حفظ البيانات .. ؟ هل نسيت كلمة السر .. ؟

شغل الموسيقى هنا




اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسَلامة والإسلَام، والعَافِية المُجَلّلة، ودِفَاع الأَسْقَام، والعَون عَلى الصَلاة والصِيام وتِلاوَة القُرآن..اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا، حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا، وَرَحِمْتَنَا، وَعَفَوْتَ عَنَّا، وقَبِلْتَهُ مِنَّا. اللَّهُمَّ إنّكَ عَفُوُّ كَرِيم تُحِبُّ الْعَفْوَ فَأعْفُ عَنَّا يَاكرِيم . كُلّ عَامٍ وَ أنتُم بِأَلْفِ خيْرِ وَ صِحَة وَعَافِيَة بِحُلُول شَهر التَوبَة وَ المَغْفِرَة شَهْرُ رَمَضان الْمُبَارَك كَلِمةُ الإِدَارَة


جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة

رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة ( يختص بالعقيدة والفقه الاسلامي على نهج أهل السنة والجماعة)

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 01-27-2018, 08:34 AM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي أسماء الله الحسنى



السّلامُ _ القدُّوسُ _ الملكُ _الرحمن -الرحيم- الله - المتكبّرُ - الجبّارُ - العزِيزُ - المُهيمنُ - المؤمنُ- القهّارُ - الغفَّارُ -المُصوَّرُ- البارئُ - الخالقُ - القابضُ -الباسطُ - العليمُ- الفتّاحُ - الرّزّاق - الوهّابُ -
الحَكمَ - البصيرُ - السّميعُ - المُعز - المُذِل - الخافضُ - الرافعُ - الغفورُ - العَظيم - الحَليم - الّلطيفُ - الخَبيرُ - العَدّل - المُقيتُ - الحَفيظُ - الكَبيرُ - العَليُّ - الشكورُ - المُجيبُ - الرّقيبُ - الكَريمُ - الجليلُ - الحَسيبُ - البَاعثُ - المجيدُ - الوَدُودُ الحَكيمُ الوَاسعُ المَتِينُ القَوي الوَكيلُ الحَق - الشَّهيدُ - المُحيي - المُميتُ - المُبدئُ -المُعيدُ - المُحصيُّ - الحَميد - الوَليُّ - الوَاحدُ - المّاجدُ - الوَّاجدُ - القَيُّومُ - الحَيُّ - الأَوّلُ - المُقَدِّمُ - المُؤَخَّرُ - المُقتدِرُ - القادِرُ - الصّمَدُ - المتَعال - الوَالِي - البَاطِنُ - الظّاهرُ - الآخِرُ - الرؤوفُ - العفُوُ - المنتقِمُ - التوّابُ - البرُ - الغنيُّ - الجامعُ - المُقسطُ - ذو الجَلال - وَالإكرام - مالكُ - المُلك - الهادي - النّورُ - الضّارُّ - النّافعُ - المانِعُ - المُغنِيُّ - الصبّوُرُ - الرّشيدُ - الوارِثُ - الباقي -
البديع





 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-27-2018, 09:00 AM   #2


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أسماء الله الحسنى: الملك، وإن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة قال تعالى:
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)﴾
(سورة الحشر)
وقال تعالى:
﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)﴾
(سورة الفاتحة)
وعند السادة الشافعية يجب أن تقرأ في الركعة الأولى: مالك يوم الدين، وفي الركعة الثانية: ملك يوم الدين، وقد ورد هذا الاسم في آية أخرى قال تعالى:
﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾
(سورة القمر)
وفي آية رابعة قال تعالى:
﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾
(سورة آل عمران)
وفي آية خامسة قال تعالى:
﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)﴾
(سورة يس)
تعريف الملك:
القدرة على التصرف إذاً هو من أسماء الذات، وهو من أسماء الأفعال، فيمكن أن يكون من أسماء الذات ومعناه: القدرة على التصرف، ويمكن أن يكون من أسماء الأفعال ومعناه المتصرف.
حديث قدسي:

((أنا ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإنِ العبادُ عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، وادعوا لهم بالصلاح، فإنّ صلاحهم بصلاحكم))
الله: ملك بل مالك الملوك ومعنى هذا أن أي شيء يُملَّك مالكه الله سبحانه وتعالى، وقال بعض العلماء: الملك هو الذي يحكم ولا يملك، والمالك هو الذي يملك ولا يحكم، والله سبحانه وتعالى مالك وملك.
أحياناً يملك الإنسان الشيء ولا ينتفع به وليس من حقه أن يتصرف فيه، وأحياناً ينتفع فيه ويتصرف فيه ولا يملكه، وأحياناً يملك الشيء وينتفع به ويتصرف فيه وليس المصير له، مثال بيت يملكه ملكاً حراً شرعياً يسكنه، فإن صدر قرار استملاك يصبح مصيره ليس له، إذاً إذا قلنا إن الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك: يملك الشيء ويتصرف به ومصيره إليه، فتكون أعلى درجات الملكية هي ملكية الله سبحانه وتعالى.
سئل أعرابي يملك قطيعاً من الغنم، لمن هذه ؟ قال: لله في يدي، فالمؤمن الصادق: بيته ومتجره، سيارته، خبرته، مكانته، شهاداته، يراها بملك الله عز وجل. مثال: أعلى طبيب في اختصاصه، إذا تجمدت خثرة في دماغه، يفقد ذاكرته فمصيره إلى مستشفى المجانين، إذاً مَن مالك الملك ؟ الله سبحانه وتعالى.
هذه العين التي ترى بها، من مالكها ؟ الله سبحانه وتعالى، هذه الأذن، هذا اللسان، هذه الحركة، هذه القوة، أيْ مِن لوازم الأيمان: أن ترى أن كل شيء بحوزتك هو ملك لله عز وجل سمح لك أن تتصرف به. لمن هذا القطيع يا فلان ؟ لله في يدي، وبيتك لله في يدك، ومتجرك لله في يدك، وسمعتك ومؤلفاتك وعقلك وذكاؤك لله في يدك.
الآن إذا قلنا: فلان ملك، نقصد بها حقيقةً أم مجازاً، العلماء قالوا: لا يمكن أن يملك حقيقةً إلا الله، وأيُّ وصف للملكية لغير الله فهو وصف مجازي وعلى سبيل المجاز فقط، لأن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، فهل من ملك يستغني في ذاته عن كل موجود ؟ ألا يشرب، ألا يستنشق الهواء، ألا يأكل، ألا يشعر بحاجة إلى النوم، ألا يخاف، ألا يحزن، ألا يتمنى أن يكون له أعوان كثر، إذاً أي إنسان مفتقر في وجوده وفي صفاته إلى إنسان آخر، لا يمكن أن يكون ملكاً حقيقياً، الملك الحقيقي هو الله عز وجل، وإذا سمينا فلاناً ملكاً فهو من باب المجاز.
الملك الحقيقي الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ويحتاجه كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته، فهو ملك في ذاته، في وجوده، في صفاته، مستغنياً عن كل شيء، بحاجة إليه كل شيء، هذا هو الوصف الدقيق للملك ولا ينطبق إلا على الله عز وجل، إذاً الملك الحقيقي هو الله، وكل من يصف نفسه أنه ملك أو مالك هذه الدار أو مالك هذه الدكان أو مالك هذه التجارة أو صاحب هذه الشركة هذا من باب المجاز، أعرف حجمك الحقيقي رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده.
الله سبحانه وتعالى: مالك مُمَلِّك، الشخص الذي لا يستطيع أن يملكك فليس ملكاً، فمن لوازم هذا الاسم أن الله مالك مملك، والدليل قال تعالى:
﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾
(سورة آل عمران)
والملك الحقيقي الذي يملك هواه ولا يملكه هواه، والذي أُعتِق من أَسْرِ نفسه وليس ملكاً لنفسه، قال تعالى:
﴿رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)﴾
(سورة يوسف)
هذه الآية دقيقة جداً: سيدنا يوسف يصف بأنَّ الله قد آتاه الملك: أيُّ مُلْكٍ آتاه ! لعلكم ظننتم أنه كان أميناً على خزائن الأرض، أغلب علماء التفسير قالوا: لا، بل آتاه الملك الحقيقي فهذا الملك الذي يؤتيه الله لمن يشاء ملك زائل، وليس فضيلة يفتخر بها، فما هو الملك الحقيقي ؟ هو أنه ملك نفسه، لمجرد أن قال: معاذ الله حينما دعته امرأة ذات منصب وجمال، حينما قالت هيت لك قال معاذ الله، قال علماء التفسير: هذا هو الملك الحقيقي، الملك الذي لا يزول، الملك الذي تسعد به إلى الأبد، أن تملك نفسك ولا تملكك، أن ينقاد لك هواك ولا تنقاد له، إذا انقاد لك هواك وسيطرت عليه فأنت ملك، إذا سيطرت على نفسك فأنت ملك، إذا ملكت زمام نفسك فأنت ملك، إذا سيطرت على شهواتك فأنت ملك، إذا قدت نفسك إلى طريق الخير والسعادة فأنت ملك أما إذا قادتك نفسك إلى الضلال والشهوات والمعاصي والآثام أنت مملوك، إذا قادك عقلك أنت ملك، إذا قادك هواك فأنت مملوك، وشتان بين أن تكون ملكاً وبين أن تكون مملوكاً.
أحد أكبر زعماء أوروبا في الحقبة السابقة والذي حقق انتصاراً ساحقاً في الحرب العالمية الثانية له كلمة لا أنساها، قال: ملكنا العالم ولم نملك أنفسنا، نحن ضعاف أمام أنفسنا. شخصية كبيرة تغريه امرأة تعمل معه، تنهار نفسه أمام فتنتها. إذاً أنت مملوك، كل أهل الدنيا عندهم نقطتا ضعف مدمرتان: المال والنساء، أي يملك أشياء كثيرة وله إطلاع واسع، له قدرات عجيبة، ومع ذلك المرأة والدرهم والدينار تمتلكه، إذاً هو مملوك. لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام قال:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ...))
(سنن ابن ماجة )
مملوك هو في خدمة المال ولم يجعل المال في خدمته، المال أصلاً مُسخر لك لكنك سُخِّرت له فأنت عبد له.
((تعس عبد الفرج تعس عبد البطن تعس عبد الخميصة.))
إذاً أنت مملوك، إذا قرأتم هذه الآية ترنموا بها:
﴿رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ﴾
الملك الحقيقي أن تملك نفسك لا أن تملكك، أن ينقاد لك هواك لا أن تنقاد له، أن تسيطر على شهواتك، أن تكون مع الحق حيث كان الحق، أن تكون وقَّافاً عند كتاب الله، أن تعترف بالحق الذي لغيرك عليك وإن كان مراً، هذه هي البطولة الحقيقية، هذا ما اتجه إليه معظم المفسرين في قوله تعالى:
﴿رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)﴾
بعضهم قال: المَلِكُ: الذي ملك قلوب العابدين فأقلقها، الحقيقة أن الإنسان منذ أن عرف الله عز وجل، أو منذ أن بدأ في معرفة الله، دخل في دوَّامة الحب، أصبح مشغولاً، أصبح عظيماً بعد أن كان تافهاً، يعني أن المؤمن قلق لا ينزاح عنه قلقه حتى يلقى الله عز وجل، هل اللهُ راض عني ؟ هل عملي وفق ما يرضي الله ؟ هل الله يحبني ؟ هل في عملي إخلاص ؟ هل في عملي زيغ ؟ هل هناك ما أرجوه غير الله عز وجل ؟
ومَلَكَ قلوبَ العارفين فأحرقها، المَلِكُ مَنْ إذا شاءَ مَلَّك ومن إذا شاء أهلك:

﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)﴾
(سورة البروج)
إذا أعطى أدهش، وإذا حاسب فتّش، أعطانا قبل سنوات أمطاراً غزيرة دهشنا بها سبعين ضعفاً عن إنتاج السنوات السابقة من القمح وإذا انحبست أمطار السماء، فَمَنْ في الأرض كلها يستطيع أن يصدر قراراً بإنزال المطر ! ولو اجتمعت الأمم كلها، المجالس كلها، والقيادات كلها، وإذا انحبست الأمطار مات الزرع وتبعه الضرع وتبعه الإنسان.
فنحن عبيد لأننا مفتقرون لماء السماء:
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)﴾
(سورة الملك)
اللهُ سبحانه وتعالى. المَلِكُ من إذا شاء ملّك وإن شاء أهلك، الملك الحق من لا ينازعه معارض، لا خصومات لا معارضون لا مُشَوشون منتقدون، ولا يمانعه ناقد فهو في تقديره منفرد، وبتدبيرهُ متوحِّد، ليس لأمره مرد ولا لحكمه رد، والمَلِكُ من دار بحكمه الفلك.
ذكر الله تعالى في آية واحدة خمسة بنود للملكية، قال تعالى:
﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)﴾
(سورة آل عمران)
العلماء فسروا المُلْك أنه ملك الآخرة كما فسَّروه ملك الدنيا، فإذا كنت مؤمناً، مستقيماً، صادقاً مخلصاً، لك عمل طيب فأنت ملك، ولكن مِن ملوك الدار الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ والإمام علي يقول: " الغنى والفقر بعد العرض على الله"، وقال:
﴿ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ﴾
ولكن من تشاء ؟ إذا قال الله عز وجل:
﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
ما معنى يهدي من يشاء ؟ يعني من شاء الهداية هداه الله.
" ويضل من يشاء "
من شاء الضلالة أضله الله، فالهداية والضلالة أصلهما هداية جزائية أو ضلال جزائي مبني على هداية أو ضلال اختياري، قال تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)﴾
(سورة الصف)
﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاء﴾
تؤتي الهداية من شاءها، وتنزع الملك ممن تشاء: رفض الدين، رفض رحمة رب العالمين، رفض وعده العظيم، أراد الدنيا، أراد شهواتها، ينصرف الإنسان إلى الملاهي، إلى شهواته، إلى دور اللهو، إلى معاصيه، إلى انحرافاته.
بالمناسبة مُلْك الدنيا: يؤتيه الله لمن يحب ولمن لا يحب، وأما مُلك الآخرة فلا يأتيه إلا لمن يحب.
المعنى الثاني: ملك الدنيا، الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)﴾
(سورة الأنعام: من الآية 165)
مَن مَلَّكَكَ هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى، لمن كان هذا البيت ؟ لفلان، كيف باعه ؟ ضاقت به الأمور فباعه، من الذي جعلك خليفة له في هذا البيت ؟ الله سبحانه وتعالى، هذا العمل من ولاّك إِياه ؟ الله سبحانه وتعالى، لماذا عُزِل فلان ؟ بحكمة الله وتقديره، إذاً المعنى الآخر: تؤتي الملك مَنْ تشاء، المعنى الدنيوي، الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ الأرض ﴾
ما الحكمة ؟ لماذا أعطى فلاناً ومنع فلاناً ؟ ومَلَّكَ فلاناً ونزع من فلان ؟ لماذا رفع فلاناً وخفض فلاناً ؟ الجواب:
﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
يمتحنك بالغنى وبالفقر، بالصحة وبالمرض، بالقوة وبالضعف، قال فإذا كان هذا العبد متمرداً فما الجواب، قال:
﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ ﴾
قال فإذا كان طائعاً فما الجواب ؟
﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82)﴾
(سورة طه: الآية 82)
إذاً: جعلكم خلائف الأرض، ووزع الحظوظ توزيع ابتلاء وسوف تُوَزَّعُ في الآخرة توزيع جزاء إذاً هو مالك الملك: إِما أن يُمَلِّكك ملك الآخرة أو ملك الدنيا أو ملك الآخرة والدنيا:
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
***
﴿ وتعز من تشاء وتذل من تشاء ﴾
دخلنا في باب العز والذل، هنالك شيء دقيق جداً: إذا أعزك الله سخر لك أعداءك، وإذا أراد الله أن يذل عبداً ما، أذله أقرب الناس إليه.
﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ﴾
اجعل لربك كل عزك يستقرَّ ويثبُت
فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميّت
***

