حفظ البيانات .. ؟ هل نسيت كلمة السر .. ؟

شغل الموسيقى هنا




اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسَلامة والإسلَام، والعَافِية المُجَلّلة، ودِفَاع الأَسْقَام، والعَون عَلى الصَلاة والصِيام وتِلاوَة القُرآن..اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا، حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا، وَرَحِمْتَنَا، وَعَفَوْتَ عَنَّا، وقَبِلْتَهُ مِنَّا. اللَّهُمَّ إنّكَ عَفُوُّ كَرِيم تُحِبُّ الْعَفْوَ فَأعْفُ عَنَّا يَاكرِيم . كُلّ عَامٍ وَ أنتُم بِأَلْفِ خيْرِ وَ صِحَة وَعَافِيَة بِحُلُول شَهر التَوبَة وَ المَغْفِرَة شَهْرُ رَمَضان الْمُبَارَك كَلِمةُ الإِدَارَة


جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 08-09-2018, 08:01 AM   #11


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الحادى العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان....)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الكون كله آية كبرى تدل على وجود الله ووحدانيته وكماله :
أيها الأخوة الكرام، الآية اليوم هي قوله تعالى:
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 175-176 ]

أيها الأخوة الكرام، هذه الآيات التي بين أيدينا.
الكون كله آية كبرى، تدل على وجود الله، ووحدانيته، وكماله، أسماء الله الحسنى كلها نراها في الكون، نرى اللطف، نرى الرحمة، نرى الحكمة، نرى العدل، الكون كما قال بعض العلماء مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، الله عز وجل كما قال عن نفسه:
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
[ سورة الأنعام: 103 ]
ولكن العقول تصل إليه، فرق كبير بين أن نقول تصل به أو أن تحيط به، لا يعرف الله إلا الله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد ولد آدم، لا يعرف الله المعرفة التي تليق بالله عز وجل، لذلك العلماء قالوا: وعين العلم به عين الجهل به، وعين الجهل به عين العلم به.
أوضح مثل لو وقفت على شاطئ المحيط الهادي، وسألت كم لتراً هذا البحر؟ أية إجابة تدل عن جهل، الإجابة الوحيدة التي تدل على علم أن تقول: لا أدري، فلذلك العجز عن إدراك الإدراك إدراك.
علم الإنسان علم كسبي أما علم الله عز وجل فعلم مطلق :

أنت حينما تقول: سبحان الله! لا أدري، لا أدري أنت عالم، وأي كلام تقوله عن عدد لترات البحر فأنت جاهل، لأن هذه اللترات لا يعلمها إلا الله، فإذا كان البحر لا تدري كم لتراً، لا تدري كم مجرة، ألوف ألوف مليارات المجرات، المجموعة الشمسية بأكملها في درب التبابنة، نقطة درب التبابنة مجرة صغيرة، فيها نقطة على شكل مغزل، فيها نقطة هي المجموعة الشمسية، والأرض أحد كواكب المجموعة الشمسية، وأربع أخماسها بحر، وخمسها يابسة، ونحن في قارة آسيا، وفي بلد صغير، وفي مدينة، وفي بيت، فلذلك هذا الكون لا يحيط به إلا الله عز وجل، فالإنسان حينما يقول: أعلم، فهو لا يعلم، فإذا قال: لا أعلم، فهو العالم، من هنا قالوا: نصف العلم لا أدري، عود نفسك أن تقول: لا أدري، لا تخجل بجلسة سئلت عن آية قل: لا أدري، أبحث عنها إن شاء الله، علمك كسبي أما علم الله فمطلق:

﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ﴾
[ سورة الأعراف: 17]
آيات الله عز وجل لا تعد و لا تحصى :
الله عز وجل كم آية له؟ أولاً: الآيات الكونية لا تعد ولا تحصى.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
* * *


طعامك آية، شرابك آية، الماء آية، الهواء آية، النبات آية، الحيوان آية، الكواكب آية، المجرات آية، وكل آية فيها مليارات الآيات، وكل آية من المليارات فيها مليارات الآيات، فهذا الكون يدل على عظمة الله، هذا الكون آياته الكونية خلقه، هناك آياته التكوينية أفعاله، حينما انتصر الصحابة الكرام هذه من أفعاله، وحينما يقع ما يقع كل يوم أنا أتمنى عليكم ألا تفهموا الأخبار فهماً محدوداً، أو فهماً أرضياً، افهم الأخبار فهماً توحيدياً، كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، آيات الله الدالة على عظمته لا تعد ولا تحصى منها كونية، ومنها تكوينية، ومنها قرآنية، لذلك:
﴿ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ﴾
[ سورة الأعراف: 17]
هو انسلخ منها، ليس سلخناه منها، انسلخ منها باختياره، أي يحدثك عشر ساعات عن السيارات، وعن البيوت، والمشاريع، والجمعيات، وسفره إلى أوربا، وماذا شاهد، تجده غارقاً إلى قمة رأسه في الدنيا، وحينما تفتح معه موضوعاً متعلقاً بالآخرة أو بالدين يتثاءب فوراً، يقول لك: متعب، البارحة ما نمت، قبل هذا الحديث كنت سهراناً، ونشطاً، ويقظاً، عندما صار الحديث دينياً صرت متعباً، لأنه بعيد عن هذا الموضع، فلذلك إذا شخص منكم رغب أن يسمع درس دين فهذه من نعم الله الكبرى، يتفاعل مع درس دين من نعم الله الكبرى، ينتفع من درس دين من نعم الله الكبرى، يؤثر درس الدين في سلوكه من نعم الله الكبرى، تقلبه إلى إنسان سعيد من نعم الله الكبرى. أكبر عطاء إلهي أن يكون الإنسان حكيماً :
لذلك إذا دخل الإنسان إلى المسجد فليقل:

((اللَّهمَّ افْتح لي أبواب رحمتك))
[مسلم عن أبي حميد]
ماذا يوجد في الجامع؟ الجلوس على الأرض، كأس عصير لا يوجد، فنجان قهوة لا يوجد، لكن هناك رحمة الله، ما هذه الرحمة؟ تصبح حكيماً، بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة الخامسة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، أنت بالحكمة تتدبر المال القليل، ومن دون حكمة تبدد المال الكثير، بالحكمة تجعل الأعداء أصدقاء، من دون حكمة تجعل الأصدقاء أعداء.
بصراحة يمكن أكبر عطاء إلهي أن تكون حكيماً، وأكبر عقاب إلهي أن يكون الإنسان أخرقاً أي أحمقاً، يرتكب حماقات يدفع ثمنها طوال حياته، تجد زوجين؛ زوجة بأعلى درجة من الجمال، والحسب والنسب، زوجها بعيد عن الله بساعة غضب يطلقها، وعنده أولاد منها، الأولاد تشردوا، تجد إنساناً مؤمناً عنده زوجة من الدرجة الخامسة، يسعد بها أيما سعادة، بيت جنة بمعرفة الله.
آيات الله الدالة على عظمته :
فلذلك أيها الأخوة الكرام، لا أعتقد أن إنساناً في الأرض إلا ويسعى إلى السعادة، السعادة بطاعة الله:
﴿ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾
[ سورة الأحزاب الآية : 71 ]
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ﴾
[ سورة الأعراف: 17]

آيات كونية، آيات تكوينية، آيات قرآنية، كل شيء في هذا الكون يدل عليه، يدل على حكمته، على رحمته، أي هذا الصوص في البيضة، كيف يخرج منها فهي محيطة به؟ دقق، ينمو له نتوء مؤنف كالإبرة على منقاره، بهذا النتوء يكسر قشرة البيضة، فإذا خرج منها هذا النتوء ضمر ليعود المنقار كما كان عليه، يد من؟ والإنسان فتح الله له ثقباً بين الأذنين، الدم ينتقل مباشرة من أذين إلى أذين، وطريق الرئتين مغلق، لأنه لا يوجد هواء، بعد الولادة يفتح الطريق، تأتي جلطة تغلق هذا الثقب، يد من هذه؟ وهذا الثقب لو لم يغلق لكانت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، لونه أزرق، داء الزرق، من أغلق هذا الثقب؟
وأنت نائم، وأنت غارق في النوم، يتجمع اللعاب في فمك، تذهب إشارة إلى الدماغ، لقد زاد اللعاب في الفم، والدماغ يعطي أمراً وأنت نائم إلى لسان المزمار، فيغلق فتحة الهواء، ويفتح فتحة المريء، ويسري اللعاب إلى المعدة.
وأنت نائم وغارق في النوم هيكلك العظمي فوقه عضلات، وتحته عضلات، وزن الهيكل العظمي مع العضلات التي فوقه تضغط على ما تحته، هذه نقاط الإحساس بالضغط ترسل للدماغ إشارة، ضُغطنا، أي الأوعية الدموية ضاقت لمعتها، فشعرت بالتنميل والخدران، يأتي أمر فتتقلب.
﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾
[سورة الكهف: 18 ]
تقلب الإنسان في الفراش من آيات الله الدالة على عظمته. الله عز وجل لا تدركه الأبصار و لكن العقول تصل إليه :
والله أيها الأخوة جسمك فقط الذي هو أقرب شيء إليك فيه مليار مليار مليار آية، لكن لا أحد ينتبه، وشدة القرب حجاب:
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ﴾
[ سورة الأعراف: 17]

جسمك آية، طعامك آية، هذا الماء آية، الشراب آية، الحليب آية، الألبان من الأنعام من آيات الله العظمى، البيض آية، الخضراوات آية، الفواكه آية، الورود آية، الجبال، الأمطار، البحار، البحيرات، الوديان، السهول، الصحارى، لمَ لا يجول فكرك في هذه الآيات؟ لمَ لا تعرف الله من خلال خلقه؟ لا يوجد طريق ثان، الدليل دقق:
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
[سورة الجاثية: 6]
لا يوجد طريق ثان، الله عز وجل: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
[ سورة الأنعام: 103 ]
ولكن العقول تصل إليه. من ينسلخ من آيات الله عز وجل يصبح لقمة سائغة للشيطان :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 175-176 ]
أي الفسق بالأرض، بشهواتها، ببيوتها، بدخولها، بتجاراتها، بأموالها: ﴿ فَانسَلَخَ مِنْهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 175 ]

عندما انسلخ من آيات الله أصبح لقمة سائغة للشيطان، يأتي الشيطان ويركبه، ويسخره، لذلك يرتكب الإنسان حماقات لا يعلمها إلا الله، هذه الحماقات ما أسبابها؟ البعد عن الله عز وجل، الإنسان حينما يبتعد عن الله الشيطان جاهز كي يقنص هذا الإنسان، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 175 ]
أي فكرت بهذه الآيات؟ عظّمتَ الله عز وجل؟ صليت؟ أقبلت عليه؟ بحثت عن منهجه؟ أخذت الحلال وتركت الحرام؟ وصلت المؤمنين؟ رجعت لمرجع ديني استقيت منه المعلومات؟ سألت عن قضايا كثيرة، هل صار لك مرجع لشرح الكتاب، السنة، فإن كان هناك قضية لم تفهمها في الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة النحل: 43 ]
عندك عالم، كتاب، سنة، هذه مراجع المسلم، ولا يوجد عنده مرجع آخر. ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾
[ سورة الأعراف: 176]
المشيئة نعمة كبيرة لأن من اختار الخير والحق ارتقى عند الله عز وجل :
أي هذا الإنسان لو أراد الهدى، شاءت مشيئة الله أن يهتدي، بالمناسبة هنا مشيئة الله مرتبطة بمشيئة الإنسان، كيف؟
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
[ سورة الكهف: 29 ]

لكن هذه المشيئة لولا أن الله مكنكم أن تشاؤوا، لم تشاؤوا، لولا أن الله سمح لهذا العبد أن يشاء لما شاء شيئاً، فالمشيئة نعمة كبيرة أنك مخير، إن اخترت الخير والحق ارتقيت عند الله عز وجل:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾
[ سورة الأعراف: 176]
أذكر مرة إنساناً من وجهاء بعض الأحياء، إن صلى وراء الإمام لا يسمح للإمام أن يزيد كلمة عن الصفحة التي قرأها، إذا زاد كلمة تقوم الدنيا ولا تقعد، هذا الإنسان استوقفه إنسان في الطريق، تحدث معه عن البيوت، وأسعار البيوت، والأراضي ساعة ونصف وهو واقف على قدميه ولم يعترض، أما عن كلمة تزيد عن الصفحة يعترض، الإنسان لا ينتبه، عندما تأتي الأمور لمصالحه، الوقت ليس له قيمة، يقف ساعتين وثلاثة يقول لك: سهرنا لبعد الصبح، أما قضية دين، ودعوة إلى الله، فلا يوجد عنده وقت، عنده متاعب، عنده هموم، الليلة السابقة لم ينم فيعتذر: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾
[ سورة الأعراف: 176]
الشكوى صفة من صفات الإنسان :
الشيء المؤلم:
﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾
[ سورة الأعراف: 176]
إن كان شبعاناً يلهث وإن كان جوعاناً يلهث، يقول لك: الربح قليل، كأن يربح هذا العام مئة مليون، لكنه في العام الماضي كان قد ربح مئة وخمسين، يقول لك: السوق واقف، الحياة لا تعاش، على مئة مليون لا تعاش؟ كيف يعيش الموظف على عشرة آلاف في الشهر؟ دائماً يلهث، هناك شخص يشكو دائماً، إن ربح يشكو، وإن لم يربح يشكو، بعد الزواج يشكو، بلا زوجة يشكو، هذه الشكوى صفة من صفات الإنسان: ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 176]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:04 AM   #12


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثانى العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ....)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
في الآية التالية آداب التعامل بين المؤمنين :

