دبي...أيام و ليالي

ليالي دبي dubai…

• في رحلتي إلى الإمارات …طبقت الطقوس التي دائماً ما أطبقها في كافة رحلاتي, فقد زرت مكتبتي و أخذت أفتش عن كتابٍ قد نال منه الزمان , و تراكم عليه الغبار, فوجدت كتاباً قد اشتريته من مدينة بون الألمانية, من وكيل دار الجمل للنشر و التي علت شهرتها في أصقاع الأرض, فعلمت.. بل جزمت أن هذا الكتاب يحتوي على قيمة إما أدبية أو علمية عالية المكانة, فدار الجمل اشتهرت باختياراتها الموفقة لأسماء لامعة, أو اختيارات تثير الجدل في الأوساط الأدبية أو السياسية .

• و لهذه الدار قصة…حيث أخذت مدة أربع سنوات من الترداد على ألمانيا أبحث عن مقر دار الجمل للنشر من أجل أن أزور مكتبتها و أختار من محتوياتها الثمينة… فلم تجدي كل محاولات البحث..و ذات يوم كنت بزيارة لبقالة عربية قريبة من سكني في مدينة بون لم أزرها من قبل فوجدت بالصدفة مدخل صغير بجانبها فعلمت من محتويات العرض الخارجي أنها تحتوي على أدوات مكتبية ..فلما دخلت وجدت فتاة عراقية في الأربعين من عمرها و تفحصت المحتويات ثم دار نقاش حول الكتب العربية في ألمانيا فتم ذكر دار الجمل و سألتها أين تقع دار الجمل الشهيرة للنشر فقالت : نحن وكلاء دار الجمل في هذه المدينة…فحوقلت و استغربت كيف أسكن بجانب الوكيل كل هذه السنوات و لم أوفق بالوصول إليهم…

• الكتب التي سوف أختارها من المكتبة الألمانية..يجب أن تكون صغيرة …و لا تكن ذات وزن ثقيل ..خرجت من المكتبة و بيدي حملين تنوء بحمله العصبة…و قد أصيبت يدي من بعده بألم من ثقلهما..و أصيب جيبي أثناء المحاسبة بغصة من قيمتهما..و أصبت بضربة قاضية أثناء شحنهما و تكلفة أضافية قد تكون ضعف قيمتهما..

• نعود إلى دبي dubai…لكم أن تتخيلوا أنني ابتعت تذكرة السفر إلى دبي قبل سنتين أو يزيد , و كل سنة أحدث نفسي بالذهاب و يصرفني صارف عنها , فلما كانت هذه السنة عزمت أن أحط رحالي في أراضيها ليتوافق قدومي مع إقامة ملتقى السفر و السياحة في الشرق الأوسط .

• في الطائرة المتجهة إلى دبي dubai..تصفحت الكتاب و المعنون بـ ” وداعاً بابل “..فراق لي العنوان و قلت في نفسي إنني على أبواب صفحة تاريخية تناسب هذه الرحلة الرائعة التي أزور فيها دولة إلى القلب محببة و أخوة في لهم في القلب مكانة.

• في طائرة دبي dubai… الكتاب و الصحف بين يدي, الصحف تصفحتها على عجل لأعلم ما لجديد في هذا العالم الواسع , و الكتاب وضعته بالقرب من متناول اليد و لدي يقين انه سوف يحدثني عن عالم تليد في أرض بابل .

• على مقعدي و في الطائرة المتجهة إلى دبي dubai…بدأت أول صفحات الكتاب, و ضجيج الركاب يختلط بعضه ببعض, كدوي نحل, أحاول أن أعزل كل صوت لكي يبقى التركيز على حروف المقدمة.أحاول أن تكون البداية تناسب العنوان ودار النشر الشهيرة.

• في طائرة دبي dubai..بدأت بتتبع الكتاب , و أول حروفه , و كانت البداية مصادفة غريبة, أن الكتاب يتمحور حول صديقين أحدهما اسمه ” نسيم ” . اعتقدت من قبل أنني أنا و الملاكم العربي اليماني الأصل نسيم حميد فقط من يلقب بهذا اللقب. و لكن يبدو أن الاسم عريق…و بعد حين ندمت أنه عريق..وسوف تعرفون من أحداث هذا التقرير؟!

