سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة

رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة (السيرة النبوية الكاملة ، سيرة سيدنا محمد عليه آفضل الصلاة والسلام)

الإهداءات

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 06-24-2018, 02:56 PM   #11


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الحادى العاشر )


الموضوع : هدية فى الذكر



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هديه صلى الله عليه وسلم في الذكر :
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق ذكراً لله عز وجل، بل كان كلامه كله في ذكر الله، كلامه كله في ذكر الله.
((ابن آدم إنك إن ذكرتني شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني))
[رواه الطبراني عن أبي هريرة]
﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾
[سورة آل عمران: 102 ]
أي أن تذكره فلا تنساه، فكان أمره ونهيه وتشريعه للأمة ذكراً منه لله.
الحقيقة أوسع نشاط ديني على الإطلاق هو ذكر الله؛ تلاوة القرآن ذكر لله، الدعاء ذكر، الاستغفار ذكر، التفكر في خلق السماوات والأرض ذكر، البحث عن الحكم الشرعي لتطبقه ذكر، الأمر بالمعروف ذكر، الحقيقة العظمى هي الله، أي شيء يقربك منه.. بحثت عن حكم شرعي كي تتقرب إلى الله بتطبيقه؛ ذكر، أمرت بالمعروف ذكر، نهيت عن المنكر ذكر، استغفرت، دعوت، سبحت، حمدت الله، كبرت الله، وحدت الله؛ أي كلمة، أي تصرف يقربك هو ذكر. (( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : وَذَلِكَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))
[ رواه مالك والترمذي وأحمد في المسند والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء ]
العبادة التي تلازم الإنسان في كل شيء هي ذكر الله عز وجل :
كان أمره ونهيه وتشريعه للأمة ذكراً منه لله، وإخباره عن أسماء الله عز وجل، وصفاته، وأحكامه، وأفعاله، ووعده ووعيده؛ ذكراً منه لله، وثناؤه عليه بآلائه، وتمجيده، وحمده، وتسبيحه ذكراً منه له، وسؤاله ودعاؤه، ورغبته ورهبته؛ ذكراً منه له، وسكوته وصمته ذكراً منه له:
((أمرت أن يكون صَمْتي فِكْرا ً- التفكر ذكر - ونُطْقِي ذِكْراً ، ونظري عبرة ))
[رواه القرطبي عن أبي هريرة]
فكان ذاكراً لله في كل أحيانه، وعلى جميع أحواله، وكان ذكره لله يجري مع أنفاسه؛ قائماً وقاعداً وعلى جنبه: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾
[سورة الأحزاب : 41]
﴿ويتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
[ سورة آل عمران: 191]
وفي مشيه، وركوبه، ومسيره، ونزوله، وظعنه، وإقامته، الصلاة خمس صلوات، الصوم ترك الطعام والشراب، أما الشيء الذي يدور معك في كل وقت، في كل أوقات اليوم؛ في الصباح، و المساء، في البيت، وخارج البيت، في السفر، والحضر، والإقامة، والطعام والشراب، في أي نشاط من نشاطات الإنسان، العبادة التي تلازمه دائماً هي ذكر الله، وقد برأ من النفاق من أكثر من ذكر الله، كان إذا استيقظ قال: (( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النُّشور ))
[أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود عن حذيفة بن اليمان]
((وكان إذا هب من الليل؛ كَبَّرَ اللهَ عَشراً، وحَمِدَ اللهَ عشراً، وقال: سبحَانَ اللهِ وبِحَمدِهِ عشراً، وقال: سُبحانَ المَلِك القُدُّوس عشراً، واستَغفَرَ الله عشراً، وهَلَّل عَشْراً، و قال: اللَّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من ضِيقِ الدُّنيا، وضِيقِ يَوْمِ القيامَةِ عشراً، ثم يَستفْتِحُ الصَّلاة))
[أخرجه أبو داود عن شريق الهوزني]
أنواع الذكر :
طبعاً هناك ذكر باللسان، و ذكر بالقلب، و ذكر يجمع بينهما، أكمل ذكر أن تذكره بلسانك، وبقلبك معاً:
((لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي ، وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا ، وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ))
[أبو داود والنسائي والبيهقي عن عائشة أم المؤمنين]
((ومرة استيقظ من الليل فقال:لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))
[رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ]
هناك ملاحظة أن هذه الأذكار المسلمون حينما رددوها، وأكثروا منها، ولم يكونوا في مستواها؛ كأنهم فرغوها من معناها؛ فصارت كلاماً؛ قد لا يعني شيئاً؛ وهذه من آفات الدين؛ أن يفرغ من مضمونه؛ من آفات الدين أن يصبح شكلاً؛ كلمات تردد، حركات تؤدى، أما حينما نجدد الدين؛ فنعطي هذه الأذكار حجمها، نعطيها مضمونها، نعطيها شحنتها الانفعالية، نعطيها أبعادها الصحيحة. من أذكار النبي صلى الله عليه و سلم :
وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أنه إذا استيقظ يتلو قوله تعالى:
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
[ سورة آل عمران: 190 -191]
من أذكاره صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت،وبك خاصمت، وإليك حاكمت؛ فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم))
[رواه النسائي عن عبد الله بن عباس]
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (( كان عليه الصلاة والسلام إذا قام من النوم قال: اللَّهمَّ رَبَّ جِبرِيلَ و مِيكائِيلَ و إِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ، عَالمَ الغَيبِ والشهادَةِ، أَنتَ تَحكم بَينَ عِبَادِكَ فيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفون، اهدني لِما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بِإِذنِكَ، إِنَّكَ تَهدي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ))
[ أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن عائشة ]
أنواع الاختلاف :
ذكرت سابقاً أن هناك اختلافاً طبيعياً هو اختلاف نقص المعلومات، فالمعلومات الواضحة تحسم هذا الخلاف:
﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾
[سورة البقرة:213 ]
هذا الخلاف اختلاف طبيعي؛ أساسه نقص المعلومات، يأتي الوحي فيحسمه، هذا اختلاف طبيعي.
لدينا اختلاف مذموم؛ اختلاف الحسد، و الغيرة، والبغي، والعدوان: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾
[سورة آل عمران:19]
تجد المسلمين إلههم واحد، نبيهم واحد، كتابهم واحد، والسنة واحدة؛ متمزقون، مختلفون؛ لماذا؟! اختلاف مصالح، اختلاف بغي، اختلاف حسد؛ الخلاف الثاني مذموم .
الخلاف الثالث محمود، اختلاف التنافس؛ هذا الدعاء يقول عليه الصلاة والسلام: ((اهدني لِما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بِإِذنِكَ))
[ أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن عائشة]
من الحق.. ونحن في دائرة الحق، يا ترى أأذكر الله؟ أم أصلي؟ أم أتفكر؟ أم أنفق مالي؟ أم أذهب إلى المسجد....ماذا أفعل؟ هناك رغبة بالقرب من الله؛ وكل إنسان يرى أن هذا العمل يقربه أكثر؛ فصار هناك اختلاف؛ اختلاف تنافس؛ هذا الاختلاف محمود.
هذا في استيقاظه وصلاته وقيامه الليل. هدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الذِكْر إذَا خَرجَ مِنْ بَيِتِه أَو دَخل :
خرج من بيته:
((اللَّهمَّ إني أعوذ بك أَن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أَو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظلِمَ أوْ أُظْلَم، أو أَجهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ ))
[رواه أبو داود عن أم سلمة]
خرج من بيته مرة: ((قال : بسم الله، توكلت على الله، ولا حولَ، ولا قوة إلا بالله، يُقال له: حَسْبُك، هُدِيتَ، وكُفِيتَ، ووقِيتَ، وتنحَّى عنه الشيطانُ ))
[أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ]
إِذا خرج الإنسان من بيته فقال: بسم الله، توكلتُ على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُدِيتَ، وكُفِيتَ، ووُقِيتَ.
أنت الآن خارج من بيتك في حفظ الله.
التقيت بشخص له وظيفة مرموقة، قال لي: أنا إن لم أصلِّ قيام الليل، وأصلِّ الفجر في جماعة، وأذكر الله حتى طلوع الشمس؛ أخاف أن أخرج من بيتي؛ عندي مطب، عندي مشكلة، أما إن ذكرت الله فأشعر في نفسي أنني محصن، أشعر في نفسي أنني في ظل الله، وفي عناية الله. أحاديث صحيحة عن النبي الكريم على الإنسان أن يحفظها :
كان عليه الصلاة والسلام إذا خرج لصلاة الفجر - كما أنتم تفعلون كل يوم - يقول :
((اللهم اجعل في قلبي نوراً، واجعل في لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل خلفي نوراً، ومن أمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، و اجعل من تحتي نوراً، اللهمَّ أعظم لي نوراً ))
[البخاري عن عبد الله بن عباس]
و كان عليه الصلاة والسلام يقول: ((ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللَّهمَّ إني أسألُكَ بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا إليك، فإني لم أخرج بَطَراً، ولا أشراً، ولا رِياءٌ، ولا سُمْعَةٌ، وإنما خرجتُ اتِّقَاءَ سخطك، وابتغاءَ مرضاتك، أَسألك أن تُنْقِذَني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ إلا وكَّلَ الله به سبعين ألف مَلَك يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يقضي صلاته))
[ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري]
دخل مسجد، يقول: ((أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسُلطَانِهِ القديم، من الشيطان الرجيم، فإذا قال ذلك قال الشيطان : حُفظ مني سائرَ اليوم ))
[أبو داود عن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ]
دخل المسجد مرة؛ فقال: (( إذا دخَل أحدُكم المسجد فَلْيُسلِّم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولْيَقُلْ: اللَّهمَّ افْتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللَّهمَّ إني أسألك من فضلك ))
[أخرجه مسلم والنسائي أبو داود عن أبي أسيد وأبي قتادة ]
وكان إذا أصبح النهار يقول: ((اللهمَّ بِكَ أصبحَنا، وبك أَمسيْنَا، وَبِكَ نَحيَا، وبِكَ نَمُوتُ، وإليكَ النُّشُور))
[أخرجه الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة]
وكان يقول: ((أصبَحنا وأصبَحَ المُلْكُ لِلهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذا اليوم، وخير ما بعده، وأعوذُ بكَ من شَرِّ ما فِي هذا اليوم، وشَرِّ ما بَعدَهُ، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكِبَرِ، ربِّ أعوذُ بكَ من عذابٍ في النارِ، وعذابٍ في القَبر))
[رواه مسلم والترمذي عن عبد الله مسعود]
وإذا قال: ((أمسينا وأمسى الملك لله))
[رواه مسلم والترمذي عن عبد الله مسعود]
تلاحظون كيف أنه مع الله دائماً؛ في كل حركاته وسكناته.
وكان يقول إذا أصبح: ((اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أنه لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءاً، أو أجره إلى مسلم ))
قال لأحد أصحابه: ((قلها إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك))
[ الترمذي عن أبي هريرة]
وما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل يوم: ((بسم اللهِ الذي لا يَضُرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهو السَّميعُ العليم - ثلاثَ مَراتٍ؛ إلا لم يضره شيء))
[أخرجه الترمذي وأبو داود عن إبان بن عثمان]
وقال النبي الكريم لبعض بناته: ((قُولي يا بنيتي حين تُصْبحينَ: سبحانَ الله وبحمدِهِ، و لا حول ولا قُوَّةَ إِلا بالله العلي العظيم، ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن، أعلمُ أَنَّ الله على كل شيءٍ قَديرٌ، وأَنَّ اللهَ قد أحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلما، فإنَّهُ مِن قَالَهُنَّ حينَ يُصبحُ؛ حُفِظَ حتى يُمسي، ومَن قَالهُنَّ حين يُمسي؛ حُفِظَ حتى يُصبحَ ))
[أخرجه أبو داود عن عبد الحميد مولى بني هاشم]
أي إذا تذكر الإنسان أن يدعو فمعنى ذلك أنه مع الله. ما يقوله الإنسان عند الإصابة بهمٍّ أو حزن :
الحياة كلها هموم، وكلها متاعب، وكلها مقلقات؛ فالنبي رأى رجلاً من الأنصار كئيباً، قال له: مالي أراك كئيباً؟ قال عليّ دين. قال له: ((قل - إذا أصبَحتَ وإذا أمسَيْتَ - : اللَّهمَّ إني أعوذ بك من الهَمِّ والحَزَنِ، وأعوذُ بك من العجْزِ والكَسَلِ، وأَعوذُ بك من الجُبْنِ والبخْلِ، وأعوذ بك من غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهرِ الرجال ))
[أخرجه أبو داود عن أبي سعيد الخدري]
من قالها أذهب الله همه ودينه.
قال مرة لابنته فاطمة: (( يا بنيتي ماذا يمنعك أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت : يا حي يا قيوم، بك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين؟ ))
[رواه البزار عن أنس بن مالك ]
والله أتمنى على الإنسان أن يقرأ هذه الأدعية حتى يحفظها غيباً، و يجعلها ورده الدائم.
ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه أتاه رجل يشكو إليه إصابة فقال له: قل إذا أصبحت: ((بسم الله على نفسي وأهلي ومالي؛ فإنه لا يذهب لك شيء))
[ كنز العمال عن ابن عباس]
والإنسان يقول : ((اللهم إني أسألُكَ عِلْماً نَافِعاً ، ورِزْقا طَيِّبا وَعَملاً مُتَقَبَّلاً ))
[ابن ماجه عن أم سلمة]
هذه جوامع الكلم.
ومن قال حينما يصبح ويمسي: ((حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم؛ كفاه الله ما أهمه))
[ابن أبي الدنيا في الفرج من طريق الخليل بن مرة]
((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي؛ فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ من قالها حين يصبح موقناً بها فمات من يومه دخل الجنة، ومن قالها حين يمسي موقناً بها فمات من ليلته دخل الجنة.))
[البخاري عن شداد بن أوس]
الدعاء طريق الإنسان للاتصال بالله عز وجل :
وفي المسند أنه صلى الله عليه وسلم علّم زيد بن ثابت، وأمره أن يتعاهد أهله في كل صباح:
((لبَّيْك اللهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخيرُ بين يدَيْكَ، ونحن بك وإليك ، اللهم ما قلت من قول، أو حلفت من حلف، أو نذرت من نذر؛ فمشيئتك بين يدي ذلك كله، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن،و لا حول ولا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير، اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت، أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، اللَّهُمَّ يا فَاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، ذا الجلال والإكرام، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا، وأشهدك - وكفى بك شهيداً - بأني أشهد أنه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك الحق، ولقاءك الحق، والساعة حق، وأنك تبعث من في القبور، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي؛ تكلني إلى ضعف، وعورة، وذنب، وخطيئة، وأني لا أثق إلا برحمتك؛ فاغفر لي ذنوبي كلها؛ إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم))
[ رواه الطبراني عن زيد بن ثابت]
بصراحة الإنسان لا يقدر أن ينتقل فجأة من عدم الدعاء إلى الدعاء؛ لكن يجب أن يوطن نفسه أنه كلما تحرك يدعو الله عز وجل؛ لا يهم أن تحفظهم؛ إن حفظتهم أكمل ولكن المهم أن تكون مع الله؛ إذا خرجت من البيت: يا رب احفظني، يا رب عليك توكلت، ليس شرطاً إن لم تستطع أن تحفظ أن تلغي الدعاء؛ بأي موقف اختر دعاء يناسب هذا الموقف؛ دخلت إلى الجامع: يا رب افتح لي أبواب رحمتك، خرجت منه : افتح لي أبواب فضلك، خرجت من البيت: أعوذ بك أَن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أَو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَجهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ.
فالدعاء صلاة؛ وأكمل آية: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾
[سورة المعارج: 23]
فأنت على اتصال بالله دائماً عن طريق الدعاء.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 02:58 PM   #12


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم







بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثانى العاشر )


