التواب، والغفور، والرؤوف، والودود، والعزيز، وذلك لأن الرحمة التي دلّ عليها اسم الرحيم رحمة خاصة، بينما اسم الله الرحمن رحمة عامة، للتوضيح: عندنا مدرسة وفيها عام دراسي، في أثناء العام الدراسي جميع الطلاب بدون استثناء يتمتعون بميزات عامة، كلهم لهم مقاعد، لهم مقاصف خاصة بهذه المدرسة، لهم أعطيات، لهم تعويضات، العطاءات واحدة، وهناك متابعة، فالمقصر يحاسب، المقصر يؤدب، المقصر يستدعى والده، العطاءات واحدة للجميع، ويوجد تأديب و متابعة و عقوبات، لكن بعد أداء الامتحان هناك تكريم للناجحين، فاسم الله الرحمن يشمل كل الخلائق، المؤمن، والكافر، والملحد، والمستقيم، والمنحرف، أما اسم الله الرحيم يشمل الذين آمنوا بالله ورسوله واستقاموا على أمره، وحققوا الهدف الذي من أجله خُلقوا.
لذلك الرحمة التي دلّ عليها اسم الرحيم رحمة خاصة، تلحق المؤمنين، التكريم متعلق بالناجحين فقط، أثناء العام الدراسي جميع الطلاب لهم الميزات نفسها، مجتهد، مقصر، كل الميزات مشتركة لكل الطلاب، لكن بعد الامتحان المكافأة، والتكريم، و التعويضات، والحفل الذي يبين تفوق هؤلاء الطلاب هذا خاص بالناجحين.
لذلك اسم الله الرحيم يؤكد رحمته الخاصة بالمؤمنين، ذكرت من قبلُ أن الأب يُطعم كل أولاده، يكسوهم جميعاً، كل ابن له غرفة خاصة، لكن الابن البار له معاملة خاصة، فيها ود، و فيها حب.




الله عز وجل رحمن في الدنيا لكل الخلق ورحيم في الآخرة بالمؤمنين:

أيها الأخوة، الله عز وجل رحمن في الدنيا لكل الخلق، لكن في الدار الآخرة رحيم بالمؤمنين، الآيات، قوله تعالى:
﴿ تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ(2) ﴾

( سورة فصلت )
الرحمن رحمن الدنيا، والرحيم رحيم الآخرة:

﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ(58) ﴾

( سورة يس )
سلام، لما قال تعالى:

﴿ يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ (45) ﴾

( سورة مريم )
باسم الرحمن هناك عذاب، زلزال، فيضانات، اجتياح:

﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾

(سورة الأنعام: من آية 65 )
كل هذا من خلال اسم الرحمن، طبيب وجد المريض قد التهبت زائدته، لابد من مستشفى، لابد من تخدير، لابد من فتح البطن، لابد ولابد بدافع الرحمة، العملية الجراحية بدافع الرحمة.


المصائب معالجة إلهية من اسم الرحمن:

كل أنواع المصائب في الحقيقة معالجة إلهية من اسم الرحمن، رحمن الدنيا، لكن بعد انتهاء الدنيا، ودخلنا في الدار الآخرة، الله عز وجل رحيم بعباده المؤمنين الذين استجابوا، وأنابوا، وأقبلوا، وتوكلوا.
﴿ تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ(2) ﴾

( سورة فصلت )

﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ(58) ﴾

( سورة يس )

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

( سورة الحجر )
هذا في القرآن الكريم، أما في السنة:

(( يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال عليه الصلاة والسلام: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم ))

[البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه]

(( كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة رب اغفر لي وتب عليّ أنك أنت التواب الرحيم ))

[أبو داود من حديث بن عمر عن رضي الله عنه]
الرحمن في الدنيا، عطاء موحد، شمس، قمر، ليل، نهار، أمطار، نبات، وتأديب للمقصر، عطاء موحد، وتأديب للمقصر هذا في الدنيا، أما في الآخرة تكريم خاص لمن استجاب لله، وأقبل عليه، واستقام على أمره.


الرحيم في اللغة:


الآن باللغة: الرحيم في اللغة من صيغ المبالغة، فعيل بمعنى فاعل، رحيم بمعنى راحم، سميع بمعنى سامع، قدير بمعنى قادر، وزن فعيل يأتي على معنى فاعل، فالله عز وجل رحيم أي راحم بعباده المؤمنين، إذاً هذا الاسم دلّ على صفة الرحمة الخاصة التي ينالها المؤمنون، فالرحمن الرحيم بُنيت صفة الرحمة الأولى على فعلان رحمن، لأن معناه الكثرة، يعني اسم الله الرحمن يشمل كل الخلائق من دون استثناء، فرحمته وسعت كل شيء، وهو أرحم الراحمين، وأما الرحيم فإنما ذكر بعد الرحمن لأن الرحمن مقصور على الله عز وجل، لا يمكن أن يسمى إنسان باسم الرحمن أما يوجد إنسان اسمه رحيم.
فالرحيم قد يكون لله ولغير الله، قد تقول الله عز وجل رحيم، وفلان عليم:


﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43) ﴾

( سورة الأحزاب )
لذلك قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر.


الرحيم رحمة خاصة بالمؤمنينوتمتد إلى ذريتهم من بعدهم:

أيها الأخوة، والرحمة الخاصة التي دلّ عليها اسم الرحيم شملت عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة، فقد هداهم إلى توحيده، وعبوديته، وهو الذي أكرمهم في الآخرة بجنته، ومَنَّ عليهم في النعيم برؤيته، ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين فقط، بل تمتد لتشمل ذريتهم من بعدهم تكريماً لهم، قال تعالى في نبأ الخضر والجدار:
﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ (82) ﴾

( سورة الكهف )
إذاً: الرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين، وتمتد إلى ذريتهم من بعدهم، والآية الثانية:

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

( سورة الطور الآية: 21 )
قال علماء التفسير ألحقنا بهم أعمال ذريتهم.