• في أول صفحات الكتاب…تحدث الكاتب عن أقلية تعيش في العراق , و أن هذه الأقلية تعيش في حالة خوف و رهبة على طول الزمن. و أن جذورهم العميقة في تلك الأرض لم تجعلهم في مأمن من عواقب الأكثرية التي تخالفهم الملة. فتتحين الفرصة في أي فتنة أو انعدام حبل الأمن من أجل أن تنال منهم قتلاً و سرقة.

• في ثنايا الكتاب…تحدث الكاتب عن بطولاته الشخصية ..و كيف أن أبناء ملته لهم أرث عريق في تلك الأرض…و أنهم أكثر سكان تلك الأرض محبة و صلة بترابها..و أن الفطنة و الذكاء حاضراً في كل لحظة من لحظات حياتهم , و كيف أن الأحداث دائماً تقف في وجوههم, و الناس على اختلاف مشاربهم يحاولون أن ينتزعون منهم أرضهم و يفقدونهم هويتهم , برغم أنهم هم دعاة السلام..و محبي الوئام على طول طرق الحياة.

• بعد عدة وريقات من الكتاب… تحدث الكاتب أنه اختار اسماً مناسبا يجعله في مأمن من أن يلفت انتباه الآخرين إلى أسمه و الذي قد يكون ذو دلالة على ملته, فتحدث قائلاً : إن كانت أسماء محمد أو علي أو فاطمة هي أسماء أسلامية بحته , و أن أسماء جوزيف هو اسم لأصل يوسف و أبراهام اصل لأسم إبراهيم و نسيم هو كذلك من الأسماء العامة التي يكثر تداولها بين الطائفة اليهودية .فإنه اختار أسماً لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء…[ لا حول ولا قوة إلا بالله نسيم أسماً يهودياً خالصاً ]..لست ممن يتطير , أو يتشاءم لذا فالأمر بيسر و سهولة, و الاسم له أكثر من معنى من كل قطر.و هذا رابط يتحدث بنبذة عن الكتاب

• بعد هذا الفاصل من الكتاب…توقفت عن القراءة برهة, فكيف يكون اسم نسيم أسماً يهودياً؟ بداية غير موفقة, و حدث غير متوقع. و لكن هل يجعلني هذا الأمر أن أتوقف؟ لا أعتقد ذلك… الصفحات تتوالى و لكن بدون أي جاذبية , من يقرأ هذا الكتاب فلن يجد الجديد , و لن يجد الأسلوب الذي يشده أو يجعله يتحسر إن توقف عن القراءة.أنهيت نصفه و لا أعلم هل سوف أكمله أم …لا ؟ .. و لكن أعتقد أنني سوف أقول : وداعاً يا وداعاً بابل…

• تبقى أن تعلموا أن الرأي السابق هو رأي الكاتب ..و ليس بالتأكيد أن الجميع قد يتوافق برؤية هذه الرواية عبر رؤيتي.و تبقى أن تعلموا بعض المعلومات عن كاتب تلك الرواية فهو نعمان قطان..و الرابط الذي تحت اسمه قد يبين قراءة عن الكتاب و محتواه و كاتبه .

• استفدت من الكتاب معلومة جميلة..و هي أن الكاتب أصيب ذات يوم بإصابة فزار هو و أباه رجلاً مسناً من المسلمين الذين عرفوا بالورع و الزهد و يعمل كطبيبٍ شعبياً, و لما وقف الأب مع الابن ليستعرض حالة أبنه المرضية, ظهر الأب في حالة مزرية من الضعف و التمسكن لهذا المسن, فمقت الابن أباه , و أخجله أن يظهر أباه في هذا الموقف بكل هذا الضعف…[ انتهت الرواية]..و استفدت من هذا المقطع أن الأبناء دائماً مايرون آباءهم بأنهم أكثر الناس هيبة و قوة. لذا فعلى الأب أن يختار الشكل المناسب لكل موقف من أجل أن يظهر أمام أبنائه بشكل لا يهز قناعتهم أو يؤثر في شخصيتهم..[ هذا رأيي].

