سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات
منال نور الهدى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) منال نور الهدى : (حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ) منال نور الهدى : (اجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً) منال نور الهدى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) منال نور الهدى : (رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 08-08-2018, 07:09 AM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الاول )

الموضوع : قال تعالى ( وتلك الأمثال نضرب للناس)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
ضرب الأمثال من الوسائل التي جعلها الله تعالى مؤثرة في الناس :
أيها الأخوة الكرام، الله جلّ جلاله يقول:
﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[سورة الحشر]
والله جلّ جلاله يقول: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾
[سورة العنكبوت]
آية ثالثة: ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾
[سورة النور الآية:35]
كذلك يضرب الله الأمثال، آياتٌ كثيرة تذكر أن الله سبحانه وتعالى من الوسائل التي جعلها مؤثرة في الناس أنه ضرب الأمثال، الآية الأولى هي قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[سورة يونس]
قبل شرح الآيات لا بدّ من توضيح معنى المثل. أية صغيرة إذا أصررت عليها انقلبت كبيرة وأية كبيرة إذا استغفرت منها انقلبت صغيرة :
مثلاً في بعض الأحاديث الشريفة يقول عليه الصلاة والسلام:
((لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع استغفار))
[أخرجه الحارث عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس]

صغيرة تهلك، وكبيرة لا تهلك، يبدو أن هناك تناقضاً، صغيرةٌ ينجو صاحبها، صغيرةٌ يهلك صاحبها، وكبيرةٌ تردي صاحبها.
((لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع استغفار))
من عادتي أن أوضح هذا النص بمثل: طريق عريض يقدر عرضه بستين متراً، عن يمينه وادٍ سحيق، وعن يساره وادٍ سحيق، مركبة تمشي على هذا الطريق في الوسط، لو أن قائد المركبة حرفة المقود سنتيمتراً واحداً، وثبت هذا الانحراف، واستمر هذا الانحراف، هذه المركبة مصيرها إلى الوادي، على أن الانحراف سنتيمتراً واحداً، لكن المركبة التي يحرف فيها قائدها المقود تسعين درجة، والطريق عريض، بإمكانه أن يعيد المقود إلى ما كان عليه ينجو، انحراف سنتيمتر أهلك إنساناً، وانحراف تسعين درجة أنجاه. ((لا صغيرة مع الإصرار))
أية صغيرة إذا أصررت عليها انقلبت كبيرة، وأية كبيرة إذا استغفرت منها انقلبت صغيرة، فهذا المثل يوضح هذا الحديث، أحياناً يأتي الحديث متعلقاً بمجردات لقضايا معنوية، لقضايا فكرية، قد تبدو شائكة، عويصة، غير مفهومة، يأتي المثل فيوضحها. ضرب الأمثال أسلوبٌ أصيلٌ في اللغة التي أختارها الله لقرآنه الكريم :
الأمثال مألوفة بالأدب العربي، مثلاً: من يَهُنْ يسهل الهوان عليه، كيف؟ قال: ما لجرح بميت إيلام، من يهن، من يألف الهوان، يسهل عليه أن تهينه دائماً، كيف أوضح هذه الحقيقة؟ إنسان مات مهما جرحته وبالغت في الجرح لا يتألم، لأنه ميت، والله عز وجل وصف أهل الدنيا بأنهم:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
[سورة النحل الآية:21]

وصفهم بأنهم في القبور:
﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾
[سورة فاطر]
في قبور شهواتهم، من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام، إنسان مدح النبي عليه الصلاة والسلام، قال: إن تفق الأنام فأنت منهم. ((إنما أنا بشر، أرضى كما يرْضى البشر، وأغْضَبُ كما يغضب البشر))
[أخرجه مسلم عن أنس بن مالك]
إن تفق الأنام، تتفوق على كل البشر فأنت منهم، قال: فإن المسك بعض دم الغزال، المسك يؤخذ من دم الغزال، محمد بشر وليس كالبشر، كيف؟ احترنا، بشرٌ وليس كالبشر، قال: فهو ياقوتة والناس كالحجر. وإذا أراد الله نشـر فـضيلـةٍ طويت أتـاح لها لسـان حسودِ
لولا اشتعال النار فيمـا جاورت ما كان يُعرف طيب عرف العودِ
* * *

فضرب الأمثال أسلوبٌ أصيلٌ في هذه اللغة التي أختارها الله لقرآنه الكريم، ضرب الأمثال منهجٌ وأسلوبٌ أصيلٌ لهذه اللغة العربية التي جعلها الله جلّ جلاله لغة لكلامه. الماء سبب لنمو النبات وجعل الأرض ذات بهجة :
آية اليوم:
﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ﴾
ماء السماء منعش، مسعد، مفيد، ضروري، ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ﴾
ماءٌ عذب زلال، ماءٌ صافٍ، ماءٌ مفيد، ماءٌ منعش، ﴿ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴾
عندما تسرب هذا الماء إلى باطن التربة، في التربة بذور، نبتت هذه البذور وأصبحت نباتاًً رائعاً، أصبحت ذات بهجة، جبل أخضر جميل جداً، البستان جميل، الحدائق جميلة، النبات بالأصل جميل، ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴾
أي هذا الماء أصبح سبباً لنمو النبات، أصبحت الأرضُ بهذا النبات ذات بهجة، هذا النبات: ﴿ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾
[ سورة يونس الآية: 24]

شيء من بديهيات العلوم أن القمح يعد الغذاء الأول لبني البشر، بل يعد القمح الغذاء الكامل، لأن في قشرة القمح عدداً كبيراً من المعادن، البوتاسيوم، الصوديوم، المغنيزيوم، السيلكون، كل معدن يرمم ويقوي ناحية في الجسم، وعدداً كبيراً من الفيتامينات، كل هذه الفيتامينات وهذه المعادن مودعة في قشرة القمح، والإنسان بجنون البشر ينزع هذه القشرة ويرميها للدواب، ويأكل نشاء صافياً، الخبز الأبيض نشاء فقط، كل الخير، والدعم، والفيتامينات، والمعادن، كل ما في القمح من فوائد في قشرة القمح، وقشرة القمح لا تزيد عن أربعة عشر بالمئة من وزن القمحة، نحن في هذا العصر الحديث نحب الخبز الأبيض الناصع، مع أنه نشاء ليس غير، بينما الخبز الأسمر في القشر.
لذلك ما أكل النبي عليه الصلاة والسلام في حياته خبزاً من طحين منخول، بل إن بعض العلماء يقول: أول بدعة ابتدعها المسلمون بعد وفاة رسول الله نخل الدقيق، أول بدعة.
لذلك: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ﴾
أي بستان جميل، أرض خضراء، محاصيل رائعة، جنات تجري من تحتها الأنهار، هذا الماء اختلط بنبات الأرض، فنبات الأرض نما عن طريق هذا الماء، ﴿ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ ﴾
القمح.
والغريب أيها الأخوة أن ساق سنبلة القمح غذاء أول للحيوان، كيف أن القمح مادة غذائية كاملة، سوق سنبلات القمح مادة غذائية كاملة للحيوان، كيف أن الإنسان يكتفي بالخبز كذلك الحيوان يكتفي بالتبن، هذا سوق القمح، ﴿ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾
لذلك يعد هذا المحصول سوق سنبلات القمح ـ بالتعبير الدارج التبن ـ محصولاً استراتيجياً لإطعام الحيوانات .
الإنسان يظن أن الماء موجود، التربة خصبة، فالنبات يزدهر، والقضية سهلة، ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾
. من علامات قيام الساعة الاهتمام بالمظهر دون الجوهر :
نحن الآن الشيء الأول في حياتنا التزيينات، المحلات مزينة، البيوت مزينة، الأسواق مزينة، الزينة الآن ترتقي إلى المحل الأول في حياة الناس اليوم،
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾

كل شيء هناك مهندس تصميم، مهندس تزيين، كل شيء فيه مسحات جمالية، طبعاً لا تجدون هذا في البلاد النامية كثيراً، لكن في البلاد المتقدمة التقدم المادي شيء واضح جداً، الطرقات، الحدائق، أي شيء يخطر على بالك فيه أذواق جمالية رائعة جداً، وهذا من علامات قيام الساعة.
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾
هنا الشرك، هذا النبات تألق، وكان جميلاً، وأمتع عينيك، وهذه الأرض ﴿ وَازَّيَّنَتْ ﴾
أينما ذهب الشيء جميل، لكن الشيء الجميل لا يقدر عليه إلا الغني، والفقير ماذا يفعل؟ ينظر بعينيه ويتحسر بقلبه، لذلك الله عز وجل حينما قال: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
[ سورة التوبة الآية: 103]
قال علماء التفسير: تطهرهم أي تطهر الغني من الشح، والفقير من الحقد، والشح كالمرض الخبيث لكنه يسري في النفس، هناك مرض خبيث يسري في الجسد فينهي حياة الإنسان، والشح مرض خبيث يسري في النفس ويهلكها. ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾
هناك بلد شرقي كان يملك قنابل نووية كافية لتدمير الأرض خمس مرات، وهذا البلد القوي العملاق تداعى من الداخل، أي لا خاض حرباً، وليس هناك قوة كبيرة قهرته، ولكنه تداعى من الداخل: ﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ﴾
[ سورة الأحزاب الآية: 25]
من توهم أنه قادر على كل شيء وقع في ذنب مهلك هو ذنب الشرك :
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ ﴾
أين المشكلة؟ ﴿ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾

حينما يتوهم الإنسان أنه قادر على كل شيء وقع في ذنب مهلك، هو ذنب الشرك، لذلك هناك ذنب يغفر، وذنب لا يترك، وذنب لا يغفر، فالذي يغفر ما كان بين العبد وربه، أي ذنب؟ ما كان بينك وبين الله حصراً، لكن ما كان بينك وبين العباد هذه الذنوب لا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة، لذلك قال تعالى:
﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ﴾
[ سورة الأحقاف الآية: 31]
أي يغفر لكم بعض ذنوبكم التي بينكم وبين الله عز وجل، لكن ما كان بينك وبين العباد هذه الذنوب لا تغفر إلا إذا أديتها، أو إلا إذا سامحك الطرف الآخر. ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾
اجعل هذه الحقيقة فردية، أنت حينما تتوهم أنك تفعل ما تريد وقعت في ذنب كبير، في ذنب الشرك، قل: إن شاء الله، قل: إذا راد الله، قل: إذا سمح الله، قال: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ﴾
[سورة النمل الآية:40]
قل هذا من إكرام الله لي، لا تقل: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
[سورة القصص الآية 78]
قالها قارون فأهلكه الله، قال فرعون: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾
[سورة الزخرف الآية:51]
فأهلكه الله عز وجل. بطولة الإنسان أن يعزو فضل الله إلى الله لا إلى ذاته :
أي إنسان يقول: هذه من جهدي، من خبرتي، من اختصاصي، من علمي، أي إنسان يعزو ما أكرمه به من فضل إلى ذاته وقع في الشرك، لذلك كلمات مهلكات: أنا، ونحن، ولي، وعندي.
نحن:
﴿ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾
[سورة النمل الآية:33]
قالها قوم بلقيس فأهلكهم الله.
لي: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾
[سورة الزخرف الآية : 51 ]
عندي: ﴿ قالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
[ سورة القصص الآية : 78 ]
أنا: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾
[سورة الأعراف الآية:12]

الشيطان، فخمس كلمات مهلكات: أنا، ونحن، ولي، وعندي، أي عزوت فضل الله إلى جهدك لا إلى فضل الله عز وجل،
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً ﴾
هذا ملمح دقيق جداً، قد تأتي الساعة على قوم ليلاً، وعلى قوم نهاراً، أي الساعة تعم الأرض، ﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾
الآن هناك مدن، أصابها زلزال فاختفت، الآن ترون في الأخبار بالصين عشرات ألوف القتلى اختفوا تحت الأرض، ﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾
كل بطولتك أن تعزو فضل الله إلى الله لا أن تعزوه إلى ذاتك، وهذا الدرس لا ينجو منه أحد. من علامات الإيمان أن المؤمن الصادق يرى فضل الله عليه :
من هم قمم البشر؟ الصحابة الكرام، في بدر قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
[سورة آل عمران الآية:173]
مفتقرون إلى الله، هم هم وفيهم سيد الخلق في حنين قالوا: ((ولن نُغْلَبَ مِنْ قِلَّةٍ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]
قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[سورة التوبة الآية:25]
هذا الدرس نحتاجه جميعاً كل دقيقة، لا تقل أنا، لا تعتد بقوتك، ولا بصحتك، ولا بمالٍ، ولا بنسبٍ، اعتد بفضل الله عليك، ﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
أخواننا الكرام، المؤمن الصادق يرى فضل الله عليه، لا يرى إنجازه، بل يرى فضل الله عليه وهذا من علامات الإيمان.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:20 AM   #2


