عرض مشاركة واحدة
قديم 04-27-2018, 04:44 PM   #1


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي البدع في الدين و بدع شهر رجب




الحمدلله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهوعلى كل شئ قدير , و أصلي وأسلم
على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ثم اما بعد , فَأُوصِيكُمْ
أيها المؤمنون ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تعالى وكَثْرَةِ ذِكْرِه ، و أَحُثُّكُمْ عَلى طاعَتِهِ وشُكْرِه قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران .
فاتقوا الله تعالى واستمسكوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم , فقد جعله الله لنا أسوة
حسنة ، و أمرنا بالتأسي و الإقتداء به واتباع سنته عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : ( لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب

أيها المؤمنون , إن الله جل وعلا أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وحجة
على الناس أجمعين , أرسله الله تعالى على حين انقطاع من الرسل , فهدى الله تعالى به
إلى الدين القويم و الصراط المستقيم , و بصّر به من العمى ، و أرشد به من الغي ، و
هدى به من الضلالة , فأكمل الله به الدين ، و أتم به النعمة , قال تعالى : ( الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) المائدة ..
و لقد أمرنا الله تعالى باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، و نهانا عن مخالفته ,
قال تعالى : ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ )
الأعراف , و قال تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ
عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) النساء , و قال تعالى : ( وَ أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا
تَتَِّعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) الأنعام , وقال تعالى : ( وَ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر ..

و لقد توعد الله تعالى الذين يخالفون أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالفتنة والعذاب
الأليم ، قال تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ ) النور , و قال تعالى : ( وَ مَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ سَاءَتْ مَصِيراً ) النساء ..
و إن من مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم و مشاقّته الابتداع في الدين , فإن
كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار ، و قد أنكر الله تعالى الابتداع في الدين ، وجعله
تشريعاً لما لم يأذن به الله , قال تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن
بِهِ اللَّهُ وَ لَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى ..

و قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع و بين بطلانها ، فقال : ( من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه ، وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس
عليه أمرنا فهو رد ) , و في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه , قال صلى الله
و سلم : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، و إن تأمّر عليكم عبد , فإنه من يعش
منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضّوا
عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود و
الترمذي و قال حديث حسن صحيح , فاحرصوا أيها المؤمنون على ترك البدع صغيرها
و كبيرها ، و احرصوا على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً و باطناً ، فإنه
بحسب متابعتكم للرسول عليه الصلاة والسلام تكون لكم الهداية و الصلاح والنجاح .

أيها المؤمنون , سيحل بنا بعد أيام شهر من أشهر الله الحرم التي نهانا الله تعالى فيها
عن ظلم أنفسنا , و هو شهر رجب , قال تعالى : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ
شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة , عن أبي بكرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض السنة اثنا
عشر شهرا , منها أربعة حرم , ثلاثة متواليات ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم , و رجب
مضر الذي بين جمادى و شعبان ) متفق عليه , فيحرم ابتدأ القتال فيه , أما قتال
الدفع فيجوز فيه , فاتقوا الله تعالى أيها المؤمنون ، فإنكم في شهر حرام ، و قوموا
بما أمركم الله به من تعظيم شعائره ، فإن ذلك من تقوى القلوب ..

و لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحتفي بهذا الشهر دون سائر الشهور أو يدعو
بالبركة فيه , أما ما يروى عن أنس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم
كان إذا دخل شهر رجب قال : اللهم بارك لنا في شهري رجب و شعبان و بلغنا
رمضان ) فقد رواه البزار بإسناد ضعيف , ولكن هناك من المسلمين من أحدثوا في
شهر رجب بتخصيصهم هذا الشهر بأنواع من البدع و المحدثات التي لم تثبت عن
النبي عليه الصلاة و السلام ..