• ودعت بابل و ظهرت دبي dubai من السماء..و ناطحات السحاب تمد يديها مرحبة بمن زارها , و المروج التي زرعت في بقاع كثيرة من أرضها في صراع مع الطبيعة البكر…و الشاطئ الممتد يحفل بالكثير من النشطة التي أقيمة على ضفافه.
  

• هبطت الطائرة في دبي dubai…و مررت تحت نظرات الأخوة الإماراتيين المبتسمة , و بشاشتهم المعهودة , و روحهم اللطيفة , و قلوبهم التي تنبض بالحب لكل من زار ديارهم أو عبر بلادهم.

• استأجرت السيارة من فئة هاونداي civic و قد عهدت تأجير السيارات في سنوات بعيدة تتراوح بين 75 – 90درهماً , و أعلم أن أسعار التأجير زادت ثم انخفضت ثم زادت..و استقرت..حتى نلت أرخصها هذه السنة وهي سيارة بسعر 150 درهماً. مع ضرائب مواقف المطار 25 درهماً , و ضرائب سالك و التي تجمعت بمقدار 50 درهماً و أجرة الأربعة أيام فيكون المجموع الكلي 675 درهماً عداً و نقداً .

• في دبي dubai..القيادة تعني الانضباط…و القيادة في دبي تبدو أسهل من غيرها من دول الخليج فالكل يسير وفق قواعد المرور المحكمة, و بالرغم من ذلك فقلما تجد سيارة الشرطة في ميادين تلك المدينة,فقد تكفلت العين الخفية بمراقبة من تسول له نفسه بمخالفة القواعد المتبعة. و الويل له و لو بعد حين حيث تظهر الغرامات مسجلة في بطاقة السائق الائتمانية. و التي سجلت لدى مكاتب تأجير السيارات.

• قدمت إلى دبي dubai …أول مرة عام 1414هـ (أول مرة يكون لدي رقم مميز ) وكانت رحلتي عبر مكتب سياحي , و كان العرض يشمل الفندق , فكان الفندق الذي سكنت في منأى عن المدينة, بل يعد في ذك الحين سفر بعيد, حيث سكنت في فندق ميتروبليتان الشاطئ في منطقة الجميرا, و لم يكن هناك أي فندق أو مباني مجاورة إلى القليل.. القليل منها. و اليوم تغص تلك المنطقة بالكثير من الفنادق الشهيرة على مستوى العالم , و إن كان فندق برج العرب هو الذي زرع فتيل الشهرة لتلك المنطقة.

• عندما قدمت إلى دبي dubai عام 1414هـ..رأيت أن المدينة في بداية عهد حضاري ..و أنها تمتد بشكل رأسي و أن هذا الامتداد لا يناسب نوع المواصلات المتخذة في ذل الوقت حيث رأيت أن الطرق لم تكن تتجاوز المسارين. فكانت المناطق التي تقام في ذلك الوقت تحمل بوادر ناطحات و الطرق الموصلة إليها تكاد تكون عنق زجاجة يتزاحم الناس للخروج منها..فكانت لدي فكرة في ذلك الوقت لم أطبقها..و هي مخاطبة حكومة دبي dubai أن الأمر في خطر ..إما أن يغير التمدد الرأسي إلى أفقي …أو أن يتم تغيير طرق المواصلات لتناسب هذا العهد الحضاري ..و لكن تخليت عن فكرة المخاطبة..فلقد رأيتها أنها فكرة شبابية ( و لا زلت شاباً ) طائشة سوف تصيب قارئها بنوبة من الضحك المستمر.

• دبي dubai..عالم مختلف عن كل مدن الخليج العربي فماتجده في دبي لا تجده في المدن الخليجية الثانية… بل ماتجده في دبي..لن تجده في كل مدن الشرق الوسط..دبي انشق الناس حولها, و اختلفت الآراء حول نمط التقدم الذي تنتهجه حكومتها, و لكن برغم كل الآراء فتبقى دبي رمزاً مميزاً في المنطقة,و علامة فارقة في جبين صحراء الجزيرة العربية.