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثانى )

الموضوع : قال تعالى ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان....)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق كبير جداً :
أيها الأخوة الكرام، أحياناً يرغب المرء أن يعرف كم هي المسافة بين الإيمان والكفر، بين الاستقامة والانحراف، بين الطاعة والمعصية، بين الإقبال والإدبار، الحقيقة أن المسافة كبيرة جداً، للتوضيح أحياناً هناك سجاد من أرقى أنواع السجاد، قد يكون ثمن الواحدة بالملايين، وهناك سجاد آلي، صوف، وشكله جميل، ويؤدي الوظيفة، فالفرق جمالي فقط، لكن الفرق بين سجادة وبين قنبلة، الفرق كبير جداً، هنا تجلس عليها وترتاح، وهنا يموت الإنسان، أنا أتمنى من خلال المثل القرآني حينما يقول الله عز وجل:

﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾
[ سورة هود عمران: 24 ]
أنت حينما تعلم أن المسافة بين المؤمن وغير المؤمن كبيرة جداً، كبيرة إلى درجة يصعب تصورها، فأنت عرفت الحقيقة: ﴿ قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴾
[ سورة هود عمران: 28 ]
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن كبير جداً، إنسان بصير و آخر أعمى، إنسان سميع و آخر أصم، إنسان يتقلب في رحمة الله، و آخر يتقلب في غضب الله، إنسان أموره ميسرة، والدليل: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى* إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 1-10 ]
البشر عند الله عز وجل صنفان لا ثالث لهما :
أيها الأخوة الكرام، أنا فيما أتصور أن هناك تقسيمات لبني البشر لا تعد ولا تحصى، يقول لك: العرق الآري، الأنغلو سكسوني، والعرق السامي، والبيض، والملونون، دول الشمال، دول الجنوب، والعالم الغربي، والدول المتقدمة والنامية، والأغنياء والفقراء، والأقوياء والضعفاء، تقسيمات بني البشر لا تعد ولا تحصى، وأحياناً المجتمع يوصف بأنه فسيفسائي
أما الحقيقة هؤلاء البشر عند خالق البشر صدقوا ولا أبالغ لا يزيدون عن صنفين لا ثالث لهما، على اختلاف مللهم، ونحلهم، وانتماءاتهم، وأعراقهم، وأنسابهم، وطوائفهم، وتياراتهم، واتجاهاتهم، وميولهم، البشر عند الله صنفان، أعمى وبصير، وأصم وسميع، مؤمن وكافر، مقبل ومدبر، محسن ومسيء، فيما أرى أن في تاريخ البشرية كان هناك حق نرمز له باللون الأبيض الناصع، و باطل نرمز له باللون الأسود الداكن، وبينهما مساحة كبيرة جداً من اللون الرمادي، أي بين بين، مع تقدم الزمن المساحة الرمادية بدأت تختفي، الآن هناك حق وباطل، مؤمن وكافر، مستقيم ومنحرف، محسن ومسيء، بصير أعمى، سميع وأصم، المفارقة حادة جداً، لذلك من هذه الآيات:

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة:18]
إنسان يملك تسعين ملياراً وإنسان عليه دين يقدر بتسعين ملياراً، هناك فرق كبير جداً: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة:18]
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة الجاثية: 21 ]
الله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها :

لذلك المؤمن لأنه عرف الله، لأنه عرف سرّ وجوده، عرف غاية وجوده، عرف حقيقة الحياة الدنيا، عرف أن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح، وأن من عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي.
أيها الأخوة الكرام، ليس من الصعب ولا من المستحيل أن تكون مع الفريق المستنير، مع الفريق المؤمن، والسبب أن الله عز وجل لا يكلف نفساً إلا إذا كان التكليف ضمن وسعه، ضمن إمكاناته، فهناك شهوات لكن هذه الشهوات مسموح لك أن تتحرك من خلالها بزاوية معينة، نضرب على هذا مثلاً، شهوة الجنس مسموح لك بالزواج، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها، صدق ولا أبالغ شاب مؤمن، صالح، مستقيم، يغض بصره، ضابط لسانه، ضابط أعضاءه وجوارحه، يعبد ربه، يؤدي شهواته، هذا الإنسان لو تزوج، هذه المرأة تعد له جنةً، قال تعالى:
﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
[سورة البقرة: 201]
قال علماء التفسير: الزوجة الصالحة من حسنات الدنيا، إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك، وإذا أمرتها أطاعتك. الحق لا يخشى البحث لأنه واضح نير :
معنى ذلك اعتقد يقيناً أنه ليس في الإسلام حرمان إطلاقاً، لكن هناك تنظيماً، الإسلام نظيف، الإسلام واضح، الإسلام لا يوجد فيه شيء يستحيا به، الحق لا يستحيا به، كلكم تستمعون أحياناً، أبواق المركبات هناك عرس، لا يستحيون؟ لا، لا يستحيون، الله شرّع الزواج، شرع تأسيس أسرة، إلى أين هم ذاهبون؟ إلى لقاء حميم، لا يستحيون إطلاقاً، شيء مشروع، الحق لا يستحيا به، الحق لا يخشى البحث، مهما بحثت فيه واضح نير، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ))
[ الذهبي عن العرباض بن سارية ]

بيضاء نقية، الأمور واضحة، الهدف واضح، الوسائل واضحة، القرآن بين أيدي الناس جميعاً، فلذلك اعتقد يقيناً أن الحق لا يستحيا به، وأن الحق لا يخشى البحث، وأن الحق لا يحتاج أن تكذب له، ولا يحتاج أن تكذب عليه، ولا يحتاج أن تقلل من خصومه، ولا يحتاج أن تبالغ فيه إطلاقاً، لا تبالغ، ولا تقلل، ولا تستحي به، الحق هو الله:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة:18]
مرة إنسان أراد أن يحرج إنساناً داعية، قال له: تقول: إن المؤمن سعيد، قال: والله ليس سعيداً، شأنه شأن أي إنسان آخر، هناك موجة حر شديدة يتعرض لها، غلاء أسعار يتحملها، مثله كمثل أي إنسان، فسألني هذا السؤال بماذا أجيب؟ فكان جوابي قلت له: إذا إنسان عنده ثمانية أولاد، والقوة الشرائية اليوم للعملة، ودخله أربعة آلاف ليرة، وبيته بالأجرة، وعليه دعوى إخلاء، له عم يملك خمسمئة مليون، لكن لا يوجد عنده أولاد، عمه مات بحادث، الخمسمئة مليون لمن تؤول؟ لابن الأخ كلها، لكن متى يقبضها؟ يحتاج إلى سنة، هناك براءات ذمة في المالية، ووثائق، ومعاملات طويلة، لماذا هو في هذه السنة أسعد إنسان؟ لم يأخذ قرشاً، لم يأكل زيادة، لم يشترِ معطفاً، لكنه دخل بالوعد القطعي، كأن الخمسمئة مليون ملكها، قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
[ سورة القصص : 61 ]
المؤمن عنده راحة نفسية لأن علاقته مع جهة واحدة هي الله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام، تأكد أن المسافة بين المؤمن وبين غير المؤمن مسافة يصعب تصورها، والله تعالى يقول:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة:18]
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة القلم : 35-36 ]

المؤمن عنده من الداخل راحة نفسية، علاقته مع جهة واحدة، هذه الجهة غنية، وقوية، وخبيرة، وعليمة، وحكيمة، وتحبه:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
[ سورة المائدة :54]
علاقته مع جهة واحدة يرضي هذه الجهة، وهذه الجهة العظيمة الله عز وجل، يحميه من كل أعدائه، وضعه النفسي رائع جداً، وضعه الاجتماعي متوازن، شخصيته قوية، اختار زوجة صالحة، لا تخونه، اختار زوجة صالحة ترعى أولاده، اختار زوجة صالحة تسره إن نظر إليها، تحفظه إن غاب عنها، تطيعه إن أمرها، اختار حرفة شريفة، هناك حرف رائعة جداً فيها عطاء، حرف التعليم مثلاً، هناك حرف كثيرة جداً أساسها نقل المعرفة، أساسها عمل صالح، فالمؤمن حرفته شريفة، زوجته طاهرة، أولاده أبرار، أي وضع المؤمن العام ممتاز جداً، لأنه توجه إلى الله. أسعد الناس من يشعر أن الله معه في كل حين :

فيا أيها الأخوة الكرام، قضية الآية الكريمة المثل:

﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾
[ سورة هود : 24 ]
والله الذي لا إله إلا هو لو أن المؤمن أكل أخشن طعام، وسكن بأصغر بيت، وهو يشعر أن الله يحبه، وأن له مستقبلاً كبيراً، والآخرة فاز بها، فهو أسعد الناس، لذلك لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليها بالسيوف.


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:22 AM   #3


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثالث )

الموضوع : قال تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت....)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
حكمة الله في أن يكون الإنسان ضعيفاً :
أيها الأخوة الكرام، من الأمثلة التي وردت في القرآن الكريم قوله تعالى:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾
[سورة العنكبوت]

الحقيقة أيها الأخوة، أنه من مسلمات العقيدة أن الله واجب الوجود، لكن ما سوى الله ممكن الوجود، معنى ممكن: أي ممكن أن يوجد أو ألا يوجد أصلاً، ما سوى الله ممكن الوجود، وهناك معنى آخر: وإذا وجد يمكن أن يوجد على ما هو عليه الآن، أو على خلاف ما هو عليه، إذاً شاءت حكمة الله أن يكون الإنسان ضعيفاً، قال تعالى:
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
[سورة النساء]
ضعيف، ينهار لأي خبر سيئ، يضعف أمام الأمراض، أمام الفقر، أمام الأقوياء، في أصل خلقه نقطة ضعف أرادها الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة بالغة، إن الإنسان خلق ضعيفاً، نقطة الضعف في أصل خلقه، لماذا؟ من حكم هذا الضعف أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر بضعفه إلى الله، فإذا افتقر بضعفه إلى الله سعد بافتقاره، ولو خلقه قوياً لاستغنى بقوته عن الله فشقي باستغنائه، خُلقت ضعيفاً كي تفتقر إلى الله، وبهذا الافتقار إلى الله تكون أسعد الخلق، ولن تكون قوياً لأن القوي يستغني بقوته عن الله فيشقى باستغنائه. التولي و التخلي :
لذلك الإنسان في أصل خلقه ضعيف، هكذا أراد الله، ولحكمة بالغة بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، إنسان قوي له مكانة، غني، عاقل، ترتعد فرائصه لتقرير صحي أن في بعض أنحاء جسمه ورماً خبيثاً،
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾

لكن ما أرادنا أن نكون ضعفاء إلا لنفتقر إلى الله بهذا الضعف، فإذا افتقرنا إليه قوينا، لذلك الصحابة الكرام هم قمم البشر، وهم نخبة البشر، في بدر افتقروا إلى الله، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
[سورة آل عمران الآية:123]
أي مفتقرون إلى الله، هم هم ومعهم سيد البشر، معهم سيد الخلق وحبيب الحق في حنين اعتدوا بعددهم، فقالوا: ((لن نغلب اليوم من قلة))
[أخرجه البزار عن أنس بن مالك]
فقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[سورة التوبة]
أي أنت أيها الإنسان بينما أن تقول: الله، فيتولاك، وبين أن تقول: أنا، فيتخلى عنك، أنت بين التولي والتخلي، وهذا الدرس تحتاجه، لا أقول كل يوم، ولا أقول كل ساعة، بل كل دقيقة، لمجرد أن تعزو قوتك إليك يتخلى الله عنك، ولمجرد أن تفتقر إليه يتولاك، هذا القانون إذا قلت: أنا يتخلى عنك، إذا قلت: الله يتولاك. الكلمات المهلكات في القرآن الكريم :
لذلك قالوا: بعض الكلمات مهلكات: أنا، ونحن، ولي، وعندي، قال إبليس:
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
[سورة الأعراف]