أفضل كسب الرجل ولده:

أيها الأخوة:
(( أفضل كسب الرجل ولده ))

[أخرجه الطبراني عن أبي بردة بن نيار ]
إذا وفق الله إنساناً إلى تربية أولاده، أعمال أولاده الصالحة، وأولاد أولاده، وأحفاده، وأحفاد أحفاده إلى يوم القيامة في صحيفته، فكما أن الإنسان مجبول على حبّ وجوده، وعلى حبّ سلامة وجوده، وعلى حبّ كمال وجوده، وعلى حبّ استمرار وجوده، استمرار وجودك بسبب تربيتك لأولادك، ذكرت لكم مرة التقيت بعالم جليل قال لي: عندي ثمانية وثلاثون حفيداً، أكثر من أربعة عشر منهم طبيباً، وأكثر من عشرة أحفاد من حفاظ كتاب الله، أي الخير العميم الذي ينال المؤمنين يمتد إلى ذريتهم من بعدهم.

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾

( سورة الطور الآية: 21 )
يعني أنت تستمر في الأجر، والعطاء، والثواب إلى يوم القيامة إذا ربيت أولادك، مرة أحد علماء دمشق وهو خطيب من الخطباء الكبار توفي رحمه الله، أُقيم له العزاء في الجامع الأموي، وفي اليوم الثالث وقف ابنه وألقى خطبة كأبيه، فقلت في نفسي والله لم يمت مادام ترك من يخلفه من بعده، فكل إنسان إذا الله وفقه وربى ابنه، الأجر الذي يناله الأب لا يعلمه إلا الله، مرة قابلت شخصاً له ابن صالح جداً، أقسمت له بالله أن هذا الابن الصالح في الميزان المادي أغلى من مليار مليار مليار دولار، هذه تتركها وتموت، أما الابن يبدأ عطاؤه بعد الموت.

(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ))

[ مسلم عن أبي هريرة ]
هنيئًا لمن كان له ولد صالح.


أسباب الرحمة الخاصة :

1 ـ طاعة الله ورسوله:


الرحمة الخاصة لها أسباب ؟ مثلاً شخص عنده حاسوب، وكتب كلمة رحمة، وبحث في مشتقاتها، سيجد بحثاً لطيفاً جداً مثلاً:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(132) ﴾

( سورة آل عمران )
إذاً طريق رحمة الله طاعة الله ورسوله، بالأحاديث:

(( غَفرَ الله لرجل كان قبلكم: سهلاً إذا باع، سَهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا اقتضى ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن جابر بن عبد الله ]
رحم الله عبداً سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا قضى، سهلاً إذا اقتضى.


2 ـ المعاملة الطيبة في البيع والشراء:


المعاملة الطيبة في البيع والشراء أحد أسباب رحمة الله عز وجل، أنت افتح البحث بالدعاء، رحم الله، بالأحاديث، تجد كماً كبيراً ما هي أسباب رحمة الله ؟
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(132) ﴾

( سورة آل عمران )

﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(155) ﴾

( سورة الأنعام )
ابحث لعلكم تُرحمون، ابحث رحم الله عبداً، تجد بحثاً رائعاً مديداً دقيقاً عميقاً يبين لك هذا البحث أسباب رحمة الله عز وجل.


اسم الله الرحيم يدل على الذات والصفة معاً:



الآن اسم الله الرحيم من الجهة العلمية يدل على ذات الله، هو اسم ذات، ومن الجهة الوصفية يدل على صفة الرحمة الإلهية، اسم ذات واسم صفة، فهو يدل على الذات والصفة معاً، قال تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ(41)إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(42) ﴾

( سورة الدخان )
أيها الأخوة، الآية التي ورد فيها الاسم على الوصف، آية دقيقة، وهذه رحمة خاصة بالمؤمنين، تضمنها اسمه الرحيم، قالت امرأة العزيز بعد توبتها:

﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(53) ﴾

( سورة يوسف )
أيها الأخوة، والآية التي تقول:

﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(54) ﴾

( سورة الأنعام )
أيها الأخوة الكرام، الآية التي تقول:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ (28) ﴾

( سورة الحديد)
انظر اتقوا الله، اتقوا أن تعصوه، اتقوا أن تقعوا في سخطه أو غضبه.


في الدنيا جنة القرب من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة:

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ (28) ﴾

( سورة الحديد)
يكفل لكم رحمته مرتين، مرة في الدنيا ومرة في الآخرة، وفي قوله تعالى:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

( سورة الرحمن )
جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، ويقول بعض كبار العلماء، في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة، إنها جنة القرب، والدليل:

﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) ﴾

( سورة محمد)
عرفها لهم في الدنيا، ذاقوا طعمها في الدنيا.


من لم يكن أسعد الناس بمعرفة الله و الإقبال عليه فهو لم يذق طعم حلاوة الإيمان:

بشكل أو بآخر إن لم تقل من أعماق أعماقك ليس في الأرض من هو أسعد مني، فمعنى ذلك أنت لم تذق جنة الدنيا، لو يعلم الملوك (هذا كلام إبراهيم بن الأدهم الذي كان ملكاً وهو مدفون في جبلة) ما نحن عليه لقاتلونا عليه بالسيوف.
ماذا يفعل أعدائي بي ؟ بستاني في صدري، إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، فماذا يفعل أعدائي بي ؟ أين وجد سيدنا إبراهيم الجنة ؟ وقد ألقي في النار:

﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾

( سورة الأنبياء )
أين وجد أصحاب الكهف الجنة ؟ في الكهف. أين وجد سيدنا يونس الجنة ؟ في بطن الحوت، أي إذا كان الله معك فمن عليك ؟

فَلَيتَكَ تَحلو و الحَياةُ مَريــرَةٌ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضـابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِـرٌ وَبَيني وَبَينَ العـالَمينَ خَرابُ
وليت شرابي من ودادك سائغ وشربي من ماء الفرات سراب
إذا صحّ منك الوصل فالكل هين وكل الـذي فوق التراب تراب
***

إن لم تقل أنا أسعد الناس على بيت صغير، ودخل محدود، وعدة علل بالجسم، ومتاعب في الدنيا، مع كل هذه المتاعب والحياة الخشنة إن لم تقل أنا أسعد الناس بمعرفة الله ، والإقبال عليه، ومحبته، فأنت لم تذق طعم حلاوة الإيمان، ولم تذق طعم القرب في الدنيا، في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة:

فلو شاهدت عيناك من حسننا الــذي رأوه لما وليت عنا لــــــغيرنا
ولو سمعت أذناك حســــن خطابنا خــلعت عنك ثياب الـعجب وجئتنا
ولو ذقت من طعم المــــحبة ذرة عذرت الـــذي أضحى قتيلاً بحبنا
ولــــو نسمت من قربنا لك نسمة لـــمت غريباً واشتياقــاً لقربنا
ولو لاح من أنوارنــــا لـك لائحٌ تركــت جميع الكـائنات لأجلنــا
***