إذاً من لوازم أن الله مَلِك أنه هو الذي يعز وهو الذي يذل، فكن مع العزيز.
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمي بجنابنـا لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
***
﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾
إذاً فالذلُّ خير، ونزع المُلكِ خير، ولكن يسمى شراً من وجهة نظر الإنسان.
﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ﴾
تصريف الكون، تسيير الكون، الأرض تدور حول الشمس بمدار اهليلجي بيضوي، مَن يجعلها على مسارها تماماً؟ هل في الكون كله قوة تستطيع أن تجعلها على مسارها لو خرجت ؟ إنها إن خرجت انتهت وجذبتها كواكب أخرى !!
﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً(41)﴾
(سورة فاطر )
يمسكها على مسارها، إذا خرج القطار عن سِكَّته، طفل رضيع أو نملة صغيرة أو ذبابة حقيرة هل بإمكانها أن تعيده إلى السكة ؟
﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾
مَن جعل الأرض تسير في الثانية 30 كم ؟ مَن جعلها تدور في الساعة 1600 كم ؟ مَن جعلها بهذا الحجم ومن جعل بعدها عن الشمس بهذه المسافة ؟ هذا من اسم الله: الملك.
﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(27)﴾
(سورة آل عمران: الآية 27)
ظاهرة النبات، ظاهرة توالد الإنسان، تكاثر الحيوان، تكاثر النبات.
﴿ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾
بذرة الزيتون تبدو لك قطعة من الخشب كامن فيها شجرة بقوة هذه البذور، هذه أنماط الحياة، دورة الحياة، الشجرة يابسة في الشتاء كأنها خشب يأتيها الربيع فإذا هي خضراء.
مرة طلب سيدنا عمر من سيدنا عمرو بن العاص أن يصف له مصر وكان بليغاً، قال: يا أمير المؤمنين مصر طولها شهر، وعرضها عشر، يعني طولها مسيرة شهر وعرضها مسيرة عشرة أيام، يخط وسطها نهر ميمون الغَدَوات مبارك الرَّوْحات، يا أمير المؤمنين بينما هي عنبرة سوداء - ترابها أسود اللون لخصوبته - إذا هي درَّة بيضاء - طواف النيل - إذا هي زبرجدة خضراء، فتبارك الله الفعال لما يشاء، وصف مصر في الشتاء وفي فيضان النيل وفي الربيع والصيف، وصف طولها ووصف عرضها.
إذاً مِن معاني الملك أنه يقلب النهار، ويخرج الحيَّ من الميت ويخرج الميت من الحي، ومن معاني أنه يخرج الميت من الحي والحي من الميت: أن الكافر قد يلد مؤمناً وأن المؤمن قد يلد كافراً:
﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)﴾
(سورة هود: الآيتان: 45- 46 )
آخر بند في المُلْكية:
﴿ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
قد يرزق الإنسان الضعيف، وقد يفقر القوي الذكي، لذلك التجار يقولون ليس عند الله تاجر ذكي، ومن دعاء المؤمنين على الكافرين " اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم " فالكافرُ يدبر فإذا هو يدمر نفسه. ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
هناك سؤال: هل يملك العبد بالتمليك، لو أنّ إنساناً ملَّكَك شيئاً هل تملكه، كيف نناقش هذه الفكرة ؟ مالك هذه الدار، هذه المركبة، تملَّكَ بالمكنيك كاملَ أربعٍ وعشرين قيراطاً، هذا كلام نقوله نحن، وليس هناك غلط كبير في هذا الكلام، العلماء قالوا بالحرف الواحد: الأصح أن الإنسان لا يملك ! لماذا ؟ لأن استقلاله بالتصرف في الغير فرع من كونه مستقلاً في نفسه، فإذا كان العبد لا استقلال له في نفسه وذاته البتة، فكيف يكون مستقلاً في تصرفه بالغير. ولهذا قال ربنا عز وجل مُعلماً رسولاً ومن بعده عباده:
﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)﴾
(سورة الأعراف)
إذا كان النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، أفيملك النفع والضر للآخرين ؟ الجواب لا. مِن باب أولى، إذا كنتُ عاجزاً عن هداية ابني ! فهل بإمكاني أن أهدي ابنك ؟ مستحيل! فلذلك فالكلام القطعي والثابت أن الله سبحانه وتعالى هو المَلِك الحقيقي وأن الإنسان إذا ملك فملكيَّةُ مجازية فمثلاً قد يقول لك مستخدم في وزارة الخارجية: والله عينا فلاناً سفيراً ! هذا كلام مجازي، إنَّ الذي عين فعلاً، ليس المستخدم بل الوزير. أَّما في الحقيقة المطلقة: الذي مُلَّكَ هذا الإنسان هذا المنصب، هو الله سبحانه وتعالى.
العبد مثلاً متى يكون مسافراً ؟ إذا سافر سيده، متى يكون مقيماً ؟ إذا أقام سيده، هل للعبد استقلال في حركته عن سيده ؟ لا، إذاً كلام قطعي: يجب أن تشعر وأنت تملك أوراق الملكية للبيت أن هذا البيت ملك الله عز وجل. في أية لحظة يمكن أن تبيعه، قد يتعطل جهاز بالجسم، فيقال لك: هذه العملية تكلفتها 800 ألف ليرة ومصاريف سفر وإقامة، وبالعملة الصعبة، والنتيجة بيتك ثمن للعملية، فتعرضه للبيع، فسبحان مالك الملك ومثل آخر: كُلْيِة تكلفة زراعتها 1000000 ليرة، وكل شيء تملكه ثمن لهذه العملية، صمام القلب كلفته 500 ألف ليرة، فالإنسان إذا عافاه الله فهو غني وغني بالمعنى الحقيقي.
هناك موضوع دقيق بعض الشيء، وقبل الوصول إليه، يقول تعالى:
﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)﴾
(سورة النحل)
إذا كان العبد مملوكاً لا يقدر على شيء، فهل يكون مالكاً ؟ أَيْ متصرفاً في ملك الآخرين، هذا مستحيل ! لكن ما بال الآية الكريمة تقول:
﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)﴾
(سورة الروم )
فتبصَّر يا أخي المؤمن، الأمر دائماً بيد الله فكيف نفسر قوله تعالى
﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)﴾
(سورة الانفطار)
الآن، الأمر لله وفي آية أخرى:
﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾
وفي آية أخرى:
﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)﴾
(سورة الأنعام)
وفي آية أخرى:
﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)﴾
(سورة القصص)
وفي الدنيا لمن الحكم ؟ أليس الحكم لله ؟ بلى، مثال آخر:
﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)﴾
(سورة هود)
وكما يقول الله تعالى:
﴿صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)﴾
(سورة الشورى)
بيدِ مَنْ كانت إذاً ؟ هنا العلماء وقفوا وقفة رائعة قالوا: الحقيقة أَنَّ الأمر بيد الله من قبل ومن بعد والحقيقة أن الحكم لله دائماً والحقيقة أنه إليه يرجع الأمر كله دائماً. لكنِ الكفار الغافلون الشاردون الضعاف يرون أنَّ الأمر بيد زيد أو عبيد في الدنيا والحكم بيد فلان والأمر بيد فلان أما إذا كان يوم الدين كل الخلائق قاطبة ترى أن الأمر بيد الله وأَن الحكم لله وأنه إلى الله تصير الأمور، فالبطولة أَنْ ترى هذا الشيء في الوقت المناسب.
إذاً حتى الكفار والشاردون وحتى أعتى الكفرة سوف يرون أن الأمر بيد الله وأَنَّ الحكم لله وأَنَّه إليه يرجع الأَمر كله. ولكنهم في الدنيا لا يرون الله عز وجل، يرون أولياء من دونه. يرون مراكز قوى في الحياة هم يعبدونها من دون الله. ويوم القيامة يرون الحقيقة.
إذاً القضية قضية وقت فقط، إما أن ترى الحق في الوقت المناسب قبل أن يفاجئك الموت أو لابد أن تراه يوم القيامة فيكون حسرة أية حسرة إذاً البطولة لا أن تنتظر إلى أن ترى مع الآخرين الحقائق، البطولة أن ترى الحقيقة في الوقت المناسب كي تستفيد منها.
هناك شيء آخر: لماذا لا يكون العبد مالكاً مطلقاً ؟ قيل: لأنه لا يستغني عن كل شيء: فلو فرضنا أنّ ملكاً عظيماً يستغني عن كل أفراد رعيته، فهل يستغني عن الهواء أو عن الماء أو عن الطعام أو عن الزواج؟ لذلك حين طلب هارون الرشيد الخليفة العباسي الذي ترامت أطراف دولته إلى أقاصي الدنيا. كأس ماء قال له وزيره وكان ذكياً يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس لو منع عنك، قال: بنصف ملكي، قال: فإذا منع إخراجه، قال: بنصف ملكي الآخر، قال إذاً ملكك يساوي كأس ماء.
في بعض متاحف القاهرة ملك من فراعنة مصر الكبار اسمه توت عنخ آمون كشفت مقبرته بأكملها، كما دفن معه طبعاً من الذهب والحلي والأغراض مالا سبيل لوصفه، ولكن وقفت عند نقطة واحدة: أن هذا الملك مات شاباً في الثامنة عشرة من عمره، حيث إِنّ التابوت قصير جداً والجثة قصيرة جداً، قلت وقتها سبحان الله ! مهما كان الإنسان مالكاً ولديه من الثروات ما لديه تبقى الحياة بيد الله عز وجل، فمصر كلها كانت بيده، مقدرات مصر كلها بيده، ومع ذلك توفاه الله في الثامنة عشرة من عمره، فالمقبرة عامرة بالذهب وبشتى أنواع الحلي وبشيء تحار به العيون ومع ذلك مات في سن مبكرة فما أغنى مالُه ولا رَدَّ الموت ملكه. إنه مُلك، ولكنّه عارية.
قال بعض الأمراء لبعض الصالحين وقد التقيا يوماً سلني حاجتك ؟ فقال له الصالح: إليَّ تقول! قال الأمير: نعم، قال الصالح: لي عبدان هما سيداك. قال الأمير: ومن هما ؟ قال الصالح: الحرص والأمل؛ الحرص على الدنيا والأمل المديد هما عبدان عندي وهما سيداك، فقد غلبتهما وغلباك، وملكتهما وملكاك. فالإنسان يكون ملكاً إذا سيطر على شهواته.
بعض الصالحين قال: كنت أمر بعسفان فوقع بصري على امرأة جميلة، فمال إليها قلبي فاستعنت بالله واتقيت ومررت، فلما نمت تلك الليلة رأيت يوسف عليه السلام في المنام فقلت له: أأنت يوسف ؟ قال: نعم، فقلت الحمد لله الذي عصمك من امرأة العزيز، فقال لي: والحمد لله الذي عصمك من العسفانية، هذا هو الملك الحقيقي عندما تطيع الله عز وجل.
سيدنا يوسف لما مر بالقصر كان عبداً في القصر ثم صار ملكاً، جارية تعرفه عبداً ورأته في موكب الملك، فقالت سبحان الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته وسبحان الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيته، فالحقيقة هي: مَن تحقق مِن ملك سيده كأنه ملك كل ملك سيده.
حُكي عن شفيق البلخي أنه قال: كان ابتداء توبتي أن رأيت غلاماً في سنِة قحطٍ يمزح زهواً والناس تعلوهم كآبة، فقلت له: يا هذا ما هذا المرح ؟ ألا تستحي ؟ أما ترى ما فيه الناس من المحن ؟ فقال لا يحق لي أن أحزن ولسيدي قرية مملوكة أدخر فيها كل ما أحتاج، فقلت في نفسي: إن هذا العبد لمخلوق ولا يستوحش لأن لسيده قرية مملوكة، فكيف يصح أن أستوحش أنا وسيدي مالك الملوك فانتبهت وتبت - الغلام لقنه درساً في التوبة - إذاً بعضهم يقول دبِّر أو لا تدبر، فالمدبر هو الله سبحانه:
كـن عـن همومـك معرضـا وكـل الأمـور إلى القضا
وابشر بخير عاجـــــــل تنسى به ما قد مضـــى
فلرب أمر مسخـــــــط لك في عواقبه رضـــى
ولربمـــا ضاق المضيــق ولربما اتسع الفضــــا
الله يفعل ما يشـــــــاء فلا تكن معترضـــــا
الله عودك الجميـــــــل فقس على ما قد مضــى
***
ولرُبّ نازلةٍ يضيق بها الغنى ذرعاً
نزلت وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنت أظنها لا تُفرجُ
***