الموضوع : هدية فى السلام والتسمية





الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام وفي التسمية :
هنا مسألة -يقول المؤلف- تدعو إلى التوقف.
كان عليه الصلاة والسلام إذا وضع يده في الطعام, قال: "بسم الله, ويأمر الآكل بالتسمية)".
ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى, فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله, فليقل بسم الله في أوله وآخره))
[ أبو داود عن عائشة]
لا بد من أن يسمي, فإذا نسي فليسم بعد أن يذكر: "بسم الله في أوله وآخره".
إذاً: هناك واجب على الآكل أن يسمي قبل أن يأكل.
هنا مسألة: أن الآكلين إذا كانوا جماعة, فسمى أحدهم, هل تزول مشاركة الشيطان لهم في طعامهم, بتسمية واحد منهم أم لا تزول؟
الإمام الشافعي يقول: "تسمية الواحد تجزئ عن الباقين".
وقال: "تسمية الواحد كرد السلام, إذا قام به البعض سقط عن الكل, وكتشميت العاطس".
وقد يُقال: "لا تُرفع مشاركة الشيطان للآكل إلا بتسمية كل آكل, ولا يكفيه تسمية غيره".
ولهذا جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه: ((إنا حَضَرنا مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- طعاماً، فجاءتْ جاريةُ كأنَّها تُدْفَعُ، فذهبت لتَضَعَ يدَها في الطعام، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيدها، ثم جاء أعرابيُّ فكأنما يُدفَع، فأخذ بيده، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الشيطان ليَستَحِلُّ الطعامَ, ألا يُذْكَر اسمُ اللَّه عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحِِلَّ بها الطعام، فأخذتُ بيدها، فجاء بهذا الأعرابيِّ ليستحلَّ به الطعام، فأخذتُ بيده، والذي نفسي بيده، إن يده لفي يدي مع يَدِها، ثم ذكر اسمَ اللَّه وأكل))
[أخرجه مسلم وأبو داود عن حذيفة بن اليمان]
ولو كانت تسمية الواحد تكفي لما وضع الشيطان يده في ذلك الطعام, مع أن رسول الله بينهم.
فالرأي الثاني: أنه لا يجزئ, لا بد من أن يسمي كلُّ آكلٍ على الطعام. الشِّبَع والأمن هما أثمن نعمة ينالهما الإنسان :
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نسي أن يسمي على طعامه, فليقرأ ﴿قل هو الله أحد﴾إذا فرغ))
[أبو نعيم في الحلية عن جابر]
وكان إذا رفع الطعام بين يديه يقول: ((الحمد الله حمداً كثيراً, طيباً, مباركاً فيه؛ غير مكفي ولا مودَّع, ولا مستغنى عنه ربنا))
[ البخاري عن أبي أمامة]
وكان يقول أحياناً: ((الحمد لله الذي أطعمنا, وسقانا, وجعلنا مسلمين))
[ أحمد عن أبي سعيد الخدري]
وكان يقول أحياناً: ((الحمد لله الذي أطعم وسقى, وسوغه وجعل له مخرجا))
[أبو داود عن أبي أيوب الأنصاري]
و كان يقول عليه الصلاة والسلام: ((الحمد لله الذي كفانا وآوانا))
[أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي أمامة الباهلي]
الله عز وجل قال: ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾
[سورة قريش الآية:4]
وهاتان النعمتان الشِّبَع والأمن هما أثمن نعمة ينالهما الإنسان: ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾
[سورة قريش الآية:4]
لو الإنسان كان شبعاناً وخائفاً, أو مطمئناً وجَوعان, لكان في وضع لا يحسد عليه أما شبعان ومطمئن, فهاتان نعمتان كبيرتان. الدعاء ذكر والذكر أن يكون الإنسان مع الله دائماً :
لذلك أيها الأخوة: (( إذا أصبح أحدكـم آمناً في سربه- طبعاً هذا أمن الإيمان- معافىً في جسمه، عنده قوت يومه، فكـأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
[ من الجامع الصغير عن عبد الله بن محصن ]
أي غير ملاحق, مطمئن إلى رحمة الله, معافى في جسمه, عنده قوت يومه.
وذكر البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((من أكل طعاماً فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا, من غير حول مني ولا قوة, غفر الله له ما تقدم من ذنبه))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن معاذ بن أنس]
ويُذكر عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قُرِّب إليه الطعام قال: ((بسم الله, فإذا فرغ من طعامه, قال: اللهم أطعمت وسقيت, وأغنيت وأقنيت, وهديت وأحييت, فلك الحمد على ما أعطيت))
[النسائي من طريق عبد الرحمن بن جبير المصري]
كما ترون الدعاء ذكر, والذكر أن تكون مع الله دائماً. ((ابن ادم! إنك إن ذكرتني شكرتني, وإذا ما نسيتني كفرتني))
[ ورد في الأثر]
وكان عليه الصلاة والسلام يقول إذا فرغ: ((الحمد لله الذي منَّ علينا وهدانا, والذي أشبعنا وأروانا, وكل الإحسان آتانا))
[ أبو داود عن عبد الله بن عمرو]
وفي السنة أيضاً أنه: ((إذا أكل أحدكم طعاماً, فليقل: اللهم بارك لنا فيه, وأطعمنا خيراً منه, ومن سقاه الله لبناً, فليقل: اللهم بارك لنا فيه, وزدنا منه, فإنه ليس شيء يجزىء من الطعام والشراب غيرُ اللبن))
[ أبو داود و الترمذي عن ابن عباس]
أي طعام: ((اللهم بارك لنا فيه, وأطعمنا خيراً منه, إلا اللبن وزدنا منه))
فيبدو أن اللبن غذاء مثالي.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس, ويحمد الله في كل نفس, ويشكره في آخره.
أي الشرب بثلاث وجبات, بينهما الحمد لله, وفي النهاية بينهما الحمد لله, والشكر في آخر الأنفاس. أَحْكَامُ الدّعْوة إلَى الطّعامِ :
((وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل على أهله ربما يسألهم: هل عندكم طعام؟ وما عاب طعاماً قط, بل كان إذا اشتهاه أكله, وإذا كرهه تركه وسكت, وربما قال: أجدني أعافه, إني لا أشتهي))
وكان يمدح الطعام أحياناً, كقوله لما سأل أهله الإدام فقالوا: ما عندنا إلا خل, فدعا به, فجعل يأكل منه, ويقول: نعم الأُدُمُ الخل.
وليس في هذا تفضيل له على اللبن, واللحم, والعسل, والمرض, وإنما هو مدح له في تلك الحال التي حضر فيها.
أي الخل مادة مذيبة, هكذا سمعت من بعض الأطباء أن استعمال الخل بشكل معتدل له أثر كبير في تنقية الشرايين مما علق بها من الكوليسترول.
فكان عليه الصلاة والسلام يحب الخل, ويأكله من حين لآخر, ويقول: ((نعم الإدام الخل))
[ أبو داود عن جابر]
وهذه وصفة طبية, لأن الخل يُذيب, فمن استعمل الخل من حين لآخر, فقد رشد.
بعضهم قال: قال هذا تطييباً لقلب من دعاه إلى أدم وخل.
هناك صحابي دعاه إلى خبز وخل فقط, فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم الإدام الخل))
قال هذا تطييباً لقلب هذا الصحابي.
وكان إذا قُرِّب إليه طعام وهو صائم, قال: إني صائم, وأمر من قُرِّب إليه الطعام وهو صائم أن يصلي, أن يدعو لمن قدمه, وإن كان مفطراً أن يأكل منه.
أنا أذكر رجلاً دعي إلى طعام في عهد النبي وكان صائماً, فقال: أجب, فأجابه وبقي صائماً فهموا أن الإجابة للطعام.
اللقاء هو أهم شيء, طبعاً في صيام النفل له أن يفطر؛ لكن النقطة الدقيقة تلبية دعوة أخيك أساسها أن تلتقي معه, فصار الطعام شيئاً ثانوياً.
وكان إذا دعي إلى طعام, وتبعه أحد, أعلم به ربَّ المنزل, وقال: إن هذا تبعنا, فإن شئت أن تأذن له, وإن شئت رجع.
أي هناك أدب, أحياناً شخص ليس مهيئاً نفسه, عنده ثمانية كراسي, دعا ثمانية, جاء شخص تاسع, لا يوجد عنده كرسي له مثلاً.
فكان عليه الصلاة والسلام يقول: إن هذا تبعنا, فإن شئت دخل, وإن شئت رجع.
وكان يتحدث على طعامه, كما تقدم في حديث الخل, وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله: سمِّ الله, وكل مما يليك. النبي عليه الصلاة والسلام كان يدعو إلى الطعام بحرارة و يثني على من يضيف المساكين:
وكان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً كما يفعله أهل الكرم, كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن, وقوله له مراراً:
((اشرب, فما زال يقول: اشرب, حتى قال: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكا))
[ البخاري عن أبي هريرة]
أيضاً هذه من السنة.
وكان عليه الصلاة والسلام يدعو إلى الطعام بحرارة, وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم, فدعا في منزل عبد الله بن بسر, فقال: ((اللهم بارك لهم فيما رزقتهم, واغفر لهم, وارحمهم))
[ الترمذي عن عبد الله بن بسر]
أحياناً الإنسان: يدعوك, الدعاء يطيب قلبه كثيراً. ((اللهم بارك لهم فيما رزقتهم, واغفر لهم, وارزقهم))
[ الترمذي عن عبد الله بن بسر]
وهناك دعاء آخر: ((اللهم أطعم من أطعمنا, واسق من سقانا))
[مسلم عن المقداد بن عمرو الكندي]
وهناك دعاء ثالث: ((أفطر عندكم الصائمون, وأكل طعامكم الأبرار, وصلت عليكم الملائكة))
[ابن ماجه عن عبد الله بن الزبير]
هذا دعاء, ودعاء ثان, ودعاء ثالث, (إذا إنسان دُعي إلى طعام).
وذكر أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما دعاه أبو الهيثم -هو وأصحابه- فأكلوا, فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم, قالوا: يا رسول الله! وما إثابته؟ قال: إن الرجل إذا دُخل بيته, فأُكل طعامه, وشُرب شرابه, فدعوا له, فذلك إثابته.
أي إنسان دعاك إلى طعام ينبغي أن تدعو له بإحدى هذه الأدعية الثلاثة.
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اللهم أطعم من أطعمني, واسق من سقاني))
[أحمد عن المقداد بن الأسود]
وأحد الصحابة سقاه لبناً فقال: ((اللهم أمتعه بشبابه))
[ ابن أبي شيبة في مسنده وأبو نعيم وابن عساكر عن عمرو بن الحمق]
فمرت عليه ثمانون سنة, لم ير شعرة بيضاء في رأسه.
الدعاء شيء كبير جداً؛ أنت تخاطب أكرم الأكرمين, تخاطب الإله, الفعال, القوي, فإذا كنت صادقاً في خطابك استجاب الله لك.
وكان عليه الصلاة والسلام يدعو لمن يُضيف المساكين, ويثني عليهم, فقال مرة: ألا رجل يضيف هذا رحمه الله, فقال للأنصاري وامرأته اللذين آثرا بقوتهما, وقوت صبيانهما ضيفهما: ((قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة))
[البخاري عن أبي هريرة]
هناك صحابي فقير استضاف أنصارياً, وآثره على طعامه وطعام أولاده, فلما بلغ ذلك النبي قال: (( قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة))
[البخاري عن أبي هريرة]
عَدم الْأَنَفَة مِن مؤَاكلة أَيّ إنْسانٍ:
وكان عليه الصلاة والسلام لا يأنف من مؤاكلة أحد؛ صغيراً كان أو كبيراً, حراً أو عبداً, أعرابياً أو مهاجراً.
هناك شخص إذا لم يكن الشخص الذي يأكل معه من مستواه يعدها إهانة؛ يأكل مع موظف صغير؟! يأكل مع مستخدم؟! يأكل مع حاجب؟! يأكل مع صانع؟! يعدها إهانة.
كان عليه الصلاة والسلام لا يأنف من مؤاكلة أحد؛ صغيراً كان أو كبيراً, حراً أو عبداً, أعرابياً أو مهاجراً.
حتى روى أصحاب السنن عنه أنه أخذ بيد مريض, فوضعها معه في القصعة, فقال: كُل بسم الله, ثقة بالله, وتوكلاً عليه.
الْأَكلُ بِالْيَمِين :
وكان يأمر بالأكل باليمين, وينهى عن الأكل بالشمال, ويقول:
(( إن الشيطان يأكل بشماله, ويشرب بشماله))
[مسلم عن ابن عمر]
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: ((كل بيمينك, فقال أحدهم: لا أستطيع, فقال: لا استطعت, فما رفع يده إلى فيه بعدها))
[مسلم عن أبي هريرة]
طبعاً الإنسان أحياناً يعصي كبراً, أما إذا كان لا يستطيع فعلاً فليس هذا هو المقصود.
قال له: ((لا أستطيع - كبراً-, فقال له: لا استطعت))
وقال شرَّاح الحديث: كبره حمله على ترك امتثال أمر رسول الله.
وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون أمرهم أن يجتمعوا على طعامهم فلا يتفرقوا, وأن يذكروا اسم الله عليه, يبارك لهم فيه.
وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها, ويشرب الشربة فيحمده عليها))
[مسلم عن أنس بن مالك]
ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أذيبوا طعامكم بذكر الله, والصلاة, ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم))
[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن عائشة]
هذا حديث مهم جداً, الآن اكتشف أن الإنسان يجب أن يأكل خمسين بالمئة من طعام اليوم في الصباح لأنه عقب هذا الطعام جهد طويل, ثماني ساعات, وأنه عليه أن يأكل خمساً وثلاثين بالمئة من طعامه ظهراً, أما طعام المساء فينبغي ألا يزيد عن خمسة عشر بالمئة.
يقول عليه الصلاة والسلام: ((ولا تناموا عليه, فتقسو قلوبكم))
الطعام وجبة دسمة جداً, يعقبها نوم, هذا الطعام سوف يترسب في جدران الشرايين, لأنه لا يوجد حركة, يذهب للتخزين دائماً, أما إذا أكلت وجبة دسمة, ثم كان هناك جهد كبير, فهذه الوجبة تحرق في الجهد.
فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((أذيبوا طعامكم بذكر الله, ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم))
[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن عائشة]
والإنسان إذا أكل وهو يذكر الله عز وجل هذا أهون للهضم, الحالة النفسية لها علاقة بالهضم, وهناك حالات نفسية كثيرة من أمراض المعدة كالقرحة بسبب شدة نفسية, فالراحة النفسية تكون بذكر الله عز وجل، قال: ((أذيبوا طعامكم بذكر الله, ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم))
[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن عائشة]






والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:00 PM   #13


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم





بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثالث العاشر )


