الموضوع: بصمة أولى لقاء بعد الرحيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2017, 09:12 AM   #1


الصورة الرمزية حسام الدين بهي الدين ريشو
حسام الدين بهي الدين ريشو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1074
 تاريخ التسجيل :  Sep 2017
 أخر زيارة : 06-25-2019 (10:50 AM)
 المشاركات : 106 [ + ]
 التقييم :  633
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي لقاء بعد الرحيل










لقاء بعد الرحيل
========
حسام الدين ريشو
==========

لم يتعاطف القدر معه في يوم ما . استغل مشاعره المرهفة ونبل عواطفه فجعل منه مطية لنزواته الطائشة التى يصيب بها ضحاياه .. فمن يتم مبكر الى الحيلولة بينه وبين قصة حب في فجر رجولته.
كان متنفسه الوحيد كلمات يبثها على الأوراق ؛ أخذته إلى ساحة الأبداع ؛ وعلى صفحات احدى المجلات داعبت أحاسيسه كلمات أنثى .
أحس اقترابا من عالمها ؛ تبث آلاما كآلامه .
كتب اليها ؛ وردت عليه ؛ ولأنها على الشاكلة نفسها تطورت العلاقة بينهما سريعا .
اخوة في ساحة الكلمة ؛ فصداقة تتوطد ؛ تحولت الى اعجاب متبادل ؛ ثم حب لم يذق كل منهما طعما له من قبل .
كانت قصتهما أغرب من الخيال ؛ فعلى الرغم من المسافة البعيدة التى تفصل بين موطنيهما ؛ لكن مابينهما أذاب الحدود والحواجز .
لم يخف أي منهما عن الآخر شيئا . كشف لها عن مكامن قلبه وحناياه ؛ هاتفها وبادلته كل ذلك .
كان المجهول الوحيد عنه صورتها ؛ مع أنها وصفت له نفسها.
احترم موقفها ظنا أنها تقاليد عائلية وأسرية ؛ تلك الأسرة التى كان يعرفها فردا فردا ؛ ويعرفونه أيضا من رسائله المسافرة اليها قبل اختراع الميديا .
أحبهم واستشعر محبتهم له .. وقنع بسعادته النابعة من رومانسية الرسائل والأوراق المنشورة . ؛ وظن أن الأقدار نسيته أخيرا .
ذات يوم تلقى احدى رسائلها ؛ أزعجه مافيها ؛ اعتصره القلق ؛ وشبت نيران الخوف في قلبه ؛ أوحت اليه أجواء مايكابد أن يسافر اليها ؛ يفاجئها ؛ العنوان لديه والظروف مهيأة.
وأدرك تأشيرة الزيارة في يسر .
طار على جناحي الشوق واللهفة بعد أن أبرق اليها .
هبط إلى الشارع العام ؛ كان كما وصفته تماما ؛ الناس ؛ المحلات ؛ الهدوء .
أمام الباب دق قلبه قبل أن يسمع رنين الجرس .
فتحت له أنثى ؛ يقينا أنها احدى أخواتها .
كانت ترتدي سوادا ؛ عرفته ؛ انسابت دموعها وشهقت .
خلفها تجمع أفراد الأسرة .
أفسحوا له الطريق ؛ جلس وأوحى له الصمت الحزين بما حدث .
كانت قد أخبرته في رسالتها أن آلاما شديدة تعاود قلبها ؛ ,انها في سبيلها للمستشفى .
انسابت دموعه وتوقفت عيناه أمام صورة معلقة مجللة بالسواد .. كانت في الخد اليمنى آثار جرح واضح.
تعلقت أختها الكبرى بنظراته ؛ وقالت في أسى :
- كانت تخشى أن تفقدك اذا رأيت صورتها . وكنا نسخر منها لروعة حبها لك ؛ عاشت مع رسائلك أحلى أيامها .
كنا نسمع رنين السعادة في صوتها ونرى بريق المودة في عينيها . وعندما استشعرت النهاية كتبت لك آخر رسائلها اليك ومعها صورتها .
كانت الكلمات تنزل عليه كسياط من لهيب ؛ أجهش بالبكاء .
رنت اليه الأم في صمتها الحزينوآلامها الدفينة وقالت له :
- لاتبك يابني ؛ لقد أحببناك من حديثها عنك وأطلقنا اسمك على وليد شقيقتها .
سأل من بين دموعه :
- هل يمكن أن أزور قبرها ؟
صافح الأم وقبل يديها ورافقته الشقيقة الكبرى
على القبر وضع باقة من زهور البنفسج التى تحبها ؛ ثم انحنى باكيا يقبل الثرى ويمسح أديمه بيديه المرتعشتين ويمزجه بدموعه علها تصل اليها ؛ ناداها ؛ خاطبها :
- كم قلت لك أن صورتك لن تزيد أو تنقص من مشاعري نحوك وها أنذا أؤكد لك ذلك ؛ أتيت لتصحبينى في جولة بالشارع العام وحدائق المدينة .
أفاق على كلمات شقيقتها ؛ عاد متثاقل الخطى تتنازعه مشاعر شتى عن لقاء تم بعد الرحيل .


 

رد مع اقتباس