أيها الأخوة الكرام، الآية اليوم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾
[سورة الحجرات]
أولاً أيها الأخوة، في هذه الآية آداب التعامل بين المؤمنين، بهذه الآداب تمتن العلاقات بين المؤمنين، وبخلاف هذه الآيات تتفكك عُرى المحبة والمودة بين المؤمنين، فالمؤمنون إذا اجتمعوا هم أقوياء، وإذا تفرقوا أصبحوا ضعفاء، قوة المؤمنين في اجتماعهم واجتماعهم هذه أسبابه، فالغيبة تفرق، النميمة تفرق، البهتان يفرق، الكذب يفرق، أي مخالفة في هذه الآيات من مضاعفتها تفتيت العلاقة بين المؤمنين، المشكلة أننا إن لم نطبق هذه الآيات، هناك خلاف داخل الأسرة، وداخل العائلة، وداخل العشيرة، وداخل القبيلة، وداخل البلد، خلافات داخلية تفتُ في عضد المسلمين، خلافات داخلية تمزقهم، تضعفهم، والخلافات من لوازم البعد عن الله عز وجل. أنواع الاختلاف :
الحقيقة أن هناك اختلافاً أساسه الهوى.
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾
[سورة آل عمران الآية:19]

هناك اختلاف طبيعي، أي في التاسع والعشرين من رمضان، استمعنا العصر إلى مدفع، يا ترى مدفع العيد أم تفجير في الجبل؟ لا نعلم، هذه اختلاف سببه نقص المعلومات، هذه اختلاف طبيعي لا يقيّم لا إيجاباً ولا سلباً ، طبيعي، لكن عندنا اختلافاً قذراً، هذا الاختلاف اختلاف الهوى، مع أن الحق واضح، أي بشكل بديهي المسلمون إلههم واحد، نبيهم واحد، قرآنهم واحد، منهجهم واحد، وهم متمزقون، جماعات، وملل، ونحل، وطوائف، واتجاهات، إذا أردت أن تعرف فعل الشيطان الأول ففعله الأول هو التفرقة، وإذا عرفت إرادة الله الأولى وهي الجمع، إذا اجتمعنا كنا أقرب إلى الله، وإذا تفرقنا ابتعدنا عن الله عز وجل، وسائل الشيطان في التفرقة لا تعد ولا تحصى، بل إن كل الطغاة على سطح الأرض، من آدم إلى يوم القيامة بيدهم ورقة رابحة أولى وقد تكون الأخيرة هي الفتن الطائفية، والدليل:
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾
[سورة القصص الآية:4]
كلم يرى حينما يأتي الغرب إلى بلادنا، أول عمل يقول: أنت عربي، وأنت آشوري، وأنت كردي، وأنت مسلم، وأنت مسيحي، وأنت سني، وأنت شيعي، أول عمل يقوم به الغرب إذا أتى إلى بلادنا أن يمزقنا إلى ملل، ونحل، وطوائف، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يجمعنا، فالذي يدعو إلى ائتلاف القلوب، واجتماع المسلمين، دعوته هذه من الله، والذي يدعو إلى التفرقة والتشرذم، دعوته هذه من الشيطان. سوء الظن إثم كبير يفتت المجتمع فعلى الإنسان أن يتأكد قبل أن يسيء الظن :
لذلك الآية الكريم تقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ ﴾
أولاً الآية تقول: ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾

كيف نفرق بين الظن الذي هو إثم وبين الظن الذي هو حق؟ :
﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
إذاً في بعضه الآخر ليس إثماً.
إنسان دخل إلى البيت سماعة الهاتف بيد زوجته وتتحدث، فلما رأته وضعت السماعة فوراً، معنى هذا أن هناك مشكلة، هذا الاتصال الهاتفي عليه إشكال، هنا صارت بادرة، مؤشر، علامة، هنا سوء الظن ليس إثماً، يجب أن تحقق، مع من كنت تتكلمين؟ ما الرقم الذي كنت على اتصال به.
فأحياناً يكون هناك سبب لسوء الظن، من هنا قال تعالى: ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
لكن أحياناً لا يكون أي دليل، سوء الظن الآن إثم، لا يوجد أي دليل على انحراف الزوجة، لا قريب، ولا بعيد، ولا اتصال، ولا مؤشر، ولا رسالة، ولا شيء إطلاقاً، ومع ذلك هو سيئ الظن فيها، هذا مرض.
أنا يرفع إليّ قضايا كثيرة من هذا المرض، لا يوجد أي سبب، لكن حينما يسيء الظن فيها يرى نفسه حازماً، لا، إذا لم يكن هناك مؤشر، أو علامة، أو إشارة، أو سبب، أو علاقة، سوء الظن إثم كبير، بسوء الظن يتفتت المجتمع، ودائماً وأبداً المستقيم إذا أسأت الظن به كأنك ذبحته، أما غير المستقيم إذا أسأت الظن فيه فكن حازماً، لذلك ورد: الحزم سوء الظن. سوء الظن عصمة و الحزم سوء الظن :

سوء الظن عصمة، لكن النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا أخلاق المؤمن يقال عنه من شمائله: كان يحذر الناس ويحترس منهم، من دون أن يطوي بشره عن أحد، ابتسامته للجميع، ترحيبه للجميع، بشاشته للجميع، لكن شخص لا تعرفه إطلاقاً، طلب منك قرضاً كبيراً لا تكن ساذجاً، قد يكون قناصاً، فتأكد، تحقق، إن كنت تعرفه معرفه يقينية لا يوجد مشكلة لكن لا تعرفه، فإذا تأكدت كان أفضل لك، وهناك مئات الكوارث سببها سذاجة في حسن الظن، لذلك سوء الظن عصمة و الحزم سوء الظن، لكن إن كان هناك سبب، أو مؤشر، أو علامة، أو دليل، لكن إن لم يكن هناك دليل، أو مؤشر، أو سبب، أي زوجة طاهرة ربيت تربية دينية، أسرتها محافظة، أصيلة، يتزوجها إنسان سيئ الظن، من أخبرت اليوم؟ أين كنت؟ هذا سوء الظن للإنسان الطاهر المستقيم كأنك تذبحه.
لذلك الآية الكريمة:
﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
الظن الذي ليس إثماً، هو الظن المبني على دليل، المبني على إشارة، المبني على عبارة، المبني على حادث، لكن إن لم يكن هناك إشارة، ولا عبارة، ولا حادث، ولا دليل، سوء الظن عندئذٍ إثمٌ كبير: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
الابتعاد عن التجسس و الغيبة :
الآن:
﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾

التجسس تتبع الأخبار السيئة، استقبلت صديقك، ماذا تعمل؟ والله كنت في وظيفة تركتها، لِمَ تركتها؟ هم أقالوك أم أنك تركتها طوعاً؟ لا تدخل في تفاصيل ليس لك فيها، هذا ليس من الأدب، بأي وظيفة؟ بالوظيفة الفلانية، كم تأخذ؟ دعك من الدخل، يسأله عن دخله، وهذا البيت أجرة أما ملك؟ إذا ملك من أين لك حقه؟ هذا فضول وحشرية بالإنسان، هناك أشخاص هكذا طبعهم، إذا دخل لبيت صغير كيف يسعكم هذا البيت؟ اتركهم، هم مرتاحون فيه، مستورون فيه، لا يدع إنساناً مرتاحاً، شيطان، تأتي جارة لعند جارتها تسألها ماذا أحضر لك زوجك على العيد؟ فتجيبها: والله لم يحضر لي شيئاً، ألم يحضر لك قطعة من الذهب إذاً هو لا يليق بك، يرجع الزوج ظهراً فيجد أن الوضع غير طبيعي بالبيت، الكلمة الخبيثة من الشيطان، المؤمن يؤلف ولا يفرق، يقرب الناس من بعضهم بعضاً، لا يباعدهم عن بعضه بعضاً.
﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾
حتى هناك رأي آخر ولا تحسسوا، قالوا: التحسس تتبع الأخبار الطيبة، إنسانة لم تكن تنجب الأولاد بعد ذلك أصبحت حاملاً، فتسألها جارتها العلة منك أم منه؟ حملت وانتهى، لِمَ تدخل في هذه التفاصيل؟ ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾
ولا تحسسوا، التحسس تتبع الأخبار الطيبة. ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾
أقسم لكم بالله الغيبة وحدها تمزق الأمة، تمزق المجتمعات، تفتت الأسر، الغيبة وحدها، لو كان هناك انضباط، أو كان عندنا عالم كبير، الشيخ بدر الدين الحسني، شيخ سوريا، من أخلاقه العالية أنه إذا تكلم إنسان أمامه عن إنسان آخر، يقول له: اسكت، أظلم قلبي، لم يكن يسمح لأحد أن يتكلم أمامه عن إنسان آخر.
مرة بلغني أن وزير أوقاف استلم الوزارة، فأتى وفد لتهنئته، وطعن بالذي قبله، فقال له: اسكت، الذي قبلي أحسن مني، هو صديقي، اسكت، لم يعد أحد يجرؤ بمدى وزارته أن يتكلم عن أحد أمامه، هذه بطولة. تشبيه الله عز وجل الغيبة بأكل لحم الميت :
﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ﴾
سبحانك يا رب! لا يوجد أشهى من اللحم، ولا يوجد شيء له رائحة لا تحتمل إذا فسد كاللحم، أحياناً يكون هناك حيوان ميت بالبرية من خمسين متراً له رائحة تكاد تخرج من جلدك منها، فالله عز وجل اختار مشبهاً به دقيقاً جداً: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ﴾
أنت لحم الميت المتفسخ، لا تستطيع أن تواجه رائحته من خمسين متراً، فكيف إذا أكلته؟ ﴿ فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾
كأن الله يشبه لنا الغيبة بأكل لحم الميت. ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾
أخواننا الكرام، والله لو أن هذه الآية وحدها طبقت، لا يوجد تفرقة بين الأسر، ولا بين الجماعات، ولا بين الأحياء، ولا بين المؤسسات، ولا بين النقابات، إذا طبقت هذه القاعدة.
لذلك السلف الصالح، الغيبة مرفوضة كلياً عندهم، الآن تجده يصلي ومرتاح وله قيام ليل، ويسهر سهرة لا يدع شيئاً لا يتكلم عنه!
أخواننا الكرام، مع الأسف الشديد مجالس المؤمنين كلها غيبة ونميمة، هذا الشيء مؤلم، والشيء البشع بالإنسان أنه يلتقي مع أخيه ابتسامه، يهش له، يبش له، يرحب فيه، يثني عليه، وإذا خرج يتكلم عنه، هذا موقف بشع، موقف حقير، معنى هذا أن لك وجهين ولسانين، ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً.
عليك ألا تتكلم عن أحد إلا إن سألك أحدهم في موضوع زواج، عندئذ تتكلم، هذه مسموح بها، أو موضوع شراكة اندماجية، موضوع زواج، موضوع شراكة، ساعتئذٍ هناك رخصة من رسول الله بالنصح. الأخلاق الاجتماعية تُمكّن العلاقات والأخلاق غير الاجتماعية تمزق وتفرق :

أيها الأخوة، الأخلاق الاجتماعية تُمكّن العلاقات، والأخلاق غير الاجتماعية التي يمليها الشيطان على بني البشر أو على المؤمنين تمزق، تجد ديناً واحداً، إلهاً واحداً، كتاباً واحداً، فرقاً، وأحزاباً، وكل فئة تتراشق مع الفئات الأخرى التهم، الحمد لله نحن بخير الآن، لكن قبل خمسين سنة الجماعات الدينية كل جماعة تكفر الثانية، وتتهمها، هذه مشكلة كبيرة جداً، حينما تكون العلاقة سيئة جداً بين الجماعات، كل هذه الجماعات هدفها الله عز وجل، لا يوجد مانع، نتعاون فيما اتفقنا، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، هناك قول آخر: نتعاون فيما اتفقنا، وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، أما لا يوجد غيري على حق والباقي كله منحرف، هذا التفكير تفكير ساذج، يجب أن تنتمي إلى مجموع المؤمنين، وما لم يكن انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:07 AM   #13


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثالث العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد ....)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الله عز وجل يتعجب من هذا الذي يفعل ما يتمنى ولا يعبأ بالنتائج :

أيها الأخوة الكرام, الآية اليوم:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾
[سورة إبراهيم الآية:18]
الإنسان أحياناً في سفره يخطئ في الطريق, وإصلاح هذا الخطأ يحتاج إلى نصف ساعة, لكن لو شخص قطع ألف كيلو متر بالخطأ, إصلاح هذا الخطأ يحتاج إلى أيام.
فالضلال البعيد: الإنسان قد يبتعد عن الحق ابتعاداً كبيراً جداً, فالترميم صعب, لذلك: الله عز وجل تعجب من هذا الذي يفعل ما يتمنى وما يشتهي, ولا يعبأ بالنتائج, قال تعالى: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾
[سورة البقرة الآية:175]
مغادرة الدنيا أخطر حدث مستقبلي يصيبنا جميعاً :

أخواننا الكرام, البطولة أن تعيش المستقبل, معظم الناس يعيشون الحاضر, ويتغذون بالماضي, لكن العقلاء يعيشون المستقبل, وأخطر حدث مستقبلي يصيبنا جميعاً مغادرة الدنيا, والمغادرة لا تعلم متى, بل قد لا تتوقع متى:
﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾
[سورة الأعراف الآية:34]
أيها الأخوة, كل مخلوق يموت, ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت: والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
وكل ابــن أنثى وإن طالت سلامــته يـــوماً على آلة حدبـــاء محمول
فإذا حمــــلت إلى القبور جنــازة فاعــــلم بأنــــك بعدها محمول
***

أخواننا الكرام, مرة شيعت جنازة لأحد أخوتنا الكرام -رحمه الله- حينما فتح النعش, ووضع هذا الجثمان في القبر, وضعت البلاطة الكبيرة, وأهيل التراب على هذا القبر, أقسم لكم بالله ما رأيت على وجه الأرض إنساناً أعقل ممن يعد لهذه الساعة, هذه ساعة لا ينجو منها أحد.
كل مخلوق يموت, ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت: والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
***

العاقل من يدخل الموت في حساباته اليومية :
أيها الأخوة, من توجيهات النبي -عليه الصلاة والسلام-: (( أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ مفرق الأحباب ـ مشتت الجماعات ))
[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر ]