فأهلكه الله، وقال قوم بلقيس:
﴿ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾
[سورة النمل الآية:33]
فأهلكهم الله، وقال قارون: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
[سورة القصص الآية:78]
﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾
[سورة القصص الآية:81]
وقال فرعون: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾
[ سورة الزخرف الآية: 51]
فأهلكه الله. الإنسان في أصل خلقه ضعيف ليفتقر إلى الله فيسعد في الدنيا و الآخرة :
أنت خلقت ضعيفاً كي تفتقر بضعفك، فإذا افتقرت بضعفك سعدت بافتقارك، ولو خلقت ضعيفاً دون أن تشعر لاستغنيت بقوتك وشقيت باستغنائك، هذه حقيقة أولى، فأنت ضعيف، والضعيف دائماً بحاجة إلى قوي يعتمد عليه، يحميه، يدافع عنه، يسأله، يستجير به، يستغيث به، يدعوه.
النقطة الدقيقة الآن: أنت في أصل خلقك ضعيف، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، أراد الله أن تفتقر إليه، جُعلت ضعيفاً كي تفتقر إليه، وكي تسعد بافتقارك إليه، وكي تصبح قوياً بافتقارك إليه، وكي تصبح غنياً بافتقارك إليه، وما أرادك أن تكون قوياً فتستغني عنه فتشقى باستغنائك.
ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في الآية التالية :
لذلك الله عز وجل بيّن لنا في كتابه الكريم:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾

لكن ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في هذه الآية: الحقيقة خيط العنكبوت وقد لا تصدقون أمتن من الفولاذ بخمسة أضعاف، ذلك أن الأشياء إذا قاومت قوى الشد كانت متينة، فإذا قاومت قوى الضغط كانت قاسية، فالقسوة مقاومة قوى الضغط، والألماس أعلى عنصر في الأرض يقاوم قوى الضغط، بينما الفولاذ المضفور يعد أقوى عنصر في الأرض يقاوم قوى الشد، لذلك المصاعد تتحرك بأسلاك الفولاذ المضفور، التل فريك ينتقل عبر الفولاذ، عندنا مقاومة قوى الشد، مقاومة قوى الضغط، أمتن عنصر هو الفولاذ المضفور، وخيط العنكبوت يساوي خمسة أضعاف متانة الفولاذ، لكن بعض العلماء قالوا: الضعف في هذه الآية:
﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾
هذا ضعف اجتماعي. على المسلمين أن يبتعدوا عن الفتن الطائفية التي تفرقهم و تضعفهم :
تخيل قبل أن تنام أن ملياراً وخمسمئة مليون إنسان كلمتهم واحدة، ينطق باسمهم واحد، يتخذون قراراً واحداً، مجمعون على قرار واحد، يتحركون بسياسة واحدة، هم أقوى قوة في الأرض، المسلمون مليار وخمسمئة مليون، يتربعون على أفضل مناطق في الأرض، مناطق بالتعبير المعاصر استراتيجية، يملكون أكبر ثروات الأرض، لكنهم مع الأسف الشديد أفقر شعوب الأرض، لأن ضعفهم من تشتتهم، ولأن ضعفهم من اختلافهم، ولأن ضعفهم من خصوماتهم.

لذلك ماذا فعل فرعون وهو الطاغية الأول؟ قال تعالى:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾
[ سورة القصص]
قوة فرعون بالفتن الطائفية، قوة فرعون أنه جعل قومه شيعاً وأحزاباً.
لذلك أيها الأخوة، الغرب وضعنا في سلة واحدة، وينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد، ترون أن القوي في بلاده ليس هناك طرح طائفي إطلاقاً، إذا أتوا إلى بلادنا هذا عربي، هذا آشوري، هذا كردي، وهذا مسلم، وهذا سني، وهذا شيعي، يستخدمون ورقة الفتن الطائفية، كأربح ورقة بيدهم.
فلذلك: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ﴾
اعتمد على غير الله، اعتمد على ماله، أو على صحته، أو على مكانته، أو على قراراه، أو على حكمته، هذا الذي يعتمد على جهة من دون الله لابد من أن يصاب بخيبة أمل، لذلك قالوا: من ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا وأقرب مما اتقى. ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد :
ومن الكلمات الجامعة المانعة: "لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه"، فأنت لمجرد أن تعتمد على جهة أرضية، وأن تضع كل ثقلك عليها، وأن تنسى ربك، أنت لجأت إلى أضعف ركن، وهذا الركن لن يحميك، ولن يسعدك، ولن يعطيك ما كنت تتمنى. ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ﴾

من اعتمد على ماله افتقر، من اعتمد على مكانته ذُلّ، لذلك عليك الاعتماد على الله، وأكبر درس بدر وحنين، الصحابة الكرام في بدر قالوا: الله فتولاهم، هم أنفسهم قالوا في حنين:
((لن نغلب اليوم من قلة))
فتخلى الله عنهم، والمؤمن يحتاج إلى هذا الدرس كل ساعة، يكفي أن تعتد بنفسك، أو أن تعتد بنسبك، أو أن بقوتك، أو أن تعتد بمالك، فيتخلى الله عنك، هذا درس بليغ ينبغي أن نحفظه جميعاً: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾
وهن: ضعف، خيوط العنكبوت متينة جداً، لكن علاقة العنكبوت الذكر بالأنثى علاقة سيئة جداً، علاقة الأنثى بأولادها سيئة جداً، تأكل أولادها، وقد تعتدي الأنثى على الذكر، أي لا يوجد أية علاقة طيبة ضمن هذه الأسرة، إذاً هذا البيت ضعيف ﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾
والبطولة: "لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه"، اعتقد يقيناً أن الشيء الوحيد المخيف في الأرض هو أن تقترف ذنباً يستحق عقاب الله عليه، والشيء الوحيد المنجي أن تكون موحداً، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:25 AM   #4


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الرابع )

الموضوع : قال تعالى ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
البشر عند الله عز وجل قسمان لا ثالث لهما :
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في أمثال القرآن الكريم، والمثل اليوم قوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]

المقطع الأول من هذه الآية أن البشر كما تعلمون لهم تقسيمات لا تعد ولا تحصى، ولكن البشر عند الله قسمان لا ثالث لهما؛ مؤمن وكافر، مستقيم ومنحرف، مقبل ومدبر، محسن ومسيء، سماها بعض الفلسفة الأثنينية، في الحياة خير وشر، وحق وباطل، وخلق وسوء خلق، في حياتنا دائماً شيئان متناقضان.
لذلك أنت كائن متحرك، ما الذي يحركك؟ حاجات أودعها الله فيك، أنت بحاجة إلى الطعام والشراب إذاً تتحرك، بحاجة إلى الشق الآخر، إلى زوجة، والزوجة إلى زوج، إذاً يتحرك ليتزوج، بحاجة إلى تأكيد الذات يسعى ليتفوق، لأن عنده حاجات ثلاثة، حاجة إلى الطعام والشراب، حاجة إلى الطرف الآخر، حاجة إلى تأكيد الذات، هو كائن متحرك، هنا المشكلة، هذه الحركة إما أن تأتي وفق منهج الله، فأنت مؤمن، وأنت الناجح والفالح، وأنت من أهل الجنة، وإذا جاءت هذه الحركة بخلاف منهج الله فهذا هو الكافر، والمشرك، والفاسق، والمنحرف، والهالك في الدنيا والآخرة، القضية فيها حالتان متناقضتان، مؤمن وغير مؤمن، سعيد وشقي، موفق وغير موفق، متصل ومنقطع، أخلاقي ولا أخلاقي، صاحب مبدأ وصاحب مصلحة، هذه الأثنينية. حجم الإنسان عند الله بحجم عمله ونوعه :

الكافر إذا تحرك حركته استيقظ صباحاً، انطلق إلى عمله، حركته قد يتوهمها أنه يحقق إنجازاً كبيراً لكن خالق الأكوان يقول لنا: حركته تشبه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والعملية معقدة جداً في شرحها العلمي، إنسان يمشي في وقت حار جداً في الصحراء، ليس فيها قطرة ماء انعكاس الأضواء على الأرض قد يشكل ما يوهم أنه ماء، فدائماً غير المؤمن الكافر يظن أنه يقدم إنجازاً كبيراً، هذا الإنجاز لا وزن له يوم القيامة، والدليل:

﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾
[ سورة الفرقان الآية : 23 ]
ليس له وزن أحياناً، يكون العمل سيئاً، عمل فيه إفساد، فيه إضلال، فيه استغلال، فيه تعذيب لصنف من البشر، فيه حرمان لقسم من البشر، وأحياناً العمل ظاهره جيد لكن وراءه نوايا سيئة، أي إحباط العمل بإحدى حالتين؛ إما أن يكون العمل في الأصل ساقطاً، عمل محبط، أو أن يكون عملاً حسناً في ظاهره لكن ينطوي على نوايا لا ترضي الله عز وجل، فأنت حجمك عند الله بحجم عملك، ونوع عملك، قال تعالى: ﴿ و لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾
[ سورة الأنعام: 132 ]
كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله :

أيها الأخوة الكرام، الأمر بالضبط، طريق سمّه إن شئت الطريق إلى الله، غير المستقيم في هذا الطريق عقبات كؤود تحول بينه وبين متابعة السير على هذا الطريق، كل معصية عقبة كؤود، أنت راكب سيارة، أمامك طريق، عرضه أربعة أمتار، فيه صخرة عرضها أربعة أمتار، ارتفاعها أربعة أمتار، هل تستطيع أن تمشي؟ هذه عقبة كؤود، ما هي الاستقامة؟ هي أن تزيح هذه العقبات من هذا الطريق إلى الله، كان هناك كذب تركت الكذب، كان هناك علاقة لا ترضي الله مع النساء تركتها، كان هناك كسب مال حرام تركته، فكل معصية هي عقبة كؤود في السير إلى الله، لذلك أيها الأخوة لو إنسان توقف وصلى، وقرأ الفاتحة، وقرأ سورة، وركع، وسجد، إذا كان عنده مخالفات كبيرة، عنده مال حرام، عنده حرام من نوع آخر، هذه تمنعه أن يتصل بالله، يستطيع أن يصلي أما أن يتصل بالله فلا يستطيع، لذلك كل ذنب يقترفه الإنسان يعد حجاباً بينه وبين الله.

العمل الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله عز وجل :
الآن تصور إنساناً أزال كل هذه العقبات، ماله حلال، بيته إسلامي، زوجته محجبة، مثلاً دخله صحيح، عمله متقن، أي استقام والاستقامة بشكل أو بآخر سلبية، أي أثناء بيعه وشرائه ما كذب، ما: حرف ناف، ما غش ، ما احتال، هذه الاستقامة تحقق له السلامة فقط، لكن صدقوا ولا أبالغ وأنا أعني ما أقول، السلامة وحدها ليست مسعدة لأنها امتناع، ما كذبت ما عندك مشكلة، ما غشيت ما عندك مشكلة، ما أكلت مالاً حراماً ما عندك مشكلة، ما طلقت زوجتك طلاقاً تعسفياً ما عندك مشكلة، أنت مستقيم لكن السلامة شيء والسعادة شيء آخر، السلامة أساسها الامتناع عن أي معصية، أما السعادة أساسها التقرب إلى الله بالعمل الصالح
لذلك نحن نستخدم دائماً في الحديث عن العمل كلمتين، الاستقامة والعمل الصالح، الاستقامة الامتناع عن كل معصية أي أنت أزلت جميع العقبات بالطريق إلى الله صار الطريق فارغاً من أي عقبة وسالكاً، العمل الصالح هو الحركة على هذا الطريق:

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
[ سورة فاطر: 10]
وبالنهاية لك عمل إجمالي، هذا العمل إما أنه في مرضاة الله أو في سخط الله، عملك الصالح أحد أكبر أسباب الإقبال على الله، والعمل السيئ أحد أكبر الأسباب في الابتعاد عن الله: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
[ سورة النور: 39 ]
يقول لك: عملنا أوبرا نحن لا يوجد عندنا أوبرا، هناك أعمال تسمى حضارية ممكن لكن كوزن في الآخرة لا وزن لها، هناك أعمال لا تعد ولا تحصى يمكن أن تسمى في مقياس العصر عملاً حضارياً، أما في ميزان الآخرة فلا وزن لها إطلاقاً، العالم كله اعتنق ديناً جديداً هو دين الكرة، أنت تعمق ما الذي حدث؟ البطولة الأولى هل حلّ مشكلة الفقر؟ هل وحد الأمة؟ .
لو حللت الكرة تحليلاً عميقاً العالم كله في الخمس قارات يقوم ولا يقعد، يختل توازنه على إدخال الكرة بمكان، هناك صورة لزعيم أوربي كبير جداً عندما دخلت الكرة توقف وقام من مقعده وأصبح كأنه طفل، معقول!! هناك أعمال بمقياس القيامة ليس لها وزن إطلاقاً، في الدنيا بطولات، وكؤوس، وجوائز، فالبطولة أن تقيس العمل بميزان الآخرة. تطابق مقاييس المؤمن في تقييم الأشياء مع مقاييس القرآن الكريم :