كل شيء أراده الله وقع وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة:

وقال الله عز وجل يصف ويتحدث عن نبيه نوح عليه السلام ومن ركب معه السفينة:

﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(41) ﴾

( سورة هود)
هؤلاء نجوا، ركبوا السفينة ونجوا،
﴿ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(41) ﴾
أما الفيضان أصاب القوم الذين استنكفوا عن طاعة الله باسم الرحمن، غرقوا باسم الرحمن، ونجا هؤلاء باسم الرحيم، الرحيم تعني الرحمة الخاصة بالمؤمنين:

﴿ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ(57)سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ(58) ﴾

( سورة يس)

﴿ يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ (45) ﴾

( سورة مريم)
الرحيم أيها الأخوة، في أغلب النصوص وصف بالرحمة الخاصة، نسأل الله رحمته، ونستعيذ به من عذابه، مع أن عذابه عدل، وفيه حكمة ما بعدها حكمة، وكل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.


اجتماع اسمي الله جلّ جلاله الرحمن الرحيم في معنى واحد وهو تعلقهما بالمشيئة:


أيها الأخوة، إن اسمي الله جلّ جلاله الرحمن الرحيم يجتمعان في معنى واحد وهو تعلقهما بالمشيئة، فاسم الله الرحمن اقتضى أن يسوق لعباده بعض العذاب، والدليل:

﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(147) ﴾

(سورة الأنعام )
واسم الله الرحيم يقتضي التكريم، اسم يقتضي التأديب في الدنيا، واسم يقتضي التكريم في الآخرة، يفترق الاسمان (الرحمن والرحيم) من جهة تعلقهما بالحكمة، الحكمة تقتضي أن يساق العذاب لمن شرد عن الله في الدنيا، والحكمة تقتضي أن تكون رحمة الله لمن استجاب له في الآخرة.


الله عز وجل خلق المؤمن ليرحمه و يسلمه و يسعده:

أيها الأخوة الكرام، اسم الله الرحيم خاص بالمؤمنين، فبذلك حينما قال الله عز:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾

( سورة هود الآية: 119 )
دقق
﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
خلقهم ليرحمهم، خلقهم ليسلمهم، خلقهم ليسعدهم، خلقهم ليعطيهم، الله عز وجل بيده الخير، دققوا في هذه الآية:

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 26 )
إعطاء الملك خير، ونزعه خير، إعزاز الإنسان خير، والإذلال خير، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، نسأل الله رحمته، ونخشى عذابه، نسأل الله السلامة في الدنيا، النبي عليه الصلاة والسلام حينا دعا في الطائف قال:

(( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا رب المستضعفين، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي ))

[ الطبراني عن عبد الله بن جعفر، وفي سنده ضعف ]
ونحن نقول رحمة الله الخاصة بالمؤمنين أوسع لنا.






والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-25-2018, 02:10 PM   #105


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم


(97)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.





من أسماء الله الحسنى:(الرازق):


أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الرازق".



ورود اسم الرازق في القرآن الكريم و السنة الشريفة:


هذا الاسم ورد في السنة، ففي حديث أنس رضي الله عنه الذي ورد في الأسماء الثلاثة السابقة قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( إنَّ الله هو المُسَعِّرُ، القابضُ، الباسط، الرازق ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]
وهذا الاسم ورد في القرآن الكريم مقيداً في قول الله عز وجل:
﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾

( سورة المائدة )



الرازق في اللغة:

"الرازق" في اللغة اسم فاعل، رزق، يرزق، رزقاً فهو "الرازق"، والرزق ما يُنتفع به.
لذلك فرق العلماء بين الرزق والكسب، الشيء الذي تأكله، والثياب التي تلبسها، والبيت الذي تسكنه، هذا هو الرزق الذي انتفعت به، أما الرصيد: الحجم المالي هذا كسب لم تنتفع به، الذي تنفع به مباشرة هو الرزق، والذي لا تنتفع به وهو من كسبك هو الكسب، أما الكسب تحاسب عليه من أين اكتسبته ؟ وماذا فعلت فيه ؟ مع أنك لم تنتفع به، يعني الذي معه ألف مليون، ماذا يأكل ؟ يأكل وجبة محددة، ويرتدي ثياباً واحدة، وينام على سرير واحد، وطاقته في الاستمتاع بالحياة لها سقف، مهما كنت غنياً كم تأكل ؟ وجبة محدودة، كم ثوب ترتدي ؟ ثوب واحد، على كم تنام بليلة واحدة ؟ على سرير واحد.


الرزق و الكسب:

الرزق: ما انتفعت به فقط، والكسب: حجمك المالي، حجمك المالي لم تنتفع به إطلاقاً لكنه أعطاك كبراً، وهيمنة، وسيطرة، وكل قرش اكتسبته تحاسب عليه، مع أنك لم تنتفع به.
لذلك ورد في بعض الآثار:

(( إن روح الميت ترفرف فوق النعش، تقول يا ولدي يا أهلي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، فأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة عليّ ))

[ ورد في الأثر]
الرزق هو العطاء، استرزقه، أي طلب منه الرزق، وزن استفعل في اللغة يفيد معنى الطلب، استغفر طلب المغفرة، استرحم طلب الرحمة، استرزق طلب الرزق، وقد يسمى المطر رزقاً، لأن المطر ينبت النبات، ينبت القمح، ينبت الخضراوات، فالرزق من آثار المطر.