أعمالهم تشبه الرماد:
﴿اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية:18]
أعمالهم تلاشت: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾
[سورة الفرقان الآية:23]
هباء منثوراً: ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية:18]
من الصلة بالله, من الإقبال على الله, من العروج إلى الله عز وجل: ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾
[سورة إبراهيم الآية:18]
بطولة الإنسان أن يكون عمله وفق منهج الله عز وجل :
أخواننا الكرام؛ بطولتك أن يكون عملك وفق منهج الله, بطولتك أن تتوافق مقاييسك مع مقاييس القرآن. مثلاً:
﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
[سورة آل عمران الآية:185]
((من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة))
[الترمذي عن أنس]

مضطر أن أذكر حديثاً في الصحاح:
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]
اثنا عشر ألف إنسان مؤمن لن يغلبوا في الأرض, فإذا كان المسلمون مليار وخمسمئة مليون؛ وليست كلمتهم هي العليا, وليس أمرهم بيدهم, وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل, معنى هذا عندنا مشكلة كبيرة.
لذلك نقول: أين الخلل؟ الخلل أن نصطلح مع الله, الخلل نعوضه أو نزيله بالصلح مع الله, والتوبة إليه, والإقبال عليه, كل شخص قادر على هذا في رمضان.
النبي الكريم, صعد المنبر فقال: (( رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له، إن لم يغفر له فمتى ))
[ الترمذي عن أبي هريرة]
هذا شهر المغفرة, شهر التوبة, شهر الصلح مع الله. توظيف الله تعالى طغيان الطغاة لخدمة دينه والمؤمنين :
فلذلك: الواقع الإسلامي المؤلم -مليار وخمسمئة مليون- ليست كلمتهم هي العليا, والنبي يقول: (( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس]

لكن, سبحان الله! لو أن الله قوى الكافر إلى ما لا نهاية فهناك مشكلة كبيرة, قال تعالى:
﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾
[سورة آل عمران الآية:140]
لو أن الكفار دائماً أقوياء, ليئس الناس, وظهر النفاق, لو أن المؤمنين دائماً أقوياء, أيضاً يظهر شيء آخر، فالله قال: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾
[سورة آل عمران الآية:140]
فنحن جئنا في عصرٍ المسلمون يحاربون في كل أنحاء الأرض, لكن اعتقدوا يقيناً أن الله سبحانه وتعالى لا يسمح لطاغية على وجه الأرض أن يكون طاغية إلا ويوظف طغيانه لخدمة دينه والمؤمنين, والدليل: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾
[سورة القصص الآية:4]
الجرعات المنعشة التي أكرم الله بها المسلمين :
الآن دققوا: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
[سورة القصص الآية:5]
﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾
[سورة القصص الآية:6]

أخواننا الكرام, الله عز وجل رحمة بنا يعطينا أحياناً جرعات منعشة، تتالي النكبات على هذه الأمة أورثها ثقافة, أنا أسميها ثقافة اليأس, أو ثقافة الإحباط, أو ثقافة الطريق المسدود, لكن من هذه الجرعات انتصار أخوتنا في غزة على الجيش الأول, من حيث تنوع الأسلحة, والجيش الرابع في العالم, والمهيمن على المنطقة, انتصار بضعة آلاف من أخوتنا الكرام في غزة والله قلب موازين القوى في العالم, والله أحدث ارتباكاً في العقيدة العسكرية في كل أنحاء الأرض.
فالعصا الغليظة التي هي إسرائيل, هي عصا غليظة في المنطقة, مهمتها أي جهة تقول لا للغرب, تسحق, هذه مهمة العصا؛ لكن بفضل الله, وبفضل أخوتنا الكرام، و بفضل هذه المقاومة، هذه العصا الغليظة كُسِرت, كم مرة؟ كسرت مرتين؛ ألفان وستة, وألفان وثمانية, ولا تزال هذه العصا معطوبة، لذلك: نحن نعيش جرعة منعشة من الله عز وجل حينما انتصر أخوتنا في غزة.
عندنا جرعة منعشة ثانية: حينما دخلت القصر الجمهوري في تركيا امرأة محجبة, هذه أيضاً جرعة منعشة.
الجرعة الثالثة: حينما انهار النظام العالمي.
هذه ثلاث جرعات منعشة, أكرمنا الله بها, كأن الله يقول لنا: أنا -يا عبادي- موجود, الأمر بيدي, اطمئنوا, كونوا كما أريد, أكن لكم كما تريدون.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:10 AM   #14


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الرابع العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ....)



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم, إلى أنوار المعرفة والعلم, ومن وحول الشهوات, إلى جنات القربات.
الكلمة الطيبة صدقة والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين :

الآية اليوم:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-27]
في بعض الأحاديث الشريفة: ((الكلمة الطيبة صدقة))
[أخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة]
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى-, يرقى بها إلى أعلى عليين, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين))
[ورد في الأثر]
البطولة أن تعد كلامك من عملك, فالكلمة الطيبة صدقة, والكلمة الخبيثة يهوي بها الإنسان إلى أسفل سافلين. بطولة الإنسان أن يعد كلامه من عمله :

أحياناً الإنسان يدخل إلى بيت صغير جداً, يتكلم كلاماً فيه ازدراء لهذا البيت, تكون الزوجة على وفاق مع زوجها, وهناك مودة, و وئام, و محبة, هذا التعليق على هذا البيت الصغير أزعج الزوجة, فلما جاء زوجها, تجهمت في وجهه, وانقلب هذا البيت من بيت فيه سعادة إلى بيت فيه خصام, كلمة تكلمها.

الكلمة الطيبة صدقة, ترقى بها إلى أعلى عليين, والكلمة الخبيثة إساءة كبيرة جداً, يهوي بها إلى أسفل سافلين: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى-, يهوي بها إلى أسفل سافلين".
في بعض التوجيهات النبوية: ((مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا فَتَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ))
[ الترمذي و أبو داود و أحمد عن أبي هريرة ]
تتكلم بالأسعار, ارتفاع أثمان البيوت, بمشكلات يعانيها المجتمع, هذه المشكلات تتراكم بعضها فوق بعض, لا تستطيع أن تقف, وأحياناً تجلس مجلساً فيه ذكر لله عز وجل؛ تمتلىء ثقة, تمتلئ طمأنينة, تمتلئ فرحاً بمعرفة الله, تمتلئ فرحاً برضوان الله؛ ففرق كبير بين مجلس يُذكر الله فيه, وبين مجلس لا يذكر الله فيه.
المؤمن في كل أحواله راض عن الله عز وجل :
أنا أتمنى أن الله عز وجل حينما يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]

أن تكثر من ذكر الله.
بالمناسبة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾
[سورة طه الآية:14]
الصلاة ذكر. ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾
[سورة العنكبوت الآية:45]
العلماء قالوا: "ذكر الله أكبر ما في الصلاة" هذا معنى.
الصحابي الجليل ابن عباس يقول: "ذكر الله لك -أيها المصلي- وأنت في الصلاة, أكبر من ذكرك له؛ إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية, لكنه إذا ذكرك منحك الرضا".
المؤمن راض عن الله.
قال له: يا ربي! هل أنت راض عني؟ قال: فوقع في قلبه: أن يا عبدي, هل أنت راض عني؟ فتعجب هذا العبد! يا رب! كيف أرضى عنك وأنا أتمنى رضاك؟ فكان الجواب: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله.
لذلك قالوا: الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين. الإيمان رحمة :
المؤمن حينما يُبتلى ببلية, ويقول: يا رب لك الحمد, أنا راض, شيء رائع جداً.

حدثني أخ مقيم في مستشفى, جاءهم مريض, يشكو من ورم خبيث في كل أمعائه, والمرض قاتل, هذا المريض كلما دخل عليه عائد أو زائر, يقول له: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد, الغرفة استقطبت كل موظفي المستشفى؛ هناك نورانية في الغرفة, و راحة نفسية عجيبة, مريض مصاب بورم خبيث, منتشر في أمعائه, والمرض قاتل, وهذا المريض كلما دخل عليه زائر يقول: اشهد أنني راض عن الله, يا ربي لك الحمد!!.
والله حدثني -هذا الموظف في المستشفى- قال لي: إذا قرع الجرس من هذه الغرفة, يتسابق الموظفون لتلبية طلبه, يشعرون براحة عجيبة جداً, بعد أسبوع توفاه الله عز وجل.
ولحكمة بالغةٍ, بالغةٍ, بالغة جاء مريض آخر, مصاب بالمرض نفسه, يا لطيف! يسب الدين, يسب الإله, الله عز وجل أعلم هؤلاء الموظفين؛ المرض نفسه, الآلام نفسها, كيف المرض في حالة المؤمن مع الإيمان, وكيف المرض مع الكفران.

لذلك: بعد حين وقع تحت يدي بحث دقيق, اسمه "بوابات الألم", قال: "الألم له طريق من الجلد أحياناً إلى الأعصاب, أعصاب الحس هذه تتجمع في النخاع الشوكي, تصل إلى الدماغ".
أحياناً طبيب الأسنان يقلع السن من دون تخدير, لسبب أو لآخر أثناء انقطاع العصب الموجود في لب السن يشعر المريض بألم لا يوصف.
قال: بوابات الألم أحياناً تُغلق, فإذا أغلقت لا يصل من هذا الألم إلا العشر, وأحياناً تكون مفتوحة على مصاريعها فالألم لا يُحتمل.
سبحان الله! الذي كتب هذا المقال هو عالم طب, قال: والذي يتحكم بهذه البوابات الحالة النفسية للمريض.
إذا كنت مؤمناً وراض عن الله, هذه البوابات تغلق, لا يصل من الألم إلا العشر, وإذا كان الإنسان بعيداً عن الله عز وجل, وساخطاً على الله عز وجل, يرفض قضاء الله وقدره, هذه البوابات مفتوحة على مصاريعها. فلذلك: الإيمان رحمة.
الكلمة الطيبة تمتن العلاقات بين الناس و تطيب القلوب :
هنا هذه الآية تتعلق بمجالسنا: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]

كلمة تهنئة, دخلت إلى بيت أختك؛ أثنِ على زوجها, زوجها صالح لكنه فقير, أثن على أخلاقه, بين لها أن القيمة هي قيمة الأخلاق, وأن هذا الزوج إنسان رائع, والله يهنئك فيه, يخرج الأخ من عند أخته, والأخت راضية, أحياناً يذكر بعض العيوب في بيتها, ألم يقدم لك شيئاً على العيد؟ فتسخط على زوجها.
كلمة طيبة؛ بالكلمة الطيبة ترقى إلى أعلى عليين, وبالكلمة الخبيثة تهوي إلى أسفل سافلين.
فعود نفسك بالكلمة الطيبة؛ كلمة التواصل, كلمة العفو, كلمة التشجيع, كلمة لفت النظر للآخرة.
مرة دخلت إلى بيت, صدقوا ولا أبالغ ما رأيت في حياتي غرفة ضيوف أصغر من هذه الغرفة, مساحة الطاولة من مساحة الغرفة, فصاحب البيت خجل كثيراً, قلت له: النبي الكريم -سيد الخلق, وحبيب الحق, سيد ولد آدم-, كانت غرفته التي ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته, فكان إذا صلى, يجب أن تبتعد الزوجة عن مكان السجود, فهذا سيد الخلق, وحبيب الحق.
ذكرت له نصاً: "فلينظر ناظر بعقله أن الله أكرم محمداً أم أهانه حين زوى عنه الدنيا؟ فإن قال: أهانه فقد كذب, وإن قال: أكرمه، فلقد أهان غيره حيث أعطاه الدنيا".
هناك كلمة طيبة ترفع معنويات الفقير, كلمة طيبة ترفع معنويات المريض, المريض تحت ضغط المرض, فإذا بينت له أن مرض المؤمن تقريب إلى الله عز وجل: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
[سورة البقرة الآية:155-157]
ممكن بكلامك تطيب القلوب, بكلامك ترفع المعنويات, بكلامك تمتن العلاقات بين الزوج وزوجته, بكلامك يرتقي من يسمعها إلى أعلى عليين. الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً وهي متعلقة بعلة وجود الإنسان في الدنيا :
لذلك: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:152]
إذا ذكر الله في أي مكان تجلس به, أما مجلس من دون ذكر "قاموا عن أنتن من جيفة حمار"؛ غيبة, ونميمة, وتعليقات, وقنص للأخطاء, وتشهير، فهذه كلها من صفات أهل الدنيا. لذلك: المؤمن يسعد بأخيه، مرة سيدنا حنظلة -رضي الله عنه- كان يبكي في الطريق, رآه سيدنا الصديق قال له: "ما لك -يا حنظلة- تبكي؟ قال له: نافق حنظلة, قال له: ولم يا أخي؟ قال: نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين, فإذا عافسنا الأهل ننسى, فسيدنا الصديق بأعلى درجة من الكمال قال له: أنا كذلك يا أخي", هذا تواضع.
أحياناً: يشكو لك ابنه, تقول له: أنا عندي ابن رائع جداً, ما شاء الله! بار, محسن, هذا الكلام يعمق له ألمه, قل له: الوضع صعب, الجو العام صعب, نحن في آخر الزمان, أعطه قليلاً من التخفيفات مما يعاني.
فقال له: "وأنا كذلك يا أخي, انطلق بنا إلى رسول الله, فانطلقا, فقال النبي الكريم: (( إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا ))
[ موطأ مالك ]
(( لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّذِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَسَاعَةً وسَاعَةً ))
[ سنن الترمذي عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ ]

هناك كلام يطيب القلب, كلام يجبر الخاطر, كلام يرفع المعنويات, كلام يمتن العلاقات, كلام يدعو إلى التفاؤل, وهناك كلام فيه سخط, وفيه نقمة, وفيه تعليق مؤلم, هو سيئ, هذه الكلمة يبغضها الله عز وجل, قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
الكلمة الطيبة لها جذور عميقة جداً؛ متعلقة بمنهج الله, متعلقة بعلة وجودك في الدنيا, متعلقة بالآخرة, تنطلق الكلمة الطيبة من مبادىء, من قيم, من مثل, من كمال, من صلة بالله عز وجل: ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24-25]
أحياناً كلمة طيبة تسبب هداية إنسان؛ اهتدى هو, وزوجته, وأولاده, وذريته. الكلمة الطيبة آثارها تمتد إلى يوم القيامة :
لذلك: الكلمة الطيبة صدقة؛ بمعنى أن آثارها إلى يوم القيامة, وهي في صحيفة من قالها: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
هناك أشجار طول جذورها ثلاثون متراً, ممتدة هكذا, كلمة ثابتة: ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:24]
تعطيك الفواكه الناضجة: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾
[سورة إبراهيم الآية:25]
الكلمة الطيبة تشد الإنسان إلى الدين و الكلمة الخبيثة تبعده عنه :
دقق الآن: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26]