بالمناسبة المؤمن مقاييسه في تقييم الأشياء متطابقة مع مقياس القرآن الكريم، من هذه المقاييس:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب: 71 ]
بصراحة مقاييس أهل الدنيا، اشترى أرضاً تضاعف سعرها مئتي ضعف، صار فوق الريح بتعبير آخر بيته في الجنة ـ قبَرَ الفقر ـ مقياس مادي فقط، أو إنسان استطاع أن يكون وكيلاً لشركة وكالة حصرية، وعليها طلب شديد، وهو وكيل حصري، والبيع بشكل مخيف، والأرباح تتراكم، تجد مقياسه إما نجاحه بعمل تجاري أو صناعي، أنا أسميه نجاحاً، لكن النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً، انتبه الفلاح هو النجاح في الآخرة: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 157 ]
النجاح في الدنيا لا يسمى فلاحاً فالفلاح هو النجاح في الآخرة :
النجاح قد تنجح في الدنيا والنجاح في الدنيا لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، أي إذا نجحت مع الله في معرفته، وفي طاعته، وفي الإقبال عليه، ونجحت في بيتك، أب ناجح، زوج ناجح، إن كنت أنثى؛ أم ناجحة، زوجة ناجحة، نجحت مع الله في معرفته، وطاعته، وعبادته، ونجحت مع أهلك وأولادك، ونجحت في عملك، ونجحت في صحتك، مجموع هذه البنود الأربع، تسميك ناجحاً هذا النجاح شمولي، لذلك البطولة بالفلاح، نجاح في الدنيا والآخرة:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[ سورة النور: 39 ]

مثل المال في بداية الحياة شيء نفيس جداً، في منتصف الحياة شيء ولكن ليس كل شيء، وهو على فراش الموت ليس شيئاً، الشيء الحقيقي طاعتك لله، من هو الفالح؟
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[ سورة آل عمران: 185 ]
(( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه))
[ ورد في الأثر ]
نجاح الإنسان مع الله أصل كل نجاح :
أيها الأخوة الكرام، بطولتنا جميعاً في أن ننجح مع الله، وهو أصل كل نجاح، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في بيتك كزوج، وكأب، إن نجحت مع الله في الأعمّ الأغلب تنجح في عملك، عندك مبادئ وقيم، وفي الأعمّ الأغلب إذا نجحت مع الله نجحت في صحتك، قواعد الشرع تحدد لك طريقة الطعام والشراب، والنوم والحركة في الحياة، فلذلك النجاح محقق، والإخفاق متعب جداً، ومؤلم، والنجاح أساسه طاعة الله.
مرة ثانية: نجاحك مع الله أصل كل نجاح، يأتي بعده نجاحك في بيتك، نجاحك في عملك، نجاحك في صحتك، وفي لقاء آخر نتابع هذه الآية .


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:28 AM   #5


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الخامس )

الموضوع : قال تعالى ( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج ....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
الله عز وجل رحمة منه بعباده أرسل الأنبياء والمرسلين :
أيها الأخوة، الآية الكريمة:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾
[سورة النور]

تتمة هذه الآية:
﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾
[سورة النور]
أيها الأخوة الكرام، لا بد من تقديم لشرح هذه الآية، الله عز وجل رحمة منه بعباده أرسل الأنبياء والمرسلين، لكن تصور إنساناً يقول: أنا رسول الله، معه منهج، والمنهج افعل ولا تفعل، فيه تحريم، والذي ألف الحياة من دون ضابط يرفض هذا المنهج، والدليل الآية الكريمة: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾
[سورة الرعد الآية:43]
المعجزات هي شهادة الله لأنبيائه ورسله أنهم أنبياؤه ورسله :
السؤال: كيف يشهد الله لعباده أن هذا الإنسان الذي أرسله لهم هو رسوله؟ لا بد من أن يشهد له بالرسالة، لتكون هذه الرسالة دليلاً على نبوته، الأنبياء السابقون شهد الله لهم بالرسالة عن طريق معجزات حسية، وتعريف المعجزات الحسية: أنها خرق لنواميس الكون، فسيدنا عيسى أحيا الميت، وهذا فوق إمكان كل البشر
سيدنا موسى ضرب البحر بعصاه فأصبح طريقاً يبساً، سيدنا إبراهيم وضع في النار فلم يحترق، هذه المعجزات الحسية هي في حقيقتها شهادة الله لأنبيائه ورسله أنهم أنبياؤه ورسله.
لكن الأمر مع رسول الله مختلف، النبي عليه الصلاة والسلام ليس كبقية الأنبياء أرسلهم الله لأقوامهم فحسب، النبي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعثته خاتمة البعثات، وكتابه خاتم الكتب، فلا بد من أن تكون معجزته ليست حسية، بل علمية مستمرة، لأن المعجزة الحسية كتألق عود الثقاب تألقت وانطفأت، فأصبحت خبراً يصدقه من يصدقه، ويكذبه من يكذبه، أي شيء وقع وانتهى، لكن النبي الذي سيأتي بعده يأتي بمعجزه أخرى، إلا أن الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلف أشد الاختلاف، هو خاتم الأنبياء والمرسلين، بعثته خاتمة البعثات، كتابه خاتم الكتب، كيف تكون المعجزة مستمرة؟ لن تكون مستمرة إلا إذا كانت علمية.
الله عز وجل الذي خلق الكون هو الذي أنزل القرآن الكريم :
لذلك في هذا القرآن الكريم الذي بين أيدينا آيات كثيرة تزيد عن ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون، لكن بعض هذه الآيات وقد أقول معظمها ليست حديثاً عن قوانين الكون، بل سبقاً علمياً لهذه القوانين، أي: قرآن نزل قبل ألف وأربعمئة عام، فيه إشارات إلى حقائق علمية تمّ كشفها قبل عشر سنوات أو عشرين عاماً، فهذا دليل قطعي مفحم على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، مثلاً هناك قضية معقدة جداً، بعد مئات السنين أي بعد ألف وأربعمئة عام من تطور علم الأجنة توصل العلماء إلى أن الذي يحدد جنس الجنين ذكراً أم أنثى، ليست البويضة ولكنه الحوين "النطفة"، تفتح القرآن الكريم وتقرأ:
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
[سورة النجم]

هذا الشيء توصل العلماء إليه بعد مئات السنين من البحث والدرس في علم الأجنة، بالقرآن الكريم إشارة فقط.
صعد رائد فضاء إلى القمر، حينما كان هذا الرائد في طبقة الهواء التي تزيد عن خمسة و ستين ألف كيلو متر، لما تجاوز هذه الطبقة ودخل في الفضاء الخارجي، صاح بأعلى صوته: لقد أصبحنا عمياً، ما الذي حصل؟
هناك حادثة فيزيائية موجودة ضمن الهواء اسمها انتثار الضوء، أي إذا سلطت أشعة الشمس على الهواء بعض ذرات الهواء تعكس هذه الأشعة إلى مكان آخر، يكون هناك حالة اسمها انتثار الضوء، قف أنت في النهار بمكان ليس فيه أشعة شمس لكن المكان مضيء، من أين جاء هذا الضوء؟ من انتثار الضوء، فلما تجاوز رواد الفضاء طبقة الهواء انعدم انتثار الضوء صار هناك ظلام دامس، عندئذ صاح رائد الفضاء في أعلى صوته في أول رحلة اسمها أبولو، في أول رحلة تخطى فيها الإنسان طبقة الهواء ودخل في الفراغ أو في الفضاء الخارجي، قال: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، كلام طيب هذا عرف قبل ثلاثين عاماً، أما أن تأتي آية في القرآن الكريم تشير لهذه الحادثة قبل غزو الفضاء، وقبل صعود الإنسان للقمر، هذا دليل قطعي مئة في المئة على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، الآية:
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
[سورة الحجر]
هذا التطابق المذهل بين أحدث الكشوفات العلمية، وبين آية في كتاب نزل على النبي الكريم قبل ألف وأربعمئة عام، دليل قطعي على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن. الآية التالية ينطبق مضمونها على أحدث الكشوفات العلمية :
أخواننا الكرام،
﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ﴾
أي عميق، ﴿ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾

هناك حقائق في أعماق البحار، متى كشفت؟ كشفت بعد اختراع الغواصات، الإنسان في تاريخه الطويل ركب البحر على سفينة، أما أن يغوص في أعماق البحر بغواصة يرى كل شيء في الأعماق السحيقة هذا شيء جاء متأخراً.
لذلك مضمون هذه الآية ينطبق تماماً على أحدث الكشوفات العلمية، لا أحد يعلم أن في البحر طبقة عليا وطبقة سفلى، البحر بحران؛ بحرٌ فوق وبحرٌ تحت، ولكل بحر موج، ولكل بحر تيارات مائية، لذلك الإنسان كما قرأت في الحرب العالمية الثانية اكتشف هذه التيارات المائية في أعماق البحار، ماذا فعل؟ أصبح بالغواصات ينزل إلى هذه الأعماق ويطفئ المحركات فتمشي، ينتقل من مكان إلى آخر من دون صوت محرك يكشف وجوده، في بحر آخر موج أول وثان وثالث، وهذا البحر الآخر ظلامٌ دامس، فأشعة الشمس ينعدم ضوءها كلياً فيما قرأت بعد مئتي متر، يقول لك: ظلمات ثلاثة ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة الموج، فالأمواج السفلية في الطبقة السفلى من البحر، له أمواج، وله خصائص، وله تيارات، وله حركة، لا علاقة لها بالبحر العلوي أبداً.
لذلك الآية: ﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ﴾
أي عميق، هذا البحر الثاني ﴿ يغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ﴾
والدليل أن البحر العميق ﴿ إذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ﴾
ظلامٌ دامس، ظلمة صماء بعد مئتي متر لا ترى شيئاً، لذلك الظلمات الثلاثة قالوا: ظلمة الليل، وظلمة أعماق البحر، وظلمة قلب الحوت، ما كان هذا النبي في حوت فهناك ظلمات ثلاثة، ظلمة بطن الحوت، وظلمة أعماق البحر، وظلمة الليل، ﴿ بعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾
الإعجاز العلمي شهادة الله لمحمد صلى الله عليه وسلم أن هذا القرآن كلامه :
أخوتنا الكرام، الموضوعات العلمية في القرآن الكريم مبثوثة بألف وثلاثمئة آية، لكن بعض هذه الآيات وقد تصل إلى نصفها فضلاً عن أنها موضوعات علمية هي موضوعات إعجازية، لأن النبي الكريم شهادة الله له أنه نبيه ليست المعجزات الحسية، ولكن هذه الآيات الكونية في القرآن الكريم، بأي علم من علوم الأرض، العلوم تطورت وتطورت وتطورت، حتى استقرت الآن بوضع متقدم جداً، تأتي آية في كتاب الله تشير إلى هذا الوضع الأخير المتقدم، معنى ذالك أن الله الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن.

إذاً في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون، معظم هذه الآيات أو نصفها في الإعجاز العلمي، والإعجاز العلمي شهادة الله لهذا النبي الكريم أن هذا القرآن كلامه، والأدلة كثيرة كقوله تعالى :

﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
[سورة يس]
هذه الذرة، كل شيء بالكون فيه كهارب تدور حول نقطة، ﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
في خلق الإنسان ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾
تقرأ في سورة النحل: ﴿ َالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾
[سورة النحل الآية:8]
الحديث عن سيارة، وعن طائرة، وعن سفينة، أو عن غواصة، مع نزول القرآن لا معنى له إطلاقاً، يقول لك: ﴿ َالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾
يأتي إنسان راكب طائرة، أحدث طائرة تسع أربعمئة وخمسين راكباً كأنك في البيت، على ارتفاع أربعين ألف قدم مقعد وثير يصبح سريراً، أمامك كل شيء، صحف، مجلات، أمامك قنوات، فضائيات، فتح القرآن: ﴿ َالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
لا بغل، ولا خيل، ولا حمار، هذه طائرة " 777"، أكمل الآية: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[سورة النحل الآية:8]
معنى ذلك أن هذا القرآن كلام خالق الأكوان، الله عز وجل يعلم ما سيكون، علم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، قال: ﴿ َالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾
لولا هذه التتمة لكان هذا القرآن كلام سيدنا محمد، بحياته هناك خيل وبغال وحمير فقط، لا يوجد طائرات، ولا غواصات، ولا سيارات، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
هذه غطت وسائل النقل المتطورة.

والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:31 AM   #6


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( السادس )

الموضوع : قال تعالى ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أي إنسان ما لم يطلب العلم بل انشغل عنه هبط عن مستوى إنسانيته :
أيها الأخوة الكرام، الآية اليوم:
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]

أيها الأخوة الكرام، هناك جماد و نبات و حيوان و إنسان، الجماد يشغل حيزاً في الفراغ، له وزن، وله ثلاثة أبعاد، أما النبات يشغل حيزاً في الفراغ، وله وزن، وله ثلاثة أبعاد، لكنه ينمو، الحيوان شيء يشغل حيزاً في الفراغ، وله ثلاثة أبعاد، وينمو كالنبات، لكنه يتحرك، الإنسان كائن يشغل حيزاً في الفراغ، وله وزن، وله ثلاثة أبعاد، وينمو كالنبات، ويتحرك كبقية المخلوقات، لكنه يفكر، أودع في الإنسان قوة إدراكية، بهذه القوة الإدراكية يتميز عن بقية المخلوقات، هذه القوة الإدراكية حاجتها العلم، فأي إنسان ما لم يطلب العلم بل انشغل بطعامه، وشرابه، ومتعته، هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به، انشغل بطعامه، وشرابه، ومتعته، دون أن يستخدم عقله لمعرفة سرّ وجوده وغاية وجوده، لماذا هو في الدنيا؟ من الذي خلقه؟ لماذا خلقه؟ ماذا بعد الموت؟ هل الحياة هي الدنيا ولا حياة بعدها أم أن هناك حياة أخرى إلى الأبد؟ هذه الأسئلة الكبيرة إن لم يهتم بها، ولم يبحث عنها، ولم يعرف لماذا خلق، ومن أي المخلوقات هو فهو خاسر.
الإنسان هو المخلوق المكرم و المكلف وعلة وجوده في الدنيا أن يعبد الله :
الإنسان هو المخلوق الأول:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾
[ سورة الأحزاب: 72 ]

هو المخلوق المكرم:
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾
[ سورة الإسراء: 70 ]
والإنسان هو المخلوق المكلف، لقال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
[ سورة الذاريات: 56 ]
علة وجودك في الدنيا أن تعبد الله العلة الوحيدة، عفواً طالب دخل مدرسة، قد يختار مقعداً مريحاً، أو جانب النافذة، أو إلى الجهة التي فيها شمس، وقد يأتي بشطيرة معه، أما أن ينسى أنه جاء إلى المدرسة من أجل أن يدرس، هذا أحمق، يمكن أن يكون معك شطيرة تأكلها، يمكن أن يكون معك كتاب ودفتر، يمكن أن تختار مطعماً مريحاً، هذا كله ممكن، لكن تنسى الدراسة كلها، معنى ذلك أنك تنكرت لعلة وجودك في هذه المدرسة. من يفعل فعلاً يتناقض مع وحي الله فهو لم يصدق كلام الله :
أيها الأخوة الكرام، مرة ثانية أقول: سيدنا سعد بن أبي وقاص قال: "ثلاثة أنا فيهن رجل، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ـ من هذه الثلاثة ـ ما سمعت حديثاً من رسول الله حتى علمت أنه حق من الله تعالى".

أحياناً يكتب خبر لا يزيد عن عشر كلمات، هناك مشروع لتخفيض الرسوم الجمركية على السيارات إلى خمسين بالمئة، اليوم التالي كل سيارة ينزل سعرها مئتي ألف، خمس كلمات في الجريدة، صار اضطراب بالأسعار، معنى ذلك أن هذا الإنسان صدق ما في الجريدة، كيف بإنسان لا يصدق ما في القرآن الكريم؟ أذكر مرة إنسان كنت أمشي في الطريق استوقفني واستنصحني، أنه خطب ابنته شاب وسيم، من أرقى العائلات، بيت من الطراز الأول، مركبة، معمل، كل شيء كما يتمنى أي أب يزوج ابنته، قال لي: لكن لا يوجد به دين أبداً، أنا ماذا أقول له؟ قلت له: أنت حينما تقرأ القرآن الكريم وتنتهي من قراءته ماذا تقول؟ صدق الله عز وجل، فإذا قرأت قوله تعالى:

﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ﴾
[سورة البقرة : من 221]
معنى هذا يجب أن تبحث عن المؤمن، لكن الذي وقع أنه زوجه إياها، وبعد سبعة عشر يوماً من زواجهما كانا في نزهة في أحد مصايف دمشق فتح باب السيارة وركلها برجله، وعاد إلى الشام وحده، ما صدق كلام الله عز وجل.
أيها الأخوة الكرام، كلام دقيق أنت حينما تفعل فعلاً يتناقض مع وحي الله أنت ما صدقت كلام الله، لذلك تقول أنت بالعيد: الله أكبر، إذا أطعت مخلوقاً وعصيت خالقاً ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو رددتها بلسانك ألف مرة، إنسان عنده صناعة غذائية، إذا أضاف مادة مسرطنة لكي يجعل لون هذه البضاعة أبيض، السعر يزداد، فهذا الذي يغش غذاء المسلمين من أجل مبلغ من المال لو يوم العيد قال مليون مرة الله أكبر، صدق ولا أبالغ ما قال هذه الكلمة ولا مرة لأنه رأى أن هذا المبلغ الذي يأتيه من ربح عن طريق الغش أكبر عنده من الله. على الإنسان أن يُعمل عقله في هذا الكون أو يتأمل فالمؤدى واحد :
لا تجامل نفسك، كن صريحاً، أنت حينما تطيع إنساناً وتعصي خالقاً، أنت حينما تؤذي الناس من أجل الربح
أنت حينما تكون مدرساً وتعطي أسئلة من أصعب ما يكون حتى الطلاب معظمهم يأخذون الصفر، من أجل درس خصوصي، أنت حينما تقنع الموكل أن الدعوى ناجحة، وتعلم علم اليقين أنها لا يمكن أن تنجح، وتبتز أمواله لسنوات طويلة، بأي حرفة، بأي مهنة، بأي مورد رزق، إذا كان هناك غش، أو كذب، صدق ولا أبالغ ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو رددتها بلسانك ألف مرة، الإسلام مع مضي الأيام يصبح طقوساً وليس عبادات، يصبح تقاليد، يصبح عادات، يصبح فلكلوراً، الإسلام منهج، لذلك الشخصية المؤمنة شخصية فذة فيها مرتبة علمية، مرتبة أخلاقية، ومرتبة جمالية:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]
إما أن تفكر، أن تتأمل، أن تعمل عقلك في هذا الكون، فتكتشف الحقائق، أو أن تستمع إلى علم جاهز، المؤدى واحد، إن استمعت إلى علم جاهز ـ يسمعون ـ إن أعملت عقلك في هذا الكون ـ يعقلون ـ. الإنسان مكلف فإن لم يلبِ تكليفه شقي إلى أبد الآبدين :
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]

الأنعام لهم حجم، وثلاثة أبعاد، ووزن، ويشغلون حيزاً في الفراغ، وينمون، ويتحركون، لكن لا يفكرون، لأن الإنسان أودع الله فيه قوة إدراكية، فإن لم يستخدم هذه القوة صار كالأنعام بل هو أضل، لأن هذا الإنسان مكلف فإن لم يلبِ تكليفه شقي إلى أبد الآبدين، أما الأنعام فليست مكلفة، أي إذا وضعت دابة على حشيش تأكل طوال النهار، لا تعرف هذا الحشيش لصاحبها أم لجار صاحبها، ليست مكلفة، فليس عندها أخطاء لأنها غير مكلفة، أما الإنسان فمكلف حينما ينحرف ويأخذ ما ليس له، فضلاً عن أنه هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به، هو محاسب وسوف يحاسب حساباً عسيراً:
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]
يسمعون، تلقوا العلم الجاهز، يعقلون بحثوا، المؤدى واحد: ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]
عطلوا القوة الإدراكية: ﴿ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾
[ سورة الفرقان: 44 ]
سيحاسبون، الأنعام لا تحاسب أما الإنسان فيحاسب. العاقل من عمل لآخرته قبل فوات الأوان :
آية أخرى فيها مثل يقترب من هذا المثل، قال تعالى:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ﴾
[ سورة الجمعة: 5 ]

التوراة كلفوا بها لكن لم يعبؤوا بها، لم يأخذوا بها، لم يطبقوها، وهذا شأن المسلمين، اتخذوا هذا القرآن مهجوراً، هناك آيات وأحكام وقصص كلها معطلة:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ﴾
[ سورة الجمعة: 5 ]
أنت ائت بدابة ضع عليها كتاب فيزياء، وكتاب كيمياء، وكتاب فلسفة، وكتاب ديني، وامشِ بها ساعة، اسألها عن تعريف الحديد، عن وزنه الذري، هل من الممكن إذا حملت فوق ظهر الدابة بضعة كتب أن تنبئك بما في الكتب؟ ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾
[ سورة الجمعة: 5 ]
الأسفار جمع سفر وهو الكتاب، والله مثل قاس جداً لإنسان ما عقل، ما بحث عن الحقيقة، ما تعرف على الله، ما عرف سرّ وجوده، ما عرف غاية وجوده، ما عرف من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟ هذه الأسئلة الكبرى ما عرفها، قد يقول أحدكم: لكنه ذكي جداً، أقول أنا: ما كل ذكي بعاقل، قد تكون ذكياً جداً لكن لست بعاقل، العاقل من عمل لآخرته، قد تكون ناجحاً ولست فالحاً. النجاح و الفلاح :
النجاح شيء والفلاح شيء آخر، الفلاح نجاح في الدنيا والآخرة معاً، إن نجحت في الدنيا والآخرة فأنت فالح، بل لا أكتمكم إن نجحت في الآخرة وحدها فأنت فالح، لأنه أبد، معنى أبد والله لا يستطيع عقل واحد منا أن يفهم معنى أبد، للتقريب واحد هنا وأصفار للشمس، مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر أصفاراً وكل ميليمتر صفر، ما هذا الرقم؟ هذا الرقم إذا نسب إلى اللانهاية فهو صفر، اسألوا أخواننا المختصين بالرياضيات، أي رقم ينسب إلى اللانهاية قيمته صفر، تعيش ستين، ثلاثة وأربعين ، ثمانية وثلاثين، سبعة وستين، ثمانية وسبعين، ثلاثة وتسعين عاماً، عمره عندما مات مئة وثلاثين، أمام الأبد صفر، الدنيا كلها صفر، النبي عليه الصلاة والسلام قرب هذا المعنى من أصحابه فقال:
((ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما أخذ المخيط غرس في البحر من مائه))
[ الطبراني عن المستورد بن شداد]
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة الجمعة: 5 ]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:34 AM   #7


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( السابع )

الموضوع : قال تعالى ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
حقيقة الإيمان ليس أن يقر الإنسان بوجود الله بل أن يؤمن أنه هو الفعال :
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في أمثال القرآن الكريم، والآية اليوم هي قوله تعالى:
﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
[سورة الروم]

أيها الأخوة، أن تقول: أنا مؤمن لأنني أُقر بوجود الله، إبليس اللعين قال:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
[سورة ص]
وقال: ﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
[سورة ص]
وقال: ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
[سورة الأعراف]
لكن حقيقة الإيمان ليس أن تقر بوجود الله، أن تؤمن أنه هو الفعال، هو الرافع، هو الخافض، هو المعطي، هو المانع، هو المعز، هو المذل، الدين توحيد، ألا ترى مع الله أحداً، ألا ترى يداً تعمل عملاً مع الله، أن ترى أن كل شيء بيد الله، أن كل شيء يرجع إلى الله. ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
[سورة هود الآية:123]
من ازداد إيماناً جاءت مقاييسه مطابقة لمقاييس القرآن الكريم :
الحقيقة التوحيد كفكرة سهل، أما أن تعيش التوحيد فهذا شيء يحتاج إلى جهد كبير، مثلاً: حينما تقرأ قوله تعالى:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[سورة الأحزاب]