سمعت أنه نزلت في إيطاليا العام الماضي أمطارٌ في ليلة واحدة تعادل أمطار العام بأكملِهِ وفي لحظة واحدة فإن الله عز وجل قادر على أن يرزقنا مطراً غزيراً يصبح المعدل فوق المعدل الطبيعي. ولو تأخر المطر، فالأمر بيد الله عز وجل، لكن لا تنسوا أنَّ تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز.
من آداب الإيمان بأن الله هو الملك، أن يكون العبد بما في يَدَيِ الله أوثق منه مما في يديه إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يديِ الله أوثق منك مما في يديك، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، إذا أردت أن تكون أكرم الناس منزلةً فاتق الله.
الحاتم الأصم كان صائماً يوماً فلما أمسى قُدِّم إليه فطوره فجاء سائل فدفع ذلك الفطور إليه فَحُمِلَ إليه في الوقت ذاته طبق عليه كل ألوان الأطعمة فأَتاه سائل آخر فدفع إليه كل ذلك، ففتح بصره فإذا دنانير في الوقت نفسه بين يديه، فلم يتمالك أن صاح: الغوث من الخَلفِ. وكان في جيرانه من يسمى " خلفاً " فتسارع الناس إليه وقالوا يا أخي ِلمَ تُؤذى الشيخ وما زالوا به حتى جاءوا به إلى الشيخ وقالوا هذا خَلَف جاءك معتذراً، فقال إني لم أعْنيِهِ إطلاقاً إنما عجزت عن شكر الله عز وجل على ما يعاملني به من الخلف فكلما أنفقت شيئاً أعطاني الله خيراً منه.
أحد الصحابة وهو عبد الرحمن بن عوف قالت عنه السيدة عائشة: أخشى أَن يدخل الجنة عبد الرحمن زحفاً لكثرة ماله، فقال هذا الصحابي الجليل والله لأَدخلنَّها خبباً ( ركضاً ) وما عليّ إذا كنت أُنفق مائة في الصباح فيؤتيني الله ألفاً في المساء.
قال من عرف أَنَّ الملك هو الله وحده: آنَفُ أن أتذلّلُ لمخلوق ؛ فإذا عرفتَ ما في إلاّ الله ملك أنفت أن تتذلل لمخلوق، وقال بعضهم: أيجمل بالحرِّ أن يتذلل للعبيد وهو يجد ِمن مولاه ما يريد، أُطلبْ تعطِ، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، أيليق بك وقد عرفت أنَّ الله هو الملك ولا ملك سواه أن تتذلل لسواه، مَنْ عرف الله لم يحتج إلى عَوْنِ المخلوقين وفتنتهم وبذا تستغني عن الناس، والاستئناس بالناس من علامات الإفلاس.
بشر الحافي رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم فقلت: يا أمير المؤمنين عظني فقال لي: " ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلباً للثواب وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله"، وإذا وثقت بالله عز وجل الله لا يخيبك، من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه.
قيل لبعض الشيوخ أوصني، فقال: كن ملكاً في الدنيا تكن ملكاً في الآخرة، فقال وكيف أفعل ذلك ؟ قال: ازهد في الدنيا تكن ملكاً في الدنيا، استغن عن الرجل تكن نظيره واحتج إليه تكن أسيره، أحسن إليه تكن أميره، وإمَّا كن ملكاً في الدنيا تكن ملكاً في الآخرة.
سئل حسن البصري: بمَ نلت هذا المقام، قال: باستغنائي عن دنيا الناس وحاجتهم إلى علمي.
قال سفيان بن عيينة: بينما أنا أطوف بالبيت إذ رأيت رجلاً وقع في قلبي أنه من عباد الله الصالحين، فدنوت منه فقلت: هل تقول شيئاً ينفعني الله به، فلم يرد عليّ جواباً، ومضى في طوافه فلما فرغ صلى خلف المقام ركعتين، ثم دخل الحجر فجلس فجلست إليه، فقلت يا سيدي هل تقول لي شيئاً ينفعني الله به، فقال هل تدري ماذا قال الله عز وجلُ: وقد سمع نداء الحضرة الإلهية: أنا الحي الذي لا أموت هلمّوا إليّ أطيعوني أجعلكم أحياء لا تموتون.
﴿ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾
الإنسان أول ليلة في قبره يقول الله عز وجل له:
(( عبدي رجعوا وتركوك وفي التراب دفنوك ولو بقوا معك ما نفعوك ولم يبقَ لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت ))
قال ألم تسمع ربك يقول:
((أنا الحي الذي لا أموت فإن أطعتموني جعلتكم أحياء لا تموتون في جنة عرضها السماوات والأرض، أنا الملك الذي لا أزول هلموا أطيعوني أجعلكم ملوكاً لا تزولون ملوك الدار الآخرة أنا الملك الذي إذا أردت شيئاً قلت له كن فيكون، هلموا أطيعوني أجعلكم كذلك أي كلما دعوتموني أجبكم، كلما سألتموني أعطيتكم أنا عند ظنكم:" ولئن سألني أحدكم لأعطينه ولئن دعاني لأجيبنه))
هذه بعض التعريفات والآداب والحدود في شأن اسم الله الملك.
والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-28-2018, 08:03 AM   #3


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.




حديث عظيم أصل في أسماء الله:




أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى، وما زلنا في المقدمات.
في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))




معنى: أَحْصَاهَا:




هذا حديث صحيح اتفق عليه الشيخان، وهو من أعلى مراتب الصحة، لكن كي نفهم معنى: مَنْ أَحْصَاهَا، نقرأ الآية الكريمة:

﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) ﴾
(سورة مريم)






الفرق بين الإحصاء والعدِّ:

يبدو أن الإحصاء شيء، والعد شيء آخر، فأنت كمعلم يمكن أن تعد طلابك بشكل سريع، أما أن تحصيهم، أن تعرف إمكاناتهم، مستوياتهم، تفوقهم، وضعهم العائلي، وضعهم في البيت، مدى تقيدهم بمنهج الله عز وجل، الإحصاء دراسة شاملة، النبي عليه الصلاة والسلام يجعل إحصاء الأسماء سبباً وحيداً كافياً لدخول الجنة:

(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))




















وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ



أقرّب هذا المعنى بآية ثانية:
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ (46) ﴾
(سورة الكهف)
حينما قال: " وَالْبَاقِيَاتُ "، معنى ذلك أن المال والبنين شيء زائل، كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت.
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
***
و كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمـــــول
فإذا حملت إلى القبـــور جنازة فاعلم بأنك بعدهــا محمـــــول
***
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) ﴾
(سورة الكهف)
ودقة الآية أن المال من دون بنين مشكلة كبيرة، وأن البنين من دون مال مشكلة أكبر.
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) ﴾
(سورة الكهف)


لكن الله عز وجل حينما قال:



﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ (46) ﴾
(سورة الكهف)
متع الدنيا زائلة، فما الباقيات الصالحات ؟
قال بعض العلماء: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، دقق، إن سبحته أي نزهته عن كل نقص ومجدته، وحمدته ووحدته وكبرته، فقد عرفته، وإن عرفته عرفت كل شيء، وإن عرفته صغر في عينك كل شيء، وما معنى: الله أكبر ؟ أكبر من كل شيء، بل أكبر مما عرفت.
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ (46) ﴾
(سورة الكهف)







أنت أيها الإنسان زمنٌ:





البطولة أيها الإخوة، أنت زمن، في أدق تعاريف الإنسان، أنه بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، هذا تعريف الإمام الجليل الحسن البصري، الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه.
ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، وتزود مني، فإني لا أعود إلى يوم القيامة، بل إن الإنسان بضعة أيام، وهو في الحقيقة زمن فقط، بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، لذلك جاءت الآية الكريمة:
﴿ والْعَصْرِ {1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} ﴾
( سورة العصر )

جواب القسم أن الإنسان خاسر لا محالة، لماذا ؟ لأن مضي الزمن يستهلكه فقط، لكنه يستطيع تلافي هذه الخسارة إذا تعرف على الله، وتعرف إلى منهجه، وحمل نفسه على طاعته، وتقرب إليه بالأعمال الصالحة.
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
( سورة العصر )
قال الإمام الشافعي: " هذه أركان النجاة في الدنيا "، لا بد من أن تتعرف إلى الله، ولا بد من أن تحمل نفسك على طاعته، ولا بد من أن تدعو إليه، فالدعوة إليه فرض عين على كل مسلم، الدليل:
(( بلغوا عني ولو آية ))
[ أخرجه أحمد والبخاري والترمذي عن ابن عمرو ]
لكن الدعوة التي هي فرض عين في حدود ما تعلم، ومع من تعرف.
لذلك أيها الإخوة الكرام، الإنسان إما أن يستهلك عمره استهلاكاً، أو أن يستثمره استثماراً، إذا تعرف إلى الله، وتعرف إلى منهجه، وحمل نفسه على طاعته، وتقرب إليه يكون قد أنفق وقته استثماراً، أنفق وقته في عمل جليل ينفعه بعد مضي الزمن.







أهمية العلم بأسماء الله تعالى:



لذلك أيها الإخوة الكرام، موقع أسماء الله الحسنى من العقيدة موقع كبير:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))

ماذا يقول العالم الجليل ابن القيم رحمه الله تعالى ؟ يقول: العلم بأسمائه وإحصائها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي أحصى جميع العلوم، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ))
[ رواه الدارمي ]
الآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه.
إنسان يحمل أعلى شهادة في الفيزياء النووية، إذا انتهى أجله انتهت هذه الشهادة، يقول لك: الدكتور فلان عميد أسرتهم، انتهى، لكن إذا تعرف إلى الله ينتفع بهذه المعرفة بعد الموت وإلى أبد الآبدين، لهذا كل علم ممتع، لكن ما كل علم ممتع بنافع، والعلم النافع قد يكون غير مسعد، ما كل علم نافع بمسعد، إلا أنك إذا تعرفت إلى الله فهو علم نافع ممتع مسعد في الدنيا والآخرة:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))













معرفة الله لابد أن تكون مصحوبة برحمة مستقرة في قلب المؤمن:




كيف نحصيها ؟ قالوا إحصائها أن تتعرف إلى ألفاظها وعددها، وقالوا: إحصائها أن تفهم معانيها ومدلولاتها، وقالوا: إحصاءها الدعاء بها كما ينبغي، دعاء، وثناء وعبادة، ودعاء، مسألة، وطلب، هذا معنى إحصائها عند ابن القيم رحمه الله تعالى.

الآن أيها الأخوة، ينبغي أن تتعرف إلى الله، وأن تشتق منه كمالاً إذا اتصلت بالرحيم، لا بد من أن يستقر في قلبك الرحمة، دقق في قوله تعالى:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ (159) ﴾
( سورة آل عمران)
يا محمد، بسبب رحمة استقرت بقلبك عن طريق اتصالك بنا لنت لهم، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك،
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ (159) ﴾
( سورة آل عمران)
أي لو كنت بعيداً لامتلأ القلب قسوة، فإذا امتلأ قسوة انعكس غلظة، فإذا انعكس غلظة انفض الناس من حولك، هذه معادلة رياضية، اتصال، رحمة، لين، التفاف، انقطاع، قسوة، غلظة، انفضاض، معادلة رياضية بالتمام والكمال.
فلذلك أيها الإخوة، إذا كان للإيمان مؤشر، ومؤشر للرحمة يمشي مع هذا المؤشر تماماً، فكلما ازداد إيمانك ازدادت رحمتك، ومن لا يرحم لا يرحم، يا عبادي، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، وأبعد قلب عن الله القلب القاسي.
الآن أقول لك: حينما تعرف اسم الرحيم، وتتصل بالرحيم يمتلأ قلبك رحمة، وهذه ثمار الصلاة الحقيقية.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾
( سورة العنكبوت الآية: 45 )
من أدق ما قال المفسرون حول هذه الآية: ذكر الله لك أكبر من ذكرك له، فإذا ذكرته أديت واجب العبادة، أما إذا ذكرك الله عز وجل ملأ قلبك رحمة، ملأ قلبك أمناً، ملأ قلبك غنىً، ملأ قلبك رضىً، ملأ قلبك يقيناً، ذكر الله لك أكبر من ذكرك له، لذلك ورد في الأثر:
" بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر "







بالحكمة تسعد:



إذا دخلت إلى بيت صديق يقدم لك بعض الضيافة، لكنك إذا دخلت إلى بيت من بيوت الله فقد يهبك الله الحكمة.
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) ﴾
( سورة البقرة)
بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة الخامسة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، بالحكمة تسعد بالمال، ومن دون حكمة تبدد المال.
أيها الأخوة الكرام، من أجل عطاءات الله الحكمة، أنت إذا اتصلت بالحكيم تغدو حكيماً من معاني:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
تخلق بالكمال الإلهي، اشتق من الله الحكمة، اشتق منه الرحمة، اشتق منه العدل، حينما تتعرف إلى الله، وتستقيم على أمره، وتتصل به تشتق منه الكمال الإلهي، فلذلك:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {10} ﴾
( سورة الشمس )
الفلاح كل الفلاح، النجاح كل النجاح، الفوز كل الفوز في أن تعرفه، يا رب، ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد مَن فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
أيها الإخوة الكرام، ورد في الأثر:ابن آدم اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتُك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.
فلو شاهدت عيناك من حسننا الـذي رأوه لــما وليت عـنا لغيرنـا
ولــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا
ولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبـنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً واشتياقاً لقربنـــا
***
أيها الإخوة الكرام،
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف )
تعرف إليه، ثم استقم على أمره، ثم اتصل به تشتق منه كمالاً تتقرب به إلى الله عز وجل، الرحيم يقبل الرحيم، الحكيم يقبل الحكيم، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ))
[ مسلم ]






منزلة الأخلاق في الإسلام:





أيها الإخوة الكرام، في النهاية حينما أثنى الله على رسوله بماذا أثنى عليه ؟ أثنى عليه بالخلق العظيم:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
( سورة القلم )
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا {9}﴾
( سورة الشمس )
من معاني زكاها أن هذا الإنسان اشتق من الله الكمال، فصار خيراً وعطاءً وانضباطاً ورحمة، ولطفاً وتواضعاً، ما الذي يلفت النظر في الإنسان ؟ ليس علمه، وليست إمكاناته، وليس ماله، يلفت النظر في الإنسان أخلاقه، والذي يجلب الناس إليك الأخلاق، لذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.













وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا



النقطة الدقيقة أيها الإخوة،
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف )





– الدعاء هو العبادة:



هل تصدقون أن الدعاء مخ العبادة، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أخرى الدعاء هو العبادة، بل إن الله عز وجل حينما قال:
﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ (77) ﴾
( سورة الفرقان)
دقق، حينما تدعو جهة ما فأنت موقن أنها موجودة، وما من إنسان يدعو جهة غير موجودة يكون أحمق، وحينما تدعو الله فأنت حتماً موقن بوجوده، وأنت حتماً موقن بأنه يسمعك، والله عز وجل إن تكلمت فهو يسمعك، وإن تحركت فهو يراك، وإن أسررت شيئاً فهو يعلم ما في قلبك، إن تكلمت فهو يعلم، وإن تحركت فهو يراك، وإن أسررت فهو عليم بذات الصدور، لذلك قال العلماء: " علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ".
حينما تدعو الله فأنت موقن قطعاً أنه موجود، وموقن قطعاً أنه يسمعك، وموقن قطعاً أنه قادر على كل شيء، وهو على كل شيء قدير، القوانين بيده، الأقوياء بيده، مَن فوقك بيده، مَن تحتك بيده، من حولك بيده، صحتك بيده، رزقك بيده، أهلك بيده، أولادك بيده، لذلك ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، قال تعالى:

﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) ﴾
( سورة الشعراء )
أحد أكبر عذاب نفسي أن تدعو مع الله إلهاً آخر، فلذلك:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف )
أسماءه حسنى، وكماله مطلق.
أيها الإخوة الكرام، القاضي إذا حكم ألف حكم، وخمسة أحكام منها غير عادلة، ناتجة عن خطأ في التصور، أو في المعلومات، يسمى عند أهل الأرض قاضياً عدلاً، هذا شأن البشر، لكن شأن خالق البشر أنه لا يمكن أن نجد خطأً واحداً في أفعال الله عز وجل، هذا معنى: سبحان الله، الله عز وجل مطلق، منزه عن كل نقص إطلاقاً، فلذلك حينما تتصل بالإله المطلق تشتق منه الكمال، والذي يلفت النظر في شخصيتك الكمال الذي اكتسبته من اتصالك بالله عز وجل.
نعود بالآية مرة ثانية:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (159) ﴾
( سورة آل عمران)






ملمح دقيق فدقِّقوا فيه:



هناك ملمح دقيق جداً أيها الإخوة، أنت أيها النبي، أنت سيد الخلق، وحبيب الحق، وسيد الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم، وحبيب رب العالمين، ويا من بلغت سدرة المنتهى، ويا من أوتيت الوحي والقرآن والمعجزات، على الرغم من كل ذلك: " وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ "، فكيف بإنسان ليس نبياً ولا رسولاً، ولا يوحى إليه، ولا معه معجزات، ولا عنده بيان ولا فصاحة، وفيه غلظة ؟ لمَ الغلظة ؟ مَن أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾
( سورة فصلت )






بين أخلاق الدعوة وخلاق الجهاد:



ما لم تعامل الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم فأنت لست في المستوى المطلوب، لكن هناك أخطاء كثيرة تداخلت، فقد أخلاق الجهاد مع أخلاق الدعوة إلى الله، أخلاق الدعوة إلى الله قال تعالى عنها:
﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾
( سورة فصلت )
أما أخلاق الجهاد.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (73) ﴾
( سورة التوبة )
هذه أخلاق الجهاد، وأكبر خطأ أن يستخدم الدعاة أخلاق الجهاد في الدعوة إلى الله.
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (159) ﴾
( سورة آل عمران)
فلذلك حينما تدعو الله فأنت موقن أنه موجود، وحينما تدعو الله فأنت موقن بأنه يسمعك، وحينما تدعو الله فأنت موقت بأنه قدير على كل شيء، وحينما تدعو الله فأنت موقن، فضلاً عن كل ذلك أنه يريد أن يستجيب لك، ويحبك:
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
( سورة هود الآية: 119 )







خَلَقنا ربُّنا ليرحمنا:




في الأثر القدسي:

(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إلى، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ))
[ ورد في الأثر ]

وإذا قال العبد، وهو راكع: يا رب، يقول الله له: لبيك يا عبدي، فإذا قال العبد وهو ساجد: يا رب، يقول الله: لبيك يا عبدي، فإذا قال العبد وهو عاصٍ: يا رب، يقول الله له: لبيك، ثم لبيك، ثم لبيك.
دققوا في هذه الآية:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾
( سورة طه )
إنسان ناجى ربه فقال: يا رب، إذا كانت رحمتك بمن قال: أنا ربكم الأعلى:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾
( سورة طه )
فكيف رحمتك بمن قال: سبحان ربي الأعلى ؟
وإذا كان رحمتك بمن قال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
( سورة القصص: 38)





فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله ؟ لذلك:



﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فقد كذبتم (77) ﴾
( سورة الفرقان)
حينما تدعو الله فأنت موقن بأنه موجود، وموقن بأنه يسمعك، وموقن بأنه قدير على كل شيء، وموقن بأنه يحب أن يرحمك.
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
( سورة هود الآية: 119 )
لذلك:
﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فقد كذبتم (77) ﴾
( سورة الفرقان)
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف )




خاتمة:



تعرفوا إليه تعرفوا إلى منهجه، احملوا أنفسكم على طاعته، تقربوا إليه بالأعمال الصالحة، اتصلوا به، إن اتصلتم به تشتقوا الكمال الرائع من الذات العلية، من الذات الإلهية، عندئذ الكمال ليس تصنعاً، الكمال سجية، فيه لطف، فيه تواضع، فيه رحمة، فيه إنصاف، فيه حكمة بالغة، لذلك حينما تتصل به تذكره، وذكرك له أقلُّ من ذكره لك، إذا ذكرك منحك القرب، منحك السعادة، منحك الرضى، منحك اليقين، منحك الأمن، هذه نعم الله الكبرى.
أيها الأخوة، فلذلك نحن في هذا الدرس إن شاء الله مهدنا لأسماء الله الحسنى، وفي لقاء آخر إن شاء الله تعالى نتابع هذا الموضوع.
والحمد لله رب العالمين






 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-28-2018, 05:40 PM   #4



منال نور الهدى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Sep 2012
 أخر زيارة : 03-27-2024 (09:41 PM)
 المشاركات : 22,812 [ + ]
 التقييم :  6713
 الدولهـ
algeria
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Darkgreen


افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



جزاك الله خير جزاء وبارك الله في طرحك الطيب
والمعلومات القيمة والمفيدة
في أمان الله وحفظه


 
 توقيع : منال نور الهدى

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-29-2018, 12:38 PM   #5


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى






بسم الله الرحمن الرحيم


(1)




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.







من أسماء الله الحسنى: (الأكرم):




أيها الأخوة الكرام، الاسم اليوم الأكرم، هذا الاسم ورد في أول سورة أنزلت من القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) ﴾

( سورة العلق)







لكل إنسان حاجات دنيا متعلقة بالأرض وحاجات عليا متعلقة بالسماء:





بادئ ذي بدء الله عز وجل أودع في الإنسان قوة إدراكية يتميز بها على بقية المخلوقات، ولأنه أودع فيه قوة إدراكية أصبحت عند هذا الإنسان حاجة إلى المعرفة، وهذه الحاجة يمكن أن توصف بأنها حاجة عليا، له حاجات دنيا متعلقة بالأرض وله حاجة عليا متعلقة بالسماء، فركّب الملك من عقل بلا شهوة وركب الحيوان من شهوة بلا عقل وركب الإنسان من كليهما فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) ﴾

( سورة البينة )
فوق الملائكة وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فالله عز وجل سخر لهذا الإنسان ما في السماوات، قال تعالى:

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾

( سورة الجاثية الآية: 13 )










طلب العلم فريضة على كل مسلم:






أمره أن يقرأ أي يتعلم وطلب العلم فريضة على كل مسلم، هذا العلم أنواع قال اقرأ باسم ربك، يعني ما لم ينقلك العلم إلى معرفة ربك فليس علماً، العلم ما هداك إلى الله، العلم ما عرفك بهذا الإله العظيم، العلم ما حملك على طاعته، العلم ما دفعك إلى التقرب إليه، العلم ما هداك إلى سرِّ وجودك، العلم ما هداك إلى غاية وجودك، لذلك اقرأ أما المفعول به فهو محذوف وحينما يحذف المفعول يطلق الفعل، يعني اقرأ في الكون، الكون قرآن صامت واقرأ في القرآن فهو كلام الخالق، واقرأ في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فهو قرآن يمشي، يعني اطلب العلم، ما لم يطلب الإنسان العلم لا يؤكد إنسانيته، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، إلا أن العلم له شأن آخر لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً.


﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

( سورة العلق)

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ (21) ﴾

( سورة البقرة)

الخالق وحده الذي ينبغي أن يعبد، الجهة التي صنعتك ينبغي أن تتبع تعليماتها.








ارتباط العلم بالإيمان:



﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾

( سورة العلق)
يمكن أن نسمي هذه القراءة الأولى قراءة البحث والإيمان.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾

( سورة العلق)


العلم مرتبط بالإيمان وما لم ينقلك العلم إلى الإيمان فليس علماً، وقد يكون ذكاءً ليس غير، لذلك قالوا: ما كل ذكي بعاقل، إنسان عنده دماغ يمكن أن يفهم دقائق الأشياء فاختص باختصاص نادر وجلب له هذا الاختصاص دخلاً كبيراً فلكياً هذا ذكي جداً، لكن ما لم تعرف سر وجودك، وغاية وجودك، ما لم تعرف الخالق والرب والمسير، ما لم تعرف أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى فلست عاقلاً، العاقل من عرف الله وأرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً.

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ ورد في الأثر ]
وفي بعض الأدعية: ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

( سورة العلق)

تجاوز الحالات السفلى إلى الحاجة العليا، ابحث عن الحقيقة اعمل بها.








الخاسر من لم يتحرك وفق منهج الله لأن الموت ينهي كل شيء:



﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾

( سورة العصر )
يقسم الله بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول الذي هو في حقيقته زمن أنه خاسر:


﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) ﴾

( سورة العصر )
لو شخص دخله اليومي مليون دولار ولم يتعرف إلى الله عز وجل فهو بنص هذه الآية خاسر، لأن هذه الدنيا تنتهي بالموت والموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وينهي ضعف الضعيف، ينهي غنى الغني، ينهي فقر الفقير، ينهي وسامة الوسيم، ينهي دمامة الدميم، ينهي أمن الآمن، ينهي خوف الخائف، الموت ينهي كل شيء.
لذلك ما لم تتعرف إلى الله، وما لم تتحرك وفق منهجه، وما لم تدعُ إليه فأنت خاسر، وبإمكانك أن تتلافى الخسارة بأن تعمل في هذا الوقت الذي سيمضي عملاً ينفعك بعد الموت، لذلك دائماً اجعل هذا المقياس الدقيق أي حركة، أي نشاط، أي مسعى له أثر بعد الموت هذا ينفعك، وأي نشاط وأي حركة تنتهي عند الموت لا قيمة لها، هذه من الدنيا لذلك دخلوا على سيدنا أبو عبيدة بن الجراح وكان قائد الجيوش الإسلامية في الشام دخلوا على غرفته فيها قدر ماء مغطاة برغيف خبز، وسيفه معلق، قالوا: ما هذا يا أمين هذه الأمة ؟ قال هو للدنيا وعلى الدنيا كثير ألا يبلغنا المقيت ؟ لذلك الدنيا لأنها تنتهي بالموت ليس لها شأن عند الله.

(( لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))

[ الترمذي، ابن ماجه عن سهل بن سعد]








أول قراءة ينبغي أن نقرأها قراءة البحث والإيمان لنبحث عن الحقيقة:





إذاً لا بد من أن نبحث عن الحقيقة، ولا بد من أن تتحرك وفق الحقيقة، ولا بد من أن ندعو إلى هذه الحقيقة، وقد يكون هناك عقبات وقد تكون هناك صوارف فلا بد من الصبر.

﴿ وَالْعَصْر (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾

( سورة العصر )
إذاً أول قراءة ينبغي أن تقرأها قراءة البحث والإيمان، ابحث عن الحقيقة، ابحث عن الذي خلقك، تساءل لماذا خُلقت ؟ لماذا أنا في الدنيا ؟ ما العمل العظيم الذي ينبغي أن أفعله ؟ ماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين وإلى أين ولماذا ؟ ابحث.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

( سورة العلق)








العلم الذي أراد الله أن نتعرف إليه هو قراءة البحث والإيمان:


أي العلم ما انتهى بك إلى الإيمان، فإن لم ينتهِ بك إلى الإيمان فهو ذكاء فقط، والذكاء ينتهي عند الموت، هو ذكاء أو ثقافة، أما العلم الذي أراده الله حينما قال الله عز وجل:

﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

( سورة الزمر الآية: 9 )
العلم الذي أراده الله أن تتعرف إليه، وأن تتعرف إلى منهجه، وأن تحمل نفسك على طاعته، وأن تبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس، هذه القراءة الأولى قراءة البحث والإيمان.
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

( سورة العلق)





نفسك التي بين جنبيك أقرب آية إليك للتفكر في خلق الله تعالى:



أقرب آية إليك نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى:


﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) ﴾

( سورة البلد)
يوجد بالشبكية مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط، بالميليمتر مربع في أرقى آلة تصوير رقمية احترافية في عشرة آلاف مستقبل ضوئي، في الميليمتر مربع في شبكية العين مئة مليون مستقبل، لذلك العين تفرق بين ثمانية ملايين لون.

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) ﴾

( سورة البلد)



إكرام الله عز وجل الإنسان بالبيان:



الله أكرم، أكرمك بماذا ؟ بالبيان، قال تعالى:

﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾

( سورة الرحمن)
بالبيان يتواصل الناس أرقى تواصل، التواصل بيان، بالبيان تتكلم فتعبر عن أفكارك، تعبر عن مشاعرك، بالكلام تنتقل العلوم من إنسان إلى إنسان، بالمعاصرة، ومن جيل إلى جيل بالكتابة، ومن أمة إلى أمة بالترجمة، لذلك:

﴿ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾

( سورة الرحمن)

هذه القراءة الأولى أكرمك الله بأن منحك نعمة الإيجاد ومنحك نعمة الإمداد ومنحك نعمة الهدى والرشاد، إنه الأكرم، و أكرم اسم تفضيل وهذا الاسم ورد معرفاً بأل، مراداً به العالمية دالاً على كمال الوصفية، الأكرم، لا عطاء يعدل عطاءه.








من خسر الآخرة خسر كل شيء:




منحك نعمة الإيجاد والإيجاد إلى متى ؟ لا إلى الموت، الموت نقطة محطة في الطريق، كل نفس ذائقة الموت لا تموت لكنها تذوق الموت وفرق كبير بين أن تذوق الموت وبين أن تموت، قال تعالى:

﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) ﴾

( سورة الزخرف)
الإنسان خلق ليبقى إلى أبد الآبدين، يبقى في جنة عرضها السماوات والأرض أو في نار لا ينفذ عذابها، البقاء مستمر لكن إما في جنة أو في نار لهذا أيها الأخوة الكرام، أكبر خسارة يمكن أن نتصورها أن تخسر الآخرة، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (15) ﴾

( سورة الزمر)
هذه القراءة الأولى، قال تعالى:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾

( سورة العلق)






على كل إنسان أن يقرأ ليصل بقراءته إلى معرفة سرّ وجوده وغاية وجوده:


أقرب آية لك نفسك التي بين جنبيك، قال تعالى:

﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴾

( سورة الأعلى )
هذا الماء الدافق ثلاثمئة مليون حوين، تحتاج البويضة إلى حوين واحد، قال تعالى:
﴿ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) ﴾

( سورة الطارق )

﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾

( سورة عبس)

أمر إلهي لذلك هذه قراءة، اقرأ ولتنتهي قراءتك إلى معرفة ربك، اقرأ ولتنتهي قراءتك إلى معرفة سر وجودك وغاية وجودك.