• في دبي dubai..سكنت بفندق كورال الخوري..فندق قيم يقع بالقرب من مول الإمارات, و يتميز باتساع غرفه, و نظافته الظاهرة و الباطنة, و تتكون الغرف من دورات مياه مجهزة بمستلزمات النظافة, و بمطبخ أعد بزاوية بشكل بوفيه مفتوح, وأثثت الغرفة بأثاث فاخر و ذائقة لا تخطئ بغية الزائر.سعر الغرفة قد تم حجزها من موقع الفندق مباشرة بسعر تقريبي 386 ريالاً لليلة, و قد كان بالسابق يؤجر بالليلة الواحدة بسعر 600ريال ثم خفض إلى 450 ريال, بينما سعرها الرسمي 1200ريال . فنزول الأسعار قد ظهر جلياً في أكثر أماكن السكن و الإقامة, و هذه بشارة خير بأن تتخلص دبي من التضخم الحاصل.و الذي من المؤكد أنه سببٌ سلبي يقف في طريق خططها التقدمية القادمة.

• دبي dubai… انتهجت نهج الوسيط العالمي بين الشرق و الغرب , و هذه الأمر يستلزم من دبي أن تكون بمواصفات محددة , بل بمواصفات عالية راقية, هذه الوساطة تستلزم أن توفر دبي فنادق عالمية تليق بمقام من يقدم إليها , و منتجعات توازي الطبقة المتاجرة التي تحط رحالها في أراضيها , هذه الوساطة أجبرت دبي لأن تتقدم و بسرعة في خط التقدم الإلكتروني للمعاملات كافة و في الحكومة الإلكترونية بشكل خاص لتسهل للقادمين كافة معاملاتهم , هذه الوساطة جعلت دبي تسعى أن تضخم أسطولها الجوي و ميناؤها البحري و مخازنها الأرضية , من اجل أن تستوعب كل هذا الزخم القادم .كل هذا جعل القائمين على دبي يعملون في كافة المجالات من اجل أن تظهر دبي كوسيط مميز بين صناع الشرق , و تجار الغرب, بين القوى العاملة في الشرق و القوى المستثمرة بالغرب.كل هذا جعل دبي حاضرة في كل ميدان من ميادين التقدم فسبقت قريناتها من المدن الخليجية.

• في دبي dubai..كنت أتمنى أن لا يغفلوا أن الوسطاء دورهم متأثر بحال الوسيطين الآخرين, فأزماتهم المالية , و علاقاتهم مع بعضهم هي سبب مباشر في التأثير على البلد, فكنت أتمنى أن يكون هناك نشاط موازي في مجال التصنيع,فالصناعة هي البنية القوية التي يمكن أن تبقي دبي حاضرة و بقوة مهما كانت التغيرات الحاصلة في العالم الخارجي من حولنا.

• دبي dubai المدينة الحضارية المتقدمة…كنت أتمنى أن تحذوا حذوها دول الخليج خطوات موازية و ليست مشابهة, فنحن لا نريد أن تكون كل مدن الخليج صورة من دبي. نريد أن تكون دول الخليج صوراً متجددة من دبي بمواصفات خاصة, نريد أن تكون الدوحة عاصمة الجامعات العالمية, و الرياض عاصمة الطب العالمي , و الكويت المركز المالي , و هكذا نريد أن يكون الخليج منظومة متكاملة , و حلقات متسلسلة لتكون معنى الخليج الواحد.

• لو وضعت في دبي dubai فجأة ..فلن تعرف أنك بدولة عربية..فهذا أسيوي اصفر, و آخر أوربي أحمر,و ذاك أفريقي أسمر , و بينهما ألوان متفاوتة من كافة الجنسيات العالمية , بل في دبي سوف ترى جنسيات لم تكن لتراها إلا في تلك المنطقة, فدبي هي ارض اللقاء العالمي..