الموضوع : هدية فى السلام




بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام :
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام, والاستئذان, وتشميت العاطس:
ثبت في الصحيحين:
((أن رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال: ' تُطعِمُ الطعامَ ، وتَقْرَأُ السلامَ على مَنْ عَرَفْتَ ومَنْ لم تَعرِف))
[ متفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
ولما خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام قال له: ((خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عليه السلام ، وَطُولُهُ : سِتُّونَ ذِرَاعا ، ثم قال : اذْهَبْ فَسلِّمْ على أُولَئِكَ - نَفَرٍ مِنَ الملائكة - فَاسْتَمعْ ما يُحيُّونَكَ ، فَإنَّها تَحِيَّتُكَ وَتَحيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ، فقال : السلامُ عليكم ، فقالوا : السلامُ عليكَ ورحمةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ : ورَحمةُ اللهِ))
[ متفق عليه عن أبي هريرة]
وقد أمر عليه الصلاة والسلام بإفشاء السلام, وقال: ((لن تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على ما تحابون عليه ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : أفشوا السلام بينكم))
[ الطبراني عن أبي موسى الأشعري]
أي أحد أسباب المحبة إفشاء السلام.
كان أصحاب النبي إذا كانوا يسيرون معاً, وفرقت بينهم شجرة, بعد الشجرة يقول أحدهم لصاحبه: السلام عليكم.
هل هناك أبلغ من ذلك؟ اثنان يمشيان معاً, فرقت بينهما شجرة, بعد أن يلتقيا, يقول أحدهما للآخر: السلام عليكم.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((فو الذي نفس محمد بيده! لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنون حتى تحابوا))
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة]
وإفشاء السلام أحد أسباب المحبة. فَضَائلُ الْإِنصاف :
ورد في البخاري, قال عمار: ((ثلاث خلال من جمعهن فقد جمع الإيمان .....الإنصاف من نفسك, -أي أنا لا أبالغ, تسع وتسعون بالمئة من الناس لا ينصفون أنفسهم, أي لا يوجد موضوعية؛ الذي يفعله يمدحه, والذي يفعله غيره يذمه, مقياس موضوعي ضعيف, إلا عند المؤمن الراقي-؛ الإنصاف من نفسك, وبذل السلام للعالم, والإنفاق من الإقتار))
[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن عمار بن ياسر]
قال شارح الحديث -الإمام ابن القيم-: ((وقد تضمنت هذه الكلمات أصول الخير وفروعه, فإن الإنصاف يوجب عليه أداء الحقوق لله تعالى كاملة موفورة
- لن تنصف نفسك إلا إذا أديت ما عليها من حقوق لله عز وجل, وإلا ما أنصفتها, وأداء حقوق الناس كذلك, لن تكون منصفاً لنفسك, إلا إذا أديت حقوق الله عز وجل-, وحقوق الناس ألا يطالبهم بما ليس له, - إن طالبت الناس بما ليس لك لم تنصف نفسك-, ولا يحملهم فوق وسعهم - إن حملت الناس ما لا يطيقون فما أنصفت نفسك, أي جعلتها في موقع ظالم-،إذاً ما أنصفتها؛ أشقيتها, لم تؤد حق الله, جعلتها في موقع مقصر.
الآن: الدرس كله على هذا الحديث؛ أن تنصف الناس من نفسك, أو أن تنصف نفسك بتأدية حقوق الله كاملة, وتأدية حقوق الناس كاملة, وألا تطالبهم بما ليس لك, وألا تحملهم فوق وسعهم, وأن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به, من يفعل هذا؟
إذا عنده في البيت زوجة ابن هل يعاملها كابنته تماماً؟, وأن يُعفيهم مما يحب أن يعفوه منه - تحب أن يتساهل الناس؟ معك تساهل معهم، تحب أن يرحموا ابنتك؟ ارحم ابنة الآخرين-, ويحكم لهم وعليهم بما يحكم به لنفسه وعليها.
شيء كبير جداً أن تقول لإنسان: معك الحق, أنا مخطىء؛ هذا موقف بطولي, هذا الخلق, هذا قلّما تجده عند الناس, اسم الخلق الرجوع إلى الحق.
دائماً الإنسان يميل للدفاع عن نفسه, ويبين صواب نفسه وخطأ غيره, إنسان غير منصف, أخطاؤه يعتم عليها, يتعامى عنها, أخطاء غيره يكبرها؛ ما أنصف الناس, ولا أنصف نفسه, يكيل بمكيالين, يحاسب الآخرين حساباً شديداً, ويتساهل بحساب نفسه تساهلاً كبيراً.
مثلاً: ممكن أن تقيم النكير على من مسّ مكانتك بكلمة, أو بنظرة, ويمكن أن تمس كرامة كل الناس وأنت لا تشعر؛ مسست كرامتهم, فلما مسوا كرامتك بكلمة أقمت القيامة ولم تقعدها, لست منصفاً, وعدل ساعة أفضل عند الله من أن تعبد الله ثمانين عاماً.
إنصاف الناس بطولة كبيرة جداً :
وأحياناً العدل في الحكم على الأشخاص، هل عندك إمكان أن تنصف عدوك؟
التقى النبي بصهره في معركة بدر أسيراً جاء ليقاتله, جاء ليقتله, قال: "والله ما ذممناه صهراً".
عندك الجرأة أن تنصف عدوك من نفسك؟.
قال: ويدخل في هذا إنصاف نفسه من نفسه, فلا يدعي لها ما ليس لها, - لا تجعل نفسك محور العالم؛ تضخمها, تمنحها صفات ليست فيها, تمنحها العصمة, أنت لست كذلك-.
قال: فلا يدعي لها ما ليس لها, ولا يخبثها بتدنيسه لها, وتصغيره إياها, وتحقيرها بمعاصي الله, -إذا بالغ في تعظيمها ما أنصفها, هي أقل من ذلك, وإذا بالغ في تدنيسها ما أنصفها, هي أرقى من ذلك-, ينبغي أن ينميها بطاعة الله, وتوحيده, وحبه, وخوفه, ورجائه, والتوكل عليه, والإنابة إليه, وإيثار مرضاته ومُحابّه, على مراضي الخلق ومحابهم, ولا يكون بها مع الخلق, ولا مع الله، -هناك إنسان مع الخلق ناجح جداً, مع الله غير ناجح؛ ما أنصفته, ما أكرمته, ضيعت شيئاً ثميناً, كنت مع الخلق, ولم تكن مع الله, وهناك إنسان مع الله؛ لكن ليس مع الخلق, ما أنصفهم, حقق صلة بالله لكن على حساب الخلق-.
ويكون بالله لا بنفسه في حبه وبغضه, - الإنسان يحب أو يبغض؛ يحب تأكيداً لذاته, ويبغض تأكيداً لذاته, هذا إنسان يؤله نفسه, أما المؤمن فيحب لله, ويبغض لله-.
أي مستحيل أن تكره مؤمناً, فإذا كرهته فهذه الكراهية كراهية حسد، مؤمن قد يكون أرقى منك, قد يكون أعلم منك, فإذا أبغضته فهذا البغض دليل حسد, ودليل ضيق أفق, أما إذا أحببته فدليل إيمان.
إنصاف الناس بطولة كبيرة جداً, جزء من علمك، صواب أحكامك على الناس أن يكون بالله لا بنفسه؛ في حبه وبغضه, وعطائه ومنعه, وكلامه وسكوته, ومدخله ومخرجه- أي كلامه وسكوته, ودخوله ومخرجه, وعطاؤه ومنعه, وحبه وبغضه, ينطلق من هذا كله؛ من محبته لله-, ولا يرى لها مكانة يعمل عليها, - أي أنا كذا, إذاً من أنت؟ أنت لا شيء, فإذا فعل هذا, انطبق عليه قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية:135]
﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾
[سورة الأنعام الآية:135]
أنا فلان, أنا ابن فلان, أنا أحمل الشهادة الفلانية, أنا لي عمل كذا، كلمة أنا محجوب عن الله, نظرت إلى عملك, أنت من دون فضل الله لا شيء. الله عز وجل لو لم يُعلّم الإنسان لما استمع إليه أحد :
والله هناك آية, دخلت لعند أحد الأخوة الأكارم يضع آية في صدر غرفته, والله اقشعر جلدي منها, هي آية قرآنية:
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
[سورة النساء الآية:113]
﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾
[سورة النساء الآية:113]
أنت بفضل الله تتكلم كلمتين مقبولتين عند الناس, لو لم يعلمك الله لا أحد يستمع إليك: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
[سورة النساء الآية:113]
قال: فالعبد المحض الكامل ليس له مكانة يعمل عليها, فإنه يستحق المنافع والأعمال لسيده, ونفسه ملك سيده, - وهذا معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾
[سورة التوبة الآية:111]
باع نفسه وباع أمواله-، فهو عامل على أن يؤدي إلى سيده كل ما هو مستحق له عليه, ليس له مكانة أصلاً, بل قد كوتب على حقوق الخلق, ولا يزال المُكاتَب عبداً ما بقي عليه شيء من الكتابة, - هذا المصطلح بالعبودية إذا عبد أراد التحرر كان يكاتب سيده, يتفق مع سيده على أعمال يقوم بها مجاناً مقابل أن يعتقه من العبودية, فقد يعمل عشر سنوات بلا مقابل ثمن حريته, فهو عبد مقابل هذا الثمن-.
هنا استعار الإمام ابن القيم هذا المصطلح للمؤمن؛ أن المؤمن عبارة عن إنسان كاتب الله عز وجل, فما دام قد كاتب الله فهو عبد له, إلا أن يؤدي كل الأقساط, -ما دام عليه قسط فهو عبد-. المقصود من إنصاف العبد لنفسه :
قال: والمقصود من إنصافه لنفسه يوجب عليه معرفة ربه, وحقه عليه, ومعرفة نفسه, وما خلقت له, -من أجل أن تكون منصفاً يجب أن تعرف الله, وأن تعرف ما له عليك من حقوق, وأن تعرف نفسك, وأن تعرف لماذا خلقت؟-, وألا يزاحم بها مالكها, وفاطرها, ويدعي لها الملكة والاستحقاق, وألا يزاحم مراد سيده, ويدفعه بمراده هو, أو يقدمه ويؤثره عليه, فلينظر العبد لا يكون من أهل هذه القسمة بين نفسه وشركائه وبين الله بجهله وظلمه, و إلا لُبِّس عليه وهو لا يشعر, فإن الإنسان خلق ظلوماً جهولاً؛ فكيف يطلب الإنصاف ممن وصفه الظلم والجهل؟ وكيف ينصف الخلق ممن لم ينصف الخالق!؟.
إذا الإنسان ما أنصف ربه, ما عرف ربه, ما مدح ربه, ما وصفه بالكمال, ما أنصف الله عز وجل، بعض الآثار القدسية: ((ابن آدم! ما أنصفتني؛ خيري إليك نازل, وشرك إلي صاعد؛ كم أتحبب إليك بالنعم وأنا غني عنك, وكم تتبغض إلي بالمعاصي وأنت فقير إلي, ما أنصفتني, إني والإنس والجن في نبأ عظيم؛ أخلق ويُعبد غيري, وأرزق ويشكر سواي, خيري إلى العباد نازل, وشرهم إلي صاعد, أتحبب إليهم بنعمي, وأنا الغني عنهم, ويتبغضون إلي بالمعاصي, وهم أفقر شيء إلي, ولا يزال الملك الكريم: يعرج إلي منك بعمل قبيح, ابن آدم! ما أنصفتني؛ خلقتك وتعبد غيري, ورزقتك وتشكر سواي))
[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]
الإنسان كيف ينصف غيره ولم ينصف نفسه، وظلمها أقبح الظلم، وسعى في ضررها أعظم السعي، ومنعها أعظم لذاتها؟
الحقيقة إذا الإنسان شرد عن الله عز وجل يكون أكبر ظالم لنفسه. الإنسان مخلوق لله فإذا تحرك إلى سواه فقد ظلم نفسه :
من حق الإنسان أن يسعد بالله, صرفها عن الله عز وجل؛ أي متعها بالدنيا, متعها بالطعام والشراب, متعها باللباس والمال, يكون بهذا قد ظلمها, هناك متعة راقية جداً ما وفرها لها, متعه خسيسة, زائلة, معها كآبة, هذه نقطة مهمة جداً، الإنسان مخلوق لله, فإذا تحرك إلى سواه فقد ظلم نفسه, لا يليق بك أن تكون لغير الله.
قال: سعى في ضررها؛ ظلمها أقبح الظلم, وسعى في ضررها أعظم السعي, ومنعها أعظم لذاتها, من حيث ظن أنه يعطيها إياها؛ أتعبها كل التعب, وأشقاها كل الشقاء, من حيث ظن أنه يربحها ويسعدها, وجد كل الجد في حرمانها حظها من الله.
أنت لك حظ من الدنيا, ولك حظ من الله, إذا بالغت في إعطاء نفسك حظها من الدنيا على حساب حظها من الله فقد ظلمتها أشد الظلم, حظها من الله عظيم لأن حظها من الله دنيا وآخرة إلى الأبد, أما حظها من الدنيا فمادامت فيها حياة.
الآن معظم الناس اغتنى؛ همه بيته, أكله, شربه, لبسه, أناقته, المصيف, ذهاب, رجوع, بعد ذلك يموت, متع نفسه متعة قليلة, وحرم نفسه السعادة الأبدية- أتعبها كل التعب, وأشقاها كل الشقاء, من حيث ظن أنه يريحها ويسعدها -.
الآن: حقرها كل التحقير وهو يظن أنه يعظمها, فكيف يرجى الإنصاف ممن هذا إنصافه لنفسه؟ إذا كان هذا فعل العبد بنفسه فماذا تراه بالأجانب يفعل؟)) ((ثلاث خلال من جمعهن فقد جمع الإيمان .....الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم))
[ الطبراني عن عمار بن ياسر]
والله أحياناً الإنسان يرتكب خطأ في بيته, لا يستطيع إنسان أن يواجهه فيه, وإذا غيره ارتكب خطأ يقيم عليه القيامة, لست منصفاً, إذا زوجته تكلمت كلمة على والدته, يطلقها, وهو ممكن أن يسخر من والدة زوجته ليلاً نهاراً, لا تستطيع أن تتكلم, هو يسخر, أما هي إذا تكلمت كلمة فيقيم القيامة عليها, ليس منصفاً. الإنصاف علامة الإيمان :
الحقيقة الإنصاف من النفس مرتبة بالإيمان عالية الموضوعية.
أحياناً الإنسان يكون عنده دابة لا ينصفها؛ يتعبها, ويضربها, وهي صابرة, قد تكون الدابة أفضل عند الله منه, لأنه ظالم.
مرة شهدت مشاهدة لكنها آلمتني جداً: كنت في محل تجاري- بائع أقمشة- في يوم عطلة, ابنه موجود بالمحل لأن اليوم عطلة, وهو في الصف الثاني تقريباً, وهناك صانع عنده بنفس السن, الشيء الذي لا يصدق أنه حمَّل الصانع؛ أول ثوب, ثاني ثوب, ثالث ثوب, رابع ثوب, لم يعد يتحمل, قال له: لم أعد أستطع, قال له: ما زلت شاباً, حمله ثانية لينقل الأثواب إلى مكان ثان, فأعطاه فوق طاقته, جاء ابنه حمل ثوباً بالمحل, فقال له: بابا انتبه ظهرك, سبحان الله! ابنك حريص على سلامته, وعلى صحته, وهذا ابن الناس لم تهمك صحته!.
أب قال لي: والله وضعت لابني مليوني ليرة دروس خاصة, أربع سنوات لم ينجح.
فكل إنسان يريد ابنه أن يكون بدرجة عالية من الثقافة, إذا كان عنده صانع, طلب منه ساعة إذن ليداوم في مدرسة ليلية, ليأخذ الكفاءة, لا يسمح له, يقول لك: إذا تعلم سيرحل عني, أموره ميسرة هكذا؛ يتيم, ابن يتيم, وخرج من المدرسة, وندم, ولا يوجد عنده طريقة يأكل إلا بالعمل, فالدوام -المتعلق بالمدرسة الليلية- الساعة الخامسة, قال له: أبداً, لا يمكن أن تذهب باكراًً, أطردك, ابنك تريده طبيباً, تضع له مليون ليرة دروس خاصة, أما ابن الناس فيجب أن تبقيه جاهلاً؟! لست منصفاً, القضية ليست بالصلاة, الصلاة فرض.
أنا قلت لشخص البارحة عندما حدثني عن إنسان قال لي: هذا صاحب دين, قلت له: ما هي علامة صاحب الدين؟ قال: أن يصلي, قلت له: ليست علامة كافية, أنت تسمي إنساناً طبيباً إذا كان يرتدي رداء أبيض ويضع نظارات؟ شخص أمي ألبسناه ثوباً أبيض ونظارة وسماعة صار طبيباً؟ الطبيب درس ثلاثاً وثلاثين سنة حتى أصبح طبيباً, كل إنسان ارتدى ثوباً أبيض أصبح طبيباً؟ وكل إنسان صلى صار ديِّناً؟ لا, حتى يكون منصفاً الإنصاف علامة الإيمان. بذل السلام للعالم و الإنفاق في الإقتار :
الآن: القسم الثاني بالحديث:
((بذل السلام للعالم يتضمن تواضعه, وأنه لا يتكبر على أحد, يبذل السلام للصغير والكبير, والشريف والوضيع, ومن يعرفه ومن لا يعرفه, والمتكبر ضد هذا, فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه, كبراً منه وتيهاً, وأما الإنفاق في الإقتار فلا يصدر إلا عن قوة وثقة بالله عز وجل, وأن الله يخلفه ما أنفقه, وعن قوة يقين, وتوكل, ورحمة, وجد في الدنيا, وسخاء نفس بها, ووثوق بوعد الله, من وعده مغفرة منه, وفضلاً, وتكذيباً بوعد من يعده الفقر, ويأمره بالفحشاء, والله المستعان))
الإنصاف أن تنصف الناس من نفسك :
والله يا أخوان يحكى على الموضوع أشهر؛ الإنصاف أن تنصف الناس من نفسك, كل شخص يعتقد أنه هو محور العالم؛ هو لا يخطىء, غيره يخطىء, أعماله كلها مبررة, أعمال غيره غير مبررة, هذا موقف ظالم، قرأت مرة كلمة بالسنة: سيدنا ربيعة, شاب فقير جداً, خدم رسول الله سبعة أيام, قال له: ((يا ربيعة, سلني فأعطيك))

رآها ديناً عليه صلى الله عليه و سلم, لم ير نفسه أن الناس يجب أن يخدموه لأنه رسول, هو سيد الخلق, إذا كان هناك إنسان بالأرض يجب أن يخدم إلى ما لا نهاية فهو رسول الله, لكنه لم ير نفسه كذلك, رأى خدمة الإنسان الفقير دين عليه.
قال له: ((يا ربيعة سلني فأعطيك))
[ الطبراني عن ربيعة بن كعب]
طلبت منه السيدة فاطمة خادماً, ماذا قال لها؟ قال لها: "والله -يا بنيتي- لا أؤثرك على فقراء المسلمين".
لم يقل: هذه ابنتي, يجب أن يكون لها خادم, يكون لها معاملة خاصة, هذه بنت رسول الله, أنت مثلك مثل كل الناس, اعتبر المسلمين أسرة واحدة, وفيها فقير, يعطي ابنته خادماً, وليس عند المسلمين ما يأكلون!؟ قال لها: "والله -يا بنيتي- لا أؤثرك على فقراء المسلمين".
شكت له تعبها بعمل البيت؛ وطحن الطحين, وخبز الخبز, فما استجاب لها, لم يقل لها: والله ظلمك علي, يجب أن يأتي لك بخادم, لا.
فهناك أشخاص كثر تجده يُحمّل صهره ما لا يطيق؛ نريد بيتاً, نريد كذا, نريد أثاثاً, نريد الصيغة كذا كذا، أنت عندما كنت في سنه لم يكن معك شيء, وبيت حماك زوجوك, ولم يطالبوك بشيء, بعد أن تمكنت, وأصبحت ذا قوة, لا تعطي ابنتك إلا بهذه الشروط! هذا الشيء أيضاً مجحف.
أخواننا الكرام, إذا أنصفت الناس من نفسك, وأنصفت نفسك من الناس بتأدية حقوق الله كاملة, وحقوق الخلق كاملة, وكنت مع الله, ومع الخلق، فأنت منصف.
الآن: أنت مؤمن, والطريق إلى الله سالك؛ لكن كن منصفاً؛ تجده مع ابنته ضد كنته, ليس منصفاً, مع ابنه ضد شريك ابنه, أي دائماً يحادي مع الذي يلوذ به, ليس منصفاً. ما قولك: أن الله أمرك أن تكون منصفاً مع عدوك!؟ ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
[سورة المائدة الآية:8]
اعدل مع شخص كافر ترقى عند الله عز وجل.



والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:04 PM   #14


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم





بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الرابع العاشر )


الموضوع : هدية فى السلام(2)



الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أدب السلام عند النبي صلى الله عليه وسلم :
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه:
((مرّ بصبيان فسلم عليهم))
[مسلم عن أنس]
على عظم قدر النبي مر بصبيان فسلم عليهم, قال: السلام عليكم يا صبيان.
وثبت في صحيح البخاري:
((ليسلم الصغير على الكبير, والمارِّ على القاعد, والراكب على الماشي, والقليل على الكثير))
[ البخاري عن أبي هريرة]
هذا من أدب السلام عند النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي جامع الترمذي:
((يسلم الماشي على القائم))
[ الترمذي عن فضالة بن عبيد]
وفي مسند البزار: ((يسلم الراكب على الماشي, والماشي على القاعد, والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل))
[ البزار عن جابر بن عبد الله ]
وفي حديث شريف: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي أمامة]
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم السلام عند المجيء إلى القوم, - خلت على جماعة-, والسلام عند الانصراف عنهم في الدخول والخروج .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه:
((إذا قعد أحدكم فليسلم, وإذا قام فليسلم, فليست الأولى بأحق من الآخرة))
[أبو داود و الترمذي عن أبي هريرة]
أي السلام في الخروج كالسلام في الدخول تماماً.
وعنه صلى الله عليه وسلم:
((إذا لقيَ أحدُكم أخاه فليسلَّم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ، أو جدار ، أو حجر ، ثم لقيه : فليسلم عليه أيضاً))
[ أبو داود عن أبي هريرة]
هذه أيضاً ذكرتها البارحة.
اثنان يمشيان في الطريق, فرّق بينهما حائط, أو شجرة, أو عامود, فلما التقيا ثانية, يسلم أحدهما على الآخر, اثنان يمشيان, ركبا سيارة السلام عليكم.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون, فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة, تفرقوا يميناً وشمالاً, فإذا التقوا من ورائها سلّم بعضهم على بعض.
سلام المسجد :
ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدىء بركعتي تحية المسجد.
الآن: سلام المسجد, تحيته: ركعتان, ثم يجيء فيسلم على القوم, فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله, يصلي, ثم يسلم, هذا إذا لم يكن هناك درس علم, أما إذا كان هناك درس علم فلا سلام مع درس العلم, لأنه يصبح هناك تشويش.
قال:

((فإن تلك - أي الركعتان- حق الله تعالى, والسلام على الخلق هو حق لهم, وحق الله تعالى في مثل هذا أحق من التقديم بخلاف الحقوق المالية, فإن فيها نزاعاً معروفاً, والفرق بينهما حاجة الآدمي, وعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين))