القراءة الثانية المتعلقة باسم الأكرم قراءة الشكر و العرفان:





في قراءة ثانية متعلقة باسم الأكرم، القراءة الثانية:


﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) ﴾

( سورة العلق)
ماذا منحك ؟ نحن موجودون لو اطلعت على كتاب نضدت حروفه قبل تاريخ ميلادك، أثناء تنضيد حروف هذا الكتاب أنت من ؟ لا شيء، قال تعالى:
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) ﴾

( سورة الإنسان )
إطلاقاً ما لك وجود، ما لك اسم، ما لك اسم بالنفوس، ليس لك أي اسم بأي مكان، لم يكن لك وجود، إذاً الله عز وجل أكرمك أي منحك أكبر عطاء أنه أوجدك، منحك نعمة الإيجاد أوجدك وأودع فيك حاجات، أودع فيك حاجة إلى الهواء، والهواء موجود بنسب رائعة لو أن هذه النسب تغيرت لاحترق كل ما في الأرض، الأوكسجين إلى الأزوت، منحك نعمة الإيجاد ومنحك نعمة الإمداد وهذا الكون سخره لك بنص قرآني:
﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ﴾

( سورة الجاثية الآية: 13 )

ما نوع التسخير ؟ قال تسخيران تسخير تعرف وتسخير تكريم، كل شيء في الأرض مسخر لك تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم.








من آمن و شكر الله عز وجل حقق الغاية من وجوده:





إذا قرأت كتاباً عن العسل ذابت نفسك بهذا الشراب الذي فيه شفاء للناس، وقد لا يتاح لك أن تلعق لعقة عسل واحدة لكنك إذا عرفت الله من خلال العسل حققت الهدف من العسل أنه عرفك بالله، والذي يأكل العسل ليلاً ونهاراً ولم يفكر في هذا الشراب الذي جعل الله فيه شفاء للناس عطلت أكبر هدف من خلق هذه الآية، تأكد أن أي شيء في الأرض له وظيفتان، له مهمتان، سخر لك تسخيرين تسخير تعريف وتكريم، تماماً كما لو قدم لك صديق هاتفاً فيه خصائص مذهلة من اختراعه وقدمه هدية لك أنت دون أن تشعر ينطوي قلبك على شعورين، شعور الإعجاب بهذا الاختراع وشعور الامتنان بأنه هدية، فدقق لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: نظر إلى هلال قال هلال خير ورشد.
هذا الكون مسخر لنا تسخيرين، تسخير تعريف وتسخير تكريم، رد فعل التعريف أن تؤمن، ورد فعل التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت، دقق الآن حققت الهدف من وجودك فإذا حققت الهدف من وجودك توقفت المعالجات الإلهية، الآية:

﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ﴾

( سورة النساء الآية: 174 )

لأنه منحك الكون، لأنه سخر لك الكون تسخير تعريف ينبغي أن تؤمن ولأنه سخر لك الكون تسخير تكريم ينبغي أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك إذاً تنتهي المعالجات، طبيب قرر استئصال كلية قبل أن يستأصلها عمل فحصاً تعمل، ألغى العملية، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك لذلك ربك الأكرم ينبغي أن تكون قراءتك للكون قراءة شكر وعرفان.
أول قراءة قراءة بحث وإيمان، القراءة الثانية قراءة شكر وعرفان، منحك نعمة الإيجاد، منحك نعمة الإمداد، يوجد هواء، يوجد ماء عذب زلال، يوجد زوجة، يوجد أولاد، يوجد طعام، شراب، فواكه، معادن، كل شيء، لذلك القراءة الثانية قراءة شكر وعرفان، ما لم يمتلئ قلبك شكراً لله فأنت بعيد عن الإيمان.








أنواع الهدى:



1 ـ هداية المصالح:


لذلك أول كلمة في الفاتحة الحمد لله رب العالمين، منحك نعمة الإيجاد، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهدى والرشاد، أما الهدى أيها الأخوة الكرام، على أنواع أول هدى، هداك إلى مصالحك، يعني لما الإنسان تكسر يده مصممة اليد على أن تلتئم، حينما يجرح الجلد مصمم على أن يلتئم، هداك إلى مصالحك
لولا جهاز التوازن المتمثل بالقنوات الهلالية في الأذن الداخلية لما وجدت إنسان يمشي على الأرض

أنت تمشي أعطاك قدمين لطيفتين لكن يقابلهم جهاز توازن لولا جهاز التوازن لما أمكنك أن تمشي على قدميك، لذلك الميت لا يقف ما في توازن، التوازن ثلاث قنوات متداخلة فيها سائل، فيها أهداب لما تميل السائل يبقى مستوياً يرتفع بمكان دون مكان، بالمكان المرتفع في أهداب يصلح الإنسان، لولا جهاز التوازن ما في إنسان يمشي على قدمين، ما في إنسان يركب دراجة.
إذاً هداك إلى مصالحك، الطعام فيه سم تتقيأه، الجرثوم دخل في جهاز مناعة، تحدثت عنه البارحة هداك إلى مصالحك، الأشياء التي تؤذي تكرهها، الأشياء التي تحبها محببة إليك تنفعك، لو أنه جعل الطعام كريهاً، لن يأكل، الطعام التفاحة مثلاً حجمها مناسب قوامها هش فيك أن تأكلها لا تحتاج إلى آلة طحن أحجار، فيها غذاء، فيها رائحة طيبة، فيها شكل جميل هداك إلى مصالحك هذا أول هدى.



2 ـ هداية الوح



ثم هداك بالوحي، جاءك وحي من السماء، بيّن لك من أنت، أنت المخلوق الأول، لماذا خلقت ؟
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾

( سورة الذاريات )
فأول هداية هداية المصالح، ثاني هداية هداية الوحي.



3 ـ هداية التوفيق



ثالث هداية هداية التوفيق، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

( سورة الكهف)

التوفيق هداية، أنت فكرت في خلق السماوات والأرض، تمنيت أن تقدم عملاً بين يديك يمنحك المال، يمنحك القوة، تمنيت أن تكون داعية يطلق لسانك في التعريف به، منحك نعمة الإمداد.







4 ـ هداية الجنة:


آخر هداية إلى الجنة، قال تعالى:
﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) ﴾

( سورة محمد)

هداك إلى مصالحك، الطفل أول ما يولد لو أنه مال يتابع الميل حتى يقع، بعد ثلاثة أشهر يكون جهاز التوازن بدأ يعمل، لو أنت ميلته يجلس، هذه هداية، هداك إلى مصالحك، أحياناً التقيؤ هو إخراج ما في المعدة يكون الطعام فاسداً، إذا في فساد الإنسان يتقيأه، إذا الجنين في تشوه يسقط، السقط هو جنين مشوه، في أشياء بالطب وأشياء بالتشريح وأشياء بالفيزيولوجية مذهلة.
السعال في أشعار هدبية بالقصبة الهوائية تتحرك نحو الأعلى باستمرار، و حتى الآن لم تنجح جراحة الرئتين لأن الذي تزرع رئته لا يسعل، و السعال أساسي في سلامة الرئة، فالسعال هداك إلى مصالحك، التقيؤ هداك إلى مصالحك، التوازن هداك إلى مصالحك، الآن أعراض الأمراض هداك إلى مصالحك، لكل داء دواء، الأمس ذكرت طبيب من إنكلترا، درس بأمريكا، عُين مع شركة عملاقة في الصين، داوى شخص ياباني، هو إنكليزي و درس بأمريكا و عمله بالصين و المريض ياباني، إذا لم يوجد بنية واحدة للبشر، بنية تشريحية واحدة و وظائف فيزيولوجية واحدة، كان لا يوجد طب، هذا التوحد، أما يا رب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سميت الواسع، كل إنسان له شكل وجه، له هوية، قزحيته هوية...

من عبد الله و استعان به وفقه وهداه إلى الجنة:
إذاً منحك نعمة الإيجاد، و منحك نعمة الإمداد، و منحك نعمة الهدى و الرشاد، الهدى هداك على مصالحك، و الهدى هداك إليه بالوحي، و الهدى وفقك، هداية التوفيق، و أوضح شيء:

﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

( سورة الكهف)
هذا معنى قوله تعالى:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾

(سورة الفاتحة)
أي لا حول يا رب عن معصيتك إلا بك، و لا قوة على طاعتك إلا بك، و إياك نعبد و إياك نستعين هذه هدى التوفيق، ثم يهديك إلى الجنة:
﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) ﴾

( سورة محمد)






والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-29-2018, 12:55 PM   #6


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



بسم الله الرحمن الرحيم



(2)








الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.







من أسماء الله الحسنى: (الرب):




أيها الأخوة الكرام، كما تعلمون:

(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة]
وفي القرآن الكريم:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف )
وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: أن لله أسماً أعظماً، فما اسم الله الأعظم ؟ بعضهم قال الحي القيوم، وهناك اجتهاد مقبول أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي يتعلق بحالك، فالمريض اسم الله الأعظم له الشافي، والفقير اسم الله الأعظم له المغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والمقهور اسم الله الأعظم له الناصر، وقد ورد أن الرب اسم الله الأعظم لأنه أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لذلك قال تعالى:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) ﴾

( سورة البلد )








نظام الأبوة من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله:





الحقيقة نظام الأبوة من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله، أن إنسان سعادته بسعادة ابنه، طمأنينته بطمأنينة ابنه، نظام الأبوية يدل على الله، إنسان يتمنى أن تسبقه، يتمنى أن تتفوق عليه، لا يسعده إلا سلامتك وسعادتك لذلك قال تعالى:


﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) ﴾

( سورة البلد )

يعني لو تصورنا أن مؤسسة ضخمة أرادت أن تعين موظفاً، هذا الموظف يخضع للتجريب في هذه الفترة التجريبية تحصى عليه أخطاؤه، فإذا كانت بحجم غير مقبول رفض، لكن لو أن مدير المؤسسة أراد أن يكون ابنه هو الموظف، ما الذي يحصل ؟ ليس القصد هنا إحصاء الأخطاء ولكن القصد أن يربى، فعند كل خطأ يُوَجّه، يعلم، يحاسب، هذا شأن الأب.








الرب هو الأب الحاني على أولاده:




إذا قلنا الحمد لله رب العالمين، ما معنى كلمة رب بالمعنى البسيط ؟ الأولي
البديهي أن الأب يهيئ لأسرته بيتاً، يهيئ لهذا البيت أثاثاً، يهي لهذا البيت أجهزة، يهيئ لهذا البيت طعاماً وشراباً، إن رأى ابنه مريضاً يسارع إلى معالجته ويشرف على إعطاء الدواء، وإن رأى بيد ابنه حاجةً ليست له يسأله يحقق معه قد يعاقبه، قد يؤدبه، يعني أبسط شرح لمعنى الرب هو الأب الحاني على أولاده، يهيئ المسكن والحاجات والطعام والشراب والمدرسة والغرفة الخاصة والتوجيه والتعليم والمحاسبة والتربية والعقاب أحياناً والمكافأة والتكريم.
يمكن أن نفهم معنى اسم الرب ببساطة من أب عالم، من أب رحيم، من أب يسعى لإمداد أولاده بكل ما يحتاجون، ويسعى لتربية أجسامهم، وتربية عقولهم، وتربية نفوسهم، وتربيتهم تربية اجتماعية، وتربيتهم تربية بدنية، وتربيتهم تربية جنسية، هذا الأب الحاني العالم الرحيم الذي لا يقلقه إلا مصير أولاده، لا يقلقه إلا سعادتهم، إلا إيمانهم، إلا سموهم، يمكن أن نفهم معنى هذا الاسم الذي يمكن أن يكون اسم الله الأعظم من مفهومات الأبوة والبنوة لذلك ليس عجيباً أن يأتي نظام الأبوة آية دالة على عظمة الله.

﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) ﴾

( سورة البلد )









الرب أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان لأن الله يربينا عن طريق آياته:




هذا الاسم أيها الأخوة ورد في القرآن الكريم، قال تعالى:


﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) ﴾

( سورة يس )

﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) ﴾

( سورة سبأ )

ولعل هذا الاسم هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الله عز وجل يربينا، يربي أجسامنا ويربي نفوسنا ويربي عقولنا، عن طريق آياته الكونية، وعن طريق آياته التكوينية وعن طريق آياته القرآنية.








من أدق معاني الربوبية أن الله أعطى كل شيء خلقه التام ثم هدى:




أيها الأخوة الكرام، الله عز وجل في آيات كثيرة أشار إلى مفهوم الربوبية قال تعالى:


﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)

أعطاه القوام المناسب، الأجهزة المناسبة، الحواس المناسبة، النسج المناسبة، الخصائص المناسبة، أعطى كل شيء خلقه التام ثم هدى.






البعوضة من آيات الله الدالة على عظمته حيث زودها تعالى بعدة أجهزة منها:




1 – جهاز استقبال حراري:


لو أردنا أن نختار مخلوقاً من أتفه المخلوقات على الإنسان البعوضة
البعوضة في رأسها مئة عين، وثمانية وأربعون سناً في فمها، وثلاثة قلوب في صدرها، قلب مركزي وقلب لكل جناح، لكل قلب أذينان، وبطينان، ودسامان.
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)
من أدق معاني الربوبية أن الله عز وجل أعطى كل شيء خلقه، هي بحاجة أن ترى الأشياء لا بألوانها، ولا بحجمها، ولا بشكلها، إنها ترى الأشياء بحرارتها، أعطى الله البعوضة جهاز استقبال حرارياً، حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية.
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)

أعطاها جهاز استقبال حرارياً أي جهاز رادار.





2 ـ جهاز تحليل للدم:




عندها جهاز تحليل للدم ما كل دم يناسبها تحلل الدم أولاً، ثم تمتصه ثانياً، وقد ينام أخوان على سرير واحد يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض والثاني لم يصب بشيء.







3 ـ جهاز تمييع:




جهاز تمييع، لأن لزوجة دم الإنسان لا يسري بخرطومها.







4 ـ جهاز تخدير:



أعطى البعوضة جهاز تخدير لكي لا تقتل في أثناء امتصاص الدم
تمتص الدم وتطير وتبتعد ينتهي مفعول التخدير فيشعر الإنسان بوخز في يده فيتوهم أنها على يده فيضربها وهي في سماء الغرفة تضحك عليه.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)
أعطاها جهاز تحليل، أعطاها جهاز تمييع، أعطاها جهاز تخدير، أعطاها جهاز استقبال حراري، في فمها ثمانية وأربعون سناً، في رأسها مئة عين، في صدرها ثلاثة قلوب، قلب مركزي وقلب لكل جناح، الآن في خرطومها ست سكاكين، أربع سكاكين تحدث جرحاً مربعاً، وسكينان تلتئمان على شكل أنبوبين لامتصاص الدم وفي أرجلها محاجم إذا وقفت على بلور على سطح أملس على الضغط، وفي أرجلها مخالب إذا وقفت على سطح خشن.
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)







خلق الله عز وجل الإنسان بأحسن تقويم و يتجلى ذلك في:



قس على ذلك قال تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ﴾

( سورة التين)





1 – العين:
أعطاك عينين من أجل أن تدرك البعد الثالث، بعين واحدة ترى الطول والعرض بعينين ترى البعد الثالث
أعطاك أذنين من أجل أن تعرف جهة الصوت، قد ينطلق بوق مركبة من على يمينك يدخل هذا الصوت إلى الأذن اليمنى قبل اليسرى بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية، يوجد بالدماغ جهاز يكشف تفاضل الصوتين فيكتشف أن البوق من الجهة اليمنى، فيعطي الدماغ أمراً بالانتقال إلى الجهة اليسرى.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)





2 ـ الشعر:



لكل شعرة شريان، ووريد، وعصب، وعضلة، وغدة دهنية، وغدة صبغية، لكل شعرة.
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)

في شبكية العين مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط، مئة وثلاثون مليون بمليمتر وربع يعني بواقع مئة مليون مستقبل ضوئي في كل مليمتر مربع من أجل أن تميز بين ثمانية ملايين لون.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)







3 ـ الدماغ:



جعل في ماء العين مادة مضادة للتجمد، جعل الدماغ يتألف من مئة وأربعين مليار خلية استنادية سمراء لم تعرف وظيفتها بعد.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)
الحديث عن الجسم والله يستغرق سنوات وسنوات، قال تعالى:
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) ﴾

( سورة الذاريات)
دقق في معنى الربوبية.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)





4 ـ العظم:


هذا في الإنسان، الإنسان عظمه ينمو ويصل إلى الحد المناسب ويتوقف النمو، يعبر العلماء عن هذه الحالة بنوم الخلية العظمية يكسر العظم بعد سبعين سنة تستيقظ الخلية العظمية وترمم هذا الكسر.

﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)
لم يجعل لك في الشعر أعصاب حس وإلا أنت مضطر إلى أن تذهب إلى المستشفى وتخدر تخديراً كاملاً كي تحلق شعرك.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)







عظمة الله عز وجل في خلق الجنين حيث:




1 ـ جعل الله في طحال المولود كمية حديد تكفيه سنتين إلى أن يأكل:




نحن نفهم الأشياء فهماً سطحياً، لو تعمقنا في خلقنا لرأينا عظمة الله عز وجل، معنى الرب أعطاك كل ما تملك، الطفل الصغير ليس في حليب أمه حديد، جعل الله في طحال المولود كمية حديد تكفيه سنتين إلى أن يأكل.





2 ـ تزويد الجنين بمنعكس المص:



أعطى الطفل الرضيع منعكس المص لمجرد أن يولد يلتقم ثدي أمه ويحكم الإغلاق ويسحب الهواء فيأتيه الحليب.





3 ـ تزويد الطفل عند الولادة بمادة مذيبة للشحم:


جهازه الهضمي ممتلئ بمادة شحمية عند الولادة في أول يومين لا يأتيه الحليب يأتيه مادة مذيبة للشحم.
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)





جهاز التوازن عند الإنسان من أكبر آيات الله الدالة على عظمته:






الحديث عن هذا الموضوع لا ينتهي، لكن ما معنى الرب ؟ أعطاك
كل ما تستطيع، كل ما تحتاجه من أجهزة، من أدوات، من نسج، من خصائص، يعني في بالقلب شريان ليس له وظيفة واضحة جداً، وظيفته الواضحة عند انسداد بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان ويوضع كقطع غيار للقلب.
الحديث بخلق الإنسان لا ينتهي، لكن معنى الرب أنه أعطاك كل ما تحتاج، قال ثم هدى، هداك إلى مصالحك، أنت ماشي لكي لا تقع أودع في أذنك الوسطى جهاز توازن جهاز التوازن ثلاث قنوات فيها سائل وفي أشعار فوق السائل فأنت إذا ملت يمنة السائل يبقى مستوياً، يمس الجدار المائل، تتحسس الأشعار، تعيد وضعك لولا جهاز التوازن ما في إنسان يمشي على قدمين أبداً، والدليل لن تستطيع أن توقف الميت على قدمه، فقد التوازن، أنت بالتوازن لك أرجل لطيفة صغيرة لولا جهاز التوازن لاحتجت إلى قاعدة استناد واسعة جداً، والدليل في بعض محلات الأقمشة يضعون تمثال لامرأة انظر إلى القاعدة سبعين سنتمتر من أجل أن يبقى هذا الجسم منتصباً.

﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)





المشيمة عند الأم:



في قرص لحمي ينزل مع الجنين في هذا القرص شيء لا يصدق تجتمع في هذا القرص دم الأم مع دم الجنين، ولا يختلطان، ولكل دم زمرة ومعلوم عند الأطباء أن الدم إذا جاءه دم من زمرة أخرى ينحل فوراً، لو أن دم الأم والابن اختلطا لماتت الأم والجنين فوراً، لا يختلطان، بينهما غشاء هذا الغشاء سماه الأطباء الغشاء العاقل
يأخذ الأوكسجين من دم الأم يضعه في دم الجنين، طبعاً لما أخذ الأوكسجين قام الغشاء العاقل بدور جهاز التنفس، يأخذ المواد السكرية من دم الأم فيطرحها في دم الجنين، قام بدور جهاز الهضم، يأخذ الأنسولين من دم الأم فيطرحه في دم الجنين، قام بدور البنكرياس، صار في الجنين سكر وأوكسجين وأنسولين، يحترق السكر عن طريق الأوكسجين بوساطة الأنسولين فالجنين حرارته سبع وثلاثين، ناتج الاحتراق ثاني أكسيد الكربون يأتي الغشاء العاقل يأخذ ثاني أكسيد الكربون من دم الجنين يضعه في دم الأم، جزء من تنفس الأم ثاني أكسيد كربون الجنين، يأخذ عوامل مناعة الأم عبر الغشاء العاقل إلى دم الجنين، كل الأمراض التي أصيبت بها أمه هو محصن منها، والغشاء العاقل يختار الغذاء المناسب، البروتين، الشحوم، السكريات، الفيتامينات، المعادن، أشباه المعادن، وكأنه عالم من علماء التغذية وهذه النسب تتبدل ساعياً وينفذها، لذلك سماه الأطباء الغشاء العاقل، ولو سلم الغشاء العاقل إلى مجموعة أطباء في قمة التفوق لمات الجنين في ساعة واحدة.
الآن الطفل بحاجة إلى مادة معينة ليست في دم أمه، الأم تشتهي طعاماً فيه هذه المادة، شهوة الأم الحامل حاجة ابنها إلى بعض الأغذية.

﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ (50) ﴾

( سورة طه)







من ازداد فهماً بدقائق آيات الله في خلقه ازداد تعظيماً له:




﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28) ﴾

( سورة فاطر)

كلما ازددت فهماً بدقائق آيات الله في خلقه كلما ازددت تعظيماً لله عز وجل وخشية له وخضوعاً له.
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)







التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله:






أعطاه الخلق الكامل، الحوت وزنه مئة وخمسين طن، خمسين طن دهن، وخمسين طن عظم، وخمسين طن لحم، ويستخرج من الحوت تسعون برميلاً زيت سمك و يرضع وليده ثلاثمئة كغ في اليوم ثلاث مرات، طن من الحليب كل يوم.


﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ (50) ﴾

( سورة طه)
من بعوضة فيها أجهزة متنوعة إلى الحوت الأزرق الذي يزيد وزنه عن مئة وخمسين طناً.
﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)
أنت حينما تتفكر في خلق السماوات والأرض تجد نفسك أمام عظمة الله وكأن التفكر في خلق السماوات والأرض أقرب طريق إلى الله، وأوسع باب تدخل منه على الله، ولا تنسى هذه الآية:
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) ﴾

( سورة طه)







المتابعة عنصر هام و أساسي من عناصر التربية:




الآن موضوع المتابعة، انظر إلى الأب الكامل العالم الرحيم الحاني، كيف أنه يتابع أولاده متى جاء ؟ متى خرج ؟ من صديقه ؟ لماذا تأخرت ؟ المتابعة، ماذا قال الله عز وجل عن هذه المتابعة:


﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (33) ﴾

( سورة الرعد)
تصور الطبيب مرّ على مريض طلب التحليل، الضغط مرتفع يعطي توجيهاً أوقفوا الملح، يرى أن هناك فقر دم يعطي توجيهاً بإعطائه أدوية فيها حديد، دائماً الطبيب يتابع حالة المريض، وكل نقص أو زيادة أو تطرف في التحليلات في قرار يتخذه، قال تعالى:
﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (33) ﴾

( سورة الرعد)

هذه هي التربية، مرة ثانية اسم الرب هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الإنسان الأب أب لكن مرة كنت في الطريق أمشي فإذا إنسان يصيح لإنسان آخر قال له إذا ماله أب ماله رب ؟ له رب الله يربينا جميعاً ونحن في العناية المشددة إن شاء الله.








تفرد الله عز وجل بالخلق و لا خالق إلا الله:






الآن يوجد معنى آخر للربوبية الله خالق كل شيء وحده، هنا معنى جديد، الله عز وجل يتفرد بالخلق ولا خالق إلا الله.


﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (62) ﴾

( سورة الزمر)
خلق.
﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) ﴾

( سورة الزمر)
تصرف، لذلك سيدنا هود قال:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾

( سورة هود )

متحدياً، الله سبحانه وتعالى يتفرد بالخلق وبالتصرف.








كمال الخلق يدل على كمال التصرف:



القاعدة الدقيقة جداً أن كمال الخلق يدل على كمال التصرف، وفي هذا الكون آيات باهرات دالة على قيوم الأرض والسماوات.
الله عز وجل له أسماؤه الحسنى وصفاته الفضلى، قال تعالى:

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية: 180 )








رب العالمين لا يليق ولا يقبل ولا يعقل أن تعبد غيره:




الآن من معاني الربوبية، قال تعالى:


﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) ﴾

( سورة الشعراء)
من هو الله رب العالمين ؟ قال تعالى:
﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) ﴾

( سورة الشعراء )
هذا هو الرب لذلك لا يليق ولا يقبل ولا يعقل أن تعبد غير الخالق، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

( سورة البقرة )

﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾

( سورة الأعراف الآية: 180 )








من أبرز خصائص عقيدة المسلم معرفة أسماء الله الحسنى:





لعل اسم الرب اسم الله الأعظم، بل إن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت في أمس الحاجة إليه
فالفقير اسم الله الأعظم له المغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والضعيف اسم الله الأعظم القوي، والمهزوم اسم الله الأعظم الناصر، والجاهل اسم الله الأعظم العليم، فأنت في أية حاجة تحتاج إلى أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، قال تعالى:


﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) ﴾

( سورة الشعراء )
لذلك أيها الأخوة الرب هو الذي يربي عباده، يربي أجسامهم، ويربي نفوسهم ويهديهم إلى مصالحهم، ويهديهم إليه عن طريق الوحي، ويهديهم بالتوفيق ثم يهديهم إلى الجنة، يهديهم إلى مصالحهم بالأجهزة والخصائص التي منحوا إياها ويهديهم إليه بالوحي ويهديهم بالتوفيق، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

( سورة الكهف)
ثم يهديهم إلى الجنة لذلك أيها الأخوة، معرفة أسماء الله الحسنى جزء أساسي من عقيدة المسلم بل هو من أبرز خصائص عقيدة المسلم.




والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-30-2018, 09:16 AM   #7


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



بسم الله الرحمن الرحيم



(3)




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى ( المولى ):
أيها الإخوة الكرام، مع اسم من أسماء الله الحسنى، ومع اسم ( المولى ).

