في الجزء السادس عشر وفي نهايته
جلست ماجدة مع مريم لسماع الخبر المهم
او الموافقة على امر خططت له مريم
حيث قالت:
ـ كما قلت لك من قبل في المكتبة
انا لست مُهيئة لتقرير من تقابلين أو تجلسين
الا بأذن مُسبق من قِبل الدكتور ( شكري )
ـ اذا أنت أتصلت به لتعليميه
ـ نعم اتصلت به وقلت له كل شيء
وهو مُرحب بك جداً ، وقد وافق على مقابلتك
والجلوس معك لبضع دقائق ، فكما قلت لك هو انتقل من المدرسة
التى كنت ادرس فيها في الثانوية ، الي مدرسة اخرى
بعيدة من هنا ، ولكن سيأتي بزيارة تمكنه من رؤيتك
ـ وأين سيكون اللقاء ...؟
ـ اللقاء سيكون في نادي ( الروتاري ) المعروف في المدينة
ـ وهل هناك خطر او امر يُزعج الرواد....؟
ـ لاتخافي فكل أو مُعضم رواده هم يحملون نفس المنهج ولهم العضوية
الخاصة بالمنظمة .....
اندهشت لهذا الخبر ، فكنت أتوقع ان يكون ( مفيد ) هو الشخصية
المهمة في هذا اللقاء ....
ولكن قلت في نفسي سارى هذا الطُفيلي ( شكري )
وما يحمله من اوامر أو افكار ....
الحقيقة قد خالطني بعض الخوف ، لخوضي غمار هذا
التحدي والدخول لعمق التنظيم والى مُفكريه....
ولكن توكلت على الله ، ففي سبيل فضح هؤلاء الأنذال
لابأس من خوض المصاعب ....
وابديت لمريم فرحي باللقاء كي لا تشك في الامر...
ـ تمام سلمت يامريم ياحبيبتي على هذا الخبر الطيب المُفرح
الان استرحت فهكذا تتم الأشياء ...
ـ ماجدة اقول لك أمر وبصراحة ، بعد ان تأكدت من نيتك تجاهي
هل بالفعل تحبين صاحب الحديقة ،
أم هو كلام فقط لتستفزيني به ...؟
ـ اقول لك يامريم وبصراحة مُطلقة
هل تجيبيني على سؤالي بكل ماتحمله الكلمة من معنى الصراحة
عندها ساجيبك على أستفساراك ......؟
ـ فمن الان لن أخفي عليك شيء
فأسألي ماتريدين ...
ـ هل تعرفين صاحب الحديقة ....
وهل هو من يراقبك من بعيد ويوجهك
وهل مقامة كبير في المنظمة ....؟
هنا تغير لون وجه مريم ، وقالت:
ـ لم اكن أتوقع أن تسأليني هذا السؤال .....
ولكن طالما انك سألتي....، فسأقول لك الأتي:
هذا الرجل لم أراه أطلاقاً ، وكل الذي أعرفه أنه هو الشخص
نفسه الذي كلفني الأستاذ ( شكري ) بالتواصل معه...
حين أخبرته بقصتك وترشيحك للدخول في المنظمة
هنا شعرت بأني مجرد بيدق يتلاعبون به ، ويخططون
في كيف يضعونه في فوهة المدفع لحمايتهم
ويسلخونه من دينه وبيئته والأحضان الدافئة المحيطه به
كل ذلك للفساد و الأفساد...
فلم أتمالك نفسي فخالجتني زوبعة وإعصار من الغضب
فنسيت ماخططت له وتكلمت ثأراً لكرامتي ...
ـ نعم ...اذا انا كنت فأر تجارب ليتم اصطيادي ...
أليس كذلك...اليس كذالك...؟
ـ حبيبتي ماجدة ارجوك لاتزعلي ،
أنا قلت لهم أن لي صديقة
واخت ممتازة ذكية ونشطة ومميزة في الدراسة
ويحبها الكل
فما رأيكم في أن أكلمها ....؟
فقال لي الأستاذ ( شكري ) أنت لاتكلميها ابداً ...