أي حقوق العباد مبنية على المشاححة, وحقوق الله مبنية على المسامحة؛ حق العباد في أمر المال مقدم على حق الله عز وجل, أما في السلام فحق الله مقدم على حق العباد, تصلي ركعتين ثم تسلم.
بينما كان النبي عليه الصلاة والسلام جالساً في المسجد يوماً, - قال رفاعة: ونحن معه-, إذ جاء رجل – كالبدوي- فصلى, فأخفَّ صلاته, ثم انصرف, فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((وعليك, فارجع فصلِّ فإنك لم تصل وذكر الحديث))
[ الترمذي عن رفاعة بن رافع]
أنكر عليه صلاته, ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه إلى ما بعد صلاته.
وكان إذا دخل على أهله بالليل يسلم تسليماً لا يُوقظ النائم ويُسمع اليقظان.
انظر اللطف.
وكان إذا دخل على أهله لف ثوبه.
السلام قبل الكلام :
ومن هديه صلى الله عليه وسلم لا تدع أحداً إلى طعام حتى يسلم.
دخل شخص, تفضل, يجب أن يسلم أولاً.
وعنه صلى الله عليه وسلم السلام قبل السؤال:

((فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام, فلا تجيبوه))
[أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط عن عبد الله بن عمر]
وكان عليه الصلاة والسلام لا يأذن لمن لم يبدأ بالسلام.
وعنه أيضاً:
((لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام))
[أخرجه أبو يعلى عن جابر بن عبد الله]
يسلم بعد ذلك يستأذن, يسلم يطلب, يسلم يسأل.
صفوان بن أمية بعث بلبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي, فقال:
((فدخلت عليه ولم أسلم, ولم أستأذن, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ارجع, فقل: السلام عليكم أأدخل؟))
[ الترمذي عن كلدة بن حنبل]
تسلم وتستأذن, تسلم وتسأل, تسلم وتطلب.
وكان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه, - ما طرق الباب و وجهه أمام الباب, قد تفتح امرأة, فكان إذا طرق باب أحد أعطى ظهره للباب, أدار ظهره, وقال: فلان هنا-.
كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه؛ ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر, فيقول: السلام عليكم.
أمانة تحمّل السلام وتبليغه :
وكان عليه الصلاة والسلام يسلم بنفسه على من يواجهه, ويحمل السلام لمن يريد السلام من الغائبين عنه, ويتحمَّل السلام لمن يبلغه إليه, وكان قد تحمل السلام من الله عز وجل على صدِّيقة النساء السيدة خديجة, جاءه جبريل, فقال له:
((هذه خديجة قد أتت ، ومعها إناء فيه إدَام - أو طعام أو شراب - فإذا هي أتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام من ربِّها ، [ ومنِّي ]وبَشِّرها ببيت في الجنة))
[ متفق عليه عن أبي هريرة]
من دون مبالغة الزوجة الصالحة تتحمل مع زوجها كل الأعباء, شريكته حتى في الأجر, لأنها صابرة معه, والسيدة خديجة تحملت, عاشت مع النبي الكريم في أول الدعوة, تحملت كل أنواع الأذى, وكانت خير معوان له, وتوفيت-, فلما فتح مكة المكرمة أراد وفاء لها, سئل: أين تنام؟ هو الآن بمكة بلده, والبيوت كلها تتنافس في استقباله, قال: "انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة, وركز لواء النصر أمام قبرها إشعاراً بأن لها فضلاً في هذا النصر".
لولا تحملها, وصبرها, ومعاونتها للنبي عليه الصلاة والسلام لما كان هذا النصر.
وتحمل السلام أيضاً للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة:
((يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام ' . فقلت : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته))
[ الطبراني عن عائشة]
أيضاً حمل السلام للسيدة عائشة, هذه قد نستنبط منها شيئاً: كل إنسان يعاون على الحق؛ هناك شخص عقبة, هناك شخص عبء, تجده مشكلة؛ دائماً يعترض, دائماً يشتت الشمل, دائماً ينتقد, دائماً يفرق الناس عن الاجتماع, فهناك شخص معاون, المعاون له أجر, وله نصيب؛ شخص يريحك, و شخص يزعجك, تجده عبئاً, تريد أن تحل مشكلتك مع جهة ومعه أيضاً, محسوب عليك أيضاً, محسوب عليك, وعبء عليك. فالذي يعاون له أجر, هذا الحق مثل مسيرة, كل إنسان ساهم بدفع المسيرة –المركبة- له أجر.
وكان الرجل يمر على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:
((السلام عليك يا رسول الله! فيقول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام, ورحمة الله, وبركاته, ومغفرته, ورضوانه, فقيل: يا رسول الله! تسلم على هذا سلاماً ما تسلمه على أحد من أصحابك! قال: وما يمنعني من ذلك؟))
[ابن السني عن أنس]
السلام ثلاثاً :
من هديه صلى الله عليه وسلم أن يسلم ثلاثاً, فكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً, وكان إذا سلم سلم ثلاثاً.
لم يكن هناك تكبير صوت, فيسلم أول سلام, هناك أناس لم يسمعوه, السلام الثاني, السلام الثالث.

ردّ السلام :
كان عليه الصلاة والسلام يبدأ من لقيه بالسلام, وإذا سلم عليه أحد ردّ عليه مثل تحيته, أو أفضل منها على الفور, من دون تأخير إلا لعذر, كما لو أنه يصلي.
أحياناً شخص يسلم, وأنت تصلي,عندما ينتهي من الصلاة يسلم عليك.
وكان يُسمع, -الآن هناك أشخاص كثر, تسلم عليهم, فقط يهز رأسه, لا يتنازل أن يتكلم-, وكان يُسمع المسلم رده عليه, ولم يكن يرد بيده, ولا برأسه, ولا إصبعيه, فكان يرد على من سلم عليه بقوله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
فقال مرة:

((من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته))
[ أبو داود عن أبي هريرة]
أي هو مع الناس, ليس مع الله, ما دام شخص سلم أثناء الصلاة, هز رأسه, معنى هذا أنت لم تصلِّ, أنت مع الناس. ((من أشار في صلاته, إشارة تُفهم عنه, فليعد صلاته))
في بعض المحافظات عندهم سلام, يقول لك: وعليك السلام, يبدأ وعليك السلام.
شخص يبدو أنه سلم على النبي هكذا, قال له: عليك السلام, فقال عليه الصلاة والسلام, قال له:
((عليك السلام يا رسولَ الله، قال: لا تقل: عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الموتى ، إِذا سلَّمت قل : سلام عليك))
[ صحيح عن جابر بن سليم الهجيمي]
إنسان ملحد سلم عليك, ترد عليه السلام, تقول له: والسلام على من اتبع الهدى.
ويجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم.




والحمد لله رب العالمين






 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:06 PM   #15


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الخامس العاشر )


الموضوع : من وصايا النبى



الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
علامات آخر الزمان :
من علامات آخر الزمان أن المسلمين يقتل بعضهم بعضاً, ومن علامات آخر الزمان أن موتاً كعقاص الغنم, لا يدري القاتل لمَ يقتل؟ ولا المقتول فيمَ قتل؟
النبي عليه الصلاة والسلام حقن دماء أمته, قال:
((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام))
[رواه أحمد عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ]
ثلاث ركائز في العلاقات بين المسلمين, أولاً: حرمة الدماء: قال سيدنا عمر رضي الله عنه: "لو أن أهل بلدة ائتمروا على قتل واحد لقتلتهم به جميعاً": ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾
[سورة البقرة الآية:179]
المسلم: ((لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يسفِك دمًا حرامًا))
[ البخاري عن ابن عمر]
((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام بعضكم على بعض))
[أبو يعلى و أحمد بن حنبل عن السرى بنت نبهان بن عمرو]
أي ما قيمة العبادات الشعائرية إذا اغتصبت الأموال وانتهكت الأعراض وسفكت الدماء؟ والمسلمون في وقت تخلفهم سفكوا دماء بعضهم بعضاً, وأكلوا أموال بعضهم بعضاً, وانتهكوا أعراض بعضهم بعضاً, عندئذ: لا قيمة لكل هذه العبادات الشعائرية التي يفعلها المسلمون. ((ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام))
[ ورد في الأثر]
الاستقامة أساس اكتساب رضا الله عز وجل :
الإنسان أحياناً يوهم نفسه أنه عندما يصلي, ويقوم ببعض العبادات أن الله راض عنه, مع أن الله لا يرضى عنه إلا إذا كان مستقيماً في العلاقات المادية, مستقيماً في العلاقات الاجتماعية, مستقيماً في العلاقات الأساسية. ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام بعضكم على بعض، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، حتى تلقوا الله عز وجل، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم، قال: ثم أتبعها: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟))
[أبو يعلى و أحمد بن حنبل عن السرى بنت نبهان بن عمرو]
كلام موجز, أي أنت مسلم, عندما تكون حريصاً إلى أقصى درجة على الحقوق, أنت مسلم, لا لأنك تصلي, الصلاة يفعلها كل الناس, لا تكلف شيئاً؛ تتوضأ وتصلي, قضية سهلة, هذه الصلاة قضية خطيرة جداً؛ لكن إذا اكتفينا بها أصبحت لا قيمة لها, إذا اكتفينا بالصلاة, وفهمنا الدين على أنه صلاة لا قيمة لها, أما إذا رأيناها تاجاً نتوج بها استقامتنا, الآن الصلاة شيء خطير؛ الصلاة طريق إلى الله, الصلاة نافذة إلى السماء, الصلاة علاقة السماء بالأرض, علاقة المخلوق الضعيف بالخالق العظيم, علاقة المخلوق الحادث بالإله القديم, الأزلي, الأبدي؛ الإنسان بالصلاة قوي, يستمد قوته من الله, الإنسان بالصلاة غني, يستمد غناه من الله, الإنسان بالصلاة عالم, يستمد علمه من الله, أما إذا ظن أن الدين صلاة فقط, وتحرك حركة عشوائية, فعندئذ لا قيمة للصلاة. لذلك هذه الخطبة على إيجازها, وعلى قصرها, بليغة: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام بعضكم على بعض))
معنى أعراضكم: العرض في اللغة موضع المدح والذم.
الإنسان عندما يطلق لسانه في الحديث عن الآخرين, يرجىء التهم براحة تامة, ولا يوجد على لسانه رباط كما يقولون؛ يتكلم, يطعن بهذا, بأمانة هذا, بدين هذا, بإيمان هذا, يستخف بهذا, وهو مرتاح, ويقوم بعد ذلك يصلي, هذه الغيبة من أشد الكبائر.
﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ﴾
[سورة الحجرات الآية:12]
الدين منهج كامل :
الشيء المؤلم أن موضوع الغيبة موجود في الحلقات الدينية كلها, مرتاح؛ يتكلم على أخيه, يطعن بإيمان أخيه, يطعن بنزاهة أخيه, لا يوجد مشكلة أبداً, يخالف نصاً قرآنياً صريحاً.
هذه المشكلة أن الذي فهم الدين أنه خمس عبادات شعائرية, هذا فهم سقيم, الدين مئة ألف بند, في حياتك اليومية, في بيتك, في صحتك, في علاقتك مع زوجتك, مع أولادك, بموضوع عينك, وشمك, وأنفك, ولسانك, ويدك, وأذنك, الدين منهج كامل, أنت حينما تطبق هذا المنهج الكامل تكون قد استقمت على أمر الله, أما إن أصبح الدين صلاة, وصوماً, وحجاً, انتهى المسلمون.
أنا قلت لكم كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]
في الحرم وحده مليونا مصل, وهناك مليون يصلون حول الحرم؛ فثلاثة ملايين, مع أن اثني عشر ألفاً من هؤلاء لو كانوا كما أراد الله لن يغلبوا في العالم. انعدام قيمة الدين عندما فصل عن الحياة :
إذاً: عندنا خلل خطير جداً كيف أن الدين ضغط فصار عبادات فقط, والمعاملات لم يعد لها قيمة, تجد شخصاً يأكل مالاً حراماً, يعتدي على حقوق الآخرين, كل مجلسه غيبة, ونميمة, يؤذن, يصلي أول صف, هذا الفهم السقيم, فصلنا الدين عن الحياة, أصبح الدين لا قيمة له.
هذا أساساً الذي أراده أعداء الإسلام, دع ما لله لله, وما لقيصر لقيصر, يقول لك: هناك سلطة زمنية, و سلطة دينية, الدين شيء, الدين في الكنيسة, والدنيا تحكمها القوانين, والعلاقات, والمصالح, من هنا الشيطان نفذ, فصل لك حياتك عن دينك, الدين في الجامع, والدنيا افعل ما تشاء.
تجد أصحاب مهن راقية, محامون أحياناً, يعلم علم اليقين أن القضية غير محقة؛ يتولاها, ويدافع عنها, ويأخذ مبالغ طائلة عليها, فصل دينه عن عمله؛ أحياناً: يكون طبيباً, أحياناً: يكون مهندساً, معلماً, مدرساً, تاجراً يتعامل ببضاعة محرمة، أحياناً بعلاقة ربوية, فصل دينه عن حياته, هذا الفصل هو المحق, عندما لا تفصل الدين عن الحياة, تطبق في حياتك منهج الله عز وجل الآن: أصبح للصلاة معنى, للصوم معنى, للحج معنى, كله أصبح له معنى.
وقلت لكم: أكبر وهم يتوهمه الناس أنه بالحج تُغفر كل الذنوب, لا يُغفر إلا ما كان بينك وبين الله, أما ما كان بينك وبين العباد فلا يُغفر إلا بالأداء أو المسامحة.
فموطن الشاهد في هذه الخطبة:

((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام بعضكم على بعض، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، حتى تلقوا الله عز وجل، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم، قال: ثم أتبعها: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ فتوفي حين بلغ المدينة))
[أبو يعلى و أحمد بن حنبل عن السرى بنت نبهان بن عمرو]
كانت خطبة الوداع. الفرق بين أداء الشعيرة وبين تعظيمها :
الآية الكريمة ذكرتها البارحة:
﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
[سورة الحج الآية:32]
العلماء فرقوا بين أداء الشعيرة وبين تعظيم الشعيرة, أكثر من أربعة ملايين حجوا, وأدوا الشعيرة؛ لكن الذين عظموا هذه الشعيرة قلائل.
ومن تعظيم شعائر الله أن تؤدى الشعيرة كما أداها النبي عليه الصلاة والسلام, من تعظيم شعائر الله أن تؤدى هذه المناسك بنفس طيبة, وشوق غامر, من تعظيم هذه الشعائر أن تؤديها, وتتمنى أن تعود لهذه الأمكنة مرات, ومرات.
ثلاثة شروط لتعظيم هذه الشعائر, أما مئات ألوف الحجاج يقولون: لن نعيدها؛ لأن هناك ازدحام, أو تأخر، أو حر.
فالإنسان إذا تأفف من مناسك الحج, الحج أساسه مشقة, و سلبيات, و إيجابيات, والسلبيات ثمن الإيجابيات, وهذه الصلة المحكمة في الحج ثمنها هذه المشقة التي تحملتها, وكل شيء له ثمن .
((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في هذا))
[ أحمد و البزار عن عبد الله بن الزبير]
وهذا الشيء واضح جداً. على الإنسان أن يستعد لساعة المغادرة بالتوبة النصوح والعمل الصالح :
فلذلك أيها الأخوة عندما أُنزلت هذه السورة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
[سورة النصر الآية:1-3]
هذه نعوة النبي, هذه السورة القصيرة فيها نعوة النبي, وصل النبي إلى قمة النجاح في الدعوة, الإسلام وصل إلى كل أنحاء الجزيرة, واستقر, ودخل الناس في دين الله أفواجاً, قال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾
[سورة النصر الآية:1]
ولا بد من أن يأتي, لأن إذا تفيد تحقق الوقوع: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾
[سورة النصر الآية: 2-3]
ليس من باب التشاؤم لكن من باب الواقع, كلنا سوف نغادر, ما أجمل أن تكون المغادرة داخلة في حساباتنا اليومية, داخلة في علاقاتنا المالية, داخلة في علاقاتنا الاجتماعية, وما أجمل أن نستعد لهذه المغادرة؛ أن نستعد لها بالتوبة النصوح, بالعمل الصالح, أن نستعد لها بخدمة الآخرين.
هذه من معاني الحج أن الإنسان بعد الحج يجب أن يعود كيوم ولدته أمه, وأن يفتح مع الله صفحة جديدة.
الإنسان إذا عاهد الله و تاب توبة نصوحة عليه أن يكون عند هذه التوبة :
وكنت أركز في كل خطب الحج في عرفات على ما بعد الحج.
أنا أعلم أن هؤلاء جميعاً حجوا, وقفوا في عرفات, ودعوا, وصلوا؛ ولكنني ألح على سلوك الحاج بعد الحج, يا ترى حينما وقف على الحجر الأسود, وصافحه, وفاوض كف الرحمن, وقال: " بسم الله, والله أكبر, اللهم إيماناً بك, وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم".
ماذا قال الله عز وجل:
﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾
[ سورة الأعراف الآية:102]
أما سيدنا إبراهيم أثنى الله عليه فقال: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾
[سورة النجم الآية:37]
أي صدق ما عاهد عليه الله عز وجل.
فالإنسان إذا عاهد الله, إذا تاب توبة نصوحة, ينبغي أن يكون عند هذه التوبة, وعند هذا الحد.






والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:09 PM   #16


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( السادس العاشر )


الموضوع : رسائلة الى بعض الملوك


الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
نص كتاب رسول الله إلى ملكي عُمان :
أيها الأخوة الكرام: النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن دانت له الجزيرة العربية, أرسل كتباً إلى ملوك الأرض, يدعوهم فيها إلى الإسلام, من جملة هذه الكتب أنه أرسل كتاباً إلى ملك عُمان, وبعثه مع عمرو بن العاص, في هذا الكتاب النص التالي:
((بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد بن عبد الله إلى جَيفَر وعبدٍ ابني الجلندي, سلام على من اتبع الهدى, أما بعد: فإني أدعوكما بداعية الإسلام, أسلِما تسلَما, فإني رسول الله إلى الناس كافة,
﴿لأنذر من كان حياً* ويحق القول على الكافرين﴾
, فإنكما إن أقررتما بالإسلام, وليتكما – أي أبقيتكما- ملكين على قوميكما, وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام, فإن ملككما زائل عنكما, وخيلي تحل بساحتكما, وتظهر نبوتي على ملككما, وكتب إلى أبي بن كعب, وختم الكتاب – كتب الكتاب إلى أبي بن كعب, وختم الكتاب بخاتمه صلى الله عليه وسلم-.
كان في عمان ملكان أخوان, قال عمرو: ((فخرجت حتى انتهيت إلى عمان, فلما قدمتهما, عمدت إلى عبدٍ, وكان أحلم الرجلين, -الأخ الثاني عبد, الأول: اسمه جيفر, والثاني: اسمه عبد-, وكان أحلم الرجلين, وأسهلهما خلقاً, فقلت: إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليك وإلى أخيك, فقال: أخي المقدَّم علي بالسن والملك, – أي أكبر مني سناً, وأقوى مني ملكاً-, وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك, ثم قال: وما تدعو إليه؟ – تصور إنساناً خالي الذهن عن أي شيء متعلق بالدين, المناقشة دقيقة جداً-, قال له: وما تدعو إليه؟ قال: أدعوك إلى الله وحده لا شريك له, وتخلع ما عُبد من دونه, وتشهد أن محمداً عبده ورسوله, قال: يا عمرو, إنك ابن سيد قومك, فكيف فعل أبوك, فإن لنا به قدوة؟ قلت: مات ولم يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم-, وودت أنه كان أسلم وصدق به, وقد كنت –أنا- على مثل رأيه, حتى هداني الله للإسلام, قال: فمتى تبعته؟ قلت: قريباً, فسألني أين كان إسلامك؟ قلت: عند النجاشي, وأخبرته أن النجاشي قد أسلم, قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ – قضية ملك, الأمور كلها بيده, على رأس قومه-, قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ فقلت: أقروه واتبعوه, قال: والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت: نعم, قال: انظر يا عمرو ما تقول, إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من الكذب, – هناك خصال, تبقى خافية على الناس, أما الكذب فيُكشف-, هل أنت متأكد أن النجاشي أسلم؟ قال له: أسلم, وهل تبعه قومه؟ تبعوه, وماذا فعل الأساقفة والرهبان؟ قلت: ما كذبت, وما نستحله في ديننا, –عندنا الكذب كبيرة-, ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي؟ قلت: بلى, قال: بأي شيء علمت ذلك؟ قلت: كان النجاشي يُخرج له خراجاً, -يعطيه ضريبة-, فلما صدق وأسلم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-, قال: لا والله, لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته, فبلغ هرقل قوله, فقال له أخوه: أتدع عبدك لا يُخرج لك خراجاً ويدين ديناً محدثاً!؟ قال هرقل: رجل رغب في دين, فاختاره لنفسه, ما أصنع به؟ والله لولا أضن بملكي, لصنعت كما صنع -لأسلمت-, قال: انظر ما تقول يا عمرو, قلت: والله صدقتك, قال عبد: فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟ قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل, وينهى عن معصيته, ويأمر بالبر وصلة الرحم, وينهى عن الظلم والعدوان, وعن الزنا, وعن الخمر, وعن عبادة الحجر, والوثن, والصنم, قال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه, لو كان أخي يتابعني عليه, –الأخ الأصغر ألين وأقرب-, لركبنا حتى نؤمن بمحمد, ونصدق به؛ ولكن أخي أضن بملكه, – أي لا يسلم بهذه البساطة– من أن يدعه ويصير ذنباً, قلت: إنه إن أسلم ملّكه رسول الله على قومه –أبقاه ملكاً-, فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم, قال: هذا لخلق حسن, وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصدقات في الأموال, حتى انتهيت إلى الإبل, قال: يا عمرو, وتؤخذ من سوائل مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه؟ قلت: نعم, فقال: والله ما أرى قومي في بعد دارهم, وكثرة عددهم, يطيعوني بهذا –هذه صعبة عليهم-, قال: فمكثت ببابه أياماً, وهو يصل إلى أخيه, فيخبره كل خبري, ثم إنه دعاني يوماً, فدخلت عليه, -دخل على الكبير-, فأخذ أعوانه بضبعي –ب كتفي, الاضطباع في الحج أن تبرز كتفك الأيمن-, فأخذ بضبعي, فقال: دعوه, فأُرسلت, فذهبت لأجلس, فأبوا أن يدعوني أجلس, فنظرت إليه, فقال: تكلم بحاجتك, فدفعت إليه الكتاب مختوماً, ففض خاتمه وقرأه, حتى انتهى إلى آخره, ثم دفعه إلى أخيه, فقرأه مثل قراءته, إلا أني رأيت أخاه أرق منه, قال: ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقلت: تبعوه؛ إما راغب في الدين, وإما مقهور بالسيف, قال: ومن معه؟ قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام, واختاروه على غيره, وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم, أنهم كانوا في ضلال, فما أعلم أحداً بقي غيرك في هذه الحرجة, وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل, ويبيد خضراءك, فأسلم تسلم, – تصور أعرابياً, يخاطب ملكاً! كم كان هذا الصحابي رابط الجأش, يكلمه ببساطة: إذا لم تسلم تنتهي-, قال له: إن لم تسلم اليوم, وتتبعه, يوطئك الخيل, ويبيد خضراءك, فأسلم تسلم, ويستعملك على قومك إذا أسلمت, ولا تدخل عليك الخيل والرجال, قال: دعني يومي هذا, وارجع إليّ غداً, فرجعت إلى أخيه, فقال: يا عمرو, إني لأرجو أن يسلم, إن لم يضن بملكه, حتى إذا كان الغد أتيت إليه, فأبى أن يأذن لي, فانصرفت إلى أخيه, فأخبرته أني لم أصل إليه, فأوصلني إليه, فقال: إني فكرت بما دعوتني إليه, فإذا أنا أضعف العرب, إن ملكت رجلاً ما في يدي, وهو لا تبلغ خيله ها هنا, وإن بلغت خيله لقيت قتالاً ليس كقتال من لاقى, قلت: وأنا خارج غداً, فلما أيقن بمخرجي, خلا به أخوه فقال: ما نحن فيما قد ظهر عليه, وكل من أرسل إليه قد أجابه, فأرسل إلي, فأجاب إلى الإسلام (هو وأخوه) جميعاً, وصدقا النبي -صلى الله عليه وسلم -, وخلَّيا بيني وبين الصدقة, وبين الحكم فيما بينهم, وكان لي عوناً على من خالفني))
مخاطبة الملوك قضية صعبة جداً تحتاج لإيمان و ثبات و تضحية :
النبي عليه الصلاة و السلام أرسل كتباً إلى المقوقس, وإلى كسرى, وإلى قيصر, وإلى ملك عمان, كتاباً موجزاً واضحاً, وأرسل مع هؤلاء -مع هذه الكتب- رجال؛ - هناك رجل يصغر شأن الرسالة, و رجل يعظم شأن الرسالة-.
فالرجل تكلم بفصاحة, وبجرأة, وكأنه لا يخشى في الله لومة لائم. وكلكم يعلم أن مخاطبة الملوك قضية صعبة جداً, الملك يرى أنه الأوحد، فرعون قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾
[سورة القصص الآية:38]
أن تخاطب ملكاً شيء يحتاج إلى قوة, وإلى إيمان, وإلى ثبات, وإلى تضحية, لأنه قد يأمر بقتلك بكلمة وينتهي الأمر.
فكان عليه الصلاة والسلام قد بلغ هذه الرسالة إلى ملوك الأرض.
أسلم تسلم كلام لكل إنسان أراد السلامة في الدنيا و الآخرة :
الشيء الدقيق أن أسلما تسلما: وهذا كلام لكل إنسان, أي أنت لست ملكاً؛ لكن أنت عبد, حينما تُسلم تَسلم في الدنيا والآخرة, حينما تسلم يهديك الله عز وجل سبل السلام, هناك سلام مع نفسك.
الإنسان أحياناً يبحث عن الراحة النفسية, راحته في طاعته لله, المطيع مرتاح, الذي عليك أديته.
قال له: (( اللهم هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك))
[ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة أم المؤمنين ]

أنت عبد لله, مكلف أن تطيعه, فإذا أطعته شعرت براحة, هذه الراحة أساسها أنك أنت أديت حق الربوبية, أنت عبد, والله عز وجل أنعم عليك بنعمة الإيجاد, ونعمة الإمداد, ونعمة الهدى والرشاد, فأنت تعرف هذه النعمة, وقد أجبته في طاعته إليها.
فكلمة أسلِما تسلَما هي لكل مسلم, ولكل مؤمن.
قال له: (( قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك؟ قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم، قال: أريد أخف من ذلك قال: إذاً فاستعد للبلاء ))
[ أخرجه مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي ]
كلام واضح؛ إن أردت أقل من الاستقامة إذاً: فاستعد للبلاء, وهذا هو الحق. من أسلم هداه الله سبل السلام مع نفسه و ربه و الناس :
﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾
[سورة يونس الآية:32]
الحق مفرد, والضلال جمع, قال: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾
[سورة البقرة الآية:257]
لم يقل من الظلمات إلى الأنوار, لم يقل من الظلمة إلى النور, لأن الانحراف ظلمات: ﴿بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾
[سورة النور الآية:40]
أما الاستقامة فحقيقة واحدة.
فكلمة أسلما تسلما تعني أن السلامة مطلب كل إنسان؛ لا يوجد إنسان يتمنى المرض, لا يوجد إنسان يتمنى الفقر, لا يوجد إنسان يتمنى الذل, لا يوجد إنسان يتمنى القهر, إن أردت أن تكثر من الذل والقهر, ومن مصائب الدنيا الشديدة التي لا تُحتمل, أسلم, فإن أسلمت, الله عز وجل يهديك سبل السلام, يسيرك بطريق السلامة؛ سلامتك مع نفسك, سلامتك مع ربك, سلامتك مع الناس. من أسلم ربح الدنيا و الآخرة :
الآن الشرع: أي إنسان طبق الشرع ليس له علاقة بالمحاكم إطلاقاً, ولا بالمخافر.
طبعاً هناك ملوك قتلوا الرسل.
ملك كسرى قتل الرسول, ومزق الكتاب, فقال عليه الصلاة والسلام: ((اللهم مزق ملكه))
[ رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن حُذافة]
كاتب, معاصر, قال: "كل من دعا إلى ملك كسرى يُمزق ملكه".
فحينما أراد أن يحيي مجد فارس الوثني مُزق ملكه, دعاء من النبي: ((اللهم مزق ملكه))
[ رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن حُذافة]
النجاشي بقي ملكاً, والنبي صلى عليه صلاة الغائب لما مات, ولما جاء وفد النجاشي خدمهم النبي بنفسه.
يتوهم الإنسان أنه عندما يسلم يخسر, لا تخسر, تربح الدنيا والآخرة, الله عز وجل عطاؤه كبير, الله عز وجل خيرك بين الدنيا أو الآخرة؛ إن آثرت الآخرة أعطاك الدنيا معها.
النجاشي أسلم, بقي ملكاً, وتبعه قومه, وأعلوا قدره, وتبعه الأساقفة والرهبان, وأسلموا معه, ولذلك: يعد النجاشي من التابعين، أي من الصحابة الذين لم يلقوا النبي, إذاً: الأغلب يعد من التابعين الذين آمنوا برسول الله ولم يروه.
وهذا ملك عمان أسلم أيضاً, هناك رواية عن هذا الملك -لم تُذكر هنا- أنه حينما سمع كلام رسول الله, -كلام النبي, أو كلام رسول رسول الله-, قال: "والله ما أمر بشيء وقال العقل: ليته لم يأمر به, وما نهى عن شيء وقال العقل: ليته نهى عنه".
الإنسان عنده عقل, وأمامنا نقل -القرآن والسنة-, وعندنا فطرة, وعندنا واقع؛ الفطرة مقياس نفسي. من نعم الله الكبرى أن الله عز وجل فطر الإنسان فطرة سليمة :
الإنسان أحياناً عندما يخطئ يتضايق، الإنسان مجبول جبلة كاملة, فإذا كان كاملاً انسجم مع فطرته, ارتاحت نفسه, فإذا كذب أو خان يشعر بانهيار داخلي, هذه من نعم الله الكبرى أن الله عز وجل فطر الإنسان فطرة سليمة, فإذا خالف فطرته عذبته نفسه.
لذلك مرض الكآبة في العالم؛ الضيق الشديد, السوداوية, الشعور بالذنب, تعذيب الضمير, مسميات, أو أسماء لمسمى واحد هو أن النفس فطرتها عالية, فإذا خرجت عن أصل فطرتها تعذبت.
لهذا التناقض الله أعطاك مقياساً نفسياً ثابتاً؛ إن أحسنت إلى الخلق سعدت، وكنت أسعد الخلق, إن أسأت إليهم, كنت أشقى الخلق, هذه فطرة, والعقل مقياس أودعه الله في الإنسان, الله هو الذي خلق العقل, مبادىء العقل تتناسب مع قواعد الدين, فالعقل يدعوك إلى أن تؤمن بالله, أما الذي لا يؤمن بالله فعنده خلل في عقله. الحق هو توافق الواقع والعقل والنقل والفطرة :
أحياناً تجد بالكون إعجاز, كل شيء كامل؛ لكن هناك ظلماً أحياناً, فإذا أنت آمنت بالآخرة يختل توازنك, الآن الكون يشهد أن كل شيء فيه كمال مطلق؛ في العلم, والحكمة, والرحمة, واللطف, لكن تجد هناك ظلم, هذا الظلم من دون آخرة صعب تفسيره, أما بالآخرة فيفسر, هناك تسوية حسابات؛ كل إنسان سيدفع الثمن, أو سيقبض الثمن.
فالعقل لا يقبل أن إلهاً عظيماً, خلق الكون, و خلق الناس بدنيا محدودة, وتنتهي الدنيا, وينتهي كل شيء, أصبح هناك تفاوت؛ هناك غني و فقير, و قوي و ضعيف, و صاحب عمر مديد وصاحب عمر قصير، فالإنسان عقله بمبادئه المتوافقة مع الكون, ومع منهج الله عز وجل, وفطرته المتوافقة مع الدين أيضاً: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾
[سورة الروم الآية:30]
أن تقيم وجهك للدين حنيفاً هو نفسه الفطرة التي فُطرت عليها, أصبح العقل, والنقل, والفطرة, والواقع, كلها متوافقة, هذا المؤمن عنده انسجام؛ لا يوجد عنده تناقض, لا يوجد عنده ضياع, لا يوجد عنده خلل, لا يوجد عنده اضطراب, مبادىء عقله متوافقة مع النقل الذي يؤمن به, مع الكتاب والسنة, مع أصل فطرته, مع مبادىء الواقع؛ فالواقع, والعقل, والنقل, والفطرة, كلها متوافقة, وهذا هو الحق.
فالإنسان لا ترتاح نفسه إلا إذا أيقن بوجود إله عظيم, وله منهج قويم, وله أنبياء ورسل مثل عليا, وهذا أصل الدين.





والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:11 PM   #17


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( السابع العاشر )


الموضوع : اذا حلفت على يمين ....



الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الإنسان في الحياة الدنيا مخلوق للعمل الصالح والعمل الصالح ثمن الجنة :
يقول عليه الصلاة والسلام:
((إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها, فكفر عن يمينك, ثم ائت الذي هو خير))
[أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة]
هذا الحديث له دلالات كبيرة, من هذه الدلالات أن الإنسان في الحياة الدنيا مخلوق للعمل الصالح, وأن العمل الصالح ثمن الجنة, وأن علة وجودك على وجه الأرض أن تعمل عملاً صالحاً تلقى الله به, وأن العمل الصالح ثمن الجنة, وأن الإنسان إذا جاءه ملك الموت لا يندم إلا على عمل صالح فاته, وأن كل ما في الدنيا لا قيمة له إلا ذكر الله وما والاه.
لذلك لو حلفت بالله, لو أقسمت بالله العظيم, لو ذكرت لفظ الجلالة معظّماً, وحلفت على يمين, ثم رأيت غير هذه اليمين خيراً منها يجب أن تكفر عن يمينك, وأن تفعل الذي هو خير.
استنباط دقيق جداً هو أن العمل الصالح هو كل شيء في حياتك لأنه ثمن الجنة.
فالإنسان إذا جاءه ملك الموت لا يندم على بناء لم يتمه, لا يندم على صفقة لم يعقدها, لا يندم على مشروع لم ينجزه, يندم على عمل صالح فاته, والدليل قول الله عز وجل: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾
[ سورة المؤمنون: 99-100 ]
معنى ذلك أن الوقت وعاء العمل, والعمل إذا كان للدنيا فهذا الوقت استهلك استهلاكاً رخيصاً.
هناك أعمال ليس لها أثر بعد الموت, آلاف الأعمال تحتاج إلى وقت, وإلى جهد جهيد, والإنسان إذا مات هذه الأعمال ليس لها أثر إطلاقاً, ويوجد عمل إذا فعلته في الوقت الذي هو وعاء العمل كان لهذا العمل أثر بعد الموت. من حلف باسم الله العظيم و كان الخير خلاف هذا اليمين ينبغي أن يكفّر عن يمينه :
لذلك أعقل العقلاء هو الذي ينفق وقته إنفاقاً استثمارياً لا إنفاقاً استهلاكياً, أي الذي تفعله ولا علاقة له بالآخرة هذا استهلاك, الضرورات لا بد منها؛ تأكل, وتشرب, وتنام, وتعمل, وتتزوج؛ لكن بذل جهد جهيد, وقت مديد, في أعمال ليس لها أثر بعد الموت, هذا من ضعف عقل الإنسان, وكم من إنسان بذل جهداً جهيداً, وفاجأه ملك الموت مفاجأة, فذهب إلى الآخرة صفر اليدين.
هل هناك من دلالة أقوى على قيمة العمل الصالح من أنك لو حلفت بالله العظيم, وعقدت الأيمان, وغلظت الأيمان, على ألا تفعل هذا الشيء, ولكن الخير في فعله؟ يقول لك النبي الكريم, وهو رسول رب العالمين, يقول لك النبي الذي لا ينطق عن الهوى: ((إذا حلفت على يمين, فرأيت غيرها خيراً منها, فكفر عن يمينك, ثم ائت الذي هو خير))
[أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة]
فهناك تعنت شديد عند بعض الناس, أنا حالف, إذاً ليس فقيهاً, حالف ألا أزور أختي, أختك ليس لها غيرك, إذا أنت قطعتها قطعت الخير عنها, وتحيدت عن هدايتها, ومنعت نفسك من إصلاح البيت, تكلمت كلمة قاسية فأنت شعرت أن كرامتك خدشت, فحلفت يميناً معظماً ألا تزورها ما حييت.
أنا لا أقول كلاماً من فراغ, هناك قطيعة بين أفراد بعض الأسر؛ عشرون سنة, ثلاثون سنة, ولا كلمة, ولا حركة, ولا سؤال, ولا جواب, ولا اتصال هاتفي.
حلف يميناً, لأنني حلفت يميناً يا أخي, أنت لا تفقه في الدين شيئاً, أنت لو استخدمت اسم الله العظيم, وحلفت أعظم الأيمان, وأغلظ الأيمان, والخير خلاف هذا اليمين, ينبغي أن تكفر عن يمينك, وأن تفعل الخير. الله عز وجل أرادنا أن نجتمع و نتعاون و يصل بعضنا بعضاً :
هناك استنباط ثان يشابه هذه الاستنباط؛ لو فرضنا معركة بين المسلمين وبين الكفار, وفي ساعة الامتحان, السلاح الأبيض في ساعة القتل كلّ يُشهر سيفه أمام العدو, ودخل وقت الظهر, يجب أن نصلي جماعة, ويوجد آية في القرآن طويلة تتحدث عن صلاة الجماعة في أثناء الحرب.
يقف النبي يصلي, يأتي قسم يصلون خلفه, ويوجد قسم للحراسة, فإذا أنهوا ركعة, جاء الذين يحرسون فصلوا وراء النبي الركعة الثانية، أي وأنت تقابل العدو يجب أن تصلي جماعة, فكيف بالسلم؟
لا تعرف عظم هذه الصلاة- صلاة الجماعة- إلا بهذه الآية؛ وأنت تواجه العدو, وأنت تشتبك معه بالسلاح الأبيض, وهو على مسافة متر منك, يجب أن تصلي الصلوات جماعة وراء الإمام بطريقة ذكرها القرآن الكريم, فإذا كنت في السلم, وفي بيتك, وفي بحبوحة؛ ليس هناك حرب, ولا اشتباك مع عدو, ولا خطر, ولا قتل, فهذا الذي يقصر عن صلاة الجماعة سيحاسب.
قد يسال سائل: الصلاة صلاة؛ إن صليتها في البيت وإن صليتها في المسجد؟ الكلام صحيح إلى حدّ ما, لكن الله عز وجل أراد أن نجتمع, أراد أن نتعاون, أراد أن نتناصح, أراد أن يصل بعضنا بعضاً, أراد أن يستفيد الضعيف من القوي, يستفيد الأقل علماً من الأكثر علماً. أمية النبي وحده كمالٌ فيه لأن الله تولى تعليمه :
بالمناسبة: هناك بعض الأقوال أسمعها أحياناً: أن النبي أمي, أمية النبي وحده كمالٌ فيه, لأن الله يعلمه, يعلمه بالوحي.
أنت وازن بين أعظم أستاذ في العالم في أي اختصاص, بجامعة عريقة, فيها أستاذ, بلغ من العلم شأواً بعيداً, يعلّم طالباً, وهذا الطالب يفتخر بهذا المعلم, أنا أستاذي فلان.
والآن الأطباء أحياناً, يقول لك: أنا أستاذي فلان- أكبر جراح قلب- أنا أستاذي فلان, أنا علمني اللغة فلان, فكل طالب علم يفتخر بأستاذه، فإذا كان أعلم علماء الأرض يعلّم طالباً, والطالب يفتخر بأستاذه, النبي من يعلمه؟ الله جلّ جلاله, فالمسافة بين أعلى أستاذ وبين الله عز وجل مسافة كبيرة جداً, خالق, انظر الكون كله؛ علم الله عز وجل, حكمته, رحمته. فالنبي يعلمه الله لذلك: وعاء النبي صاف, لا يوجد فيه غير وحي من الله, وهي حكمة ربنا البالغة.
لو أن النبي كان على اتصال, أو اطلاع على الثقافة المعاصرة, أي قرأ, دخل جامعة, لو فرضنا جاء في عصر فيه جامعات, وأخذ شهادة عليا, أخذ علم نفس, أخذ تاريخاً, ثم جاءه الوحي, فصار كلامه مختلطاً, يا ترى كلامك هذا -يا رسول الله- من الوحي أم من ثقافتك؟ دخلنا في متاهة.
أراد الله عز وجل أن يبقى وعاء النبي نظيفاً من كل ثقافة أرضية, وأن الوحي وحده هو الذي يعلمه, وهذا كلام طيب.
الثقافة التي تُؤخذ صدفة لا تشكّل إيماناً:
الآن: نحن لا يوجد عندنا وحي, فإذا ما تعلمنا من بعضنا نبقى جاهلين, الأمية في حقنا نقيصة, وصمة عار, فلان أمي, أي جاهل.
إذا قلنا: النبي أمي, أي هو أعلم علماء الأرض, لأن الله يعلمه، فلذلك قضية أن الإنسان يصلي جماعة, يكون له درس علم, لا يوجد طريقة ثانية.
هناك تعبير مضحك, يقول لك: فلان ثقافته من عنده, أي ليس دارساً لمنهج معين, لم يدرس على يد معلم, قرأ مقالة, سمع في الإذاعة في برنامج ديني كلمة, مرة حضر عقد قران فسمع كلمة دين, فجمع فتاتاً, نتفاً نتفاً, ملاحظات هكذا شاردة, غير مركزة, جمعها, كون ثقافة مضحكة, ثقافة غير متكاملة, غير رصينة, غير قوية, أما إذا طلب العلم طلباً حثيثاً؛ طلب العلم من منبعه, طلب العلم من مظنة العلم, طلب العلم من رجل يثق بعلمه, فسيبني بناء دقيقاً.
مثلاً: إنسان مثقف, عنده مجلة طبية، يجلس مع بعض الأطباء, يسمع بعض الأفكار, هذا إنسان يُعد عالماً بالطب؟ إطلاقاً, هذا عنده ثقافة طبية لا تؤهله لأن يكون طبيباً إطلاقاً.
من يريد أن يدرس الطب مثلاً, في أول سنة يعطونه علوم, رياضيات, وفيزياء, وكيمياء, في السنة الثانية يأخذ تشريحاً وصفياً, بعد ذلك فيزيولوجيا, بعد ذلك علم الأمراض, بعد ذلك علم الأدوية؛ ثم يعمل التدريبات ليأخذ شهادة عليا, بعد ذلك يعمل اختصاصاً, يعطونه اختصاصاً دقيقاً جداً, يتدرب على يد أطباء مهرة في مستشفيات راقية جداً؛ سنتين, ثلاثة, أربعة, هذا يقال له: طبيب, لأنه مارس اختصاصاً, أما كل إنسان قرأ مجلة طبية, وجلس مع بعض الأطباء, فهل يعقل أن يكون هذا طبيباً؟
فهذه الثقافة التي تُؤخذ صدفة؛ من عقد قران, من خطبة جمعة تائهة, من مقالة تقرؤها, من إمام مسجد, قال لك كلمتين هذه لا تشكل إيماناً, لا تشكل علماً؛ لذلك صلاة الجماعة, وارتياد المساجد, لزوم أهل الحق, من أجل أن تكون عالماً, أنت لا يوجد وحي يعلمك.
العلم لا يأتي إلا عن طريق التعلم حصراً :
إنسان يدّعي أنه تأتيه أوراد من الله, هذا نوع من الدجل أحياناً, لأن النبي ماذا قال:
(( إنما العلم بالتعلم))
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]
أي أنتم أيها المؤمنون لا يوجد عندكم طريق إلى التعلم, لا يوجد شيء, نحن نأخذ عن الرزاق, وتأخذ أنت عن عبد الرزاق, هذا كلام فيه دجل, لا يوجد طريق للعلم إلا التعلم, ويوجد أحياناً وهم كثير, و شطحات.
أي أنا أغمض عيني, تأتيني معلومات من الله, معنى هذا أن هناك وحياً، الوحي انقطع, وكل إنسان يدّعي أن الوحي مستمر فقد كفر, الوحي انقطع بموت النبي عليه الصلاة والسلام.
فكلمة أن هناك أوراداًَ, و إشراقات, هذه صحيحة, لكن بحالات دقيقة جداً ذُكرت، من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، أي صار هناك طلب علم, وصدق, وتطبيق, ممكن أن يلقي الله عز وجل في قلبك معنى معيناً, يلقي في قلبك فهماً معيناً, هذا بعد أن تطلب العلم، ولا تنسى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (( إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم ))
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]
وأدق ما في الحديث كلمة (إنما)، أي العلم لا يأتي إلا عن طريق التعلم حصراً, لذلك: الإنسان لو عاش وحده يعيش بجهل، لذلك النبي قال: ((من بدا جفا))
[أخرجه أبو يعلى عن البراء]
أي من أقام في البادية, صار طبعه جافاً, لم يطلب العلم, لأن العلم يهذب, لا تعرف قيمة العلم إلا من حالة واحدة, الذي له مجلس علم؛ من سنتين, ثلاث, أربع, لو جلس مع إنسان ما طلب العلم إطلاقاً ساعة يعرف قيمة نفسه؛ من كلام فارغ, من تعليقات سخيفة, من كلام بذيء أحياناً, من طرف جنسية, تجد هذا ليس مهذباً, كلمة مهذب عمل عظيم، أي إنسان طلب من الله عز وجل الكمال, إنسان استقى الكمال من منبعه. على الإنسان ألا يجعل يمينه عرضة بينه وبين الخير :
لذلك هذا الحديث له دلالة كبيرة:
((إذا حلفت على يمين, فرأيت غيرها خيراً منها, فكفر عن يمينك, ثم ائت الذي هو خير))
[أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة]
فراجع نفسك, إذا حلفت يميناً ألا تفعل عملاً معيناً والعمل فيه خير, بكل بساطة كفر عن يمينك, وافعل الخير, لا تجعل يمينك عرضة بينك وبين الخير: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا﴾
[سورة البقرة الآية:224]
أنواع الأيمان :
1 ـ اليمين اللغو :
أنا حالف؟ لا, هذا اليمين ليس عقبة, كفر عنه, وائت الذي هو خير, إلا في حالات: هناك يمين لغو, ويمين منعقدة, ويمين غموس, ثلاثة أنواع للأيمان؛ في اليمين اللغو مثلاً يكون الإنسان في أشد حالات الجوع, يدخل إلى بيت و هم يضعون الطعام على المائدة, يقولون له: تفضل, فيجيب: والله لست جائعاً, تقول: والله وأنت تموت من جوعك؟! هذا نوع من لغو اللسان, وهذا أيضاً عليه مؤاخذة، الله عز وجل قال: ﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ﴾
[ سورة المائدة الآية : 89 ]
أي لا تقل والله, شكراً, لا يوجد رغبة لي في الأكل, هذا الكلام الصحيح, لا يوجد عندك رغبة في أن تأكل عند فلان, لا تريد أن يحسبها عليك طعاماً, أو لك إشكال معين, أو دخلت إلى عند مريض مثلاً, وعنده مرض معد, قدموا لك كأس عصير, لعل هناك مشكلة بالعصير, مع أن النبي نهانا أن نأكل شيئاً عند المريض.
أولاً: لم يبق هناك حرج لأن هناك أمراضاً معدية, يا ترى الكأس صنعوها باهتمام أم بدون اهتمام؟ ينتقل المرض. فالإنسان لا يرغب أن يشرب مثلاً؛ لكن لا يقل: والله, عندما قال: والله, أصبح هناك يمين, والله قال: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية:89]
لذلك كان أبو حنيفة النعمان- رحمه الله تعالى- يدفع ديناراً ذهبياً عن كل يمين صادقة حلفها، لأن الله قال: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية:89]
والإنسان كلما أكثر من اليمين اهتزت مكانته.
عود من حولك على كلمة لا, أو نعم, لا تحلف يميناً, ابق من دون يمين, أكثر شيء في البيع و الشراء؛ تجد البائع حلف خمسين يميناً؛ بذمته, بأمانته, بأولاده, بالكعبة, بالقرآن, رأسمالها أكثر, هل يعقل من أجل بيع قميص أن تحلف خمسة أيامين؟
والنبي قال: ((اليمين الكاذبة منفقة للسلعة, ممحقة للبركة))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
قال: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾
[سورة المائدة الآية:89]
عن يمين اللغو. 2 ـ اليمين المنعقدة :
أما المنعقدة فيُكفر عنها, وهناك تعبير فقهي دقيق أن الله عز وجل قال: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾
[سورة التحريم الآية:2]
هناك تحلة, وهناك تكفير؛ تحلة اليمين قبل الحنث بها, والتكفير بعد الحنث بها.
إنسان حلف ألا يزور أخته, فإذا أطعم عشرة مساكين ثم زارها, هذا تحلل من يمينه, أما إذا زارها وحنث بيمينه, فكفّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين، إذا دفع المبلغ قبل أن يزورها هذا تحلل من يمينه, أما إذا دفع المبلغ بعد زيارتها فهذا كفّر عن يمينه, التكفير بعد الحنث والتحلل قبل الحنث. 3 ـ اليمين الغموس :
اليمين الغموس تغمس صاحبها في النار, اليمين الغموس تحتاج إلى أن تجدد إسلامك, إلى أن تعلن الشهادة, اليمين الغموس ليس لها كفارة لأنها تخرج صاحبها من الدين: ((من حلف على يمين ليقتطع بها مال رجل لقي الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان))
[ صحيح عن معقل بن يسار]
وسميت هذه اليمين يميناً غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار, والقضاء يستخدم اليمين الحاسمة الآن إذا كان هناك خلاف على مبلغ من المال, لا يوجد وثائق, يدعى لحلف اليمين, فإذا حلف فهو عند القاضي بريء, أما عند الله فقد يكون غير بريء.
والمشكلة الآن التي لا تصدق أنه إذا دعي المتهم لحلف اليمين, يقول لك: جاء الفرج, يحلف, والله عز وجل له وسائل متعددة في معالجة هؤلاء الأشخاص, أحياناً يقصمهم فوراً.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:13 PM   #18


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثامن العاشر )


الموضوع : ما يبدأ به الخطبة من أقوال وأدعية.





الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما يبدأ به النبي من أقوال وأدعية في خطبته :
أيها الأخوة الكرام: كان عليه الصلاة والسلام إذا خطب يبدأ خطبته بهذه الأقوال:
((من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له))
[أخرجه مسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله]
أي إن الهدى -كما ورد في القرآن- هدى الله, ليس هناك هدى غير هدى الله عز وجل: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾
[سورة يونس الآية:32]
والحق لا يتعدد, والحق واحد, والحق هو ما جاء عن الله عز وجل.
والشيء الدقيق أنه عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل يبين له: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾
[سورة البقرة الآية: 272]
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾
[سورة القصص الآية:56]
أما معنى ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ﴾
أي أنت لست مسؤولاً عن هدايتهم: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة الشورى الآية:52]
دعوتك حق, ومكلف أن تدعو, ولست مسؤولاً عند عدم استجابتهم, السبب أن الإنسان مخير, والشيء الثاني: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾
[سورة القصص الآية:56]
فالإنسان لأنه مخير؛ سيد الخلق, وحبيب الحق, ومن أوتي جوامع الكلم, أوتي المعجزات, أوتي الوحي, لا يستطيع أن يهديه, والدليل: أناس عاصروا النبي عليه الصلاة والسلام ولم يهتدوا؛ هل هناك أفصح منه؟ هل هناك ألطف منه؟ هل هناك أحكم منه؟ على الإنسان أن يتخذ قراراً بالبحث عن الحقيقة فإذا أرادها فكل شيء يدله عليها:
فالنقطة الدقيقة الآن هناك آيات: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:248]
أي الإيمان قبل أن يهتدي إلى الله عز وجل, المقصود بالإيمان الذي هو قبل الهدى أن يتخذ الإنسان قراراً بالبحث عن الحقيقة, فإذا أرادها فكل شيء يدله عليها, وإذا لم يردها لو عاش مع الأنبياء والمرسلين, ورأى بعينه أن البحر أصبح طريقاً يبساً, وهكذا رأى اليهود:
ٌ﴿فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ﴾
[سورة الأعراف الآية:138]
الشيء المحير في القرآن الكريم أكثر من مئة آية: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾
[سورة البقرة الآية:2]
في القرآن: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:2]
لو إنسان متق يهتدي بهذا القرآن, إذا كان هناك شيء قبل القرآن, فقبل القرآن أوتينا الإيمان, أي إيمان: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:248]
إذاً هذا القرآن يريد تقوى سابقة, الآن: الآيات الكونية, هذه الآيات لمن كان مؤمناً, فالإنسان إذا أراد الحقيقة طلبها, بحث عنها, أي شيء يدله عليها, وإذا لم يردها لو التقى بكل الأنبياء, ورأى بعينه المعجزات، لن يهتدي.
قوم ثمود طلبوا أن ينشق الجبل عن ناقة, انشق الجبل عن ناقة, فعقروها؛ قد ترى كل المعجزات, وقد تلتقي بكل الأنبياء, ومع ذلك لا تؤمن, وقد لا تصلك معجزة ولا آية, إنسان عادي جداً يعيش بين الناس لأنه أراد الحقيقة يصل إليها. القرآن الكريم هدى للمتقين :
إذاً: كل آية تشير إلى أن القرآن هو هدى للمتقين, وأن هذه الآيات: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:248]
معنى ذلك أنك إذا بحثت عن الحقيقة, أو اتخذت قراراً بالبحث عنها, تجدها.
ذكرت من يومين مفارقة حادة نحن كنا صغاراً, كان هناك آلات تصوير عبارة عن علبة, علبة فقط, فيها فتحة, عدسة, ويوضع فيلم, كل فيلم صورة, قطعة واحدة, كان ثمنها حوالي خمس ليرات, الآلة كلها بخمس ليرات, الآن: يوجد آلات ثمنها حوالي ثمانمئة ألف, حالات معقدة جداً, للمحترفين, ائت بآلة, ثمنها ثمانمئة ألف من دون فيلم؛ مهما لقطت مناظر جميلة, مهما وجهت إلى أماكن نادرة, إلى أماكن تاريخية, كل هذه الآلة, ودقة هذه الآلة, لا قيمة لها, الآن: ائت بأرخص آلة تصوير على الإطلاق ضع فيها أرخص فيلم تلتقط أجمل ما تريد.
طلب الحقيقة هو الفيلم, فإذا كان بأبسط آلة تنطبع فيه الصورة, وإذا فُقد من أغلى آلة, الآلة ليس لها قيمة.
فالقصة أن الإنسان يطلب الحقيقة, فإذا طلبها وجدها؛ وجدها في القرآن, وجدها في أفعال الله, وجدها في خلق الله, وجدها في أفعال الله معه.
من أراد الحقيقة فكل شيء في الكون يدله عليها :
الآن الإنسان عندما يتفتح ذهنه, وتتفتح بصيرته, يلاحظ هنا يوجد توفيق, هنا يوجد تعتيم, هنا شرح صدر, هنا ضيق صدر, هنا إقبال, هنا حجاب.
والحقيقة لن تكون مؤمناً إلا إذا فهمت عن الله, فالله عز وجل يخبرنا أننا مخيرون, وأنك لو التقيت بالأنبياء جميعاً, أبو لهب ألم يلتق بالنبي؟ اليهود ماذا قال الله عنهم؟ قال:
﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:146]
انظر التشبيه, أي هل هناك معرفة أقوى وأبلغ وأثبت وأسرع من أن تقول هذا ابن فلان الذي أنت أنجبته وربيته صغيراً وكبر؟ فأقوى معرفة, وأسرع معرفة, أن تعرف ابنك, قال: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:146]
لأنهم لم يبحثوا عن الحقيقة, أنكروها, وكفروا بها.
أحياناً طبيب باحث, يصل إلى حقائق لو رآها مؤمن لذاب من خشية الله؛ يصل للنسج, يصل للزمر الدموية, يصل للزمر النسيجية, للمورثات, للهندسة الوراثية, يجد شيئاً دقيقاً دقيق في الجسم, ومع ذلك يشرب الخمر, ولا يصلي, وقد يزني.
فإن أردت الحقيقة فكل شيء في الكون يدلك عليها, وإن لم تردها لا يوجد شيء يدلك عليها. من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل نفسه عن الله فلن يجد له ولياً مرشداً :
لذلك: أناس عاصروا النبي, وكفروا به, وأرادوا قتله, وكادوا له, وهو قمة في الكمال, هذا معنى قول النبي: "من يهد الله فهو المهتد, ومن يضلل نفسه عن الله فلن تجد له ولياً مرشداً".
هو أراد الدنيا, اختار أن يبتعد عن الله, اختار الشهوة, اختار الدنيا, - لن تجد له ولياً مرشداً-, أما إذا أراد الحقيقة فسيصلها.
فلذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا خطب يقول: ((من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له))
[أخرجه مسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله]
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: ((....أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ...))
[ مسلم والنسائي، واللفظ له عن جابر]
التطوير في الدين خطير جداً لأنه من عند الله عز وجل :
الشيء الثاني في هذا الدرس: أنا ممكن أن أطور, أغير, أبدل, أرقى بالدنيا, أطور الدنيا, أطور المساكن, أطور الطرقات, أطور وسائل كسب الرزق, أطور مثلاً الماء, أجعله بالصنابير في البيوت, أطور المراكب, أطور وسائل المعيشة, أما الدين فلا يحتمل أية زيادة, السبب أن الدنيا من صنعنا, أما الدين فمن عند الله.
نحن بحسب خبراتنا نعمل شيئاً, هناك خلل, هناك خطأ, نعد له, نزيد عليه, نحذف منه, وأمامكم السيارات؛ كل سنة يوجد موديل, يوجد شكل, يوجد ميزات, يوجد نواقص, يوجد زيادات, لأنه حسب الخبرة, والخطأ, والصواب, نعمل تصويباً؛ فالابتداع, والتطوير, والتجديد, والتغيير, والتحديث, هذا ممكن أن يكون في الدنيا, ولا شيء عليه, أما التطوير في الدين فخطير جداً, الدين لا يُضاف عليه, ولا يُنتقص منه؛ لأنه من عند الله عز وجل, مع أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يُجدد لها دينها))
[ المستدرك عن أبي هريرة]
وقد يفهم الإنسان من التجديد شيئاً غريباً جداً، مثلاً بناء نريد أن نجدده؛ نعمل طابقاً زيادة, نعمل ملحقاً, سوراً, نلغي غرفة, أما التجديد في الدين فأن تُزيل عنه ما علق منه مما ليس منه فقط, بناء قديم, كان حجره أبيضاً, صار أسوداً, التجديد أن أزيل هذه الطبقة السوداء عن الحجر, فيعود كما كان.
فأي محاولة للتجديد هي أن نعود إلى الدين؛ إلى أصله, إلى الكتاب والسنة, إلى ينابيعه, إلى صفائه, إلى بساطته, إلى تكامله, الآن: الدين متكامل؛ معرفة, سلوك, اتصال بالله. التطوير والتغيير والتعديل والتبديل والابتداع بالدنيا فقط و ليس بالدين :
من علامات انحراف المسلمين؛ مسلمون ركزوا على المعرفة فقط وأهملوا الاتصال بالله, هذا أصبح ابتداعاً بالدين, أي أخذ كلية من كليات الدين, وكبرها, جعلها الدين كله, مسلم آخر أخذ كلية ثانية – القلب- أهمل العلم, وأهمل السلوك, واعتنى بالقلب, هذا ابتداع بالدين, أما يجب أن تتحرك بالكليات الثلاث؛ بالكلية المعرفية, والكلية السلوكية, والكلية الجمالية, عندئذ تتفوق.
الآن هناك ابتداع آخر: إنسان أخذ فرعاً من فروع الدين, فرع بسيط جداً, لم يأخذ أصلاً, أخذ فرعاً, جعله أصلاً, تعلم مثلاً المواريث, جيد, جعل الدين كله مواريث, هذا أيضاً ابتداع, المواريث لبنة البناء, فمن اهتمامه فيها كبرها حتى جعلها الدين, وقاتل من أجلها, واستعلى على الناس بها, وقد غاب عنه أنها فرع من فروع الدين، فلذلك:
((....شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ...))
[ مسلم والنسائي واللفظ له عن جابر]
فالتركيز اليوم على أن التطوير, والتغيير, والتعديل, والتبديل, والابتداع بالدنيا, والاتباع, والتقيد بالعقيدة, والعبادة في شأن الدين, فلذلك كل إنسان يزيد على الدين يتهمه, ينتقص منه يتهمه.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:14 PM   #19


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( التاسع العاشر )


الموضوع : هدية فى ذكر الموت


الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. هدي النبي عليه الصلاة والسلام في ذكر الموت :
أيها الأخوة الكرام: من هدي النبي عليه الصلاة والسلام في ذكر الموت, وقصر الأمل, والمبادرة بالعمل, وفضل طول العمر لمن حسن عمله, والنهي عن تمني الموت، أي علاقة الإنسان بالموت.
النبي عليه الصلاة والسلام له هديٌ في هذا الموضوع، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْكبي - أي بكتفي- فقال: كُنْ في الدنيا كأنك غَريبٌ، أو عابِرُ سَبيلٍ))
[أخرجه البخاري والترمذي عن ابن عمر]
الآن: أحدنا إذا ذهب إلى بلد, ونزل في فندق, في غرفة الفندق وجد خطأ في الستائر, هل يتألم؟ ليلة واحدة, هل يشعر أنها قضية كبيرة لا يوجد لها ذوق مثلاً؟ لا, ليلة واحدة, ستمضي كيفما كان.
شعور الإنسان أنه غريب تُحل بهذا الشعور كل مشكلاته, شعور البقاء والديمومة تنشأ منه كل المشكلات.
فالإنسان أحياناً يعتني, يعتني, يعتني, وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري؛ فكم من إنسان بنى ولم يسكن؟! حصَّل شهادة ولم ينتفع بها؟! عقد قرانه ولم يدخل؟! فكن في الدنيا كأنك غريب.
الإنسان حتى في بيت المصيف قد يقنع بأبسط الأثاث, بأبسط الأدوات, يقول لك: قضية شهر أو شهرين.
فالشعور بالغربة يقتضي أن يمتص كل المشكلات, والموت من ميزاته: ((ما ذكر في كثير إلا قلله, ولا في قليل إلا كثره))
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ زَادَ النَّسَائِيّ عن أبي هريرة]
هناك مفارقة, الذي له حجم مالي كبير, الموت ينهيه, الموت ينقله إلى الصفر, الذي جمَّعه في عمر مديد يخسره في ثانية واحدة, وما كان يعاني من مشكلات كثيرة في الدنيا الموت ينهي كل هذه المشكلات, وإذا كان له عند الله عملاً طيباً يفتح له أبواب الأمل. الموت أخطر حدث في حياة الإنسان :
لذلك موضوع الموت هناك من يتوهم أنه قضية تشاؤم, لا أبداً, الموت أخطر حدث في حياة الإنسان, والله عز وجل قدمه على الحياة قال:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾
[سورة الملك الآية:2]
هذا كلام خالق الكون, لو كلام إنسان أقول: قدم الموت على الحياة هكذا بلا سبب.
الإنسان أحياناً يقدم كلمة على كلمة ولا يعني شيئاً, ولا يقصد شيئاً, قدم كلمة على كلمة, أما عندما الإله العظيم بكلامه الحكيم يقدم الموت على الحياة فلأنه أخطر حدث في حياة الإنسان.
بالحياة هناك آلاف الخيارات, أما في الموت فخياران لا ثالث لهما؛ إما إلى جنة يدوم نعيمها, أو إلى نار لا ينفد عذابها.
لا يتناقض الموت مع أن تؤسس عملاً, مع زواج, مع تأسيس شركة, مع نيل شهادة, هذا الشيء من إعمار الأرض, ومن لوازم الحياة الدنيا أن يكون معك شهادة عليا, عمل جيد, تزوجت, أسست بيتاً, هذا لا يتناقض مع الموت, أما المعصية فتتناقض مع الموت, عدم طلب العلم يتناقض مع الموت. من غفل عن الموت يأتيه كالصاعقة :
النبي عليه الصلاة والسلام من أساليبه الحكيمة أخذ بمنكبي - من باب المودة, من باب الاهتمام-, كأنه أخذ بمنكبي وهزهما قال:
((.... كُنْ في الدنيا كأنك غَريبٌ، أو عابِرُ سَبيلٍ))
[أخرجه البخاري والترمذي عن ابن عمر]
وأجمل شيء في الحياة ألا يتفاجأ الإنسان, فالذي توقع الموت, ثم جاء الموت, لا يفاجأ به, أما الذي غفل عنه, فيأتي الموت كالصاعقة: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾
[سورة الزخرف الآية:83]
الموت يأتي كالصاعقة تماماً.
أكثر من مئات الدعاوى تُشطب لموت أحد الطرفين؛ دعوى ثماني سنوات, ومحامون, ونفقات, وتوتر أعصاب, يموت الإنسان, ولا يرى نتيجة هذه الدعوى أحياناً, أي هناك مفاجآت كثيرة في الحياة. الإنسان بلحظة يكون على مشارف الجنة أو النار:
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((الجنةُ أقربُ إلى أحدكم من شِراكِ نعْلِه والنارُ مثل ذلك))
[أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود]
جنة أو نار.
زارنا البارحة طبيب في الخطبة فحدثنا أن الإنسان إذا أفرغ مثانته فجأة, -ممتلئة وأفرغها- قد ينشأ نهي لحركة القلب.
كان في سفر إلى أمريكا, راكب من الركاب دخل إلى دورة المياه وخرج, وقع في أرض الطائرة, نبضه يكاد يكون معدوماً, صار هناك نهي, يبدو أنه شرب مشروباً, والمشروب يعمل إدراراً, فالمثانة امتلأت, دخل وأفرغ المثانة فجأة صار هناك نهي لقلبه، فالإنسان إذا أفرغ مثانته فجأة, هناك مشكلة, إن شرب الماء واقفاً وكان في المعدة مادة حارة والماء بارد, هناك عصب بين القلب والمعدة اسمه العصب الحائر, وفي حالات كثيرة يقف القلب؛ كان شخصاً صار نعوة, كان شخصاً صار خبراً.
والآن يكثر كثيراً الموت الفجائي, إذاً الإنسان بلحظة صار في القبر؛ بلحظة صار على مشارف الجنة إذا كان مؤمناً, وعلى مشارف النار إن كان كافراً، فقال عليه الصلاة والسلام: ((الجنةُ أقربُ إلى أحدكم من شِراكِ نعْلِه، والنارُ مثل ذلك))
[أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود]
من زاوية عقلية محضة كل جهود الإنسان موقوفة على فتحة الشريان, أو على نمو الخلايا, أو على سيولة الدم, أما الذي له عمل طيب في الآخرة, فما قامر أبداً, قال لهم: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾
[سورة طه الآية:71]
﴿فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾
[سورة طه الآية:71]
فرعون لسحرته: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى* قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾
[سورة طه الآية:71-72]
الموت تحفة المؤمن و وقت قبض الجائزة :
كلمة فرعون الآن ليس لها قيمة كثيراً, أما في عهده فمخيفة، أي اقتلوه, كلمة اقتلوه يكون قد انتهى:
﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾
[سورة طه الآية:72-73]
كشفوا الحقيقة؛ الأصل الأبد, الأصل الجنة, الدنيا مؤقتة.
فلذلك الإنسان عندما ينقل كل اهتماماته للآخرة الدنيا تغدو صغيرة جداً, حتى الموت سهل, ما الموت؟ الموت تحفة المؤمن, الموت عرس, الموت وقت قبض الجائزة, فتجد الصالحين أجمل ساعات حياتهم عند لقاء الله عز وجل.
بطولتك أن تهيىء نفسك إلى درجة أنه إذا جاء ملك الموت فأنت أسعد الناس, أما عند الناس جميعاً فالموت أكبر مصيبة.
إنسان رتب بيته, وزينه, ورتب الجبصين, و كل وسائل الجمال في البيت هيأها, صار معه مرض عضال - أي صار معه ألم لا يحتمل- زاره قريب لي فقال له: الآن بعد أن أموت تأتي زوجتي تتزوج إنساناً يأتي إلى البيت؛ و البيت مرتب, جاهز, شعر بالإحباط, ولا يوجد شعور أصعب من الإحباط, أنت تعبت جاء إنسان آخر أخذ كل تعبك, أما إذا عمل الإنسان للآخرة فعند الله عز وجل كله محفوظ؛ أوقاته كلها محفوظة, إنفاقه كله محفوظ, جهوده كلها محفوظة, كلامه كله محفوظ.
أعقل إنسان الذي يستغل حياته الدنيا للعمل الصالح :
لذلك أعقل إنسان الذي يستغل حياته الدنيا للعمل الصالح, والدنيا تأتي وتذهب؛ إن أتت لا نحفل بها, وإن ذهبت لا نأسف عليها, لأنها مؤقتة, أي هي أحقر من أن تكون عطاء من قبل الله وأحقر من أن تكون عقاباً.
الخطبة النبوية الشريفة:
((فمن عرفها لم يفرح لعطاء, ولم يحزن لشقاء؛ -لأن العطاء مؤقت, والشقاء مؤقت-, قد جعلها الله دار بلوى, وجعل الآخرة دار عقبى, فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً, وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً, فيأخذ ليعطي, ويبتلي ليجزي))
إذا النبي قال: (( أكثروا من ذكر هادم اللذات))
[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
أكثروا أي اذكروا؛ كل يوم, وكل وقت, وهيىء نفسك بالعمل الصالح, بالتوبة, بالاستقامة, يقول شخص: أنا شاب, عمري عشرون عاماً, ما لك والموت!؟
والله أكثر من قصة تسمعها خلال شهر أيضاً شاب بالاثنين والعشرين, بالثلاثة والعشرين, جاءت منيته فجأة بحادث, أو بمرض مفاجىء, أو .....
لنا أقرباء, عندهم شاب على سبع بنات, عمره اثنان وثلاثون سنة, متزوج, أي آخذ جزءاً من عقل الأب والأم, سبع بنات وشاب, مات فجأة بنهي قلبي من حوالي أسبوعين, أمه صار معها سرطان من شدة الألم عليه, الموت لم يدخل في الحسابات.
فالموت قريب, أمدّ الله عز وجل في عمرنا: (( يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ : مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ ))
[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ]
لكن بعد أن تستقر مع الله اطلب العمر الطويل لا يوجد مانع.
الدنيا محببة وللمؤمن محببة من نوع ثان, لأنه كلما عاش أكثر كسب عملاً أكثر, لا يوجد مانع, تنسجم مع فطرتك, الحياة محببة, حتى المؤمن يحب الحياة؛ لأنه يزداد عملاً صالحاً, يزداد إقبالاً, يزداد بذلاً, يزداد عطاء, هذا الشيء طيب بعد أن تستقر مع الله هناك توازن داخلي, تصطلح معه, أمورك كلها واضحة, اطلب العمر المديد, أما عمر مديد على معاص! فالعياذ بالله.
لذلك الدعاء النبوي: ((اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا, وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا, وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا, واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير, واجعل الموت راحة لنا من كل شر))
من شدة الفتن في آخر الزمان أن الإنسان يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((بادروا بالأعمال فِتناً كَقِطَع الليْلِ المظلم، يُصبحُ الرجلُ مؤمِناً ويُمْسِي كافِراً، ويُمسِي مُؤمِناً ويُصبْحُ كافِراً ، يَبيعُ دِينَهُ بِعَرَضِ من الدُّنْيا قليل))
[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]
من شدة الفتن في آخر الزمان الإنسان قد يكفر بسبب امرأة, قد يكفر بسبب شهوة مستعرة, فالشهوات مستعرة, يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.
أعرف رجلاً -هكذا سمعت عنه في المدينة المنورة- عمره خمس وستون عاماً, جاء بصحن وترك الصلاة, في الخامسة والستين انتكس؛ جاء بصحن وسهر عليه طوال الليالي, وترك الصلاة, والتفت إلى الجنس, أين هو؟ هذا باع دينه بعرض من الدنيا قليل.
يبدو في آخر الزمان الإيمان هش, والشهوات قوية جداً, فالإيمان الضعيف التقليدي لا يصمد أمام الإغراءات, ولا أمام الضغوط, لأن هناك ضغوطاً شديدة على الإنسان؛ ضغوط المعيشة, ضغوط الإنفاق, ضغوط كسب المال, ضغوط المنافسة؛ هناك ضغوط, وهناك إغراءات, والدنيا كلها ترقص الآن, الدنيا خضرة نضرة, أي كل شيء ممتع فيها, ممكن أن تنسي الموت؛ من سهرة إلى سهرة, ومن ندوة إلى ندوة, ومن فيلم إلى فيلم, ومن متابعة إلى متابعة, ممكن الدنيا أن تنسيك الآخرة وهذه من علامات آخر الزمان. ((فِتن كَقِطَع الليْلِ المظلم، يُصبحُ الرجلُ مؤمِناً ويُمْسِي كافِراً، ويُمسِي مُؤمِناً ويُصبْحُ كافِراً، يَبيعُ دِينَهُ بِعَرَضِ من الدُّنْيا قليل))
[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]
العاقل من يدعو بطول العمر وحسن العمل :
الحديث الذي بعده:
((لا يَتمَّنَينَّ أحدُكُم الموتَ - هذه الله يقصف عمري, هذا كلام غير شرعي–, لا يَنَمَّنَينَّ أحدُكُم الموتَ؛ إِمَّا مُحسِناً فَلَعلَّهُ يَزْدادُ، وإما مسيئاً فلعله يستْعَتَبُ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
كن أديباً مع الله عز وجل, هناك أشخاص كثر يدعون على أنفسهم, أو على أولادهم, أو على أهلهم. ((لا يتمَّنَينَّ أحدُكُم الموتَ؛ إِمَّا مُحسِناً فَلَعلَّهُ يَزْدادُ، وإما مسيئاً فلعله يستْعَتَبُ))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة]
أحياناً الوقت يحل مشكلة.
وهناك رواية أخرى: ((لاَ يَتَمنَّيَنَّ أحدُكُمُ الموتَ, ولا يدْعُ بهِ من قَبْلِ أنْ يَأْتِيَنَهُ؛ إنَّهُ إذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وإنه لا يزيدُ الْمؤمِنَ عُمُرُهُ إلا خَيْرا))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة]
إذا الإنسان مات توقف عمله, كلما عاش يوماً كسب أعمالاً أكثر, أدى الصلوات، النبي الكريم مرّ على قبر, وكان مع أصحابه, فقال: (( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم))
[ رواه ابن المبارك عن أبي هريرة ]
هناك بيوت في حي المالكي سعرها يقدر بستين مليوناً, بيع بيت بمئة وخمسين مليوناً في المزة, هناك بيوت, و محلات بالحمراء كل متر بمليون ليرة؛ هناك مشاريع, ومعامل, و مؤسسات أسعارها لا تقدر, أما النبي عليه الصلاة والسلام فيبين أن الآخرة خير من الدنيا: ((إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْرًا))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة]
الحقيقة قال أحدهم: (( يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ : مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ ))
[ الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ]
فالإنسان كلما طال عمره يكون له عند الله رصيداً كبيراً, وليدع الإنسان بطول العمر, وحسن العمل.