لو أنك ممن يطيع الله مثلاً ولكنك فقير، رأيت صديقاً لك في أعلى درجات الغنى، بيته فخم جداً، مساحات واسعة، عنده مركبتان أو ثلاث، دخله فلكي، طعام، شراب، ثياب، إذا تصورت أنه هو الفائز، وأنت مطيع لله، وهو لا يطيع الله، فإنك لا تعيش هذه الآية، قد تتحدث عن معناها، قد تدرك معناها، أما أن تعيشها فلا، فرقٌ كبير بين أن تفهم معنى الآية وبين أن تعيشها.
مرة ثانية أنت مطيع لله، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
المعنى واضح، سهل جداً، سهل الإلقاء و سهل الفهم، لكن حينما ترى أن هذا الصديق الفاسق، الفاجر، الذي يملك هذه البيوت، وتلك المركبات، وهذه المكانة، وهذا الدخل الفلكي، أن تراه هو الفائز، ولست أنت، أنت لا تعيش الآية، فالبطولة لا أن تفهم معنى الآية أن تعيشها، أعلى درجات الفهم لكتاب الله أن تعيش الآيات، لذلك قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[سورة آل عمران]
يا ترى أنت في حياتك اليومية، في علاقاتك ببني البشر، هل ترى أن تزحزح عن النار وأن يتاح لك دخول الجنة هذا هو الفوز العظيم؟ هذا هو الفوز، فكلما ازداد إيمانك تأتي مقاييسك مطابقة لمقاييس القرآن الكريم، فإذا ضعف الإيمان تستخدم مقاييس أرضية، والآن الناس يُعظمون الأغنياء والأقوياء، ومن له وسامة فائقة، ومن له دخل كبير، ومن له منصب رفيع، هذه مقاييس البشر، لكن عند خالق البشر الإنسان الفائز هو المطيع ولو كان ضعيفاً أو فقيراً، فكلما ازددت إيماناً تأتي مقاييسك مطابقة لمقاييس القرآن الكريم. الله عز وجل ما أمر الإنسان أن يعبده إلا بعد أن طمأنه :
لذلك الله عز وجل يضرب الأمثال، أنت إنسان صاحب مؤسسة تجارية كبيرة لو عندك بعملك التجاري موظفون، ولك شريك، هل يعقل أن تخاف من هذا الموظف؟ بكلمة واحدة تصرفه من العمل، بكلمة واحدة، هذا موظف، يمكن أن يطالبك بالتأمينات، أو يطالبك بالتعويض، لكن هل يستطيع هذا الموظف الذي جئت به وعينته في المؤسسة أن يزيحك من هذه المؤسسة؟ هل يستطيع أن ينافسك في القرار؟ أن يملي عليك أمراً؟ مستحيل، هو موظف، له حق عندك، تعطيه حقه وانتهى الأمر، أما الشريك، الشريك آمر، الشريك يحاسب، الشريك يسأل، أنت لم تداوم هذه السنة، أنا داومت، أنت لم تبذل جهداً، أنا بذلت، أنت لم تدفع، أنا دفعت، فالشريك يسأل، أما الأجير لا يسأل، فالله عز وجل قال: أنتم لا ترضون لأنفسكم أن يكون عندكم أجير أن يكون شريكاً لكم في العمل، يملي عليكم، ويتدخل في شؤونكم، ويأخذ قراراً، وهو أجير وليس شريكاً، أما الشريك فممكن.
فالله عز وجل يقول: ضرب الله مثلاً من حياتكم، من أنفسكم، من معطياتكم، مما تعيشون،
﴿ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾
أي ملكت أيمانكم من كان يعمل معكم بالمعنى المعاصر، ﴿ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ﴾
هل يعقل أن ﴿ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾

أن تخاف هذا الأجير كما تخاف الشريك، الشريك يحاسب، والذي له شريك له معلم، هل يعقل أن تخاف هذا الأجير على أنه شريك؟ مستحيل، أنت لا ترضى هذا لنفسك فكيف رضيته لربك، كيف تقول هؤلاء آلهة اللات والعزة، حجر إله؟! أساساً هناك قبيلة صنعت لها إلهاً صنماً من تمر، فلما جاعت أكلته، قالوا: أكلت ودٌ ربها، أي هل من الممكن أن ترى أن قطعة حجر إله، الآن الناس لا يعبدون حجراً، لكن يعبدون بعضهم بعضاً، أنت لمجرد أن تعصي خالقك، وأن تطيع مخلوقاً خوفاً من هذا المخلوق فأنت لا تعرف الله، وأنت لا تعبده عباده حق، القضية خطيرة أيها الأخوة، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
لذلك الله عز وجل، قبل أن يأمرك أن تعبده طمأنك، قال لك: ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
فاعبده، متى أمرك أن تعبده بعد أن طمأنك. علاقة المؤمن مع جهة واحدة هي الله عز وجل :
لذلك أخواننا الكرام، أنت تصور موظفاًً بشركة لها صاحب، توفي هذا الصاحب وله خمسة أولاد، فاستلموا العمل مكان أبيهم، لكن هؤلاء الأولاد متشاكسون، متخاصمون، وأنت موظف عندهم جميعاً، هذا يعطيك أمراً أن اذهب إلى هذا المكان، الثاني يسأل عنك لا يجدك يعنفك، حياة لا تطاق، خمسة مدراء متشاكسون وأنت تابع لهم، شيء فوق طاقة البشر، أما تصور لهذه المؤسسة مديراً واحداً، فأنت إذا حسنت تعاملك معه فهذه قضية سهلة.

ميزة المؤمن علاقته مع جهة واحدة، مع الله، اجعل الهموم هماً واحداً يكفك الهموم كلها، من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها، اعمل لوجه واحد يكفك الوجه كلها، أنت حينما تؤمن أن وجودك، وسلامة وجودك، وكمال وجودك، واستمرار وجودك، بيد الله، وأن رزقك بيد الله، وأن الخير من الله، وأن الذي يزعجك من الله، وأنك في قبضة الله، لا تعبد إلا الله، ولا تعبأ بغيره، الآية الكريمة فيها تحدٍّ كبير قال:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾
[سورة هود الآية:55]
كيدوني، أي افعلوا ما بدا لكم: ﴿ ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ ﴾
[سورة هود]
لا ترتدوا: ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[سورة هود]
مثل للتقريب: وحوش كاسرة، ضباع، ذئاب، أسود، لكنها مربوطة بحبال وأزمة محكمة، أنت علاقتك مع من؟ مع الوحوش أم مع من يقبض زمامها؟ هذه قصة لك، الناس ضعيفو الإيمان، الواقعون في الشرك الخفي، علاقتهم مع الوحوش يخافونه، فإذا اقترب بعض الوحوش منهم انهاروا من الخوف، لكن هناك إنساناً علاقته مع من يملكها، يرضيه، فإذا أرضاه أبعدها عنه. لا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه :
لذلك ما من حديث جامع مانع كهذا النص:" لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه"، هناك أمراض وبيلة، وحوش كاسرة، أنت في خيمة هناك عقارب، وأفاع، وثعابين، و لصوص، و قطاع طريق، والله الحياة تصور مليون سيف فوق رأس كل إنسان، أي ورم خبث يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق.
لي صديق يحمل أعلى شهادة في الجيولوجيا، وقدم إلى بلده، وعين بمنصب رفيع جداً، بعد حين فقد بصره، زاره صديق له قال له: والله أتمنى أن أجلس على الرصيف أتكفف الناس وأن يرد لي بصري.

بصرك بيد الله، سمعك بيده، حركتك بيده، عقلك بيده، زوجتك بيده، أولادك بيده، حرفتك بيده، دخلك بيده، مكانتك بيده،

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
كل شيء بيد الله عز وجل، والله له منهج، والتعامل معه وفق قوانين، فأنت إذا أرضيت الله وحده رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، ودقق في هذا الحديث حيث لا يوجد أدق منه: ((من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس))
[أخرجه الترمذي والإمام أحمد وابن حبان عن عائشة أم المؤمنين]
ومن ابتغى أمراً بمعصية، كان أبعد ممن رجا، وأقرب ممن اتقى، لذلك ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
عندك أجير أخذ قراراً ببيع المحل، المحل ليس له، من صلاحيات الأجير يبع المحل؟ يطلب منك تعويضاً، يطلب منك زيادة راتب، أما يبيع المحل وأنت لا علم لك فهذا لم يعد أجيراً صار شريكاً، القصة كلها كل ما سوى الله أجير، فإذا أنت عاملتهم كشركاء تكون وقعت في الشرك الخفي، هذا الشرك الخفي خطير جداً، لذلك: (( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ـ أما إني لست أقول أنكم تعبدون صنما ولا حجراً ـ ولكن شهوة خفية وأعمال لغير الله ))
[ أخرجه البزار عن عبد الرحمن بن غنم ]
أريد أن أقول لكم: هل يمكن أن يضغط الدين كله بكلمة واحدة؟ نعم إنها التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:37 AM   #8


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثامن )

الموضوع : قال تعالى ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الآلهة التي عُبدت من قبل آلهة لا وجود لها أصلاً إنما أوجدها بشر ضعاف العقول :
لا زلنا أيها الأخوة في آيات الأمثال، والآية اليوم:
﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
[ سورة الروم ]

أيها الأخوة، في حياة الناس، في حياة المجتمعات، في حياة الإنسان، في أي مكان، هناك موظف، وهناك شريك، والفرق بينهما كبير جداً، الموظف ينبغي أن يأتمر بما أمرت، وأن ينتهي عما عنه نهيت، الموظف بإمكانك أن تبقيه، أو أن تفصله، الموظف بإمكانك أن ترفع أجرته، أو ألا تستجيب له، لكن هذا الموظف لا يستطيع بيع الشركة، ولا رصد صفقة، ولا عقد شراكة، هذا موظف لكن الشريك يحاسبك، الشريك يطلب الحسابات، الشريك مخير أن يفصلك أو ينهي هذه الشركة، أنت وازن بين موظف وبين شريك، المسافة كبيرة جداً بينهما، فهل يعقل أن تعزو لله شركاء يتصرفون في ملكه كما يشاؤون؟ هل ترضى هذا لنفسك؟.
الله عز وجل يقول: ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾
من حياتكم اليومية، من مجتمعاتكم، من عاداتكم وتقاليدكم، من طبيعة حياتكم، الشريك يخاف شريكه، لأن الشريك يحاسب، يطالبك بالحسابات، يطالبك بالوثائق، يطالبك بالدوام، يطالبك بأشياء كثيرة، أما الموظف فليس له الحق أن يلغي صفقة، ولا أن يعقد صفقة، ولا أن يبيع محل الشركة ـ مقرها التجاري ـ هذا مقرها التجاري، هل يعقل لموظف أن تعطيه صلاحية إدارة الشركة أو عقد صفقات أو رفض صفقات أو بيع المقر؟ مستحيل.
فكيف ترضون أنتم يا عبادي أن تنسبوا لشركاء توهمتم أنتم وجودهم، هم ليسوا موجودين، وتعطونهم صلاحية الرزق، والخير، والشر، هذا الذي فعله الإنسان، فعله أنه عبد آلهة من دون الله. ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾
[ سورة الزمر الآية: 3]
لذلك الآلهة التي عُبدت من قبل آلهة لا وجود لها أصلاً، إنما أوجدها بشر ضعاف العقول، توهموها آلهة وهي ليست كذلك. الله عز وجل ما أمر الإنسان أن يعبده إلا بعد أن طمأنه :
لذلك الآية:
﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ ﴾

يعني هذا المثل، وهذه آية المثل تعني شيئاً واحداً أنه لا إله إلا الله، لا متصرف في الكون إلا الله، لا معطي إلا الله، لا مانع إلا الله، لا معز إلا الله، لا مذل إلا الله، لا رافع إلا الله، لا خافض إلا الله، هذا هو الدين، الدين كله توحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
أنت حينما تتوهم أن الله أسلمك إلى جهة أرضية، كيف تعبده؟ أسلمك إلى طاغية أو إلى قوي، أسلمك إليه، وهذا الطاغية لا يعرف الله أبداً، أمرك بمعصية الله، فإذا توهمت أن مصيرك بيد هذا الطاغية أو هذا القوي أنت نقضت إيمانك كله. ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
[ سورة هود الآية: 123]
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك، أنت حينما تؤمن بدءاً من صحتك؛ عمل القلب، الشريان التاجي، عمل الكليتين، فشل كلوي، مرض عضال، يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، والله الأمراض العضالة شهد الله معظم الناس يتمنون الموت لأنها تحيل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق. بطولة الإنسان أن يوحد لأن الدين هو التوحيد :
لذلك حينما تعزو ما أنت فيه إليك وتنسى الله، وقعت في الشرك الخفي إذا كنت تدعي أنك مؤمن، لكن البطولة أن توحد، لأن الدين هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، ألا ترى مع الله أحداً، ألا ترى يداً تعمل وحدها، ألا ترى أن الأقوياء بيدهم الأمر، الأمر ليس بيدهم،
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
[ سورة هود الآية: 123]

