كود اخر المواضيع |
كَلِمةُ الإِدَارَة |
جديد المواضيع |
ريآض الآحاديث النبوية آحاديث نبوية ، آحاديث الصحابة عن رسول الله وآحاديث قدسية |
الإهداءات |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
05-04-2018, 03:41 PM | #201 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( المائة وستة وتسعون ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ أيها الإخوة الكرام، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ )) إن الناس في علاقاتهم الاجتماعية حينما يتعاملون بالظن يمزق المجتمع، ويفتت، ويصبح شيعاً وأحزابًا، يقول عليه الصلاة والسلام: (( إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ )) معنى التحسس (( وَلاَ تَحَسَّسُوا )) التحسس تتبع الخبر الطيب، لكن هذا من الفضول: عُيّن إنسان في وظيفة فتسأله: كم الراتب ؟ أو تزوج فتسأله: كم المهر ؟ أو أنجب ولدًا فتسأله: أين كانت الولادة ؟ وكم كانت كلفتها ؟ إنها أخبار ليست سيئة، لكنها حشرُ الأنف فيما لا ينبغي. منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ (( منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ )) [ رواه الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة ] لقيت صديقك في الطريق فتسأله: أين أنت ذاهب ؟ ما لك وله ؟ لو أنه ذاهب ليقترض مبلغًا من المال ماذا يقول لك ؟ إما أن تحمله على أن يكذب، وإما أن تحرجه، لذلك (( منْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ )) والناجحون في الحياة ليس عندهم وقت لسفاسف الأمور، المشكلة في الفارغين، الفارغ لا يفعل شيئاً، إلا أنه يقتات بالأحاديث، ومشكلات الناس، وحشر الأنف، والسؤال عن كل كبيرة وصغيرة، وطلب التفسير، والتعليل، هذا من شان الفارغين. معنى التجسس (( ولا تَحَسًّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا )) التجسس تتبع الخبر السيئ، لماذا طلق فلان ؟ هل تخونه ؟ لا، لم تخنه، لماذا وصلت إلى هذه التهمة ؟ هذه لا تنجب، منه أم منها ؟ أنت لا علاقة لك، الجماعة متفاهمون، الشركة انفصلت، فيقال: أحد الشريكين سارق ؟ لا، كبر أولادهم، ولا يريدون أن تحصل مشاكل، كلما سمع خبرًا يحاول أن يبحث عن الجانب السلبي منه، هؤلاء القناصون، هؤلاء الذين يفلتون المجتمع، (( ولا تَحَسًّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا )) التنافس (( وَلاَ تَنَافَسُوا )) المؤمنون يتعاونون ولا يتنافسون، والبعيدون عن الله يتنافسون، التنافس مذموم، والتعاون محمود، والمداهنة مذمومة، والمداراة محمودة، المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا، والمداراة بذل الدنيا من أجل الدين، بدل أن تنافسه عاونه. سيدنا الصديق قال لعمر رضي الله عنه: مُدّ يدك لأبايعك، قال: ما تقول ؟ أيّ أرض تُقِلني، وأي سماء تظلني إن كنت أميراً على قوم فيه أبو بكر، مستحيل ! قال: أنت أقوى مني يا عمر، قال: أنت أفضل مني يا أبا بكر، قال له: إذاً قوتي إلى فضلك، نتعاون. علامة إيمانك التعاون، علامة إخلاصك التعاون، وعلامة أنك دنيوي التنافس تريد أن تبقى وحدك (( وَلاَ تَنَافَسُوا )) وصية للنبي عليه الصلاة والسلام حينما أرسل صحابيين إلى اليمن قال: (( تطاوعا ولا تختلِفا )) [متفق عليه عن معاذ] إذا عز أخوك فَهُن أنت. والله كنت مرة في جامعة في أمريكة، فرأيت في الدرج عند كل فسحة للاستراحة حكمة، إحدى هذه الحكم " فضيلة التنازل "، أنت وأخوك بمهمة، تكلم وأجاد، وأنت تتكلم أفضل منه، لكنه أجاد، اسكت، انتهى، المهمة تحققت، يجب أسكته، وأتكلم أنا، يجب أن أقول: أنا الذي تكلمت، وفلان ارتبك، وأنا الذي أقنعت، وأنا الذي حججتهم موضوع أنا، موضوع ذات، موضوع تأكيد ذات، لذلك أنا أقول: هناك من يدعو إلى ذاته، وهناك من يدعو إلى ربه، (( ولا تنافسوا )) (( لا تحاسدوا )) أصل الحسد أن تتمنى شيئاً على مَن تفوق في نظرك، هذه خصيصة حيادية، يمكن أن توظف في الخير كما توظف في الشر، لأن هناك خصائص حيادية، وحظوظ حيادية، وشهوات حيادية، الشهوات حيادية، والحظوظ كحظ الذكاء، وحظ الغنى، وحظ القوة، وحظ طلاقة اللسان، القلم الأدبي السيال، والوسامة، هذه حظوظ كلها حيادية توظف في الخير وفي الشر، ومن الممكن بعد موت لمغنٍّ أغانيه إلى يوم القيامة، وهو المغني الأول، ويمكن لقارئ قرآن يموت، وبعد أن يموت تبقى قراءته إلى يوم القيامة، فالصوت الحسن حظ حيادي، قد يستغل في تلاوة القرآن، وفي بث الخشوع في قلوب الخلق وقد يكون لإثارة معاني جنسية ساقطة من قبل مغنٍّ، فالصوت الحسن حظ حيادي، والوسامة حظ حيادي ، الذكاء حظ حيادي، القدرة على الإلقاء حظ حيادي، الحظوظ حيادية، والشهوات حيادية ، والخصائص التي خصنا الله بها أيضاً حيادية، فمن هذه الخصائص تمني ما عند الآخرين ، نسميها الغيرة، نسمّيها الحسد، هناك مصطلح تمني ما عند أهل الدنيا، وهذا حسد، وتمني ما عند الآخرة، وهذا غبطة، لكن النبي في حديث صحيح استخدم كلمة الحسد لتمني الخير فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: (( لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ )) [ مُتَّفَقٌ عَلَيه ] التباغض (( ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا )) التباغض أيها الإخوة ليس عملاً إرادياً، هو عمل شعوري، عمل نفسي، بل ليس عملاً ينتابه شعور، أما التباغض فله أسباب، أن تعمل عملاً تدعو الآخر أن يبغضك ، إن لم تسلم عليه، إن استعليت عليه، إن نظرت إليه بازدراء، إن خاطبته باسمه من دون لقب، وهو له لقب علمي، أو لقب اجتماعي، أو لقب إداري، هذا محافظ فرضاً، هذا وزير، هذا عميد، هذا أستاذ جامعة، فإذا أنت أردت أن تهينه تناديه باسمه من دون لقبه، أو أن تنظر إليه بازدراء، أو أن تخلف وعدك معه، أو إذا أتاك لا تستقبله، فأي عمل يسبب البغضاء نُهيت عنه، (( ولا تباغضوا )) أي: لا تفعلوا فعلاً يسبب البغض. التدابر (( ولا تدابروا )) لا تنسوا أن أكبر مصيبة تصيب المسلمين فساد ذات البين. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ )) [الترمذي] دققوا في هذا الحديث: (( يَا سَلْمَانُ لاَ تُبْغِضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ: كَيْفَ أُبْغِضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللّهُ، قَالَ: تُبْغِضُ الْعَرَبَ فَتُبْغِضُنِي )) [ رواه أحمد عن سلمان ] أحيانا يترنم الإنسان، ويقول: نحن متخلفون، رغم كل تخلفنا فعندنا فضائل وقيم وتماسك أسري، وعندنا رحمة، وعندنا مودة، وعندنا الأب محترم، والأم محترمة، وعندنا عادات وتقاليد أساسها من ديننا، وهي واللهِ تفضل ما عند الغرب من حضارة. في موسم الحج لو وقع حادث سير، ومات إنسان فالدية مضاعفة، ديته هناك مئة ألف ريال، في الحج مئتا ألف، قال لي أحدهم: كنت راكبًا سيارتي، وأمشي بسرعة معقولة، وإذ ظهرت شاحنة في طريق فرعي، فأنا خفضت السرعة إلى أقلّ سرعة ممكنة، بقيت الشاحنة واقفة، لم تتحرك، فغلب على ظني أنه بدا له أن تقف، فرفعت السرعة، ما إن رفعت السرعة حتى تخطت هذه الشاحنة الطريق عرضاً، ووقع الحادث، وماتت زوجة، وولدان، فالدية 600 ألف ريال، فوراً ضرب 13، الناتج 6 أو 7 ملايين، مبلغ فلكي، جاءت الشرطة، هذا البدوي قال: والله الحق علي، هذا لا علاقة له بالحادث، بهذه الكلمة خسر ستة ملايين ليرة، أنا عندي هذا الاعتراف بأوربة كلها والعالم الغربي، هذا الحق، أما هذا لو سكت لقبض 6 ملايين ليرة ، لكنه ما سكت، وقال: الحق علي. تجد موقفا أخلاقيا خير من الدنيا وما فيها، بعد القتل والتعذيب، والتمثيل، والإرهاب والكذب، والدجل، صار الإنسان يشتهي كوخا، لكن فيه رحمة، كوخ، لكن فيه صدق، والله كرهنا مظاهر الحضارة الغربية، الأبنية الشاهقة، كله تحكم عن بعْد (ريموت ) كنترول، حتى أصبحنا نشتهي محبة، وحياء، وخجلا، وامرأة عندها حياء كأنها ملكة، أما هذه التي تفلتت من منهج الله فهي سلعة، وما أرى إهانة للمرأة في الحياة المعاصرة كأن تكون إشهارا لسلعة، ومهما كانت هذه السلعة حقيرة فلا تباع إلا مع صورة امرأة شبه عارية، علبة تلميع الأحذية (البويا) عليها صورة امرأة، هذه إهانة للمرأة، والمرأة المحجبة ملكة، والمتفلتة سلعة رخيصة. ((ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله، المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ، ويشيرِ إلى صدره ثلاثَ مرات )) أنت مدير عام، وعندك حاجب مؤمن مثلك، إن لم تحترم هذا الحاجب على أنه أخ لك في الدين فأنت لست مؤمناً، (( المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنا ـ ويشيرِ إلى صدره ثلاثَ مرات )) قال تعالى: ﴿ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23)﴾ ( سورة لقمان ) (( التَّقْوَى هَاهُنا )) احتقار المسلم شر عظيم (( بِحسْبِ امْرِئ مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلم )) [ رواه الترمذي عن ابي هريرة ] يعني أكبر شر ترتكبه أن تحقر أخاك المسلم، الآن عندنا خطوط حمراء، هذه الكلمة متداولة كثيراً، أي نظام في أي مكان في العالم عنده خطوط حمراء، فإن لم تقترب منها فأنت سالم، إن تجاوزتها فأنت هالك، في الإسلام الخطوط الحمراء: الخطوط الحمراء في الإسلام: العرض والمال والدم (( كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ عرْضُهُ ومَالُهُ وَدَمُهُ )) [ رواه الترمذي عن ابي هريرة ] ماله قد تأخذه سرقة، وقد تأخذه كذباً، واحتيالاً، وغشاً، وتدليساً، هناك مليون طريق للكسب الحرام، وأنت لا تشعر، يكفي أن توهم الشاري أن هذه البضاعة إنكليزية وهي تايوانية، أنت سرقته، لأن كل صناعة لها سعر، يكفي أن تبيعه شيئاً انتهت صلاحيته، فقد سرقته، عندنا سرقة موصوفة مشهورة معروفة، لكن عندنا ألف نوع من السرقة غير مألوفة، فلذلك: ((كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ )) أحيانا يشتري الإنسان جوارب في الشتاء، وهو موظف، ودخله محدود، وثمنها مئة ليرة، من صوف، تبقى عنده ثلاث سنوات، بخلاف الجوارب المغشوشة تخرب، والذي يغش المسلمين ليس من المسلمين. (( من غشنا فليس منا )) [رواه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ] والرواية الأدق: (( من غش فليس منا )) [ رواه الترمذي عن أبي هريرة ] ولو غششت مجوسيا فلست منا، إذاً الخطوط الحمراء: (( عرْضُهُ ومَالُهُ وَدَمُهُ )) المال يؤخذ سرقة من طريق معروف، ويؤخذ بمليون طريق غير مألوف، بالاحتيال والكذب والغش. مثلاً: يضع لك اللحم مع ضوء أحمر فوق البراد، يُرى أزهر، وهو ليس كذلك، هناك ألف طريق للغش. العِرض: نتوهم أنه عرض المرأة، لا، عرض الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، وهو موطن المدح والذم فيه، فإذا اتهمت إنسانا اتهاما باطل فأنت اعتديت على عرضه، أي على سمعته، موطن المدح والذم فيه. والحمد لله رب العالمين |
|
05-04-2018, 03:45 PM | #202 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث ( المائة وسبعة وتسعون ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. المؤمن بين درس بدر ودرس حنين أيها الإخوة الكرام، كنت أقول دائماً: إن المؤمن بين حالين، حالة أهل بدر، وحالة أهل حنين، ففي بدر قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾ ( سورة آل عمران الآية: 123 ) يعني افتقروا إلى الله، وأخلصوا لله، واسألوا الله عز وجل فنصرهم. وفي حنين مع أنهم صحابة وهم نخبة البشر، وفيهم سيد البشر، قالوا: (( لن نغلب اليوم من قلة )) [أخرجه الحاكم] اعتمدوا على كثرتهم فهزمهم الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)﴾ ( سورة التوبة ) هذان الدرسان أيها الإخوة يحتاجهما الإنسان كل ساعة في حياته، لما يقول: أنا، بمعنى: خبرات، شهادة، علم، تاجر كبير، حجم مالي كبير، ابن نسب، حينما يعتد بغير الله ؛ إما بذاته، وإما بمن حوله، أو بمن له عليهم دالة، أو بمن يدعمونه، حينما يعتمد على غير الله يتخلى الله عنه، وحينما تفتقر إلى الله يتولاه الله عز وجل. ومرة ثانية: هذا الدرس نحن في أمسّ الحاجة إليه كل ساعة، وجرب في أي موقف، وفي أي عمل، دون أن تشعر تعتمد على خبرتك، أو على قوتك. لنا أخ متفوق جداً في الكمبيوتر، ومتخصص بالكمبيوتر الصناعي، وتقريباً بالشام لا يوجد غيره، مرة اتصل به معمل، ذهب فوجد الأمر يحتاج إلى إصلاح، والعادة إصلاح الجهاز يستغرق ساعة أو ساعتين، فطلب مبلغًا، صاحب المعمل كأنه استكثر المبلغ فحاول معه محاولات طويلة، إلى أن ضاق به ذرعاً، قال له: هذه الكلمة، أنا لست بحاجة إليك، أنت بحاجة إلي، أعجبك المبلغ أصلح لك العطل، لم يعجبك السلام عليكم، والرجل يعرف أنْ ليس في غيره، فلم يتراجع عن المبلغ، يقسم هذا الأخ بالله العظيم، وهو عندي صادق، قال لي: أول يوم من الساعة التاسعة حتى الساعة السادسة ما كشفت العطل، ثاني يوم من التاسعة للسادسة، وثالث يوم، رابع