بحساب مطالعاتي مرة قرأت كلمة -أنا لا أعتقد أخبث منها في الأرض- قال: أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وأنت ضعيف لأنك أخلاقي.
هذه كلمة تشوه المبادئ والقيم, كلمة من كلمات الشيطان؛ أنت أخلاقي لأنك مؤمن, أنت أخلاقي لأنك عرفت سرّ وجودك، وغاية وجودك, أنت أخلاقي لأنك تسعى للدار الآخرة, أنت أخلاقي لأنك الله يحبك وأنت تحبه, وهناك كلمة أخرى خبيثة؛ أنت أخلاقي لأنك ضعيف, وضعيف لأنك أخلاقي, هذه كلمة خبيثة.
والله هناك كلمات, أنا أقول: ألف تصرف رائع, حكيم, ناجح, أخلاقي, يشد الإنسان إلى الدين, وكلمة خبيثة واحدة, تعليق ساخر, تعليق فيه استهزاء, تعليق فيه ازدراء, يبعد الإنسان عن الدين: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾
[سورة إبراهيم الآية:26-27]
القرآن قول ثابت :

القرآن قول ثابت, فيه آيات فيها بشارة للمؤمنين؛ مثلاً:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
[سورة فصلت الآية:30-32]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
مراتب الدنيا مراتب مؤقتة :

أحياناً الإنسان يذهب إلى بلاد الغرب, يجد بلاداً جميلة جداً؛ جبالاً خضراء, أموالاً طائلة, الحياة بأعلى درجات من الدقة والرفاه, تأتيه خواطر شيطانية لماذا نحن لسنا كذلك؟ مثلاً: لماذا بلادنا ليست كهذه البلاد؟ يأتي الجواب:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]
الآية الكريمة: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
إذا اختل الإنسان توازنه قليلاً, حينما زار بلاد الكفار, تأتي هذه الآية, تزيل هذا الإشكال: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
[سورة الأنعام الآية:44]
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾
[سورة إبراهيم الآية:27]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:13 AM   #15


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الخامس العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ....)



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم, ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
بطولة الإنسان أن يدع بينه وبين المعصية هامش أمان :
أيها الأخوة الكرام, لا زلنا في آيات الأمثال في القرآن الكريم, والآية اليوم هي قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾
[سورة الحج الآية:30-31]

أولاً: ماذا تعني كلمة اجتنبوا؟ اجتنبوا تعني أن تجعل بينك وبين المعصية هامش أمان, تماماً كتيار كهربائي عالي التوتر, له حرم, لو دخلت حرمه لجذبك واحترق الإنسان. فلابدّ من أن تدع بينك وبين المعصية هامش أمان, هذا المعنى دقيق جداً في معنى اجتنبوا، أي:
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
[سورة البقرة الآية:187]
اجعل بينك وبين حدود الله هامش أمان, هذا الهامش إذا جعلته, وقاك الله من الوقوع في المعاصي, أما إذا ألغيت هذا الهامش, ففي الأعم الأغلب تزل القدم, ويقع الإنسان في المعصية، والشاهد الدقيق: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
[سورة البقرة الآية:187]
الشرك عار بحق الإنسان وهبوط في تفكيره :
مثلاًً: الزنا فاحشة, الخلوة اقتراب من الزنا, صحبة الأراذل اقتراب من الزنا, قراءة أدب إباحي اقتراب من الزنا, هناك أشياء كثيرة تقرب من الزنا، فالبطولة أن تدع بينك وبين المعصية هامش أمان.
هناك آيات: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾
[سورة البقرة الآية:229]
وآيات أخرى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
[سورة البقرة الآية:187]
﴿فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
أي اجعل بينك وبينها هامش أمان, هذا معنى ﴿فَاجْتَنِبُوا﴾

أي اجتنب الشرك الأكبر.
لا يوجد في العالم الإسلامي شرك أكبر, في العالم الإسلامي لا يوجد إله يُعبد من دون الله, إله له صنم يُعبد لا يوجد, في آسيا هناك بوذا, هناك إله يعبد من دون الله.
كنت مرة في أمريكا, فأخذني مضيفي إلى معبد هندوسي, في مدخل المعبد صنم من البرونز, لا أبالغ على صدره ألماس البرلنت بعشرات الملايين, الألماس البرلنت الغالي جداً, ويأتي عبَّاد هذا الصنم, ينبطحون على الأرض انبطاحاً كاملاً, ثم رأيت في مدخل هذا المعبد كسارة جوز الهند, سألت عنها, قال: الآلهة يحبون جوز الهند, ألا ترى كيف الكهان يضحكون على الناس!؟
الشرك عار بحق الإنسان, الشرك هبوط في تفكيره, في عقله, هذا الدين من فضل الله علينا, دين التوحيد, وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد, لكن قبل الإسلام كان هناك شرك أكبر؛ كان هناك اللات والعزى, كان هناك آلهة, و أصنام تعبد, لكن بعد ظهور الإسلام الشرك الأكبر انتهى, ماذا بقي؟ الشرك الخفي.
لذلك ورد: ((أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي, أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً؛ ولكن شهوة خفية, وأعمال لغير الله))
[ورد في الأثر]
انتشار الشرك الخفي في العالم الإسلامي :
أنت حينما تتوهم أن إنساناً ما بيده مصيرك هذا شرك, بيده نفعك أو ضرك هذا شرك, تخافه وتعصي الله هذا شرك, والآية: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾
[سورة يوسف الآية:106]

لذلك: المنتشر ليس الشرك الجلي ولكن الشرك الخفي.
((أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً؛ ولكن شهوة خفية, وأعمال لغير الله))
[ورد في الأثر]
هذا الذي يستجيب لشهوته, بلا ضابط من منهج الله, لو أن الإنسان استجاب لشهوته, وفق ضابط لمنهج الله لا شيء عليه, لو أن الإنسان استجاب لشهوته وفق الضوابط الشرعية لا شيء عليه؛ اشتهى المرأة تزوج, اشتهى المال عمل عملاً مشروعاً, لكن المشكلة تتضح في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾
[سورة القصص الآية:50]
هناك حاجات بالإنسان؛ الحاجة إلى الطعام والشراب, الحاجة إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل, حاجة إلى تأكيد الذات, هذه الشهوات يمكن أن تلبى مئة في المئة وفق منهج الله. من اتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه :
لذلك:
﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾
[سورة القصص الآية:50]

عند علماء الأصول: المعنى المخالف, المعنى المعاكس, أي: الذي يتبع هواه وفق هدى الله, لا شيء عليه أبداً, بل هناك أحاديث كثيرة، في الجامع الصغير, هذا الكتاب مرتب وفق حروف المعجم, فلو فتحتم على مجموعة الأحاديث التي تبدأ بكلمة حق؛ حق الله على عباده, حق الزوج على زوجته, حق الآباء على أبنائهم, حق الأبناء على الآباء, مجموعة طويلة جداً, تبدأ بكلمة حق, لكن تقرأ حديثاً في هذه المجموعة, ربما اقشعر جلدك, حق المؤمن على الله أن يعينه إذا طلب العفاف, هذا كلام لمن؟
حق المؤمن على الله؛ أنشأ الله لك حقاً عليه, هذا الحق أنك -أيها الشاب- إذا رأيت في الطريق النساء, الكاسيات العاريات, المائلات المميلات, اطلب من الله أن يحصنك بزوجة؛ تسرك إن نظرت إليها, وتحفظك إن غبت عنها, وتطيعك إن أمرتها, حق على الله أن يعين المؤمن إذا طلب العفاف.
إذاً: هذا الشرك الخفي أخطر ما في حياة المسلمين؛ ما من معصية إلا سببها شرك خفي, ما من تجاوز لحدود الله إلا بسبب شرك خفي, شرك جلي لا يوجد, أما الموجود فالشرك الخفي: "أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً؛ ولكن شهوة خفية, وأعمال لغير الله"، قال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا﴾
[سورة الحج الآية:30]
تشبيه الله عز وجل الشرك بالنجس والمشرك بالنجس :

الشيء الذي لا يحتمل النجس, والله عز وجل قال:

﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
[سورة التوبة الآية:28]
هناك لفتة بلاغية رائعة, لم يقل: إنما المشركون نجسون, الشيء النجس يطهر, كأس لو فرضنا أصابه بول طفل, تغسلها عدة مرات تطهر, أما النجس فنفسه لا يطهُر، لم يقل: إنما المشركون نجسون, قال: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
[سورة التوبة الآية:28]
هم عين النجاسة, الشيء القبيح الذي لا يحتمل منظر ورائحة النجاسة, تصور أن الله شبه الشرك بالنجس, والمشرك بالنجس. اجتناب الشرك و قول الزور :

ثم قال:

﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
كلمة قول الزور: كل بيان غير صادق قول زور, كل شهادة كاذبة قول زور, كل بيان كاذب قول زور.
لو أن الناس ابتعدوا عن قول الزور لكنا في حال غير هذا الحال؛ الغش قول زور, الكذب قول زور, النفاق قول زور, لولا قول الزور لكنا في حال غير هذا الحال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
الوثن جهة قوية, تعبد من دون الله, ولا إله إلا الله, والشرك الجلي غير موجود, الشرك الخفي موجود. قال: اجتنبوا أي الشرك, وقول الزور. العبادة تحتاج إلى محبة فما عبد الله من أطاعه ولم يحبه :
لكن:
﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ﴾
[سورة الحج الآية:31]

لذلك: العبادة هي طاعة طوعية, ممزوجة بمحبة قلبية, أساسها معرفة يقينية, تفضي إلى سعادة أبدية.
العبادة تحتاج إلى محبة, لذلك: ما عبد الله من أطاعه ولم يحبه, كما أنه ما عبد الله من أحبه ولم يطعه.
هذا معنى حنفاء أي ماثل إلى الله؛ تعبده وأنت تحبه, تعبده من تلقاء نفسك, تعبده مخيراً ولست مكرهاً, تعبده وقلبك ممتلئ بمحبته, هذا هو الدين: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
الشرك تماماً يشبه الرجس, أي الشيء الذي لا يطهر: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
يمين كاذب, بيان كاذب, وصف للبضاعة كاذب, تصفها بأنها من مصدر معين, وهي من مصدر آخر, تقدم فاتورة غير صحيحة, كل تغيير للحقيقة هذا هو قول الزور: ﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ﴾
[سورة الحج الآية:31]
الله عز وجل أراد من الإنسان أن يعبده محباً لا مكرهاً :
الله ما أرادنا أن نعبده مكرهين, أرادنا أن نعبده محبين, يريدك أن تجتنب قول الزور, كل تزوير للحقائق، يريدك أن تجتنب الشرك الخفي كمسلم, ويريدك أن تميل إليه بقلبك, يريد عقيدتك توحيداً, ويريد سلوكك صدقاً, ويريد قلبك محبة, يريد أن تكون عقيدتك توحيداً لا شرك فيها, ويريد أن يكون كلامك صادقاً لا كذب فيه, ويريد قلبك أن يميل إليه:
﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾
[سورة الحج الآية:31]
الهدى يرفع الإنسان و الضلال يحطه :
الآن: آية المثل: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾
[سورة الحج الآية:31]

تصور إنساناً وقع من طائرة على ارتفاع أربعين ألف قدم, ما مصيره؟ أشلاء, موت محقق, طيور تأكله, قد يأتي في مكان بعد أن تحطمت أضلاعه ومات تأكله الوحوش، هذا المثل مثل الشرك, معنى التوحيد أنت في السماء.
دقق في هذه الآية: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾
[سورة لقمان الآية:5]
الهدى رفعه: ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾
[سورة الزمر الآية:22]
الضلال: أنت عبد لشهوتك, أنت عبد لمصلحتك, أنت متذلل أمام شهوتك. الله عز وجل ما أمر الإنسان أن يعبده إلا بعد أن طمأنه :
لذلك: (( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
[ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]
﴿فَاجْتَنِبُوا﴾
[سورة الحج الآية:30]

اجعل بينك وبين ما ينهاك الله عنه هامش أمان:
﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
الشرك الجلي والخفي: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾
[سورة الحج الآية:30]
الكذب؛ في البيع, في الشراء, في أي شيء، حينما تتكلم بخلاف ما تعتقد, فأنت في قول زور, بدءاً من فاتورة مزورة, إلى بيان بالبضاعة غير صحيح, إلى أيمان كاذبة, هذا كله هناك نهي شديد عنه؛ ومع هذا الاجتناب, ومع هذا التوحيد, ومع هذه الاستقامة, يريد الله قلبك, يريدك أن تعبده عن حب لا عن إكراه, يقول: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾
[سورة البقرة الآية:256]
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً﴾
[سورة الكهف الآية:107]
﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾
[سورة الحج الآية:31]
الدين هو التوحيد و ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد :
المثل:
﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾
[سورة الحج الآية:31]

هذا المثل تقشعر منه الأبدان, إنسان سقط من طائرة, ما مصيره؟ الهلاك المحتم, أشلاؤه تأكلها الطير, تأكلها الوحوش, وانتهى.
لذلك أيها الأخوة: إذا أردت أن تقول لي ما الدين؟ أقول لك: التوحيد؛ ألا ترى مع الله أحدا, ألا ترى يداً تعمل مع الله: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾
[سورة هود الآية:123]
﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾
[سورة الصافات الآية:173]
أيها الأخوة الكرام, لو قرأت القرآن كله لوجدت معظم آياته تدور حول التوحيد؛ الدين هو التوحيد, الدين أن تتجه لله, الدين ألا تعبد إلا الله, ألا تحب إلا الله, ألا تخضع إلا لمنهج الله, ألا تصل إلا لله, ألا تقطع إلا لله, ألا تغضب إلا لله, ألا ترضى إلا لله, ألا تعطي إلا لله, ألا تمنع إلا لله, هذا الدين, هذا التوحيد, وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.