والحمد لله رب العالمين



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-24-2018, 03:16 PM   #20


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( العشرون )


الموضوع : هدية فى الخوف



الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوف وفضل الخوف :
الخوف مرتبط بالعلم؛ وكلما ازداد علمك ازداد خوفك من الله, وكلما قلّ العلم قلّ الخوف. أوضح مثل: علم الطبيب يدفعه إلى أن يخاف من الجراثيم, مبالغته في تنظيف الفواكه والخضروات دليل علمه بآفات هذه الجراثيم, ولن تجد إنساناً يعرف الله إلا وهو يخافه, وأشد الناس خوفاً من الله هو رسول الله، قال: ((رأس الحكمة مخافة الله))
[ رواه البيهقي عن عبد الله بن مسعود]
وأقلهم خوفاً من الله أجهلهم، فالعلم والخوف مرتبطان, والخوف علامة علمك, أنت حينما تعرف أن الله عادل تخاف من بطشه: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾
[سورة البروج الآية:12]
وحينما تعلم أن كل المخلوقات هي مخلوقات الله عز وجل, هو وليها, وسيحاسب عنها, لا تستطيع أن تتجاوز حدك مع مخلوق, لا مع إنسان بل مع مخلوق.
فلذلك كما كنت أقول دائماً: أنت رحيم بقدر ما أنت مؤمن, وأنت خائف من الله بقدر ما أنت مؤمن؛ فكلما ازداد إيمانك ازداد خوفك من الله. الخوف من الله دليل الإيمان :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه, - والحديث معروف عندكم إلى أن وصل إلى ....- ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال، فقال: إني أخافُ الله))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
إذا لم تقل إني أخاف الله في اليوم ألف مرة لست مؤمناً, قبل أن تقول كلمة في الغيبة, قبل أن تقول كلمة في السخرية, قبل أن تقلد إنساناً, قبل أن تستعلي على إنسان, إن لم تقل: إني أخاف الله في اليوم مئة مرة لست مؤمناً, وإيمانك بالله يقتضي أن تنصاع لأمره, وإيمانك بالله يقتضي أن تعرف ما عنده من عقاب إذا خالفت أمره.
مرة التقيت مع أخ, يومياً يصلي الفجر في أحد المساجد, ويسبق الفجر قيام الليل, أقسم لي أنه إذا فاتته صلاة الفجر يأخذ إجازة من عمله, يخاف إذا فاتته الصلاة وفاتته هذه الجلسة مع الله يخاف أن تنشأ مشكلة معه في اليوم.
أي خوفك من الله دليل إيمانك, والمؤمن يعد للمليون قبل أن يتجاوز حده. إيمان الإنسان بالله يقتضي أن يعرف ما عنده من عقاب إذا خالف أمره :
فقال: ((.....ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال، فقال: إني أخافُ الله))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
سيدنا يوسف: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾
[سورة يوسف الآية:23]
العلماء تحدثوا عن سيدنا يوسف, وذكروا أن هناك أكثر من اثنتي عشرة حالة تُعينه على أن يفعل ما طُلب منه مع امرأة العزيز.
شاب في ريعان الشباب؛ جميل الصورة, غريب, والغريب معه بحبوحة دائماً، الإنسان قد يسافر فإذا سافر لا يوجد عليه رقابة, والتي دعته سيدته, وليس من صالحها أن تنقل عنه الخبر.
العلماء: أحصوا اثنتي عشرة حالة تشجعه على أن يفعل الفحشاء؛ ومع ذلك: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾
[سورة يوسف الآية:23]
فكان عبداً في القصر لأنه خشي الله عز وجل جعله الله عزيز مصر.
مرة كان في موكبه يمشي, رأته جارية تعرفه يوم كان عبداً, فقالت: "سبحان من جعل العبيد ملوكاً لطاعته".
وأحياناً الإنسان يخطئ، والله أعرف شخصاً وصل للغنى, عنده مكتبان للاستيراد, وسيارة, ودخل, وسفر لأوروبا, أخطأ مع امرأة, فكل هذه الأملاك ذهبت منه, والآن يبيع على البسطة في مكان ما.
فالذي يخاف الله عز وجل دليل أنه يعرفه, وأنت مؤمن بقدر ما تخاف من الله عز وجل, حاسب نفسك, كل جهة, أية جهة في الأرض؛ الله حسيبها, والله وليها, والله وكيلها؛ فهذا الذي يبتز أموال الناس, ويعتدي على الناس, وينسى أن لهؤلاء الناس رباً يدافع عنهم, هو إنسان ضعيف الإيمان. الخوف من الله أمن :
فهذا:
﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾
[سورة يوسف الآية:23]
سيدنا يوسف, هذا الشاب, قال للمرأة: ((إني أخاف الله رب العالمين))
كلمة إني أخاف الله على الإنسان أن يتدبرها يومياً, ساعياً, ولحظياً.
يوجد أيضاً حديث ورد عن رسول الله كثيراً, يقول عليه الصلاة والسلام: ((كَانَ رَجُل يُسْرِفُ على نَفْسِهِ, فلما حضرته الوفاة, قال لبنيه: إِذا أَنَا مِتُّ فَأحْرِقُونِي، ثم اطْحنوني، ثم ذَرُّوني في الرِّيح, فو الله، لئِن قَدَرَ عليَّ ربِّي, لَيُعذِّبَني عذاباً ما عذَّبَه أحداً، فلما مات فُعِل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجْمَعي ما فِيكِ منه، ففعلتْ، فإذا هو قَائِم، فقال: ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ قال: خَشْيَتُك يا ربِّ، أو قال: مَخَافَتُكَ, فغفر الله له))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
طبعاً هذه القصة رمزية؛ أن الذي خشي الله عز وجل مع إسرافه غفر الله له.
سبحان الله! الإنسان الذي يخاف من الله يكون قدره عند الله كبيراً.
وأنا أقول دائماً: مستحيل أن تخاف الله فيما بينك وبينه, وبعدها يُخيفك من أحد, مستحيل إن خفت منه لن يخيفك من أحد, وإن لم تخف منه أخافك من أحقر خلقه.
تجد شخصاً محترماً, عندما يفعل فيما بينه وبين الله معصية, ولا يستحي من الله, تجد يضعف موقفه, شخص دونه بكثير؛ دونه بالعلم, دونه بالمنصب, دونه بالمكانة, يخاف منه، فمن خاف من الله خافه كل شيء، ومن لم يخف من الله أخافه الله من كل شيء.
تجد قلب المنحرف ضعيفاً, سريع الشك, كثير الخوف, هو حينما لم يخف من الله أخافه الله من الناس. المواطن التي يحاسب فيها الإنسان على أفكاره و هواجسه :
أيضاً يقول الله عز وجل: ((إذا أراد عبدي أنْ يَعْمَلَ سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يَعْمَلَها))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
وهذا من فضل الله عز وجل, أي الخواطر, الهواجس, الأوراد, الأفكار, لا يُحاسب عنها الإنسان, إلا في موطنين؛ بيت الله الحرام له خصوصية, الإنسان إذا فكر في إيذائه ولم يفعل شيئاً يحاسب: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
[سورة الحج الآية:25]
يكفي أن تفكر أن تؤذي بيت الله الحرام, على الخاطر يأتي الحساب, هذا البيت له حرمته؛ لا يُقطع نباته, ولا يُقتل حيوانه, ولا يُعتدى على أحد, فيه الثأر يتوقف, في الشهر الحرام, وفي البيت الحرام, لا رفث, ولا فسوق, ولا جدال, هذا بيت الله, ينبغي أن يكون آمناً إلى أعلى مستوى؛ هذه حالة.
الحالة الثانية: -وهذه خطيرة -, الحالة الثانية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا﴾
[سورة النور الآية:19]
لم يفعل شيئاً, ولم يتكلم بكلمة, ولم ينطق بكلمة, ولا غمز, ولا همز, ولا أشار, ولا قلد, ولا كلم أحداً, إلا أنه بداخله هو مؤمن عندما أشيعت فاحشة بين المؤمنين ارتاح, سرّ. الإنسان إذا أصابه هذا الحال يعد نفسه مع المنافقين دون تردد, لأن الله عز وجل يقول: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾
[سورة آل عمران الآية:120]
لمجرد أن ترتاح لشيوع فاحشة بين المؤمنين, إنسان مؤمن, محترم, أخطأ, فلما أخطأ, تكلم الناس عنه كلاماً سيئاً, فهذا إذا سررت بانحرافه, وسقوطه هذا دليل النفاق.
كما لو أنني قلت: لا يوجد أم على وجه الأرض تتمنى فضيحة ابنتها, فإذا تمنت فهذه ليست ابنتها, هي أصبحت بنتاً حراماً, أما أم حقيقية, وهذه ابنتها, ومن صلبها, تتمنى فضيحتها! مثلاً صديقك تزوج، اشترى بيتاً، عيّن بمنصب لائق, هذا يجب أن يسعدك؛ علامة إيمانك فرحك, وعلامة نفاقك -لا سمح الله- أنك لا تفرح, إذا أصابه خير.
فالتحاسد من شأن المنافقين, أما أن تغبطه على ما أكرمه الله به فهذا من شأن المؤمنين, باستثناء هاتين الحالتين لا تُحاسب إلا على العمل. من أراد أن يفعل سوءاً لكنه لم يستطع هذا ليس له أجر
فلذلك:
((إذا أراد عبدي أنْ يَعْمَلَ سيئة، فلا تكتبوها عليه حتى يَعْمَلَها, قال: فإن عَمِلَها, فاكتبوها بمثلها, -فعلها تُكتب بمثلها-, وإن تَركَها من أجلي, فاكتبوها له حسنة))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
لكن هناك استثناء، أحياناً الإنسان أراد أن يفعل سوءاً لكنه لم يستطع, حيل بينه وبين هذا العمل, هذا ليس له أجر, الأجر إذا كان طواعية من ذاتك.
أنا سمعت عن قصة قديمة جداً: شاب يفتح مكتبة بشورى, حجّ في مقتبل حياته, أي أتيح له أن يحج وهو شاب, المكتبة مفتوحة, فتاة فاسقة؛ أغرته, وغمزته, ولمزته, فأغلق المحل, ولحقها, وهو وراءها يمشي تذكر أنه حج بيت الله الحرام, فاستحيا من الله, كان وقتها هناك حافلات كهربائية فركب ونزل, -هذه القصة هو يرويها-.
في اليوم التالي وقف على دكانه أحد أشراف الحي, وجهاء الحي, وسأله بلغة قاسية: هل أنت متزوج يا بني؟ قال له: لا يا سيدي, قال له: عندي ابنة تناسبك ابعث أهلك, بهذه البساطة, هذا اعتقد أن البنت فيها علة, فيها مشكلة, فبعث والدته, وإذ وجدت أنها بنت من أحسن ما يكون, بعد يومين قال له: ماذا حصل؟ قال له: والله ممتازة يا سيدي, لكن أنا ليس معي مال, قال له: هذا ليس عملك, أحد كبار تجار الزيت في الشام, يظهر أن الشاب قد أعجبه فزوجه ابنته, واشترى له بيتاً, وشاركه, وهذا الرجل حي يرزق الآن, العم مات أما الصهر فحي يرزق.
ما الذي حصل معه؟ قال: معاذ الله, استحى من الله عز وجل, بعد أن همّ بالسيئة وجد نفسه ستضيع حجته, أين حجته؟ فتراجع.
فالإنسان إذا تراجع من تلقاء نفسه ذاتياً, من دون مانع خارجي, تنقلب هذه السيئة إلى حسنة, إذا خوفه من الله منعه أن يفعل ما يفعل تنقلب هذه السيئة إلى حسنة. على الإنسان أن يجمع بين الخوف و الرجاء في عبادة الله :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((لو يَعلمُ المُؤمِنُ ما عِندَ اللَّهِ من العقُوبةِ, مَا طَمِعَ بِجَنَّتِه أحد, ولو يَعْلَمُ الكافرُ ما عندَ الله من الرَّحْمَةِ, ما قَنِطَ من رحمته أحد))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
لذلك ينبغي أن نعبد الله خوفاً ورجاء, يجب أن تجمع بين الخوف والرجاء معاً.
وفي حديث آخر: ((قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ.......﴾-حتى ختمها-, ثم قال: إنِّي أرى ما لا تَرَوْنَ، وَأسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ، أطَّتِ السَّماء – أي خرج منها صوت-, أطَّتِ السَّماء، وحُقَّ لَها أنْ تَئِطَّ، ما فيها مَوضِعُ قدم, إِلا وَمَلَكٌ وَاضعٌ جَبهتهُ لِلَّهِ سَاجِداً، والله لو تَعلَمُونَ مَا أعلَمُ؛ لَضحِكتُمْ قَليلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثيراً، وما تَلَذَّذْتُم بِالنِّساءِ على الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلى الصُّعُدَاتِ تَجأروُنَ إِلى اللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعضَدُ))
[أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي ذر]
أي لو تعلمون ما أعلم؛ مصير الخلائق, وقوفهم للحساب, الحساب الدقيق على كل تصرفات الناس, تجد الناس مثل الدابة الفلتانة؛ يضحك, ويأخذ ما ليس له, ويتعاظم, ويتكبر, أما المؤمن فمنضبط, المؤمن منضبط انضباطاً شديداً لخوفه من الله عز وجل.
فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوف, الخوف علامة الإيمان, كما أن الرحمة في القلب علامة الإيمان.
أنت بقدر ما في قلبك من رحمة بقدر ما أنت متصل بالله, وبقدر ما في قلبك من خوف بقدر ما أنت تعرف الله, معرفته تنعكس خوفاً منه, والاتصال به ينعكس رحمة بخلقه, -دقق هاتين الكلمتين-: معرفته تنعكس خوفاً منه, والاتصال به ينعكس رحمة بخلقه؛ ترحم الخلق لأنك تتصل به, وتخاف منه لأنك تعرفه؛ فإذا عرفته, واتصلت به, كنت رحيماً بالخلق, خائفاً من معصيته.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الله, النبي, صلى, علية, هدى, وسلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضائل وثمرات الصلاة على النبى صلى الله علية وسلم السعيد رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 5 10-23-2018 12:01 PM
فصاحة الرسول صلى الله علية وسلم السعيد رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 3 08-07-2018 06:35 PM
مزاح النبي صلى الله عليه وسلم ليّےـلى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 6 10-13-2016 07:44 AM
النبي صلى الله عليه وسلم خليل الله منال نور الهدى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 4 06-09-2016 08:13 AM
مرض النبي صلى الله عليه وسلم سجى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 5 09-08-2013 01:21 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 09:35 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.