على المؤمن أن يعزو الرزق إلى الله لا إلى غيره:

أما قوله تعالى:
﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾

( سورة الواقعة )
تهطل أمطار كثيرة، نستمع إلى من يقول: هناك منخفض متمركز فوق قبرص في طريقه إلينا، لأن هذا رزق الله، هذا فضل الله، هذه رحمة الله، نعزو الرزق إلى أسباب أرضية
﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾
وقد ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم عقب ليلة مطيرة قال:

(( هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مُطِرْنا بفضل الله ورحمته: فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كذا وكذا: فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك عن زيد بن خالد الجهني ]
كتعليق على هذا الحديث هناك من ينسب ما يجري إلى أسباب أرضية فقط، يعني زلزال دمر كل شيء يقول لك اضطراب بالقشرة الأرضية فقط، لمَا وقع هنا ولم يقع هنا؟ مع أن الله تعالى يقول:

﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾

( سورة هود )



على الإنسان أن يعزو الأسباب إلى مسبب الأسباب كي يصطلح و يتعامل معه:


لمَ لا تقبل التفسير الأرضي القريب، وتعزو التفسير البعيد إلى الله عز وجل ؟ الإنسان أحياناً يرفض التفسير العلوي، الإلهي، التوحيدي، ولا يقبل إلا التفسير الأرضي الشركي المحمود.
ما يعانيه المسلمين اليوم يعزى إلى الاستعمار فقط، والصهيونية العالمية فقط أين الله ؟ كيف سمح لهؤلاء أن يسيطروا على العالم، ألسنا عباده ؟ فلابد من أن تعزو الأسباب إلى مسبب الأسباب، إلى خالق السماوات والأرض، كي تتعامل معه، كي تصطلح معه.
لذلك لا ينبغي أن تفسر ما يجري فقط لأسباب أرضية شركية، لابدّ من أن نفسر ما يجري لأسباب أرضية، ومسبب الأسباب هو الله، لحكمة بالغةٍ بالغة.




الأرزاق نوعان ؛ أرزاق ظاهرة و أرزاق باطنة:


أيها الأخوة، الأرزاق نوعان، أرزاق ظاهرة كالأقوات للأبدان، انظر إلى سوق الخضر، كميات من الفواكه، كميات من الخضروات، المحاصيل، والقمح، والغنم، أرقام فلكية، كلها رزق العباد، أقوات للأبدان، وهناك أرزاق باطنة، هي المعارف والإيمان، إنسان الله عز وجل رزقه فهماً بكتاب الله، هذا رزق.
بالمناسبة: العلم هو أعلى أنواع الرزق، الدليل:


﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

( سورة النساء )

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾

( سورة القصص الآية: 14 )
الله عز وجل أعطى المال لمن لا يحب، وأعطاه لمن يحب، حتى نكون موضوعيين، أعطى المال لقارون وهو لا يحبه، وأمره:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾

( سورة القصص الآية: 77 )
وأعطاه لسيدنا عثمان وهو يحبه، أنفق على جيش العسرة، وقال النبي الكريم:

(( ما ضرّ عثمان ما عمل بعد هذا اليوم ))

[أخرجه الحاكم عن عبد الرحمن بن سمرة ]
رضي عنه من أعماق أعماقه، أعطى الملك لفرعون وهو لا يحبه، وأعطاه لسيدنا سليمان وهو يحبه، لكن الذين يحبهم ماذا أعطاهم ؟ الملك ليس مقياساً، والمال ليس مقياساً، لكن الذين يحبهم الأنبياء، قمم البشر
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾
فإذا وهبك الله رزقاً من نوع الرزق الذي وهبه لأحبابه، فاشكر الله عز وجل ، بالأرض هناك من يعبد الجرذان في آسيا، وهناك من يعبد ذكر الرجل، و هناك من يعبد موج البحر، وهناك من يعبد البقر، و هناك من يعبد الشمس والقمر، وهناك من يعبد الحجر، فالله سبحانه وتعالى أكرمنا أن نعبد خالق السماوات الأرض.


الله عز وجل "الرازق" تكفل باستكمال الرزق ولو بعد حين:


أما الله جلّ جلاله هو "الرازق"، هو الذي يرزق الخلائق أجمعين، وهو الذي قدّر أرزاقهم قبل خلق العالمين.

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ﴾

( سورة الروم الآية: 40 )
يعني ترسل ابنك إلى بلد أوربي ليدرس، حتى يطمئن ترسل له مصروفه لستة سنوات دفعة واحدة، حتى يطمئن.
فالله عز وجل قال:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾
فعل ماض
﴿ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ﴾
ما قال ثم يرزقكم
﴿ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ﴾
الله عز وجل "الرازق" تكفل باستكمال الرزق ولو بعد حين، كل إنسان له عند الله رزق لكن بحين معين، قالوا: من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، قال عليه الصلاة والسلام:

(( أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُم. ))

[أخرجه ابن ماجه عن جابر بن عبد الله ]
في راوية:

(( استجملوا مهنكم ))
اختر حرفة شريفة، اختر حرفة فيها نفع للناس، وليس فيها ابتزاز لأموالهم ، اختر حرفة فيها نفع للناس، وليس فيها إلقاء الرعب في قلوبهم، اختر حرفة ينتفع بها من حولك، ولا تختر حرفة تبني دخلك على أنقاض الناس، لأنه ألصق شيء بحياة الإنسان رزقه، وحرفته، وزوجته، المركبة تُبدل، البيت يُبدل، أما زوجته أم أولاده، وحرفته، فإن كانت الحرفة مخالفة لمنهج الله هذه مشكلة أنت محجوب عن الله دائماً.


أرزاق الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى:


حديث آخر:

(( نفث روح القدس في روعي أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ))

[ أخرجه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي ]
والآية الكريمة:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

( سورة فاطر الآية: 3 )
قال بعض العلماء: الرزق اسم يشمل الإنسان وغير الإنسان، لكن هذه الكلمة تعم رزق الدنيا والآخرة، دخول الجنة رزق، النجاة يوم القيامة رزق، العلم في الدنيا رزق، اشتقاق الكمال من الله رزق، الحلم رزق، الورع رزق، نحن هكذا ببساطة أي كلمة رزق نتصورها المال فقط، قد تجد إنساناً دخله محدود، لكن يتمتع بعلم غزير، يتمتع بسمعة طيبة، يتمتع براحة نفسية، يتمتع بتوفيق من الله عز وجل، أو يتمتع بدعوة كبيرة، حجم المال صغير جداً، لكن حجمه عند الله كبير جداً.
فنحن ينبغي ألا نتوهم أن كل كلمة رزق تعني مال، لا، أرزاق الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى، وقد قال الله عز وجل:
﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾

( سورة البقرة )




إلزام الله عز وجل ذاته العلية برزق العباد:


أحياناً الله عز وجل يرزق إنسان مكانة، بهذه المكانة تحل مشكلات كبيرة، هذا رأسمالك، أي الناس يهابونك، ينصاعون لأمرك، استخدم هذه الهيبة في خدمة الناس، في حلّ مشكلاتهم، في إنقاذ من يحتاج إلى إنقاذ، والآية الكريمة:

﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾

( سورة هود الآية: 6 )
على، متى جاءت على ؟ مع لفظ الجلالة، معنى ذلك أن الله ألزم نفسه ذاتياً برزق العباد
﴿ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾
بعدها
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾
تفيد استغراق أفراد النوع.
لو دخل معلم إلى صف، وقال: أيها الطلاب لكم عندي هدية، يعني لهؤلاء الذين أمامه، أما لو قال: ما من طالب في هذا الصف إلا وله عندي هدية، هذه من تشمل حتى الغائب، حتى الذي لم يتح له أن يأخذها الآن، ما من طالب في هذا الصف إلا وله عندي هدية، هذه من تفيد استغراق أفراد النوع.
ما قال: ما دابة إلا على الله رزقها، قال:
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾
يعني نملة تمشي على صخرة صماء، في الليلة الظلماء، على الله رزقها.
وعل يعيش في قمم الجبال، هناك ينابيع مياه في قمم الجبال، في القمم أي مستودع في جبل أعلى، تمديد مذهل من أجل الوعول، هناك وعول تعيش في قمم الجبال هناك ينابيع ماء لها، معنى ذلك أن هذه الينابيع تمديداتها تحت الجبال إلى جبال أعلى، يوجد بأرواد نبع، هذا النبع لا تكفي أمطار أرواد لهذا النبع، هذا النبع مستودعه في طرطوس وممدد تحت البحر، يوجد بإندونيسيا ثلاث عشرة جزيرة، ما من جزيرة إلا وفيها نبع ماء عذب، من آيات الله الدالة على عظمته.
إذاً
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى ﴾
يعني ألزم الله ذاته العلية برزق العباد.


بطولة الإنسان أن يأكل رزقه الذي كتبه الله له من طريق مشروع:

حتى الطعام الحرام الذي يتناوله الإنسان هو رزق من الله، يعني أضرب هذا المثل الذي أردده كثيراً:
بستان فيه شجر تفاح، الشجرة السابعة، الفرع الثالث، الغصن الرابع، التفاحة الخامسة، هذه لفلان، هذه له، فلان قد يشتريها بماله، وقد يأكلها ضيافة، وقد يأكلها هدية وقد يسرقها، وقد يتسولها، التسول، والسرقة، والهدية، والضيافة، والشراء اختياره، أما هي له.
فالبطولة أن تأكل رزقك الذي كتبه الله لك من طريق مشروع، هنا جاء الحديث مرة ثانية:

(( نفث روح القدس في روعي أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب ))

[ أخرجه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي ]
لا تذل نفسك، لا تتضعضع أمام غني، ولا أمام قوي.

(( اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير ))

[ ابن عساكر عن عبد الله بن بسر بسند ضعيف]
والله مرة زارني أخ متقدم بالسن، قدمتُ له ضيافة متواضعة، فقطع أول لقمة من هذه الضيافة، وقبل أن يأكلها قال: سبحان من قسم لنا هذا، ولا ينسى من فضله أحدا.
اعتقد هذا الاعتقاد، الله عز وجل لا ينسى من فضله أحداً، هو خلقك، تكفل لك بالرزق، تكفل لك بالزواج، تكفل لك بالعمل، لا تضجر، لا تقلق، لا تيأس، لا تتشكى، سبحان من قسم لنا هذا، ولا ينسى من فضله أحداً.
حتى أهل الدنيا الذين يسرقون، هو رزق الله عز وجل اختاروا أن يأخذوه سرقة محاسبون عليه، أما هو لهم.


إحباط الأعمال في آخر الزمان نتيجة:

أخوانا الكرام، أحياناً الإنسان يعجب، الأمور تجري خلاف صالح العالم الإسلامي، هم يعيشون على ثروات هائلة، يحتلون موقعاً استراتيجياً مذهلاً، ومع ذلك هذه الثروات ليست لهم، يأتي من يأخذها منهم عنوة، فقد روى عبد الله بن عمر عن النبي الكريم قال:
(( أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]



1 ـ انتشار الفاحشة:


الآن الشاذون بالعالم لهم منظمات، ولهم قيادات، ولهم مرجعيات، ومعهم بطاقات، ويطالبون الحكومة بأن يعاملوا كغيرهم من المواطنين، وهناك حكومات كثيرة جداً لهم، أحياناً يكون في سفير دولة عظمى يقام له حفل وداع في العاصمة، يحضر معه شريكه الجنسي، وهناك قانون في بعض البلاد الغربية الشريك الجنسي يمنح الجنسية، لو شخص معه شريك جنسي من بلد متقدم جداً شريكه الجنسي يستحق الجنسية، وهناك تعويضات.
الآن قال:

(( حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]
الشذوذ انحراف خطير، يتناقض مع الفطرة، في بلاد كثيرة وضمن القوانين معترف به، فصاحبه محترم، وله كل ميزات المتزوج.


2 ـ انتشار الأمراض:


(( لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]
الإيدز يعني، كان قديماً إذا إنسان سافر وطرق بابه ليلاً يقشعر جلده خوفاً من الله ولا يفتح الباب، والآن يقشعر جلده ولكن خوفاً من الإيدز.
﴿ فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ﴾

( سورة الأحزاب الآية: 19 )



3 ـ انتشار الغش:


(( وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ))
الغش، أنوع الغش.

(( وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]
بأول حرب سبعمئة مليار نُقلت من بلادنا إلى بلاد الغرب، وكل حرب تنقل ألوف المليارات من بلادنا إلى بلاد الغرب.


4 ـ عدم الحكم بكتاب الله:


(( وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]
الحروب الأهلية.

(( وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ))
عدو يتسلط عليهم، يأخذ ما في أيديهم.

(( مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ ))

[ ابن ماجه و البزار و البيهقي عن عبد الله بن عمر ]
هذه كلها من الأخطاء الذي يرتكبها المسلمون في آخر الزمان.