والحمد لله رب العالمين





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:16 AM   #16


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( السادس العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( يا أيها الناس ضرب مثلٌ فاستمعوا له ....)



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.
الله عز وجل يخاطب عامة الناس بأصول الدين و المؤمنين بفروع الدين :
لا زلنا أيها الأخوة في آيات الأمثال, والآية اليوم:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾
[سورة الحج الآية:73]

أيها الأخوة: لا شك أن الله سبحانه وتعالى حينما يخاطب عباده في القرآن يخاطبهم بصيغتين؛ مرة يقول الله عز وجل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾
[سورة الأنفال الآية:20]
ومرة يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾
[سورة البقرة الآية:21]
والعلماء يقولون: إن الله سبحانه وتعالى يخاطب عامة الناس بأصول الدين: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾
[سورة البقرة الآية:21]
ويخاطب المؤمنين بفروع الدين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾
[سورة الأنفال الآية:20]
السماع عام أما النظر فمقيد بمشيئة الإنسان وإرادته :
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾
[سورة الأنفال الآية:21]

دائماً هناك خطاب للمؤمنين, وكأن الله عز وجل حينما يخاطب المؤمنين يقول: يا من عرفتموني, يا من آمنتم بوجودي, آمنتم بكمالي, آمنتم بوحدانيتي, يا من آمنتم بأسمائي الحسنى وصفاتي الفضلى, افعلوا, كذلك الخطاب للمؤمنين تفصيلي؛ الخطاب للمؤمنين بفروع الدين, الخطاب للمؤمنين بالتفاصيل, أما الخطاب للناس عامة فبالكليات:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾
[سورة البقرة الآية:21]
هنا الآية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾
[سورة الحج الآية:73]

أي إنسان معني بهذه الآية:
﴿ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾
[سورة الحج الآية:73]
طبعاً هناك فرق كبير بين أن تسمع, وبين أن تستمع، السمع: إنسان يمشي في الطريق, سمع بوق مركبة, ليس له خيار في السماع أو عدم السماع, العين لها خيار, بإمكانك أن تغض بصرك, لذلك قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
[سورة النور الآية:30]
أما السماع فلا تستطيع أن تسد أذنيك؛ فالسماع عام, أما النظر فمقيد, بمشيئتك وإرادتك. عظمة الله عز وجل تتجلى في الحجوم الكبيرة و في الأشياء الصغيرة :
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾
[سورة الحج الآية:73]

أدق الحشرات لو اجتمعت قوى الأرض على أن تبدل من خصائصها لا تستطيع.
هناك أمثلة كثيرة؛ حينما وضعت البعوضة تحت المجهر, - المجاهر التقليدية مجاهر أساسها العدسة البللورية, أما المجاهر الحديثة فأساسها إلكتروني, أي يمكن للمجهر الإلكتروني أن يكبر خمسمئة ألف مرة- فلما وضعت بعوضة تحت هذا المجهر تبين أن في رأس البعوضة مئة عين, -وهناك صور لهذه العيون المئة-, وأن في فمها ثمانية وأربعين سناً, وكل ألف بعوضة تساوي غراماً واحداً, فالبعوضة وزنها واحد على ألف من الغرام.
أخواننا الكرام, بالمناسبة مهما تصورت الأجزاء, هناك أجزاء أدق، تبدو عظمة الله عز وجل في الحجوم الكبيرة كالمجرات, وتبدو عظمة الله أيضاً في الأشياء الصغيرة.
فهذه في رأسها مئة عين, وفي فمها ثمانية وأربعون سناً, وهذا كله أظهرته الصور, وفي صدرها قلوب ثلاثة؛ قلب مركزي, وقلب لكل جناح, وفي كل قلب أذينان, وبطينان, ودسامان، حينما يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾
[سورة البقرة الآية:26]
إذاً: البعوضة في رأسها مئة عين, في فمها ثمانية وأربعون سناً, في صدرها قلوب ثلاثة؛ قلب مركزي, وقلب لكل جناح.
البعوضة آية من آيات الله الدالة على عظمته :
أيها الأخوة الكرام, البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات, تملك جهاز رادار, أو بتعبير أدق تملك جهاز استقبال حراري, فهي تعرف الأشياء لا بأشكالها, ولا بألوانها, ولا بأحجامها, لكنها تعرف الأشياء بالحرارة, هذا الجهاز الحراري الذي ترى به الأشياء, كأن نقول مثلاً: الأشعة فوق الحمراء طريقة من طرق الاستكشاف في الليل, البعوضة تملك هذا الجهاز, ترى الأشياء بحرارتها فقط.

وقال العلماء: حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية، أي نحن بكل ما نملك من طاقات, ومن عين دقيقة في رؤيتها, أنت تملك حساسية تساوي ربع درجة, الذي عنده بصر حاد, يقول لك: حرارته سبع وثلاثون وثلاثة أرباع, لكن معظم الناس الحساسية مصدرية, سبع وثلاثون ونصف, فالإنسان كل حساسيته في الرؤية دقتها ربع درجة, أما البعوضة فواحد على ألف من الدرجة المئوية، لذلك: هذه الآية أنا أصنفها مع الإعجاز العلمي:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾
[سورة البقرة الآية:26]
والذبابة كذلك.
الذبابة أيها الأخوة في علم الطيران تملك أعلى إمكانية في الكون, على المغادرة في الجو, لا توجد طائرة ممكن أن تسير بسرعة ألف ميل, فجأة تنعطف تسعين درجة, لا يوجد خط منحن, انعطاف زاوية قائمة, لا تملك طائرة في الأرض أن تنعطف فجأة تسعين درجة بالضبط يمنة أو يسرة, لا يوجد في الأرض طائرة يمكن أن تهبط على سقف, أما الذبابة فتقف على السقف, وهي نحو الأسفل, ما الذي يحميها من السقوط؟ هناك مناورة للذبابة لا تستطيعها طائرة في الأرض, وأجهزتها على دقتها؛ عين, ورئتان, وجهاز هضم, وما إلى ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً﴾
[سورة الحج الآية:73]
هناك معلومات دقيقة عن البعوضة, والذبابة كذلك. الأجهزة التي تملكها البعوضة :
هذه البعوضة في رأسها مئة عين, في فمها ثمانية وأربعون سناً, في صدرها قلوب ثلاثة؛ قلب مركزي, وقلب لكل جناح, وفي كل قلب أذينان, وبطينان, ودسامان, والبعوضة تملك هذا الجهاز الاستقبال الحراري, جهاز رادار، فهي ترى الشيء بالحرارة, لو أنها في غرفة في فصل الشتاء, الحرارة خمس, أما الطفل فحرارته تقدر بسبع وثلاثين, لا ترى إلا الطفل.

الآن: حينما تغرس خرطومها في جلد الطفل, ما كل دم يناسبها, تأخذ عينة, وتفحصها؛ فإذا كان هذا الدم مما يوافقها, تابعت أخذ الدم منه, فإن لم يكن يوافقها, تركته إلى أخيه، لذلك: هذا الجهاز -جهاز تحليل للدم- هل تتصور بعوضة بهذا الحجم معها جهاز تحليل للدم و جهاز تخدير؟ لأن هذا الإنسان إذا غرست البعوضة خرطومها في جلده, يقتلها؛ تخدره أولاً, ثم تغرس خرطومها في جلده, تمتص الدم, فإذا انتهت وطارت إلى سماء الغرفة ينتهي مفعول التخدير, يشعر الإنسان بلسع البعوض, يظنها عليه, يضربها بكل قوته, وهي في الحقيقة في سقف الغرفة تضحك عليه؛ معها جهاز تحليل للدم, معها جهاز تخدير, معها جهاز تمييع, دم الإنسان لا يسري في خرطوم البعوضة؛ تميعه, وتحلله, وتخدره, وتمتص عندئذ الدم.
وضع هذا الخرطوم تحت المجهر, وكبر مئات ألوف المرات, فالنتيجة مذهلة أن في خرطوم البعوضة ست سكاكين؛ أربع سكاكين لإحداث جرح مربع, وسكينان تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم, وتملك البعوضة أرجل فيها مخالب إذا وقفت على سطح خشن, وفيها محاجم على الضغط إذا وقفت على سطح أملس.
الآية التالية تُعرف بالله عز وجل من خلال خلقه :

أنا أعتقد أن البحوث الحديثة فيها شرح دقائق خلق البعوضة أو الذبابة, وهي خير ما يفسر هذه الآيات:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾
[سورة الحج الآية:73]
أحياناً يجهد الإنسان بقتل ذبابة ولا يستطيع, تملك طاقة مناورة عالية جداً، فالإنسان قد يتأمل في خلق الله, ما دق في خلق الله وما عظم.
فالمجرات مثلاً هناك نجم واحد لبعض المجرات, هذه المجرة اسمها: مجرة العقرب, في المجرة نجم صغير, متألق, أحمر اللون, اسمه قلب العقرب, يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما, الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة, وبين الأرض والشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر, الأرض والشمس مع المسافة بينهما يدخلان في نجم من نجوم برج العقرب, هو قلب العقرب.
الآن الصغر؛ هذه البعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات, تملك جهاز استقبال حراري, حساسيته واحد على ألف من الدرجة المئوية. من ازداد معرفة بالله ازداد معرفة بضآلته :

إذاً:

﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾
[سورة الحج الآية:73]
كلما ازددت معرفة بالله, ازددت معرفة بضآلتك.
وللإمام الشافعي كلمة رائعة يقول: "كلما ازددتُ علماً ازددت علماً بجهلي".
قل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئاً وغابت عنك أشياءُ
***

ولا نهاية لعظمة هذا الكون؛ فيما هو كبير كالمجرات, وفيما هو صغير كالبعوضة.
لذلك أيها الأخوة هذه الآية تشبه تعريفاً بالله عز وجل من خلال خلقه: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾
[سورة الحج الآية:73]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:19 AM   #17


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( السابع العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ....)



لحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أكبر خطأ وقع به الناس أن أهل الدنيا يعيشون للدنيا ولم يدخلوا الآخرة في حساباتهم :
أيها الأخوة الكرام, آية اليوم: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾
[سورة البقرة الآية:171]

نعق بمعنى خاطب الدواب, والدواب لا تفهم؛ لا المخاطب يخاطب من يعقل, ولا السامع يعقل ما خوطب:
﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾
[سورة البقرة الآية:171]
أخواننا الكرام, أكبر خطأ أن نتوهم أن المسلم يصلي؛ الفرق بين المسلم وغير المسلم, بين المؤمن وغير المؤمن, بين الذي عرف الله وبين الذي لم يعرفه, كما بين الثرى والثريا, كما بين الأرض والسماء.
لو ذهبنا نحلل شخصية المؤمن: إنسان هادف, في ذهنه تصور صحيح, عن الكون والحياة والإنسان, هذا التصور الصحيح جعله يسلك سلوكاً صحيحاً, هذا الإنسان أمامه هدف, هدفه الجنة.
لذلك أكبر خطأ وقع به العصر أن أهل الدنيا يعيشون للدنيا, وما أدخلوا الآخرة في حساباتهم, والدليل قوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
[سورة الليل الآية:1-4]
على وجه الأرض ستة آلاف مليون إنسان, كل إنسان يتحرك لهدف في فكره؛ هذا يتزوج, هذا يؤسس بيتاً, هذا ينال شهادة عليا, هذا يرتكب جريمة زنا, هذا يسافر, كل إنسان يتحرك لهدف في ذهنه. المؤمن هدفه الآخرة و السعي للآخرة يشعره بالسعادة :
لكن الله جلّ جلاله جعل كل هذه الأهداف -أهداف الستة آلاف مليون- تدخل في حقلين فقط, قال: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 5-6]

كلمات جامعة, مانعة, دقيقة، صدَّق أنه مخلوق للجنة, هذه العقيدة، لو ضبطت العقيدة بكلمة واحدة؛ أنت أيها الإنسان لم تخلق للدنيا, بل جئت إلى الدنيا لتدفع ثمن الآخرة بالضبط.
أهل الدنيا تصورهم أنهم خلقوا للدنيا؛ همه أن يكون بيته فخماً, عنده دخل كبير, عنده مركبة فارهة, يقترن بامرأة جميلة, ينجب أولاداً أذكياء, يعيش حياة بتصوره سعيدة, هدفه الدنيا, وهذه الدنيا كما قيل: تغر, وتضر, وتمر.
الآن: المؤمن هدفه الآخرة, لكن يسعد في الدنيا أضعافاً مضاعفة عما يسعد بها غير المؤمن؛ لأنه عندما اختار الآخرة, أي شيء في الدنيا يعجبه, أي شيء يرضيه, هدفه كبير.
تصور طالب جامعة, أدى امتحاناً بأعلى مستوى, يتوقع العلامات التامة, أي شيء متعب في سيره إلى الجامعة, بعلاقته مع صديق يمتصه, لماذا يمتصه؟ لأن هدفه الأكبر تحقق. فلذلك أحد أسباب سعادة المؤمن أن هدفه الأكبر تحقق.
مرة أخ -أنا أظنه صادقاً في الاعتراض- قال لي: تقول: المؤمن سعيد, قال لي: والله ليس بسعيد, مثله مثل غيره, لا يختلف عنه بشيء, فأنا أمام ثلاثين شخصاً, أريد تعليقاً, قلت له: إذا كان الإنسان موظفاً, معاشه أربعة آلاف ليرة, - ضربت له رقماً قليلاً جداً-, وعنده ثمانية أولاد, وبيته بالأجرة, وعليه دعوى إخلاء, ما وضع هذا الإنسان؟ قال لي: سيئ جداً, قلت له: لا يوجد أسوأ من هذا؛ فقر مدقع, أولاد, بيت, مصروف, دخل محدود, له عم يملك خمسمئة مليون, وليس له أولاد, توفي بحادث, بحسب نظام الإرث الخمسمئة مليون لمن؟ لهذا الفقير.
أي في ثانية واحدة عندما مات عمه آلت ثروة عمه إليه؛ لكن هناك وثائق, و براءة ذمة, و روتيناً معقداً في المالية, حتى يصل إلى المبلغ بعد سنتين, لماذا هو في هاتين السنتين أسعد إنسان؛ مع أنه لم يأكل لقمة زائدة, ولم يشتر معطفاً؟ لأنه دخل بوعد حقيقي, أنه سيملك خمسمئة مليون, إن أخذهم بعد سنة, بعد سنتين, ما من مشكلة, لكن الآن يملكك خمسمئة مليون.
صدق ولا أبالغ: هذا حال المؤمن, خالق الكون وعده بالجنة, لذلك هذا الوعد يمتص كل متاعب الدنيا. المؤمن صدّق أنه مخلوق للحسنى فبنى حياته على العطاء :