ولكن من هم الأقوياء؟ هنا السؤال، الأقوياء هم عصي بيد الله، سيدنا هود ذكر هذا المعنى بدقة بالغة، أو ذُكر في القرآن على لسان سيدنا هود، قال:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[ سورة هود]
شأنك أيها الإنسان كشأن إنسان ضعيف أمام وحوش كاسرة، إلا أن هذه الوحوش كلها مربوطة بأزمة متينة لا تنقطع، بيد جهة عليمة، حكيمة، رحيمة، عادلة، فأنت أيها الإنسان الضعيف علاقتك مع هذه الوحوش أو علاقتك مع من يملك ناصيتها؟ ضعاف الإيمان علاقتهم مع الوحوش، المؤمنون علاقتهم مع من يملكون الوحوش. ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، أنت حينما ترى أن حياتك، وصحتك، ورزقك، وأهلك، وأولادك، وعلاقاتك، بيد الله عليك أن تعبده.
سيدنا النبي الكريم، أردف معاذ بن جبل وراءه، قال: يا معاذ ما حق الله على عباده؟ ـ كان متأدباً ـ قال: الله ورسوله أعلم، سأله ثانية وثالثة، ثم أجابه، قال: يا معاذ حق الله على عباده أن يعبدوه، وألا يشركوا به شيئاً، ثم سأله: يا معاذ ما حق العباد على الله إذا هم عبدوه؟ قال: الله ورسوله أعلم، سأله ثانية وثالثة، ثم أجابه، والآن دققوا في هذا الجواب قال: يا معاذ حق العباد على الله إذا هم عبدوه ألا يعذبهم.
هذا الكلام لنا جميعاً، يجب أن تطمئن، يجب أن يمتلئ قلبك رضاً، وأمناً، أنه مادمت على حق، لا تخف، ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
من يعمل عملاً يبتغي به وجه إنسان وينسى الواحد الديان فقد وقع في الشرك :
لذلك أيها الأخوة، الإنسان حينما يؤله غير الله لا يقول أن هذا إله، لا، لا أحد يقولها، أما حينما يتوهم أن مصيره بيده، حياته بيده، رزقه بيده، هذا الوهم شرك خفي، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:
(( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً، ولكن شهوة خفية، وأعمالاً لغير الله))
[ البزار عن عبد الرحمن بن غنم]

حينما تعمل عملاً صالحاً تبتغي به إنساناً وتنسى الواحد الديان، وقعت في الشرك.
أيها الأخوة، ما في مرض يسري في المؤمنين من دون أن يشعروا كالشرك الخفي، الدليل: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾
[سورة يوسف]
أنت حينما ترضي زوجتك وتعصي ربك مشرك، أنت رأيت أن إرضاءها أكبر عندك من إرضاء الله، فأرضيتها وعصيت ربك، هذا شرك، صدق ولا أبالغ ولست متشائماً لا ينجو من الشرك الخفي أحد، لكن البطولة أن تتابع لا أن تتوهم، أن فلاناً بيده مصيري، وفلاناً بيده دخلي، وفلاناً يستطيع أن يسرحني، وفلاناً يقدر أن يبعدني، لا لا . ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يسلمك إلى خلقه ثم يأمرك أن تعبده، ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
العقل مهمته الأولى أن يمنع الإنسان عن أن يخطئ أو أن يأخذ قراراً خاطئاً :
الآية:
﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾
من حياتكم، من علاقاتكم، ﴿ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾
ممن يعمل معكم تحت إمرتكم، ﴿ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾

للتقريب: أنت مدير شركة، أنت أسستها، اشتريت المحل والمستودعات، واشتريت البضاعة، وسافرت إلى المعارض، وروجت البضاعة، وعندك موظفون، هل يستطيع هذا الموظف أن يبيع الشركة أو أن يعقد صفقة من وراء ظهرك أو أن يلغي صفقة أو أن يأخذ مقام الشريك؟ لا، مستحيل! هذا موظف، الشريك شيء آخر.
قال: ﴿ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾
أنفسكم أي شركاؤكم بالعمل التجاري، أنت تحسب ألف حساب للشريك، بإمكانه أن يفك الشركة، تحسب ألف حساب للشريك، بإمكانه أن يحاسبك، تحسب ألف حساب للشريك، بإمكانه أن يدقق الحسابات، أما الموظف فليس من صلاحيته، ولا من مقامه، ولا من شأنه أن يدقق الحسابات، لأنه موظف.
إذاً: ﴿ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾
أي كخيفتكم من شركائكم، ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
لِمَ سمي العقل عقلاً؟ لأنه يعقلك عن أن تخطئ، قال له: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله : أأعقلها أم أتوكل على الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام : اعقلها وتوكل))
[رواه الترمذي وابن ماجه وقال حديث حسن صحيح]
عقلته: ربطته، العقل مهمته الأولى أن يمنعك عن أن تخطئ، يمنعك أن تأخذ قراراً خاطئاً، هذه مهمة العقل، فلذلك ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
وهذه الآية المثل تبين أن الشريك شريك، والأجير أجير، فإذا توهمت أن هذا الأجير بإمكانه أن يتخذ قرارات من صلاحية صاحب الشركة، فأنت في سذاجة كبيرة جداً، وكذلك من يقع في الشرك الخفي.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:39 AM   #9


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( التاسع )

الموضوع : قال تعالى ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
المقارنة بين إنسان خامل معتزل الناس وبين إنسان يأخذ بيد الخلق إلى الله :
أيها الأخوة الكرام، من آيات الأمثال هذه الآية، وهي قوله تعالى:
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة النحل: 75 ]

إنسان مكبل، مقيد، خامل، منطوٍ على نفسه، معتزل الناس، لا يفكر بعمل صالح، ولا بخدمة إنسان، ولا بعطاء، ولا بنصيحة، ولا بدعوة، يعيش ليأكل، وإنسان آخر:
﴿ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا ﴾
[ سورة النحل: 75 ]
رزقه علماً، ومالاً، وحكمة، وطلاقة لسان، وقدرة على التأثير، يعمل ليلاً نهاراً في خدمة الخلق، يأخذ بيد الخلق إلى الله، يوفق بينهم، يقرب فيما بينهم، يطعم جائعهم، يرعى مريضهم، يصل من قطعه، يعطي من حرمه، يعفو عمن ظلمه، هل هناك تساوٍ بين هذين الشخصين؟ ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة: 18 ]
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة الجاثية: 21 ]
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن :
أيها الأخوة الكرام، أريد أن أبين لكم هذه الحقيقة، هناك من يتوهم أن الفرق بين المؤمن وغير المؤمن؛ أن المؤمن يصلي فقط، ويصوم، ويحج بيت الله الحرام، ويؤدي زكاة ماله، لا والله، والله الفرق لا تستوعبه الصفحات، ولا خطب في سنوات، الفرق جوهري، هناك ذهب عياره أربعة وعشرون، و ذهب عياره واحد وعشرون، وذهب ثمانية عشر، الفرق بينهما بالدرجة، لكن هناك قطعة ألماس رأيتها بعيني في متحف في اسطنبول، توبي كوبي، ثمنها مئة وخمسون مليون دولار، بحجم البيضة، وهناك قطعة فحم لا تساوي قرشاً، والألماس أصله فحم هل يستويان؟

أنا أريد أن أقول لكم المؤمن الحقيقي إنسان آخر، إنسان آخر بمبادئه، بقيمه، بأخلاقه، بأذواقه، برحمته، بعدله، بإنصافه، بسعادته، بتوفيقه، الدعاة إلى الله لا يدعونكم إلى أن تصلوا فقط، يدعونكم إلى سعادة الدنيا والآخرة، يدعونكم إلى الفلاح، أن تكسب الدنيا والآخرة معاً، أو أن تكون نعم الدنيا متصلة بنعم الآخرة، إذا دعاك الله إليه، دعاك إلى رحمته، دعاك إلى أن تكون غنياً، قوياً، عفيفاً، متألقاً، تملك سعادة الدنيا والآخرة.

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا ﴾
[ سورة النحل: 75 ]
تجلس مع إنسان لا يحدثك كلمة في الدين، إلا بأسعار السيارات، بالأسهم، بالتجارات، بالبيوت، والمركبات، همه الدنيا، لذلك ورد في بعض الأحاديث: (( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة ))
[ الترمذي عن أنس]
عرف أنه مخلوق للجنة، مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض. عدم استواء المؤمن مع غير المؤمن بنص القرآن الكريم :
إنسان عرف الله، عرف طريقه إلى الجنة، عرف الحق والباطل، عرف الخير والشر، عرف الحلال والحرام، عرف ما يمكن وما لا يمكن، ما يجوز وما لا يجوز، تضبطه القيم، تحكمه المبادئ، يرتقي من حال إلى حال، إنسان آخر عرف الطعام والشراب، عرف النساء، عرف الشهوات، يعبدها من دون الله، اتخذ إلهه هواه
الفرق كبير جداً أكبر مما تتصورون، لذلك يكفيك قوله تعالى:

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة: 18 ]
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة القلم: 35-36]
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 5-6]
وبنى حياته على العطاء، يتقرب إلى الله بالعطاء، بخدمة الخلق، بنصيحتهم، يرحمهم، يحلم عليهم، يصبر على مسيئهم، ينتظر مدينهم، وبين إنسان يسعى لشهوته، يسعى لمتعته، فرق كبير جداً، لذلك : ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة القلم: 35-36]
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة: 18 ]
المؤمن واضح يعمل تحت ضوء الشمس و لا يخشى في الله لومة لائم :
الآية دقيقة جداً:
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
[ سورة القصص: 61 ]
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا ﴾
[ سورة النحل: 75 ]

مقيد بشهواته، محبوس في ترهاته، مرة كنت في الكويت ألقى أخ محاضرة كان في بلد محتل من قبل العدو الصهيوني، لكن أهله على درجة عالية من التدين، أقسم لي بالله قال لي: نحن المحاصرون، وليسوا هم، نحن محاصرون بشهواتنا، ومصالحنا، هم أحرار، فلذلك المسافة كبيرة جداً بين الذهب وهو من أثمن المعادن وبين أخس المعادن، أنا مرة اطلعت على مقالة سفينة قبل مئتي عام غرقت في المحيط الأطلسي، ومحملة بخمسة أطنان من الذهب الخالص، في النهاية عثر عليها، واستخرجوا الذهب، ونظرت إلى صورة الذهب، مئتا عام في البحر وكأن الذهب يلمع لمعاناً مذهلاً، الذهب ذهب، المؤمن ألماس أو ذهب، لا يخونك، لا يكذب عليك، لا يحتال عليك، لا يغتابك، لا يمكر فيك، لا ينافق، لا يتذلل، لا يتضعضع، ليس دخيلاً، كريم، مبادئه واضحة، يعمل تحت ضوء الشمس، لا يخشى في الله لومة لائم، المؤمن واضح.
((قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ))
[ابن ماجه عن العرباض]
المسافة الكبيرة بين المؤمن و الكافر :
الآية التالية تريد أن تبين كم هي المسافة كبيرة بين مؤمن وكافر، أقسم لكم بالله لو أن إنساناً دخله لا يزيد عن مبلغ لا يكفيه أسبوعاً من الشهر، وساكن في بيت صغير، قميء، وطعامه خشن، وثيابه خشنة، لكنه مؤمن، لكنه يعرف الله، وآخر معه ألف مليار، ألف مليون، وساكن بأجمل بيت، ويركب أجمل مركبة، وعنده أجمل زوجة، يقتني أغلى الآلات، ليس هناك مسافة تجمع بينهما:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
[ سورة السجدة: 18 ]
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة النحل: 75 ]
بل أكثرهم لا يعلمون السعادة التي ينعم بها المؤمن، لا يعلمون الأمن الذي يملأ قلب المؤمن، لا يعلمون الراحة التي يعيشها المؤمن، لا يعلمون البصيرة التي يملكها المؤمن، لا يعلمون مقدار هذا النور الذي يقذفه الله في قلب عبده المؤمن. المؤمن مقيد بالإيمان وبمنهج الرحمن والإنسان الآخر متفلت يفعل أي شيء من أجل متعته
مثل آخر:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ﴾
[ سورة النحل: 76 ]
أخرس، لا يتكلم كلمة خير، ولا يفكر بدعوة إلى الله، ولا بنصيحة، ولا بالتوفيق بين شخصين: ﴿ أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[ سورة النحل: 76 ]
من خلال هذين المثلين في هذه الآية يتضح أن المسافة كبيرة جداً بين مؤمن وغير مؤمن، وآيات كثيرة تدعونا إلى الموازنة، إنسان ترتاح له، لا تخاف منه، لا تخاف أن يغدرك، لا تخاف أن يطعنك بالظهر، لا تخاف أن يغتابك، لا تخاف أن يحتال عليك، لا تخاف أن يفعل معك شيئاً لا يرضي الله. (( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ ))
[ أخرجه أبو داود عن أبي هريرة ]
مقيد بالإيمان، مقيد بمنهج الرحمن، والإنسان الآخر متفلت، يفعل أي شيء من أجل متعته، يرتكب كل حماقة من أجل شهوته، يركب رأسه أحياناً، يتناقض، يقسو ولا يرحم، يأخذ ولا يعطي، يعلو ولا يتواضع، هؤلاء النموذجان في حياة الناس. الناس عند الله نموذجان لا ثالث لهما :
لذلك:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
[ سورة الليل: 1-4 ]