المعرفة أشرف الرزقين رزق الأبدان و رزق الأرواح:

العلماء قالوا: رزق الأبدان بالأطعمة، ورزق الأرواح بالمعرفة، المعرفة رزق، والمعرفة أشرف الرزقين، فإذا خصك الله بدخل وفير أكلت به أطيب الطعام، وخصّ عبداً آخر برزق المعرفة فاعلم علم اليقين أن العبد الآخر أكثر حظوة عند الله منك، لأنه منحه رزق النفوس، ورزق الأرواح، وهي المعارف، قال تعالى:

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾

( سورة القصص )
والنبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ))

[ مسلم عن أبي هريرة]
أحياناً يكون بعض الأخوة في مجلس، مجلس مبارك فيه تجلٍّ، فيه نور، فيه سرور، فيه مودة، فيه محبة، فيه ذكر لله، يقول لك: جلست جلسة لا أنساها مدى الحياة، قُدم كأس شاي فقط، وأحياناً طعام نفيس، ألوان، أنواع منوعة، يقول لك ما ارتحنا، ما سررنا.
وقال بعض العلماء: "الرازق" من غذى نفوس الأبدان بتوفيقه، وحلّ قلوب الأخيار بتصديقه، الرزق رزقان، رزق الأبدان، ورزق النفوس، نحن بحاجة إلى رزق الأبدان، لكن لا تنسوا حاجتكم العظمى لرزق النفوس، إلى العلم بالله.
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

( سورة النساء )








والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 02-25-2018, 02:13 PM   #106


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم


(98)




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.





من أسماء الله الحسنى: ( الوكيل):


أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الوكيل".



الآية التالية هي الموضع الوحيد في القرآن الكريم الذي ورد فيه اسم الوكيل مطلقاً معرفاً:


أيها الأخوة، ورد هذا الاسم في قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾

( سورة آل عمران )
هذا هو الموضع الوحيد في القرآن الكريم الذي ورد فيه الاسم مطلقاً معرفاً بالألف واللام.


اقتران اسم الوكيل بمعاني العلو:

لكن ورد في مواضع أخرى مقروناً بمعاني العلو، والعلو كما تقدم في دروس سابقة يزيد الإطلاق كمالاً على كمال، كما ورد في قوله تعالى:
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

( سورة الأنعام )
هنا اقترن الاسم بالعلو، والعلو يزيد المطلق كمالاً.
وعند البخاري من حديث ابن عباس أنه قال:

(( حسبنا الله ونعم الوكيل ))
قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد عليه الصلاة والسلام حين قالوا:

﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾

( سورة آل عمران )
والله أيها الأخوة والناس في هذه الأيام قد جمعوا ليقفوا وقفة واحدة ضد المسلمين، وكأن حرباً عالمية ثالثة معلنة على هذا الدين.
وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى السمع متى يؤمر ؟ قال: فسمع بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشق عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل ))

[ الترمذي عن أبي سعيد الخدري]



بعثة النبي عليه الصلاة والسلام أحد أشراط الساعة:

أيها الأخوة، يقول عليه الصلاة والسلام:
((بعثت والساعة كهاتين ))

[ البخاري عن سهل بن سعد]
فبعثة النبي عليه الصلاة والسلام أحد أشراط الساعة، وفي الآثار النبوية أحاديث كثيرة عن أشراط الساعة، من هذه الأحاديث:

(( موت كقعاص الغنم ))

[ الجامع الصغير عن معاذ بسند صحيح ]

(( لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ))

[ مسلم عن أبي هريرة]
ألف الناس أن يستمعوا كل يوم إلى مئات القتلى، ومئات الجرحى وكأنه خبر عادي.

(( موت كقعاص الغنم ))

[ الجامع الصغير عن معاذ بسند صحيح ]

(( لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ))

[ مسلم عن أبي هريرة]
يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى، ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه.

(( تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً ))

[ ابن ماجه عن عبد الله بلفظ قريب منه ]

(( كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا: يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأَشدُّ، كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً ))

[ أخرجه زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]
نحن في زمن تبدلت القيم، نحن في زمن طمست الفطرة.


من هان أمر الله عليه هان على الله:

شيء آخر:
(( يوشكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عليكم ))

[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
الآن كل حر في دولة.

(( يوشكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عليكم كما تَدَاعَى الأَكَلةُ إلى قَصْعَتِها، فقال قائل: من قِلَّة نحن يومئذ ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ))

[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
أي مليار وخمسمئة مليون لا وزن لهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، ليست كلمتهم هي العليا، أمرهم ليس بيدهم.

(( بل أنتم يومئذ كثير، ولكنَّكم غُثاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ ))
قش يطفو على سطح السيل، هل يؤثر باتجاهه ؟ هل يؤثر في مساره ؟.

(( وليقذفنَّ في قُلُوبكم الوَهْنَ، قيل: وما الوْهنُ يا رسول الله ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا وكراهيَةُ الموتِ ))

[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
كان الواحد بمليون، بألف، الآن الألف أو المليون بأف.
مخلصُ الملخص: هان أمر الله على المسلمين فهانوا على الله.


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علة خيرية هذه الأمة:


أيها الأخوة، حينما قال الله عز وجل:

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 110 )
هذه الخيرية لها علة:

﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 110 )
لماذا أهلك الله بني إسرائيل ؟ قال:

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾

( سورة المائدة الآية: 79 )
علة الخيرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم نأمر بالمعروف ولم ننهَ عن المنكر فقدنا علة الخيرية، إذاً نحن الآن أمة كأية أمة خلقها الله.

﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾

( سورة الكهف )
هذه الحقائق مؤلمة، لكنها ضرورية، لأن الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح.


الوكيل في اللغة:

1 ـ الوكيل هو القيم و المشرف:


"الوكيل" في اللغة: هو القيم، المشرف، الكفيل، الذي تكفل بأرزاق العباد ، حقيقة الوكيل أنه يستقل بأمر الموكل إليه، وكيل كامل.
الآن هناك وكالة عامة، يمكن للوكيل العلم أن يطلق الزوجة، وكالة عامة، توكل بالأمر أي ضمن القيام به، وكلت أمري إلى فلان ألجأته إليه، واعتمدت فيه عليه، وكّل فلان فلاناً أي استكفاه أمره، إما ثقة بكفايته، أو عجزاً عن القيام بأمر نفسه، وكيلك في كذا أي سلمته الأمر، وتركته له، وفوضته إليه، واكتفيت به، فالتوكل قد يأتي بمعنى تولي الإشراف على الشيء ومراقبته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( من توكل لي ما بين لحييه وما بين رجليه توكلت له بالجنة ))

[ أخرجه الحاكم عن سهل بن سعد ]
حديث دقيق يدل على أن معظم معاصي الناس من كلامهم.