• في دبي dubai..هناك تسابق نحو السماء…فناطحات السحاب يخيل إلى الرائي أنها لن تقف عند حد. فالكل يعمر و الكل يبحث عن عدة أمتار من أجل أن يكون قد وقف في المكان المناسب من التصنيف العالمي في قائمة معانقي السحب. فالأشواك الرافعة تعمل ليل نهار من اجل أن تختصر الزمن و تصل بسرعة إلى السحاب العابرة, و ما إن ينتهي مشروع من إطفاء شمعة الفرح بكونه أعلى برج تعدى السحاب حتى تشعل شمعة فرح أخرى ببناء برج أعلى يطبع قبلة على جديدة على غيمة رفيعة لم يصل إليها أي عاشق من عشاق معانقة الغيوم.

• ناطحات السحب في دبي dubai ينقصها شي واحد…كنت أتمنى أن تحتوي على الشاشات المضاءة للدعايات و البنرات المتحركة لتضفي بعض الحركة على أجسام تلك البنايات العملاقة, فمن رأى ناطحات السحب العالمية إما على مباشرة أو في التلفاز لمدن مختلفة مثل شنقهاي أو نيويورك أو سنغافورا أو في بقاع عدة يجد أنها تتموج بحركة دؤوبة, و أعطتها الأنوار جمالٌ و هيبة, كذلك في ذلك استفادة من واجهاتها الواسعة, و حياة لتلك البنايات العالية.

• في جانب آخر من فصول دبي dubai السنوية…تمر أيام عدة السحب الموسمية من أجل أن ترى ما الجديد في مصفوفة تلك المدينة, و من الذي قدم الدينار و الدرهم و الذهب الأحمر و الأسود من أجل أن يفوز بعناق جديد لبياض السحب المرتفع. و تتفاجئ كل سنة أن العشاق كثر, و كل واحدٍ منهم قد لبس ثوب مصمماً من أجل أن يفوز بنظرتها..

• في ألمانيا..أذكر أنني أسأل أكثر من دكتور عن الخليج فلا يعرفه ,و أسألهم عن دبي فيبتسم و يعرفها مباشرة. دبي تجاوزت الجميع بسرعة هائلة, فإذا كانت مصر بإرثها التاريخي قد أطلت على العالم الغربي و عرفها, فإن دبي بفخامتها قد وصلت يدها إلى أطراف العالم و تبسم لها…

• في دبي dubai…لك أن تستمع بجمال اللحظة التي تعيشها, ولا تحمل هم الأسعار التي سوف تتكبدها, فأنت في دبي و كل الذي يعمل و يقام و ينشأ في دبي يحتاج لأن يصرف عليه, و هذه القفزة التي حصلت لحقت بها الأسعار وقفزت معها و لكن بأضعاف مضاعفة..

• في دبي dubai..لك أن تشم رائحة التوابل القادمة من جزيرة الهند عبر الخور, و أن تستمتع ببريق الذهب المعلق في الدكاكين الفاخرة في سوق الديرة, و لك أن تعيش بقطعة من الجنة في حدائق أحد الفنادق العالمية الرائعة على ضفاف شاطئ الجميرا, و لك أن تتبضع من أرقى محلات الماركات العالمية في ردهات الأسواق المسقوفة و التي تجعلك في جو جديد عبر مكيفاتها الباردة,..كل شيء لك أن تختاره …و لكن هناك شيء لا تتحكم به ..بل هو الذي سوف يختارك..إنها الرطوبة و سموم الجزيرة العربية حيث لا مناص منه عندما تخرج إلى الشوارع..أيضاً هناك شيء آخر يجب أن تستعد له و بالقدر الذي يناسب سمعة دبي و هو محفظة تستطيع أن تحمل مبالغ مالية عالية تناسب هذه المدينة الغالية على قلوبنا و جيوبنا.

• دبي dubai ..أول مرة أراها تعانق الغبار, فلقد حملت في ذهني أنها مدينة ساحلية, و أن الرياح التي تهب عليها من جهة البحر تجعلها في مأمن من الغبار و الأتربة بأي شكل, و لكن هذه المرة كان الغبار حاضراً معنا, و لم نفقده منذ أن أقلعنا من أرضنا, فمرحباً بالصديق الذي نعرفه و عز عليه أن يفارقما.

• في دبي dubai…الجمال حاضر , و الحضارة ساكنة, و التقدم متقدم , و التنوع متعدد, و كل شيء هناك له أكثر من صنف و لون, و كل ذلك بسبب ماتعيشه دبي من خطوات سريعة في مجالاتها الحياتية بشكل كامل.ولكن..هل كل تلك الظروف هي في صالح دبي..لا..لابد لكل شيء ضريبة, و ضريبة دبي جسيمة, فتنوع السكان الذي حصل في دبي سوف يغير في تركيبتها الإجتماعية القريبة و بشكل ملحوظ , و يشكلها بشكل مخيف على المستقبل البعيد. فدبي مدينة عربية وليدة برائحة آسيوية و ملامح أوربية و مواصفات روسية و لمحة أفريقية و خطوات أمريكية , فالعالم هنا كله في زجاجة واحدة , فمن المؤكد أن الخلطة في الآخر سوف تكون مختلفة, بل مختلفة جداً.

• في دبي dubai..تأثر الجو العام لهذا التنوع, بل تأثر الجو العام للاحتياجات المختلفة للعروق المختلفة, بكافة طبقاتها و معتقداتها و طوائفها و أهدافها, فكان التغيير السريع في مجالات شتى لحياة دبي, هذه التغيرات بدأت تدق ناقوس الخطر على مستقبل الأصل ” الأهل ” فالحريات تعدت خط الحرية, و التجاوزات تجاوزت الخطوط الحمراء, و التعديات أصابت الناس هناك بقلق, بل إن أهل الحي أصبحوا يعيشون غراء و بدؤا يطبقون المقولة التي تقول : ياغريب عش أديب. و الغريب بدأ يفرض رأيه بكل قوة و ينظر لأهل الحي وكأنهم غرباء لهم أن يحترموا حقه كما يراه هو و وفق نظرته.

• في دبي dubai..رأيت شعارات عدة..و هي توعوية جميلة, ففي مول الإمارات لوحة دعائية تؤشر بألوان ضوئية زاهية, تطلب من جميع النساء الحشمة, و أن تكون الملابس ساترة. هذا الأمر بداية صحيحة لعمل تصحيحي تنبهت له دبي dubai مؤخراً, ففوضى الحرية التي اُنتهكت من بعض القادمين جعلت أهل البلد يمشون في أراضيهم مغمضي العينين, و جعلت أهل البلد يخشون على أبنائهم أن ينظروا من نوافذ بيوتهم لما يجري في الشارع. و جعلت تجار القماش في تلك البلاد في كساد.و هذا ليس من باب المبالغة,و لكن حقيقة ظاهرة للعيان..فالزائر الغربي أخذ راحته و أكثر .و للتاريخ أقوله و أذكره هنا أن الشعوب الغربية تسير وفق ضوابط و قوانين محددة, فعندما تفتح لها الحريات فهي تعتقد أنها مخيرة في ذلك, و عندما تضبطها بضوابط فهي تتقيد بها و تحترمها( و هذا حق يقال ) فأذكر أنهم في فترة سابقة في المملكة العربية السعودية كانت الوفود الغربية العاملة أو الزائرة تتقيد بالزي السعودي النسائي بالكامل حتى النقاب. و هذا أمر مهم و جميل منهم. فقط هم يحتاجون إلى أن يعرفوا مالمطلوب منهم بالضبط و يحققوه..أو لأكن أكثر دقة أن الغالبية منهم يهمهم أن يسير وفق أنظمة محددة.

• قرأت عن دبي dubai... قبل عدة أسابيع أنها في طور إنشاء قانون الحشمة أو الحفاظ على عادات و تقاليد البلد ( أو قريب من ذلك ) و أيضاً هذا مما يحسب لمدينة دبي..فهي تعالج الأخطاء , و لديها وقفات صريحة لتجاوز آثار قد تمر بها البلد , أو عوارض قد تنزل عليها في أي وقت, فالحكومة الشفافة هي حكومة ناجحة فعالة.

• في دبي dubai..رأيت شعارات في الطرق مضاءة, تحاكي المارة أن الفرق العاملة هي جزءُ من صناع هذه الحضارة, وهذا أمر جميل أن يُذكر الصغير و الكبير ممن له دور في بناء البلد, و كنت أتمنى أنها لو ترجمت بالمقابل . لكي يعي الجميع أن بلداننا تحترم من يمد يده إليها مهما كان هذا المساهم.