اسم ( المولى ) ورد مطلقاً ومضافاً
هذا الاسم ورد في القرآن الكريم، ورد مطلقاً وورد مضافاً، فالله عز وجل يقول:
﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) ﴾
( سورة الأنفال )
وفي آية ثانية: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) ﴾
( سورة الحج )
ورد مضافاً: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد )
وقوله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) ﴾
( سورة التوبة)
الحاجة إلى التدين:
أيها الإخوة الكرام، أريدَ بهذا الاسم العلمية، وأريدَ به الدلالة على كمال الوصفية، وهذا الاسم ينقلنا إلى موضوع دقيق، وهو الحاجة إلى التدين.
الحاجة إلى التدين حاجة في أصل فطرة الإنسان، لماذا ؟ لأن الإنسان خلق ضعيفاً، هكذا خلقه الله عز وجل.
نقاط مهمة في خلق الإنسان:
1 – الضعف:
ضعفُ الإنسان لصالحه:
وهذه نقطة ضعف في أصل خلقه، ولكنها لصالحه تماماً ؛ كهذه الوصلة الضعيفة في الآلات الغالية جداً، لو جاء تيار كبير لساحت، وانقطع التيار، وسلم الجهاز، فطبيعة ضعف الإنسان لصالحه، لأن الإنسان خلق ضعيفاً، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته، فشقي باستغنائه، خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه، فيسعد بافتقاره، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ (15) ﴾
( سورة فاطر)
الإنسان بكامل قوته، وبكامل جبروته أحياناً، وبكامل طغيانه قطرة دم لا ترى بالعين تتجمد في بعض أوعيته أو في دماغه فيصاب بالشلل، وفي مكان آخر يصاب بالعمى، وفي مكان ثالث يصاب بفقد الذاكرة، فالإنسان ضعيف، وقد خُلِق ضعيفاً ليفتقر بضعفه، فيسعد بافتقاره، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته، فشقي باستغنائه، لذلك أحياناً يغتني الإنسان أو يقوى فينسى ربه، قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) ﴾
( سورة العلق )
مع أنه ضعيف، ومع أنّ أي خلل في جسمه يجعل حياته جحيماً، أحياناً قد يقوى بماله أو بمنصبه أو بعلمه المادي فيطغى، لذلك: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)﴾
(سورة المدثر)
إذاً: من فضل الله علينا، ومن نعمته العظمى أننا ضعاف، ومع الضعف الافتقار إلى الله، ومع الافتقار إلى الله سعادة وأيّ سعادة، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُم أَذِلَّةٌ ﴾
( سورة آل عمران الآية: 123 )
أما في حُنين: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْض بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾
( سورة التوبة )
أيها الإخوة الكرام، الآية: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) ﴾
( سورة النساء )
هكذا خلق، وهذا الضعف في أصل خلقه لصالحه.
أذكركم مرة ثانية، الضعف في الإنسان تماماً كالقطعة تسمى بالمصطلح الأجنبي الفيوز، قطعة في آلة غالية جداً، عظيمة النفع، معقدة التركيب، هذه القطعة الضعيفة إذا جاء تيار قوي من شأنه أن يحرق الآلة تسيح هذه الوصلة الضعيفة، فيسلم الجهاز، وكذلك الإنسان، هذا أول بند في نقاط ضعف الإنسان.
2 – العَجَل:
نقطة ثانية:
﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) ﴾
(سورة الإسراء)
معنى الجزع:
يريد الشيء السريع، يريد المتعة الآنية، لذلك يعيش معظمُ الناس لحظتهم، يستمتعون، وينسون آخرتهم، ينسون مغادرة الدنيا، فلذلك البطولة لا أن تعيش الماضي، أو أن تتغنى بالماضي، ولا أن تعيش الحاضر، لكن البطولة والعقل والذكاء أن تعيش المستقبل، ماذا في المستقبل ؟ في المستقبل مغادرة الدنيا، وأخطر حدث في حياة الإنسان المغادرة، وما من إنسان أشد عقلاً مِن هذا الذي يعد لهذه الساعة التي لا بد منها، الإنسان عجول، يحب البيت الواسع، والمركبة الفارهة، والزوجة الجميلة، ولو أضر هذا بآخرته.
﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) ﴾
(سورة الإسراء)
لذلك حينما يختار الإنسان هدفاً بعد الموت يرقى عند الله، لأنه عاكس طبعه، ومعظم الناس يبحثون عن متع آنية، وعن مكاسب وقتية، يعيشون لحظتهم، ولا يعيشون مستقبلهم والكيّس العاقل من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
إذاً: البطولة أن تعيش المستقبل، وأخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا.
3 – الهلع:
نقطة ضعف ثالثة في حياة الإنسان، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
هكذا خلق.
معنى الهلع:
معنى ( هلوعًا ) جاء شرحه بعد قليل:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
إذا شعر الإنسان أن فيه ورما بسيطا إلى أن يتأكد ما إذا كان ورماً حميداً أم خبيثاً لا ينام الليل، هذا شأن أيّ إنسان، إن شعر أن في قلبه خللا، والحياة منوطة بالقلب، لذلك لا ينام الليل.
طبيعة الإنسان أنه خلق هلوعا، إذا مسه الشر كان جزوعا، ولولا أنه هلوع لما تاب تائب إلى الله، ولولا أنه هلوع لما اقتيد الإنسان إلى باب الله عز وجل، ولولا أنه هلوع لما اصطلح مع الله، لأنه هلوع فالله عز وجل جعله بهذه الصفة لتسهل توبته، وتسهل عودته إلى الله، وليصطلح مع الله.
(( إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلان فقد اصطلح مع الله ))
[ ورد في الأثر ]
أيها الإخوة الكرام، ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
الهلوع: ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
ثلاث نقاط ضعف هي موضع قوة الإنسان:
الإنسان حريص على سلامته وعلى رزقه، فأيُّ شبح مصيبة لاحَ له في الأفق يهدد سلامته، أو يهدد رزقه انخلع قلبه له، إذاً: الله عز وجل يسوقه إلى بابه، يسوقه إلى التوبة، يحمله على التوبة، يقوده إلى الصلح مع الله عز وجل، فهذه نقاط ثلاث لصالح الإنسان، أن الإنسان عجول وضعيف وهلوع.
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾
( سورة المعارج )
فهو حريص على ما في يديه، لماذا ؟ لأن هذا الحرص يرفع مقامه عند الله إذا أنفقه، أنت حريص على المال، فإذا أنفقته ترقى عند الله، مع أن المال محبَّب، قال تعالى:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (14) ﴾
( سورة آل عمران)
لأن هذه الأشياء محببة إلينا فبإنفاقها يرقى الإنسان، إذاً: هذه نقاط أساسية في أصل خلق الإنسان لصالحه، هذه النقاط الثلاث نقاط الضعف في أصل خلقه هي سبب كبير في حاجته إلى التدين، وأيّ إنسان بحاجة إلى التدين، حتى الذي يعتقد اعتقادات خاطئة، حتى الذي يعبد الحجر والشمس والقمر، ويعبد أشياء من دون الله، الدافع الأساسي للتدين أنه ضعيف، خلق الإنسان ضعيفا، فالبطولة وأنت بحاجة ماسة إلى التدين أن تعبد الإله الحقيقي، أن تعبد خالق السماوات والأرض، أما الذين عبدوا من دونه وثناً وشمساً وقمراً وحجراً هم يبحثون عن شيء يطمئنهم، هم ضعاف، حتى الإنسان غير المؤمن في منصب رفيع في العالم الغربي يلجأ إلى فلكي ليرسم له مستقبله، الإنسان ضعيف، وهذه نعمة كبرى لصالح المؤمن.
الإنسان محتاجٌ إلى مولى:
أيها الإخوة الكرام، دققوا في قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) ﴾
( سورة الأنفال)
أنت بحاجة إلى مولى، بحاجة إلى مرجع، بحاجة إلى مربٍّ، بحاجة إلى سند، بحاجة إلى من يدعمك، بحاجة إلى من تتوكل عليه، بحاجة إلى من يطمئنك، بحاجة إلى جهة قوية تحتمي بها من شرور أعدائك، هذا شيء طبيعي جداً في الإنسان، إلا أن المؤمن وصل إلى الإله الحقيقي، وصل إلى خالق السماوات والأرض، وصل إلى مَن بيده كل شيء، وصل إلى من بيده مصائر الخلائق، والله عز وجل ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك: ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) ﴾
( سورة هود)
متى أمرك أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك، فلابد أن تعتقد أن الله هو المعطي وحده، وهو المانع، وهو الخافض، وهو الرافع، وهو المعز، وهو المذل، وهو الناصر، وهو المغني، وهو الرازق، هذا التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، التوحيد أن ترى يد الله تعمل وحدها، التوحيد أن تتجه إلى الله، فلذلك التوحيد يقود إلى طاعة الله عز وجل، وهو نعم المولى، هو عليم، لا تحتاج مع الله إلى إيصال، ولا إلى حلف يمين، هو يعلم، وبعضهم قال: الحمد لله على وجود الله، هو يعلم هو معك، أعداءك بيده، أقرب الناس إليك بيده، فإذا أحبك الله سخر لك أعداءك ليخدموك، وإذا تخلى الله عنك ـ لا سمح ولا قدر ـ يتطاول عليك أقرب الناس إليك، فهذه كلمة دقيقة جداً: ليس إلا الله، وهذا معنى: لا إله إلا الله.
وكما بينت في لقاءات سابقة أنه لا ينبغي أن تقول: الله ضار، الله ضار نافع، يضر لينفع، ومانع معطٍ، يمنع ليعطي، وخافض رافع، يخفض ليرفه، ومذل معز، يذل ليعز، إذاً: أسماء الله تعالى كلها حسنى، والذي يبدو لك من شدة و جبروت هي لصالح المؤمن: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) ﴾
( سورة الأنعام)
مثلٌ للتوضيح: تصور ابنا له أب محترم جداً، عالم أخلاقي، وضعه المادي جيد جداً، وهذا الأب حريص على ابنه حرصاً لا حدود له، هيأ له غرفة خاصة، تابع تربيته الأخلاقية، تربيته الإيمانية، تربيته الدينية، تربيته العلمية، تربيته الاجتماعية، تربيته النفسية، تربيته الجسمية، تربيته الجنسية، تابعه ووضعه في أفضل المدارس، هيأ له أفضل المدرسين، اهتم بصحته، اهتم بعاداته، وتصور ابنا ماله أب، وأمه مشغولة عنه بالأسواق، وهو في الأزقة ومداخل البنايات، من مخفر إلى مخفر، من مكان إلى مكان، عنده تُهَمٌ كثيرة جداً، تُهَمٌ أخلاقية، و تُهَمٌ مالية، وعنده سرقات، وله إضبارة واسعة، وازن بين هاذين الشابين، شاب بأعلى درجات الانضباط والكمال، وشاب بأسوأ درجات التفلت والانحلال. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ
اسمعوا الآية:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد)
لك مرجع، لك كتاب تقرأه، هذا حرام، هذا حلاب، لك إله تدعوه في الليل، لك إله عظيم تسأله فيجيبك، تستغفره فيغفر لك، تتوب إليه فيتوب عليك، لك مرجع، في حياتك منظومة قيم، هناك شيء حلال وشيء حرام، شيء ممكن وشيء غير ممكن، شيء مباح وشيء مكروه، شيء واجب وشيء مستحسن، أنت تعيش بمنظومة قيم، وهذا من فضل الله علينا. ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد)
يصعد صعوداً حاداً، ويسقط سقوطاً مريعاً، يأتيه المال من كل جهة فينفقه بلا وعي، مع الكبر والغطرسة، فيسحقه الله عز وجل، ويدمر ماله، الفرق كبير جداً. ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) ﴾
( سورة السجدة)
﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾
( سورة القلم )
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) ﴾
( سورة القصص )
نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
أيها الإخوة، من نعم الله الكبرى أن يكون الله عز وجل وليك، قال تعالى:
﴿ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) ﴾
( سورة الأنفال)
آية واحدة تملأ قلبك طمأنينة: ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾
( سورة البقرة الآية: 216 )
إذا فتح الله عليك باب الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء، فربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ))
[ أخرجه مسلم]
لذلك أيها الإخوة، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) ﴾
( سورة محمد )
الله عز وجل يتولى أمرنا، وقد تضيق علينا الدنيا، وأحيانا تشح السماء، فيقيم المسلمون صلاة الاستسقاء، ويلجؤون إلى الله، أحياناً يأتي شبح مرض، هذا المرض سبب توبة نصوح، أحياناً يأتي شبح فقر، هذا الفقر يسوقنا إلى باب الله، بطولتك أن تفهم حكمة الله في المصائب، البطولة أن ترى حكمة الله في أفعاله، لأن الله عز وجل حكيم.
كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
نعم المولى، فهو عليم، حكيم، قدير، وقعت في ورطة ـ لا سمح الله ولا قدر ـ إن دعوته أولاً فهو موجود، ثانياً يسمعك، ثالثاً قادر على أن يلبيك، رابعاً يحبك، فهو موجود وسميع، وقدير ورحيم.
تولِّي الله حفظ ونصرَ أنبيائه:
1 – موسى عليه السلام:
لذلك قال تعالى:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
فرعون من ورائهم، والبحر من أمامهم. ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
( سورة الشعراء )
2 – يونس عليه السلام:
سيدنا يونس كان في بطن الحوت:
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
( سورة الأنبياء الآية: 88 )
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا
شيء آخر:
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا ﴾
( سورة التوبة الآية: 15 )
أنت حينما تطيع الله عز وجل وحينما تعبده دقق ينشأ لك حقاً عليه ألا يعذبك، لذلك:
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
لو أن الله قبِل دعواهم لما عذبهم، لأن الله لا يعذب أحبابه.
هذا ما يتمتّع به المؤمن الذي تولاّه الله:
1 – الأمن:
المؤمن يتمتع بأمن لا يتمتع به أحد على الإطلاق، والدليل:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾
( سورة الأنعام )
لو أن الآية: أولئك الأمن لهم، أي لهم ولغيرهم، هذه البلاغة عبارة قصر وحصر. ﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾
( سورة الأنعام )
2 – الحكمة:
يتمتع المؤمن بالحكمة:
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) ﴾
( سورة البقرة)
3 – الرضى:
يتمتع المؤمن بالرضى، فلذلك حينما يسوق الله الإنسانَ إلى بابه عن طريق مصيبة، أو شبح مصيبة، أو ضيق، أو عدو جاثم على صدره، أو شبح فقر، أو شبح مشكلة، فهذه في الفهم الإيماني نعمة باطنة:
﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾
( سورة لقمان: 20)
إذا كنت ضمن العناية المشددة فأنت في نعمة كبرى:
وأقول لكم هذه الكلمة: حينما يتابعك الله عز وجل، وحينما يخضعك لتربيته فأنت في خير عميم، وأنت في نعمة كبرى، إذا كنت ضمن العناية المشددة فأنت في نعمة كبرى، لكن المصيبة الكبيرة أن يتابع الله نعمه عليك، وأنت تعصيه، المصيبة الكبيرة أن تكون خارج العناية الإلهية:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا (11) ﴾
( سورة محمد )
أحياناً يشدد عليهم أحياناً يضيق عليهم أحياناً يسلط عليهم عدوهم. ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِف طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾
( سورة القصص )
الآن دققوا: ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾
( سورة القصص )
لذلك إذا كنت ضمن العناية المشددة فالله يتولى أمرك، وإذا تولى الله أمرك فأنت في نعمة كبرى، في متابعة من ضمن الله عز وجل.
إذا أخطأت جاء العقاب، أو أسرفت في الإنفاق جاء التقتير، أو استعليت على إنسان جاء التأديب الذي من نوع هذه المعصية فصار تحجيما، كإنسان تطاول عليك، لأن الإنسان حينما يتطاول على غيره الله يؤدبه من جنس الذنب.
الخاتمة:
الخلاصة: مادمت خاضعاً للعناية الإلهية فأنت في نعمة كبرى، لأن الله مولاك، نعم المولى ونعم النصير، هو مولانا، وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 257 )
فيا أيها الإخوة الكرام، هذا الاسم ( المولى ) من أقرب الأسماء للإنسان، ولي أمرك، يتولى شؤونك، ينعم عليك، يقتر عليك، يرفعك، يخفضك، يملأ قلبك طمأنينة، أو يملأ قلبك خوفاً، يتولى أمر جسمك، وأمر نفسك، وأمر مستقبلك، وأمر إيمانك، وأمر عقيدتك، وأمر علاقاتك، هذا التولي نعم المولى ونعم النصير.
هذا الاسم أيها الإخوة الكرام، مرة ثانية، من أقرب الأسماء للإنسان، ولأن الإنسان عنده نقاط ضعف ثلاث ؛ خلق هلوعا، وكان عجولا، وخلق ضعيفاً، نقاط الضعف تستوجب أن يكون له سند قوي يلجأ إليه، يحتمي به، يستعيذ به، يتوكل عليه، يعتمد عليه، وهذا هو التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-30-2018, 12:44 PM   #8



آفراح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20
 تاريخ التسجيل :  Sep 2012
 أخر زيارة : يوم أمس (11:45 PM)
 المشاركات : 15,156 [ + ]
 التقييم :  1818
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



جوزيت كل الخير وكل الشكر على مجهودك الرائع
تحية


 
 توقيع : آفراح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-30-2018, 04:28 PM   #9


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى



تسلمين اختى افراح


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 01-30-2018, 04:29 PM   #10


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: أسماء الله الحسنى





بسم الله الرحمن الرحيم




(4)



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( النصير ):





النصير كمالٌ في الوصف ومبالغة فيه:



أيها الإخوة الكرام، الاسم اليوم هو ( النصير )، وهذا الاسم ورد مطلقاً مراداً به العلمية، ودالاً على كمال الوصفية، وهو صيغة مبالغة، وصيغ المبالغة تعني شيئين ؛ تعني مبالغة الكّمّ، ومبالغة النوع، أي مهما يكن العدو قويا فالله هو النصير، ومهما تكن الأعداء كثيرة فالله سبحانه وتعالى نصير.






الآيات والأحاديث الوارد فيها اسم النصير:





الله نصير مع أقوى عدو، ونصير مع أكثر الأعداء تنوعاً، لذلك هذا الاسم ورد مطلقا، وورد مقرونا باسم المولى في آيتين فقط.