و من هذه البدع تخصيصهم أول جمعة من شهر رجب بصلاة يسمونها صلاة الرغائب ,
و هي اثنتا عشرة ركعة في ليلة أول جمعة من رجب , تصلى ما بين المغرب و العشاء
تكرر فيها سورتا القدر و الإخلاص على صفة مخصوصة و حديثها موضوع , و قد نهى
النبي صلى الله عليه و سلم أن تخص ليلة الجمعة بقيام و يومها بصيام , فهي داخلة
في عموم نهي النبي صلى اللهم عليه وسلم بقوله : ( لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام
من بين الليالي و لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم
يصومه أحدكم ) مسلم , و قد انحسر العمل بهذه البدعة و لله الحمد و المنة حتى
أصبحت في بعض بلاد المسلمين مقصورة على المتصوفة ..

و من بدع شهر رجب صومه أو تخصيص أيام منه بالصيام , حيث لم يخصه الشارع
بالعبادة , و قد كان تعظيمه بالصيام من فعل الجاهلية , فعن خَرَشَةَ بْنِ الحر قال :
( رأيت عمر رضي الله عنه يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان و
يقول كلوا فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية ) رواه ابن أبي شيبة ورواته ثقات

و من بدع شهر رجب , تخصيصهم رجب بالعمرة فيه و يسمونها الرجبية , و لا فضيلة
للعمرة في رجب , و لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب , فعن مجاهد قال :
( دخلت أنا و عروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى
حجرة عائشة رضي الله عنها , فقال له عروة , كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه و
سلم , قال أربعا إحداهن في رجب , فكرهنا أن نرد عليه , قال و سمعنا استنان عائشة
أم المؤمنين في الحجرة فقال عروة يا أماه يا أم المؤمنين , ألا تسمعين ما يقول أبو
عبد الرحمن ؟ قالت ما يقول ؟ قال يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر
أربع عُمَرَاتٍ إحداهن في رجب , قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو
شاهده , و ما اعتمر في رجب قط ) متفق عليه ..

و من بدع شهر رجب , الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج , في الليلة السابعة والعشرين
من هذا الشهر , و هذا لا يصح , قال ابن رجب : ( روي بإسناد لا يصح عن القاسم بن
محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم في سابع و عشرين من رجب , و أنكر
ذلك إبراهيم الحربي و غيره ) , و قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن ليلية الإسراء و
المعراج : ( لم يقم دليل معلوم لا على شهرها و لا على عشرها و لا على عينها , بل
النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يقطع به , و لا شُرِع للمسلمين
تخصيصُ الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام و لا غيره ) ..

أيها المؤمنون , كل ما مر معنا من المحدثات التي لا تزيد أهلها من الله إلا بعداً , فعلى
العبد أن يتقي الله تعالى ، و أن يلزم سنة النبي صلى الله عليه و سلم ، فقد قال
محذراً من ترك سنته في قصة الثلاثة : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) البخاري ,
و اعلموا أنه لم يرد في فضل شهر رجب و لا في صيامه و لا في صيام شيء منه
معين ، و لا في قيام ليلة مخصوصة فيه أي حديث صحيح يصلح للحجة ، بل كل
ما ورد من ذلك فهو ضعيف لا حجة فيه ..

أيها المؤمنون , من فقه السلف ما رواه البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيب
( أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع و السجود ,
فنهاه , فقال : يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟ قال , لا و لكن يعذبك على
خلاف السنة ) و هذا من بديع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله , و فيه رد على
المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع لأنها ذكر و صلاة , بل و ينكرون و
يعترضون على من ينكر عليهم ذلك ..

هذا و صلوا و سلموا على نبينا و سيدنا و حبيبنا مجمد , فقد قال ربنا تبارك وتعالى :
( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
الأحزاب , اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى محمّدٍ و عَلى ءالِ محمّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلى إِبْراهِيمَ و على
ءالِ إِبْراهِيمَ , و بارِكْ على محمّدٍ و على ءالِ محمّدٍ كَمَا بارَكْتَ على إِبْراهِيمَ و على
ءالِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ..



 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس