حفظ البيانات .. ؟ هل نسيت كلمة السر .. ؟

شغل الموسيقى هنا




اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسَلامة والإسلَام، والعَافِية المُجَلّلة، ودِفَاع الأَسْقَام، والعَون عَلى الصَلاة والصِيام وتِلاوَة القُرآن..اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا، حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا، وَرَحِمْتَنَا، وَعَفَوْتَ عَنَّا، وقَبِلْتَهُ مِنَّا. اللَّهُمَّ إنّكَ عَفُوُّ كَرِيم تُحِبُّ الْعَفْوَ فَأعْفُ عَنَّا يَاكرِيم . كُلّ عَامٍ وَ أنتُم بِأَلْفِ خيْرِ وَ صِحَة وَعَافِيَة بِحُلُول شَهر التَوبَة وَ المَغْفِرَة شَهْرُ رَمَضان الْمُبَارَك كَلِمةُ الإِدَارَة


جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة > ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية

ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية كل مآ يهم الحضآرة الإسلآمية والفتوحآت التي كآنت لهآ أثر وغيّرت العآلم لتوجه الإسلآم من شخصيآت وحوآدث و فتوحآت.

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 09-19-2018, 02:39 PM   #11


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( التاسع )


الموضوع : أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف








الإمام الحافظ الفقيه الزهري القرشي، أحد أعلام الفقة المدني وأحد السبعة الذين تنتهي عندهم الأقضية، أسمه عبدالله وقيل اسماعيل، ولد في عشرينيات القرن الهجري الأول، توفي والده عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو في سن مبكرة فلم يحدث عنه إلا بشيء قليل، كان ثقةً فقيهاً كثير الحديث وأمه تماضر بنت الأصبغ بن عمرو من أهل دومة الجندل أدركت حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أول كلبية نكحها قرشي وأرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، خالته من الرضاعة فروى عنها وعن أم سلمة رضي الله عنها وأبنتها زينب، وأبو هريرة وطلحة بن عبيدالله وابن عمر وجابر بن عبدالله وابن عباس رضي الله أجمعين، وكثير غيرهم من الصحابة، والتابعين بل أنه روى عمر بن عبدالعزيز... كان مجتهداً وطلبه للعلم ليس له حدود، مما جعله حجةً كبير القدر، فتولى قضاء المدينة خلال ولاية سعيد بن العاص عليها.
وكان أبو سلمة كثيراً ما يخالف ابن عباس فحرم لذلك منه علما كثيراً، وفي ذلك ذلك قال: " لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علماً كثيراً"، ويتضح من سياق الكلام بأن فقيهنا أبو سلمة كان يتمتع بحس دعابة وهذا لا يخالف كونه فقيهاً عالماً بأمور دينه.
v من طرائفه:

§ قال عمرو بندينار ، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لأبي سلمة وهو حدث : "إنما مثلك مثل الفَرُّوج يسمع الديكة تصيح فيصيح."
§ عن أبي الأسود قالكان أبو سلمة مع قوم فرأوا قطيعاً من غنم فقال أبو سلمة: "اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها" فأنتهى إليها فإذا هي تيوس كلها.
§ وروي عن الشعبي قال قدم أبو سلمة الكوفة فكان يمشي بيني وبين رجل فسألناه عن أعلم من بقي فتمنع ساعة ثم قال: " رجل بينكما ".


v مشاهد من حياة أبي سلمة:

§ بالرغم من علاقة القربى التي ربطت ابن شهاب الزهري وأبو سلمة، إلا أن جل رواية الزهري كانت عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، ويرى بعض العلماء أن أبي سلمة لا يقل منزلة عن عروة بن الزبير، وفي ذلك وردت هذه القصة في سير أعلام النبلاء، وهي مرويه عن الزهري: قدمت مصر على عبد العزيز بن مروان (يعني واليها) وأنا أحدث عن سعيد بن المسيب،فقال لي إبراهيم بن قارظ: ما أسمعك تحدث إلا عن سعيد؟ فقلت أجل.. فقال: لقد تركت رجلين من قومك لا أعلم أكثر حديثاً منهما عروة وأبو سلمة! قال فلما رجعت إلى المدينة وجدتُ عروة بحراً لا تكدرهُ الدلاء.. قلت ( أي الحافظ الذهبي) لم يكثر عن أبي سلمة وهو من عشيرته ربما كان بينهما شيء وإلا فما أبو سلمة بدون عروة في سعة العلم.
§ إذا كان ابن المسيب زوج أبنته بدرهمين، فإن أبي سلمة زوج أبنته بمدّ تمر.
§ على عكس غيره من الفقهاء في القرن الأول كان أبو سلمة يخضب بالسواد.



v قالوا عنه:


§ عن أبي إسحاق ، قال : أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمرفي زمانه.
§ قال أبو زرعة : ثقة ، إمام.
§ قال مالك : كان عندنا من رجال أهل العلم ، أحدهم كنيته : أبو سلمة.
§ قال محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب الضبي : قدم علينا البصرة أبو سلمة في إمارة بشر بن مروان ، وكان رجلاً صبيحا ، كأن وجهه دينار هرقلي.
§ قال الزهري : أربعة من قريش وجدتهم بحوراً : عروة ، وابن المسيب ، وأبو سلمة ، وعبيد الله بن عبد الله.

توفي أبو سلمة في سنة 94 هجرية...عام الفقهاء،،،


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-19-2018, 02:42 PM   #12


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( العاشر )


الموضوع : ســليمان بن يســـــــار







إمام وعالم جليل وأحد الفقهاء السبعة في المدينة كان مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، ولد في خلافة عثمان سنة 34 هجرية، كان أبوه يسار فارسياً، ولسليمان ثلاثة أخوه عطاء وعبدالله وعبدالملك، وثلاثتهم من العلماء الأفاضل.
حدث عن زيد بن ثابت وابن عباس وأبي هريرة وجابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين، وأمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، حظي بمكانة عظيمة لدى العلماء وعامة الناس وكونه من الموالي جعله قريباً من عامة الناس وعلى أتصال وثيق بهم.
هذا الأتصال القريب بأحوال الناس جعل عمر بن عبدالعزيز يعينه في وظيفة المحتسب في سوق المدينة، عندما كان والياً للمدينة في عهد الوليد بن عبدالملك (المحتسب هو الذي يراقب الأسعار في السوق وصفقات البيع والشراء لضمان عدم الأحتكار وعدم وجود صفقات ربوية أو مشبهوة)،وظهور هذا النوع من الرقابة لما فيه مصلحة الناس دليل على مدى تقدم الأنظمة المدنية في الدولة الإسلامية في القرن الهجري الأول، مع ملاحظة أن المحتسبين كانوا من الفقهاء وممن يرضى الناس عن أخلاقهم.
حبى الله سليمان بوجهٍ جميل جعله عرضةً ومطمعاً لمن في قلوبهن مرض (تذكروا تحذير ابن المسيب من فتنة النساء)، وقد أورد الرواة العديد من المواقف التي تعرض فيها إيمان سليمان للأختبار، نذكر منها:
§ حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال: حدثنامصعب بن عثمان، قال: كانسليمان بن يسارمن أحسن الناس وجهاً فدخلت عليه امرأة فسألته نفسه فامتنع عليها،فقالت له: ادن، فخرج هارباً من منزله وتركها فيه.
§ عن جعفر بن محمد بن نصير عن محمد بن ابراهيم، قال: حدثنا أبو العباس بن مسروق، قال: حدثنا بن حيان بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن بشر الكندي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب ابن يسارالكلابي، حدثني عن أبي حازم، قال: خرج سليمان بن يسارخارجاً من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء فقام رفيقه فأخذ السفرة وانطلق إلى السوق يبتاع لهم وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجهاً وأورع الناس، فبصرت به أعرابية من قمة الجبل وهي في خيمتها فلما رأت حسنه وجماله انحدرت وعليها البرقع والقفازان، فجاءت بين يديه فأسفرت عن وجه لهاكأنه القمر، فقالت: أَهبْتَني ؟ فظن أنها تريد طعاماً فقام إلى فضل السفرةليعطيها، فقالت: لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله فقال: جهزك إلي إبليس، ثم وضع رأسه بين كميه فأخذ في النحيب فلم يزل يبكي فلما رأت ذلك سدلت البرقع على وجهها ورجعت إلى خيمتها، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم مايرفقهم، فلما رآه وقدانتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه قال: مايبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي، قال: لا إن لك قصة، إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها، فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية، فوضع السفرة وجعل يبكي بكاءً شديداً، فقال له سليمان: أنت ما يبكيك؟قال: أنا أحق بالبكاء منك، قال: فلِمَ قال: لأني أخشى لو كنت مكانك لما صبرت عنها،قال: فما زالا يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى أتى الحجر، واحتبى بثوبه فنعس، فإذا رجل وسيم جميل طوال له شارة حسنة ورائحة طيبة، فقال له سليمان: من أنت رحمك الله ؟ قال: أنا يوسف بن يعقوب، قال: يوسف الصديق ؟ قال: نعم، قلت: إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأناً عجيباً، فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة الأبواء أعجب .
كاتبته أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، على قدر من المال يكون حراً إذا أداه لها، وقد أداه لها، ويروى عنه أنه أستأذن للدخول على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فعرفت صوته وقالت: أسليمان؟ قلت نعم، وسألتني: أديت ما قاضيت عليه؟ قلت بلى لم يبقى إلا شيء يسير، فقالت: أدخل أنت مملوك ما بقي عليك شيء.
v في فضله وعلمـــــــه:

§ قال الحسن بن محمد بن الحنفية (ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه): سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيب، ولم يقل أعلم ولا أفقه.... وهذا قول غريب فأبناء الحنفية لم يكن لهم فقه خاص، وإن حاولوا جمع فقه وأقضية ومرويات الإمام علي رضي الله عنه، وهم أقرب لمدرسة ابن عباس الفقهية منهم لآل البيت الحسنين والحسينيين رضي الله عنهم.
§ قال الزهري: كان سليمان من العلماء.
§ كان سعيد بن المسيب يوجه السائلين عن القضايا الفقهية إلى سليمان بن يسار ويقول: أنه أعلم من بقي اليوم.
§ قال الإمام مالك: كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيب، وكان سليمان كثيراً ما يوافق سعيد، وكان سعيد بن المسيب لا يُجترأ عليه.
§ قال قتادة: قدمت المدينة فسألت من أعلم أهلها بالطلاق ؟ فقالوا: سليمان بن يسار.
§ عن أبي الزناد قال: كان سليمان يصوم الدهر، ويفطر العيدين وأيام التشريق، وذهب جمهور العلماء إلى استحباب صوم الدهر لمن أطاقـه، ولم ينـهى النبي حمزة بن عمرو الأسلمي عن متابعة الصيام، وكان أخوه عطاء يصوم يوماً ويفطر يوماً...............( أعتقد أن في هذا أجابة لسؤال الأخت نصراوية، صوم الدهر ما عدا الأيام المنهي فيها عن الصيام كالعيدين وأيام التشريق).
§ قال ابن سعد في وصفه: وكان ثقـة عالياً رفيعاً فقيهاً كثير الحديث.
§ عن الواقدي عن عبدالله بن يزيد الهذلي: سمعت سليمان بن يســـار يقول: سعيد بن المسيب بقيـة الناس.... في دليل على تواضعه وحسن ظنه بقرنائه من الفقهاء.

أختلف المؤرخون في تحديد السنة التي توفي فيها سليمان بن يسار فمنهم من قال توفي في عام 94 هجرية في سنة الفقهاء، ومنهم من قال توفي في سنة 100 هجرية.


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 08:30 AM   #13


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الحادى العاشر )


الموضوع : خارجة بن زيد بن ثابت








الإمام ابن الإمام وأحد الفقهاء السبعة الأعلام، الذين دعاهم عمر بن العزيز لما ولى إمرة المدينة، وطلب إليهم أن يقدموا له النصيحة، فيما يعرض له من أمور الفتيا والقضاء...حدث عن أبيه وعمه يزيد وعدد من الصحابة، وأنقسم الفقهاء حول خارجة، فمنهم من ذكر أنه مقل في رواية الأحاديث ومنهم ومن خالف ذلك... أبوه زيد بن ثابت رضي الله عنه، كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي أشرف على كتابة المصحف في أيام أبي بكر رضي الله عنه، وفي أيام عثمان رضي الله عنه كان على رأس الجماعة التي وكل إليها كتابة المصحف... ورث خارجة علم أبيه وطريقته في الأفتاء بالرأي فيما ليس به نص، وقد أجمعت كلمة علماء الرجال على توثيقه والثناء عليه، وكان هو وطلحة بن عبيد الله بن عوف في زمنهما يستفتيان، وينتهي الناس إلي قولهما، ويقسمان المواريث بين أهل المدينة من الدور والنخل، والأموال، ويكتبان الوثائق للناس.

وأخذ العلم عنه عدد من العلماء أشهرهم محمد بن شهاب الزهري، وأبو الزناد الذي تتلمذ له، ويفهم من الروايات التي تحدثت عنه أنه كان حسن المنظر، أنيق الهيئة، فقد قال زيد بن السائب: "رأيت خارجة بن زيد يلبس كساء خز، ورأيته يلبس ملحفة معصفرة، ورأيته يعتم بعمامة بيضاء، وقال في موضع آخر: كان حسن الجسم". كان زيد بن ثابت كان في حالة ميسورة، وآلت معظم أموال أبيه إليه، بعد أن قتل أخوته يوم الحرة الذي سبق وأشرنا إليه، فمن البديهي أن تظهر آثار النعمة والثراء في ملبسه ومظهره، وكان الأهتمام بالمظهر الخارجي الحسن سمة فقهاء المدينة عامة.

حظي بمكانة خاصة لدى عمر بن عبدالعزيز عندما تولى إمرة المدينة، وقد أمر الأمير المرواني عندما تولى الخلافة بدفع الأعطيات التي كانت مفروضةً في بيت المال لخارجة بن زيد وأوقفها يزيد بن معاوية بعد يوم الحرّة، لكن خارجة لم تعجبه هذه المعاملة التفضيلية، فسار إلى أبي بكر بن حزم وكان والي عمر على المدينة، فقال له: إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة، ولي نظراء، فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا فعلت، وإن هو خصني به، فإني أكره ذلك له... لم يقبل خارجة بأن تعاد له مخصصاته دون نظرائه من الفقهاء، وقد رد الخليفة على ذلك فقال: " لا يسع المال ذلك، ولو وسعه لفعلت".

كانت وفاته في سنة 100 هجرية، وقد روي عنه أنه قال في تلك السنة: " رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها"... ولما بلغ الخليفة عمر بن عبدالعزيز وفاة خارجة صفق بإحدى كفيه على الأخرى وقال: " "ثلمة والله في الإسلام"، وتأثر كثيراً لوفاته،،،


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 08:33 AM   #14


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الثانى العاشر )


الموضوع :نافــــــع مولى ابن عمر رضي الله عنه





إمام ومفتي ومحدث، أصطحبه ابن عمر إلى المدينة وكان صبياً صغيراً من أحد المغازي، وأختلف المؤرخون في أصله فمنهم من قال أنه بربري ومنهم من قال أنه فارسي، وكان بلسانه عجمة واضحة.
روى عن مولاه ابن عمر، وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، وكذلك عن أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهن، وصفية بنت أبي عبيد زوجة مولاه، وسالم وعبدالله وعبيدالله وزيد أولاد مولاه.
عاش معظم حياته يحدث من صحيفة لأبن عمر كتب فيها معظم الأحاديث التي جمعها، ولم يفتي قط إلى أن توفى الله سالم بن عبدالله بن عمر ابن مولاه الإمام الفقيه الذي سبق وتناولنا سيرته، ولعله لم يفتي في حياته أحتراماً وإجلالاً له.
أعتقه ابن عمر لوجه الله، وفي ذلك يقول نافع: " دخلت مع مولاي على عبد الله بن جعفر، فأعطاه فيّ اثني عشر ألفا، فأبى وأعتقني، أعتقه الله."
كان رحمه الله حاد الطباع، ويضيق بكثرة الأسئلة والمراجعات، ولعل ذلك عائد إلى اللكنة الغريبة في لسانه، فكان طلاب العلم يراجعونه في بعض الألفا١ وفي ذلك قال إسماعيل بن أمية: كنا نرد على نافع اللحن فيأبى، ويقول لا، إلا الذي سمعته، وروى إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه: كنا نختلف إلى نافع، وكان سيئ الخلق، فقلت: ما أصنع بهذا العبد؟ فتركته ولزمه غيري، فانتفع به... ويقصد هنا الإمام مالك الذي لزم نافع، وفي ذلك قال مالك: " كان في نافع حدة، ثم حكى مالك أنه (أي مالك نفسه) كان يلاطفه ويداريه "، وكذلك قال: " كنت آتي نافعاً، وأنا حدث السن، ومعي غلام لي فيقعد ويحدثني، وكان صغير النفس، وكان في حياةسالم لا يفتي شيئاً"، وفي رواية أخرى قال: " كنت آتي نافعا، وأنا غلام حديث السن، فينزل ويحدثني، وكان يجلس بعد الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد، فإذا طلعت الشمس خرج،وكان يلبس كساء، وربما وضعه على فمه لا يكلم أحدا، وكنت أراه بعد صلاه الصبح يلتفت بكساء له أسود".

كان بعض الرواة لا يرون الأحاديث عن الموالي، وقد شعر نافع بالضيق من الزهري، قال يونس بنيزيد: قال نافع: "من يعذرني من زهريكم، يأتيني فأحدثه عن ابن عمر، ثم يذهب إلى سالم،فيقول: هل سمعت هذا من أبيك؟ فيقول: نعم، فيحدث به عن سالم ويدعني".

v في فضله وعلمه:
§ قال البخاري: أصح الأسانيد: مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
§ قال عبيدالله بن عمر: بعث عمر بن عبد العزيز نافعاً مولى ابن عمر إلى أهل مصر يعلمهم السنن.
§ قال الأصمعي: حدثنا العمري عن نافع قال: وروى زيد بن أبي أنيسة، عن نافع قال: سافرت مع ابن عمر بضعاً وثلاثين حجة وعمرة.
§ قال أحمد بن حنبل: إذا اختلف سالم ونافع ما أقدم عليهما.
لم تختلف رواية نافع عن سالم إلا في ثلاثة أحاديث، وقد رجح جمهور العلماء رواية نافع، وأتفق معظم العلماء بأن أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
v قالوا عنه:
§ وقال معمر: كان أيوب السختياني يحدثنا عن نافع، ونافع حي.
§ وقال مالك: إذا قال نافع شيئاً،فاختم عليه.
§ وقال عبد الرحمن بن خراش: نافع ثقة نبيل.
§ وروى أيوب أن عمر بنعبد العزيز ولى نافعاً صدقات اليمن.
§ وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني نافع بن أبي نعيم واسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وابن أبي فروة قالوا: كان كتاب نافع الذي سمعه من ابن عمر في صحيفة، فكنا نقرؤها عليه، فيقول: يا أبا عبد الله! أتقول: حدثنا نافع؟ فيقول: نعم.
§ وروى الأصمعي، عن نافع بن أبي نعيم، عن نافع أنه قيل له: قد كتبوا علمك، قال: كتبوا؟ قيل: نعم، قال: فليأتوا به حتى أقومه.
§ قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.
§ وقال العجلي والنسائي: مدني ثقة.
§ وقال ابن خراش: ثقة نبيل.

v وفاته:
وروى عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، عن نافع، أنه لما احتضر بكى، فقيل: مايبكيك؟ قال: ذكرت سعدا وضغطة القبر.

وقال حماد بن زيد وجماعة: توفي نافع سنة سبع عشرة ومائة وشذ الهيثم بن عدي وأبو عمر الضرير فقالا: مات سنة عشرين ومائة.


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 08:35 AM   #15


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الثالث العاشر )


الموضوع : ابن شهاب الزهري







هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، القرشي الزهري، ولد في سنة 51 هجرية بالمدينة، ولقب بنزيل الشام لنزوله على بني مروان في عهد عبدالملك بن مروان وبنيه الأربعة.
كان من أحفظ الفقهاء للأحاديث، ونقل لوحده أكثر من ألفي حديث كانت في معظمها صحيحة ومتفق عليها، ونصفها بأسانيد صحيحة... روى عن ابن عمر وجابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما (مع أحتمال أن يكون ألتقى بهما) وعلي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما، الذي لازمه لفترة طويلة في المدينة، وأبا هريرة رضي الله عنه، وسعيد بن المسيب الذي لازمه لثماني سنوات، وغيره من فقهاء المدينة، وخلق كثير غيرهم.

v قصة نزوله للشام:
هناك تضارب في الروايات التي وردت حول نزول الزهري للشام، ولكن ما أجمعت عليه هذه الروايات أن نزوله كان على عبدالملك بن مروان، والأخير حكم في الفترة ما بين 65 هجرية وحتى 86 هجرية، الغريب في بعض الروايات أنها تذكر نزول الزهري في بداية بلوغه الحلم، وهذا ينافي العقل في كيفية تحصيله للعلم ووصوله لمرتبة الفقيه حتى يقربه عبدالملك بن مروان ويجعله من خاصته، والأقرب للمنطق أنه نزل على عبدالملك بن مروان في أواخر خلافته بعد أن تسنى للزهري جمع العلم وملازمة الفقهاء في المدينة، خاصةً وأن أقامته في الشام كانت طويلة وبلغت حسبما نقل عنه: "اختلفت من الحجاز إلى الشام خمساً وأربعين سنة فما استطرفت حديثاً واحداً ولا وجدت من يطرفني حديثاً" ... وأنقل لكم هنا أقرب الروايات للمنطق عن قصة نزوله للشام،،،
حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز سمعت الزهري يقول: نشأت وأنا غلام لا مال لي ولا أنا في ديوان وكنت أتعلم نسب قومي من عبد الله بن ثعلبة بن صعير وكان عالماً بذلك، وهو ابن أخت قومي وحليفهم فأتاه رجل فسأله عن مسألة من الطلاق فعيي بها وأشار له إلى سعيد بن المسيب فقلت في نفسي ألا أراني مع هذا الرجل المسن؟ فانطلقت مع السائل إلى سعيد بن المسيب وتركت ابن ثعلبة وجالست عروة وعبيد الله وأبا بكر بن عبد الرحمن حتى فقهت فرحلت إلى الشام فدخلت مسجد دمشق في السحر وأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة فجلست فيها فنسبني القوم، فقلت: رجل من قريش، قالوا هل لك علم بالحكم في أمهات الأولاد؟ فأخبرتهم بقول عمر بن الخطاب فقالوا هذا مجلس قبيصة بن ذؤيب وهو حاميك، وقد سأله أمير المؤمنين وقد سألنا فلم يجد عندنا في ذلك علماً فجاء قبيصة فأخبروه الخبر، فنسبني فانتسبت وسألني عن سعيد بن المسيب ونظرائه فأخبرته، فقال: أنا أدخلك على أمير المؤمنين فصلى الصبح ثم انصرف فتبعته فدخل على عبد الملك وجلست على الباب ساعة حتى ارتفعت الشمس ثم خرج الآذن (الحاجب) فقال أين هذا المدني القرشي؟ قلت ها أنا ذا، فدخلت معه على أمير المؤمنين فأجد بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر به فرفع وليس عنده غير قبيصة جالساً، فسلمت عليه بالخلافة فقال من أنت قلت محمد بن مسلم وساق آباءه إلى زهرة فقال أوه قومٌ نعارون في الفتن، قال وكان مسلم بن عبيد الله مع ابن الزبير، ثم قال ما عندك في أمهات الأولاد فأخبرته عن سعيد فقال كيف سعيد وكيف حاله؟ فأخبرته ثم قلت: وأخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.. فسأل عنه، ثم حدثته الحديث في أمهات الأولاد عن عمر فالتفت إلى قبيصة فقال هذا يكتب به إلى الآفاق.. فقلت في نفسي لا أجده أخلى منه الساعة ولعلي لا أدخل بعدها فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي وأن يفرض لي فعل.. قال إيها الآن انهض لشأنك، فخرجت والله مؤّيساً من كل شيء، خرجت له وأنا يومئذ مقل مرمل ثم خرج قبيصة فأقبل علي لائماً لي وقال: ما حملك على ما صنعت من غير أمري؟ قلت ظننت والله أني لا أعود إليه، قال: ائتني في المنزل فمشيت خلف دابته والناس يكلمونه حتى دخل منزله فقلما لبث حتى خرج إلي خادم بمئة دينار وأمر لي ببغلة وغلام وعشرة أثواب ثم غدوت إليه من الغد على البغلة ثم أدخلني على أمير المؤمنين وقال: إياك أن تكلمه بشيء وأنا أكفيك أمره، قال فسلمت فأومأ إلي أن أجلس ثم جعل يسألني عن أنساب قريش فلهو كان أعلم بها مني، وجعلت أتمنى أن يقطع ذلك لتقدمه علي في النسب، ثم قال لي: قد فرضت لك فرائض أهل بيتك، ثم أمر قبيصة أن يكتب ذلك في الديوان ثم قال أين تحب أن يكون ديوانك مع أمير المؤمنين ها هنا أم في بلدك؟ قلت: يا أمير المؤمنين أنا معك، ثم خرج قبيصة فقال: إن أمير المؤمنين أمر أن تثبت في صحابته وأن يجري عليك رزق الصحابة وأن يرفع فريضتك إلى أرفع منها فألزم باب أمير المؤمنين، وكان على عرض الصحابة رجل فتخلفت يوما أو يومين فجبهني جبهاً شديداً فلم أتخلف بعدها، قال وجعل يسألني عبد الملك من لقيت فأذكر من لقيت من قريش قال أين أنت عن الأنصار فإنك واجد عندهم علماً أين أنت عن ابن سيدهم خارجة بن زيد وسمى رجالاً منهم، قال فقدمت المدينة فسألتهم وسمعت منهم قال وتوفي عبد الملك فلزمت ابنه الوليد ثم سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري وسليمان بن حبيب المحاربي جميعاً قال ثم لزمت هشام بن عبد الملك وصير هشام الزهري مع أولاده يعلمهم ويحج معهم.




كرمه وسخائه:
كان سبب نزول الزهري للشام هو الديون الكثيرة التي تراكمت عليه، بسبب كرمه وسخائه مع من حوله، ولقد نقل الرواة العديد من المواقف والقصص التي تدل على كرمه، ولا يتسع المجال لذكرها لكني أخترت لكم ما قاله بعض الفقهاء والمحدثين ممن عاصروه،،،
§ ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: "ما رأيت أحداً أنص للحديث من الزهري، وما رأيت أحداً أهون عنده الدراهم منه كانت عنده بمنزلة البعر".
§ عن الإمام الليث بن سعد قال: " وكان من أسخى من رأيت كان يعطي فإذا فرغ ما معه يستلف من عبيده يقول يا فلان أسلفني كما تعرف وأضعف لك كما تعلم وكان يطعم الناس الثريد ويسقيهم العسل وكان يسمر على العسل كما يسمر أهل الشراب على شرابهم ويقول اسقونا وحدثونا وكان يكثر شرب العسل ولا يأكل شيئاً من التفاح".
§ عن الإمام مالك قال: " كان ابن شهاب من أسخى الناس فلما أصاب تلك الأموال قال له مولى له وهو يعظه قد رأيت ما مر عليك من الضيق فانظر كيف تكون أمسك عليك مالك، فقال: إن الكريم لا تحنكه التجارب".
هذا الكرم والسخاء جعل ابن شهاب يشكو من الديون في معظم مراحل حياته،،،

v في فضله وعلمـــــه وأقوال العلماء فيه:
§ عن الليث بن سعد قال: "ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب يحدّث في الترغيب فتقول لا يحسن إلا هذا، وإن حدّث عن العرب والأنساب قلت لا يحسن إلا هذا، وإن حدّث عن القرآن والسنة كان حديثه، وقال الليث: قدم ابن شهاب على عبد الملك سنة اثنتين وثمانين".
§ ابن أبي الزناد عن أبيه قال: "كنا نكتب الحلال والحرام وكان ابن شهاب يكتب كلما سمع فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس وبصر عيني به ومعه ألواح أو صحف يكتب فيها الحديث وهو يتعلم يومئذ".
§ حدثنا الوليد بن مسلم قال خرج الزهري من الخضراء من عند عبد الملك فجلس عند ذلك العمود فقال: "يا أيها الناس إنا كنا قد منعناكم شيئا قد بذلناه لهؤلاء فتعالوا حتى أحدثكم قال فسمعهم يقولون قال رسول الله وقال رسول الله فقال يا أهل الشام ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمة ولا خطم " قال الوليد فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ وروى نحوها من وجه آخر أنه كان يمنعهم أن يكتبوا عنه فلما ألزمه هشام بن عبد الملك أن يملي على بنيه أذن للناس أن يكتبوا.
§ عن الزهري قال: "كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء فرأيت أن لا أمنعه مسلماً".




§ عن الزهري قال: " ما قلت لأحد قط أعد عليّ".
§ أحمد بن حنبل يقول: "الزهري أحسن الناس حديثاً وأجود الناس إسناداً".
§ عمر بن عبد العزيز: "ما ساق الحديث أحد مثل الزهري".
§ روى إبراهيم بن سعد (من أحفاد عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه) عن أبيه قال: "ما سبقنا ابن شهاب من العلم بشيء إلا أنه كان يشد ثوبه عن صدره ويسأل عما يريد وكنا تمنعنا الحداثة".
§ عن الإمام مالك أنه قال: " حدث الزهري بمئة حديث ثم التفت إلي فقال كم حفظت يا مالك قلت أربعين فوضع يده على جبهته ثم قال إنا لله كيف نقص الحفظ".
§ حدثنا ابن عيينة عن عمرو قال: "جالست ابن عباس وابن عمر وجابراً وابن الزبير فلم أر أحد أنسق للحديث من الزهري".
§ عن الإمام الليث بن سعد قال: كان ابن شهاب يختم حديثه بدعاء جامع يقول: "اللهم أسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة".
§ عن الإمام الليث بن سعد قال: قلت لأبن شهاب يوماً: لو وضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفاً، قال: "والله ما نشر أحد العلم نشري ولا صبر عليه صبري ولقد كنا نجلس إلى ابن المسيب فما يستطيع أحد منا أن يسأله عن شيء إلا أن يبتدىء الحديث أو يأتي رجل يسأله عن شيء قد نزل به".
§ عمر بن عبد العزيز: "عليكم بابن شهاب هذا فإنكم لا تلقون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه".
§ قال ابن القاسم سمعت مالكا يقول: "بقي ابن شهاب وما له في الناس نظير".
§ عن الإمام الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة قلت لعراك بن مالك من أفقه أهل المدينة قال: "أما أعلمهم بقضايا رسول الله وقضايا أبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقهاً وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب، وأما أغزرهم حديثاً فعروة، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحراً إلا فجرته، وأعلمهم عندي جميعاً ابن شهاب فإنه جمع علمهم جميعا إلى علمه".
§ الثوري يقول أتيت الزهري فتثاقل علي فقلت له أتحب لو أنك أتيت مشايخ فصنعوا بك مثل هذا فقال: "كما أنت ودخل فأخرج إلي كتابا فقال خذ هذا فاروه عني فما رويت عنه حرفاً".
§ عن الإمام مالك قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه لقد أدركت في المسجد سبعين ممن يقول قال فلان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (في أشارة إلى التابعين) وإن أحدهم لو ائتمن على بيت المال لكان به أميناً، فما أخذت منهم شيئاً لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ويقدم علينا الزهري وهو شاب فنزدحم على بابه"... ويبدو أن الإمام مالك أخطأ في تقدير عمر الزهري بسبب الخضاب.
§ عن عمر بن عبد العزيز قال: "ما أتاك به الزهري عن غيره فشد يدك به وما أتاك به عن رأيه فانبذه"... وفي هذا أشارة واضحة إلى أن الزهري لم يكن بمستوى فقهاء المدينة العشرة وأن جمع علمهم وروى عنهم.
§ قال ابن المديني: "دار علم الثقات على ستة فكان بالحجاز الزهري وعمرو بن دينار وبالبصرة قتادة ويحيى بن أبي كثير وبالكوفة أبو إسحاق والأعمش".



ن أقواله:
§ "يذهب العلم وكثير ممن كان يعمل به".
§ "إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة".
§ "لا يرضي الناس قول عالم لا يعمل ولا عمل عامل لا يعلم".
§ "ثلاث إذا كن في القاضي فليس بقاض إذا كره الملام وأحب المحامد وكره العزل".
§ "الإيمان بالقدر نظام التوحيد فمن وحد ولم يؤمن بالقدر كان ذلك ناقضاً توحيده".
§ "كنت أحسب أني قد أصبت من العلم حتى جالست عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فكأنما كنت في شعب من الشعاب".
§ "جالست ابن المسيب حتى ما كنت أسمع منه إلا الرجوع يعني المعاد وجالست عبيد الله فما رأيت أغرب منه ووجدت عروة بحراً لا تكدره الدلاء".
§ "ما استعدت حديثاً قط وما شككت في حديث إلا حديث واحد فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت".
§ "حدثت علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما، بحديث فلما فرغت منه قال أحسنت بارك الله فيك هكذا حدثناه.. قلت أراني حدثتك بحديث أنت أعلم به مني قال لا تقل ذاك فليس من العلم ما لا يُعرف إنما العلم ما عُرف وتواطأت عليه الألسن".
§ "إياك وغلول الكتب قلت وما غلولها قال حبسها".
§ " كان ابن عباس يقول خمس يورثن النسيان أكل التفاح والبول في الماء الراكد والحجامة في القفا وإلقاء القملة في التراب وسؤر الفأرة".
§ " من سره أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب قال الحاكم لأن زبيب الحجاز حار حلو رقيق فيه يبس مقطع للبلغم".
§ " قال لي القاسم أراك تحرص على الطلب أفلا أدلك على وعائه قلت بلى قال عليك بعمرة بنت عبد الرحمن فإنها كانت في حجر عائشة فأتيتها فوجدتها بحرا لا ينزف".
§ قال معمر: قد روى الزهري عن الموالي سليمان بن يسار وطاووس والأعرج ونافع مولى ابن عمر ونافع مولى أبي قتادة وحبيب مولى عروة وكثير مولى أفلح وقلت له إنهم يقولون إنك لا تروي عن الموالي قال: "قد رويت عنهم ولكن إذا وجدت عن أبناء المهاجرين والأنصار فما حاجتي إلى غيرهم وسمعته يقول يا أهل العراق يخرج الحديث من عندنا شبراً ويصير عندكم ذراعاً".
§ " العمائم تيجان العرب والحبوة حيطان العرب والاضطجاع في المسجد رباط المؤمنين".




في شجاعته وصدقه:
قال الشافعي حدثنا عمي قال دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال: يا سليمان من الذي تولى كبره منهم (في أشارة إلى آيات الأفك التي نزلت في براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من تهمة الزنى، التي روج لها رأس المنافقين عبدالله بن أبي)؟ قال عبد الله بن أبي ابن سلول، قال: كذبت هو علي.. (يقصد الإمام علي كرم الله وجهه)!! فدخل ابن شهاب فسأله هشام نفس السؤال، فقال: هو عبد الله بن أبي، قال: كذبت هو علي.. فقال ابن شهاب: أنا أكذب لا أبا لك فوالله لو نادى منادٍ من السماء إن الله أحل الكذب ما كذبت، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة بن وقاص عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي... (وفي هذه القصة دلالة على مدى تجني الأمويين على الإمام علي رضي الله عنه) قال: فلم يزل القوم يغرون به فقال له هشام: ارحل فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك، قال: ولم أنا اغتصبتك على نفسي أو أنت اغتصبتني على نفسي فخل عني، فقال له: لا ولكنك استدنت ألفي ألف!! فقال: قد علمت وأبوك قبلك أني ما استدنت هذا المال عليك ولا على أبيك، فقال هشام: إنا أن نهيج الشيخ فأمر فقضى عنه ألف ألف فأخبر بذلك فقال الحمد لله الذي هذا هو من عنده..
هجر الزهري الشام وعاد للمدينة، وتوقف في آخر أيامه عن رواية الحديث بعد أن حفظ لنا مئات الأحاديث، وأتفق جمهور العلماء على أن من أصح الأسانيد هي الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده رضي الله عنهم، عن الرسول صلى الله عليه وآله لم، والزهري عن سالم عن عبدالله عن عمر رضي الله عنهما، عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم... أخذ عليه بعض معاصريه وبعض من جاء بعده قربه من البلاط الأموي وكثرة مجالستهم بالرغم من كثرة مظالمهم، ولكن هذا لا ينكر حقيقة مكانته والدور الذي قام به في حفظ السنن النبوية،،،

توفي في شهر رمضان المبارك في سنة 124 هجرية ودفن في منطقة بين الحجاز وفلسطين...

سيرة غنية لعالم جليل ندين له اليوم بمئات الأحاديث الصحيحة التي حفظها في صدره وفي ألواحه، حاولت أن أقدمها بالشكل اللائق وأرجو أن أكون وفقت في ذلك،،،





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 08:42 AM   #16


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الرابع العاشر )


الموضوع : طاووس بن كيسان






الفقيه العابد الزاهد المكي طاووس بن كيسان اليماني الهمداني، كنيته أبو عبد الرحمن أمه من الفرس الذين سكنوا اليمن، وأبوه من النمر بن قاسط مولى بحير الحميري. وقال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الألقاب: إن اسمه ذكوان، وطاووس لقبه، وإنما لقب به لأنه كان طاووس القراء والمشهور أنه اسمه، هو سيد أهل اليمن من التابعين.
لازم ابن عباس رضي الله عنه، وأخذ عنه العلم وأصبح من خاصته ومن أقرب أصحابه، وفيه قال ابن عباس رضي الله عنه: " إني لأظن طاووسا من أهل الجنة".
أخذ العلم عن عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي ذلك يقول " جالست ما بين الخمسين إلى السبعين من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم"، وروى عن ابن عمر رضي الله عنه.
v طاووس وأولي الأمر:

§ في رواية ذكرها الزهري: أن سليمان رأى رجلاً يطوف بالبيت، له جمال وكمال، فقال: من هذا يا زهري؟ فقلت: هذا طاوس، وقد أدرك عدةً من الصحابة، فأرسل إليه سليمان فأتاه فقال: لو ما حدثتنا؟ فقال: حدثني أبو موسى قال: قال رسول الله : «إن أهون الخلق على الله عز وجل من ولى من أمور المسلمين شيئاً فلم يعدل فيهم»، فتغير وجه سليمان فأطرق طويلاً ثم رفع رأسه إليه فقال: لو ما حدثتنا؟ فقال: حدثني رجل من أصحاب النبي - قال ابن شهاب: ظننت أنه أراد علياً رضي الله عنه - قال: دعاني رسول الله إلى طعام في مجلس من مجالس قريش، ثم قال: «إن لكم على قريش حقاً، ولهم على الناس حق، ما إذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا ائتمنوا أدوا، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً»، قال: فتغير وجه سليمان وأطرق طويلاً ثم رفع رأسه إليه وقال: لوما حدثتنا؟ فقال: حدثني ابن عباس أن آخر آية نزلت من كتاب الله: { وَاتَّقُوا يَوْما تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة: 281] .
§ جاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاوس فلم يلتفت إليه، فقيل له: جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه؟ قال: "أردت أن يعلم هو وأبوه أن لله عباداً يزهدون فيهم وفيما في أيديهم".
§ زهد طاووس فيما عند الناس فأقبل الناس على علمه، وهكذا العالم أما إذا أقبل على أموالهم هان عليهم وزهدوا في علمه، وكان طاووس من الزاهدين ولم يهن نفسه يومًا بقبول مالاً من أحد حتى من الأمير، ومما يروى عنه أنه بعث برسالة إلى عمر بن عبدالعزيز عندما تولى الخلافة قال فيها: " إن أردت أن يكون عملك خيرًا كله فاستعمل أهل الخير".. فقال عمر: كفى بها موعظة .
§ ومن المواقف التي تدل شجاعته، لقائه بهشام بن عبدالملك في الحرم المكي، وفي ذلك قال الرواة: " أن هشام بن عبد الملك قدم حاجًا إلى بيت الله الحرام، فلما دخل الحرم قال: أئتوني برجل من الصحابة فقيل: يا أمير المؤمنين قد تفانوا، قال: فمن التابعين، فأتي بطاووس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه، وجلس إلى جانبه بغير إذنه، وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب من ذلك غضبًا شديدًا حتى هم بقتله، فقيل: يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله لا يمكن ذلك، فقال له: يا طاووس، ما حملك على ما صنعت؟ قال: وما صنعت؟ فاشتد غضبه وغيظه، وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت: يا هشام كيف أنت؟ قال: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاتبني ولا يغضب علي، وأما ما قلت: لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذبًا، وأما ما قلت لم تكنني فإن الله سمى أنبياءه قال: يا داود يا يحيى يا عيسى، وكنى أعداءه فقال: {تبت يدا أبي لهب وتب}، وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام.. فقال له: عظني قال: " إني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول: إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته"، ثم قام وخرج.
§ أرسل إليه محمد بن يوسف الثقفي (أخو الحجاج) بسبعمائة دينار وقيل للرسول: إن أخذها منك فإن الأمير سيكسوك ويحسن إليك، فخرج بها حتى قدم على طاووس الجند فقال: يا أبا عبد الرحمن نفقة بعث بها الأمير إليك، فقال: مالي بها من حاجة، فأراده على أخذها بكل طريق فأبى أن يقبلها، فغفل طاووس فرمى بها الرجل من كوة في البيت، ثم ذهب راجعًا إلى الأمير وقال: قد أخذها فمكثوا حينًا ثم بلغهم عن طاووس ما يكرهون أو شيء يكرهونه، فقالوا: ابعثوا إليه فليبعث إلينا بمالنا فجاءه الرسول فقال: المال الذي بعثه إليك الأمير رده إلينا فقال: ما قبضت منه شيئًا، فرجع الرسول إليهم فأخبرهم فعرفوا أنه صادق، فقالوا: انظروا الذي ذهب بها إليه فأرسلوه إليه فجاءه فقال: المال الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن قال: هل قبضت منه شيئًا؟ قال: لا قال: فقام إلى المكان الذي رمى به فيه فوجدها كما هي، وقد بنت عليها العنكبوت فأخذها فذهب بها إليهم.

في عبادته:
§ قال عبد الله بن طاوس: كان أبي إذا سار إلى مكة سار شهراً، وإذا رجع رجع في شهر، فقلت له في ذلك، فقال: "بلغني أن الرجل إذا خرج في طاعة لا يزال في سبيل الله حتى يرجع إلى أهله".
§ قال الإمام أحمد، حدثنا أبو ثميلة، عن ابن أبي داود. قال: رأيت طاوساً وأصحاباً له إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة ولم يكلموا أحدا، وابتهلوا إلى الله تعالى في الدعاء.
§ عن داود بن إبراهيم: أن الأسد حبس ليلة الناس في طريق الحج، فدق الناس بعضهم بعضاً، فلما كان السَّحر ذهب عنهم فنزلوا وناموا، وقام طاووس يصلِّي، فقال رجل ألا تنام فإنك نصبت [أي تعبت] هذه الليلة؟ فقال: "هل ينام أحدٌ السحر؟".
§ يروى أنه جاء في السحر يطلب رجلاً، فقالوا: هو نائم، قال: " ما كنت أظن أحداً ينام في السَّحر".
§ يروى أنه كان يفترش فراشه ثم يضطجع فيتقلّى كما تتقلى الحبة في المقلى ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول: " طيرّ ذكر جهنم نوم العابدين ".
وقت السَحَر هو الثلث الأخير من الليل قبل صلاة الفجر، وأفضل الأعمال فيه الأستغفار، وفي ذلك قال تعالى: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، [الذاريات:18]... وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر"... فلا عجب أن يستنكر هذا العابد الزاهد من نوم الناس وقت السحر.
بالإضافة إلى ذلك روىعبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: صلى وهب بن منبه (فقيه من أهل اليمن، محدث ومن العباد، أخذ عليه العلماء كثرة روايته للأسرائيليات وحديثه في القدر وقد ندم عليه في أواخر عمره) وطاووس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة... تخيلوا أنهم يصلون الفجر بوضوء صلاة العشاء!! من الذي يستطيع أن يحافظ على وضوئه كل هذا الوقت دون أن ينقضه في يومنا هذا.

v في علمــــــــه:

لبيان منزلة طاووس العلمية فلا أفضل مما قاله ابن شهاب الزهري: " قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قال: قلت: من مكة قال: ومن خلفت يسودها وأهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح (سيكون محطتنا التالية إن شاء الله) قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي قال: فبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية قال: إن الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا، قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس بن كيسان قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالى قال: فبم سادهم؟ قلت: بما ساد به عطاء".



من أقوالــــــــه:
§ "ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه".
§ في نصحه لأبنه: " يا بني صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم، ولا تصاحب الجُهال فتنسب إليهم، وإن لم تكن منهم واعلم أن لكل شيء غاية وغاية المرء حسن عقله".
§ في نصحه لليث بن سعد: " ما تعلمت من العلم فتعلمه لنفسك، فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس".
§ " إقرار ببعض الظلم خير من القيام فيه".
§ في نصحه لعطاء : " إياك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، وعليك بطلب حوائجك إلى من بابه مفتوح لك إلى يوم القيامة طلبك أن تدعوه ووعدك الإجابة".
§ " خف الله تعالى مخافة لا يكون عندك شيء أخوف منه، وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه وأحب للناس ما تحب لنفسك ".
§ " حلو دنيا مر الآخرة، ومر الآخرة حلو الدنيا ".
§ " من لم يبخل ولم يل مال يتيم لم ينله جهد البلاء".
§ ويروى عنه أنه قال: في قوله تعالى: { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفا } [النساء: 28] قال: "في أمور النساء، ليس يكون في شيء أضعف منه في النساء".
§ سُئل يوماً عن أفضل ما يقال على الميت، فأجاب : " الأستغفار".
§ كان طاووس إذا سمع صوت الرعد قال: " سبحان من سبحت له".
§ "يجاء يوم القيامة بالمال وصاحبه فيتحاجان، فيقول صاحب المال للمال: جمعتك في يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا، فيقول المال: ألم أقض لك الحوائج؟ أنا الذي حلت بينك وبين أن تصنع فيما أمرك الله عز وجل من حبك إياي، فيقول صاحب المال: إن هذا الذي نفد على حبال أوثق بها وأقيد".
§ روى الإمام الليث بن سعد عن طاووس عندما ذكر النساء أنه قال: " فيهنَّ كفر من مضى وكفر من بقي"... ولا عـــــزاء للســـــيدات ،،،
§ "إذا غدا الإنسان اتبعه الشيطان، فإذا أتى المنزل فسلم نكص الشيطان. وقال: لا مقيل، فإذا أتى بغدائه فذكر اسم الله، قال: ولا غداء ولا مقيل، فإذا دخل ولم يسلم قال الشيطان: أدركنا المقيل، فإذا أتى بغذائه ولم يذكر اسم الله عليه قال الشيطان: مقيل وغداء، وفي العشاء مثل ذلك".
§ قال الثوري: كان طاوس يجلس في بيته، فقيل له في ذلك، فقال: "حيف الأئمة وفساد الناس".
§ "من قال واتقى الله خير ممن صمت واتقى".
§ قال له رجل: ادع الله لي، فقال: " ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".
§ "اللهم احرمني كثرة المال والولد، وارزقني الإيمان والعمل".



من مروياتــــــــــه:
أنقل لكم أبرز ما رواه طاووس وتناقله الرواة:
§ عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب: «يا علي استكثر من المعارف من المؤمنين فكم من معرفة في الدنيا بركة في الآخرة»..فمضى علي فأقام حيناً لا يلقى أحداً إلا اتخذه للآخرة، ثم جاء من بعد ذلك فقال له رسول الله : «ما فعلت فيما أمرتك به»؟ قال: قد فعلت يا رسول الله، فقال له النبي : «اذهب فاِبلُ أخبارهم».. فذهب ثم أتى النبي وهو منكس رأسه، فقال له النبي : «اذهب فاِبلُ أخبارهم».. فذهب ثم أتى النبي تبسم فقال: «ما أحسب يا علي ثبت معك إلا أبناء الآخرة»؟ فقال له علي: لا والذي بعثك بالحق، فقال له النبي : « { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ }[الزخرف: 67-68] يا علي ! أقبل على شأنك، وأملك لسانك، وأغفل من تعاشر من أهل زمانك تكن سالماً غانماً».
§ قال طاوس: قال ابن عباس: سئل النبي من أحسن قراءة؟ قال: «من إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله عز وجل».
§ عن طاوس، قال: قال ابن عباس: إن النبي قال: «إن أحسن الناس قراءة من قرأ القرآن يتحزن به».
§ كان طاووس ممن يرون الإسرائيليات لما في بعضها من عبرة، وقد أخذ ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه، والله أعلم... ومن تلك القصص قال: " كان رجل من بني إسرائيل له أربعة بنين، فمرض، فقال أحدهم: إما أن تمرضوا أبانا، وليس لكم من ميراثه شيء، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء، فمرضه حتى مات ودفنه ولم يأخذ من ميراثه شيئاً، وكان فقيراً وله عيال، فأتي في النوم فقيل له: إئت مكان كذا وكذا فاحفره تجد فيه مائة دينار فخذها، فقال للآتي في المنام: ببركة أو بلا بركة؟ فقال: بلا بركة، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته فقالت: اذهب فخذها فإن من بركتها أن تكسوني منها ونعيش منها، فأبى وقال: لا آخذ شيئاً ليس فيه بركة. فلما أمسى أتي في منامه فقيل له: أئت مكان كذا و كذا فخذ منه عشرة دنانير، فقال: ببركة أو بلا بركة؟ قال: بلا بركة، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته، فقالت له مثل ذلك، فأبى أن يأخذها، ثم أتي في الليلة الثالثة فقيل له: أئت مكان كذا وكذا فخذ منه ديناراً، فقال: ببركة أو بلا بركة؟ قال: ببركة، قال: نعم إذا، فلما أصبح ذهب إلى ذلك المكان الذي أشير إليه في المنام فوجد الدينار فأخذه، فوجد صياداً يحمل حوتين فقال: بكم هما؟ قال: بدينار، فأخذهما منه بذلك الدينار، ثم انطلق بهما إلى امرأته فقامت تصلحهما، فشقت بطن أحدهما فوجدت فيه درة لا يقوم بها شيء، ولم ير الناس مثلها، ثم شقت بطن الآخر فإذا فيه درة مثلها، قال: فاحتاج ملك ذلك الزمان درة فبعث يطلبها حيث كانت ليشتريها، فلم توجد إلا عنده، فقال الملك: إيت بها، فأتاه بها، فلما رآها حلّاها الله عز وجل في عينيه، فقال: بعنيّها، فقال: لا أنقصها عن وقر ثلاثين بغلاً ذهبا، فقال الملك: ارضوه، فخرجوا به فوقروا له ثلاثين بغلاً ذهباً، ثم نظر إليها الملك فأعجبته إعجاباً عظيماً، فقال: ما تصلح هذه إلا بأختها، اطلبوا لي أختها. قال: فأتوه، فقالوا له: هل عندك أختها ونعطيك ضعف ما أعطيناك؟ قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم. فأتي الملك بها، فلما رآها أخذت بقلبه، فقال: أرضوه، فأضعفوا له ضعف أختها، والله أعلم ".

v وفاته:

في سنة 106 هجرية كان طاووس حاجاً وتوفي قبل يوم التروية بيوم واحد، وكان هشام بن عبدالملك حاجاً في تلك السنة وصلى عليه... قيل أن عمره حين وفاته قد تجاوز التسعين.

وكان ممن حضروا جنازته عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي رضي الله عنهم، الذي أخذ بقائمة النعش ولم يتركه حتى بلغ القبر، على الرغم من تمزق رداءه بسبب أزدحام الناس، ولولا المكانة التي أحتلها طاووس بعلمه وزهده لما قام عالم وإمام من آل البيت كعبدالله بن الحسن بما قام به ليوصل طاووس إلى مثواه الأخير،،،


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 08:46 AM   #17


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الخامس العاشر )


الموضوع : عـــــــــطاء بن أبي رباح





هو عطاء بن أبي رباح مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي واسم أبى رباح أسلم، ولد بالجَندَ (بلدة باليمن) وكان مولده سنة سبع وعشرين أثناء خلافة عثمان بن عفان، ولما سُئِل عن موعد مولده قال: "لعامين خَلَوا من خلافة عثمان"، كان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً.
نهل من علم أم المؤمنين عائشة رضي عنها، وتلقى من علم ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، يقال أنه أدرك اكثر من مئتي صحابي.
هذا الفقيه كان أسوداً أعرجاً أفطساً أعوراً، لكن أعاقته لم تمنعه من طلب العلم وتحصيله بل والوصول لأعلى درجات العلم في زمانه ولم يشعر بالحرج للجلوس للفتيا في مكة بعد وفاة ابن عباس رضي الله عنه، ولما قدم ابن عمر رضي الله عنه، مكة أجتمع له الناس ليسألوه فقال: "أتجمعون لي يا أهل مكة المسائل وفيكم ابن أبي رباح؟".. وكان يعرف عنه أنه لا يريد بعلمه جاهًا أو سلطاناً، ولم يكن طالبًا بعلمه يومًا مالاً أو شيئًا من متاع الدنيا، بل كان يريد وجه الله، ولم يكن له فراش إلا المسجد الحرام، بل أن منادي بني أمية في أيام منى كان يقول: " لا يفتي الناس في الحج إلا عطاء بن أبي رباح".
وعن أسلم المنقري قال: جاء أعرابي فسأل فأشاروا إلى سعيد بن جبير فجعل الأعرابي يقول: أين أبو محمد (يعني عطاء)؟ فقال سعيد بن جبير: "ما لنا ها هنا مع عطاء شيء".
v جرأته في طلب الحق:
دخل عطاء بن أبى رباح على هشام بن عبدالملك، فرحب به وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟ وكان عنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا، فذكره عطاء بأرزاق أهل الحرمين وأُعطياتهم..فقال: نعم؛ يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاء أرزاقهم، ثم قال: يا أبا محمد هل من حاجة غيرها؟ فقال: نعم، فذكره بأهل الحجاز وأهل نجد وأهل الثغور، ففعل مثل ذلك، حتى ذكره بأهل الذمة أن لا يكلفوا ما لا يطيقون، فأجابه إلى ذلك، ثم قال له في آخر ذلك: هل من حاجة غيرها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اتق الله في نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، لا والله ما معك ممن ترى أحد.. قال: فأكب هشام يبكى، وقام عطاء. فلما كان عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس ما ندرى ما فيه، أدراهم أم دنانير؟ وقال: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بهذا، فقال عطاء: {ما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين} ثم خرج ولا والله ما شرب عندهم حسوة ماء فما فوقها.
v في زهده وتواضعه :
§ قال عمر بن ذر: " ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح، ما رأيت عليه قميصًا قط ولا رأيت عليه ثوبًا يساوي خمسة دراهم".
§ قال ابن أبي ليلى: دخلت على عطاء فجعل يسألني، فكأن أصحابه أنكروا ذلك، وقالوا: تسأله؟ قال: ما تنكرون؟ هو أعلم مني. قلت: هذا هو التواضع ومعرفة الفضل لأهله.
§ قال عطاء: " إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أكن سمعته، وقد سمعته قبل أن يولد، فأريه أني إنما سمعته الآن منه.. وفي رواية: أنا أحفظ منه له، فأريه أني لم أسمعه".
§ قال عبد العزيز بن رفيع: " سُئل عطاء عن شيء، فقال: لا أدري، قيل: ألا تقول برأيك، قال: إني أستحيي من الله أن يدان في الأرض برأيي".
§ عن الأوزاعي قال: " ما رأيت أحداً أخشع لله من عطاء" .


v في عبادته:
§ عن ابن جريج قال: " كان عطاء بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من البقرة وهو قائم ما يزول منه شيء ولا يتحرك".. وعن ابن عيينة قال قلت لابن جريج: ما رأيت مصليًا مثلك قال: " لو رأيت عطاء".
§ كان في آخر عمره يفطر في رمضان من الكبر والضعف، ويفدي عن إفطاره، ويتأول الآية: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } [البقرة: 184].

v من أقوالـــــــــه:

"إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضوله ما عدا كتاب الله تعالى أن تقرأه، وتأمر بمعروف أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشك التي لا بد لك منها أتنكرون أن عليكم حافظين كرامًا كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟ أما يستحيى أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أمل صدر نهاره فإن أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه".

v قالوا عـــــــنه:

§ محمد (الباقر) بن علي بن الحسين، رضي الله عنهم: " ما بقي أحد في زمانه أعلم بالمناسك منه"، وقال أيضاً: " ما رأيت فيمن لقيت أفقه منه".
§ الأوزاعي: " مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عندهم".
§ قتادة: " كان سعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم وعطاء هؤلاء أئمة الأمصار".
§ ابن جريح: " كان في المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس به صلاة".


v وفاته:

فقد عطاء بصره في أخر عمره، وتوفي سنه 114 هجرية.





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 02:35 PM   #18


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( السادس العاشر )


الموضوع : الحــسـن بن الحــسـن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم







الحــســن المثنى كما أطلق عليه الكتاب والمؤرخون حتى لا يقع خلط بينه وبين أبيه الإمام السبط الحسن بن علي رضي الله عنهما، إلا أن الخلط يقع ولازال يقع عند البعض بسبب قلة العلم والنقل الأعمى دون التأكد من المصادر.
ولا ضرورة للأستشهاد بالأحاديث النبوية في الكتب الستة الصحاح لبيان فضل الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما، مع التذكير بأنه أكثر الناس شبهاً بجده سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكما قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: " بأبي شبيهٌ بالنبيّ، ليس شبيهٌ بعليّ"، وكما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: " لم يكن أحدٌ أشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، من الحسن بن علي" (3542 و 3752 من صحيح البخاري) وسنكتفي بأستعراض سيرة الحــسـن المثنى.
كان كبير أهل البيت الطالبي في زمانه، ومن الثقاة الصادقين وإن كان قليل الرواية والفتيا، وكان ينظم الشعر، حدّث عن أبيه وعمه الحسين رضي الله عنهما، وعن زوجته السيدة فاطمة بنت الحسين، وروى عنه خلق كثير... لم يطلب الخلافة وإن كان أهلاً لها، وأتبع خطى أبيه في الزهد بالجاه والسلطان وإن حاول بعض أهل العراق أغرائه بالأمر إلا أنه كان حاسماً في رفضه.


ولادته:
ولد بعد موقعة الجمل (36 هجرية) وأرجح الأقوال في سنة 41 هجرية، وأمه هي خولة بنت منظور الفزاري، خلف عليها الإمام الحسن بعد وفاة زوجها محمد ابن الصحابي الجليل طلحة بن عبيدالله التيمي رضي الله عنه، في موقعة الجمل وكان مع جيش أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها... ولها من زوجها ثلاثة أولاد هم ابراهيم وداود والقاسم، فهم أخوة الحــســن المثنى من أمه، وهذا يظهر التقارب بين آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم.
أعترض والدها وكان كبير قومه على أن يخلف عليها الحسن رضي الله عنه، دون علمه فحضر المدينة وأنتزعها من الحسن، فلما وصل بأبنته إلى البقيع ذكرته بمنزلة الإمام الحسن رضي الله، وقرابته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لها أن كان له بك حاجة فأنه سيلحق بك... وما أن تجاوز البقيع حتى لحق به الحسن رضي الله عنه وأعادها معه إلى المدينة برضى أبيها.
v صدقات آل البيت:
توفي أبوه الإمام الحسن رضي الله عنه مسموماً في سنة 50 هجرية ولم يكن قد بلغ الخمسين من عمره، وابنه الحسن المثنى دون العاشرة، وكان الإمام الشهيد قد أوصى لأبنه الحسن (من بين أخوته الذكور الخمسة عشر) أن يتولى هو صدقات الإمام علي رضي الله عنه... هذه الصدقات التي نص الله سبحانه وتعالى عليها في محكم كتابه في آية الفيء، وهي نصيب قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغنائم، هي خمس الخمس من الفيء وتشمل فدك وجزء من أراضي خيبر وفيء بني قريظة وأراضٍ أخرى فقط!! (مع العلم أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قد جعل كافة الأراضي الغير مملوكة التي فتحت في الشام والعراق وما ورائها وقفاً لبيت مال المسلمين لضمان مستقبل الأجيال القادمة من المسلمين، وذلك بناءاً على مشورةٍ من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه) بالإضافة إلى ريع أوقاف الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان قد أوصى في وصية مكتوبة أن تبقى الصدقات في ولديه الإماميين وذريتهما من بعدهما دون سواهما من أولاده ، هذا دون ذكر ملايين الدراهم التي كان يدفعها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، لسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهما، لأسترضائهما.
تولى الإمام الحسين رضي الله عنه أمر الصدقات حتى أستشهد في كربلاء، وتولى بعده الحسن المثنى وعلي زين العابدين بن الحسين أمر الصدقات، وكانت مدخلاً مهماً لبعض الخلفاء الأمويين لإثارة الفتنة بين أبناء العمومة الحسنيين والحسينيين، وسنذكر بعض هذه الفتن في وقتها.

v في كــــــــربلاء:
تشير بعض الروايات إلى أنه أشترك بوقعة كربلاء المشؤمة، وأستشهد فيها عدد من أخوته أما هو فأصيب بجروحٍ بليغة وسقط بين الجرحى الذين تم أسرهم، فجاء ابن عم أمه وأسمه أسماء بن خارجة الفزاري يريد أن يحمله، فأجتمع عليه جند ابن زياد فقال: والله لا يوصل إلى ابن خولة أبداً؟ فقال عمر بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (وكان قائداً للجند): دعوا لأبي حسان ابن أخته، فحمله إلى الكوفة وطببه إلى أن شفيت جراحه وعاد إلى المدينة.
لم يبقى من عقب الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما، إلا ما كان من ذرية أبنيه زيد بن الحسن والحـــســن المثنى.



زوجاته:
§ فاطمة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما:
بعد عودته إلى المدينة بعام تزوج من أبنة عمه السيدة فاطمة بنت الحسين الشهيد، وكان قد خطبها قبل كربلاء ووافق الإمام الــحـــسين على تزويجه، وفي ذلك ورد في المصادر: " عن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن قال: خطب الحسن بن الحسن إلى عمه الحسين وسأله أن يزوجه إحدى ابنتيه (فاطمة أو سكينة) فقال له الحسين اختر يا بني أحبهما إليك فاستحيى الحسن ولم يحر جواباً، فقال له الحسين: فإنى قد اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" وفي رواية أخرى: " أن الحسن لما خيره عمه اختار فاطمة، وكان الناس يقولون: إن امرأة مردودة بها سكينة (وكانت من أجمل نساء عصرها كما سبق وأشرنا) لمنقطعة القرين في الجمال".
كانت السيدة فاطمة بنت الحسين من الثقاة وله روايات عديدة في كتب الصحاح، وروى عنها أبنائها وغيرهم، وكغيرها من آل البيت كانت ذات عقل راجح ولها اقوالٌ ومواقف عديدة تدل على ذلك، أخترت لكم منها ما قالت وهي توصي أولادها: " يا بَنّي إنه والله ما نال أحد من أهل السّـفَهِ بسفههم شيئاً، ولا أدركوا ما أدركوا من لذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات بمروءاتهم، فاستتروا بجميل ستر الله عز وجل".
أنجبت السيدة فاطمة بنت الحسين للــحســن المثنى ثلاثة أبناء هم عبدالله المحض (ولقب بالمحض والكامل، فأما المحض لمحض شبهه بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأما الكامل فلكمال نسبه الهاشمي) وابراهيم الغمر ( ولقب بذلك لجوده وكرمه وقيل لجماله) والــحســن المثلث (لقب بالمثلث لتمييزه)، وأبنتان هما زينب ( تزوجها الوليد بن عبدالملك بن مروان) وأم كلثوم (تزوجها محمد الباقر بن علي زين العابدين رضي الله عنهما، ولم تنجب وماتت عنده).
§ كما تزوج في ليلة واحدة أبنتا أعمامه أم الفضل بنت محمد الحنفية وأم موسى بنت عمر بن علي، وذلك أكراماً لأعمامه، ولم تنجبا له.
§ وتزوج رمله بنت سعيد بن زيد الصحابي الجليل رضي الله عنه، وأنجبت له ولده محمد وبه يكنى.
§ أم ولد رومية الأصل أسمها حبيبه وأنجبت له داود وجعفر.
وهنا تجدر الأشارة إلى حرص الصحابة وأبنائهم من بعدهم على التناسب مع آل البيت رضي الله عنهم، والفاروق رضي الله عنه عندما ألح على الإمام علي رضي الله عنه في أن يزوجه أبنته أم كلثوم بنت فاطمة رضي الله عنها، رغم صغر سنها، قال: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلى سببي ونسبي"، وتزوجها الفاروق وأنجب منها ولده زيد لحرصه على أن يكوله نسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.



في عبادته وعلمــــه:
§ روى ابن عساكر عن الأصمعي أنه قال: " دخلت الطواف عند السَحر، فإذا أنا بغلام شاب حسن الوجه، حسن القامه عليه شمله (كساء يوضع على الرأس)، ولد ذؤابتان، متعلق بأستار الكعبة ويقول:

ألا أيها المأمــول في كل ساعة**** شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي**** وهب لي ذنوبي كلها وأقض حاجتي
فـزادي قليل وما أراه مـبلغي**** أللزاد أبكــي أم لبـعد مـسافتي
أتيت بأعــمال قـباحٍ رديّة***** فما في الـورى خلق جنا كجنايتي
أتحرقـني بالنار يا غــاية المنى**** فـأين رجـائي ثم أين مـخـافتي

فتقدمت إليه وكشفت عن وجهه، فإذا الحــسـن بن الحــســن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقلت: ياسيدي، مثلك من يقول هذه المقالة، وأنت من بيت أهل النبوة ومعدن الرسالة؟ قال: هيهات يا أصمعي، أن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه وإن كان ولد قريشاً، أما سمعت قول الله عز وجل: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يساءلون" – المؤمنون 101.

وهذا والله هو الإيمان الحق، والفهم الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" – (صحيح مسلم 2699).

§ جاءه رجلً من الرافضة متأولاً حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: " من كنت أنا مولاه فعليٌّ مولاه" بأنه نص صريح على خلافة الإمام علي رضي الله عنه، فقال له: " لو أراد الخلافة لخطب الناس فقال: أيها الناس اعلموا أن هذا ولي أمركم من بعدي – وفي رواية أخرى من كنت واليه فعليٌّ واليه، وهو القائم عليكم فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختارا علياً لهذا الأمر ثم تركه علي لكان أول من ترك أمر الله ورسوله، وقال لهم أيضا: والله لئن ولينا من الأمر شيئاً لنقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف، ثم لا نقبل لكم توبة، ويلكم غررتمونا من أنفسنا، ويلكم لو كانت القرابة تنفع بلا عمل لنفعت أباه وأمه، لو كان ما تقولون فينا حقاً لكان آباؤنا إذ لم يعلمونا بذلك قد ظلمونا وكتموا عنا أفضل الأمور، والله إني لأخشى أن يضاعف العذاب للعاصي منا ضعفين، كما أني لأرجو للمحسن منا أن يكون له الأجر مرتين، ويلكم أحبونا إن أطعنا الله على طاعته، وأبغضونا إن عصينا الله على معصيته".

وفي هذا دليل على بلاغة الحــســن المثنى وعمق فهمه للألفاظ والمعاني مع حفظه لحقوق الصحابة رضوان الله عليهم، وفهمه لدور آل البيت ومسئوليتهم في أرشاد الناس للطريق الصحيح في عبادة الله، فهم كما قال فيهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: " تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيت"، فالولاية قد تؤدي إلى التباغض بين الناس وولاتهم، أما المولاة فهي على النقيض فالولي يكون مع الناس في كافة أحوالهم.

§ رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي يدعو له ويصلي عليه فقال للرجل: "لا تفعل فإن رسول الله قال لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني".

وقد عاب بعض العلماء على الإمام الــحــسن المثنى هذا الرأي وذلك لأخذهم بظاهر الألفاظ والمعاني ولفضل الصلاة في المسجد النبوي، ولكنهم لم يدركوا قصده بالتأكيد في إبلاغ هذا الرجل بأن الصلاة على النبي واجبة في كل زمان ومكان، وليست محصورة بمكان واحد وإلا لوجب على كل مسلم بأن يشد رحاله إلى المسجد النبوي للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن في رأيه رسالة واضحة بعدم المبالغة في التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن اليوم نرى من بعض المسلمين غريب التصرفات عند زيارتهم للروضة الشريفة، بالرغم من جهود القائمين على الحرم النبوي بتوعيتهم إلا أنهم للأسف يعتبرون هذه التصرفات والأقوال ما هي إلا للتقرب لله عز وجل ودليل على محبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام.

§ وقال في مبدأ التقيّة: " إنما هي باب رخصة للمسلم إذا أضطر إليها، وخاف من ذي سلطان، فيعطيه غير ما في نفسه.. يدرأ عن ذمة الله ما بلغ من التقيّة يجعل بها لعبدٍ من عباد الله أن يضل عباد الله".

وفي هذا دلالة واضحة على فطنته وفهمه لمبدأ التقيّة بطريقة صحيحة كما أراد بها الله تعالى، فهي وسيلة لحفظ نفس المسلم إذا أحس بالخطر من سلطانٍ جائر، ولكنها ليست مطلب شرعي يجب على المسلم تبنيه والعمل به في كافة الأحوال والظروف، فالمسلم يجب أن يكون صادقاً مع الله ونفسه والناس... وللأسف في يومنا هذا أصبحت التقيّة روتين يومي عند بعض الناس، كما أتخذها بعض أعداء المسلمين كوسيلة لتكذيب أقوال وآراء علماء آل البيتعن الصحابة رضوان الله عليهم بحجة أنهم أتخذوا مبدأ التقيّة، وفي هذا أساءة لهم فهم ما كانوا إلا أئمة هدى، تضليل الناس ليس هدفهم.



مع عبدالملك بن مروان:
§ كان الموقف الأول مع أول خلفاء البيت المرواني، عبدالملك بن مروان في بداية عهده... وكانت بداية القصة عندما قال الحجاج للــحــسن المثنى يوماً وهو يسايره في المدينة: " أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي فإنه عمك وبقية أهلك"، فرد عليه: " لا أغير شرط علي"، قال الحجاج متحدياً: " إذا أدخله معك!" فغافله المثنى وسافر ليلقى عبدالملك بن مروان الذي أحسن أستقباله وأكرمه ونصره على الحجاج إذ أقر بوصاية المثنى عليها دون غيره... وقد أورد ابن عساكر تفاصيل أكثر للقائه بعبدالملك فقال: " لما قدم الحسن بن الحسن بن علي على عبد الملك بن مروان، وقف ببابه يطلب الإذن، فمر به يحيى بن الحكم، فلما رآه عدل إليه وسلم عليه وسأل عن مقدمه فأخبره، فقال يحيى: إني سأنفعك عند عبد الملك. ودخل الحسن بن الحسن على عبد الملك فرحب به، وأحسن مساءلته، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب، فقال له عبد الملك: لقد أسرع إليك الشيب. فقال يحيى: ومَا يمنعه يا أمير المؤمنين شيبه أماني أهل العراق كل عام يقدم عليه منه ركب يمنونه الخلافة.. فأقبل عليه الحسن بن الحسن وقال: بئس والله الرفد رفدت، وليس كما قلت ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب، وعبد الملك يسمع فأقبل عليه عبد الملك وقال: هلم ما قدمت له؟ فأخبره بقول الحجاج فقال: ليس ذلك له فاكتبوا إليه كتاباً لا يجاوزه، ووصله وكتب له، فلما خرج من عنده لقي يحيى بن الحكم وعاتبه على سوء محضره، وقال: ما هذا الذي وعدتني. فقال له يحيى: إيهاً عنك، والله لا يزال يهابك، ولو لا هيبته إياك ما قضى لك حاجة، ومَا ألَوْتُك رفداً، أي: ما قصرت في معاونتك".

وفي هذا دلالة واضحة على مهابة عبدالملك بن مروان للمثنى، فهو وإن كان يصل ويود علياً زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما، إلا أن في نفسه شيء من الحسنيين قد يكون عائداً إلى مكانة الحسنيين وآل البيت عموماً عند الناس في الحجاز.

§ وما لبث عبدالملك أن بدء بتحري اخبار المثنى مع أهل العراق الذين كما ذكر له يحيى بن الحكم بن مروان (عم عبدالملك) يراسلون المثنى ويعلنون له الولاء، فأرسل عبدالملك إلى عامله على المدينة هشام بن أسماعيل المخزومي – وهو خال هشام بن عبدالملك (سبق وذكرت سوء سيرته مع آل البيت) كتاباً يقول فيه: " بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق، فإذا جاءك كتابي هذا فأبعث إليه وليؤتى به"... فجيء به إلى هشام الذي أنشغل عنه في أمر، فقام علي زين العابدين بن الحسين إلى ابن عمه وقال له: " يابن عم قل كلمات الفرج (وفي رواية الكرب) " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لاإله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، والحمدلله رب العالمين".. فلما خلى هشام مما عنده ألتفت إلى المثنى وقال: " أرى وجهاً قد قُشب (أفتري عليه) بكذبة، خلّو سبيله وليراجع فيه أمير المؤمنين"... وهذه الرواية نقلها ابن عساكر، وفيها دليل على أمرين... الأول: علاقة الود التي ربطت بين أبناء العمومة المثنى وزين العابدين، وهي رد على بعض من أنكر وجود ود بينهما وقدح في سيرة المثنى... وكيف لا يكون بينهما ود وهما أبنا السبطين رضي الله عنهما، وتربطهما المصاهرة فزين العابدين تزوج من أبنة عمه أم عبدالله بنت الحسن، والمثنى تزوج بفاطمة بنت الحسين كما ذكرنا.
الثاني: أن معظم المراجع في يومنا هذا تنسب هذه الواقعة إلى الوليد بن عبدالملك، وسبق وذكرنا بأن الوليد تزوج من أحدى بنات المثنى، ولم يعرف عنه معاداة آل البيت، بل أن بعض المصادر تذهب إلى الوليد أمر بدس السم للمثنى فمات، بالرغم من أن الوليد توفي قبل المثنى ولم يكن قد بلغ عامه ال46 بعد.


v وفاته:

توفي المثنى في سنة 97 هجرية، وله من العمر بضعة وخمسون عاماً، وأوصى قبل وفاته لأخيه لأمه ابراهيم بن محمد بن طلحة، ولما حملت جنازته أعترض غرماؤه لسريره فقال أخوه ابراهيم: عليّ دينه... وهو موقف يظهر علاقة الود والترابط التي ربطت بين المثنى وأخوته لأمه، وأن أختلف جداهما وكانا في معسكرين مختلفين.
قيل أنه دفن بالبقيع، وفي رواية أخرى أنه دفن بمنطقة ينبع النخل.
بعد وفاته تكاثر الخطاب على فاطمة بنت الحسين، وكان أحدهم عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وكان من وجهاء المدينة، وقبلت بالزواج به لحسن سيرته بين الناس، فأولدها محمداً، ليزداد الترابط بين آل البيت وأحفاد الصحابة رضوان الله عليهم، وينظم محمد الديباج (كان من أجمل الناس في زمانه) لأخوته لأمه عبدالله المحض وابراهيم الغمر والــحــسن المثلث،،،







 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 02:39 PM   #19


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة





بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( السابع العاشر )


الموضوع : محمــــــد الباقر بن علي بن الـحـســـــــين رضي الله عنهم








الإمام الباقر أبو جعفــر، ولد في المدينة المنورة وأختلف المؤرخون في تحديد سنة ولادته مع ترجيحهم بأنه ولد قبل وفاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه في أواخر الخمسينيات الهجرية.. وفي هذا شك، فكما هو معلوم أن الإمام الحسين رضي الله عنه، خرج من المدينة ومعه كافة أهل بيته وأهل بيت أخيه الإمام الحسن رضي الله عنه، من النساء والأطفال ولا يعقل أن يكون ترك حفيده محمد بن علي ورائه في المدينة وأن كان طفلاً، هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فكما سبق وقدمت لكم في سيرة أبيه زين العابدين رضي الله عنه، فقد رأينا كيف أن علياً زين العابدين كان أصغر من السن الذي ذكره الرواة، فالأرجح أنه تزوج بعد عودته للمدينة بسنوات قليلة، فالأرجح أن يكون الإمام الباقر ولد بعد كربلاء وفي النصف الثاني من ستينيات القرن الهجري الأول.
أمه هي السيدة فاطمة بنت الحسن بن علي رضي الله عنهم... وصاحبته هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فأبوه هو أحد الفقهاء السبعة في المدينة، وجدها محمد كان ربيب الإمام علي كرم الله وجهه، وفي هذا النسب دليل واضح على صلة القربى والنسب بين البيتين، ودليل على المودة بينهما.. رغم الفتن ورغم ما تناقله ويتناقله أعداء الإسلام.
كان أبوه مدرسته الأولى، وكما كان أبيه كان هو، تتبع خطاه وأنطلق في المدينة يأخذ العلم من فقهائها، ويلتقي بمن بقي من الصحابة رضوان الله عليهم، وله العديد من الروايات في كتب الصحاح، كما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام علي والسبطين رضي الله عنهم، وأمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهن وأبو هريرة رضي الله عنه، وكانت رواياته مرسله (أي أنه لم يلتق بمن حدّث عنهم ولكنه روى ما سمع من غيره)، وابن عباس وابن عمر وأبيه رضي الله عنهم، كما روى عن سعيد بن المسيب وعبدالله بن جعفر ومحمد بن الحنفية.. ألتقى في صغره بجابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه الذي كان يود آل البيت، وفي كتب الصحاح وصف لذلك اللقاء بين محمد الباقر وجابر.
لم يكن غزير الرواية لكنه كأبيه له العديد من الفتاوى والمسائل الفقهيه التي تدل على سعة أطلاعه وعزير معرفته، حتى لقب بالباقر لأنه بقر (شق) بطن العلم وعرف جوهره، حدث عنه عطاء بن ابي رباح بالرغم من تقدنه في السن ومكانته بين علماء التابعين، والزهري والفقيه ربيعة الرأي، وابن جريج والأوزاعي وخلق كثير من التابعين وتابعيهم، كما روى عنه أبنائه.
أتفق المؤرخون على فضله ومنزلته، فقد جمع العلم والعمل، والشرف والثقة والرزانة، كان عابداً زاهداً ويصلي في اليوم مئة وخمسين ركعه، وكان أهلاً للخلافة.



موالاته للشيخين رضي الله عنهما:
§ نقل عنه أحد الرواة الشيعة المتشددين وهو من الثقاة يدعى ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة وهو متشيع متشدد، أنه جاء إلى الباقر وكان معه أبنه الإمام جعفر، فسأله سالم عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال الإمام الباقر: " يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى".
§ وفي رواية أخرى عن سالم هذا، أنه قال: زرت أبا جعفر وهو يعاني سكرات الموت فسمعته يقول: " اللهم إني أتولى أبا بكر وعمر، اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم".
§ روى إسحاق الأزرق عن بسام الصيرفي قال سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر فقال: " والله إني لأتولهما واستغفر لهما وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما".
§ عن جابر الجعفي عن محمد بن علي قال: " أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول".
§ " من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة".
§ حدثنا يونس بن بكير عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال: " لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه"، قلت: وتقول الصديق؟ فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: " نعم الصديق.. نعم الصديق.. فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة".

وقد أدعى بعض المتأخرون من الرافضة أن الإمام الباقر إنما قال ذلك من باب التقيّة، ونسوا ما ذكر عندما سئل عن التقية عند آل البيت، فقال: " كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يتبادران الصف وكان الحسين يسب مروان وهو على المنبر حتى ينزل أفتقية هذه"... وكان مروان بن الحكم والي المدينة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكان يسيء للإمام الحسن رضي الله عنه، وعندما مات الحسن بكى عليه مروان لأنه الحسن كان اكرم منه ولم يرد على أساءة مروان له.


v مع هشام بن عبدالملك:

عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال حج الخليفة هشام فدخل الحرم متكئاً على يد سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين جالس فقال يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي فقال هشام: المفتون به أهل العراق؟ قال نعم، قال: اذهب إليه فقل له يقول لك أمير المؤمنين ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال له محمد يحشر الناس على مثل قرصة النقي فيها الأنهار مفجرة، فرأى هشام أنه قد ظفر فقال الله أكبر اذهب إليه فقل له ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ؟ ففعل، فقال الباقر: قل له هم في النار أشغل ولم يشغلوا أن قالوا " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ".



من أقوالــــه:
§ " الإيمان ثابت في القلب، واليقين خطرات، فيمر اليقين بالقلب فيصير كأنه زبر الحديد، ويخرج منه فيصير كأنه خرقة بالية، وما دخل قلب عبد شيء من الكبر إلا نقص من عقله بقدره أو أكثر منه".
§ " أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، وإنصافك من نفسك، ومواساة الأخ في المال".
§ " الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن ولا تصيب الذاكر".
§ " سلاح اللئام قبح الكلام".
§ " اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكرون منه شيئاً إلا وهي أعظم منه واذكروا من النار ما شئتم ولا تذكروا منها شيئاً إلا وهي أشد منه واذكروا من الجنة ما شئتم ولا تذكروا منها شيئاً إلا وهي أفضل".
§ روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " إذا رأيتم القارئ يحب الأغنياء فهو صاحب الدنيا، وإذا رأيتموه يلزم السلطان فهو لص".
§ قال لأبنه يوصيه: " إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل خبيثة، إنك إذا كسلت لم تؤد حقاً، وإن ضجرت لم تصبر على حق".
§ " بئس الأخ أخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً".


v في علمه وزهـــــــده:

§ قال سفيان الثوري اشتكى بعض أولاد محمد بن علي فجزع عليه ثم أخبر بموته فسري عنه فقيل له في ذلك فقال: " ندعوا الله فيما نحب فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحب".
§ عن بسام الصيرفي قال سألت أبا جعفر محمد بن علي عن القرآن فقال: " كلام الله غير مخلوق".
§ عن الأعمش عن أبي جعفر محمد بن علي قال: " يزعمون أني المهدي وإني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون".
§ قال المطلب بن زياد حدثنا ليث بن أبي سليم قال دخلت على أبي جعفر محمد بن علي وهو يذكر ذنوبه وما يقول الناس فيه فبكى.
§ قال جابر الجعفي: قال لي محمد بن علي: يا جابر ! إني لمحزون، وإني لمشتغل القلب..قلت: وما حزنك وشغل قلبك؟..قال: يا جابر ! إنه من دخل قلبه صافي دين الله عز وجل شغله عما سواه، يا جابر ما الدنيا؟ وما عسى أن تكون؟ هل هي إلا مركبا ركبته؟ أو ثوبا لبسته؟ أو امرأةً أصبتها؟..يا جابر ! إن المؤمنين من لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم، ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار..إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة، وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله، قوامين بأمر الله، قطعوا لمحبة ربهم عز وجل، ونظروا إلى الله وإلى محبته بقلوبهم، وتوحشوا من الدنيا لطاعة محبوبهم، وعلموا أن ذلك من أمر خالقهم، فأنزلوا الدنيا حيث أنزلها مليكهم كمنزل نزلوه ثم ارتحلوا عنه وتركوه، وكماء أصبته في منامك فلما استيقظت إذا ليس في يدك منه شيء، فاحفظ الله فيما استرعاك من دينه وحكمته.
§ سأله أحدهم في قوله تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } الآية [المائدة: 55] ، قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال السائل: يقولون هو عليّ؟.. فقال: وعليّ من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
§ قال الإمام الباقر ناصحاً: " ما من عبادة أفضل من عفة بطن أو فرج، وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع أن يفعله، وينهى الناس بما لا يستطيع أن يتحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعينه، هذه كلمات جوامع موانع لا ينبغي لعاقل أن يفعلها".
§ قال عنه عبدالله بن عطاء: " ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي".


v وفاته:

كانت وفاته في سنة 114 هجرية أو في السنة التي تليها، ودفن بالبقيع... معظم الروابات تشير إلى أنه كان في الثامنة والخمسين من عمره، وأعتقد أنه كان أصغر من ذلك ولم يتجاوز الخمسين من عمره وإلا لكانت له آثار أكثر، خاصةً وأن هناك شبهة بأنه توفي مسموماً.


