سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07-29-2018, 03:44 PM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الاول )

الموضوع : الله اكبر









الله و أكبر :
المسلمون في أعيادهم يرددون كلمة الله أكبر. هذه الكلمة يرددها المسلم في صلاته في اليوم أكثر من مئتين وخمسين مرة . والكلمة كما تعلمون لها شكل ولها مضمون، أضرب مثلاً: اكتب على ورقة كلمة بحر، وضعها في جيبك، هل تبتل جيبك؟ فالكلمة لها لفظ، ولها مضمون. اكتب كلمة جبل، وضعها في أصغر جيوبك، ولكنك لا تستطيع أن تحمل متراً مكعباً من هذا الجبل. فكلـمة الله أكـبر نرددها في الصلاة في اليوم أكثر مـن مئتين وخمسين مرة، لماذا يقول المؤذن الله أكبر؟ المسلم في مكتبه التجاري، في دكانه، في مكتب المحامي، في عيادة الطبيب، في بيته، بين يـديه عمل، يعـقد صفقة، ينجز عـملاً، فإذا سمع الله أكبر، أي الله أكبر من كل ما في يديك، من تجارتك وأعمالك ومشاريعك وصناعتك وطموحاتك، وأنت في الصلاة أي شيء يشغلك عن الله عز وجل الله أكبر منه. لذلك قالوا: الخشوع في الصلاة من فرائضها لا من فضائلها.
تكبيرة الإحرام شرط أم ركن ؟
لذلك بعض العلماء قال: تكبيرة الإحرام ركن، بعضهم قال: شرط، هناك فرق بين الركن والشرط، مـثلاً: الطـهارة شـرط، استقبال القبلة شرط، دخول الوقت شرط، طهارة الثوب والبدن والمكان شرط، لكن الركوع ركن، السجود ركن، الركن ينقضي بأدائه، ركعت ثم سجدت انتهى الركوع، لكنك ينبغي أن تكون أثناء الصلاة مستقبل القبلة. فالشرط مستمر، والركن منقضٍ.
اختـلف العلماء فيما إذا كانت تكبيرة الإحرام شرطاً أو ركناً، بعضهم رجح أن تكون شرطاً، فينبغي أن تستحضر عظمة الله عز وجل طوال الصلاة، لو أن الإنسان انزاح عن القبلة، فسدت صلاته، لو فسد وضوءه فسدت صلاته، لو خرج عن استعظام الله عز وجل، وعن استحضار هيبته، وعن الخشوع له، فكأن هذا الشرط لم يتحقق.

عطاء الله وإكرامه أكبر من الدنيا وما فيها :
ونقول: الله أكبر في عيد الفطر السعيد تنفيذاً لقوله تعالى:
﴿لتكبروا الله على ما هداكم﴾
[ سورة الحج: 37 ]
اعـلم أن الله سبحانه وتعالى مـا عنده من خير ثمنه الانتصار على النفس، والله أكبر من الدنيا وما فيها، إنسان لا يصوم رمضان، يستمتع أيام الحر بالماء البارد، والشراب الطيب، والطعام الطيب، والمسلم طبعاً يضحي بمتعة الطعام والشراب ويصوم، حينما يفطر بالعيد يقول: الله أكبر، أي عطاء الله عز وجل وإكرام الله أكبر من الدنيا وما فيها، ولولا أن الله أعانني ما صمت.
يردد الحاج مقولة: لبيك اللهم لبيك، يبدأها من الإحرام في طريقه إلى مكة، كلما صعد تلة، وكلما التقى بأخ، وكلما طرأ طارئ، ينادي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، يطوف حول الكعبة، يسعى بين الصفا والمروة، يذهب إلى عرفات، يقف في عرفات، ينطلق إلى مزدلفة، ينطلق إلى منى، يرجم جمرة العقبة، يحلق، يقطع التلبية، ويقول: الله أكبر.
إذاً أنت أيها الحاج انتصرت على نفسك، ولبيت دعوة ربك، واصطبغت بصبغة الله عز وجل، وشعرت بالقرب منه، فهذا الإنجاز الذي حققته أكبر من الدنيا وما فيها.
هذه الكلمات قالها المسلمون الأوائل، فهزوا أركان الدنيا، الكلمات هي هي، لكن هذه الكلمات العظيمة فرغت من مضمونها في أيامنا هذه.
الإسلام مبادئ و مناهج :
لو أن إنساناً أطاع زوجته، وعصى ربه، ما قال الله أكبر ولا مرة، ولو رددها بلسانه ألف مرة، هو أطاع زوجته، لأنه رأى رضاها أكبر من رضا الله عز وجل، وأما سخطها فأشد عليه من سخط الله عز وجل، فأطاعها وعصى الله عز وجل، إذا كان كسب المال الحرام أفضل عنده من طاعة الله ما قال الله أكبر ولا مرة، ولو رددها بلسانه ألف مرة. الكلمات التي قالها المسلمون الأوائل، هزوا بها أركان الدنيا، ويرددها الآن مليار ومئتا مليون مسلم، فلا يحركون بها ساكناً، لأن الكلمات فرغت من مضمونها. الـكلام له مضمون، ولـه شكل، فنحن الآن بحاجة إلى أن نعيد لهذه الكلمات مضمونها. فـكل إنـسان يؤثر رضـا مخلوق على رضا ربه كائناً من كان، كل إنسان يعصي ربه ليطيع مخلوقاً، لو يقول مليون مرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ما قالها ولا مرة .
الإسلام ليس طقوساً، ولا شكليات، ولا كلمات تردد، الإسلام مبادئ، الإسلام مناهج، الإسلام التزام، فأنت إن لم تقل ولا مرة، وليس عندك إمكان أن تطيع مخلوقاً وتعصي الله، فـأنت قلت ألف مرة، ولو لم تقلها ولا مرة، والـذي قالها ألف مرة، وعصى ربه وأطاع مخلوقاً تافهاً، ما قالها ولا مرة ولو رددها بلسانه ألف مرة.

الله أكبر من أيّ موضوع يشغل الإنسان :
نقولـها حينما نواجه العدو، لأن المـسلم يعـلم أن الله أكبر من أكبر قوة في الأرض، ونقولـها بعد الانتصار عليه، لنعلم أن الذي نـصرنا ليست قوتنا، وليس ذكاؤنا، وليـست خطتنا، ولكن الله هو الذي نصرنا، لقوله تعالى:
﴿وما النـصر إلا مـن عند الله﴾
[ سورة آل عمران: 126 ]
﴿ إن ينـصركم اللـه فـلا غـالب لكم﴾
[ سورة آل عمران: 160 ]
﴿إن تنصروا الله ينصركم﴾
[ سورة محمد: 7 ]
يقول المؤذن: الله أكبر وأنت في العمل وبين يديك صفقة بمئة مليون: ﴿ورحمة ربك خير مما يجمعون﴾
[ سورة آل عمران: 157 ]
دع العمل واتجه نحو المسجد، تقولها في الصلاة، كل الخواطر في الصلاة تافهة جداً أمام عظمة الله عز وجل، فينبغي أن تلاحظ أن الله أكبر من أي موضوع يشغلك في الصلاة.
تـقول الله أكبر في عيد الفطر الـسعيد، لأنـك انتصرت عـلى نفسك في رمضان، وأطعت ربك الواحد الديان.
وتقولـها في عيد الأضحى المبارك، انتصرت على نفسك وآثرت ترك الوطن والأهل والأولاد والبلد، وذهبت إلى الله عز وجل ملبياً نداءه.
الله أكبر هزت أركان الدنيا عندما قالها المسلمون الأوائل :
إذاً الله أكبر كلـمة قالـها المـسلمون الأوائل، فهزوا بـها أركـان الدنيا، النبي قالـها عنـدما عرضوا عـليه أن يكون أغنى شباب قريش، عرضوا عليه أن يزوجوه بأجمل فتيات قريش، عرضوا عليه أن يـسودوه عليهم، قال: " والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه"، قال الله أكبر.
قالها سيدنا خبيب بن عدي عندما وقع في أيدي قريش أسيراً، وصلبوه، وبدؤوا بتقطيع أعضائه عندها قال له أبو سفيان: يا خبيب أتحب أن يكون محمد مكانك وأنت ناج؟ فيجيب خبيب: والله ما أحب أن أكون في أهلي آمناً وادعاً و يصاب رسول الله بشوكة. أهلك وولدك.
قـال: الله أكبر بملء فيه، فالرجل لا يجامل نفـسه، لا يتملق نفـسه، يا ترى هل هو مقيم على معصية؟ الله أكبر، الله أكبر، أخي كبر، يا أخي ارفع صوتك، الإسلام لا ينتصر برفع الصوت، ينتصر بالأعمال، فنحن إذا قلنا بعد أيام الله أكبر في العيد، أي الله أكبر من كل شيء، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، الله أكبر من الدنيا وما فيها، من كل التجارات، من كل الأموال، من كل المكتسبات، هذه الله أكبر.
علبه مخمل فيها جوهرة، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت معهم هذه العـلبة والجوهرة، فاغتنوا بها، فنحن نتمنى أن تعود هذه الجوهرة إلى هذه العلبة، حتى لا تكون كلماتنا كلمات جوفاء، مفرغة من مضمونها، لا تعني شيئاً.

من سبّح الله و حمده ووحده و كبّره فقد عرفه :
و كذلك قال الله عز وجل:
﴿ المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا﴾
[ سورة الكهف: 46 ]
الباقيات الصالحات هي سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
إذا سبحته وحمدته ووحدته وكبرته فقد عرفته، ولأن تعرف الله، وتعرف منهجه، وتتقرب إليه خير لك من المال والبنين التي هي زينة الحياة الدنيا.
والباقيات الصالحات، أشار ربنا إلى أن الدنيا وما فيها من أموال وأولاد فانيات، هذه باقيات وهذه فانيات.






والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 06:53 AM   #2


ناصح أمين متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 760
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 أخر زيارة : اليوم (06:34 AM)
 المشاركات : 5,554 [ + ]
 التقييم :  4989
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



شـكـراً و جزاك الله خيراً ...

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


 
 توقيع : ناصح أمين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:30 AM   #3


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



تسلم اخى ناصح على تواصلك الدائم


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:32 AM   #4


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الثانى )

الموضوع :الاضحية








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الأضحية :
أيها الأخوة الكرام: ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك، هناك سنةٌ من سنن أبينا إبراهيم عليه السلام، ومن سنن سيدنا محمد عليه أتمّ الصلاة والسلام، ألا وهي الضحية.
وقد قال عليه الصلاة والسلام:

(( من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ))
[ أحمد و ابن ماجه عن أبي هريرة]
الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، استنبط من هذا الحديث أن الأضحية واجبةٌ، واجبة، وبعض العلماء في بقية المذاهب استنبطوا أن حكمها سنةٌ، من سنةٍ إلى سنٍة مؤكدة إلى واجب، أي أعلى درجة في الحكم الشرعي عند أبي حنيفة استنبط من هذا الحديث الشريف أنه: (( من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ))
[ أحمد و ابن ماجه عن أبي هريرة]
ومعنى سعة أنه ما زاد على نفقاته الأساسية، فهو في سعة، أو من ملك نصاب الزكاة فهو في سعة، أو من كان بإمكانه أن يستقرض ثمن الأضحية، وبإمكانه أن يوفي هذا الثمن، فهو في سعة، على اختلاف المذاهب، على كلٍّ: (( من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ))
[ أحمد و ابن ماجه عن أبي هريرة]
الأضحية إذاً واجبة على المسلم الحر، لا تجب على العبد المقيم لا تجب على المسافر الموسر، لا تجب على الفقير. المسلم الحر المقيم الموسر. الحكمة من الأضحية :
حكمتها؟ أولاً: هي في الأصل شكر لله عز وجل على أن أعطاك عمراً إلى هذا العام، وسلمك من كل مرضٍ خطير، وجعلك موسراً، أي عشت إلى هذه الأيام، وكنت في صحةٍ، وجعلك موسراً.
حكمتها: التوسعة على الأهل، والأصدقاء، والفقراء، روعة الأضحية بإمكانك أن تأكل منها، وبإمكانك أن تطعم منها أصدقاءك غير الفقراء، وبإمكانك أن تقدم منها للفقراء، إذاً هي في الأصل توسعة.

وقت وجوبها :
أيام التشريق الثلاث، أي أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك، واليوم الثاني، واليوم الثالث، من بعد صلاة العيد، من ضحى قبل صلاة العيد فليعد ذبيحته، من بعد صلاة العيد، وحتى عصر اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك، أو إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك.
أولاً: بعضهم يتوهم أن دفع المبلغ- ما قيمة الأضحية- أيسر وأوفر وأسرع وأسهل، الجواب: لا ‍‍‍‍، لأن الفقير إذا كان عليه دين وأعطيته مبلغاً من المال، يفي به دينه، ويبقى أولاده جائعين، أما إذا قدمت له لحماً، هذا اللحم لابد من أن يصل في النهاية إلى أفواههم فيشبعون، واللحم غذاء أساسي جداً، وهو سيد الطعام كما قال عليه الصلاة والسلام، وهناك أناس كثيرون، لا يسمح لهم دخلهم أن يأكلوا لحماً. إذاً ذبح الذبيحة وتوزيع لحمها أفضل بكثير من دفع ثمنها للفقراء.

ما يجوز في الأضحية و ما لا يجوز :
تجوز الأضحية من الغنم من ضأنٍ أو معزٍ، ومن الإبل والبقر، في الغنم يشترط أن تتم الغنمة ستة أشهرٍ إن كانت ضأناً، وسنةً إن كانت معزاً، ولا تصح التضحية بدابة فيها مرضٌ يؤثر على لحمها، فالهزيلة جداً، العمياء، ولا العوراء، ولا العجفاء، ولا العرجاء. هذه هدية العبد إلى ربه:
(( عظموا ضحاياكم فهي على الصراط مطاياكم))
[ الديلمي عن أبي هريرة]
إذاً يستحب في الأضحية أسمنها، وأحسنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (( عظموا ضحاياكم فهي على الصراط مطاياكم))
[ الديلمي عن أبي هريرة]
الأضحية في الأصل هدية إلى الله عز وجل، هدية العبد إلى ربه، وقربة إليه، فليحسن أحدنا انتقاء الدابة التي ينبغي أن يضحي بها.
فقد كان عليه الصلاة والسلام يختار الكبش الأبيض الأقرن ويستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، وأن يهدي منها أقرباءه وأصدقاءه وجيرانه، وأن يتصدق بثلثها أو أكثر.
ليس هناك نسب محددة، لكن بعضهم قال: الثلث تأكله، والثلث تهديه، والثلث تتصدق به.
إذا الإنسان قدمت له قطعة لحم في العيد لا ينبغي أن يردها، أخي أنا لست فقيراً، هي ليست للفقراء حصراً، هي للفقراء، للأصدقاء، أي الإنسان لو كان ميسوراً، قدمت له قطعة لحم هذه ينبغي أن يأخذها جبراً للفقير، حتى يحس الفقير أن كل إنسان يمكن أن يقبل هذه القطعة.
قال تعالى:
﴿ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر﴾
[ سورة الحج: 36 ]
ولا يجوز بيع جلدها , ويستحسن أن يحضر صاحب الأضحية الذبح، فإن استطاع أن يذبح فليذبح بيده. قال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ﴾
[سورة الحج:37]
الأضحية تعبير عن شكر الله عز وجل :
إذاً موضوع الأضحية أن العبد إذا عاش من عام إلى عام، ومدّ الله بعمره، فهي تعبير عن شكر العبد لربه، أن مدّ في عمره وجعله صحيحاً، وجعله مسيراً، ثلاث نعم.
لأن الله عز وجل قال:

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانَ حين منَ الدَّهرِ لمْ يكُن شيئاً مذكورا ﴾
[ سورة الإنسان:1]
فإذا انتهى الأجل انتهى ذكر الإنسان، ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة. فالله عز وجل جعل هذا المنسك للحجاج وغير الحجاج، وأساساً مشاركة غير الحاج للحاج عن طريق الأضحية. الحاج يضحي ويقدم هذا الهدي إلى الله عز وجل، وغير الحاج الذي لم يتح له أن يحج بيت الله الحرام، فلا أقل من أن يقلد الحاج في هذا الكبش الذي يقدمه هديةً لله عز وجل تعبيراً عن شكره.
إذاً هو اسمه هديّ، لأنه هدية، واسمه أضحية، استنبط بعض العلماء من التسمية الثانية أن الإنسان عليه أن يضحي بكل غالٍ ورخيص ونفسٍ ونفيس في سبيل الله عز وجل.
فهي من جهة تعبر عن التزامه بالشرع، والإنسان عندما يستقيم يهتدي ويلتزم بأمر الله ونهيه، معنى هذا أنه ضحى بشهواته المنحرفة وانضبط بالشرع، فالتعبير عن أن الله عز وجل أعانه على أن يستقيم على أمره، هذه الأضحية، وهي هديٌ، وهدية إلى الله عز وجل، فيها شكرٌ وفيها توسعة على النفس، والأهل، والأصدقاء، والفقراء.
وكما قلت لكم مرةً ثانية: هناك من يجتهد اجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان، يدفع مالاً، ادفع المال ولك أجرٌ كبير، لكن في الأضحية بالذات ذبح الهدي وتقديم اللحم للفقراء أفضل بكثير من دفع ثمنه للفقراء، لأنه اللحم إذا قدم للفقراء لابد من أن يصل إلى أفواههم وأفواه أولادهم، وهذا عملٌ طيب نرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا فعله.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:35 AM   #5


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الثالث )

الموضوع :التقديم و التاخير






القرآن الكريم معجزة مستمرة :
أيها الأخوة الكرام: القرآن الكريم الذي بين أيدينا هو معجزةُ النبي عليه الصلاة والسلام المستمرة، و وصفتها بأنها مستمرة لأن كل معجزات الأنبياء السابقين معجزات حسية وقعت مرة واحدة، وانقلبت إلى خبر يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه.
لكن معجزة النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا لكرامته على الله، معجزة مستمرة إلى يوم القيامة، فكلما تقدم العلم، كشف عن جانب من إعجاز القرآن الكريم، وكلما زدت القرآن الكريم نظراً زادك معنىً، وكلما قرأته شعرت أنك تقرأه أول مرة.

إعجاز القرآن الكريم :
مثلاً الله جلّ جلاله يقول: ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾
[ سورة النور: 2 ]
بدأ بالزانية، في آية ثانية: ﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما﴾
[ سورة المائدة: 38 ]
بدأ بالسارق، قد يسأل إنسان هل هناك معنى يستفاد من تقديم الزانية على الزاني؟ ومن تقديم السارق على السارقة؟ الجواب: الرجل أقدر على السرقة من الأنثى، وأما الموضوع الأول فالمرأة أقدر على إغراء الرجل بالزنى من أن يكون العكس.
لذلك الله عز وجل بدأ بالزانية فقال: الزانية والزاني، وبدأ بالسارق فقال: والسارق والسارقة. قال:
﴿ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان﴾
[ سورة الرحمن: 33 ]
بدأ بالجن. قال تعالى: ﴿ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ﴾
[ سورة الإسراء: 88 ]
مرة بدأ بالجن، مرة بدأ بالإنس، والتفسير واضح، لأن الجن أقدر على خرق السموات والأرض من الإنس، والإنس أقدر على النظم البلاغي من الجن. قال تعالى: ﴿ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم﴾
[ سورة التوبة: 24 ]
بدأ بالأب. ﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ﴾
[ سورة آل عمران: 14 ]
بدأ بالنساء. ﴿ يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه﴾
[ سورة عبس: 34 ]
بدأ بالأخ. ﴿ يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه﴾
[ سورة المعراج: 11]
بدأ بالابن شيء عجيب، مرة بدأ بالأب، مرة بدأ بالزوجة، مرة بدأ بالابن، مرة بدأ بالأخ. هذا الكلام من عند خالق السموات والأرض. لأن الآية الأولى مناسبتها الاعتزاز الاجتماعي، بدأ بالأب تقول: أنا ابن فلان، في موطن الاعتزاز الاجتماعي الأب رقم واحد.
وفي موطن الشهوة المرأة، زين للناس حبّ الشهوات من النساء والبنين. وفي موطن الاستعانة الأب كبير السن هرم ضعيف والابن صغير، فتأتي المعونة من الأخ القوي، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، وفي موطن الفدية، الابن أغلى شي يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه.
مرة بدأ بالأب، مرة بدأ بالزوجة، مرة بدأ بالأخ، مرة بدأ بالابن، في حكمة بالغة.
﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً﴾
[ سورة الجمعة: 11]
تجارة، ولهو، بدأ بالتجارة ثم ثنى باللهو، لماذا لم يقل وإذا رأوا لهواً أو تجارةً؟ لأنه لا لهو بلا تجارة، قال: ﴿ قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة﴾
[ سورة الجمعة: 11]
عكسها لأن الإنسان عندما يترك صلاة الجمعة لعلة اللهو إثمه أشد، أما لو ترك صلاة الجمعة لعلة عمل تجاري مرهق فإثمه أقل مما لو تركها للهو. قال: ﴿ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها﴾
[ سورة فصلت: 46 ]
قلم ثمنه خمسة آلاف ليرة، تقول: هذا القلم لي، لام الملك، هذا المبلغ لي، هذا البيت لي، هذه الحديقة لي، هذه المركبة لي، اللام تفيد التملك، والإنسان لا يتملك إلا الشيء الثمين، أما على؟ لو أن نملة تسير هنا، وأمسكت هذا الكأس ووضعته عليها تنسحق، فالسيئة تسحق، من عمل صالحا فلنفسه- لام التملك - ومن أساء فعليها تأتي إساءته كأنها صخرةُ تسحقه. ﴿ أولئك على هدى من ربهم﴾
[ سورة البقرة: 5 ]
على تفيد العلو، الهدى يرفعك، نجار صار عالماً كبيراً، لا يذكر أحد أنه نجار، يقولون: هذا قارئ قرآن، هذا شيخ القراء، هذا أحد أعلام دمشق بالقرآن، الإنسان إذا استقام على أمر الله، حياته كلها قيود، ومع ذلك هذه القيود في الظاهر، لكن الهدى يرفعه، ويرفعه، ويرفعه حتى يبلغ القمة، أما الضلال، الضال بحسب الظاهر حر، يفعل ما يشاء، يأكل ما يشاء، يذهب إلى حيث يشاء، لكن يقع في شر عمله. لذلك قال الله: ﴿ أولئك في ضلال مبين﴾
[ سورة الزمر: 22]
في تفيد أن شيئاً ضمن شيء، هو مقيد، قيده مرض نفسي من شدة انحرافه، كالكآبة، أو قيد سجن، سببه انحراف أخلاقه. فالإنسان الفاسق، الفاجر، بسبب بعده عن الشرع، ينتهي إلى أن يكون ضمن شيء: ﴿ أولئك على هدى من ربهم﴾
[ سورة البقرة: 5 ]
لِمَ لمْ يقل: وأولئك على ضلال مبين؟ أولئك على هدى من ربهم، وأولئك في ضلال مبين، الضلال في، أما الهدى فعلى. لو قرأت القرآن كله، لوجدت كل حرف، وكل كلمة، وكل جملة، وكل سورة فيها تعبير بليغ، لكن يجب أن تعلم أن القرآن الكريم معجز، الله عز وجل قال : ﴿ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾
[ سورة هود: 6 ]
ولم يقل الدواب على الله رزقها، لأن الدواب مقصودة دواب معينة أما دابة فهذه تفيد التنكير، تفيد الشمول، نكر والتنكير يفيد الشمول، أي كل دواب الأرض على الله رزقها، من هنا تفيد استغراق أفراد النوع، مثلاً: لو قال لك: أتحب أن نشترك بمشروع مستشفى؟ كلفته خمسة ملايين، تقول له: لا يوجد عندي مال، ما عندي مال يكفي لهذا المشروع، أنت معك مئة ألف، معك خمسمئة ألف، ولكن لا تملك المليونين والنصف و لو قلت له: ما عندي من مال، أي ما معك ولا ليرة، فأفادت من استغراق أفراد النوع. فربنا عز وجل قال: وما من دابة، أي نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء، هذه على الله رزقها، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، ما، إلا، هذا التركيب تركيب قصر، إذا قلت مثلاً: للإنسان ما سعى، هذه الآية جميلة، للإنسان ما سعى، وقد يعني هذا التركيب أن له ما لم يسع. إذا قلنا: له ما سعى، أي له ما سعى وله ما لم يسع، أما إذا قلنا: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، صار هناك قصر وحصر: وما من دابة في الأرض إلا على الله، أي يرزقهم، أي رزقهم محصور في الله، وليس المعنى أن الله يرزق وغيره يرزق.
أولاً : الدابة نكرة تفيد الشمول، ومن تفيد استغراق أفراد النوع، والنفي والاستثناء يفيد الحصر والقصر، أي رزق العباد محصور في الله، وليس في جهة أخرى، لا كما يزعم بعض الناس أن الله رزاق، وفلان يده طيبة، فلان يده خضراء يعطينا، هذا شرك، وما من دابة في الأرض إلا على الله، أتى بـ على لأن على تفيد الإلزام:
﴿وعلى الله قصد السبيل﴾
[ سورة النحل: 9 ]
﴿ إن علينا للهدى﴾
[ سورة الليل: 12 ]
﴿ كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾
[ سورة الإنعام: 54 ]
﴿ إن ربي على صراط مستقيم﴾
[ سورة هود: 56 ]
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، تفيد الإلزام، إذاً على تفيد الإلزام، والنكرة تفيد الشمول، ومن تفيد استغراق أفراد النوع، والنفي والاستثناء يفيدان أن الرزق محصور في الله عز جل، هذا القرآن، وليس القرآن أن تقول: الدواب على الله رزقها، ولا قولك: ما من دابة إلا الله يرزقها، ولا قولك: ما دابة إلا على الله رزقها، القرآن فيه إعجاز لو بدلت حرفاً أو كلمة لبطل القرآن. لذلك هذا القرآن بين أيدينا، فيه إعجاز لغوي، و إعجاز بياني، و إعجاز تاريخي، و إعجاز إخباري، و إعجاز علمي، و إعجاز تربوي، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:37 AM   #6


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الرابع )

الموضوع : القوى الامين









الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الخبرة و الأمانة شرطا كل إنسان استعمل على عمل :
أيها الأخوة الكرام: سيدنا عمر عملاق الإسلام، الذي كان مضرب المثل في العدالة والرحمة، عين والياً على عمل، وأعطاه كتاباً، قال فيه: " خذ عهدك- أي كتاب التعيين- وانصرف إلى عملك- إلى مهمتك - واعلم أنك مصروف رأس سنتك- سنة واحدة، تدريب، تمرين- واعلم أنك مصروف رأس سنتك، وأنك تصير إلى أربع خلال- هناك أربع حالات تنتظرك بعد عام- إن وجدناك أميناً ضعيفاً - أمين لكنه ضعيف، لا يوجد عنده جرأة، لا يستطيع أن يقبض على الأمور بشكل حازم- أميناً ضعيفاً، استبدلناك لضعفك- أي عزلناك آخر السنة- وسلمتك من معرفتنا أمانتك- لا يوجد عقاب لكن يوجد عزل- وإن وجدناك خائناً قوياً - قوي الشخصية، جريء، طليق اللسان، لكن لا يوجد بك أمانة- وإن وجدناك خائناً قوياً، استهنا بقوتك، وأوجعنا ظهرك، وأحسنا أدبك، وإن جمعت الجرمين، الضعف والخيانة، جمعنا عليك المضرتين العزل والتأديب، وإن وجدناك أميناً قوياً، زدناك في عملك تمديداً- تثبيت، تعيين، ترقية- وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك، ورفعنا لك ذكرك، وأوطئنا لك عقبك". من أين أخذ هذا الخليفة العملاق هذا المقياس الدقيق؟ أخذه من قوله تعالى:
﴿ قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾
[ سورة القصص: 26 ]
كأن كلمة القوي تشير إلى الكفاءة، القدرات الفنية، فلان عينته في عمل هو كفء له، خبراته واسعة، يعرف دقائق الأمر، يعرف ملابساته، يعرف مشكلاته، عنده حلول جاهزة ، هي معنى فلان كفء، الكفاءة خبرات فنية، والأمين خبرات أخلاقية.
لو فرضنا إنساناً يعمل في صنعة دقيقة وعالية المستوى لكن لا يوجد أمانة، يوهم الناس أن عندهم أمراضاً وبيلة، ويبتز أموالهم، لا يوجد أمانة، فالشيء الدقيق بالآية أن الخبرة الفنية وحدها لا قيمة لها، وأن الأمانة وحدها لا قيمة لها، كل من الخبرة والأمانة شرطان كل واحد شرط لازم غير كاف. فأي إنسان استعملته على عمل، أي إنسان كلفته بمهمة، أي إنسان أعطيته إنجازاً ينجزه، لا بد من توافر الخبرة والأمانة، قالت إحداهما: يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين. سيدنا عمر نفسه سأل أحد الولاة، قال له: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارقٍ أو ناهب؟ فقال الوالي الممتحن: أقطع يده، فقال عمر: إذاً إن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل بلا عمل فسأقطع يدك، قال للوالي: يا هذا إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد وجوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك، تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً، التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة، قبل أن تشغلك بالمعصية.
الأعمال أمانة :
أخواننا الكرام: الأعمال أمانة، من لم يكن كفئاً لهذا العمل فهو محاسب حساباً عسيراً.
قال أبو ذر : يا رسول الله أريد أن توليني، قال له: أنت ضعيف وإنها أمانة، وإنها خزي وندامة يوم القيامة. فمن تطلع لعمل ليس له أهلٌ فليتبوأ مقعده من النار، من ولي أمر المسلمين، وحجب نفسه عن ضعافتهم، وعن أصحاب الحاجة فيهم، فليتبوأ مقعده من النار، من ولي أمر المسلمين فلم يحطهم بنصحه، كما ينصح أهله، فليتبوأ مقعده من النار.
أحياناً يفرح الناس بمنصب، بعضوية، هي مسؤولية كبيرة، أي قانون لا يرضي الله برقبتك له يوم القيامة، فالإنسان عليه ألا يقدم على عمل إلا إذا كان واثقاً.
الآن الإنسان العادي هناك حديث شريف:

((من استعمل رجلاً من عصابة و فيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله و رسوله و المؤمنين ))
[ السيوطي عن ابن عباس]
أنت قال لك مدير التربية: عيّن لنا مدير مدرسة؟ عندك عشرون مدرساً، بعضهم ثقافتهم عالية جداً، بعضهم أخلاقهم عالية جداً، اثنان فقط يملكون ثقافة و علماً وأخلاقاً عالية واستقامة وديناً، فعينت أقرباءك، ثم قلت: نفعناه: ((من استعمل رجلاً من عصابة و فيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله و رسوله و المؤمنين ))
[ السيوطي عن ابن عباس]
فالقضية مسؤولية، إذا اخترت فأنت مسؤول، إذا عرضت نفسك لعمل لست له بأهل فأنت مسؤول، الحياة امتحانات، فالإنسان يجب أن يكون دقيقاً، يكون متبصراً، يبحث عن الأصلح، لأنها أمانة، هذه أمانة، قال له:" إنها أمانة وإنها خزي وندامة يوم القيامة".
والإنسان كلما ارتقى بالحظوظ تزداد مسؤوليته، أنت اصعد إلى الطابق الأول في بناء ترى منظراً، الطابق الثاني المنظر أوسع، إذا كان البناء مؤلفاً من اثني عشر طابقاً، وصعدت للأعلى صرت بنصف الشام، إذا صعدت لقاسيون ترى الشام كلها، ركبت طائرة ترى الشام وحولها، صعدت أربعين ألف قدم ترى حمص وأنت فوق بالطائرة، صعدت إلى القمر ترى الأرض بكاملها، الخمس قارات مع البحار، فكلما ارتفعت ترتفع دائرة الرؤية.
وبالحظوظ كلما زاد حظك اتسعت دائرة مسؤوليتك، تصير مسؤولاً أكثر، فلذلك الإنسان يحاسب نفسه حساباً عسيراً، حتى يكون حسابه يوم القيامة يسيراً، كلمة مسؤول أي مسؤول:
﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾
[ سورة الحجر: 92 ]
﴿ إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم ﴾
[ سورة يس: 12 ]
أعظم الأعمال الأعمال التي تستمر بعد وفاة أصحابها :
مرة قلت لكم: وأنا قادم من الزبداني قال لي إنسان: هذا البناء ملهى و هو حديث جداً، فيه كل أنواع الموبقات، وكل أنواع السقوط، والقمار، والزنى، صاحبه بعدما فتحه بأسبوع توفي، أخطر الأعمال التي يستمر إثمها بعد موت صاحبها، وأعظم الأعمال التي تستمر بعد وفاة أصحابها.
إنسان أسس عملاً عظيماً، أسس جامعاً مثلاً، أسس معهداً شرعياً، أسس ميتماً، دعا إلى الله، ترك أثراً علمياً، ألّف كتباً، ألّف قلوباً بعدما مات الحق مستمر .
لذلك أيها الأخوة ابحث عن عمل لو انتهت حياتك لا ينتهِ، هذه هي الصدقة الجارية، التي تدوم بعد موت صاحبها:
(( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جاريةٍ، أوعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ))
[ مسلم عن أبي هريرة]
فأنت مسؤول بالحالتين، إذا عرضت نفسك لعمل مسؤول، وإذا اخترت مسؤول.
الشيء الثاني: كل حركة، وكل سكنة، محاسب عنها، أخطر الأعمال التي تستمر بعد وفاتك، هذا نوبل اخترع البارود، بعدما اخترع رأى نفسه مجرماً، لأنه كل إنسان سيموت بالبارود محاسب عنه، تجد قنبلة يقول لك: عنقودية، قنبلة ذكية، القنبلة تنفجر عندما يتجمع الناس حولها ليروا آثار الانفجار يكون فيها قنبلة ثانية لم تنفجر بعد، وحولك مئتا شخص تنفجر الثانية، اخترعوا قنبلة تثقب البناء ليس بانفجارها لكن بوزنها، بعدما تستقر بأرض القبو تنفجر وتنسفه من أساسه، مخ يشتغل، نوبل اخترع البارود شعر بجريمته فترك مبلغاً ضخماً جداً لمن يقدم عملاً يؤكد فيه السلام والإنسانية، لكن الجريمة وقعت فالإنسان مسؤول.
مرة ثانية أخطر الأعمال التي تستمر بعد موت صاحبها، إن كانت أعمال صالحة فهنيئاً لصاحبها، النبي الكريم جاء إلى الدنيا ودعا إلى الله وتوفي، والآثار للآن إلى الصين، إلى شمال الاتحاد السوفيتي، إلى الشرق، إلى إسبانيا، إلى شمال إفريقيا، كلها في صحيفة النبي.
وهناك أشخاص تركوا مفاسد لا يعلمها إلى الله، كل بيت فيه معصية بسببهم، الله يلهمنا الأعمال الصالحة التي تبقى بعد موت صاحبها.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:39 AM   #7


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الخامس )

الموضوع : الدعاء مخ العبادة






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
آيات في القرآن الكريم جاءت فيها كلمة قل بين السؤال والجواب :
أيها الأخوة الكرام:
اثنتا عشرة آية في كتاب الله جاءت فيها كلمة قل بين السؤال والجواب.

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 189 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة: 215 ]
﴿ َسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 217 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 219 ]
﴿ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة: 220 ]
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
[ سورة البقرة: 222 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾
[ سورة المائدة: 4]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 187 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ﴾
[ سورة الأنفال: 1 ]

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾
[ سورة الإسراء: 85 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ﴾
[ سورة الكهف:83]
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ﴾
[ سورة طه: 105 ]
اثنتا عشرة آية حصراً وردت في كتاب الله فيها سؤال، وفيها جواب، وبينهما ـ قل ـ إلا آيةً واحدةً. ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 186 ]
في هذه الآية الوحيدة أغفلت كلمة " قل " وفهم بعض المفسرين أنه ليس هناك حجاب بين العبد وربه، وأن ليس هناك وسيط بين العبد وربه، " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني ". الإيمان بالله والاستجابة لأمره والإخلاص له يجعل الإنسان مستجاب الدعوة :
لكن هذه الآية دقيقة جداً، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ". الإنسان بالدعاء أقوى إنسان، الإنسان بالدعاء أغنى إنسان، الإنسان بالدعاء أعلم إنسان، أنت بالدعاء تكون أعلم إنسان، أنت بالدعاء تكون أعلم الناس، وبالدعاء تكون أغنى الناس، وبالدعاء تكون أقوى الناس، لكن للدعاء شروطاً، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "، للدعاء المستجاب، الاستجابة إلى الله عز وجل في تطبيق أمره، أحد العارفين بالله يقول: " ليس الولي الذي يطير في الهواء، ولا الذي يمشي على وجه الماء، ولكن الولي كل الولي هو الذي تجده عند الحلال والحرام "، أن يجدك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.
إذاً: " فليستجيبوا لي " حينما تحرر رزقك من الحرام، وتجعله حلالاً، حينما تضبط أعضاءك وجوارحك، حينما تقيم الإسلام في بيتك، حينما تقيمه في عملك، حينما تجعل كل نشاطاتك وفق منهج الله عز وجل " فليستجيبوا لي "، لكنه في الأعم الأغلب لن تستطيع أن تستجيب لله عز وجل ما لم تعرفه، تستجيب لمن؟ تصلي لمن؟ تخاف مِمَنْ؟ الآمر قبل الأمر، فهذا من باب عطف السبب على المسبب، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي "، أي فليؤمنوا بي كي يستجيبوا لي، فإذا آمنا بالله عز وجل، واستجبنا له كنا مستجابي الدعوة، أما قبل قليل " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني " حقاً، مخلصاً، علق الأمان على الله، ويئس ممن سوى الله.
الإيمان بالله، والاستجابة لأمره، والإخلاص له، يجعلك مستجاب الدعوة، وأنت بالدعاء أقوى الناس، وأغنى الناس، وأعلم الناس.

الدعاء أساسه التضرع و التذلل و الخضوع :
لكن هناك آية أخرى تقول:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]
أما التضرع فهو التذلل، الدعاء أساسه التضرع، أساسه التذلل، أساسه الخضوع، " تضرعا وخفية "، وخفض الصوت بالدعاء أقرب إلى الإخلاص، ورفع الصوت، و تشقيق الدعاء، أقرب إلى الرياء، فلذلك الدعاء المقبول أيضاً هو الدعاء الذي يلابسه أي يرافقه الخضوع، والتذلل، وخفض الصوت. تفسير كلمة المعتدين :
﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]

العلماء فسروا هذه الكلمة أربعة تفسيرات، قد يعتدي الإنسان فيدعو وهو مستكبر، فقد اعتدى على شرط التضرع، وقد يدعو بصوت عال في تشقيق، و تفاصح، و تقعر في الكلام، اعتدى على خفية، وقد يطيل الدعاء إلى درجة أن الناس يملون منه، هذا عدوان، لكن أدق معنى لهذه الكلمة أن يا عبادي إذا اعتديتم على بعضكم بعضاً، إذا أكلتم أموال بعضكم بالباطل، إذا اعتديتم على أعراض بعضكم، إذا أخذتم ما في أيدي بعضكم، لن أستجيب لكم، لأنني إذاً لا أحبكم:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]
وما دام لا يحب المعتدين لا يستجيب لهم، فلذلك صار الدعاء يحتاج إلى تذلل، ويحتاج إلى إخلاص، ويحتاج إلى استقامة.
الآية الأولى: يحتاج إلى إيمان، وإلى تطبيق، وإلى إخلاص.
الآية الثانية: يحتاج إلى تذلل، ويحتاج إلى البعد عن الرياء أي يحتاج إلى إخلاص، ويحتاج إلى استقامة.
إذا طبقنا الآية الأولى والثانية كنا مستجابي الدعوة، وقد سئل أحد العارفين بالله: مالنا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ فذكر أسباباً كثيرة: " ضيعتم أمره، ذكرتم أنكم تخافون النار ولم تتقوها، ذكرتم أنكم تطلبون الجنة ولم تعملوا لها، خفتم من بعضكم ولم تخافوا خالقكم "، كلام طويل قاله ابن الأدهم حول الدعاء.
الدعاء مخ العبادة :
الدعاء كما قال النبي في الحديث الصحيح هو العبادة، وفي حديثٍ آخر هو مخ العبادة، أحياناً المسلم يقع في ضيق، أحياناً ييئس، أحياناً يشعر أنه ضائع، لكن بالدعاء، الدعاء سلاح المؤمن، فإذا أردنا أن نكون مستجابي الدعوة فعلينا بالإيمان بالله أولاً، وطاعته ثانياً، والإخلاص له ثالثاً، وعلينا أن ندعو ونحن أذلة، دقق في الآيتين: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 123 ]
الأذلة معناها هنا الخاضعون لله، المفتقرون إليه. ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[ سورة التوبة: 25 ]
التولي و التخلي :
في حياة كل واحد منا أيها الأخوة الكرام يومان يتكرران كل يوم؛ يوم بدرٍ، ويوم حنين، فإذا قلت: أنا، تخلى الله عنك، وإذا قلت: الله، تولاك، فأنت بين التخلية والتولية، يتولاك إذا افتقرت إليه، ويتخلى عنك إذا اعتمدت على نفسك، من اتكل على نفسه أوكله الله إياها، والحل الدقيق الدقيق أن تأخذ بالأسباب، وأن تتوكل على رب الأرباب، لأنه من أخذ بالأسباب واعتمد عليها فقد أشرك، ومن لم يأخذ بها فقد عصى، وكأن الطريق الصحيح طريق عن يمينه وادٍ، وعلى يساره وادٍ، فأنت إن لم تأخذ بالأسباب فقد استخففت بنظام الكون، ورجوت أن تخرق لك الأسباب بلا مبرر، استخفاف بنظام الله عز وجل بهذه السنن حينما تأخذ بالأسباب.

أي إذا كان هناك إنسان مرض ابنه وقال: سلمته لله، ويحسب نفسه مسلماً، هذه عين المعصية، إذا الابن مرض تأخذه إلى الطبيب، يفحصه، يصف له الدواء، تعطيه الدواء بعناية، هذه الأخذ بالأسباب، لكن ثقتك أن الله هو الشافي، وأن الله إذا أراد شفاء ابنك ألهم الطبيب التشخيص الصحيح والدواء الصحيح، وسمح للدواء أن يفعل فعله، موقف دقيق جداً، إذا قلت: سلمته لله عصيت، إذا قلت: هذا الطبيب لم يعالج طفلاً إلا شفاه أشركت، مثل بسيط ابنك مرض وأخذته إلى الطبيب، إذا ما أخذته عصيت، وإن أخذته إلى الطبيب وقلت: ما شاء الله هذا الطبيب ممتاز، معه بورد أشركت، يجب أن تأخذه إلى الطبيب تنفيذاً للأسباب، وأن تعتقد أن الله إذا أراد شفاءه يلهم الطبيب صحة التشخيص، والدواء المناسب، ثم يسمح للدواء أن يفعل فعله، إذا قدرت بكل حركاتك وسكناتك أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، فقد سرت بالطريق الصحيح، هكذا فعل النبي في الهجرة، أخذ بكل الأسباب، سار مساحلاً، دخل إلى غار ثور، عين من يمحو الآثار، من يتتبع الأخبار، من يأتيه بالزاد، استأجر خبيراً في الطريق، فعل كل الأسباب فلما وصلوا إلى الغار ما اضطرب، لأنه كان متوكلاً على رب الأرباب.

الأخذ بالأسباب و التوكل على الله :
إذاً قضية دقيقة جداً، أحد أسباب تأخر المسلمين أنهم تركوا الأسباب، يقولون: نحن لنا الله، هذه حماقة، حماقة وزعبرة، الله أمرك بالأخذ بالأسباب، الحديث الصحيح يقول:
(( إن الله يلوم على العجز ))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
تستسلم للمشكلة، لا أقدر أن أفعل شيئاً، نحن ضعاف، نحن مستضعفون، هذا كله كلام لا يرضي الله عز وجل، قال: (( إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
طالب بحقك، قدم اعتراضاً، قابل المسؤول، تحرك، قال : (( فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل ))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
لا ينبغي لك أن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل إلا إذا أخذت بالأسباب ولم تفلح، ساعتئذٍ هذه مشيئة الله.
هذا الموضوع دقيق جداً، يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ويجب أن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، يجب أن تأخذ بالأسباب دون أن تعتمد عليها، يجب أن تعتمد على الله.
لذلك الدعاء هو العبادة، والدعاء مخ العبادة، ولكي تكون مستجاب الدعوة عليك أن تؤمن، وأن تستجيب لأمر الله، وأن تخلص له، وأن تدعُو له بتضرع وخفية، وأن تستقيم على أمر الله حتى تكون مستجاب الدعوة، وإذا كنت مستجاب الدعوة فأنت أقوى الناس، وأغنى الناس، وأعلم الناس.
إذا أردت أن تكون أقوى الناس، فتوكل على الله، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، وإذا أردت أن تكون أغنى فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:41 AM   #8


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( السادس )

الموضوع : موعظة





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
الله تعالى أمر المؤمنين بِما أمر به المرسلين :
أيُّها الأخوة الكرام، يقول عليه الصلاة والسلام مُوَجِّهًا الخِطاب لأصحابِهِ: " لو تركتم العُشْر لهلكْتُم" ، و :" القابض منهم على دينه كالقابض على الجمْر" .
يتوهَّم الإنسان أنَّ هذا الحديث مُتَعَلِّق بالمنهج، أي إذا أخذْتَ مِعشار هذا المنهَج تنْجو، بينما أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام إذا تركوا العُشْرَ مِن هذا المنهج يهْلكون . والحقيقة أيُّها الأخوة ليس هذا هو المعنى، لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
[سورةهود: 112]
إنَّ الله أمر المؤمنين بِما أمر به المرسلين، صحيح أنَّ مقام الأنبياء مقام كبير لأنَّ معْرفتهم بالله كبيرة، ولأنَّ اتِّصالهم بالله دائِم، ولأنَّ نواياهم مِن السُّمو بحيث لا توصَف، ولكنَّ المنهَج الذي جاؤوا به مَنْهَجٌ واقِعي، وتَطبيقي، فَكُلّ الناس الذين آمنوا بهم يجب أن يُطَبِّقوا هذا المنْهَج، والحديث واضِح جدًا، ولكنّ ذاك الحديث مُنْصرِف إلى الأعمال الصالِحَة؛ أصحاب النبي معهم النبي صلى الله عليه وسلّم، والقرآن يتنزَّل عليهم، والوَحي بينهم، والآيات باهرة أمامهم، وقد صاروا أقْوِياء وأعِزَّاء، وكلمتهم هي العليا، فلو قصَّروا في العَمَل الصالِح وفي الجِهاد لَهَلَكوا. لا يعرف الله من تردّد في بذل الخير :
تروي بعض كتب السيرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم حينما أرْسَلَ غزْوة مُؤْتة، وجيَّشَ جَيْشَها، عيَّنَ سيِّدنا زَيْد بن حارِثَة القائِدَ الأوّل، فإذا قُتِل فَجَعْفر بن أبي طالب، فإذا قُتِل فَعَبْدُ الله بن رواحة، فسيِّدُنا زَيْد حمَل الرايَة فقاتل حتَّى قُتِلَ، وسيِّدنا جعفر حمَل الرايَة فقاتل حتَّى قُتِلَ، وجاء دَور سيّدنا عبد الله بن رواحة - ونحن قلنا إنّ هذه رواية بعض الكتب، فلا نقول إنَّ هذه قَطْعِيَّة ولكن يُستأنَسُ بها - فلمَّا رأى صاحِبَيْه قُتِلا سريعًا تردَّد بِمِقْدار بيْتَين مِن الشِّعْر؛ قال:
يا نفْسُ إلا تُقْتلي تموتي هذا حِمام الموت قد صليتِ
إن تفْعَلي فِعْلَهُما رضيــتِ وإن تَوَلَّيــــْت فقــــــد شَقيــــــتِ
***

وأخذَ الراية فقاتل حتَّى قُتِل، والنبي عليه الصلاة والسلام وهو في المدينة قال: أخذ الراية أخوكم زيد فقاتَل بها حتَّى قُتِل، وإنِّي لرأى مقامهُ في الجنَّة، ثمَّ أخذَ الراية أخوكم جَعْفر فقاتَلَ حتَّى قُتِل، ثمَّ سكتَ النبي، ولما سكَتَ النبي عليه الصلاة والسلام قَلِقَ الصَّحابة على أخيهم عبد الله، فقالوا: ما فعل عبد الله؟ قال: ثمّ أخذ الرايَة فقاتل حتَّى قُتِلَ، وإنِّي لرأى في مقامِهِ اِزْوِرارًا عن صاحِبَيْه ! لأنّه تردَّد، فهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلَّم: "لو ترك أصحابي العُشْر لهَلكوا ".
حدَّثني أخ كريم في هذه البلدة - الشام - قال لي: وأنا باتِّجاهي إلى المسْجِد سِرْتُ أمام حاوِيَة فإذا بها كيسٌ أسْوَد يتحرَّك، فاضْطربْتُ فمدَّ يدَهُ فإذا بِطِفْلٍ صغير وُلِدَ لِتَوِّه ألْقِيَ في الحاوِيَة، فالقِصَّة هنا انْتَهَتْ، وأنا أكْمَلْتُ هذه القصَّة مِن خيالي؛ لو أنَّ هذا الرَّجل أخذ هذا الكيس وتوجَّه إلى مُستشفى الأطفال ووضَعَهُ في الحاضِنَة إلى أن أصْبَحَ ذا صِحَّةٍ جيِّدة، وجاء بِهِ إلى البيت وقدَّم له أعْظم رِعايَة، إلى أن ترَعْرَعَ فأدْخله التَّعليم الابْتِدائي فالإعدادي فالثانوي، وإلى كليَّة الطب فنال الدكتوراه، وأرْسلَهُ إلى أمْريكا وزوَّجَهُ ابْنَتَهُ، واشْترى له بيتًا فَخْمًا وعِيادةً، وبعد حين هذا العمّ المُحْسِن والمُتَفضِّل يمْشي في الطريق فإذا به يرى صِهْرهُ الذي كان في الحاوِيَة يرْكَبُ سيارةً فقال له: يا بني أوصلني على البيت، فإذا بصِهْرِهِ هذا يتردَّد ثلاث ثواني؛ أليْسَ هذا التردُّد جريمةً في حقِّ هذا العمّ؟! فإذا الإنسان عرف إحْسان الله عز وجل لِمُجَرَّدِ أن يتردَّد في بذْل الخَيْر فَهُوَ لا يعرف الله.
النّعم التي تفضل الله بها على الإنسان :
فالله عز وجل تفضَّل علينا بِنِعْمة الوُجود، فلو أنَّ الله تعالى شاء لنا ألا نكون فلما كنَّا الآن شيئًا، الدليل قوله تعالى:
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾
[سورة الإنسان: 1]
فهو تعالى أنْعَمَ عليك بِنِعمة الإيجاد ولكِنَّهُ أعْطاكَ جِسْمًا قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾
[سورة التين: 4]
فهو تعالى أعْطاك عينين ولو كانت عينٌ واحِدَة لرأيْتَ بُعدًا واحِدًا، أما بالعينين فترى العُمْق وبالأُذُنَين تعرف جِهة الصَّوت، لو الإنسان درس جِسْمه لرأى شيئًا مُعْجِزًا، ونِظام الزَّوْجِيَّة ذَكَر وأنثى، إنسانة مُحَبَّبة لك، تُنْجِبُ إنسانًا صغيرًا كالوَرْدة يملأُ قلبَكَ سُرورًا، وتأكل مِن الفواكه ما لذَّ وطاب، فهذا الكون سُخِّر إلى الإنسان، فهذه نِعمة الإمْداد، ونِعمة الهُدى والرَّشاد فهو تعالى أرْسَلَ لك أنبياء ورسلاً وخُطباء وعلماء فَبَعْدَ هذا إن تردَّدْتَ بالعمل الصالح أكاد أقول لكم: إنَّ المؤمن إذا عرف الله ليس له خِيار، فهو لا يتردَّد في الخير، لذا حديث: " لو تركتم العُشْر لهَلَكْتُم " هذا الحديث مُتَعَلِّق بالأعمال الصالحة، أما المنهج الذي جاء به النبي فيجب أن يُطبِّقه كلّ مُسلِم لِيَنْجو، لذا الله تعالى أمرَ المؤمنين بِما أمر به المرسلين: (( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْه: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْتَ؟ قَالَ شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالْمُرْسَلَاتُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ))
[الترمذي عن ابن عباس ٍ]
أي سورة هود، والذي شيَّبَهُ فيها آية واحدة وهي قوله تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾
[سورة هود: 112]
المنهج الإسلامي واحد لا يتجزأ :
هذا الحديث خُطورتُهُ أنْ نتوهَّم أنَّنا إن صَلَّيْنا فقط نَجَوْنا! لا، المنهج لا يتجزأ، فكما أنَّ السيارة لا يمكن أن نفْصِل مُحَرِّكها والعجلات عن بعضهم والمقعد، فكذلك هذا الدِّين، فالإنسان إذا عمل الأعمال الصالِحَة ولم يطبَّق المنْهَج لا يقْطِفُ الثِّمار، والأعمال مَحْفوظة عند الله تعالى، ويُجازيك عنها أضْعافًا كثيرة، ولكن هذه الأعمال لا تكفي للوُصول إلى الله تعالى لأنَّ الطريق غير سالِكٍ:
(( عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ))
[الترمذي عن جابرٍ]
فموضوع عِبادة اللات والعزَّى انتهى، ولن تجِدَ في جزيرة العرب إلهًا يُعْبَدُ من دون الله، ولكن رضِيَ فيما سِوى ذلك مِمَّا تَحْقِرون من أعمالكم، أليْسَ مَغْبونًا غَبْنًا شديدًا حينما يُحْجَبُ عن الله لِصَغائِر الذُّنوب؟ فهل يُعْقل أن تُحْجب عن الخير لِسَببٍ صغير كإطلاق البصر، والمُصافحة، فالمسلمون الآن الشيء الذي يحْجبهم عن الله ما يَحْقِرونه من ذُنوبهم فالعامَّة ولله الحمد لا يزْنون ولا يسرقون، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (( إياك ومُحَقِّرات الذُّنوب))
[ النسائي عن عائشة]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:44 AM   #9


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( السابع )

الموضوع : شهر رمضان شهر الطاعة والاحسان





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
شهر الصّيام شَهْر الطاعة والإحسان :

أيها الأخوة الكرام، موضوع الحديث اليوم عن شَهْر الصِّيام، فقد أقْبل علينا هذا الشَّهْر الكريم ؛ شَهْر الطاعة والإحسان، وشَهْر التَّقْوى والذِّكْر والحبّ.
أيها الأخوة، ربُّنا سبحانه وتعالى ما أراد مِنَّا أن نُطيعَهُ في هذا الشَّهْر فَحَسْب، ولكن أراد الله عز وجل أن يكون هذا الشَّهْر تَدْريبًا على الطاعات، وهذا التَّدْريب على الطاعات تُقْطَفُ ثِمارُه من هذا الشَّهْر قرْبًا ومحبَّةً لله عز وجل، فإذا سَعِدَ الإنسان بِهذا الشَّهْر، تابَعَ طاعَتَهُ وقُرْبهُ كُلّ الشُّهور، فليس القَصْد أن يأتي رمَضان وأن نصوم، وندَعَ المُنْكرات ثمَّ نعود إليها بعد رمضَان !
وصَفَ بعضهم هذا الإنسان بأنَّهُ كالناقَة عَقَلَها أهْلُها، فلا تدْري لا لِمَا عُقِلَت ولا لِما أطْلِقَت، فالله أراد مِنَّا من هذا الشَّهر الكريم أن يكون قَفْزَةً نَوْعِيَّة، والسرّ هو أنَّ الله سبحانه وتعالى مَنَعَكَ مِن المُباحات، هل في الدنيا شيءٌ يعادلُ كأسَ ماءٍ في النَّهار؟ الماء مُباح، وليس له مُلْكِيَّة، فإذا دخل إنسان البسْتان وشَرِبَ من نَبْعٍ في البُسْتان، فهل يُعَدُّ سارِقًا أو مُغْتَصِبًا؟ لا، الناس شُركاء في ثلاثة، فكأْسُ الماء الذي تَشْربُهُ في رمضان ممنوع عليك.

الحكمة من الصّيام :
النُّقْطة الدقيقة بِرَمضان منَعَكَ من المباحات، ومن الأشياء المُحَبَّبة، ومِن كأس الماء البارِدِ في الصَّيْف، ومن طعامٍ لذيذ وأنت جائِع، ومِن أن تُمارِسَ حاجتَكَ مع أهْلِكَ التي أباحها الله لك، لماذا كلّ هذا؟ قالوا: كُلَّما بَدَتْ حِكْمة الأمْر ضَعُفَتْ مرْتبَةُ العبادة فيه، فعندما يطلب الأب من أولاده أن يصْدُقوا، فالصِّدق يعود عليهم بالخير، ولو طلب منهم أن يَعْتَنوا بِصِحَّتِهم، فهذا لهم، أما لو طلب منهم أن يَمْتَنِعوا عن الطَّعام الذي أمامهم، وهم جائِعون فهذا طلبٌ غير مَعْقول، فَبِقَدْر ثِقَتِهم بِوالِدِهم، وحِكْمَتِهِ، ورَحْمَتِهِ، وعِلْمِهِ ينْصاعون، فحينما أمرَنا الله عز وجل أن نَدَعَ الطَّعام والشَّراب في رمضان ؛ في الحقيقة هو امْتِحان تعَبُّدي، وفضْلاً عن ذلك فَهُوَ امْتِحانٌ يُتَوَصَّلُ به إلى ترْك المُحَرَّمات، فالإنسان لا يحْتمل أن يدَعَ المُباحات خَوْفًا من الله، ثمَّ يَقْترِفُ المُحَرَّمات في رمضان، فالصائِم يصْدُق ويغضُّ بصرَهُ، والصائِم يُصَلِّي، ويُصلِّي الفجْر في جماعة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:

((مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ))
[ مسلم عن جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ]
فالله عز وجل أذاق المُسْلِمَ في رمضان أن يُصَلِّيَ الفجْر كلَّ يومٍ في وقْتِهِ وفي مسْجِدٍ وجماعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ))
[ البخاري عن أبي هريرة ]
فالله عز وجل ما اصْطَفى هذا الشَّهْر إلا لِيَنْسَحِب على كُلِّ الشُّهور، ولكي يشيعَ الخير ليس فيه فَحَسْب، بل في كُلِّ الشُّهور، فَكُل إنسان مُوَطِّن نفْسَهُ بِرَمَضان أن يلْتَزِم، ويرجِعُ بعد رمضان إلى ما كان عليه، وكُلُّ إنسانٍ ينْطلِق من هذه الفِكْرة فهو لم يعْرف شيئًا مِن حِكْمة الصِّيام، والعرب قالوا: مكانَكِ تُحْمدي أو تَسْتريحي ! فإذا الإنسان صام، وبعد الصِّيام عاد إلى ما ألِفَهُ من المُخالفات، هذا مكانك راوِح، أما إلى الأمام سِرْ فهذه تَحتاج إلى عزيمة صادِقة، وأنَّ كُلّ طاعة أدَّيْتها بِرَمَضان ينبغي أن تُداوِمَ عليها بعد ر
مضان؛ غضّ البصر طوال العام، وضبْط اللِّسان طوال العام، ولا يسْتقيم إيمان عبْدٍ حتَّى يسْتقيم قلبهُ، لا يسْتقيم قلبهُ حتَّى يسْتقيم لسانُه، وصلاة الفجْر في وقتها طوال العام، وكذا صلاة العشاء، وباقي الصَّلوات، وتَرْك الكذب والغيبة والنَّميمة طوال العام، فالإنسان بِقَدْر ما يُطَبِّق أوامر الله عز وجل يرْقى، لذلك مَن لم يَدَع قَول الزور ؛ كلام كذب وفيه نفاق، ودجل، وتملُّق، وسُكوت عن الحق أو جَهْر بالباطل، والعَمَل به، تعمل عملاً غير صحيح ولا يُقِرُّكَ الشَّرع عنه قال: فليس لله حاجَةً في أن يَدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ.
آيات في العبادات :
أيُّها الأخوة الكرام، سأذْكُر لكم آيات عديدة ليس في الصِّيام فَحَسْب بل في الصلاة، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾
[سورة العنكبوت: 45]
فإن لم تنهَ؟ قال: مَن لم تنْهَهُ صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم يَزْدد من الله إلا بُعْدًا. رُبَّ صائِمٍ ليس له مِن صِيامِهِ إلا الجوع والعطَش. يَحُجُّ الإنسان بِمَالٍ حرام، ويقول: " لبَّيْك اللهم لبَّيْك، يُناديهِ مُنادٍ أن لا لبَّيْكَ ولا سَعْدَيْك، وحجُّكَ مرْدود عليك"، وينْفق الإنسان من مال حرام، قال تعالى: ﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾
[سورة التوبة: 53]
العبادات الشَّعائِرَّية لا تؤت ثمارها ما لم تُؤَدَّ العبادات التَّعامُلِيَّة :

الذي أريد أن أقوله لكم أيها الأخوة: مُشْكِلة المُشْكلات في العالم الإسلامي أنّ هذا الدِّين العظيم الذي جاء به النبي الكريم، وفتَحَ به مشارق الأرض ومغاربَها هو بناء أخلاقي، واسْتِقامة، وأمانة، وصِدْق، وإخلاص، فهذا الإسلام انْكَمَشَ وانْكَمشَ وانْكمَشَ إلى أن أصْبَحَ مجموعة عبادات تُؤدَّى أداءً شَكْلِيًّا، ولذلك مليار ومئتا مسلم ليس لهم وزْنٌ في العالم إطْلاقًا، والآية الكريمة واضِحَة، قال تعالى:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
[سورة النور: 55]
ونحن لا اسْتِخلاف ولا تَمكين لا تطْمين لأنَّ الله تعالى قال: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ﴾
[سورة مريم: 59]

وقد لَقِيَ المسلمون ذلك الغيّ، فالإنسان عُمْره ثمين وغنيّ، أين أنت ذاهب؟ إلى الجامع، ومن أين جئت؟ من المسْجد، ومن الدرْس، فالأمْر أخْطَر من ذلك، إن لم يكن هناك انْضِباط سُلوكي، تصَوَّروا طالبًا لم يفتَحَ الكتاب طوال السَّنة ولم يداوم، وجاء للامتِحان، ومعه ستَّة أقلام ‍ربَّما نشف الأوَّل، وأقام جوًّا رائِعًا للامتِحان، ولكنَّه لم يدْرس إطْلاقًا، وكذا هذا الذي يُؤَدِّي العبادات الشعائِرِيَّة دون أن يلتَزِمَ بالعبادات التَّعامُلِيَّة، مثَلُهُ كمَثَل هذا الطالب، فالعبادات الشَّعائِرَّية ومنها الصِّيام لا تُقْبل عند الله ما لم تُؤَدَّ العبادات التَّعامُلِيَّة، والمُسْلِمون لا يسْتَحِقُّون نصْر الله عز وجل ولا تأييدهُ ولا دَعْمَهُ، إلا إذا الْتَزَموا العبادات التَّعامُلِيَّة، ركعتان مِن وَرِع خير من ألف ركْعة من مُخَلِّط، وتَرْكُ دانِقٍ من حرام خير من ثمانين حجَّة بعد حجَّة الإسلام، ولأَنْ أمْشِيَ مع أخٍ في حاجتِهِ خير لي من صِيام شَهْر واعْتِكافي في مَسْجِدي هذا، فلو كان لإنسان بستان لا سور له، وأتى بِبَاب لِهذا البستان ‍‍‍!! هذا الباب لا معنى له، وهكذا المسلمون أصبحَ هناك تناقض في حياتهم، يسألك مئة إنسان عن حكم صِيام نصف شَعْبان؟! وتَجِدُه يمْشي بِطَريق آخر، فهذا تناقض كبير.
من اصطلح مع الله سعد في الدنيا و الآخرة :
أيها الأخوة، الإنسان إذا اصْطَلَحَ مع الله، وتاب توْبَةً نصوحة، وحرَّر دَخْلهُ وبيتَهُ، وضَبط عملهُ وصدَق، وضبَطَ سمْعَهُ وبصَرَهُ، حقيقةً فالله عز وجل سوف يُسْعِدُهُ في الدنيا والآخرة.
رمَضان مُنْطَلَق وليس مُناسبَة مَحْدودة، يقول لك: الله يقبض الشياطين بِرَمَضان، وهذا حديث صحيح، فلا يقل الواحد: والله يا رب، اجْعَلهم دائِمًا مقْبوضين فقد أهَلَكونا، فالشَّياطين تُصَفَّد في رمضان من أجل الاسْتقامة في هذا الشَّهر، فأنت حينما تسْتقيم وتقول الحق، وتستقيم في رمضان، فأنت الذي تُصَفِّدُ الشياطين، أما حينما تقْترف المنكرات فلن تستفيد شيئًا، والنبي عليه الصلاة والسلام صعد المنبر وقال:

(( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ))
[الترمذي عن أبي هريرة ]
نحن يَهُمُّنا من الحديث الفقْرة الأولى: رغِمَ أنف عبْد أدْرك رمضان فلم يُغْفَر له، عَوِّد نفْسَكَ صلاة الفجْر في جماعة في المسْجد، والاسْتِغفار مئة مرَّة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلَّم، وتِلاوة كِتاب الله، والصلوات الرَّواتب، ومن السنَّة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم كان يأكل تمراتٍ عند الإفْطار، ويشْرب ويُصَلِّي المغرب ثم يأكل.
أهمية التمر :

عَثَرْتُ على بَحْث أكاديمي مُؤلَّف من سبعين صفْحة عن التَّمْر، فالتَّمر فيه سُكَّر أحادي ينتقل من الفم إلى الدَّم خلال عشر دقائق، ونسبة هذا السكر خمسة وسبعون بالمئة من وزن التَّمر عدا النَّواة، وهناك مرْكز بالبصلة السيسائِيَّة اسْمُهُ مرْكز الشِّبَع، وإذا أكل الإنسان أشياءً دَسِمَة قبل الإفطار، ولم يأكل شيئًا معها، لا يُهضم الدَّسم إلا بِثَلاث ساعات، والتَّمر يحوي مواد بروتينِيَّة، ومواد دهْنِيَّة، وستَّة فيتامينات أساسِيَّة، وفيه ثمانية معادن، مئة غرام من التَّمْر تُساوي نصْف حاجتنا اليَوْمِيَّة من المعادن، وفيه مواد مُلَيِّنَة لأنَّ الإمساك سبب خمسين مرَضاً، والتَّمْر لا يقبل الجَرْثَمَة أبدًا، أتوا بِجَرثوم الكوليرا، وبعد ثلاثة أيَّام لم يحدث شيئًا، لأنَّ تركيز السُّكَر يمْتص كل شيء فوقه، فهكذا علَّمَنا النبي عليه الصلاة والسلام، ومرَّة قال أحد الأطباء لا يعرف الإسلام إطلاقًا قال: أفضل طريقة أن تأكل الفاكهة قبل الطعام، والله تعالى قال:

﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴾
[ سورة الواقعة : 20]
فوائد الصيام :
الصِّيام دَوْرة وِقائِيَّة لِمُعْظم الأمراض، وعلاجِيَّة، ويُخفِّف المواد الدَّسِمة بالدَّم، والتي هي تُخفِّف أمراض القلب والأوعِيَّة، الصِّيام يُرَيِّح جِهاز إفراز البول، لأنَّ البول نتيجة الاسْتِقلاب، والاسْتِقلاب يضْعف بِرَمَضان، فالكليَة ترتاح شهْرًا بِرَمَضان، والصِّيام يُحَرِّك سُكَّرًا مُخَزَّناً لمدة اثني عشر شهْرًا، سُكَّر الكبِد هذه كُلُّها مواد مُخَزَّنة، فيأتي رمضان ليُحَرِّكها، عَمَلِيَّة صِيانة للجِسْم وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(( صوموا تصِحوا ))
[ الطبراني عن أبي هريرة]
نرجو الله سبحانه وتعالى أن يُلْهِمنا الصَّواب.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 07-30-2018, 08:46 AM   #10


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مواضيع اسلامية مختصرة



بسم الله الرحمن الرحيم

مواضيع اسلامية مختصرة

الدرس : ( الثامن )

الموضوع : موعظة -2





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
وقفة متعلقة بشهر رمضان :
أيها الأخوة الكرام، أيها الأخوة انْتَهَتْ سورة القصص، أو انْتَهَتْ الآيات المُخْتارَة من سورة القصص، والتي تمَّ شَرْحُها في الوقْت الماضي، وقبل أن ننتَقِل إلى سورة العنكبوت لا بدّ مِنْ وقْفةٍ مُتَعَلِّقة بِشَهْر الصِّيام.
النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح كان من شمائِله وأفعالهِ - وكما تعلمون أقْوالهُ وأفعالهُ وإقْرارُهُ تَشْريع- أنه يُفْطِرُ على تَمَرات، فإن لم يَجِد حسَا حسواتٍ من الماء وهذا الحديث رواه التِّرْمذي وابن ماجَة في الصِّحاح.
وكان عليه الصلاة والسلام يُوَجِّهُ أصْحابَهُ أن يفْعَلوا ذَلك، ولكنَّ عَصْر النبي عليه الصلاة والسلام والعُصور التالِيَة ليْسَ فيها مِن مُعْطَيات العِلْم ما تسْمَح بِتَفْسير هذا التَّوْجيه، ولقد ثَبَتَ الآن أنَّ التَّمْر الذي نأكُلُهُ عند الإفْطار خمْسة وسبْعون بالمئة مِن وَزْنِهِ المأكول فيه مواد سُكَّرِيَّة أُحادِيَّة سريعَة الهَضْم وسريعَة التَّمثُّل، فالإنسان الصائِم إذا كان جَوْفُهُ فارِغًا، تناوَلَ مع التَّمْر كأس ماء أو أكْثر، يُمْكن أن ينتقل سُكَّر التَّمر مِن الفَمِ إلى الدم في أقلّ من عَشْر دقائق، وإذا انتقل بهذه السرعة معنى هذا أنَّ في الجملة العصبِيَّة مرْكَزًا اسمُهُ مرْكز الإحساس بالشِّبَع، فالإنسان إذا تناول التَّمْر مع الماء وصلَّى المغرب كما فعَلَ النبي عليه الصلاة والسلام يَصِلُ سُكَّر التَّمر إلى مرْكز تنبُّه الشِّبَع في الجملة العصَبِيَّة، وكأنَّه انتهى من طعامه، وهو بعد هذا يُقْبل على الطَّعام بِاعتِدال ويأكل وكأنَّه في الإفطار.

سُنَّة النبي في تناوُل التَّمر عند الإفْطار :
هذا التَّمر الذي كان يأكله النبي عليه الصلاة والسلام عند الإفطار وحين الصلاة، ويأكل طعامه الاعْتِيادي بعد الصلاة ؛ هذا التَّمر يَحوي مواد بروتينيَّة، وهذه المواد مُرَمِّمَة للنَّسيج العضَلي، وفيه بعض المواد الدّهنيَّة، أما الشيء الذي يلْفتُ النَّظَر في التَّمر أنَّهُ يَحْوي سِتَّة فيتامينات أساسيَّة في حياة الإنسان، وثمانية معادن، وهذه المعادن الإنسان إذا تناوَل مئة غرام من التَّمر أيْ عشْر تَمْرات، فيها نِصْف حاجتِهِ من المعادِنِ يَوْمِيًّا، وهناك بالتَّمر اثنا عشر حمضًا أمينِيًّا، ومواد قابِضَة تُضَيِّق الشرايين عند النَّزيف، ومواد مُلَيِّنة، وكما هو مَعلوم أنّ الإمْساك هو مرض لِخَمْسين مرضٍ، والتَّمر يقي الإنسان، ويُساعد على الْتِئام العِظام، وخَفض الضَّغط، والتَّمر لا يتَجَرْثَم، فقد وضَعوا على التَّمر جراثيم كوُليرا، وبعد حين لم يجدوا أيّ أثر لأعراضها على التمر، فالتَّمر أوَّلاً فيه مواد سُكَّرِيَّة أحادِيَّة وسريعة الهَضْم، وفيه بروتينات، وأهمّ ما فيه مواد سيللوزِيَّة التي تمْتصّ الكولسْترول، وتُعين على حركة الأمعاء، وتُقَلِّل بقاء الطَّعام في الأمعاء، فَتَوْجيه النبي عليه الصلاة والسلام لأكْل تمرات قبل الإفطار في الصِّيام يُمْكنُنا أن نقْطف ثِمارها، لذلك مَن لم يُطَبِّق سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلَّم في إفْطارِهِ فاتَهُ خير كثير؛ خير صِحِّي، وخير نَفْسي، وخَير ديني ؛ هذه واحدة، ولذلك سمَّى النبي صلى الله عليه وسلَّم التَّمر واللَّبَن الأطْيبان، وقال: بيْتٌ لا تَمْر فيه جِياعٌ أهْلُهُ، وأنا أنْصَحُكم لِوَجْه الله بِقَدْر ما تستطيعون ابْتَعِدوا عن الصِّناعات الِغذائِيَّة المُسْتَوْرَدَة، لأنَّها كُلُّها كيماوِيَّات، أما هذه التَّمْرة فتحوي على ست وأربعين مادَّة غذائِيَّة؛ مواد بروتينيَّة، ومواد دَهْنيَّة، وفيتامينات، وحموض أمينيَّة، ومواد مُليِّنة، ومواد مُرَمِّمة، ومواد تُعين على الْتِئام العِظام، ومواد تَخفض الضَّغط، ولا تتجَرْثَم ؛ هذا هو التَّمر، وهذه هي سُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام في تناوُل التَّمر عند الإفْطار.
كيفية ذبح الحيوان المعد للأكل :
مِن دلائل نُبُوَّتِهِ أيْضًا، وهي نقطة مُهِمَّة جدًا، النبي عليه الصلاة والسلام أمرنَا أن نَذْبحَ الحيوان المُعَدّ للأكل بأن نقْطَعَ أوْداجَهُ فقط دون أن نقْطَعَ رأسه.
مرَّةً ثانِيَة: الجزيرة العربيَّة مركز الحضارات شَرْقًا وغربًا في عَهد النبي وبعد عهْدِهِ، وإلى عُصور مُتَقَدِّمة جدًا ليس فيها مِن مُعْطَيات العِلْم ما يسْمَح بِتَفْسير هذا التَّوجيه النبوي ! لماذا نقطع أوداج الخروف دون رأسِهِ؟! ماذا لو قطَعْنا رأسهُ؟ دقِّقوا فيما سأقول: القلب ينبِض ثمانين نبْضةً في الدقيقة، لأنَّ القلب خطيرٌ جدًا ولا يتلقَّى هذا الأمر مِن مصْدر خارجي، وإنَّما يتلقى هذا الأمر من مركز كهربائي ذاتي في القلب نفْسِه، كما هي الحال في المستشفى التي فيها عَمَلِيَّات، والتَّيار قد ينْقَطِع فلابدّ لهذه المُستشفى من مُوَلِّدة ذاتِيَة، فالقلب يتلقَّى الأمر بالنَّبْض من مرْكز كهربائي ذاتي فيه، والشيء الذي لا يُصَدَّق أنَّ هناك مركزين كهربائيَّين احْتِياطِيَّين في القلب، فإذا تعطَّل الأوَّل عمل الثاني، وإذا تعطَّل الثاني عمل الثالث، فأوَّل مركز والثاني والثالث، ألم تسْمعوا أنَّ إنسانًا ركَّبوا له بطَّارِيَّة! فالقلب فيه مركز كهربائي، فإذا تَعِبَ أو تعطَّل يضَعون له بطَّارِيَّة، فالقلب لا علاقة له بالجِسْم، وإنَّما ينْبض بِأمْر داخلي، والأمر ثمانون ضربة بالدَّقيقة، والإنسان عندمَّا يُواجِهِ خطراً ويُحبّ أن يرْكض ليَصْعَدَ درَجًا أو يُحاربَ، لا تكْفيه ثمانين ضَرْبة بالدَّقيقة، وإنَّما يحْتاج مئة وثمانين ضربة بالدَّقيقة حتَّى يمْشي بِسُرْعة الدَّم، فهذا الأمر الاسْتِثنائي الذي يجْعل الضَّربات ترتفع من الثمانين إلى المئة والثمانين يَحتاج إلى أمْر خارِج القلب، هذا الأمْر يأتي من الجُمْلة العصَبِيَّة، ويأتي من الكظر عن طريق الدِّماغ، فلو قَطَعنا رأس الخروف لم يَعُد هناك أمْر اسْتِثنائي ويُصبح القلب ينبض ثمانين نبْضة أثناء الذَّبح، وهذه لا تكفي لإخْراج الدَّم من الخروف، فيَبْقى الدَّم في الخروف، والدَّم في الحقيقة طاهِر ولكن هو طاهر عندمَّا تكون هناك حياة ؛ لأنَّ الدمّ يُصَفَّى باسْتِمرار من الرِّئَتين، بالكُلْيَتَين، ويُصَفَّى كذلك بالتَّعرُّق، فأنت لك ثلاث مصاف؛ مِصْفاة تُنَقِّيهِ من غاز الفَحْم، ومِصفاة تُنَقِّيه من البَول، ومِصفاة أخرى تُنَقِّيه من البولة والتي هي التَّعرُّق، فإذا ذَبَحْنا الخروف تتعطَّل هذه المصافي، والدمّ أكْبر بُؤْرة لِنُمُوّ الجراثيم، لذلك الله عز وجل قال:

﴿ أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾
[سورة الأنعام: 145]
فلو كان الدَّم بالشَّرايين يدور فَهُوَ طاهِر، فما دام الحيوان ذُبِح فإنَّ أجهزة التَّصفِيَة تتعطَّل، ويصبح الدم بؤرَة إنْتانِيَّة قابِلَةٌ لِنُمُوِّ الجراثيم، فأنت إذا قَطَعْتَ رأسَ الخروف فإنَّ نبضاتِهِ العادِيَّة لا تَكفي لإخراجِ دَمِهِ من شرايينِهِ، ويبْقى الدَّم نَجِسًا، وبالمناسبة مُحَرَّمُ شَرْعًا أن تأكل لحْمًا لم يُذْبَح على الطريقة الإسلامِيَّة، لأنَّه إن لم يُذْهب بِهذه الطريقة فإنَّ الدم يبْقى فيه، والدم مكان الجراثيم والأمراض، قال لي صديق ذَهَب لِشِراء اللَّحم وقد كان بالصِّين مُوَظَّفًا فالدَّابة التي الدم فيها لَونُ دَمِها أزْرَق، بينما الدابة التي ذُبِحَت على الطريقة الإسلامِيَّة لَوْنُها زَهْري، فكيف عرفَ النبي أنَّه لا بدّ من قَطْع الأوْداج فقط؟ القلب مُهِمَّتُهُ بعد الذَّبْح أن يُخْرِجَ كُلّ الدم، كالمِضَخَّة، وهذه المِضَخَّة لا تتنبَّه إلا بِأَمْر من الدِّماغ، فإذا قطَعْتَ الرأس لم يبْقَ هناك أمْر منه، ولذا أمَرَنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نقْطَعَ أوْداج الخروف فقط دون أن نَقْطَعَ رأسَهُ، وهناك مسالِخ الآن بِأوربا وأمريكا واليابان يعلَّق الخروف من رِجْليْه ويُقْطع كلّ رأسِهِ!! لا يَعْرِفون، الحقيقة يخْرج عشرون بالمئة منه، ألَيْسَتْ هذه الحقيقة من دلائل نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام؟ عَصْرُ النبي عليه الصلاة والسلام كُلَّه والعصور التي بعده لم يكن هناك مَن يعْرف أنَّ القلب له أمْر داخلي وآخر خارجي، وأنَّ الأْمر الداخلي لا يكْفي لإخْراج الدَّم من الدابَّة أما الأمر الاسْتِثنائي فيَكفي، فلذلك هذه من دلائل نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام. الحديث التالي من الدلائل العُظْمى على نُبُوَّة النبي :
دليل ثالث، قال عليه الصلاة والسلام: عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))
[ مسلم عن جابر ]
هذا الحديث من الدلائل العُظْمى على نُبُوَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثَبَتَ الآن أنَّ كلّ مريضٍ إذا وثق أنّ لِكُلّ داء دواء ارْتاحَتْ نفْسُهُ، وترْتَفِعُ معْنَوِيَّاتِه، ويثق بالشِّفاء، فارْتِفاعُ المَعْنَوِيَّات والراحة النَّفْسِيَّة أكْبَر مُعين على شِفاء العُضْوِيَّة، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))
[ مسلم عن جابر ]
رفَعَ مَعْنَوِيَّاتِهم، وبِهذا شَجَّع العلماء والأطِبَّاء على البَحْث، فإذا أنتم توهَّمْتُم أنَّ هذا المرَض لا دواء له فأنتم تتوهَّمون ذاك، لأن الله خلق لكل داء دواء، فأنت إذا كانت لدَيْك دِقَّة في تَشْخيص المرض، وإصابة في اخْتِيار الدَّواء؛ اخْتِيار نَوْعِهِ وكمِّيَّتِهِ ووقْتِهِ ومُضاعفاتِهِ، فإذا وُفِّق الطبيب إلى تَشْخيص المرَض، ثمّ وُفِّقَ إلى اخْتِيار الدَّواء، هل يكون الشِّفاء؟! لا، ما هكذا ورد كلام النبي صلى الله عليه وسلَّم، إذا وُفِّق إلى تَشْخيص الداء، ثمَّ وُفِّقَ في وَصْف الدَّواء المناسب كَمًّا ونَوْعًا ووقْتًا ومُضاعفات فلا يكون الدواء، لماذا؟ قال: برئ بإذْن الله، إذًا ولو توافَرَ التَّشخيص الصحيح، والدَّواء المناسب هذه شروط ضَرورِيَّة غير كافِيَةٍ للشِّفاء، فلابدّ مِن أن يسْمَحَ الله للدَّواء في أن يفْعَلَ فِعْلَهُ في العوامِل المُمْرِضَة، لذلك قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾
[ سورة القصص : 80]
فلا بدّ من الدُّعاء. أهمية الصدقة :
قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عَنْ مِيتَةِ السُّوءِ ))
[الترمذي عن أنس ]
وقال صلى الله عليه وسلَّم: (( باكِروا بالصَّدقَة فإنَّ البلاء لا يتخطَّاها ))
[الطبراني عن علي بن أبي طالب]
فهذا الحديث الأخير من دلائل نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام فالمرضى ارْتَفَعَتْ مَعْنَوِيَّتُهم والعلماء انْدَفَعوا إلى البحث عن الدَّواء، لِهذا وإن وُفِّقْتَ في اخْتِيار الدَّاء والدَّواء فلا بُدَّ من تَوْفيق الله عز وجل. أقوال النبي وحي من عند الله :
أيُّها الأخوة، نعلمُ عِلْمَ يقين أنَّ كُلَّ ما يقوله النبي عليه الصلاة والسلام وَحْيٌ من عند الله غير مَكْذوب، فالحقيقة كُلُّها بِأقْوال النبي صلى الله عليه وسلَّم، فقد سَمِعْتُ البارِحَة خبَرًا أرَدْتُ أن أنْقلَهُ إليكم؛ رئيس أمريكا صرَّح أنَّ ثلاثة تَحَدِّياتٍ تُواجِهُ المجتَمَع الأمريكي؛ قال: تَفَكُّكُ الأُسْرة، وانْحِلال الأخلاق، وانتشار الجريمة، نِهايَة عصْر الفضاء والتِّكْنولوجيا والتَّقَدُّم والعلم، ولكنَّهم أخلاقِيًا مُنْحلُّون، والجرائِم مُنْتَشِرَة، وفي كلّ ثلاثين ثانِيَة تُرْتَكَب جريمة قَتْل، وهذا الإحصاء كان عام خمسة وسِّتين، أما الآن فَكَم؟! فهذه الحضارة الغَرْبِيَّة المُزَيَّفة مُحَصِّلَتُها أنَّ العالَمَ يشْكو من تفَكُّك الأُسْرة وانْحِلال الأخلاق و انتشار الجريمة، لذلك قال تعالى:
﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
[ سورة طه : 123]
وقال تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
[ سورة البقرة : 38]


والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
مختصرة, مواضيع, اسلامية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فوائد مختصرة..متجدد منال نور الهدى رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 655 02-12-2024 12:17 PM
معلومات اسلامية السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 11 10-28-2017 06:29 PM
[ذائقة نورانية] معلومات اسلامية السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 11 10-22-2017 08:52 AM
مقدمة مختصرة عن المعاجم قتيبه العاشق رِيَاضُ أَرْوِقَةُ الأُنْس 1 07-28-2014 06:54 AM
وسائط اسلامية اسلامية .. منال نور الهدى رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية 6 07-15-2014 07:06 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 10:07 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.