لذلك: أحد أسباب سعادة المؤمن أن الله وعده بالجنة؛ لذلك يقبل زوجة وسطاً, دخلاً قليلاً, عملاً متعباً, لكن كله حلال, يسعى للحلال ابتغاء وصوله للجنة, هذا حال المؤمن، لذلك: قد يعيش المؤمن بمتاعب كبيرة, لكن لا يحس فيها؛ هدفه كبير, هدفه الجنة, لذلك قال تعالى:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
[سورة الليل الآية:1-4]
دقق: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 5-6]
صدَّق أنه مخلوق للحسنى, والحسنى هي الجنة؛ لأنه صدق أنه مخلوق للحسنى, اتقى أن يعصي الله, ولأنه اتقى أن يعصي الله, والجنة تحتاج إلى عمل, بنى حياته على العطاء.
صدق ولا أبالغ, هناك كلمة مستعملة حديثاً اسمها: "استراتيجية المؤمن"؛ استراتيجيته الأساسية العطاء, وغير المؤمن الأخذ. الناس زمرتان لا ثالث لهما :
لذلك يقع على رأس الهرم البشري زمرتان؛ الأقوياء والأنبياء؛ الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا, الأقوياء أخذوا ولم يعطوا, الأنبياء ملكوا القلوب, والأقوياء ملكوا الرقاب, الأقوياء عاش الناس لهم, والأنبياء عاشوا للناس, والناس جميعاً تبعٌ لقوي أو نبي، لهذا أحبّ الناس الأنبياء, وخافوا من الأقوياء.

وكل إنسان لا بدّ من أن يكون تابعاً لنبي كريم أو لقوي قويم, فالمؤمن سلاح كماله الإيمان بالله، والذي يكون تابعاً لقوي؛ سلاحه قوته ما يملك من سلطة, هذا التقسيم حقيقي:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 5-6]
أول سطر: هؤلاء المؤمنون في الأرض؛ أعطى, بنى حياته على العطاء, واتقى أن يعصي الله, لأنه صدق أنه مخلوق للجنة, والثاني: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآية : 8-9 ]
ما دام كذب بالجنة, آمن بالدنيا, إيمانه بالدنيا يدفعه إلى أن يأخذ لا أن يعطي, وإلى أن يستمتع لا أن يعمل صالحاً, هذا التقصير, فأنت اسأل نفسك: أنت مع أي زمرة؟ ﴿ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
[ سورة الليل الآيات : 5-6]
المؤمن يسعى للجنة و غير المؤمن يمشي في طريق مسدود :

المؤمن يسعى للجنة, يقبل بزوجة غير جميلة, بدخل محدود أحياناً؛ ما دام عمله صالحاً, مادام له أعمال صالحة عند الله, هدفه الأساسي تحقق, تجد المؤمن سعيداً؛ دخله محدود, بيته صغير, زوجته وسط, حياته المادية عادية جداً, بل أقل من عادية, تجده ممتلئاً سعادة, لأن هدفه كبير, وغير المؤمن مترف؛ بيت, دخل, مركبة, يقول لك: لا يعاش في هذا البلد, كلام مضحك, كلام إنسان يمشي في طريق مسدود, والله غير المؤمن يمشي في طريق مسدود.
وأنتم تظنون هذا وأحياناً معكم حق, وأنا أحياناً أظن أن الذي معه مال هو إنسان سعيد, أبداً, المال مهما كنت تملك مالاً, الدنيا لها سقف، أي على الطعام كم تأكل؟ يمكن أفقر إنسان يأكل كما يأكل أغنى إنسان, إنسان ينام على سرير؛ النوم عام بين كل الناس, والزواج عام بين كل الناس, الأساسيات في الحياة مشتركة بين كل الناس, بالعكس ربما كان هذا الفقير أسعد بأهله وأولاده من الغني؛ فلذلك حينما تبحث عن الإيمان بحثت عن السلامة, وحينما تبحث عن الإيمان بحثت عن السعادة: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) ﴾
[سورة الليل الآية:1-6]

أنا أتمنى أن يكون مفهوم الجنة ماثلاً في ذهنك كل دقيقة.
طرق الباب, لا أفتح, وقت نومي, إذا كان مؤمناً بالدنيا, تؤمن بالآخرة, تفتح وتخدم الناس.
والله هذا المفهوم -مفهوم الجنة والعمل لها- إذا أدخلته في حساباتك اليومية يختلف سلوكك مئة وثمانين درجة.
أقول لك هذه الكلمة: إن لم تنعكس موازينك مئة في المئة, أو مئة وثمانين درجة, يكون إيمانك فيه ضعف.
أوضح شيء: المؤمن يسعد أن يعطي, غير المؤمن يسعد أن يأخذ, المؤمن يسعده العمل الصالح, غير المؤمن تسعده المتعة المادية. المؤمن آمن بالمبادئ والقيم وغير المؤمن تسعده المتعة المادية :
هناك تقسيم دقيق للبشر؛ مؤمن وغير مؤمن؛ المؤمن هدفه الآخرة, يسعد ببيته, والمؤمن في التعبير اليومي بيتوتي, بيته جنته؛ زوجته, أولاده, بناته, أما غير المؤمن المقاهي, ودور اللهو, فهنا يشعر بالسرور.

فيا أيها الأخوة:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
[سورة الليل الآية:1-4]
دقق: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) ﴾
[سورة الليل الآية:5-11]
الآن: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾
[سورة البقرة الآية:171]
كلامه غير معقول, طلباته غير معقولة, غير واقعية, ولا يوجد من يسمع له أساساً, أما المؤمن فيناجي ربه؛ المؤمن آمن بالآخرة, المؤمن آمن بالمبادئ والقيم, المؤمن بيته جنة, المؤمن زواجه مسعد, لأنه في استقامة. المؤمن بنى حياته على الشكر وغير المؤمن بنى حياته على التشكي والكفر:
فيا أيها الأخوة, الآخرون:
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾
[سورة البقرة الآية:171]

يا الله! أصم: لا يسمع الحق, أبكم: لا ينطق به, أعمى: لا يرى آيات الله؛ يرى المركبات, والبيوت, والمناصب, والدخل, والغنى, والثروات:
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾
[سورة البقرة الآية:171]
ما هذا الإنسان؟ أصم: لا يسمع الحق, أبكم: لا ينطق إلا بالباطل, أعمى: لا يرى فضل الله عليه؛ يرى ضعفه, يرى دخلاً لا يكفيه, يرى الأولاد متعبين, يرى زوجة غير وفية مثلاً.
تجده يجلس مع إنسان كل حياته شكوى, شكوى, لا يوجد شيء, حتى الأغنياء يشتكون أحياناً؛ لذلك المؤمن بنى حياته على الشكر, وغير المؤمن بنى حياته على التشكي والكفر: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾
[سورة البقرة الآية:171]
العقل منافذه العين, والسمع, واللسان؛ أبكم: لا ينطق بالحق, لا يوجد عنده شيء في الداخل, لا يوجد حق ينطق به, أعمى: لا يرى آيات الله, أصم: لا يسمع كلام الله عز وجل.
إذاً: عقله منافذهُ خارجية, مبرم, فإذا كان المنفذ الخارجي مغلقاً, لو الباب مفتوح هذا بحكم أنه مغلق, ما دام المنفذ الخارجي مغلقاً, هذا مغلق أيضاً: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾
[سورة البقرة الآية:171]
هم لا يعقلون, لأن منافذ العقل مغلقة؛ لذلك قيل: حبك الشيء يُعمي ويُصِم.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:21 AM   #18


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( الثامن العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة ....)



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى صحابته الغر الميامين؛ أمناء دعوته, وقادة ألويته, وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.
الله سبحانه وتعالى أودع في البشر حبّ المال:
أيها الأخوة الكرام, لا زلنا في آيات الأمثال, والآية اليوم:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
[سورة البقرة الآية:261]

أيها الأخوة الكرام, الله سبحانه وتعالى أودع في البشر حب المال:
﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً﴾
[سورة الفجر الآية:20]
وما أودع الله في الناس حب المال إلا ليرتقوا بإنفاق المال إلى أعلى درجات الجنة؛ لأن الإنسان يتقرب إلى الله عز وجل بإنفاق شيء يحبه, فإن لم يكن يحبه لا يعد هذا الشيء سبباً لارتقاء الإنسان إلى الله, ولأن الله أودع فينا حب المال:﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً﴾
[سورة الفجر الآية:20]
أولاً: هذا المال مادة الشهوات, قوام الحياة, قيام حياة الإنسان بالمال, فإذا أنفق منه شيئاً, ينفق شيئاً من أسباب وجوده, من أسباب مقومات حياته؛ فكلما كان الشيء لصيقاً بوجود الإنسان, ولصيقاً بحاجاته, كان إنفاقه سبباً لرقي الإنسان إلى الله.
الإنفاق بالمعنى الواسع:

المؤمن وصفه الله في القرآن الكريم في أول آية في سورة البقرة:

﴿الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
[سورة البقرة الآية:1-3]
الإنفاق بالمعنى الواسع أن تنفق أي شيء منحك الله إياه, وهذا المعنى واسع جداً, فقد يمنح الله لعبد مكانة في المجتمع, هذه المكانة يمكن أن تنفق منها, إذا كان هناك إنسان ضعيف, مظلوم, وتوسطت أنت عند من ظلمه, والذي ظلمه يهابك, ولك مكانة عنده, أنت أنفقت جاهك في سبيل الله, والذي يملك منصباً رفيعاً, بمجرد قلم يحق حقاً ويبطل باطلاً. فإذا استخدم هذه السلطة التي منحه الله إياها؛ لإحقاق الحق وإبطال الباطل, وخدمة الضعيف والمظلوم, يرقى بهذا المنصب عند الله.
أولاً: الإنفاق واسع جداً؛ يمكن أن تنفق من وقتك, يمكن أن تنفق من خبرتك.
إنفاق المال شيء مهم جداً لأن المال مادة كل الحاجات:

أنا أذكر أن عدداً ليس بالقليل من أطباء كبار, من هذا البلد الطيب, كلهم يحمل أعلى الشهادات من العالم الغربي, اجتمعوا والله في هذا المسجد, واتفقوا أن يقوم كل واحد منهم برحلة إلى المحافظات, ويجمع الأطباء الذين هم من اختصاصه, ولم يتح لهم السفر إلى الغرب للدراسة, يعطونهم كل خبراتهم, هذا عمل عظيم. الطبيب المؤمن يقدم خبراته, والمعلومات الدقيقة التي بحوزته إلى كل من حوله.
أي ممكن أن تنفق من علمك, من وقتك, من جاهك, من مالك, لكن حينما تأتي كلمة الإنفاق في القرآن الكريم فيظن الناس بلا تردد أنه إنفاق المال, والحقيقة إنفاق المال شيء مهم جداً, لأن المال مادة كل الحاجات.
أحياناً تجتهد أنت, ترسل لهذا الفقير طعاماً, قد يكون عنده هذا الطعام, بحاجة إلى مال, ليشتري الثياب.
بالمناسبة المنفق لزكاة ماله في رمضان ينبغي أن ينفق مالاً, أو عيناً, بحسب مصلحة الفقير؛ فالفقير الذي لا يُحسن تدبير أمره نعطيه حاجاته على العيد, أما الإنسان المتمكن الحكيم فنعطيه المال.
على كلٍّ أحياناً يكون القيّم على الأسرة سفيهاً, الحل الأمثل لهذه الأسرة الفقيرة أن نعطيها الطعام والشراب, هذا الطعام والشراب يصل في النهاية إلى بطون هذه الأسرة الجائعة.

وسائل الإنفاق لا تعد ولا تحصى:
إذاً: الآية الكريمة:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
وكلمة أموالهم جاءت جمعاً, لأن كل أنواع الأموال قابلة للإنفاق.
مثلاً: أنت عندك بيت زائد, لست بحاجة إليه, وهناك طلاب علم أجانب, مضطرون للسكنى في بيت, وأجّرتهم هذا البيت, بأجر معقول أو رخيص, أنت شريكهم في الأجر, تأجير البيت لطالب علم بسعر معتدل يطيقه هذا إنفاق.
أحياناً تخفيض السعر في البيع والشراء، قد يأتي مثلاً إنسان فقير جداً, لكنه مؤمن, وكرامته في أعلى مستوى, هذا الإنسان لا يقبل أن يأخذ منك صدقة.

والله حدثني أخ -تاجر أقمشة-, قال لي: أحياناً يأتي إنسان فقير جداً, يعلم حاله تماماً, وعنده قائمة مشتريات من الأقمشة على العيد, قال لي: أنا أبيعه القماش بسعر مخفض جداً, دون أن يشعر, هو لم يشعر اشترى ودفع ثمن البضاعة, قال لي: والله أخذت نصف الثمن, هو حافظ على كرامته بأعلى مستوى, وأخذ ثمن البضاعة, لكنه قدم له نصف الثمن هدية, دون أن يشعر, لكن الله يعلم, وسائل الإنفاق لا تعد ولا تحصى.
مرة أخ كريم عنده فتاة حافظة لكتاب الله, آلمه كثيراً أنه كلما جاء خاطب لا يعود مرة ثانية, وهو حريص على تزويجها, قال لي -هو تاجر أبنية-: كتبت لها بيتاً صغيراً, مع هذا البيت صار طريق الزواج سهلاً جداً, فانتبه إلى نقطة كم بنت حافظة لكتاب الله, مستقيمة, محجبة, لكن تأخر زواجها؟ فأنشأ بناء – عبارة عن بيوت صغيرة- وكتب: هذه الأبنية لفتيات مؤمنات, طاهرات, حافظات لكتاب الله, فسبحان الله! بعد حين أخبرني أن كل هؤلاء الفتيات تزوجن, صار هناك عرض خاص, لأن أبواب العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
وهناك إنسان حدثني: أنشأ بناءين كبيرين, في البناء عشرون بيتاً, البيت مساحته تقدر بستين متراً, قال لي: أنا أؤجر هذه البيوت بمبلغ يقدر بألفي ليرة فقط في الشهر لطلاب العلم, طالب علم متزوج, لا يوجد عنده بيت, طبعاً الأجرة من عشرين لعشرة, عشرون بدمشق في الشهر, وبالريف عشرة آلاف, هو احتسب ثمانية عند الله, احتسبها صدقة, أي أبواب العمل الصالح لا تعد ولا تحصى.
أنت حينما تفكر أن تتقرب إلى الله بخدمة عباده, فأنت مؤمن ورب الكعبة.
أحياناً من الإنفاق الجديد: طالب متفوق جداً, لكنه فقير, هذا يجب أن يدرس على حساب المحسنين, فالمحسن يرسل طالباً يعود بعد خمس سنوات عالماً نفع الأمة, إنفاق المال على طلاب العلم المتفوقين في الدراسات العليا, هذا من أفضل أنواع الإنفاق, أنت هيأت للأمة علماء, اختاروهم طبعاً من المؤمنين, المستقيمين, من ذوي الاتجاه الإسلامي القوي. حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح:

العبرة أن أبواب العمل الصالح لا تعد ولا تحصى؛ لكن ينبغي أن أوضح: إن الإنسان حينما يستقيم, يحقق السلامة فقط؛ مالك حلال, أنت لست معرضاً لإتلاف المال, اخترت زوجة صالحة, لست معرضاً للشقاء الزوجي, ربيت أولادك تربية صالحة, لست معرضاً لعقوق الأولاد, فالاستقامة تحقق السلامة, لكن الرقي إلى الله يحتاج إلى عطاء, إلى بذل، لذلك حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.
أحياناً الإنسان تستهلكه الحياة؛ استيقظنا في غير رمضان, تناولنا طعام الإفطار, ذهبنا إلى العمل, عدنا الساعة الثانية ظهراً, تناولنا طعام الغداء, نمنا بعد الظهر قليلاً, عندنا مساء سهرة حضرناها, يوماً, تلو يوم, تلو يوم, يمضي العمر, وفجأة يفاجأ الإنسان أن أجله قد اقترب, الحياة يمكن أن تستهلك الناس جميعاً, لكن صدقوا ولا أبالغ المؤمن في ذهنه هدف كبير أن يتقرب إلى الله بالعمل الصالح, لذلك الإنسان حينما يستيقظ يتساءل: ماذا أعمل هذا اليوم عملاً صالحاً أتقرب به إلى الله؟
(( من أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة ))
[ الترمذي عن أنس]
المؤمن ينفق المال للتقرب إلى الله عز وجل:
لذلك ورد في الأثر:
((أن أوحى ربك إلى الدنيا أنه من خدمني فاخدميه, ومن خدمك فاستخدميه))

والله هناك قصص فيها مآس؛ أي عاش حياة ملؤها التقشف, وكان يخزن هذا المال, بعد حين جاء أجله, وقد ترك ثروة طائلة، حرم نفسه منها في حياته, ليأخذها الورثة, وينفقونها على شهواتهم, أحياناً هناك حمق شديد بالإنسان.
لذلك: المؤمن عنده حكمة بالغة في إنفاق المال؛ ينفق المال لتحقيق حاجاته الأساسية, وينفق المال للتقرب إلى ربه.
ولا يوجد كلمة أروع من تلك الكلمة التي قالها صحابي جليل, قال: "حبذا المال أصون به عرضي, وأتقرب به إلى ربي".
وكان هذا الصحابي الجليل قد حدد هدفين أساسيين للمال؛ (أصون به عرضي) أي عندك أولاد, إن اشتريت لهم حاجاتهم, ربطتهم بك, عندك بنت تزوجت, أعطيتها بعض المال, اقتربت منك." حبذا المال أصون به عرضي, وأتقرب به إلى ربي.
عد هذا القول منهجاً لإنفاق المال؛ إما أن تصون عرضك, أو أن تتقرب إلى ربك.
الآية التالية أصل في إنفاق المال:
لذلك الآية الكريمة:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
سبعة بمئة:
﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
قد يكون سبعة بألف.

أنا أذكر مرة كنت في الغوطة, أمسكت تقريباً حبة قمح, أنبتت خمساً وثلاثين سبلة, عددت حبات سبلة واحدة, إذا هي خمسون حبة, خمسون ضرب خمس و ثلاثين كان الناتج ألفاً و سبعمئة و خمسين حبة؛ أحياناً الكيس يعطي عشرة أكياس, أحياناً يعطي خمسين كيساً, فالله عز وجل:
﴿يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
لكن قد يكون ألفاً:﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
هذه الآية أيها الأخوة أصلٌ في إنفاق المال, أيها المنفق اعتقد يقيناً أن كل شيء تنفقه الله عز وجل يخلفه عليك, وأن كل شيء تنفقه يعلمه الله. أيّ شيء ينفقه الإنسان يعلمه الله عز وجل و يضاعفه له أضعافاً مضاعفة:
مرة أب حدثني أراد أن يشجع ابنه على إنفاق المال, أعطاه مئة ليرة, قال له: أعطها لهذا الفقير, أحب أن يدربه على الإنفاق, وقال له: الله عز وجل يعطي الإنسان إذا أنفق عشرة أضعاف, هو طفل صغير, أعطاه مئة ليرة للفقير, قال له: أين الألف بابا؟ طول بالك, هو تصور أنه يجب أن يأخذها فوراً, أقسم لي بالله, يمشي في الطريق مع ابنه, فالتقى بصديق له, سلم عليه, يبدو الصديق استلطف هذا الطفل؛ حمله, وقبله, وأعطاه ألف ليرة, قال لي: سبحان الله! تعلم هذا الطفل درساً لن ينساه, أنفق مئة ليرة, بعد وقت قليل جاء إنسان قدم له ألف ليرة.
فاعلم يقيناً أن كل شيء تنفقه فضلاً عن التقرب إلى الله به يعلمه الله:
﴿يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
[سورة البقرة الآية:261]


والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:24 AM   #19


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( التاسع العاشر )

الموضوع : قال تعالى ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الأمن نعمة من خصائص المؤمن وحده :
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في آيات الأمثال، والآية اليوم:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112]

أيها الأخوة، في هذه الآية كلمة آمنة، ونعمة الأمن لا تعدلها نعمة على الإطلاق، حينما تكون آمناً في سربك، لا تتوقع مصيبة، ولا قتلاً، ولا اغتيالاً، ولا قلقاً، ولا افتقاراً، حينما تشعر أنك بنعمة سوف تستمر معك، هذه نعمة لا تعدلها نعمة، لذلك اعتقدوا يقيناً أن هذه النعمة من خصائص المؤمن وحده، والدليل:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112]
أما أن الأمن من خصائص المؤمن وحده، فهناك دليل قطعي: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 81-82]
الفرق بين الأمن و السلامة :
أيها الأخوة الكرام، من أجل أن أوضح لكم قيمة الأمن سأفرق بينه وبين السلامة، أنت مثلاً متجه إلى حمص بسيارتك، عجلة الاحتياط فاسدة، من دمشق إلى حمص أنت قلق جداً، ولو حصل خلل بأحد العجلات الأربعة بركت، لأنه لا يوجد معك احتياط، قد تصل من دمشق إلى حمص سالماً، ولم يحدث معك شيء، لكن أنت بهذه الرحلة فقدت الأمن، لأنه لا يوجد معك عجلة احتياط، لو أن هذه العجلة الاحتياط فرضاً فاسدة لكنك لا تعلم أنت آمن
قد يكون الأمن له مبرر وقد يكون بلا مبرر، الآن لو العجلة فاسدة وابنك بالليل أصلحها لكن ما بلغك، وأنت سافرت إلى حمص طوال الطريق قلق مع أن معك عجلة جاهزة، لكنك لا تعلم، كأن الأمن ليس له علاقة بالواقع، الله عز وجل يخلق في قلبك الأمن فأنت مستريح، وقد يسلب منك نعمة الأمن فأنت في قلق، الأمن من نعم الله الكبرى:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 81-82]
مرة حدثني أخ بالعراق قال: والله ما من يوم أخرج فيه من البيت إلا وأودع أهلي وأولادي واحداً واحداً، لأن احتمال موتي في الطريق خمسون بالمئة، عفواً نحن في هذا البلد الطيب نعيش نعمة والله لا تقدر بثمن، آمن، مطمئن، قد تكون في الطريق الساعة الثانية ليلاً، وامرأة خرجت من بيت أهلها إلى بيتها تمشي وحدها في الطريق، لا يوجد خطر، ولا قلق إطلاقاً، هذه نعمة لا تعدلها نعمة اشكروا الله عليها. إحساس المؤمن أن الله يحفظه ويدافع عنه هذا شعور لا يقدر بثمن :
حدثني أخ كان في طائرة متوجهة من أمستردام إلى دمشق، سمع رسالة باللغة الإنكليزية في الطائرة أنكم قادمون إلى آمن بلد في العالم، تتمة الرسالة: بإمكانك أن تتجول أنت وزوجتك إلى ساعة متأخرة من الليل دون أن تخشى شيئاً
بينما في أرقى بلاد الغرب ـ هذه حقيقة دقيقة ـ حتى أكون دقيقاً معكم ليس في كل المدينة لكن بالتعبير الأجنبي في مركز المدينة بعد المغرب السير في المدينة خطر، هناك خطف، ونشل، وقتل، فبمدن راقية جداً وتعد قمماً في الحضارة بعد الساعة الخامسة، مركز المدينة فيه قلق كبير، من قتل، أو نشل، أو خطف، لكن في بلاد المسلمين نعمة الأمن لا تعدلها نعمة.
لذلك مرة ثانية:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾
إيمان مع عدل: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ ﴾
باللغة العربية هناك دقة بالغة، لو أن الله قال: أولئك الأمن لهم أي الأمن لهم و لغيرهم، أما عندما قدم الأمن على لهم، أصبح هناك أسلوب القصر والحصر، أي الأمن لهم وحدهم، لذلك أكبر نعمة تتنعم بها أنك تشعر أن الله لا يتخلى عنك، وأن الله لا يسلمك، وأنت في حرز حريز بعناية الله عز وجل، فإحساس المؤمن أن الله يحفظه، أن الله يسدده، أن الله يدافع عنه، أن الله يأخذ بيده، أن الله لا يسلمه لأعدائه، هذا شعور لا يقدر بثمن. من علامات الإيمان الشعور بالأمان ومن علامات الشرك الشعور بالخوف والقلق :
أيها الأخوة الكرام، الحقيقة المُرّة أن أي إنسان وقع في الشرك يقذف الله في قلبه الخوف:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾
[ سورة آل عمران: 151]

حينما يقع الإنسان في الشرك يقذف في قلبه الرعب والخوف، من علامات الإيمان الأمان، من علامات الإيمان الشعور بالأمان، وحينما نسمع في بلاد حولنا اضطرب حبل الأمن فيها، وصار قتل الإنسان لا يكلف إلا رصاصة، وأن المشي في الطريق يعد خطراً كبيراً، لا تعرفون نعمة الأمن في بلادنا إلا إذا فقد الإنسان ـ لا سمح الله ـ هذه النعمة، لذلك قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ﴾
تعلمون أن هناك بلاداً عربية سياحية من الطراز الأول، دخل كبير، ودخل فلكي، وبلاد جميلة، وجبال خضراء، وتجارة واسعة، فقدوا نعمة الأمن فصارت الحياة في هذا البلد لا تحتمل، لا تعاش.
بالمناسبة هناك حكم شرعي أنك أيها المؤمن لا يجوز أن تقيم في بلد اضطربت فيه نعمة الأمن، منهي عن أن تسكنه، فلذلك الآية الكريمة: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ﴾
والله أيها الأخوة، الله يحفظ بلادنا حينما أرى التفلت، والاختلاط، والتسيب، والفسق، والفجور، والله أخاف أن يصيبنا ما أصاب غيرنا، لأن الله كبير، فإذا استهان الناس بنعمة الأمن، وتوسعوا في المعاصي والآثام، قد يفقدون هذه النعمة، أي ليس من السهل أن تمشي في الطريق إلى البيت وأنت آمن، ليس من السهل أن ترسل ابنك ليأتيك بحاجات في الليل وأنت آمن، ليس من السهل أن تأتي زوجتك من بيت زوجها إلى بيتك وحدها وأنت آمن، هذه نعم لا تعد ولا تحصى، ولا يعرف قيمتها إلا من فقد الأمن، لذلك: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾
من خصائص الكفر أن تترك العبادات. الله عز وجل لا يعذب أحبابه أبداً :
سيدنا معاذ بن جبل أردفه النبي وراءه قال له: يا معاذ:
(( أتدري ما حقُّ الله على العباد؟ فقلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حقَّه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، قال: فتدري ما حقُّهم على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذِّبَهم ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن معاذ بن جبل ]

صدقوا ولا أبالغ هذه الحديث يملأ قلب كل شاب منكم أمناً:
(( ما حقُّهم على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذِّبَهم ))
هذا حديث، أما الآية: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
[سورة المائدة : 18]
الله عز وجل لم يقبل دعواهم، بل رفضها: ﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
[سورة المائدة : 18]
لذلك استنبط الإمام الشافعي أن الله لا يعذب أحبابه أبداً، ولو أنه قبِل دعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه لما عذبهم . الثقة بالله عز وجل أحد مظاهر الإيمان به :
شيء آخر: أنا أشعر أن المؤمن أو الواحد منكم إن شاء الله حينما يثق أن الله لن يتخلى عنه يحبه الله، عندما يكون الابن واثقاً من والده، ولا يتخلى عنه، الأب يرتاح، أما إذا كان هناك قلق من الابن تجاه الأب فيتألم الأب أشد تألم، أحد مظاهر الإيمان أنك واثق بالله، الصحابة الكرام أعطوا النبي الكريم دواء ذات الجنب فغضب، قال: ذاك مرض ما كان الله ليصيبني به.