(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]
و:

(( من توكل لي ما بين رجليه ـ شهوة الجنس ـ وما بين لحييه ـ فكيه ـ توكلت له بالجنة ))

[ البخاري عن سهل بن سعد الساعدي]



من ضبط شهوته و لسانه توكل الله له بالجنة:

من ضبط شهوته:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾

( سورة المؤمنون )
لكن لا يوجد في الإسلام حرمان:

﴿ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾

( سورة المؤمنون )
إذاً: من ضبط شهوته ومن ضبط لسانه، توكل الله له بالجنة.
الإمام الغزالي عدّد أكثر من عشرين أو ثلاثين معصية يقوم بها اللسان، غيبة، نميمة، بهتان، إفك، سخرية، فمعاصي اللسان لا تعد ولا تحصى.

(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))

[أخرجه الإمام أحمد عن أنس بن مالك ]
مرة ثانية:

(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]



2 ـ الاعتماد على الغير و الركون إليه:


التوكل يأتي أيضاً بمعنى الاعتماد على الغير، والركون إليه، كما في قوله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾

( سورة الطلاق الآية: 3 )



من توكل على الله فهو أقوى الأقوياء:

لكن أيها الأخوة، لا بدّ من التنويه إلى أن التوكل محله القلب، أما الأعضاء ينبغي أن تسعى.
(( إِن الله يَلُومُ على العَجْز ))

[ أخرجه أبو داود عن عوف بن مالك ]
بعض المسلمين انتهينا، ما بيدنا شيء، الله يتوكل بهم، هذا اليأس ، والسوداوية، والانسحاب من المجتمع، والتشاؤم ليس من صفات المؤمن، الكرة في ملعبنا.

﴿ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 19 )
والله عز وجل بيده كل شيء.

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾

( سورة هود الآية: 123 )
لذلك:
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
أنت إذا توكلت على الله أنت أقوى الأقوياء، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟


القصص في القرآن الكريم شواهد مذهلة على عظمة الخالق سبحانه:


هناك شواهد مذهلة في القرآن الكريم، مثلاً: إنسان فجأة وجد نفسه في بطن حوت، الأمل صفر، الحوت وجبته المعتدلة بين الوجبتين أربعة طن، معناها لقمة واحدة، في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة البحر.

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
فالله عز وجل قلب القصة إلى قانون:

﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الأنبياء )
في أي زمان، في أي مكان، في أي ظرف، طاغية كبير " فرعون "، قوي جداً، معه أسلحة فتاكة، حاقد، متغطرس، وراء شرذمة قليلة على رأسهم سيدنا موسى، هو خلفهم، والبحر أمامهم، هل هناك أمل ؟ الأمل صفر.

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

( سورة الشعراء )
أخواننا الكرام، اليأس يعني كفر بالله.

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران )
لكن بشرط ألا يهون أمر الله علينا، من هان أمر الله عليه هان على الله.


3 ـ الكفيل:


أيها الأخوة، ربما تفسر كلمة "الوكيل" بالكفيل، هذا معنى إضافي، لكن "الوكيل" أعم من الكفيل، فكل وكيل كفيل، لكن ما كل كفيل بوكيل.
و قد ورد عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ))

[ الترمذي عن عمر بن الخطاب]




التوكل الحقيقي أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيءثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء:

التوكل الحقيقي صدقوا أيها الأخوة أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، أنت مسافر سفراً طويلاً بمركبتك، ما هو التوكل ؟ أن تراجع هذه المركبة جزءاً جزءاً، المحرك، الزيت، المكابح، أن تراجع كل شيء، وأن تكون جاهزة في أعلى جاهزية، وبعد ذلك من أعماق أعماق قلبك: يا رب أنت المسلم، وأنت الحافظ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، هذه بطولة، من السهل أن تأخذ بالأسباب وتعتمد عليها وتنسى الله، أو أن تؤله الأسباب كما يفعل الغرب، ومن السهل أيضاً ألا تأخذ بها، تواكل، يا رب لا يوجد غيرك.
المسلمون الآن لضعف فهمهم العميق لحقيقة الدين ينتظرون معجزة من الله تقضي على أعدائهم، أعداؤهم يزدادون قوة، هذه سذاجة، أفق ضيق، الله قال:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )
بعد أن تعد لهم ما تستطيع قل: يا رب أنت الناصر، أنت الموفق، أنت الحافظ، أنت المؤيد، ينبغي أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، هذا درس يحتاجه المسلمون.
سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كان من الممكن كما نقله الله نقلة إعجازية من مكة إلى بيت المقدس على البراق، أن ينتقل إلى المدينة، لكن أعطانا درساً لا ينسى، هيأ من يأتيه بالأخبار، هيأ من يمحو الآثار، هيأ من يأتيه بالزاد، مشى مساحلاً، قبع في غار ثور أياماً ثلاثة، هيأ راحلة، هيأ خبيراً، غلب عليه الخبرة لا الولاء، كان الخبير مشركاً، أخذ بالأسباب كلية، فلما وصلوا إليه توكل على الله، قال:

(( يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ))

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك ]
هذا درس لنا جميعاً.
تاجر تعمل دراسة صحيحة ميدانية، مستوى البضاعة ، أسعارها، المنافسون، بعد أن تجري دراسة تامة، وعقدت صفقة، يا رب أنت الجبار، أنت الجبار بعد الدراسة المستفيضة.
طالب، يدرس ليلاً نهاراً، أنت الموفق يا رب، يجب أن تأخذ بالأسباب، لأن الفرق بيننا وبين أعدائنا أنهم يأخذون بالأسباب.


4 ـ الوكيل من توكل بالعالمين خلقاً و تدبيراً و هداية و تقديراً:


أيها الأخوة، الآن إذا قلنا الله هو "الوكيل"، أي هو الذي توكل بالعالمين خلقاً ، وتدبيراً، وهداية، وتقديراً، هو المتوكل بخلقه إيجاداً وإمداداً
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾



من كانت علاقته مع الله كان من أسعد الناس:

أخواننا الكرام، الله عز وجل :
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

( سورة هود )

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

( سورة الزخرف الآية: 84 )

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾

( سورة الكهف )
هذه المعاني مسعدة، علاقتنا مع جهة واحدة.