يوم، خامس يوم، سادس يوم، سابع يوم، ثامن يوم، ثمانية أيام وهو يبحث، ولم يكتشف العلة، ومن عادته أن يكشفه في ساعة ساعتين، قال لي: في اليوم الثامن عدت إلى نفسي، وراجعت حساباتي، بحثت عن أخطائي، قال لي: وجدت هذه الكلمة التي قلتها له، فيها اعتداد، فيها شهور، قال لي: فوراً في تاسع يوم والله أصلحته في ربع ساعة، كُشف له الخلل، وأصلحه بعد أن جمده الله ثمانية أيام، وعطل له كل معلوماته. عندنا أخ ثانٍ، عنده معمل ألبسة أولاد، أحد الإخوة وضْعه المادي سيئ، والعيد على الأبواب، قال له: خفّض لي السعر، فذهب إليه، وقال له: أريد ثلاث قطع لأولادي، قال: أنا أبيع ثلاثمئة دزينة، أربعمئة دزينة، فشعرت أن بيع ثلاث قطع إهانة لي، قال له: أنا لا أبيع مفرقًا، وما تكلم شيئًا، قال له: لا تؤاخذنا، أقسم بالله العظيم 32 يومًا ما دخل معمله من يشتري، أدبه الله، لأنه لا يبيع مفرقًا. أخ آخر يعد أول مستورد للوازم الألبسة النسائية في القطر، جاءت إليه امرأة تريد عشرة سحابات، وهو يبيع مئة ألف سحاب، قال لها: أختي نحن هنا لا نبيع مفرقًا، هنا جملة، ذات القصة، لمدة شهرين لم يدخل إليه مشترٍ، قال لي: الآن أبيع سحابًا واحدًا، أفك لها الدزينة، وأعطيها سحابًا، أدب مع الله عز وجل. بين التولي والتخلي عندما تقول: الله، يتولاك، فأنت بين التولي والتخلي، تقول أنا، تحب أن تقول: أنا معي دكتوراه، أو أنا ابن نسب عريق، أو أنا لي مكانة، أو أنا لي سمعة، أنا بالهاتف أربح مليون ليرة، أو أنا لي أقرباء، فلان صديقي الحميم، بيده كل شيء، أعطاني هاتفه الخاص، لكن تطلبه فلا تجده، يتخلى عنك، والله عز وجل لحكمة توحيدية بالغة يجعل الذي أنت اعتمدت عليه يذلك، ويهينك، ويتخلى عنك، لأنك اعتمدت عليه، ونسيت الله عز وجل. اجعل لـربك كل عزك يستقر و يثبـت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت * * * جدَّد أحدهم سيارته تجديدًا كاملا، وهي من نوع مشهور عند بعض المسؤولين، ركب غطاء داخليا، ليوهم الناس أنه مسؤول كبير، قال لي: أوقفني شرطي فسبني، وفضحني على هذه الأغطية، فبأي شيء تعتز ؟ بشهادتك ؟. الآن في الحج أبلغ، تذهب إلى الحج، وتقول: أنا ضابط كبير !!! تذهب إلى الحج وتقول: أنا عالم كبير !!! الله يسد عليك الأبواب، أما في الشام فتبكي في الصلاة، أمام القبر لا شيء، وقد ذهبت وتوهمتَ أنك داعية كبير، ولك أيادٍ بيضاء في الدعوة، فإياك أن تقابل الله بهذا، قابله بالذل والانكسار، والافتقار: ومالي سوى فقري إليك وسيلة فابفتقاري إليك فقري أدفـــع ومالي سوى قرع لبابك حـيلة فإذا رددت فأي باب أقـــرع * * * فضل التواضع هذه مقدمة للحديثين : الحديث الأول عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ )) [ رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة] لا تقل: أنا عالم والله قبيحة، قول أنا طالب علم، لا أحد عالم إلا الله، قل: أنا طالب علم، إذا كان الله عز وجل أجرى على يدك عمل طيب فقل: الله عز وجل أكرمني، ويسر لي هذا العمل، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، إن ألفت كتاب فقل: إذا كان فيه صواب فمن توفيق الله، والخطأ من تقصيري، لا تدّعي الكمال، لا تدّعي القوة، لا تدّعي العلم، لا تدّعي الغنى، كن فقيراً إلى الله. لا أنسى قول عالم جليل بمصر توفي رحمه الله، كان ببريطانية يجري عملية في عنينه، فجاءت رسائل بمئات الألوف، فأجروا معه مقابلة بالإذاعة البريطانية، فسألوه: ما هذه المكانة التي حباك الله بها ؟ ماذا يقول لهم ؟ لأنه أنا عالم كبير، لا، قال لهم: لأنني محسوب على الله، أنا إنسان يظن الناس أني موصول بالله، لأنني محسوب على الله، فكلما تواضعت الله يرفعك، وكلما تكبرت الله ينزلك. انظر إلى الأكحال وهي حجارة لانت فصار مقرّها في العين. * * * الكحل أصله حجر، لكنه حجر لين. حاول ألا تتكبر أبداً، لا تتكبر على مخلوق، هذا البرمكي كان ثاني أقوى رجل في الخلافة العباسية، كان مع هارون الرشيد، فجأة وجد نفسه في السجن، يعدّ الرجل الثاني في الخلافة يودَع في السجن ! فزاره شخص، فقال له: لعله دعوة مظلوم أصابتنا، حالة كبر، واعتداد. أيها الإخوة، ما رأيت إنسانًا يتكبر بشيء إلا أذله الله، وأدبه، وساق له شيئًا متعب، فإذا ربحت فلا تقل: ربحت لأني تاجر فهيم، لا، قل: لأن الله وفقني ورزقني الله دخلت إلى معاملة معقدة جداً فتيسرت، لا تقل: أنا أوهمتهم، وخوّفتهم، دخلت عليهم بطرقٍ، لا، قل: الله يسّر الأمر، هذا ليس تواضعًا، هذه حقيقية، إذا ما يسّر الله أمرًا لأتفه سبب يتوقف. أحد الرجال كان معتدًّا بنفسه، جميل الصورة، في أوج نشاطه، له معامل، ومطاعم، ومشاريع، وشركات، وعنده اعتداد بنفسه مخيف، وشبكة علاقات مع أشخاص كبار وأقوياء، ما يطلبه يجده، دخل الحمام فوجد القاطع الكهربائي محروقًا، أتى بالكهربائي، وقال له: بدله، قال له: والله هو منخفض، لا بد أن أرفعه إلى الأعلى ؟ قال له: ارفعه، فبعد يومين اضطر أن يستخدمه، وقد صار أطول من طوله، فطلب من ابنته كرسيًّا، فوضع الكرسي ووقف عليه فوقع، ومات بعد ثمانية عسر يوما، بأتفه سبب. إياك أن تعتد بنفسك، والفقير ما عنده اعتداد، ما عنده شيء يعتد به أساساً، وهذا نعمة أيضاً، الفقير يعينه الله، ما عنده شيء يعتد به، والإنسان الغني يحتاج للإيمان أكثر، لأن الغنى مزلة. سيدنا جبريل سأل رسول الله عليه الصلاة والسلام: (( اختر أن تكون نبيا ملكا أو نبيا عبدا، فأومى إلي جبريل أن تواضع لله فقلت: بل أحب أن أكون نبيا عبدا، فشكر ربي عز وجل )) [ رواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه ] في مئة فقير 80% ناجون، أما في مئة غني 20% ناجون، وفي مئة قوي 10% ناجون، الغنى والقوة مزلّة أقدام. أحد الأشخاص كان يرأس مجمعًا كبيرًا جداً، والعياذ بالله انحرافه خطير، ويعمل في حقل الدعوة، فزميله طُرِد، عشية ذاك اليوم كان في السجن، الله كبير، فإياك أن تغلط ، وإياك أن تتكبر، وإياك تعتد بنفسك، فالله عز وجل: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)﴾ ( سورة البروج ) هذا الحديث الأول: عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ )) الحديث الثاني يقابل هذا الحديث حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))
تكلم مليون كلمة، ولا تقل كلمة كبيرة يقصمك الله عز وجل بها. هناك إنسان يتجبر على امرأته، يقول لها: إذا ولدتِ بنتًا أطلقك، فولدت ثلاث بنات توائم، لا تستطيع أن تطلقها، يمينك على واحدة، وهي ولدتْ ثلاث بنات. والحمد لله رب العالمين |
|
05-04-2018, 03:53 PM | #203 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( المائة وثمان وتسعون ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. أيها الإخوة الكرام: أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر )) أيها الإخوة: يقول بعض علماء النفس أن الإنسان فيما بعد الأربعين، أو بعد الخمسين إن لم مستقيماً على أمر الله، إن لم ينشأ في طاعة الله، إن لم يكن له إيمان يردعه عن المعاصي والآثام تنشأ عنده مراهقة متأخرة، لذلك ورد في الأثر أن الله سبحانه وتعالى: يحب ثلاثاً أحب ثلاثاً وحبي ثلاثاً أشد، ويبغض ثلاثاً، وبغضه لثلاثة أشد ورد في الأثر أني أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشد. يعني بمقتبل الحياة ممتلئ شهوات، ومع ذلك يغض بصره عن محارم الله، لا يقع في إثم مهما دق، إن الله يباهي به الملائكة، يقول انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي بل ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب، لذلك إذا كنت تغبط أحداً من الخلق اغبط شاباً نشأ في طاعة الله، أحب ثلاثاً وحبي ثلاثاً أشد، أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشد، وأحب المتواضعين، وحبي للغني المتواضع أشد، غني، متواضع، أديب، محسن يأكل مع الصغير، والكبير. حدثني أخ كان يتيم الأم والأب، ألحقوه بمعمل من معامل دمشق التي أنشأت في الأربعينات، وكان صاحب المعمل رجل صالح، فهذا يتيم وفقير جداً، فقال له تأكل معي يا عم، طبعاً حتى لا يحرجه قال له افتح أكلك، بطاطا مسلوقة، معكرونة، وأكلات المعلم درجة أولى قال له تطعمني من عندك وتأكل من عندي، يقول لي كل ما أذكر اسمه أبكي يعني الآن عمر ثمانين سنة الأخ، يقول لي كل ما أذكر اسمه أبكي، من أي شيء ؟ التواضع. تجد غني مؤمن تشتهي الغنى، أديب متواضع، يعامل من حوله كأنه واحد منهم. لذلك في قصة كنت مرة بأمريكا، وأنبئوني أنه لأول مرة في تاريخ أمريكا الصناعي، أمريكا متفوقة جداً بصناعة السيارات، تعد الأولى بالعالم، لأنه أكبر سوق استهلاكي للسيارات عندها 290 مليون العدد، بمعدل كل واحد له سيارة ونصف، الأسرة فيها خمس سيارات تقريباً، اليابان تفوقوا عليهم، تفوقوا تفوق كبير جداً، لدرجة أنه كل عشر سيارات بأمريكا 8 شغل اليابان، فأرسلوا وفد، ما القصة ؟ المفاجأة الكبيرة أن الوفد أعطى تقرير الفرق ليس تقني، الفرق اجتماعي، لأن هناك المدير متواضع، يجلس مع العمال، يطمئنهم العمل مثل الصهر يعدونه، له قسم من الأرباح، فمدام مؤمن صحياً والمواصلات على حسابهم، والبيت على حسابهم، وله سهم من الأرباح، وفي آمان لا يسرحونه، لا يسرحونه مهما كلف الأمر، فالعامل مخلص إخلاص شديد، فعمله متقن أكثر فتجد المركبة اليابانية متقنة أكثر، فغزت أكبر سوق في أمريكا. فلآن المدير الغني المؤمن عنده معمل تواضعه، خدمته للعمال، تجعل الإنتاج يتضاعف، ويكون متقن، فنحن نعرفها من ديننا، أما العالم الغربي كسفها بذكائه فقط، أحب ثلاثاً وحبي لثلاث أشد، أحب الطائعين، وحبي للشاب الطائع أشد، وأحب الأغنياء، وأحب المتواضعين، وحبي للغني المتواضع أشد، تأكل مع موظف، يدخل لعندك الحاجب كيف يا بني ؟ إن شاء الله مرتاح ؟ تريد شيء ؟ أنت مثل ابني، ماذا تفعل به ؟ يجعله جمعة ذاب بهذه الكلمات، يعطيك روحه. والله حدثوني أخوان كثر، الذين ناجحين جداً بالأعمال التجارية عندما يأتي موظف التموين يتنافسوا العمال، اكتب الضبط باسمنا، من شدة إحسان المعلم حتى لا يهينوا معلمهم، يتبرعوا العمال أن يكتب الضبط باسمهم، وهم يدخلون السجن، بدل معلموهم. إخوانا الكرام: عندما تكون أنت محسن كل من حولك حراس لك، وإذا ما كنت محسن أقرب الناس لك يتمنى موتك، إذا كان أب بخيل ومسيء، وصار معه مرض، وجابوا الطبيب وقال لهم عرضية ينزعجوا جداً الأولاد، نريدها قاضية، كيف عملتها عرضية. أقول لكم كلمة يا أخوان دقيقة، كل أب محترم بحكم العادات والتقاليد، أو بحكم الدين، لكن ما كل أب محبوب، فأنت بطولتك ما تكون أب محترم كن أب محبوب، وعلامة محبتك علامتان واحدة يومية، وواحدة موسمية، اليومية إذا دخلت إلى البت صار في البت عيد، إذا كنت مكروه إذا خرجت من البيت صار في البيت عيد، فالعيد إما بقدومك أو بخرجك من البيت، الموسمية إذا كان من حولك يتمنون حياتك أنت أب ناجح، وإذا كان من حولك يتمنون موتك ليرثوا ما عندك من بعدك فأنت أب غير ناجح. إذاًَ وأحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد، وأحب الكرماء، وحبي للفقير الكريم أشد، تجد ما عنده شيء، عنده أربع برتقالات، يضعهم بصحن ويقدمهم، عنده قهوة، وعنده شاي، مرة قهوة، ومرة شاي، قال واحد لشيخ سيدي قهوة لما شاي قال له نبدأ بالشاي، ضمن الاثنتين، فتجد الفقير على فقره كريم، معطاء، تجلس مع واحد معه مليارات غير قهوة من دون سكر ما في أمامك قد ما غلبك حالك، يعني في شدة، أحب الكرماء وحبي للفقير الكريم أشد، يعمل لك عشاء، الذي عنده، في بساطة، في محبة. وأبغض ثلاثاً، هنا الشاهد، وبغضي لثلاث أشد، أبغض العصاة، وبغضي للشيخ العاصي أشد، يعني عند الكبرى جبة حمرة، في مراهق بالستين، يعني هيأته غير معقول بهذا السن، تعتني زيادة بالعطورات، تعتني زيادة، تعمل ماكياج والله في الآن من يجري ماكياج على وجهه وهو بالستين، ويريد عملية شد جلد، وعملية كذا، وعملية كذا قال أبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشد أبغض العصاة، وبغضي للشيخ العاصي أشد. والله أعرف شخص بالسابعة والثمانين يعمل كازينو بالبنان، ماذا تركت لأخرتك ؟ كازينو هذا الشيخ الكبير بالسن إذا عصى الله عز وجل، تقول الشاب، المعصية معصية يا إخوان، لكن شاب أول حياته بعده لم يعرف شيء بالحياة يعني تقريباً في من يعذره أما واحد خبر الحياة، ومضى حياته كلها، فلذلك: (( عبدي كبرت سنك، وانحنى ظهرك، وشاب شعرك، فاستحي مني، فأنا أستحي منك )) إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شــنيع لو كان حبك صادقاً لأطـعته إن المحب لمن يحب يطــيع وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشد، أبغض العصاة، وبغضي للشيخ العاصي أشد وأبغض البخلاء، وبغضي للغني البخيل أشد، يا أخوان في ناس معهم ملايين مملينة، لا يخرج عن الضربة. إخوانا الكرام: سأقول لكم كلمة من القلب للقلب، والله لا تنظروا الله ينصرنا إذا في عندنا ظلم داخلي، نحن عندنا ظلم لا يعلمه إلا الله، تجد الإنسان مقهور عوض ما يدخل للبيت رحيم يصب قهره على زوجته، يشتم أبوها، على أب الذي خلفوها، ويضربها، ويقتلها ويطردها من البيت، قهره الخارجي صبه على زوجته، الزوجة قهرها من زوجها تصبه على ابنها الكبير، الابن الكبير قهره من أمه يصبه على أخوه الأصغر، آخر واحد يصبه على القطة، كله قهر، كله ظلم، كله ضغط، هذا مجتمع مريض يا إخوان. فلذلك إذا أنت كنت في مكان مسؤولية قبل ما ترفع الأسعار، وتقلل القيمة الشرائية للعملة، وتجعل الموظف يدوخ، ماذا يفعل بهذا المعاش ؟ ما له غير المعاش، كل ما قللت قيمته الشرائية والله أمامك حساب لا يعلمه إلا الله، إذا الناس بخير الأمة كلها بخير إذا الفقراء بخير الأمة كلها بخير. إخوانا الكرام: أنا لي هذه النظرية كل ما يجري بالعالم تحت مليون اسم يعود إلى سبب كبير هو الفقر، كل ما يجري في العالم، تحت مليون اسم في النهاية مليون لا يجدون واحداً، واحد يملك مليون، واحد يتفنن في إنفاق المال، يقول بحفلة قمار أربع ملايين دولار، بحفلة قمار بحفلة كذا، عرس بالشيراتون 85 مليون، وفي 85 ألف شاب يتمنى غرفة بجبل قاسيون آخر جادة أو أول جادة من فوق، هذه الأصح، غرفة يريد أن يتزوج بها، ما في، مادام في ظلم اجتماعي والله الذي لا إله إلا هو ما في أمل الله ينصرنا بالعطف، وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد، على ماذا ؟ منتوف ما عنده شيء شايف حاله، لا يتكلم، إذا الغني شاف حاله معقول معه 300 مليون، إذا القوي قال لك أنا فلان معقول معه سلطة كبيرة جداً، إذا واحد بمنصب رفيع جداً وشاف حاله معقول، أنت ماذا عندك ؟ قال: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد، في قول آخر، هذا الذي تكلمته غير حديث، هذا يسمونه أثر، يعني لا يرقى لمستوى الحديث لكن معناه لطيف جداً. الأثر الثاني: الورع حسن، الورع شيء رائع جداً، لكن في العلماء أحسن يعني أجمل صفة بالعالم الورع، الورع بشكل عام جيد، لكن بالعالم يجب أن يكون ورعاً والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن، يعني التوبة شيء رائع جداً، لكن ألزم ما تلزم للشاب والحياء حسن لكن في النساء أحسن، الآن تزوك، وتدخن، وتشتم الدين، هكذا النساء الآن ما في أدب، من علامات قيام الساعة أن ينزع الحياء من وجوه النساء، وتنزع النخوة من رؤوس الرجال، تمشي إلى جانبه زوجته بثياب فاضحة، كل خطوط جسمها ظاهرة لا وكل مفاتنها ظاهرة، ومفتخر فيها، هذا ديوث إخوانا. " قال عليه الصلاة والسلام: من هو الديوث ؟ " الذي لا يغار على عرضه ". تخرج تنشر غسيل بروب النوم الشفاف، والبناية التي إلى جانبها في فرق خمسة أمتار، كلها شرفات، لا يهمه، لا يهمه أن يغلق نافذة غرفة النوم بالشتاء، والناس معه نواضير، طبعاً، فلذلك المشكلة كبير جداً، والحياء حسن لكن في النساء أحسن، التوبة حسن لكن في الشباب أحسن، السخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن، الصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، الورع حسن لكن في العلماء أحسن، يعني العالم يجب أن يكون ورعاً والعدل حسن لكن في الأمراء أحسن، العالم يجب أن يكون ورعاً، والحاكم يجب أن يكون عادلاً، والمرأة يجب أن تكون مستحية، عندها حياء، والشاب يجب أن يكون تائباً، والغني يجب أن يكون سخياً، والفقير ينبغي أن يكون صابراً، الصبر حسن لكن في الفقراء أحسن السخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن، الورع حسن لكن في العلماء أحسن، الصبر حسن لكن في الفقراء أحسن، وهكذا. أيها الإخوة الكرام: النتيجة أن الله عز وجل يحب الطائعين، ويحب الكرماء، ويحب المتواضعين ويبغض الشيخ العاصي، ويبغض الغني البخيل، والفقير المتكبر. والحمد لله رب العالمين |
|
05-04-2018, 03:56 PM | #204 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث ( المائة وتسعة وتسعون ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام: الحديث اليوم رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )) أولاً لتوضيح فكرة الحديث الأساسية، أحياناً يأتيك عشرين ضيف، وليس عندك شيء، إلا كيلو لبن واحد، تضيف له خمس أضعاف ماء، تجعله عيران، وتكثر البوظة بالكاسات يكفو، خمس أضعاف ماء تحمل كيلو لبن، هات بالقطارة قطرة كاز تضعها فيهم تخسرهم كلهم، اللبن قبل خمسة أضعافه ماء، لكن ما قبل نقطة واحدة من الكاز. ممكن تغلط مليون غلطة وأنت متواضع، الله يغفر لك، ويعفو عنك، ويعينك على التوبة، أما أن تستكبر، وأن تقول أنا، ونحن في القرآن الكريم تجربتان بليغتان تجربة بدر، وتجربة حنين، فالصحابة الكرام في بد رضي الله عنه قال الله عنهم: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّة ٌ﴾ ( سورة آل عمران الآية: 123 ) معنى أذلة أي مفتقرون إلى الله، ما دمت تقول الله وفقني، الله أكرمني، الله مكني، الله رزقني، الله زوجني هذه المرأة، الله منحني هذه الذرية، الله علمني شيء أكسب رزقي منه، الله دافع عني، الله سترني، الله غرف لي، ما دمت تقول الله، يتولاك، أما إذا قلت أنا، أنا ابن عيلة، أنا أحمل دكتوراه، أنا عندي خبرات متراكمة في التجارة، أنا أعطي لا آخذ، لحم أكتاف الناس من خيري، عندما تقول أنا الله يخزيك لا سمح الله، من أنت أمام الصحابة ؟ هؤلاء قمم البشر، قالوا كلمة قال: (( لن نغلب اليوم من قلة )) [وأخرجه أبو داود والدارمي والحاكم نقلاً عن الترمذي ] احترنا الآن نحن أصبحنا عشرة آلاف، من يتجرأ أن يغلبنا ؟ " لن نغلب اليوم من قلة ". قال: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)﴾ ( سورة التوبة ). حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم، وأمسك حفنة من التراب ورمى بها المشركين وقال: (( أنا النَّبيُّ لا كَذِب، أنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلب )) [ رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب ] إذاً " لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ " حتى أكون دقيق معكم أحياناً في كبر مغلف بتواضع، في من الداخل كبر لا يعلمه إلا الله، يتواضع أمام الناس حتى ينتزع إعجابهم، أما إذا واحد مسه بكلمة، أن أعطاه توجيه غير أفكاره يسحقه، يدمره، لو أعطى رأي. فلذلك " مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ " لا يدخل الجنة، لماذا ؟ لأن الكبر يتناقض مع العبودية لله عز وجل، كيف قطرة النفط تتناقض مع اللبن، لا يمكن أن تأكل طبخة فيها قطرة بترول، أبداً، لكن ممكن تتحمل الطبخة ماء كثير، يقول لك المرقة خفيفة ماشي الحال تؤكل، ما فيها مشكلة أبداً. الآن في نقطة دقيقة " فقال رجلٌ: يا رسول الله إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال عليه الصلاة والسلام: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " الذي يدعو إلى للألم الشديد بلاد المسلمين غير جميلة، سافرت هكذا وهكذا، بيوت بلوك، غير مكملة قضبان الحديد خارجة من العضايض، أكثر القرى هكذا، أيام تأتي أقل أواع الدهان كلفة تعملها بيضاء ترتاح النفس، نحن بعيدون جداً عن الذوق، في بيوتنا، بمداخل بيوتنا عندك شرفة كل الأشياء التي لا تحتملها تضعها بالشرفة، طقم كنبات عتيق، مدفأة بواري مدفأة برميل مازوت، تجد منظر البيت من الخارج، اصعد إلى المهاجرين وانظر إلى أسطحة دمشق شيء مقرف مداخن، وشحار، ودهشات مصدية، لماذا بلاد الغرب جميلة جداً، تجد الشاب المسلم لا يريد بلده يريد أن يخرج إلى الخارج، كلها حدائق، أنا لا أتكلم عن الغنى الأناقة والذوق لا يريدون مال، يريد زوق، والله دخلت لبيت بجوبر يمكن ما في بيت أرخص منه، الأرض عدسة، ما في بلاط، لكن رأيت نظافة وذوق عجيب، كل ساحة البيت الخارجية السماوية فيها شقف نباتات، علب سمنة لكنها من قياس واحد مدهنة بالأخضر كلها مثل بعضها، في أرخص من علبة سمنة فارغة ببلاش، لكن لما كانت بقياس واحد كلها ودهنت ما وجدت بسمار غلط، مع أنه عبارة عن بيت عربي وكلسة طرش، والأرض عدسة لكن في أثاث بسيط ونظيف، في لوحتين على الحائط، يعني لماذا المسحة الجمالية عندنا ضعيفة جداً، لماذا بيوتنا فوضوية، تدخل إلى عند صيدلي مسلم الأدوية الغبرة عليها، فوق بعضها، يحتاج ساعة حتى يجد الدواء، ينكش بالكوم، لماذا تدخل إلى عند صيدلي ما فيه دين يوج وج، الأناقة، والنظافة، والنظام، من قال إن النظام خاص بالكفار ؟ من قال إن الجمال خاص بالكفار ؟ من قال أن الأناقة خاصة بالكفار ؟ كرهوا أولادنا بلادنا، الآن أنت اذهب إلى البحصة، انظر إلى المناظر، لماذا شغلتنا تحتاج 60 سنة، وهؤلاء أهل الدنيا 18 شهر كله جاهز. يا أخوان: " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " دع في بيتك مسحة جمالية، لا تدع أغراض فوق بعضها، خفف، ضع منظر رخيص ورق، اعمل مسحة جمالية، قطعتين زريعة، النبي قال: (( أصلحوا دنياكم، واعملوا لآخرتكم )) [ رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس ] ائتي بمثل مشهور باب يزقزق كل يوم في خمس خنايق من أجله، يكون الآن نام الأب يزقزق الباب، يقوم ويسب، يحتاج إلى نقطة زيت، يبقى سنتين وكل يوم ثلاث خنايق ويحتاج إلى نقطة زيت فقط، سكر الباب، قلت لك سكر الباب، اعمل له دفاش وانتهى الأمر لا نفكر أبداً تفكير علمي، حياتنا فيها شقاء، وفيها متاعب، وفيها صياح، وصخب وضجيج، ما في عندنا مسحة جمالية أبداً، الجمال لا يحتاج إلى أموال لكن يريد ذوق، كيف تقنع الناس أن إسلام دين عظيم، نحن معنا وحي السماء، وبلادنا منظرها لا يحتمل، والله البحصة مركز المدينة لا يحتمل منظرها، ترون بأعينكم أنتم " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " لماذا لا تكن أنيق جداً، أنيق وألوانك مناسبة مع بعضها، وفي نوع بالاهتمام بالمظهر، النبي يقول: (( أحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس )) [ رواه الحاكم في المستدرك عن سهل بن الحنظلية ] المؤمن سفير الإسلام، يجب أن يكون أنيق في عنده مسحة جمالية " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " الله يحب الجمال لأنه جميل، من خلق الوردة ؟ والله لو تأملت في الورود تحار فيها العقول. والله كنت في أستراليا أخذونا على محمية فيها طيور ثمن الطير يساوي مليون ليرة، في ألوان الإنسان يسجد لله، خمري على رمادي، على أزرق فاتح، أصفر على أخضر طيور " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ " انظر إلى الورود، انظر منظر الجبل الأخضر مع البحر لون البحر جميل جداً، لون السماء جميل، نريد حس جمالي حتى ابنك يحب بيتك، يجد البيت جنة، بيوتنا ما فيها ترتيب، ما فيها نظام، ما فيها أناقة، ما فيها مسحة جمالية، تجد الابن هارب من البيت، مع رفاته، يجلس بمحل أي شيء يلفت نظره كاره بيته، أنا لي كلمة مشهورة جنة المؤمن داره، والمؤمن بيتوتي والكافر زقاقاتي، اجعل بيتك جميل، انتبه له انتبه للدهان دهنه، دهان رخيص دهنه، انتبه للألوان تجد طقم كنبات بني، والسجادة كحلي لا تتناسب، حاول تعمل سجادة لونها قريب من لون الكنبات، دفعت ودفعت، لكن يجب أن يكون انسجام بالألوان، تشعر براحة، كم بيت على الطينة، هذا لون الشمينتو يسمونه لون مؤذي، يعمل تخريش، يعمل توتر. كنت بقبرص مدينة كل الأبنية طينة خارجية لكن ملزمة أن تدهن الفيلة كل سنتين يا زهر، يا سماوي، يا أبيض، تجد المدينة منظرها ساحر، هذا البخ الخشن كيف أصبح لونه بعد هذا، دخان المازوت، على الغبار، على الأطيان، تجد أرقى بأبو رمانة كلهم بخ خشن لم يعد له لون، تجد البناء من الخارج لا يحتمل " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ". الواحد إذا أصلح بيته، أصلح غرفه بدون أن يتكلف لكن ترتيب، تخفيف الحاجات، كل شيء بمحله، عود ابنه. كنا مرة بمؤتمر بماليزيا في أخ من إخوانا من لبنان عمره 80 سنة، دخلنا إلى عند على الغرفة 5 ـ 6 مرات فجأة كأن الغرفة الآن خرج منها المنظف، كل شيء بمحله الفرشة، الكنبات، سألناه، قال أنا كنت بمدرسة داخلية، وغير إسلامية وضعوه أهله وعلموه الترتيب بالخمس سنوات، كيف يطوي ملابسه، يضع على العلاقة فوراً ، حذاءه يضع فيه قالب، ينظف حاجاته، تجد ثيابه أنيقة، أغراضه مرتبة، طاولته مرتبة. أنا أقول ما معنى " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " يريدك أنيق الله عز وجل، يحبك أن تكون نظيف، الذي عنده ماء نعمة الماء لا تعدلها نعمة، أنا والله العبد الفقير وكل من حولي كل يوم يجب أن يكون هناك حمام، لم تعد هناك روائح، تستحم كل يوم تشعر بنشاط أنا أقول أعطي جسمك حقه، أعطي بيتك حقه، أعطي زوجتك حقها، لا تقبل من زوجتك أن تكون بثياب غير أنيقة، تهمل نفسها فتريد أن تتزوج عليها واحدة ثانية، هي إذا لم تهمل نفسها، تعتني بنفسها، تعتني بصحتها، بقوامها، تبقى ملئ سمعك وبصرك طوال حياتك أما هاملة نفسها بثياب الطبخ، تترهل كثير، صوتها عالي عليك لم تعد تتحملها، تريد أن تتزوج واحدة ثانية، هذه مشاكل الأزواج بالأربعينات بالخمسين والستين، لو كانت المرأة متعلمة كيف تكون زوجة صالحة، كيف تعتني بهندامها، بزوجها، بأناقتها، بزينتها، هذا واجب، ما في عندنا جمال بصحتنا، ولا بزوجاتنا، ولا ببيتنا، ولا بترتيبنا، ولا بمساجدنا ولا بمكاتبنا، الدوائر بعالم آخر تجد الأناقة تشع والنظافة والروائح الجميلة، الإنسان يحب الأناقة، يحب الجمال، يحب النظافة، لماذا تجد الفندق الخمس نجوم يجذب الناس ؟ يعني ترى نظافة غير معقولة، أناقة، تزيينات، أنا لا أطالبك بدخل كبير، ممكن يكون دخلك أقل دخل، لكن الذوق ما له علاقة بالغنى إطلاقاً، الذوق قضية جمالية، على كلمة " إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ " من قال الكافر فقط أنيق ؟ انظر إلى الأخبار أنتم، تجد اللباس بأعلى درجة، والأناقة، والترتيب، تقول أنهم أغنياء لا، في أشخاص فقراء وعندهم أناقة زائدة " أحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ". قال عليه الصلاة والسلام: والكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ " أن ترفض الحق يعني قال لك الربا حرام، لا، هذا موضوع لا يتناسب مع العصر، لأن المشرع خالق الأكوان لا يعرف أن في آخر الزمان في قضايا ربوية، فلم ينتبه فظهر معه التشريع هكذا أنت تقول لا يتناسب مع العصر ؟ خالق الأكوان يشرع تشريع لا يصلح لهذا العصر ؟ مستحيل، تقول له يجب أن تكون المرأة محجبة، لا، هي نصف المجتمع، يجب أن يكون في كل مجلس نساء، حتى يكون في نوع من المشاركة، هذه المرأة نصف المجتمع فعنده استعداد أن يرد كل حكم شرعي، وما يقبله، لا يقبل إلا الاختلاط، لا يقبل إلا أن يكون العرس مختلط واللقاء مختلط، والسهرة مختلطة، وكل امرأة بأبهى زينة، يرفض الحجاب، هذا الكبر " بَطَرُ الحَقِّ " أي رد الحق، التصوير بالأعراس فيه مشكلة كبيرة يقول لا، الفيديو حضارة، حتى رئيس وزراء بتايون يفتخر قبل زلزال تسونامي أنه ما في عنده ولا فتاة عذارء، فهذا الكبر " بَطَرُ الحَقِّ " شيء قال الله عنه حرام، وقال عنه جريمة. ﴿ وَلَا يَزْنُونَ﴾ ( سورة الفرقان الآية: 68 ) يعتبر الدعارة حضارة " بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ " الكبر لا يحتمل المتكبر أن يكون إنسان متفوق، يبحث عن عيب يبخسه، يذمه، يقلل من قيمته، يشكك بنواياه، هذا المتكبر، الذي يبحث عن العيوب ويضخمها، ويبحث عن المسالب ويروجها، ويبحث عن الأخطاء ويذمها، وهو قناص نمطه قناص، كل الإيجابيات ساكت عنها، لا يتكلم غير بالسلبيات " وَغَمْطُ النَّاسِ " يعني تخفيف قيمتهم، قد ما قلت له والله فلان عملَ عمل بطولي لم تفهم ما نيته، ما نيته ؟ له مقصد، ما مقصده ؟ لا يعرف ما مقصده، لكن له مقصد، نفس هذا العمل الطيب كله وسفهه، فكل إنسان يسفه أعمال الآخرين لا يقبلها، ويرفضها، ويشكك فيها، ويتهم صاحبها بالاحتيال والنوايا السيئة هذا متكبر، أما عن نفسه يتكلم عن نفسه ساعة أيام يجلس شخص بجلسة يملون الناس منه، عملت، أنجزت، سافرت، أكبت، شربت تعشيت عشاء كلفني 18 ألف ليرة، هذا الذي يجلس أمامك ماذا يهمه هذا الموضوع إذا كلفك 18 ألف أم عشرة آلاف، موضوع لا يهمه إطلاقاً بالعكس يزعجه هذا الموضوع، أنت مسرف مبذر أنت، فيهمه أن يكبر نفسه، ويهمه أن يصغر كل من حوله، كل من حوله يصغره ويكبر نفسه، هذا اسمه " وَغَمْطُ النَّاسِ "، " بَطَرُ الحَقِّ " يرفض التشريع الإلهي قطع اليد أعوذ بالله قطع اليد همجية يقول لك، إله يقول: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ( سورة المائدة الآية: 38 ) ما قولك أنه ممكن الآن في إحصاء عام 65، دققوا إخوانا في كل ثلاثين ثانية ترتكب جريمة قتل أو سرقة أو اغتصاب في أمريكا، كل ثلاثين ثانية، بقطع اليد مرة سمعت من صوت واشنطن القصة قديمة جداً تحقيق عن قطع اليد بالسعودية، ممكن تتقل رواتب محافظة مثل أبها تبعد عن الرياض حوالي 5000 كم أو 7000 بسيارة مكشوفة شاحنة بأكساس وما في أي خطر عليها، كيس فيه خمس ملايين ريال، سيارة كلها أكياس ريالات تنطلق من الرياض لأبها ولا تقلق، بأوروبا يصنعون قطارات مصفحة يهاجمها بأسلحة ويسرقون المبالغ، سرقوا بنوك، ممكن إنسان يحمل كيس فيه مليوني ريال يشتري تيوتا حاملهم وداخل، لقطوا لقطات، ممكن صراف على باب الحرم يضع محرمة يدخل يصلي صراف، قطع اليد يلزما بالسنة مرة أو مرتين بكل المجتمع، الآن كم جريمة سرقة تتحول لقتل ؟ مئات ألوف، جريمة سرقة تتحول لقتل، يرفض قطع اليد، يرفض الطلاق، خمسين عشيقة له. حب يتزوج واحدة شاب قال له لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري، بعد هذا رأى واحدة ثانية أيضاً طلعت أخته، الثالثة أيضاً أخته، فتكلم لأنه، فقالت له خذ أين شئت أنت لست ابنه وهو لا يدري. نحن لا نطلق، الطلاق همجية، أنتم لا تطلقون لكن عنده كل واحد خمسين صاحبة، نحن ما عندنا كله نظامي، لما أنت ترد الحق، وتغمط الناس وتقلل من شأنهم وتكبر نفسك، هذا هو المتكبر. والحمد لله رب العالمين |
|
05-04-2018, 03:59 PM | #205 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( المائتان ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. أيها الإخوة الكرام، حديث اليوم رواه ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجرحه البخاري ومسلم معاً. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا )) [متفق عليه] الصدق والكذب: أنواعه وأمثلته من الواقع حقيقة الصدق أيها الإخوة، قد يتبادر لبعض المسلمين أن الصدق أنك إذا سُئلت عن شيء أن تجيب إجابة صحيحة وقعت، هذا جانب من جوانب الصدق، ولكن الصدق يعد سمة أساسية في شخصية المؤمن، فهو صادق مع نفسه،وصادق مع ربه، وصادق مع خلقه، وصادق مع البهيمة. حقيقة الكذب إن كل أنواع الكذب تهدي إلى الفجور، الكذب أن تقول كلاماً لست قانعاً به، الكذب أن تقول كلاماً خلاف الواقع، الكذب أن توهم إنساناً بشيء، وأنت تريد في الحقيقة شيئًا آخر. (( كَبُرَتْ خِيانَةً أنْ تُحَدِّثَ أخاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وأنْتَ بِهِ كاذِبٌ )) [ رواه البخاري وأبو داود عن سفيان بن أسيد أحمد والطبراني عن النواس] الكذب أيها الإخوة ملايين الأنواع، الإيهام كذب، التدليس كذب، الإيماءة كذب ، أن تعطي وصفاً لبضاعة لا ينطبق عليها كذب، لو ألغي الكذب من حياتنا لكنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. صدق النبي أول صفة وُصِف بها النبي عليه الصلاة والسلام أنه صادق أمين، لا ازدواجية أبداً، ليس عنده شيء مبطن وشيء ظاهر، شيء معلن وشيء غير معلن، شيء يتاجر به للاستهلاك المحلي، وشيء حقيقي، شيء صوري وشيء حقيقي، كل أنواع الازدواجيات نوع من النفاق، ليس هناك كلام يقوله المؤمن إرضاء لزيد ويعني به شيئاً آخر، كل صفات الكذب تؤدي إلى المعصية، والمعصية تنتهي بصاحبها إلى النار، وكل صفات الصدق تؤدي إلى البر، والبر يؤدي إلى الجنة. تصوروا أيها الإخوة أن أحد علماء الحديث رحل من المدينة المنورة إلى البصرة ليتقلى حديثاً عن واحد من الرجال، وصل إليه من المدينة إلى البصرة في أشهر على الناقة، فلما وصل إليه رآه يوهم فرسه أن في رداء شعيراً، فاقترب منه فلم يجد فيه شيئاً، فكف عن سؤاله، وقال: الذي يكذب على فرسه ليس أهلاً أن ينقل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان عليه الصلاة والسلام عند بعض أصحابه، وسمع امرأته تقول لابنها الصغير: تعال هاك، يعني تعال خذ، وضمت يدها، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا أردت أن تعطيه ؟ قالت: تمرة، قال: أين هي ؟ رآها في يدها، قال: أما إنك لو لم تفعلِي ذلك لعدت كُذيبة. اجتناب الكذب أمام الصغار خاصة لا ينبغي أن تكذب على طفل صغير، وأساساً الطفل يتعلم الكذب من أهله، حين يقال له مثلا: اسكت وفي المساء نطعمك أكلة طيبة، أو اركن الآن، وفي المساء لك نزهة ممتعة، فلا يجد أكلة طيبة نزهة ممتعة، كله كذب في كذب، إذاً هو يكذب على من حوله. أنا أذكر أحد الإخوة تزوج امرأة من كندا بعد أن أسلمت، وهي تمشي مع ابنها أعطته قطعت سكر، بعد 300 متر سألته: أين الغلاف ؟ قال: رميته في الطريق، فرجعت معه 300 متر، وبحثت عن الغلاف، وقالت: خذه ضعه وضعه في سلة المهملات. بالمناسبة أيها الإخوة، أكثر العادات السيئة، ألوان الكذب، النفاق، الاحتيال يتعلمها الطفل بين الرابعة والعاشرة، وهذه أخطر سنواته. عندنا مثلا معلّم مقهور فقير يدخن مثلاً، فإذا رأى الطفل معلمه يدخن قد يأتي إلى البيت ويقول: المعلم تكلم كذا، الأب الجاهل يقول: حمار لم يفهم شيئًا، فيحدث الأب في ابنه حالات انفصام الشخصية، هذا معلم، والمعلّم أحياناً يظلم، حينما يُضرب الطفل فيشكو له المضروب، فيضرب الاثنين معاً. والله هناك أيها الإخوة جرائم ترتكب بحق الصغار، كطفل لم يستوعب الموضوع، فيسمع كلمة أقسى من جبل، أنت غبي، وتبقى هذه الكلمة عالقة بذهنه حتى يموت. إخواننا الكرام، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطيك شيئاً. انفصام الشخصية وعلاقته بالصدق الصدق أن تكون موحداً، وليس مزدوجاً، نحن نتصور إنسانا معه انفصام شخصية، هذه الحالة الحادة مرض نفسي، لكن نحن معظمنا معه انفصام شخصية، لكن حالة مخففة لا أحد يشعر بها، كيف ؟ له موقف أمام الناس، أما في بيته فله موقف ثانٍ، أمام الناس يبتسم، يعتذر، أنيق، في بيته يسب ويشتم، إذا لك سلوك في البيت، وسلوك خارج البيت، سلوك مع من تحب، وآخر مع من لا تحب، هذا نوع من انفصام الشخصية. بالمناسبة جاء أحدهم إلى طبيب نفسي فقال له: دكتور لك هل أن تحدث في انفصام شخصية ؟ قال له: لماذا ؟ قال له: مللتُ وحدي، أريد شخصية ثانية !! الصدق يكون متوحدا، سرك كعلانيتك، خلوتك كجلوتك، رؤيتك الداخلية كنطقك، ما هناك توحد فأنت مؤمن. أيها الإخوة، حينما النجاشي سأل جعفر بن أبي طالب عن رسول الله أجابه فَقَالَ: (( أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ … )) [أحمد عن أم سلمة] أهم شيء صِدْقه. المؤمن صادق، المؤمن لا يكذب. بالمناسبة أيها الإخوة، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ )) [ رواه أحمد] يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ هناك مؤمن أنيق جدا، ومؤمن أقل أناقة، مؤمن بالتعبير العامي ( صرّيف )، مؤمن دقيق بمصروفه، مؤمن عصبي، مؤمن هادئ، مؤمن انعزالي، مؤمن اجتماعي، مؤمن يحب السفر، مؤمن يحب الإقامة في البيت، هذه طباع لا تقدم ولا تؤخر، ولا تخدش مروءة الإنسان، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (( يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ )) ، فإذا كذب أو خان فليس مؤمناً، لأن المؤمن لا يكذب. هناك إنسان إيمانه ضعيف، وشاب في ريعان الشباب، وخلا بامرأة، وزلت قدمه، قد يكون هذا، والدليل أن فيه حدّ الجلد، لمن هذا الحد ؟ لمن كان مؤمناً، وإن كان مؤمنًا بالوضع الطبيعي: ﴿ وَلَا يَزْنُونَ﴾ ( سورة الفرقان الآية: 68 ) فقد يزني، ولكنه لا يكذب، المؤمن لا يكذب، لأن الكذب لا شهوة فيه ضاغطة، فيه خبث، ومؤامرة، لذلك لا يمكن أن يوصف المؤمن بأنه يكذب، لأن الكذب ينفي عنه الإيمان، لكن هناك معاصٍ أساسها شهوة غالبة، وضعف إيمان المسلم، وضعف مراقبة الله عز وجل فتزلّ قدمه، طبعاً يتوب، وقد يقام عليه الحد، لكن المؤمن لا يكذب، لذلك مجتمع المؤمنين مجتمع الصدق. (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ )) هذا تسلسل، لو أن صاحب مصلحة وحرفة يعلم أنه لا يمكن أن ينجز العمل إلا بعد شهرين، ويقول: أنجزه في عشرة أيام، فيأتيه ضغط عمل كبير، لكنه أحب أن يكذب عليه، فهناك حرف ـ والعياذ بالله ـ مبنية على الكذب، مبنية على وعود كاذبة، لذلك هلك المسوّفون، إنما أهلك الصنّع قول: غدٍ أو بعد غدٍ، ما الذي يهلك الصانعين أصحاب المصالح والحرف ؟ التأجيل والتسويف، إنما أهلك الصنّع قول غدٍ أو بعد غدٍ. فلذلك الحد الأدنى أن السمة الأساسية في المؤمن أنه لا يكذب. (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ))