على وجه الأرض ستة آلاف مليون إنسان، يتحركون، قف على شرفة بيتك وانظر إلى الطريق الساعة الثامنة، مزدحم بالمركبات، والمشاة، كل إنسان يتحرك إلى هدف، تصور ستة آلاف مليون إنسان في القارات الخمسة يتحركون، كل هذه الحركات لا تزيد عن حركتين، فقط:
﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات :5-6 ]
صدق أنه مخلوق للجنة فاتقى أن يعصي الله فبنى حياته على الإحسان، والثاني: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآية : 8-9 ]
كذب بالجنة تكذيباً عملياً، لم يعبأ بها إطلاقاً، إنسان بالثمانين أنشأ كازينو في لبنان، بالثمانين لا يدخل الجنة في حسابه إطلاقاً، لا الجنة ولا النار، الثاني؛ كذب بالحسنى، كذب بالجنة، فاستغنى عن طاعة الله، فبنى حياته على الأخذ، المؤمن يعطي، غير المؤمن يأخذ، هذا الفرق الكبير، المؤمن يسعده العطاء، الآخر يسعده الأخذ.
فلذلك أيها الأخوة، كأن الله عز وجل يريد من هذه الآية التي فيها مثلان أن يبين المسافة الكبيرة جداً بين المؤمن وبين غير المؤمن.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-08-2018, 07:42 AM   #10


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
البشر نوعان؛ مُقبل ومُعرض :
أيها الأخوة الكرام، آية المثل هي قوله تعالى:
﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾
[سورة المدثر]

بالمناسبة، من الصور البلاغية والبيانية التشبيه، فقد يشبه الله في قرآنه الكريم شيئاً بشيء بأداةٍ ووجه شبه، فإذا قلت مثلاً: عليٌ كالأسد في الشجاعة، فعليٌّ مشبه، والأسد مشبه به، والأداة هي الكاف، ووجه الشبه، هو الأسد، في أي تشبيهٍ لابدّ من مشبهٍ ومن مشبهٍ به ومن أداة التشبيه ومن وجه الشبه، هذه أركان التشبيه، لذلك قد تكون الأداةُ مثل، أو الكاف، أو ما شاكل ذلك، وقد تحذف الأداةُ ويحذف وجه الشبه عندئذٍ يكون التشبه بليغاً، عليٌ أسدٌ، فقد حذفنا وجه الشبه في الشجاعة، وحذفنا أداة التشبيه الكاف، وقد يكون التشبيه تاماً، فيه وجه الشبه، وأداة، ومشبه، ومشبه به.
في هذه الآية الله عز وجل يُشبه الإنسان الذي أعرض عنه بالحمر، ذكرته فلم يتذكر، نبهته فلم ينتبه، وعظته فلم يتعظ، لفتّ نظره فلم يلتفت، بالغت في توضيح الحقائق له فجعل أصابعه في آذانه، وقال: إنا عن هذا الكلام معرضون، هذا الإنسان المعرض، فالبشر نوعان: مقبل ومعرض، مستقيم ومنحرف، من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة، محسن أو مسيء. من أعرض عن ذكر الله عز وجل له حياة شقيّة تعيسة :

في النهاية البشر على اختلاف مللهم، ونحلهم، وانتماءاتهم، وطوائفهم، ومذاهبهم، وتياراتهم، وتابع هذا التقسيمات إلى ما شاء الله، كلها تقسيمات بني البشر، لكن البشر جميعاً عند خالق البشر صنفان:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾
[سورة الليل]
عرف الله، انضبط بمنهجه، أحسن إلى خلقه، سلم، وسعد في الدنيا والآخرة، غفل عن الله، تفلت من منهجه، أساء إلى خلقه، هلك وشقي في الدنيا والآخرة، هم نموذجان، فهذا الذي ذكرته فلم يتذكر، نبهته فلم ينتبه، دعوته فلم يستجيب، أعرض عن ذكر الله. ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
[سورة طه الآية:124]
له حياة شقية. ضيق القلب هي المعيشة الضنك التي يعاني منها القوي والغني الغافل عن الله عز وجل :

لكن هناك أحد المفسرين لفت نظري في هذا التساؤل، قال: فما بال الأقوياء والأغنياء؟ ملك يملك كل البلاد، كفرعون مثلاً، ما معيشته الضنك؟ لو طلب الأشياء النادرة المستحيلة كانت أمامه، هذا شأن الملك دائماً، والغني الذي يملك مليارات ممليرة، ما معنى المعيشة الضنك عند هؤلاء؟ عند الأقوياء وعند الأغنياء، المال موجود، الأطباء كلهم في خدمته، القصور، الطعام، الشراب، الأثاث، الثياب، المكانة، هؤلاء الأقوياء والأغنياء ما هي المعيشة الضنك التي يعيشونها؟ على الشبكية لا يوجد معيشة ضنك، هناك بيوت، و قصور، ومركبات، وطعام، ووجاهة، وإعلان، وإعلام، ما معنى المعيشة الضنك عندهم؟ قالها هذا المفسر: إنها الشدة النفسية، ضيق القلب، صدقوا ولا أبالغ، بقلب المعرض عن الله من القلق والخوف ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم.

تشبيه الإنسان الغافل عن الله بحمر سمعت صوت الأسد فولت هاربة لا تلوي على شيء :
قال تعالى:
﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾
لعلكم تذكرون أن حمر الوحش، الحمر المخطط طولاً، بيضاء وسوداء، هذه الحمر إن سمعت صوت الأسد ولت مدبرة لا تلوي على شيء.
لذلك قال تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾

قسورة: الأسد، معنى ذلك أن الله يشبه هذا الإنسان الغافل، هذا الإنسان المعرض، هذا الإنسان الشارد، هذا الإنسان الذي لم يستجيب، لم يرعوِ، لم يتأثر، لم يفعل شيئاً في حياته، هو غارق بملذاته وشهواته، هذا شبه بحمر سمعت صوت الأسد فولت هاربة لا تلوي على شيء، المستنفرة غير نافرة، طبعاً نَفَرَ ينفرُ نافر، هنا مستنفرة، من شدة الخوف، أي بعضها ينفر من بعض.
هناك تجربة دقيقة جداً تعني شيئاً كثيراً، جاؤوا بقرد وضعوه بقفص، علقوا في سقف القفص فاكهة الموز، والقرد يحبها كثيراً، فلما تطاول ليأكل من هذه الفاكهة جاء من يضربه وينهاه، لما تطاول ثانيةٍ جاء من يضربه وينهاه، ثالثةً رابعةً فيئس، أدخلوا عليه قرداً آخر، فلما تطاول هذا الآخر ليأكل من هذه الفاكهة، القرد الأول هو الذي نهاهُ وعنفه.
أحياناً الناس يخافون، من مظاهر خوفهم أنهم يُخوفون بعضهم بعضاً، أي إذا الإنسان تكلم بكلمة حق هناك من يعترض عليه، يقول له: ليس لك من هذا الكلام، دعك من هذا الكلام، انجُ بريشك، الناس عندئذٍ يسهمون بتخويف بعضهم بعضاً، لذلك: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[سورة آل عمران]
فأنت أحياناً مشكلتك مع الناس، لو وقفت موقفاً أخلاقياً، لو وقفت موقفاً جريئاً، لو وقفت موقفاً رائعاً، الذين يخوفونك هم الذين حولك، ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ ﴾
جمع حمار، وهو حمار الوحش، ﴿ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾
كل حمار ينفر الآخر، ليست القضية المجموع خاف من هذا الوحش، لا، الواحد من هؤلاء الحمر يخوف الآخر، ﴿ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾
القسورة هي الأسد. كل إنسان أعرض عن ربه وتوجه إلى شهواته فهو ممن تنطبق عليه الآية التالية :
لذلك أيها الأخوة، من يتمنى أن يشبه في القرآن الكريم بالحمر المستنفرة؟ هذا كلام الله، هذا هو الحق المبين، هذا هو كلام خالق السماوات والأرض، فكل إنسان أعرض عن ربه، وتوجه إلى شهواته، ولم يستجيب لنداء الله عز وجل، فهو ممن ينطبق عليه هذا الكلامُ العظيم،
﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾

مثلاً: تجد إنساناً غافلاً عن الله، شارداً، غارقاً في ملذاته، في انحطاطه، قد يشعر بألمٍ في القسم الأيسر من صدره، يذهب إلى الطبيب فإذا هي آفة قلبية، تقربه من الموت، الهلع، والخوف، والجزع، واختلال التوازن، شيء لا يصدق.
مرة سألت طبيب قلب مقيم في أمريكا عن حال مرضاه الذين أصيبوا بأمراض القلب، قال لي: فزعهم عجيب، الإنسان إذا شرد عن الله، ولم يستجب لله، ليس له عمل يقبله الله عز وجل، هذا إذا أصابه مرض عضال انهارت معنوياته.
حدثني أخٌ كريم يعمل مضيفاً في طائرة، هذه الطائرة دخلت في سحابة مكهربة وكانت على وشك السقوط، طبعاً تحطمت مقدمتها، تحطم زجاج الطيار، واختل توازنها، وكانت على وشك السقوط، يصف لي ركاب الطائرة وصفاً لا يصدق، أكثرهم يضربُ وجهه بيديه، بعضهم مزق ثيابه، بعضهم صاح: يا ويلتاه، أي وضع الركاب وضع مخيف، فاضطراب الركاب سبب ضغطاً على الطيار، فطلب من بعض المضيفين أن يهدئهم، فقال له: لا أحد يستجيب لي، فأجابه: ابحث عن إنسان هادئ، فوجد إنساناً هادئاً فقال: هذا أنسب إنسان، فقال له: قم وأعن الطيار على تهدئة الركاب، وجده مغمىً عليه، هذا الوحيد. ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾
أي إنسان درس وتعلم ولم يعبأ بمنهج ربه فهذا مثله عند الله كمثَلِ الْحِمَارِ :
مثل آخر، قال تعالى:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
[سورة الجمعة الآية:5]

بربك، ائتِ بحمار وعلى ظهره كتاب بالفيزياء، كتاب بالفلك، كتاب بالإعجاز العلمي، كتاب بالطب، كتاب بالفلسفة، وسر به ساعة من الزمن، ثم اسأله سؤالاً عن الفلك، عن المجرات، عن الأبعاد الفضائية، عن الشمس، عن القمر، أو اسأله سؤالاً بالفيزياء، عن الطاقة، أو المادة، أو تحول ذاتهما، أو اسأله سؤالاً بالكيمياء، أو اسأله سؤالاً بالرياضيات، بماذا يجيبك؟
﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
﴿ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
[سورة الجمعة الآية:5]
فأي إنسان درس وتعلم ونال شهادات عليا، وعاش لشهواته، وحظوظه، ولم يعبأ لا بمنهج، ولا بدين، ولا بحلال، ولا بحرام، هذا مثله عند الله عز وجل ﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
مرة ذكرت في الخطبة كلمة حمار، فهناك إنسان لم يرتح لهذه الكلمة، ولم يرَ بها صواباً، لا يقال على المنبر كلمة حمار، فقلت له: من قال لك ذلك؟ الله عز وجل بالقرآن ذكر كلمة حمار في كتابه لكريم، ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
لكن بالمناسبة البشر، بل علماء بني البشر، أو نخب بني البشر، أو أذكى أذكياء بني البشر، لا يستطيعون أن يتنبؤا بالزلزال ولا قبل ثانية واحدة، بينما الحمار يتنبأ به قبل عشرين دقيقة، في زلزال تسونامي هناك قبيلة نجت بأكملها، حينما رأت الحمير قبل عشرين دقيقة من الزلزال تفر نحو الجبل، فلحقت الحمير فنجت.
لحكمة بالغة، إنسان معه دكتوراه، معه أعلى شهادة، لا يستطيع التنبؤ ولا قبل ثانية بالزلزال، بينما الحمار يتنبأ به قبل عشرين دقيقة.

والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
لن, امثال, القران, الكريم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سور القران الكريم كاملا السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 594 04-18-2018 02:32 PM
الفواكه المذكورة في القران الكريم السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 3 11-16-2017 07:22 PM
اشهر قراء القران الكريم السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 2 11-13-2017 11:19 AM
مد التاءات وقبضها في القران الكريم عاشقة الأنس رِيَاضُ أَرْوِقَةُ الأُنْس 6 10-31-2015 01:34 PM
قصة نبي ورد ذكره في القران الكريم ، بحث عن قصة نبي ورد ذكره في القران الكريم سجى ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين 1 09-17-2014 11:17 AM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 09:11 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.