• أيضاً في دبي dubai..وجدت لوحات تشير إلى الحديث الشريف ” أن أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”و في هذه التذكرة إحساس بالعمالة, و تذكير بكلام خير الأمة, و تبيان أن الإسلام هو أكثر الأديان حفاظاً على حقوق الأقليات.أيضاً كنت أتمنى أن تترجم بالمقابل و يوضع إشارة إلى أنها كلام خير البرية.

• في دبي dubai…و للقادم من جهة ابوظبي يجد أنه يقف في وسط غابة ممتدة سيقانها من ناطحات السحاب العالية, هذه المباني تعمل الرافعات في رأسها ليل نهار, و هي تحتاج إلى وقت يسير حتى يكتمل بناؤها, و يُنتهى من تعميرها,و أعتقد أنه بعد سنتين سوف تحصد دبي ثمار تعميرها في السنوات الماضية. و الملاحظ أن تلك الناطحات لبست أثواب التعمير العالمية و ازدانت بتصاميم دور الهندسة المتخصصة في مثل هذا المجال , و إن كنت أتمنى أنها ألبست بفن العمارة الإسلامية أو بالطابع العربي في بعض تكويناتها لظهرت بشكل خرافي , و لانتشرت ثقافتنا في التعمير و التشييد بين الأمم, ففن العمارة الإسلامية فن عريق لو ابرز في تلك الناطحات لتم إحياءه من جديد و لعرض من خلال هذه العملاقات بشكل فريد.

• في دبي dubai…العمل جاري على قدم وساق في بناء جسور الميترو و محطاته, و هو يخترق المدينة في أجزاء عدة, فهو يتموج عبر جسور معلقة ليمر بشكل متقن بجانب الناطحات المنتشرة, و يتجاوز تقاطعات مزدحمة, و يوصل البلد من الغرب للشرق بيسر و سهولة,هو بشكل مختصر كنسمة لا تبقي على شيء إلا و تمره , هذا المتروا سوف يحل معضلة المواصلات المعقدة للمدن المنفذة بشكل رأسي كأمثال مدينة دبي, و لكن أخشى أن تنفيذ هذا القطار بهذا الشكل المرتفع يجعل المستفيدين بين المحطات اقل من المأمول خاصة أن المحطات ليست متقاربة بشكل يجعل رواد تلك الناطحات يستخدمونه كوسيلة نقل مناسبة, كذلك التعديل بزيادة محطات توقف جديدة قد يبدو فيه شيء من الصعوبة و التكلفة, هذا تصوري من خلال رؤية سطحية بسيطة خارجية , و بدون أن أطلع على التفاصيل,وقد يكون الواقع غير الذي أراه من خلال نافذة سيارتي المسرعة.

• في دبي dubai..تم العمل على توسيع دائرتها, و ذلك بوجود مدن متكاملة في أطرافها بحيث أن الساكن هناك بغنى عن وسط المدينة و ضجيجها, فالخدمات متكاملة من جميع الوجوه, فالأسواق العالمية, و الخدمات الأساسية, الحياة الترفيهية, و المعيشة الراقية في بقاع متعددة من أطراف دبي الجديدة, لذا فلا ينطبق على دبي ماينطبق على بعض المدن , أن البعد عن وسط المدينة هي مغامرة غير مأمونة العواقب.

• في ختام هذه الحلقة ..لا تقلقوا من عدم التوفيق باختيار كتاب يناسب ذائقتكم العالية , فلدي كتاب آخر أعجبني جداً, و لكم أن تزيدوا من جداً حتى الملل . فهو بحق يحمل أسلوبا أحبه و أعشقه حتى أنه يأخذ قلبي حتى أعود إليه مرة أخرى..أما أسم الكتاب فسوف أطلعكم عليه في الحلقة القادمة…وداعاً بابل..وداعاً دبي ..وداعاً أصدقائي الأعزاء..و ألقاكم في حلقة جديدة عن معرض السفر و آمل أن تنال إعجابكم بعد أن أخفقت هذه المرة بجلب مايمكنه أن يزيد من سعادتكم.