(( من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله سائر همومه ))

[ ابن عساكر عن ابن مسعود ]
اعمل لوجه واحد يكفك الهموم كلها، والله أيها الأخوة مشاعر الموحد مشاعر رائعة، علاقته مع جهة واحدة، هذه الجهة تعلم ما يعمل.
حدثني أخ كان بالحج أنه عمل هدياً وأخذ إيصالاً، قال لي: أنا أول مرة الإيصال أتلفه لأن هذا لله عز وجل، الله يعلم هو لا يريد إيصالاً.
علاقتك مع الله لا تحتاج إلى بيان، ولا تحتاج إلى قسم، الله يعلم، حتى إن بعضهم قال: الحمد لله على وجود الله، الله موجود، ويعلم.
إذاً:
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾



الله عز وجل ألزم ذاته العلية أن يهدي الناس إلى الصراط المستقيم:

قال تعالى:
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

( سورة الزمر )
وقال هود عليه السلام متحدياً: افعلوا ما شئتم.

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

( سورة هود )
عندما تأتي على مع لفظ الجلالة تأتي بمعنى الإلزام الذاتي، أي الله عز وجل ألزم ذاته العلية بأن يكون مع خلقه مستقيماً،
﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾




الله سبحانه وتعالى وكيل المؤمنين لأنهم اعتقدوا في حوله وقوته:


"الوكيل" الكفيل بأرزاق العباد ومصالحهم، وهو سبحانه وتعالى وكيل المؤمنين.

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾

( سورة الحج الآية: 38 )
أحياناً الإنسان يوكل محامياً، كلما كان المحامي أكثر خبرة، أو أقرب صلة مع القضاة، أو أكثر هيمنة في قصر العدل، يرتاح الموكل، يقول لك: المحامي فلان، الراحة تأتي من قوة المحامي، فإذا كان خالق السماوات والأرض وكيلاً لك
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
إذاً: هو سبحانه وتعالى وكيل المؤمنين لأنهم اعتقدوا في حوله وقوته، تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أي لا حول عن معصية الله إلا بالله، ولا قوة على طاعته إلا به.


توكل المؤمنين على الله:

المؤمنون لماذا توكلوا عليه ؟ لأنهم خرجوا من حولهم وقوتهم، وآمنوا بكمال قدرته، وأيقنوا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فركنوا إليه في جميع أمورهم، فالله عز وجل إذا تولاك من يستطيع في الأرض أن ينال منك ؟ إذا كان الله معك فمن عليك ؟.
وجعلوا اعتمادهم عليه في سائر حياتهم، وفوضوا إليه الأمر قبل سعيهم ، واستعانوا به حال كسبهم، وحمدوه بالشكر بعد توفيقهم، وبالرضا بالمقسوم بعد ابتلائهم، قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾

( سورة الأنفال )
عليك ألا تتوكل توكلاً ساذجاً، هناك توكل ساذج، هناك توكل اسمه تواكل، هناك توكل الكسالى، وهناك توكل الجهلاء، أنا أرفض هذا التوكل، سيدنا عمر سأل جماعة من الناس قال لهم: من أنتم ؟ قال: نحن المتوكلون، قال لهم: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ثم توكل على الله
﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
وقال الله عز وجل في وصف المؤمنين:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾



من استقام على أمر الله استطاع التوكل عليه:

والله أيها الأخوة، أنا أشعر أحياناً أن هذا الاسم، أو هذا التوكل الذي ينبغي أن يكون للمؤمنين ضعيف جداً، دائماً خائف من الآخر، خائف من قوي.
تصور ابناً صغيراً، أو ابناً غير صغير التحق بقطعة عسكرية، من والده ؟ قائد الجيش، جاء عريف هدده فبكى، هذا أبوه أقوى من أكبر رتبة بالجيش، فعندما يبكي طفل أو شاب خوفاً من شخص هدده، ووالده بيده كل شيء يكون من أحمق الناس.

﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
الله عز وجل خاطب النبي الكريم فقال:

﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾

( سورة الأحزاب )

﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾

( سورة المزمل )
لكن لا بدّ من التنويه، الإنسان إذا كان يعصي الله فمعصيته حجاب بينه وبين الله، العاصي يخجل أن يتوكل على الله، المتوكل هو المستقيم، أنت حينما تستقيم على أمر لله تستطيع أن تتوكل على الله.
أحد العلماء ـ ابن القيم رحمه الله تعالى ـ يقول: توكيل العبد لربه يكون بتفويض نفسه إليه، وعزلها عن التصرف إلا بإذنه، يتولى الشؤون عن أهله، وهذا هو عزل النفس عن الربوبية وقيامها بالعبودية.


من توكل على الله شعر بالأمن و الراحة و الطمأنينة:

أيها الأخوة، ذاق طعم التوكل من توكل على الله، يصبح عنده أمن، عنده راحة، عنده شعور أن الله لن يتخلى عنه، نحن نفتقد لحياة نفسية عالية، الإنسان قد يكون قوياً وغنياً لكن عنده خوف وقلق مستمر، أما إذا كنت مع الله كان الله معك، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾

( سورة التوبة الآية: 51 )
والله عز وجل قال:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾

( سورة فصلت )



عدم استواء المحسن مع المسيء لأن هذا يتناقض مع عدل الله ووجوده:


﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

( سورة الجاثية الآية: 21 )
فهل من المعقول أن يستوي عند الله المستقيم والمنحرف ؟ الصادق والكاذب ؟ المخلص والخائن ؟ المحسن والمسيء ؟ مستحيل !
أنا أقول كلمة: إذا استوى المحسن والمسيء هذا الاستواء لا يتناقض مع عدل الله فحسب بل يتناقض مع وجوده، اطمئن أية جهة قوية أرادت أن تبني مجدها على أنقاض الشعوب، أن تبني حريتها على ضغط الشعوب، أن تبني عزها على إذلال الشعوب، والله الذي لا إله إلا هو أن تنجح خططها على المدى البعيد هذا يتناقض مع وجود الله.

﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران )








والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
أسماء, الله, الحسنى


 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
متجدد ..أسماء الله الحسنى ومعانيها..~ منال نور الهدى رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 45 06-29-2022 09:36 AM
اسماء الله الحسنى 2008 م السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 204 09-03-2018 01:22 PM
معرض أسماء الله الحسنى منال نور الهدى رِيَاضُ الصُوَر المَنْقُولَة 3 11-05-2014 11:25 PM
أسماء الله الحسنى: "الجبار" منال نور الهدى رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية 3 02-27-2013 03:13 AM
من أسماء الله الحسنى :"المبين .".الشيخ محمد راتب النابلسي منال نور الهدى رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية 5 02-27-2013 03:03 AM


الساعة الآن 07:35 AM