أنا لا أبالغ إن قلت: قد يكون في ألف نوع من الكذب، أحياناً لحم مرغوب لبياض ناصع فيه، وإضاءة بالبرادات تجعله أبيضاً ناصعاً، الإضاءة الشديدة بلون معين تجعله أبيض ناصع، هذا نوع من الغش هذا، أحياناً توهمه أنه أوربي وهو تايوان، هات لنا المساطر التي أتتنا من بريطانيا، الزبون ما عنده إمكانية أن يعرف بالضبط الجهة الصانعة، فالكذب في البيع والشراء لا يعد ولا يحصى، بالإدلاء بالتصريحات، بالبيانات، لذلك عندما تكون حياة الناس كلها كذب هلكوا عند الله. أروي لكم قصة صديق مقيم في السعودية، في موسم الحج إذا قتل الإنسان إنسانًا خطأ فالدية 200 ألف ريال، وفي غير الموسم مئة ألف، قال لي: كنت أمشي في طريق عريض فظهر من طريق فرعي شاحنة صغيرة، فلما رأيتها خففت السرعة إلى الأربعين، هي بقيت واقفة، فلما بقيت واقفة غلب على ظني أنها واقفة لم تمشِ، فأسرعت، بعد ما أسرع جاءت أمامه، فقتل الزوجة وولدين، هو زوج، وزوجة، وولدين، ما نفد إلا الزوج، هذا البدوي استحق 600 ألف ريال فوراً، أي عشرة ملايين ليرة، جاءت الشرطة، قال له: والله الحق علي، هو وقف، نظرت إلى هذه الكلمة ؟ خسر عشرة ملايين، هذا المؤمن، كلمة واحدة قالها: الحق علي، لما رآه واقفًا ولم يتحرك رجع وأسرع، بعد ما أسرع خرج بسرعة أمامه، هو جاهل بالقيادة، لكنه احترم الحقيقة، قال له: والله الحق علي، طبعاً خسر الدية كلها بكلمة واحدة، أنا عندي هذا التصريح الصادق بكل حضارة الغرب. الناس الآن يكذبون علينا كل يوم، كل شيء تسمعونه كذب بكذب بِكذب، أكبر جهة تكذب في العالم الغرب، لكنه كذب بذكاء، نحن نكذب بغير ذكاء. فيا أيها الإخوة، (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا )) والحمد لله رب العالمين |
|
05-05-2018, 08:01 AM | #206 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث ( مائتان و واحد ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. أيها الإخوة الكرام، حديث اليوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ )) وفي رواية أخرى: (( فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ )) [مسلم] التكفير والاتهام والتفرقة من مكائد الأعداء الحقيقة أن هناك شريحة كبيرة جداً من المسلمين همهم تكفير الآخرين، وهمهم اتهامهم بالشرك، وهمهم اتهامهم بالبدع، وهذا الذي يشق صفوف المسلمين، وهذا الذي لا يثق بالمسلمين، وهذا الذي يسيء الظن بالمسلمين، وهذا الذي همه أن يفرق لا أن يجمع، وأن يشتت لا أن يضع الجميع على خط واحد، وأن يصدع لا أن يرأب، هذا الإنسان يعمل لصالح أعداء المسلمين. أقول لكم هذه الكلمة أيها الإخوة، وهي دقيقة جداً: من هو عدو المسلمين الأول ؟ الشيء البديهي الطرف الآخر الكافر، لكن الطرف الآخر مكشوف، ويعمل تحت ضوء الشمس، ويكيل التهم جزافاً من دون تحفظ، ثم يقاتل، ويقتل، والمسلمون محصنون ضده ، لأنه حينما تعلم أن هذا الإنسان ملحد فأنت تأخذ احتياطًا مسبقًا، فأيّ كلمة يقولها فلك عليها ردٌّ، وأي كلمة طيبة يقولها تتحفظ على قبولها، لأنك محصّن ضده، لكن حينما يأتي إنسان يرتدي زياً إسلامياً، ويتكلم بالكتاب والسنة، ويبث السم في الدسم، هذا هو الأمر المخيف، أقول لكم: العدو الحقيقي هو الذي يفهم الإسلام فهماً ضيقاً ومحدوداً، ويصر عليه لمصلحة عنده راجحة، ويكفر من يخالفه، ويمنع وحدة المسلمين، والذي يمنع وحدة المسلمين كأنه موظف عند أعدائهم، لأن أعداء المسلمين لا يتحركون بحرية إلا في ظل خصومات المسلمين مع بعضهم بعض. ترون الآن أن العالم الغربي همه الأول أن يبث بذور الفرقة بين المسلمين في أيّ بلد حلّه، يجب أن يقسم هذه البلد مللا، ونِحلا، وطوائف، ويجب أن يبث في كل واحدة أنها وحدها على حق، والأخرى ضالة مضلة، فالعدو ينتظر بوادر الفرقة بين المسلمين، فهذا الذي يكفّر لأسباب تافهة جداً، لفروع في الدين، ويبتدع، ويبدع، يتهم بالبدعة، ويتهم بالشرك، وأينما حلّ، وأينما جلس يكفر المسلمين، هذا ليس من الإسلام في شيء: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ ( سورة الأنعام الآية: 159 ) والمؤمن يجمع ولا يفرق، ويصل ولا يقطع، ويسدد ويقارب، أحياناً يكون الخلاف في أصل العقائد، فهذا خلاف غير مسموح به، أما حينما يكون الخلاف في فروع الفقه فلا يمكن أن أتهم إنسانًا بالخطأ إذا كان مغطًّى بمذهب فقهي معتمد، قال عليه الصلاة والسلام: (( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ )) أي: أشدهم هلاكاً، هو الهالك وحده. يقول عليه الصلاة والسلام: (( الْخَيْرُ فِيَّ وَفي أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) [ رواه الحافظ ابن حجر عن أبي هريرة ] ويقول عليه الصلاة والسلام: (( أُمَّتِي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها )) [ رواه الطبراني عن ابن عمر ] أيها الإخوة، الرواية الثانية: (( فَهو أهلكَهُم )) أي هو الذي اتهمهم بالهلاك، وهم ليسوا كذلك، لا بد من أجل التعاون والتعاطف، والتكاتف، والتضامن، وأن نكون وحدة أمام عدونا الذي لا يفرق بين مسلم ومسلم، لا بد من حد أدنى من حسن الظن، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (( حسن الظن بالله تعالى ثمن الجنة )) [ رواه محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ] فإذا عرف الإنسان الله خاف منه، ولسبب تافه جداً كفّرته، فكأنك أسأت الظن بدين الله عز وجل. التمس لأخيك عذراً ولو سبعين مرة شيء آخر، يقول عليه الصلاة والسلام: (( التمس لأخيك عذراً ولو سبعين مرة )) [ ورد في الأثر] إذاً المهم أنك إذا التقيت بأخيك أن تبحث عن نقاط الالتقاء لا عن نقاط الخلاف، الشيطان يبحث عن نقاط الاختلاف، بينما المؤمن يبحث عن نقاط الالتقاء، وكما ترون وتسمعون نحن في أمسّ الحاجة إلى أن نكون وحدة متعاونين متماسكين، والذي ينتمي إلى فقاعة صغيرة في الإسلام هذا يشك في إيمانه، لأن الله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ ( سورة الحجرات الآية: 10 ) الانتماء إلى مجموع المؤمنين المؤمنون بمجموعهم إخوة، أنت تنتمي إلى كل المؤمنين، كيف أن الإنسان ينتمي إلى الجنس البشري، لكن له أم، وله أب، هل يعني أن يكون له أم أو له أب أنه لا ينتمي إلى الجنس البشري، هذا مثل واضح، تنتمي إلى كل البشر ولك أم وأب، ولك بلدة، ولك حي، ولك بيت نشأت فيه، هذا لا يتناقض مع المجموع العام، فالمؤمن الصادق ينتمي للمجموع العام. التعاون على البر والتقوى إخواننا الكرام، الانتماء إلى المجموع العام هو فكرة وشعور، لكن هذه الفكرة والشعور يقتضي سلوكًا، ما هو السلوك ؟ هو التعاون، قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ ( سورة المائدة الآية: 2 ) والتعاون على البر يعني صلاح الدنيا، والتعاون على والتقوى يعني صلاح الآخرة، فأنت كما مأمور أن تتعاون مع إخوانك على صلاح الدنيا، نحن مكلفون بإعمار الأرض، وقد تستغربون أن قول الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)﴾ ( سورة الأنبياء ) قال علماء التفسير: الصالحون لإدارتها، الصالحون لعمارتها، الصالحون لاستخراج ثرواتها، الصالحون لتوفير مصالح الناس، هذا المفهوم في هذه الآية في الدنيا ، هذا الذي دفع بعض علماء المسلمين الكبار إلى أن يقولوا، والكلمة قد تكون غريبة عندكم، " " تصلح الدنيا بالكفر والعدل، ولا تصلح بالإيمان والظلم "، وترون كيف أن أعدائنا الإنسان عندهم مكرم جداً، وحقوقه كاملة، لكنهم يعتدون علينا، أما عندهم فالإنسان محترم جداً، فلذلك تملكوا بلادهم، وسيطروا على العالم كله، فتصلح الدنيا بالكفر والعدل، ولا تصلح بالإيمان والظلم، والقول الآخر أيضاً الذي يثير حفظتنا: " إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة ". إذاً ديننا دين قيم، دين مبادئ، فإذا اكتفينا بالشعائر، وذبح بعضنا بعضاً، وأكل بعضنا مال بعض، واعتدى بعضنا على أعراض بعضنا، عندئذٍ كل عباداتنا لا قيمة لها ، وتسقط عند الله عز وجل، فهذا الذي يقول هلك الناس فهو أهلكُهم، هو أشدهم هلاكاً، أو هو الذي أهلكهم، وهم ليسوا كذلك، لأن: (( أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها )) ما قولك بحاجب، أو آذن ـ بالتعبير السوري، آذن مدرسة ـ حاجب، في بعض البلاد اسمه فرّاش، في بلد اسمه خادم، على كلٍ آذن مدرسة فقير جداً عنده ثمانية أولاد، دخله أربعة آلاف، لا يكفيه ثمن خبز وكهرباء، ويعاني من أقسى أنواع الفقر، ورث أرض ثمنها ثلاثة ملايين، ورجل محسن كبير من محسني حي الميدان أراد أن ينشئ مسجدًا في حي نهر عيشة، هذا حي كله مخالفات، وبه كثافة سكانية كبيرة جداً، ليس فيها مسجد، كلف أحد إخواننا الكرام مهندسًا بالبحث عن أرض تمهيداً لإنشاء مسجد، فوجد أن هذه الأرض التي ورثها هذا المستخدم الآذن مناسبة جداً، مناسبة في مساحتها، وفي وجهتها نحو القبلة، والسعر معتدل جدا، فطلب من المحسن الكبير أن يرى الأرض ميدانياً، فوجد الأرض مناسبة، وسعرها مناسب، سطر هذا المحسن شيكاً لصاحب هذه الأرض المستخدم الفقير الذي لا يزيد دخله على أربعة آلاف، وعنده ثمانية أولاد، سطر له شيكا بمليوني ليرة، فسأله صاحب الأرض ببساطة: أين البقية ؟ قال له: عند التنازل، قال له: ما التنازل ؟ قال له: هذه الأرض سوف ننشئ عليها مسجدًا، ولا بد من أن تذهب إلى الأوقاف كي تتنازل عنها، قال له: هذه الأرض ستصبح مسجدًا ؟! قال له: نعم، مزّق الشيك، لمَ مزقته ؟ قال له: والله أستحي من الله أن أبيع أرضاً لتكون مسجداً، أنا أولى من المحسن أن أقدمها لله، وقدمها، إذا كان عليه الصلاة والسلام قال: (( أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها )) يقسم بالله العظيم هذا المحسن الكبير يملك مئات الملايين قال: في حياتي ما صغرت أمام إنسان كما صغرت أمام هذا الإنسان، والآن المسجد له أعلى مئذنة هناك، أنشئ ، ويرتاده المصلون، وفيه دعوة إلى الله، وفيه خطابة وتدريس، فلذلك: (( أُمَّتِـي كالمطر، لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها )) حسن الظن بالمسلمين يجب أن نحسن الظن ببعضنا بعضاً، يجب أن نلتمس لبعضنا بعضاً الأعذار، لأقلّ شيء ما أعجبك يكفرّك، يتهمك بالضلال، فتجد بأسنا بيننا، كل منا يتبادل التهم مع الآخرين، ولا أحد يرعى أحدًا. هذا الحديث أصل لهذا الموضوع. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ )) ، يعني أشدهم هلاكاً. وفي رواية أخرى: (( فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ )) ، أي سبب إهلاكهم، هو الذي اتهمهم بالهلاك وهم ليسوا كذلك. أيها الإخوة الكرام، أرجو الله أن نحسن الظن ببعضنا، وأن نعمل على رأب الصدع، ولم الشمل ، والوصل بدل القطع، حسن الظن بدل سوء الظن. هناك إنسان اسمه قناص، قال النبي الكريم قال: (( تعوذوا بالله من ثلاث فواقر: جار سوء إن رأى خيرا كتمه، وإن رأى شرا أذاعه ؛ وزوجة سوء إن دخلت عليها لسنتك، وإن غبت عنها خانتك ؛ وإمام سوء إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر )) [ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة ]
وهؤلاء الذين يبحثون عن عيوب الناس هم بعيدون عن الله بعد الأرض عن السماء، التمس لأخيك عذراً. والحمد لله رب العالمين |
|
05-05-2018, 08:03 AM | #207 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( مائتان و اثنان ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ أيها الإخوة، هناك حديث شريف في مضمونه إشارة إلى الولاء والبراء، وفي ظاهره إشارة إلى الحب والكراهية، يقول عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الإمام البخاري ومسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا، وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )) [متفق عليه] لأن هذا الحب يقود إلى الطاعة، تعرفه فتحبه فتطيعه. الولاء والبراء أيها الإخوة، تجد إنسانًا ولاءه لغير المسلمين، يتصيد أخطاءهم فيكبرها، ويشفي غليله حينما يتحدث عن سلبياتهم، ولا يلتمس لهم العذر، بل يلتمس العذر للطرف الآخر، يثني على إنجازاتهم، ويعتم على جرائمهم، هذا الإنسان في النهاية ولاءه لغير المؤمنين، والذي ولاءه لغير المؤمنين قد يكون من بلد إسلامي، وأمه مسلمة، وأبوه مسلم، وثقافته إسلامية، لكنه أحب الطرف الآخر، فالمرء مع من أحب، لذلك الإيمان هو حب أو بغض، تحب المسلمين لذلك تدافع عنهم، تلتمس لهم بعض العذر، تتألم لمصابهم، تسعد لمواقفهم الشجاعة أحياناً، وتبحث عن عيوب الطرف الآخر، وعن جرائمهم، ففي النهاية تلتقي مع إنسان، تقرأ مقالة، تشاهد ندوة، في النهاية هذا الإنسان الذي أمامك إما أنه له ولاء للمؤمنين، أو له عداء ضدهم. أيها الإخوة، أحياناً تجد شخصًا يدافع عن غير المؤمنين، يذهب إلى هناك فيتعامى عن كل سلبياتهم، ولا يرى إلا فضائلهم، يأتي إلى بلده حيث التماسك الأسري، وبقية رحمة، وبقية عطف، وحياة اجتماعية راقية، فيها تناصر، وتعاطف، ومع ذلك لا يبحث إلا عن الأخطاء. مرة سألت واحدًا: في مئة بيت في العالم الغربي كم خيانة زوجية فيه ؟ قال لي: 70ـ 80، قلت له: أنا فيما أنا أعلم أن في بلادنا ولا 1%، حالات قليلة جداً، علاقة الآباء بأولادهم جيدة. سافر إنسان إلى بلاد الغرب فالتقى بشاب على نهر السين في باريس، رآه ساهياً قلقًا، قال له: ما الذي يقلقك ؟ قال له: والله أتمنى شيئاً واحداً ؟ قال له: ما هذا الشيء ؟ قال: أن أقتل أبي، قال له: ولمَ ؟ قال له: لأني كنتُ أحب فتاة فأخذها مني، وجعلها عشيقته. أمّا عندنا في بلاد المسلمين فالأب همه الأول تزويج أولاده، هناك آباء أبطال يسكن في الشام، في حي راقٍ، ويشتري ثلاثة بيوت في الريف ليزوج أولاده. كن موضوعياً. قال لي رجل في أستراليا: أنت ذاهب إلى الشام فبلّغ إخواننا بالشام هذه الرسالة، قال لي: مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت له: لمَ ؟ قال لي: لأن ابنك في الشام مسلم مثلك، أما نحن فقد نفاجأ أن ابننا ملحد، أو في أذنه قرط، أيْ منحرف، أو في الأذن اليسرى قرط، وهو منحرف أشد الانحراف، أو في كلتيهما. أنا أطلب منكم الموضوعية، ميزات بلاد المسلمين، والتماسك الأسري، وبقية العطف، بقية الرحمة، بقية الإنفاق في سبيل الله، بقية الانضباط، هذه من نعم الله الكبرى ، فعن عَمْرِو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي أَتَتْنِي الْمَلَائِكَةُ، فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا فَالْإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ )) [أحمد] أيها الإخوة، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا، وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ إذا كان لك ولاء للمؤمنين فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعينك على التوبة، لأن الله عندئذٍ يتولاك. إذا جاء إنسان إلى رجل، وقال له عن أبيه كلاماً لا يحتمل، ألا يتألم ؟ بل إن لم يتألم، بل قل: ماذا فعل أيضاً ؟ هذا ليس ابنه، ليس ابنه قطعاً، لو كان ابنه يتألم أشد الألم حينما يتهم أباه بشيء يتأكد من والده، يتحقق، يبحث، يبحث عن عذر، عن الأسباب موجبة، أما حينما يشفي غليله بأسباب سقوط أبيه فليس له ولاء له. فأنت في النهاية إما لك ولاء للمؤمنين تحرص على صالحهم، تتألم لألمهم، تسعد لسعادتهم، تسهم في حل مشكلاتهم، تلتمس لهم العذر أحياناً، وإما ولاءك لغير المؤمنين دون أن تشعر بالعقل الباطني، كلما عثرت على خبر سيئ تتمسك به، وترويه مئات المرات، وكلما وجدت خبراً ليس في صالح الطرف الآخر تسكت عنه، وتعتم عليه. الموضوعية جاءني شخص من بلاد بعيدة، كلما التقى مع إنسان يدخن يقيم الدنيا ولا يقعدها، أنا معه، لكن هذا المدخن مسلم، جاهل، مرة التقى مع شخصيتين من اليابان كبيرتين جداً ، مدير تنفيذي لشركة عملاقة، ودخن أمامه، ما تكلم ولا كلمة، لماذا أقمت الدنيا، ولم تقعدها على إنسان مسلم يدخن ؟ وأنا معه في هذا الشيء، لكن لمَ لم تذكر للطرف الآخر، هذا هو السقوط ؟ لأن ثمة ولاء للطرف الآخر، وتعتيم على السلبيات وإبراز للمحاسن، وهناك ولاء للمسلمين في إبراز للمساوئ وتعتيم على المحاسن، راقب نفسك، أنت من ؟ ابن من ؟ قد تجد شريكًا يدافع عن الطرف الآخر، أنت لست شريكي ؟ كل تفكيره أن معه الحق، فلا يعطيك الثمن، معه حق فما يدفع السند، من أنت ؟ أنت شريكه أم شريكي ؟ أنا لا أقول: أن نأكل المال الحرام، لكن يجب أن تتعاطف معي كشريك. فيا أيها الإخوة، موضوع الولاء والبراء من أخطر الموضوعات في الدين، المؤمن يوالي المؤمنين، ولو كانوا ضعافاً أو فقراء، يمكن أن يكون مدير عام في دائرة، يجد مستخدمًا صالحًا مؤمنًا مستقيم فيتعاطف معه، إذا دخل يقف له، ويجد إنسانًا آخر بأعلى درجة من الغنى، لكنه فاسق وماجن، فلا يتعاطف معه، فيجب أن توالي المؤمنين، ولو كانوا ضعافاً وفقراء، ويجب أنم تتبرأ من الطرف الآخر، ولو كانوا أقوياء وأغنياء، هذه علامة إيمانك، علامة إيمانك أن تحب المؤمنين، أن تحب بلادهم، أن تتألم لآلامهم، أن تبكي لواقعهم، لذلك: (( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )) وقد ورد في بعض الأحاديث: (( كن عالما، أو متعلما، أو مستمعا، أو محباً، ولا تكن الرابعة فتهلك )) [ رواه ابن مسعود وأبي الدرداء، والحديث عند أبي نعيم والطبراني ] أن تحب العلم، وهذا طريق لبلوغه، ولا تكن الخامسة فتهلك، فكن موضوعياً. إخواننا الكرام، ليس هناك قيمة مشتركة بين العلم والخلق إلا الموضوعية، الموضوعية قيمة علمية، فلن تكون عالماً إلا إذا كنت موضوعياً، الآن العالم الغربي يوهمنا أن كل أعمال العنف في العالم يقوم بها المسلمون، والبحث والتحقيق والدراسة المطولة التي كلفت سنتين لباحث إسلامي في أمريكة تبين أن 3% منهم مسلمون، هناك تزوير كبير جداً ، فكن موضوعيًّا، فإن كنت موضوعياً فأنت عالم، ولن تكون عالماً إلا إذا كنت موضوعياً والموضوعية قيمة خلقية، ولن تكون أخلاقياً إلا إذا كنت موضوعيا، فلذلك أيها الإخوة يقول عليه الصلاة والسلام: (( وأيْمُ الله، لَوْ أنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )) [ رواه البخاري عن عَائِشَة رضي الله عنها ] الآن ليس هناك موضعية، فتاة ترتدي ثياب السحاقيات في مدرسة في أمريكا، فالمدير على بقية من خلق فطردها، أقام أبوها دعوى على المدير، وربح 30 ألف دولار، ويقولون لك: هذا عدل، وبالمقابل فتاة مسلمة وضعت على رأسها قطعة قماش فيمنع دخول الفتاة المحجبة إلى المدارس، لماذا هناك أقيمت دعوى وقُبلت، لأن هذا هو التفلت من منهج الله، هو أحقر من أن تحاوره، أرأيت إلى التناقض المريع !؟ لذلك هذا الطرف الآخر هو أحقر من أن تحاوره، الله عز وجل لم يخاطب الكفار إلا بآية واحدة يوم القيامة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ﴾ ( سورة التحريم الآية: 7 ) أما خاطب المؤمنين ففي 285 آية، ] يا أيها الذين آمنوا [، فهذا الطرف الآخر أحقر من أن تحاوره، ما عنده قيم، يقول لك قتلنا 150 أعزل بالخطأ، لماذا حينما سقطت طائرة، وأنتم توهمت أو تأكدتم أن الذي أسقطها إنسان، فدفعتم بلده 270 مليار بواقع 500 مليون لكل ضحية، و150 بالخطأ قصفوا، ولا شيء، لذلك هذا الذي لا يحكمه مقياس واحد هو أحقر من أن تناقشه، وأحقر من أن تحاوره، وأحقر من أن تخاطبه. يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا، وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )) فكن محباً للمؤمنين، ولو أن عليهم ألف مأخذ ومأخذ ، وكن متبرئاً من الكفار والمشركين، ولو قدموا لك كل شيء، هذا هو الإيمان، الإيمان ولاء وبراء، وأنا حينما ألتقي بإنسان والله أكشف ولاءه أو براءه، ولاءه لغير المؤمنين من حديثه، فيه تعتيم على الإيجابيات عندنا، وفيه إبراز للسلبيات، وفيه تعتيم على السلبيات هناك، وفيه إبراز للإيجابيات. لما يقال: تطبيق الشريعة الإسلامية لا يقفز إلى ذهنه إلا قطع اليد، هناك مليون حكم شرعي، مليون حكم عادل، مليون حكم إنساني، مليون حكم أخلاقي، المليون يعتم عليهم، ويبقي منه قطع اليد فقط، يفتح كتب الفقه ما عنده غير سؤال إلا عن الإماء، ما حكمها ؟ الآن ليس هناك إماء، وما عنده سؤال إلا عن قتل المرتد، هناك كيد يظهر الإسلام بمظهر إنساني، وكل سؤال له جواب، لكن الذي أراد الحقيقة يصل إليها. إخواننا الكرام، الولاء أن تحب المؤمنين، وأن تدافع عنهم، وأن تلتمس لهم بعض الأعذار، وأن تسهم في حل مشكلاتهم، لأنك منهم وهم منك، لحمك ودمك، والولاء يقتضي أن تتبرأ لغير المؤمنين، ولو كانوا أذكياء، والمشكلة أن الطرف الآخر ذكي جداً، وقوي جداً، وغني جداً، أما الساذج الذي ليس له ولاء للمؤمنين فيتعلق بهم، ويدافع عنهم، وينحاز إلى جانبهم، فلذلك هذا المسلم الذي يعين غير مسلم على المسلمين دوره كمنديل مسحت به في أقذر عملية، ثم ألقي في المهملات، مصيره في مزبلة التاريخ، دافع عن أمتك، وعن بلدك، وعمّن تنتمي إليهم، واحرص على صالحهم، وخفف عنهم بعض همومهم، والتمس لهم الأعذار، فأنت عندئذٍ مؤمن ورب الكعبة. حدثني طبيب قال لي: والله دخْلي فلكي، أنا زرته في أمريكا، قال لي: والله الدخل يفوق حد الخيال، ومع ذلك قال لي: عدت إلى الشام، وتخليت عن معظم ميزاتي كطبيب، وأنا بدخل محدود، لكنني أشعر براحة ما بعدها راحة، حينما أعالج مسلمًا، لأن لحم كتفي من خير هذا البلد، فينبغي أن يعود علمي ونفعي على أبناء هذه البلد. بمفهوم وطني ، بمفهوم قومي، بمفهوم إنساني، بمفهوم ديني، تجد إنسانًا مستغربًا، اسمه عربي فقط، لو ما كان اسمه عربيًّا لكان اسمه جورج مثلاً، فقط اسمه عربي، في سيارته موسيقى أجنبية دائماً، لا يتابع إلا أفلام غربية، كلامه غربي. مرة أقيمت ندوة في تلفزيون لبنان عن معركة الخندق، بعد ما انتهى الشيخ من الحديث عن هذه المعركة تقول هذه المذيعة: ( ميرسي )، أيْ شكرا لله الذي نصر محمدًا و( الكروب )، أي الجماعة، تبعه في هذه الموقعة. والحمد لله رب العالمين |
|
05-05-2018, 08:07 AM | #208 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( مائتان و ثلاثة ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. شهادة النبي e بخيرية القرون الثلاثة الأولى أيها الإخوة الكرام، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ )) [متفق عليه ] بادئ ذي بدء، أيها الإخوة، شهد النبي صلى الله عليه وسلم لقرنه بالخيرية، وشهد بالقرن الذي يليه بالخيرية، وبالقرن الذي يلي القرن الذي يليه، ثلاثة قرون شهد لهم النبي بالخيرية، قد يقول قائل: نحن في أعلى درجة من الوسائل والمواصلات، والاتصالات والأثاث، فالحقيقة أن الخيرية هنا لا علاقة لها بالدنيا، إنسان خيّر، أي إنسان عرف الله وطبق منهجه، وسعد بهذا التطبيق في الدنيا والآخرة، لو أننا أردنا مقياس الدنيا خير القرون هذا القرن، العالم كله سطح مكتب، اتصالات، وسائل رفاه، مركبات، طائرات، يخوت سفن، الدنيا كلها فتنة الآن. معنى الخيرية إن الخيرية لا تعني خيرية الدنيا، ومتاع الدنيا، ومال الدنيا، وجمال الدنيا، ولكن الخيرية تعني أن هؤلاء الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من خيرة البشر ، وأنهم ربّوا جيلاً أيضاً على شاكلتهم، وهذا الجيل ربى جيلاً آخر على شاكلته. إذاً: (( خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ )) هذا الكلام له معنى وأبعاد كثيرة، ولا تستطيع أن تفهم القرآن بخلاف ما فهمه الصحابة الكرام، فالمقياس ما جاء في الكتاب والسنة، وبفهم القرون الثلاثة الأولى، مع أنه لا يستطع أحد الآن أن يلغي آية، لكن يحتال على الآية بتأويلها على غير ما أراد الله، فالضابط لهذا الموضوع أن القرآن يجب أن نتخذه منهجاً، وكذلك سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن لا بفهمنا، ولا بتأويلنا ولا بأهوائنا، ولا بمصالحنا، ولكن بفهم الرعيل الأول والثاني والثالث، لذلك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ )) [ رواه أحمد في مسنده وأبو داود والحاكم في المستدرك] الحق صافٍ. (( سيكون من بعدي خلفاء ، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ثم يؤمر القحطاني (( فو الذي بعثني بالحق ما هو دونه )) [ رواه الطبراني عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده ] (( سيكون من بعدي خلفاء )) يتبعون نهج النبي صلى الله عليه وسلم، (( ومن بعد الخلفاء أمراء )) ، باتّباعٍ أقلّ، لكن نظامهم عادل، (( ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة )) ، من خلفاء، إلى أمراء، إلى ملوك، إلى جبابرة، الملوك ملكوا البلاد والعباد، لكنهم لم يسفكوا الدماء، بينما الجبابرة ملكوا البلاد والعباد، لكنهم سفكوا الدماء، بينما الأمراء التزامهم أقلّ من الخلفاء، لكنهم أقاموا العدل بين الناس، أما الخلفاء فهم على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذاً أنت حينما تقول: الخيرية فلا تعني بها المساكن الفارهة، والمركبات السريعة، ووسائل الاتصالات، والمال الوفير، والجمال الكثير، نعني بالخيرية أن هذا الإنسان خلق في الدنيا من أجل أن يسعد في الجنة، فإذا عرف ربه في الدنيا، واستقام على أمره، وتقرب إليهم بالأعمال الصالحة صار مؤهلاً أن يسعد في الآخرة، فالخيرية إذاً تعني ذلك. مرةً قرأت أكثر من ثلاثين حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل السكنى بالشام، بدأت الدرس، ثم جاءني خاطر، أن ثمة أزمة مواصلات، وأزمة سكن، وأزمة أعمال، وبطالة مقنعة، وارتفاع أسعار، ودخل الموظف قليل جداً لا يكفي حاجته، كيف أوفق بين فضل السكنى بالشام وهذا الواقع ؟ ثم أردت أن أوضح الفكرة على الشكل التالي: جامعتنا بناء قديم مبني من عام 1930، مقاعد من خشب، بلا تكييف، مرواح فقط، والتدفئة ضعيفة، وسبورة، لكن هذا البناء القديم ماذا يُخرّج ؟ أطباء، مهندسين، محامين، لكن لو أن ملهى بأعلى درجة من جمال البناء، سمعت عن ملهى بلبنان صالته الأساسية كلفتْ 30 مليون دولار، رخام، وثريات، وما شاكل ذلك، طيب هذا الملهى ماذا يُخرج ؟ فسقة، وزناة، فيه قمار أيضاً، ومنتحرون. هو الداء الذي لا برء منه وليس لذنب صاحبه اغتفار تشاد له المنازل شاهقات وفي تشييد ساحتها الـدمار نصيب النازلين بها سهاد وإفلاس فيأس فانتــحار * * * إنسان في مكان القمار بأمريكة، دخل إلى هذا البهو، ولعب القمار فخسر كل ما يملك، عاد إلى البيت، وأطلق النار على زوجته وأولاده الأربعة، فأرداهم قتلى جميعاً، وقال: ليغفر الله لي. فهذا البناء الضخم الجميل الرائع ماذا يُخرج ؟ منتحرين، وقتلة، ومفلسين، هذا بناء المتواضع بناء الجامعة، بناء قديم لا تهوية فيه، ولا تكييف، ولا جمال، ولا حاجات رائعة، ماذا يُخرج ؟ أطباء، ومحامين، ومهندسين. إذاً الخيرية لا تعني هذا الذي نراه على شبكية العين، الرفاه، والأناقة، والجمال والتزيينات، الخيرية تعني أن تعامل إنسان صادق، إنسان أمين، إنسان عفيف، إنسان صاحب رسالة، إنسان له هدف في الحياة، فنحن قدوتنا الصحابة الكرام. إخوانا الكرام، مهما وجدت إنسانًا يعيش في حالة رفاه جداً، وكان لئيمًا، وكان بخيلا، وكان قاسيًا، وكان محتالا، تحتقره على غناه، لو دخلت بيتًا ثمنه مئة مليون، وكان صاحبه تاجر مخدرات هل تحترمه ؟ هو يفتخر بهذا البيت، يقول لك مساحته 750 مترًا، من طابقين، له إطلالة جميلة جداً، لكن لأنه جمع المال على حساب صحة الشباب، وتماسك الشباب وانهيار الأسر، تحتقره، فنحن ينبغي ألا نعجب بشيء فخم، لكنه مبني على مخالفة للشريعة، هذا الفرق بين المؤمن وغير المؤمن، المؤمن يحترم موظفًا دخله محدود شريف، مستقيم، إيمانه كبير، يعطي ولا يأخذ، وبين إنسان غارق في المال، لكنه من حرام وإنفاقه في حرام. حينما تقول: خيرية لا تقصد الخيرية المادية، النمو الاقتصادي، هذا النمو الاقتصادي مع أنه ضروري، لكنه أصبح صنماً يعبد من دون الله، أن ننمي وارداتنا على حساب أخلاقنا، فنشجع السياحة، السياحة تحتج إلى بغاء وزنا، فأنا حينما أسعى للنمو الاقتصادي، ولا أهتم بأخلاق الأمة، ولا لمبادئها فلا أكون خيّراً. إذاً أنا أريد في هذا اللقاء الطيب أن أبين أن الخيرة عند الله لا تعني الغنى، ولا تعني المساكن الجميلة، والمركبات الفارهة، والطعام الطيب، والأماكن المترفة، بل تعني مجتمعاً متماسكاً تحكمه القيم. شاعر من الشعراء هجا رئيس قبيلة، قال له: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فأنك أنت الطاعم الكاسي * * * فسيدنا عمر أدخله السجن، هذا يعد أهجى بيت قالته العرب، هو الآن شعار كل إنسان، يقولون: ما دام دخلك وافرًا، وأنت ـ مكيف ـ بالتعبير العامي، وكل شيء موفر لك، فالأمر أنه ( فخّار يكسر بعضه ) . دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فأنك أنت الطاعم الكاسي * * * مقاييس الخيرية الخيرية لها مقاييس، لها مقاييس قرآنية، مثلاً: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ( سورة آل عمران الآية: 110 ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله علة هذه الخيرية: ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ ( سورة آل عمران الآية: 110 ) هذه الخيرية، أما إذا عم النفاق، وتلوَّن الإنسان مئة لون، وقام بخلاف ما يعتقد فهي حالة اسمها انفصام شخصية، إذْ كل إنسان له موقف معلن، سليم، فيه نفاق، موقف حقيقي، فيه تجرؤ، وفيه نقمة، فالازدواجية بالشخصية والنفاق العام والرياء، وأكل المال الحرام، مع أن الحياة جداً، انظر إلى البيوت الفخمة، إلى المركبات شيء بأعلى من الجمال، لكن من حيث القذارة فهو في أدنى درجة من القذارة. مرة زرت رجلاً، له عمل لا يرضي الله عز وجل، فقال لي: أنا عملي اسمه باللغة الإنكليزية ـ العمل القذر ـ صعب أن أصف لكم مكتبه، والعزل عن طريق الخشب الذي له عروق جميلة جداً، والفرش من أعلى أنواع السجاد، والمكتب الفخم مع التكييف، وقال لي: أنا عملي اسمه ـ العمل القذر ـ، في اليوم التالي اضطررت أن أصلح مركبتي، وكان يوم شتاء ومطر، ولم أجد مكانا أوقف فيه مركبتي، فأوقفتها في الطريق، انبطح صاحب المحل تحتها، في الطين، والوحل، وكان يرتدي ثيابًا أصلها زرقاء، فلم يرَ لونها من الشحم والزيت والوحل، وفك قطعة، وأصلحها إصلاحًا تامًا بإتقان، وأخذ أجرة متواضعة معتدلة، فأنا قلت: والله هذا عمله نظيف، أما على الشبكية فالعمل النظيف ذاك المكتب الفخم النفاق، العمل القذر ذاك الوحل، أما هي في مقياس السماء ذاك العمل هو القذر، وهذا العمل هو النظيف، فإذا كان للواحد عمل شريف، ودخل شريف، وهو منضبط فلا مشكلة أبدا، وهذه من نعم الله الكبرى ؛ أن يبنى عملك على خير الناس وعلى نفعهم. مرة كنت في افتتاح مسجد، وكان إلى جانبي مدير أوقاف الريف، قلت له: اشكر الله، هو يستفهم فقط، قال لي: على ماذا ؟ ما المناسبة ؟ قلت له: لإنك تفتتح مسجداً، وتعيّن خطيباً وإماماً، أما غيرك، وقد تكون مرتبته أعلى منك فيفتتح ملهى ويعيّن راقصة، أيهما أفضل ؟ لذلك أيها الإخوة، الخيرية بمقياس خالق الناس أن تكون مؤمناً فقط، وأن تكون مستقيماً، وأن تكون مطبقاً لمنهج الله، وأن تكون ثابتاً على عقيدتك، لا تلين لا أمام سبائك الذهب اللامعة، ولا أمام سياط الجلادين اللاذعة، الخيرية أن تصح عقيدتك، وأن يستقيم عملك، وأن تزداد أعمالك الصالحة المقربة من الله عز وجل، هذا هو الخير. لذلك عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ )) [ رواه الترمذي] وقال عليه الصلاة والسلام: (( ألا يا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة. ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا، طاعمة ناعمة يوم القيامة. ألا يا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا يا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم )) [ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي البجير ] نحن في دار عمل، والآخرة دار جزاء، نحن في دار تكليف والآخرة دار تشريف، نحن في دار تسابق والآخرة دار مكافئات، فالبطولة أن تعمل للآخرة. عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ )) [ رواه أبو داود عن عوف بن مالك ]
والحمد لله رب العالمين |
|
05-05-2018, 08:10 AM | #209 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث ( مائتان واربعة ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. حقيقة الحياة الدنيا أيها الإخوة الكرام، لا بد من أن يعرف الإنسان حقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الكون، وحقيقة ذاته، فالحياة الدنيا من أبرز ما فيها أنها دار ابتلاء، وأبرز ما فيها: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾ ( سورة العنكبوت ) إذاً ما دامت هي دار ابتلاء، إذاً هناك موقف للمؤمن من هذا الابتلاء . الإمام الشافعي سُئل: أندعو الله بالابتلاء أن بالتمكين ؟ فقال: " لن تمكَّن قبل أن تبتلى "، فوطّنوا أنفسكم أنه مستحيل وألف ألف ألف أَلف مستحيل أن تمضي الحياة الدنيا من دون ابتلاء. لكن الابتلاء أحياناً يجسد بأبواب مغلقة، كرجل يعاني من مرض، فراجع جميع الأطباء، كلهم أجمعوا على أن هذا مرض عضال ولا شفاء له، أي أن الأبواب مغلقة، فتأتي آية الصيام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾ ( سورة البقرة ) فعلّة الصيام التقوى. معاني وتطبيقات: ] وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [ الآن نأتي إلى الآية الثانية: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2)﴾ ( سورة الطلاق ) 1 – تقوى الله في اختيار الزوجة الآن من يتق ربه في اختيار زوجته، فيؤثر حينما يخطبها دينها وصلاحها، ويمتثل قوله e: (( فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ )) [ رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة] من يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي. الآن هناك قوانين، أنت اتقيت الله في اختيار زوجتك، إذاً أنت عند الله في بحبوحة من الشقاء الزوجي، لأنك طبقت منهج الخالق في اختيار الزوجة. 2 – تقوى الله في تربية الأولاد الآن من يتق الله في تربية أولاده، يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم. أحياناً يهمل الأب أولاده، وهو مشغول مع أصدقائه، ولقاءاته، والسهرات، والسفر، وما إلى ذلك، وأولاده في الطريق، مع أصدقاء السوء، فجأة يكتشف أن ابنه منحرف شاذ، يسرق، فيختل توازنه، لأنك لم تتقِ الله في ابنك حينما كان صغيراً، ولم تحرص على إيمانه، وعلى دينه وعلى استقامته، فلم تعلمه، ولم تهذبه، ولم تلحقه بمعهد لمرجعية دينية، وأهملته، الآن ادفع الثمن، ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من انحرافهم وشذوذهم وعقوقهم. 3 – تقوى الله في كسب الأموال الآن من يتق الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجاً من تلف المال وإتلافه ، فأحيانا يكون الإنسان غنيًّا جداً وفجأة يفتقر. والله حدثني أخ كان في بلد عربي، أقسم لي بالله أن له معملا، وبيتًا مساحته مع الحدائق ألف متر، وثلاث مركبات، مركبة للسفر وزن ثقيل مريحة، مركبة للمدينة، مركبة للمعمل، حدثني عن إنفاقه، أقسم لي بالله أنه ينقب في القمامة الآن ليخرج منها بعض ما يصلح للأكل، ذلك أن الله عز وجل إذا أعطى أدهش، وإذا أخذ أدهش. لذلك أيها الإخوة والله ثمة حديث شريف أشهد الله أنه يقسم الظهر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ؟ أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ؟ أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ؟ أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ؟ أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ؟ أَوْ الدَّجَّالَ ؟ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) [ أ خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة ] 4 – تقوى الله في سن الشباب أنت الآن بوضع جيد، صحة ومال، ودخل، وأهل وأولاد، وبيت ومركبة، يمكن أن نستيقظ كل يوم كاليوم السابق ؟ مستحيل ؟ فالذي اتقى الله في شبابه فله عند الله خريف عمر رائع، والذي اتقى الله في شبابه يوم كان شاباً قوياً طموحاً، وهو يتفجر طاقة، ونشاطاً، وقوة كان يستقيم على أمر الله، هذا الشاب نشأ في طاعة الله له خريف عمر رائع. " ابن آدم اعرفني بالرخاء أعرفك بالشدة ". كان عالم من علماء الشام بلغ الثامنة والتسعين من عمره، منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، لم تسقط أسنانه، وعلى كل خد وردة، بتعبير العوام، فإذا سُئل عن هذه الصحة يقول: يا بني، حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً. لي صديق زرته في أحد الأعياد، والتقيت بوالده، والده في 96 من عمره، كنت أزوره كل سنة، ما من مرة حدثني الأب بقصة حدثني بها سابقاً، ذاكرته قوية جداً، آخر زيارة قال لي فيها: أجريتُ تحليلا شاملا، والحمد لله كله طبيعي، وهو في 96 من عمره، كله طبيعي، قال لي: والله لا أعرف قرش الحرام في حياتي، ولا أعرف الحرام الثاني، لا قرش الحرام ، ولا الحرام، حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر. أيها الإخوة، العبرة أن الذي يتقي الله في شبابه يجعل الله له مخرجاً من خرف الشيخوخة . حدثني أخ قال لي: والدتي على تستلقي ديوان، نربط يديها ورجليها، قلت له: لمَ ؟ قال: لأنها تأكل من غائطها، وتدهن نفسها به، وتخلع كل ثيابها، ونحن مضطرون أن نربطها، وعاشت 13 سنة في هذه الحالة، أكثر دعاء أسمعه من أهلنا: نسأل الله ألاّ نصل إلى أن نبرك. أعرف قريبة لي دخْلُ زوجها أرقام فلكية، أصيبت بخثرة بالدماغ، فأصبحت طريحة الفراش، لاحظنا أول أسبوعين عناية فائقة، بعد ذلك أهملوها، وأسمعوها دعاء: الله يخفف عنك وتريحينا، أقسم لكم بالله أن أقرب الناس إليكم يتمنى موت الإنسان الذي يعتني به، لأن الإنسان يصبح عبئًا، فلما يكون الإنسان بكامل قوته وصحته ويتوفاه الله، يقال: خُطف، وإنسان آخر يموت بعد ثلاثين سنة حتى تضجر الأرض منه. إخوانا الكرام، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ للتقريب: ورد في الأثر: (( من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت )) [الجامع الصغير عن أنس بسند فيه مقال] تجد إنسانًا متقدمًا في السن يعيد القصة مليون مرة، تخرج من جلدك منه، يعيد، حشري، تعليقاته قاسية، يأتي الضيف يقول له: لا يطعمونني، يفضح أولاده، وتجد إنسانًا كلما ازداد في عمره تقدماً ازداد وقاراً وحكمة، هذه معلقة بالشباب، من اتقى الله في شبابه متعه الله في شيخوخته. إخواننا الكرام، كل الشباب أقوياء، وعندهم نشاط كبير، وطاقات متفجرة، لكن البطولة في خريف العمر، وخريف العمر متعلق بالشباب، فمن اتقى الله في شبابه متعه الله بخريف عمره، حفظه الله. 5 – تقوى الله في التوحيد الآن من يتقي الله في التوحيد، يوحد الله، لا يرى مع الله أحداً، لا يرى يداً تعمل مع الله، لا يرى شريكاً لله، أنا أؤكد لكم أن معظم الناس تنطبق عليهم الآية الكريمة: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)﴾ ( سورة يوسف ) الآن البشر لا يرون إلا وحيد القرن، أنه فعّال، ولا يرون غيره، فإذا طمأن بلداً ارتاحوا، وإذا هدد بلداً يقلقون، هذا إنسان لا يملك من أمر الدنيا شيء. ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ ( سورة هود الآية: 123 ) ﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾ ( سورة الكهف ) ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)﴾ ( سورة الزخرف ) ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾ ( سورة الزمر ) هكذا التوحيد. ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ ( سورة فاطر الآية: 2 ) علاقتك مع الله، ليست مع زيد ولا عبيد، ولو افتراضاً، أن الله أوكلك إلى زيد أو عبيد، كيف يقول لك: اعبدني ؟ يا رب، أنا أعبد مَن أمري بيده، يقول لك: لا، مَن أمْره ﴿إِلَيْهِ﴾ ، أنا أخبرتك بالقرآن: ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾ متى أمرك أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك أن الأمر كله عائد إليه، ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾ ، هذا التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد. إخوانا الكرام، كلمة مختصرة: قمة العلم التوحيد، وأعلى مرتبة في العلم أن توحد الله، وقمة السلوك التقوى، فأنت إذا وحدت الله، واتقيته جمعت المجد من أطرافه كلها، والتوحيد ليست كلمة سهلة، وهي كفكرة سهلة، أما حينما ترى إنسانًا قويًّا، ويهددك، وأنت تعتقد أن الله بيده كل شيء، وهذا الإنسان ليس بيده شيء، هذه قمة الإيمان، لذلك قال تعالى: ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)﴾ ( سورة الشعراء ) تعذب نفسك، إذاً: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ من يتق الله في عقيدته يجعل الله له مخرجاً من القلق، والخوف، والنفاق، والدجل، من يتق الله في اختيار زوجته في تربية أولاده، في كسب ماله، في شبابه، والله هذه الآية أيها الإخوة، تكتب فيها مجلدات، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ في قوله تعالى: ﴿ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ ملمح دقيق، قد يكون فيما يبدو ليس هناك مخرج، أنت الآن في مسجد، لو فرضنا أن له عشرة أبواب، مفتوحة كلها على الطريق، وكلها مفتوحة أمامك، فهل تقول: أين المخرج ؟ لا، متى تقول: أين المخرج ؟ إذا كانت كلها مغلقة، فمِن حكمة ربنا لما يعالج إنسانًا تغلق أبواب الأرض كلها أمامه، ما له غير باب واحد، هو باب السماء، حتى يضطر للالتجاء إلى الله عز وجل، لذلك: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ ( سورة الطلاق الآية: 3 ) والحمد لله رب العالمين |
|
05-05-2018, 08:13 AM | #210 |
|
رد: الشرح المختصر للاحاديث الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث ( مائتان وخمسة ) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. حقيقة الصيام أيها الإخوة الكرام، ورد في بعض الأحاديث: (( أن المنافق صيامه أن ناقة عقلها أهلها ثم أطلقوها فلا تدرِي لا لمَ عقلت ولا لمَ أطلقت )) [ ورد في الأثر] لا يعلم لمَ صام، ولا لمَ أفطر، وكأن الصيام لمثل هذا الإنسان جوع وعطش، ليس غير. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) [ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ] الجانب السلبي في رمضان أيها الإخوة، في رمضان شيء سلبي، وشيء إيجابي، الأشياء السلبية كالاستقامة على أمر الله، وغض البصر، وضبط اللسان، وأكل المال الحلال، هذه الأعضاء الثلاثة، وكم مِن إنسان أَرْدَتْهُ كلمة قالها. 1 – ضبط اللسان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) [ رواه أحمد في مسنده وصحيح البخاري عن أبي هريرة ] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ: (( مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ )) [ أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد] الذي أراه أن رمضان دورة مكثفة، مهمتها أن تقوى على نفسك، فتستقيم على أمر الله، مع ضبط اللسان، وضبط العين، وضبط الأذن، لا تسمع شيئًا لا يرضي الله عز وجل، كالغناء المحرم، ولا تطلق بصرك فيما لا يحل لك، ولا تتكلم كلامًا محرمًا كالغيبة والنميمة وتزيين الدنيا، والتشجيع على معصية. حينما يشعر الإنسان من نفسه أنه صائم فعليه أن يضبط لسانه، وفي كتاب إحياء علوم الدين أكثر من عشرين بابًا من أبواب معاصي اللسان، لا الرجل ضرب، ولا سرق، ولا شرب خمر، ولا قتل، لكن لسانه وحده يممكن أن يسبب له الهلاك، (( وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) 2 – غض البصر وغض البصر: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ ( سورة النور الآية: 30 ) وكأن غض البصر طريق لحفظ الفرج، وجاءت كلمة ( مِن ) لتجيز لك بأن تنظر إلى ما أحل الله، من دون قيد أو شرط، ولك أن تنظر إلى محارمك بثياب الخدمة، الأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت البنت، وبنت الابن، هذه المحارم، وما سوى ذلك ينبغي أن تغض البصر. 3 – ضبط الدخل ورد في الأثر: (( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام )) ضبط العين، وضبط اللسان، وضبط الدخل كسب المال. 4 – ضبط الإنفاق يجب أن تنفق هذا المال في الوجوه المشروعة، وأن تبتعد عن التبذير، وعن الإسراف، فالإسراف في المباحات، لكن التبذير في المعاصي والآثام، ومن شأن العاصي أنه إذا أمسك المال يمسكه بخلاً وتقتيراً، وإذا أنفقه ينفقه إسرافاً وتبذيراً، فكسب المال، وإنفاق المال، وضبط العين، وضبط الأذن، وضبط اللسان من الأعمال الهامة. 4 – ضبط الحركة وضبط القدم، وضبط الحركة، ألّا نكون في اللقاء المختلط، ولا في مقهى تباع فيه الخمور، وتعلو الأغاني، وأنت مدعو إلى عشاء في هذا المقصف، وأنت مسلم. لذلك الآن الأمور متخلطة، الآن هناك دعوة إلى خيم رمضانية، تبدأ بأذان المغرب والإفطار، وتنتهي بالرقص والغناء، هو مسلم، وفي خيمة رمضانية، تبدأ من طعام الإفطار، وتنتهي في طعام السحور على الرقص ! هذا الذي يحصل أيها الإخوة. فلذلك قضية ترك الطعام والشراب شيء مضحك وتافه، قضية ترك المعاصي والآثام هذا الجانب السلبي. الجانب الإيجابي في رمضان الإنفاق عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ )) [ متفق عليه ] ولكن نحن أَلِفنا أننا إذا ذكرنا الإنفاق لا يقفز إلى الذهن إلا إنفاق المال، مع أن هناك أنواعاً منوعة من الإنفاق، وقد تعلو على إنفاق المال. أنواع الإنفاق إنفاق النفس أول إنفاقٍ إنفاقُ النفس. ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)﴾ ( سورة آل عمران ) هذا الذي يقدم نفسه في سبيل الله، هذا أنفق أثمن شيء يملكه، أو أنفق ما يملك ومع ذلك، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ )) [ رواه مسلم] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: (( تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ، فَخَطَا خُطًى، ثُمَّ: قَالَ أَعَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُحِقَّ الْغَرِيمُ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ )) [أحمد] متى بردتْ جلده ؟ لا بالتعهد، ولكن بالأداء. حقوق العباد أيها الإخوة مبنية على المشاححة، ولا تسقط بحال، إياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تتوهموا أنك إذا حججت بيت الله الحرام ترجع من الحج كيوم ولدتك أمك، صحيح وغير صحيح، كلام النبي e صحيح فيما كان بينك وبين الله فقط، أما فيما كان بينك وبين الناس فلا يسقط شيء، لأن حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة. صمت رمضان إيماناً واحتساباً، للحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) [ رواه أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه عن أبي هريرة ] فيما كان بينك وبين الله، أما فيما كان بينك وبين الناس فهذه الحقوق والواجبات والديون والأموال لا تغفر، بل لا بد من أن تؤدى، أو أن تسامَح. هاجرت، والهجرة تهدم ما كان قبلها، فيما كان بينك وبين الله، اعتقد هذا، كل ما قيل من أن الإنسان إذا حج بيت الله الحرام تغفر له كل الذنوب كلام غير صحيح، تغفر له الذنوب التي بينه وبين الله، ما الذي يؤكد هذا ؟ قال تعالى: ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾ ( سورة الأحقاف الآية: 31 ) يعني بعض ذنوبكم التي كانت بينك وبين الله، لذلك ذنب لا يغفر، وهو الشرك وذنب لا يترك وهو ما كان بينك وبين العباد، وذنب يغفر، وهو ما كان بينك وبين الله فالإيجابيات الإنفاق، أول إنفاقٍ إنفاقُ النفس. إنفاق الرياسة الإنفاق الثاني، المسلمون في محنة، إذا كان لكل إنسان مركز، رؤساء الدعوة فرضاً، الشيوخ، هؤلاء الرؤساء رؤساء الدعوات، الجماعة الفلانية على رأسها شيخ، الجماعة الفلانية، هؤلاء إذا ما تعاونوا فقد أكدوا للناس عدم إخلاصهم لهذه الدعوة، وإذا تعاونوا فقد تضعف قيمة أحدهم، والإنسان يدّعي أنه العالم الأوحد، وحيد عصره، وفريد زمانه، والحبر الفهامة، أما إذا تعاون مع إخوانه فسيكون واحدًا من مجموع، وسيقلّ بريقه، لكن علامة إيمانه وعلامة إخلاصه أن يتعاون وألاّ يتنافس، هذا الثاني أنفق رئاسته لهذه الجماعة. دائماً أَلِفنا قبل خمسين سنة أن كل شيخ يوهم إخوانه هو الوحيد في الأرض، وما سواه جهلة، والأخ تجده مثلا كمن يأخذ الحشيش، مع الشيخ الوحيد في الأرض، مع أن المخلصين كثيرون، والدعاة كثيرون. حينما تضحي بمكانة بَنَيْتها من أجل صالح المسلمين فهذا إنفاق أيضاً. إنفاق الجاه أو تنفق جاهك، لك أخ مظلوم عند موظف كبير هو صديقك، أنت تتمنى ألاّ تبذل ما وجهك أمامه، تتمنى ألاّ تطرق بابه أبداً، أنت أكبر منه، لكن من أجل هذا الأخ المؤمن الفقير المظلوم تذهب إليه، وتتوسط لديه، هذا إنفاق أيضاً، فهناك إنفاق الجاه، وإنفاق الرئاسة، وإنفاق النفس. إنفاق المودّة الآن إنفاق المودة. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ )) عندك موظفون، عندك عمال، دخلت عليهم باشًّا، سألتهم عن أحوالهم، عن صحتهم، عن أهلهم، عن أولادهم، عرضت عليهم بعض الخدمات، هذا الموظف يبقى شهر يسبح في هذا الكلام، أما أن يكون دائماً القهر، والانتقاد، والضبط، والتفتيش، والسباب، والقسوة فلا، فلمَ هذه الغلظة يا أخي ؟ فمِن إنفاق المودة: (( تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ )) الابتسامة صدقة، سؤال عن الصحة صدقة، هذا إنفاق أيضاً. إنفاق الوقت الآن إنفاق الوقت، سألك أحدهم سؤالا، تقول: هذا حرام، وانتهى، لماذا هو حرام ؟ بيّن بآية أو حديث شرعي، ليس عندك وقت، هذا إنفاق وقت، أعطيته إجابة موجزة بكلمة واحدة، حرام، لماذا ؟ هناك من قال: حلال، لا بد أن أنت تصبر على سؤاله، وتعطيه إجابة مفصلة، دقيقة مع أدلتها، أنفقت وقتك. الإنفاق العام هناك إنفاق علمك، وإنفاق خبرتك، وإنفاق اختصاصك، وإنفاقات كثيرة جداً، لكن يجمعها قوله تعالى: ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾ ( سورة البقرة ) إنفاق المال وهناك إنفاق مالك: (( أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا )) [ رواه الطبراني عن ابن مسعود ] (( عبدي أَنفق أنُفق عليه )) [ الترغيب والترهيب للمنذري] (( ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة )) [ رواه الطبراني عن عمر ] (( إن صدقة السر تطفئ غضب الرب )) [ أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس ] (( باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة )) [ رواه الطبراني في الأوسط عن علي البيهقي في شعب الإيمان عن أنس ] (( إن الصدقة تقع في يد الله تعالى قبل أن تقع في يد السائل )) [ رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود ] ويؤكد الله لك بالإنفاق أنه يخلف عليك ما أنفقت، وأنه يعلم، وأنت بحاجة إلى هذين المَعنيين، بحاجة أن تعلم أن الله يعلم، وبحاجة أن تطمئن إلى أن الله سيعوض عليك أضعافاً مضاعفة. ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)﴾ ( سورة سبأ ) ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)﴾ ( سورة آل عمران )
إنفاق كل شيء، فالإنسان يدع السلبيات، ويقدم الإيجابيات، فلعل الله سبحانه وتعالى يغفر له ذنوبه التي كانت بينه وبين الله، ولعل الله سبحانه وتعالى يعتقنا جميعاً من النار، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم. والحمد لله رب العالمين |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدليلية (Tags) |
للاحاديث, المختصر, الشرح, الشريفة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 ) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نسجل حضورنا بالاحاديث النبوية الشريفة | منال نور الهدى | رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة | 953 | 11-23-2024 07:03 PM |
الدليل المختصر لزيارة انطاليا-تركيا | السعيد | رِيَاض إبْنُ بَطُوطَة لِسْيَاحَة والسَفَر | 3 | 04-01-2018 11:42 AM |
الدليل المختصر للسياحة في بلد الإبتسامه ( تايلند) | السعيد | رِيَاض إبْنُ بَطُوطَة لِسْيَاحَة والسَفَر | 2 | 12-10-2017 02:32 PM |
كسوة الكعبة الشريفة | آفراح | ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية | 6 | 06-10-2014 10:53 AM |