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-20-2018, 02:44 PM   #20


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: اعلام الائمة



بسم الله الرحمن الرحيم

اعلام الائمة

الدرس : ( الثامن العاشر )


الموضوع : الحــســن البصـــري





هو الحسن بن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويقال مولى جابر بن عبدالله الأنصاري، وهو من سبي ميسان، سكن المدينة وأُعتِق وتزوج خيرة مولاة أم سلمة رضي الله عنها، فولدت له الحسن في آخر خلافة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه... وكانت خيرة تخرج لقضاء حوائج أم المؤمنين وتترك وليدها عند أم سلمة رضي الله عنها، وفي يوم بكى الطفل فأرادت أن تسكته فأشغلته بثديها، وكانت إرادة الله عز وجل أن يدر ثديها لبناً وقد تقدم بها العمر ليسد جوع هذا الطفل الرضيع، فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها الحسن من بركة تلك الرضاعة من الثدي المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخرجته أم المؤمنين رضي الله عنها يوماً لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ليدعو له فقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.
تلقى العلم في المدينة وحفظ القرآن الكريم في سن العاشرة، وحدث عن عدد كبير من الصحابة رضوان عليهم، والتابعين من الفقهاء في المدينة وشهد أحداث الفتنة وأغتيال ذي النورين رضي الله عنه في المدينة، وبعد أنتقال عاصمة الخلافة للكوفة أنتقل الحسن إلى البصرة وقضى بها ست سنوات يتعلم على أيدي الصحابة الذين أنتقلوا للعراق، ثم خرج مع أحد جيوش الفتح الإسلامي في غزو خراسان، حيث عمل كاتباً لأمير الجيش في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ثم أنتقل إلى البصرة وفيها أستقر فلقب بالحسن البصري.
جمع الحسن حسن الخَلق مع حسن الخُلق والشجاعة، ففي البصرة كان من أجمل الناس وجهاً، وفي الغزوات كان القائد المهلب بن أبي صفرة يقدم الحسن لقتال المشركين.

v مع علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما:

تناقل الرواة أن الحسن كان يقص (يروي القصص) في الحج فمر به علي بن الحسين رضي الله عنهما فقال له: يا شيخ، أترضى نفسك للموت؟ قال: لا قال: فلله في أرضه معاد غير هذا البيت، قال: لا قال: فثم دار للعمل غير هذه الدار، قال: لا قال: فعملك للحساب، قال: لا قال: فلم تشغل الناس عن طواف البيت؟.. فما قص الحسن بعدها.



مع رفيقه ابن سيرين:

كان بين الحسن البصري وبين محمد بن سيرين هجرة، فكان إذا ذكر ابن سيرين عند الحسن يقول: دعونا من ذكر الحاكة، وكان بعض أهل ابن سيرين حائكًا، فرأى الحسن في منامه كأنه عريان، وهو قائم على مزبلة يضرب بالعود، فأصبح مهموما برؤياه، فقال لبعض أصحابه: امض إلى ابن سيرين، فقص عليه رؤياي على أنك أنت رأيتها، فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا فقال ابن سيرين: قل لمن رأى هذه الرؤيا، لا تسأل الحاكة عن مثل هذا. فأخبر الرجل الحسن بمقالته، فعظم لديه، وقال: قوموا بنا إليه، فلما رآه ابن سيرين، قام إليه وتصافحا وسلم كل واحد منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان، فقال الحسن: دعنا من هذا، فقد شغلت الرؤيا قلبي. فقال ابن سيرين: لا تشغل قلبك، فإن العري عري من الدنيا، ليس عليك منها علقة وأما المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم بها وينتفع بها الناس. فقال له الحسن: فمن أين لك أني أنا رأيت هذه الرؤيا? قال ابن سيرين: لما قصها علي فكرت، فلم أر أحدًا يصلح أن يكون رآها غيرك.



v مع عمــر بن عبدالعزيز:

كتب الحسن بن أبي الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين، اعلم أن الدنيا ليست بدار إقامة وإنما أهبط آدم إليها عقوبة؛ فبحسب من لا يدري ثواب الله أنه ثواب، وبحسب من لا يدري عقاب الله أنه عقاب، ليست صرعتها كالصرعة تهين من أكرمها، وتذل من أعزها، وتفقر من جمعها، ولها في كل حين قتيل، فالزاد منها تركها والغنى فيها فقرها، هي والله يا أمير المؤمنين كالسم يأكله من لا يعرفه ليشفيه وهو حتفه؛ فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يحتمي قليلاً مخافة ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء مخافة البلاء، فأهل البصائر الفضائل فيها يا أمير المؤمنين مشيهم بالتواضع، وملبسهم بالاقتصاد، ومنطقهم بالصواب، ومطعمهم الطيب من الرزق، قد نفذت أبصارهم في الآجل كما نفذت أبصارهم في العاجل، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في السراء كدعائهم في الضراء، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم تقر أرواحهم في أبدانهم إلا قليلاً خوفًا من العقاب وشوقًا إلى الثواب، عظم الخالق في أعينهم وصغر المخلوق عندهم فارض منها بالكفاف وليكفك ما بلغك المحل.

v قوله الحـــــق:

لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك؛ استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر فما ترون؟ فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكًا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك، يا ابن هبيرة، إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرًا لدين الله وعباده؛ فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.



مواجهة الحجاج بالدعاء:

عُرف عن الحجاج شدته على أهل العراق، وكان الحسن يجاهر ببغضه وذكر مساوئه وكشفه أمام الناس، فغضب الحجاج وحضر إلى مسجد البصرة يبحث عن الحسن فلم يجده وبدء بشتم الموجودين في المسجد ويتهددهم ويتهدد الحسن، ثم أرسل حاجبه ليحضر الحسن وأمر الجلاد بإحضار السيف والنطع، فلما دخل الحسن وعلم أن الحجاج ينوي به شراً تحركت شفتيه وكأنه قال شيئاً لم يسمعه الناس، فما أن وقعت عيني الحجاج عليه حتى هابه هيبة شديدة وبدء يدعوه ليجلسه إلى جانبه ثم سأله عن بعض المسائل والحسن يجيب بأحسن ما يكون الجواب.. حتى قال له الحجاج أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، وأنصرف الحسن وتبعه حاجب الحجاج وذكر له بأن الحجاج دعاه وكان ينوي به شراً، ثم سأله عن الكلمات التي قالها عندما أقبل الحجاج فقال الحسن: " يا وليَّ نعمتي و ملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته عليَّ، برداً وسلاماً عليَّ، كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم".

v علمه وفضله:

§ سئل مرة أنس بن مالك عن مسألة فقال: " سلوا عنها مولانا الحسن، فإنه سمع وسمعنا، فحفظ ونسينا".
§ سأله رجل فقال له: يا أبا سعيد، ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة فقال: يا أبا سعيد ما الصبر والسماحة؟ قال: الصبر عن معصية الله، والسماحة بأداء فرائض الله.

v في عبادته وزهده:

§ عن حمزة الأعمى قال ذهبت بي أمي إلى الحسن فقالت يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك فلعل الله أن ينفعه بك قال فكنت أختلف إليه فقال لي يوما يا بني أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه وأبك في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين قال وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي وآتيه مع الناس وهو يبكي وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه قال فقلت له يوما يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء قال فبكى ثم قال يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبك يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل لعله يراك على حالة فيرحمك بها فإذا أنت قد نجوت من النار.
§ وعن خالد بن صفوان قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قلبي به أشبه الناس سريرة بعلانية وأشبهه قولاً بفعل، إن قعد على أمر قام به وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنيًا عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم؟!
§ عن مطر قال: " دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه".
§ وقال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك:" كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر، فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، وكان منهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كعمرو بن عبيد وأبي جهير وعبد الواحد بن زيد وصالح المري وشميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال يعني في العبادة ".
§ كان الحسن البصري من الزاهدين حقاً فهو الذي زهد فيما عند الملوك فرغبوا فيه واستغنى عن الناس وما في أيديهم فأحبوه، فعن يونس بن عبيد قال: أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه، فذكر أهله حاجة فقال لهم: دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به هذا.
§ وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين قال: وأما الحسن فما رأينا أحدًا أطول حزنًا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة.
§ يقول يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما.




من أقوالــــــه:

§ روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال: " إن الله تعالى جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون".
§ " بئس الرفيقان الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك".
§ " أهينوا الدنيا فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها ".
§ " أصحب الناس بما شئت أن تصحبهم فإنهم سيصحبونك بمثله".
§ " فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحاً ".
§ " ضحك المؤمن غفلة من قلبه ".

v قالوا عــــنه:

§ قال أنس بن مالك: " إني لأغبط أهل البصرة بهذين الشيخين - الحسن وابن سيرين ".
§ قال قتادة: " ما جالست رجلاً فقيهاً إلا رأيت فضل الحسن عليه".
§ قال الشعبي لرجل يريد قدوم البصرة: " إذا نظرت إلى رجل أجمل أهل البصرة وأهيبهم فهو الحسن، فأقرأه مني السلام".
§ قال يونس بن عبيد: " كان الرجل إذا نظر إلى الحسن أنتفع به وإن لم ير عمله ولم يسمع كلامه".
§ كان أبو جعفر محمد الباقر إذا ذكره يقول: "ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء".
§ قال محمد بن سعد: قالوا: " كان الحسن جامعا للعلم والعمل، عالماً رفيعاً فقيهاً مأموناً عابداً زاهداً ناسكاً كثير العلم والعمل فصيحا جميلاً وسيماً وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وقدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاووس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط".


v وفاته:
قال رجل لابن سيرين: " رأيت كأن طائرًا آخذًا أحسن حصاه في المسجد فقال ابن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى مات".
وكان مماته سنة عشر ومائة، وعمره تسع وثمانون سنة، وقيل ست وتسعون سنة. وقال هشام بن حسان: كنا عند محمد بن سيرين عشية يوم الخميس فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: " مات الحسن فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه، وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم". وقال عبد الله بن الحسن إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة. وقد مات في أول رجب، وكانت جنازته مشهودة صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة فشيعه الخلق وازدحموا عليه حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم.





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الائمة, اعمال


 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيرة الائمة الاربعة السعيد ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية 12 05-28-2019 02:51 AM
اعمال مطلوبه قبل شهر رمضان المبارك محمد العتابي رِيَاض نَفَحَاتٌ رَمَضَانِيَة 3 05-20-2018 03:43 AM
اعمال متنوعه الدنيا فناء رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 4 01-10-2017 06:25 PM
اعمال فنية بالسمك جودي رِيَاضُ الصُوَر المَنْقُولَة 3 07-05-2014 05:57 AM


الساعة الآن 05:38 AM