الآيات:


الآية الأولى:





الآية الأولى:




﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) ﴾

( سورة الأنفال )




الآية الثانية:



﴿ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) ﴾

( سورة الحج )




الأحاديث:



وورد هذا الاسم أيضا مقيداً في دعاء النبي عليه الصلاة والسلام، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ:

(( اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ ))

[ الترمذي وأبو داود ]






قواعد النصر:





لكن ما من اسم يحتاجه المسلمون اليوم كهذا الاسم، لكن هذا النصر له قواعد.



النصر من عند الله:

أول قواعد النصر أن النصر من عند الله، وحينما يتوهم المسلمون أن النصر من عند زيد أو عبيد فقد وقعوا في وهمٍ كبير، قال تعالى:
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 10 )

﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 160 )



أنواع النصر:





1 – النصر الاستحقاقي:


وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ولكن هناك نصر استحقاقي، فالمؤمن حينما يكون على ما ينبغي وينتصر فهذا نصر سماه العلماء النصر الاستحقاقي، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 123 )
كان أصحاب النبي من الافتقار ومن الاستقامة ومن التوحيد ما استحقوا به نصر الله عز وجل.
بالمناسبة، حينما قال تعالى:

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 10 )




النصر الاستحقاقي ثمنه الإيمان والإعداد:



معنى ذلك أنه من عند الله، ولكن له ثمن، ما ثمن هذا النصر ؟ الإيمان والإعداد:
الإيمان:
الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ـ والإعداد المتاح فقط.
الآية الأولى:

﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الروم الآية: 47 )
كلام خالق الأكوان، وزوال الكون أهون عند الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين،
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا ﴾

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

( سورة النور الآية: 55 )
الشرط الأول للنصر هو من عند الله ولكن له ثمن، والبند الأول في الثمن الإيمان الذي يحمل على طاعة الله، أما الإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله فلا قيمة له إطلاقا.
الإعداد:
الآن الإعداد:
﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾

( سورة الأنفال الآية: 60 )
لكن رحمة الله أنه كلفنا أن نعد العدة المتاحة، وليست المكافئة، وفرق كبير بين أن نعد العدة المكافئة، وهذا مستحيل الآن، وبين أن نعد العدة المتاحة.
عندما أؤمن الإيمان الذي يحملني على طاعة الله، وحينما أعد لأعدائي العدة المتاحة عندئذ أكون قد دفعت ثمن النصر، وما لم يدفع ثمن النصر فالنصر مستحيل، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح، إذن النصر من عند الله، وله ثمن، والثمن له بندان الأول الإيمان، والثاني الإعداد.
إذا آمنا ولم نعد فلا ننتصر، وإذا أعددنا ولم نؤمن فلا ننتصر، لذلك قالوا: الإيمان والإعداد شرطان كل منهما لازم، لا يحقق الثاني إلا إذا كان الأول، فكل شرط من هذين الشرطين لازم غير كاف، وما لم يتحقق الشرطان معاً فلن يكون النصر.

حينما نتعامل مع الله وفق قواعده القرآنية، ووفق نواميسه نقطف الثمرة، أما إذا تعاملنا مع الله تعاملا ضبابياً مزاجياً، ولم ندفع الثمن فلن ننتصر، إذًا: النصر من عند الله، وله ثمن، ثمنه الإيمان والإعداد، لكن أي إيمان ؟ الكلّ يدعي أنه مؤمن، الإيمان الذي يترجم إلى استقامة، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، لذلك لماذا لم ينتصر المسلمين في أُحُد ؟ لأنهم عصوا، ولو أنهم انتصروا لسقطت طاعة رسول الله.
ولماذا لم ينتصر المسلمون في حنين ؟ في أُحُد وقعوا في معصية، وفي حنين وقعوا في شرك خفي، فقالوا: لن نهزم مِن قلة، إذًا: إما لسبب سلوكي في أُحد، أو لسبب اعتقادي في حنين، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ﴾

( سورة التوبة )




درسان بليغان من معركة أُحُد وحُنين:



الآن نستنبط من وقعة أحد ووقعة حنين أن هناك درسين بليغان، الأول: حينما تقول: الله، يتولاك الله عز وجل، وحينما تقول: أنا، يتخلى عنك، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم، بل كل ساعة، قل: أنا بعلمي، واختصاصي النادر، وخبراتي المتراكمة، ومالي العريض، وجاهي الكبير، يتخل الله عنك، في حرفتك، في مهنتك، لا تقل: أنا، أنا كلمة مهلكة، قل: الله، في زواجك، في عملك، في حرفتك، حينما تقابل عدوا فإذا قلت: الله، يتولاك الله، فإذا قلت: أنا، يتخلى عنك، وما أشد هذين الدرسين عظة وفهما لما يجري في العالم.
لذلك حينما نعتد بأنفسنا يتخلى الله عنا، " وما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هويا تحت قدميه، وقطعت أسباب السماء بين يديه ".
فلذلك أيها الإخوة الكرام، النصر من عند الله، وله ثمن، وما لم ندفع الثمن فلن نشم رائحة النصر، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح، فالنصر الأول هو النصر الاستحقاقي، حينما ندفع ثمنه إيماناً مترجماً إلى التزام، إلى وقوف عند الحلال والحرام، إلى فعل ما ينبغي، إلى تطبيق منهج الله، إلى أن يرانا الله حيث أمرنا، وأن يفتقدنا حيث نهانا، والثمن الثاني أن نعد القوة المتاحة.
لذلك التوكل من دون إعداد تواكل، وهو معصية، أن تقول: يا رب، توكلت عليك، ولا تفعل شيئا، سيدنا عمر وجد رجلا معه جمل أجرب، قال: << يا أخا العرب، ما تفعل بهذا الجمل ؟ فقال: أدعو الله أن يشفيه، قال: هلا جعلت مع الدعاء قطراناً >>.
ورأى سيدنا عمر أناسا يتكففون الناس في الحج، قال: مِن أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: كذبتم، بل أنتم المتواكلون، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله.
والنبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))

[ أبو داود عن عوف بن مالك ]
أن نستسلم، ونقول: ما بيدنا شيء، انتهينا، هذا كلام الضعفاء، كلام ضعاف الإيمان، كلام الجهلة، الله موجود:
﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

( سورة الروم )
وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، الله موجود، الله فعال:
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) ﴾

( سورة الكهف )

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) ﴾

( سورة هود)

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ (84) ﴾

( سورة الزخرف)

آيات التوحيد، وما تعلم العبيد أفضل من التوحيد.






2 – النصر التفضُّلي:



إذاً: النصر الأول هو النصر الاستحقاقي، حينما يدفع ثمن النصر إيمانا بالله يحمل على طاعته، وإعدادا للقوة المتاحة، الآن هناك نصر آخر سماه العلماء النصر التفضلي دليله الآية الكريمة:
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة الروم )
في هذه الآية إعجاز، فبعد أن اكتشفت أشعة الليزر أمكن قياس المسافات بدقة متناهية، وأمكن قياس المسافة بين الأرض والقمر بدقة متناهية، وأمكن قياس المنخفضات والأغوار بدقة متناهية، وبعد أن اكتشفت هذه الأشعة تبين أن أخفض نقطة في الأرض غور فلسطين، والروايات التاريخية تؤكد أن هذه المعركة التي جرت بين الروم والفرس كانت في غور فلسطين، فقال الله عز وجل:
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة الروم )

الروم أهل كتاب، وأهل الكتاب مشركون، ومع ذلك انتصروا، هذا النصر ليس استحقاقياً، ولكنه نصر تفضلي، فنحن في عبادتنا نقول: يا رب، إن لم نكن نستحق النصر الاستحقاقي فانصرنا نصراً تفضلياً، والنصر التفضلي يعني أن المنتصر ليس كما ينبغي، لكن حكمة الله اقتضت أن ينتصر، لذلك أثبت الله للصحابة الكرام وهم نخبة البشر فرحهم بهذا النصر.
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

( سورة الروم )

هذا هو النصر التفضلي، إذا كانت فئة ليست كما ينبغي، وانتصرت على الكفار وأعداء الله فهذا شيء ينبغي أن نفرح له بنص هذه الآية.
هذا هو النصر الثاني النصر التفضلي.




3 – النصر المبدئي:


لكن هناك نصر ثالث، ما هو ؟ النصر المبدئي:

﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) ﴾

( سورة البروج )
الآن كلام دقيق، أصحاب الأخدود هل انتصروا ؟ بالمقياس التقليدي لم ينتصروا، لكنهم انتصروا نصرا مبدئياً، لأنهم ثبتوا على إيمانهم بالله.
بالمناسبة، مسيلمة الكذاب قبض على صحابيين، وقال للأول: أتشهد أني رسول الله ؟ قال: ما سمعت شيئا، فقتله، وقال للثاني: أتشهد أني رسول الله ؟ قال: أشهد أنك رسول الله.
الآن استمعوا إلى ما قاله النبي الكريم عن هذه الحادثة، قال: أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله، الذي قتل النبي عليه الصلاة والسلام عدَّه منتصرا، لأنه صمد على مبدئه، ومن هذا النوع من النصر ماشطةُ بنتِِ فرعون، جاؤوا بأولادها الخمسة، لأنها قالت لما وقع المشط من يدها: يا الله، البنت قالت لها: ألك رب غير أبي ؟ قالت: الله ربي ورب أبيك وربك، فحدثت أباها، فجاء بقدر من النحاس، وجعل فيه زيتا مغليا، وجاء بأولادها الخمسة، وأمسك الأول، وقال: ألك رب غيري ؟ قالت: الله ربي وربك، فألقى الأول في الزيت المغلي فظهرت عظامه طافية على سطح الزيت، وأمسك ولدها الثاني، ألك رب غيري ؟ قالت: الله ربي وربك، فألقى الثاني، وألقى الثالث، وألقى الرابع، الخامس رضيع، فلما قال لها: ألك رب غيري ؟ سكتت، تضعضعت، ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة، فأنطق الله ولدها الرضيع، قال: اثبتي يا أمي، فأنت على الحق، وألقاه في الزيت، ثم ألقاها في الزيت، هذه انتصرت نصرا مبدئيا، أي ثبتت.
فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج شم رائحة لم يشم مثلها إطلاقا، فقال: يا جبريل، ما هذه الرائحة ؟ رائحة طيبة جداً، قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون، ففي النصر المبدئي يمكن أن لا تنتصر بالمقياس التقليدي، لكنك مُتنا على الإيمان، وهذا نصر مبدئي، وفي هذا المعنى تسلية وتطمين لكل مَن قُتِل وهو على حق.

فالنبي قال: أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله، القلق على من ؟ على الثاني الذي قال: أشهد أنك رسول الله، يا الله ما أعظم هذا الدين ! أما الثاني فقد قبل رخصة الله، ما كلف الله الإنسان فوق ما يستطيع، فلو أن الماشطة قالت: أنت ربي، فلا شيء عليها، ولكن لو أخذ كل المؤمنين بالرخص ما بقي هناك بطولات، فالإمام أحمد بن حنبل لم يقبل بخلق القرآن، فدخل السجن، وعذب.
لذلك الأمة في حاجة لمن يدفع ثمن مبدئه غاليا، ولو أن كل إنسان أخذ بالرخص فلن نجدد في الأرض بطولات إطلاقاً.
فهناك نصر مبدئي ؛ بأن يموت الإنسان على مبدئه صراحة، ولم يساوم عليه.
مرة كنت في بلد إسلامي، تركيا، وذكرت هذه القصة، وقلت: أما الأول، للتقريب، أعطي مائة ألف دولار، وأما الثاني فأعطي مائة ألف ليرة تركية، في الأجر ليس كالأول، الأول ضحى بحياته من أجل مبدئه، وكل شيء له ثمن، وكل شيء له حساب عند الله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام، درس بدر وحنين، تقول: الله يتولاك، تقول: أنا، يتخلى عنك، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم، وفي كل ساعة، وفي بيوتنا، وفي أعمالنا، وفي حرفنا، وفي مواجهتنا لمن نخافهم، قل: الله، فإن الله يتولاك.
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

( سورة الشعراء )






قصص القرآن قوانين سارية في كل زمان ومكان:





لا أمل، فرعون من ورائهم، والبحر من أمامهم، فرعون بطغيانه وجبروته وحقده ولؤمه وقوته وراءهم، والبحر أمامهم.

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

( سورة الشعراء )
لذلك الله عز وجل يقلب القصص القرآنية إلى قوانين، سيدنا يونس وهو في بطن الحوت:

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾

( سورة الأنبياء )

إذًا: أول نصر استحقاقي، والثاني تفضيلي، والثالث مبدئي، فالإنسان لا يعدم أن ينتصر نصرا مبدئيا، هذا بإمكانه.






لا للإحباط وسوءِ الظن بالله:




شيء آخر:


﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ (15) ﴾

( سورة الحج )
عنده وهم خاطئ ؛ أن الله لا ينصره، وقد يقع الإنسان في سلسة إحباطات يتوهم أن الله لن ينصره، فيسيء الظن بالله.
﴿ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ (6) ﴾

( سورة الفتح )
وأقول لكم بكل صراحة: إن بعض المسلمين وقعوا في الإحباط واليأس، ولذلك هناك امتحانان صعبان:
الامتحان الأول: أن يقوِّي اللهُ الكافر حتى يقول ضعاف الإيمان: أين الله ؟ وأحيانا يظهِر الله آياته حتى يقول الكافر: لا إله إلا الله.
نحن الآن في الامتحان الأول، وهو صعب جداً، الطرف الآخر قوي ومتغطرس، ويفعل ما يقول، فبعض المؤمنين ضعفوا:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران )
إذن النصر التفضلي والنصر المبدئي والنصر الاستحقاقي وموضوع بدر وحنين، تقول: الله، يتولاك، تقول: أنا، يتخلى عنك.
والموضوع الثاني: أُحُد وحُنين، في أُحد كانت المعصية سلوكية، وفي حنين كان الشرك الخفي، الصحابة الكرام وفيهم رسول الله لم ينتصروا ؛ لأنهم قالوا: لن نغلب من قِلة، هذه بعض موضوعات النصر، لأن الله عز وجل هو النصير، ولا نصير سواه.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد الآية: 7 )
أي تدفعوا ثمن النصر إيمانا يحمل على طاعته وإعدادا للقوة المتاحة.



والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
أسماء, الله, الحسنى


 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
متجدد ..أسماء الله الحسنى ومعانيها..~ منال نور الهدى رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 45 06-29-2022 09:36 AM
اسماء الله الحسنى 2008 م السعيد رِيَاضٌ رَوحَانِيَـاتٌ إيمَـانِيَـة 204 09-03-2018 01:22 PM
معرض أسماء الله الحسنى منال نور الهدى رِيَاضُ الصُوَر المَنْقُولَة 3 11-05-2014 11:25 PM
أسماء الله الحسنى: "الجبار" منال نور الهدى رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية 3 02-27-2013 03:13 AM
من أسماء الله الحسنى :"المبين .".الشيخ محمد راتب النابلسي منال نور الهدى رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية 5 02-27-2013 03:03 AM


الساعة الآن 04:59 AM