أنا لي صديق استيقظت زوجته صباحاً فإذا هي تصرخ بويلها، أمسكت ابنتها فإذا هي مشلولة، بنت كالوردة، في السنة الثانية من حياتها مشلولة، يبدو أن أباها واثق من ربه كثيراً قال لها: الله عز وجل لن يصيبني بهذه المصيبة، قالت له: مشلولة، سبحانك يا رب هناك مرض شلل مؤقت يزول بعد ساعات يشبه الشلل تماماً، فكان مرضها من هذا النوع، وبعد ساعات شفيت، أنا أعجبني بهذه القصة ثقته بالله، وأنت كمؤمن مستقيم، تقيم الصلوات، تغض البصر، بيتك إسلامي، عملك إسلامي، لا تكذب، لا تأكل مالاً حراماً، لا تعتدي على أحد، معقول أن تعامل كما يعامل إنسان عادي؟

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 81-82]
عدم استواء المؤمن مع الكافر عند الله تعالى :
هناك آية دقيقة جداً:
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
[ سورة الجاثية: 21 ]

والله لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت، شاب مستقيم، يغض بصره عن محارم الله، يؤدي الصلاة، بار بوالديه، صادق بحديثه، عفيف بحركته، هل تعتقد أن هذا الشاب يعامل كأي شاب:
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً ﴾
[ سورة السجدة الآية: 18 ]
الله يعجب معقول؟ لا يستوون: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
[ سورة الجاثية: 21 ]
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾
[ سورة القصص:61]
نعمة الأمن لا يعرفها إلا من فقدها :
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ﴾

فسق، فجور، زنا، واختلاط، وخمر، وملاه ليلية، ونساء كاسيات عاريات،
﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
هناك بلاد كثيرة تعرفونها جميعاً، قطعة من الجنة، هذه البلاد فقدت نعمة الأمن، ودخلت في حروب أهلية دامت سنوات طويلة، أزهقت ما يزيد عن ثلاثمئة ألف إنسان، أنا أتمنى إن كنتم في نعمة فحافظوا عليها، هذا البلد الطيب يتمتع بنعمة الأمن، هذه نعمة قد لا نعرف قيمتها إلا إذا عشنا في بلد اضطرب فيه حبل الأمن، فلذلك الآية اليوم: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112]
بسبب معاصيهم والدليل: ﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
[ سورة قريش:4]
نعمتان لا تقدران بثمن أن تكون آمناً وشبعاناً.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-09-2018, 08:28 AM   #20


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: امثال من القران الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم

امثال من القران الكريم


الدرس : ( العشرون )

الموضوع : قال تعالى ( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ....)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الإنسان يعيش بقيم و بحركة نحو خالق السماوات والأرض :
أيها الأخوة الكرام، لازلنا في آيات الأمثال، والآية اليوم:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ*مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
[ سورة آل عمران:116-117]

أيها الأخوة الكرام، الإنسان قد يسعى إلى جمع المال، وقد يتوهمه في مقتبل حياته شيئاً عظيماً، لكن في منتصف الحياة يتحقق أنه شيء وليس كل شيء، لقول السيد المسيح:" ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، الإنسان يعيش بقيم، يعيش بمبادئ، يعيش بأهداف نبيلة، بعيش بحركة نحو خالق السماوات والأرض، لذلك:
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
***

والآية الدقيقة: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾
[ سورة فاطر :22]
هذا مقبور في شهوته، وهناك آية ثانية: ﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
[ سورة النحل: 21]
وآية ثالثة: ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
[ سورة الفرقان: 44]
وآية رابعة: ﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
[ سورة المنافقون: 4 ]
وآية خامسة: ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ *فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾
[ سورة المدثر: 50-21 ]
شأن الكافر الذي ما عرف الله، وعبد شهوته من دون الله، واتخذ إلهه هواه، هذا إنسان تنطبق عليه هذه الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا َ﴾
[ سورة آل عمران:116]
أي حقيقة الحياة دقيقة جداً، هذا القلب إذا توقف، عندك أراض أسعارها فلكية، عندك بيوت، ومعامل، ومركبات، عندك مكانة، كل هذه الدنيا متوقفة على نبض القلب، توقف القلب كل هذا الذي باسمك وبملكك ليس لك. في الموت موعظة لو علمها الإنسان لارتعدت فرائصه :
لذلك أيها الأخوة، الإنسان إن لم يؤمن فهو مقامر ومغامر، كل مكتسباتك، وكل مكانتك، وكل هيمنتك، وكل سلطتك، منوط بضربات القلب، توقف القلب انتهى كل شيء، أصبحت خبراً على الجدران
أنا سألت خبراء قالوا لي: في بالشام باليوم يوجد مئة وخمسين وفاة، وهذا الموت بين أيدينا، أي إنسان ملء السمع والبصر، أحياناً من باب التعليقات المؤثرة يتوفى إنسان نذهب للتعزية، تجد بيت شيئاً نفيساً جداً، الرخام، الطلاء، المناظر، الأثاث، أنا أتساءل وأنا في التعزية من اختار هذه الثريات؟ من اختار هذه التزيينات؟ من اختار هذا الأثاث؟ المرحوم، أين المرحوم؟ تحت الأرض، والله أيها الأخوة في الموت موعظة لو علمها الإنسان لارتعدت فرائصه، الله عز وجل يصف فبقول:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ َ﴾
[ سورة آل عمران:116]
ورد في الأثر:" أن روح الميت ترفرف فوق النعش ـ هذا إذا كان منحرفاً تائهاً، شارداً ـ تقول : يا أهلي، يا ولدي، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال مما حلّ وحرم، وأنفقته في حله، وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة عليّ" .
وهناك تتمة لهذا الأثر:"... فو الذي نفس محمد بيده، لو يرون مكانه ـ ملك الموت يقول هذا ـ ويسمعون كلامه، لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم". من أدخل الموت في حساباته فهو في طريق النجاة :
أنت لاحظ إنساناً توفاه الله، تسمع كلام من حوله، مسكين مات، هذا المتكلم سوف يموت أيضاً، لأن:
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والـــجبروت
والليل مهما طــــال فلا بد من طلوع الفـــجر
والعمر مهما طــــال فلابد من نزل الـــــقبر
* * *
وكل ابن أنثى وإن طالت سلامت ه يوماً على آلة حدباء محمول
فــإذا حملت إلى القبور جنازة فــاعلم أنك بعدها محمول
* * *

لذلك كان هناك رجل صالح، حفر قبراً في بيته في صحن الدار، وكان يضطجع فيه كل يوم خميس، ويتلو قوله تعالى: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾
[سورة المؤمنون: 99-100]

فيخاطب نفسه ويقول: قومي لقد أرجعناك .
إذا أدخلت فكرة الموت في حساباتك اليومية، أو إذا أكثرت من ذكر الموت، هادم اللذات، مفرق الأحباب، مشتت الجماعات، تكون في طريق النجاة، سألوا طالباً نال الدرجة الأولى في الشهادة الثانوية، ما السبب الذي جعلك من المتفوقين؟ أنا دققت بإجابته الدقيقة جداً، ماذا قال؟ قال: لأن لحظة الامتحان لم تغادر مخيلتي طوال العام، من أول يوم بالدوام الامتحان أمامه، وأنا أقول لكم: والله قبل أن تنطق بكلمة هل هذه الكلمة ترضي الله؟ قبل أن تصل هل هذه الصلة ترضي الله؟ قبل أن تقطع هل هذه القطيعة ترضي الله؟ قبل أن ترضى هل هذا الرضا يرضي الله؟ قبل أن تغضب، قبل أن تعطي، قبل أن تأخذ، إن كنت بطلاً في كل عمل تعمله اسأل نفسك هذا السؤال: هل الله راض عني في هذا العمل؟ في هذا العطاء؟ في هذا المنع؟ في هذا الغضب؟ في هذا الرضا؟ في هذه الصلة؟ في هذه القطيعة؟ العمل الصالح رفيق الإنسان الوحيد في القبر :
لأن بالنهاية عمل غير المؤمن:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾
[ سورة الفرقان: 23 ]

شيء صعب، إنسان يؤسس مشروعاً ويموت، من أجل نجاحه، وبعد أن ينجح يصادر منه، شيء صعب جداً:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ َ﴾
[ سورة آل عمران:116]
من أجل المال كذب، من أجل المال نافق، من أجل المال ترك الصلاة، من أجل المال فعل الموبقات، أحياناً يأتي مندوب شركة، صاحب الشركة في البلد يعتني به عناية بالغة جداً، وقد يسمح له أن يقترف أكبر المعاصي، وقد يأتي له بالمشروبات الكحولية إرضاء له، فالإنسان من أجل الدنيا أحياناً يرتكب الموبقات، جاءت الآية هنا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا َ﴾
[ سورة آل عمران:116]
كل هذه الأموال يتركها ويمشي، وينزل في القبر وحده، حتى بعض أقاربه يمشون في جنازته، والنساء في البيت، إذا وضع في القبر لا ينزل معه أحد إلا عمله الصالح، فإن كان هذا العمل كريماً أكرمه، وإن كان لئيماً أسلمه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ َ﴾
[ سورة آل عمران:116]
الموت نهاية كل شيء :

والله أيها الأخوة نهاية الإنسان أكبر موعظة، الموت ما الموت؟ ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، وصحة الصحيح، ومرض المريض، ينهي كل شيء، يكون عنده آمال، عنده أحلام، عنده أهداف، عنده واقع غني ممتلئ، توقف القلب أصبح خبراً، كنت مرة بسفر في أثناء عودتي أنا على نافذة الطائرة رأيت نعشاً خرج مع البضاعة، هذا ذهب إلى هذا البلد مسافراً، ركب طائرة، وقد يكون راكب درجة أولى، رجع بضاعة معها وثائق وموافقات، فكل واحد منا سوف يكون بضاعة في يوم من الأيام، إنسان له أولاد، له زوجة، له محل تجاري، له وظيفة، الآن إنسان له هيمنة، وله قوة، وله سيطرة، توقف القلب أصبح خبراً على الجدران.

اعتماد القرآن الكريم على قيمتي العلم و العمل فقط للترجيح بين البشر :
أيها الأخوة الكرام، الآن آية المثل:
﴿ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
[ سورة آل عمران:116-117]
أي مشاريعه، إنجازاته الكبيرة، بميزان الشريعة لا شيء، البطولة أن تأتي مقاييسك وفق مقاييس القرآن، القرآن اعتمد قيمتين فقط، اعتمد قيمة العلم، واعتمد قيمة العمل، قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾
[ سورة المجادلة: 11 ]
واعتمد قيمة العمل فقال: ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
[ سورة الأنعام: 132 ]

لا يوجد بالقرآن من قيم مرجحة بين بني البشر إلا قيمة العلم وقيمة العمل فقط، عندنا قيم مرجحة أخرى اصطلح عليها الناس؛ الوسامة، الذكاء، الغنى، المنصب الرفيع، هذه كلها قيم لكن بين بني البشر أما عند خالق البشر فهناك قيمتان لا ثالث لهما، هناك قيمة العلم وقيمة العمل، لذلك إنجازاته الضخمة، أعماله الكبيرة، هذه الإنجازات وهذه الأعمال عند الموت لا وزن لها، مرة سمعت عن أحد أكبر أغنياء العالم، عنده يخت في البحر، ففي نزهة انقطعت أخباره كلياً، هو كان من أكبر تجار الأسماك، فانقطعت أخباره كلياً لمدة أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، هناك إنسان عمل تعليقاً قال: أطعم الناس طوال حياته السمك فأكله السمك، كلمة واحدة، لذلك:
﴿ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ﴾
[ سورة آل عمران:116-117]
الصر: ريح ونار، والصر: ريح وصقيع، والمعنى الثالث ريح وصوت لا يحتمل، أحياناً أصوات الرعد مخيفة جداً، العلماء اعتمدوا هذه التفسيرات الثلاث إما نار محرقة، أو برد مميت، أو صوت لا يحتمل: ﴿ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾
[ سورة آل عمران:117]
أشد أنواع الظلم أن يظلم المرء نفسه وأشد أنواع الخسارة أن يخسر الإنسان الآخرة:
إذاً:
﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾
[ سورة سبأ: 17]

آية دقيقة جداً، والآية الثانية :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ﴾
[ سورة النساء: 147]
﴿ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
[ سورة آل عمران:117]
الحقيقة أشد أنواع الظلم أن يظلم المرء نفسه: ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِم ْيَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
[ سورة الزمر: 15 ]
وأشد أنواع الخسارة أن تخسر الآخرة، الإنسان يمرض، يموت، إلى الجنة فرضاً، يعيش حياة فيها فقر، يموت، إلى الجنة، كل مصائب الدنيا تنتهي عند الموت، لكن الكفر يبدأ الحساب عنه بعد الموت، لذلك سيدنا عليٌ رضي الله عنه قال: "الغنى والفقر بعد العرض على الله ".
كل مصائب الدنيا تنتهي عند الموت، وكل تبعات الكفر، والمعاصي، والآثام، تبدأ عند الموت.

والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
لن, امثال, القران, الكريم


 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سور القران الكريم كاملا السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 594 04-18-2018 02:32 PM
الفواكه المذكورة في القران الكريم السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 3 11-16-2017 07:22 PM
اشهر قراء القران الكريم السعيد رِيَاضُ الإعْجَازُ القُرْآنــي 2 11-13-2017 11:19 AM
مد التاءات وقبضها في القران الكريم عاشقة الأنس رِيَاضُ أَرْوِقَةُ الأُنْس 6 10-31-2015 01:34 PM
قصة نبي ورد ذكره في القران الكريم ، بحث عن قصة نبي ورد ذكره في القران الكريم سجى ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين 1 09-17-2014 11:17 AM


الساعة الآن 08:09 AM