لانها بالمواصفات التى ذكريتها ،
ستغلبك ولن تتحصلي منها على شيء
وعليه سأرشح لك من يقوم بهذا الأمر خارج الجامعة ....
ـ نعم ...وقلت لهم نقاط ضعفي
من حُبي للرومانسية والكلام الغزل وبأنني مُسيّرة وألهث وراء شهواتي
اليس كذلك ....؟
ولاول مرة أشعر أني اريد أن أنقض عليها واخنقها ....
ولكن أستبدلت هذا الشعور بالصراخ في وجهها
ـ هكذا هي الصداقة والاخوة والمحبة ،
ان تُحيكي لي الدسائس من وراء ظهري
وتقدميني لُقمة سائغة للغرباء ، بحجة اني احب الرومانسية
لماذا ...لماذا ....لماذا ....ماذا فعلت لك ...؟
فقد أحببتك جداً بالرغم من خلافاتنا .....
فعندما مثلت عليها هذا الدور لأظهر لها مدي تأثري بموقفها
لأضعها في موقف ضعيف ، عندها يسهل استدراجها
في عدم اخفاء أي أمر عني...
لاني ببساطة كنت اعلم من خلال استنتاجاتي ان لها ضلع
ويد في التنسيق بيني وبين ( مفيد ) فالامر ليس بجديد
ولكن أردت ان أبين لها صدمتي فقط لاغير
ومن داخلي أضحك على سذاجتهم ،
فقد سبقتهم بخطوات ....
هكذا هي الصداقة والأخوة يامريم
فهل أثق فيك في المستقبل في أن لاتخفي عني شيء
هذا ما أشك فيه ....
ـ حبيبتي ماجدة
اقسم لك أني احبك .....
هنا واجهتها لشعوري انها بدأت تكذب حتى على الله
فصرخت في وجهها صرخة حقيقية ، نُصرة لله
ـ تقسمين لي ومن أين لك بالقسم ،
ألم تنبذي كل الديانات
والتشريعات ولاتعترفين بدين أو معتقد الا ماعلموك أياه
فبأي قسم تقسمين ...؟
فهل تكذبين حتى على الله وتقسمين به من ناحية
ومن ناحية اخرى تسبينه
وتكفرين به وبتشريعاته...؟
هل تقسمين بأصنام من علموك أن الطبيعة هي الأم
فالارحام تدفع والأرض تبلع....؟
هل تقسمين بالذين يسيرونك وكأنك قطعة بيدق
في لوحة ( شطرنج ) يتلاعب بها مجهولين..؟
هل تقسمين بوعود زائفه تغطي
العقل والفكر الصحيح....؟
هل تقسمين بوالدك الذي يموت كل يوم كمداً
على سوء تربيته فيك
وعدم قدرته على إصلاحك وجعلك سوية التفكير....؟
فمباذا تقسمين يامريام....؟
بماذا تقسمين وأنت انخلعتي من بيئتك ودينك وحياتك
ومن حضن والدك ، لاحضان غريبة
لاتربطك بهم الا وعود واهية ، تُفسد ولا تُصلح ...؟
فمهما أقسمتي ( يامريام ) فلن أصدقك ...أبداً ....
هنا ولاول مرة شعرت أني كنت قاسية جداً معها
حين رايتها تبكي بُحرقة لم أعهدها فيها من قبل أطلاقاً
فخفت عليها من الأنهيار ...
فألتصقت بها وربتت على كتفها ،
فا بمجرد أن شعرت بقربي لها
زادت دموعها وبكائها بصوت عالى وكأنه أنهيار ...
فلم أجد بُد إلا أن اقول لها كلام خطير ، ربما تكتشف من خلاله
أني أمثل عليها إعتناقي لعقيدتها التى تتبناها
ولكن في تلك اللحظة قررت أن اكون صادقة
وسأحاربها بالصدق والحُب الحقيقي تجاهها
فهذه فرصتي الثمينة لأرجاعها لجادة الصواب
ولتفسر ماتفسر ، فأني سأقنعها بعكس ماستفهم :
أبكي حبيبتي أبكي
فالبكاء هو غسل لأدران النفس
ومحو الخطايا
وأندثار السيئات ....
ابكي واخرجي كل ماعندك
فهذه فُرصتك لترجعي لنا ولوالدك الذي أحبك
ابكي حبيبتي
فلا شيء يستحق أن نبكي عليه الا أنفسنا التى ضاعت
او التى ستضيع تحت مسميات واهية خاطئة ...
فالله موجود وهو يعلم السر وماتخفي الصدور...
وبعد قولي كلامي هذا لها
شعرت بها تبكي بصمت أي بمعنى تنظر اليّ
بعيون مفتوحة تدفع بسيل من الدموع كأنه رذاذ مطر
في يوم شاتٍ....
مع خروج أصوات بُكاء من صدرها الذي يعلوا ويهبط
وكأنها كانت تجري في سباق للمارثون ....
فما كان منى الا أن خِفت عليها من الأنهيار
فلم أكن اعتقد انها حساسة لهذه الدرجة
فألتصقت بها اكثر وحضنتها
وبكيت معها ، فلما رأت دموعي قالت وهي تنهج
بصوت متقطع من شدة البُكاء :
ـ احضنيني ياحبيبتي ماجدة
احضنيني فليست لي أم لترأف بي
أحضنيني فليست لي أخت لأنام على مخدتها
احضنيني فأبي قاطعته ونسيت مافعله معي من طيبات
احضنيني وان أستطعتي اضربيني
فلن يستقيم حالي الا بشخص مثلك ، بحُبه
لي وخوفه عليّ وحرصه على مداوات جرحي
وانهمرت بالبكاء مجدداً في أصوات
سمفونية أشتركت في توزيع
نغماتها ....
فأستمر هذا الوضع لدقائق
حتى هدأت بعد أن مددت يدي لحقيبتي لأناولها قنينة ماء
وأسقيتها كالطفلة التى لاتستطيع أن تُمسك إناء الشرب
فلما شربت قالت :
ـ ياماجدة هل أقول لك اختى من الأن انت اختى
وقد أحببتك وساسعى لعدم إغضابك من الان
فأفعلي بي ماشئت ....
فأردت أن اختبرها بعد هذا الأنهيار
في هل هناك أمل في تغيرها ..
ام هي مجرد طفرة عاطفية
فقط ...
ـ أني أختك وساكون اختك الى أن اموت
فقط أقسمي لي بأنك ستكونين أخت كما أحب أن تكوني
فقبل أن أنهي كلامي معها
قالت وهي تنظر اليّ بنظرات مملؤة دموع
وصدر يعلوا ويهبط ...
ـ أقسم لك بالله أني سأكون كما تحبين اختي ماجدة
فعندما أقسمت لي ، أصابني دوار شديد وأنهمرت أنا
بالبكاء وكأني سمعت لتوي وفاة والدي ....
ولكن هذه المرة بُكاء فرح وسعادة بمريم الحقيقية الغير زائفة
فأعقبت وقلت لها
ـ نعم هذا هو القسم الحقيقي ، القسم بالله
الذي خلقك وأنشاك وأعطاك من نِعمه وفضلة
فأصبحت مميزة في كل شيء ....
ردت وقالت:
ـ نعم والله
وأشهد أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله
اصدقك القول اختي ماجدة
أنه كان هناك حمل ثقيل على صدري أشعر به منذ
فترة وأنا معك وبالتحديد حين نجلس مع البنات وأسمع نقاش
سناء ....وشعوري بأني مختلفة عليكم
فكاان هناك صراع عنيف بيني وبين نفسي
وهذا سبب إلتصاقي بكم وعدم ترككم بالرغم من أزعاجي لكم
الا أنكم قابلتموني بكل الحب والود والرعاية
فالان اشعر باني خفيفة ، وقد أنزاح هذه الثقل من على كاهلي
فكنت أحتاج لهزة عنيفة تخرجني او تدخلي الى مجهول
لا أفكر فيه ....المهم أن ارتاح
وهذه الهزة أتت منك انت وبشعورك نحوي
وبالحب الذي غمرتي به قلبي المُشتت ...
فعندما سمعتك تلومينني بطريقة قوية عنيفة
عن قسمي لك ، شعرت بأني ضئيلة مثل كائن لاوزن له
مليء بالتكبر والكذب والرياء والعناد
شعرت باني ضئيلة تافهة امام الله سبحانه وتعالى
شعرت باني إمعة أقول مايقولون وتفعل مايفعلون
في الوقت نفسه ، هناك منهاج وطريق قويم
أغلقت مساربه ودروبه ، بأفكار تم حشرها في عقلي
حينما كان يحتاج لمن يرعاه ، ويحافظ عليه
في البيت وفي المدرسة ...
فعندما أقسمت ، كنت أنوي الكذب عليك بالقسم
كي أرضيك ، ولكن تذكرت القسم لمن سيكون
عندها أتى صوتك الجهوري القوي وبين لي
ماهو القسم وتفاصيله ....
فبمعاملتك الطيبة معي وبحضنك الدافيء استرحت ...
وأحسست ان هناك احضان اخرى تنتظر أن اعيش في حماها
هل تعلمين اختى ماجدة ، أني في شوق لأرجع للبيت
لأحضن أبي ....؟
، فطالما تمنى أن يحضنني ويشعرني بابوته
وها انا الان احن لحضنه ، الذي طالما تكبرت عليه
تحت مسميات تم حشرها في عقلي
لأني لم اجد الرادع لردعي ، فكل الذي وجدته هو محاربتي
وأذلالي وأقصائي ، ولم يشعرني أحد بُحبه لي ليُصلح من حالي
فالكل كان يمهد لي بطريقة وأخرى ، الذهاب بعيداً عن طبيعتي
مُستغلين تمردي وضياعي وفقدى لمن يرشدني
وليس لمن يستجيب لطلباتي فقط ...
الكل يا ماجدة كان خائفاً مني ، ومن لساني
الكل كان يخشاني ، فمنهم من ينافقني بحبه
فقررت التمرد على نفسي وعلى مجتمعي وعلى بيئتي
حتى اكون مميزة في كل شيء ، حتى وأن كان التميز الخاطيء
فكنت اعلم بنفاق المنافقين الخائفين مني ، ومع ذلك
ارحب بكذبهم لأشباع ما نقص عندي
من حُب حقيقي كالذي رأيته منك ومن حبيباتي البنات ...
فلما أكملت جملتها ألاخيرة ، ابتسمت ابتسامة مُشرقة
توردت فيها وجنتيها المليئة بالدموع
وأردفت قائلة
بالأمكان ياماجدة أن يتم تغيير كل شيء الى الأفضل
بالحُب والصدق والرأفة ....
كما فعلتي أنتِ معي .....
ــ اختى مريم المشاكسة
هنا ازدادت ابتسامتها المشرقة على استحياء ...
لابد وأن نفكر في الخطوة التالية...
ــ أي خطوة تقصدين ....؟
أخوتنا الكرام
بعد الذي حدث مع ( مريم ) وأنهيارها
وتفكرها بخطأها قررت أمر غير مألوف
فما هو هذا الأمر الذي أصرت على فعله
بعد ماسمعت ( ماجدة ) تتحدث عن المقابلة
هذا ماسيتم معرفته في الجزء 18
من
الرجوع من الذهاب ....بعيداً
تقديري وامتناني لمتابعاتكم الطيبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ....اندبها