سَمَاءُ الأُنسِ تُمطِر حَرْفًا تُسْقِي أرْضَهَا كلِمة رَاقِيَة وبِـ قَافِيَة مَوزُونَة و نبْضُ حرْفِ يُفجِّرُ ينَابِيع الفِكْرِ سَلسَبِيلًا، كُن مَع الأُنِسِ تُظِلُّ بوارِفِ أبجدِيَتِهَا خُضْرَة ونُظْرَة وبُشْرَى لـ فنِّ الأدبِ و مَحَابِرَهُ. وأعزِف لحنًا وقَاسِم النَاي بِروحَانِيَة وسُمُوِ الشُعُور و أَرْسُم إبْدَاعًا بِـ أَلْوَانٍ شَتَّى تُحْيِ النَفْسَ بِـ شَهقَةِ الفَنِّ نُورًا وسًرُورَا كَلِمةُ الإِدَارَة







جديد المواضيع

العودة   منتديات رياض الأنس > |~ هُدَى الرَحْمَن لِـ تِلَاوة بِـ نبَضَات الإيمَان ~| > رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة

رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة (السيرة النبوية الكاملة ، سيرة سيدنا محمد عليه آفضل الصلاة والسلام)

الإهداءات
منال نور الهدى : السعيد هو من يحتِرم مواعيده مع الله عندما ينادي المنِادي "حي على الصلاة" منال نور الهدى : اللهم اجعله عيداً مليئًا بالأفراح والتوفيق ، اللهم اجعله عيد تحقق فيه كل الأمنيات، اللهم إنا ننتظر منك فرحة تغير مجرى أيامنا فبشرنا بها يا كريم." منال نور الهدى : "اللهم اجعل هذا العيد بدايه الجبر والعوض لقلوبنا، واجعله بداية خير وبشرنا فيه بما يسرنا،

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 06-25-2018, 07:56 AM   #21


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الواحد و العشرون )


الموضوع : هدية فى الرجاء





الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الرجاء :
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الرجاء؛ البارحة في الخوف, والخوف والرجاء متكاملان, والخوف وحده من دون رجاء لا يُجدي, والرجاء وحده من دون خوف لا يجدي, والأنبياء الكرام كانوا يعبدون الله عز وجل خوفاً وطمعاً رغباً ورهباً.
والحقيقة التطرف سهل, أما التوازن فصعب؛ من السهل أن تخاف الله حتى اليأس, ومن السذاجة أن ترجو رحمته من دون عمل حتى السذاجة, أما أن تخافه بقدر ما ترجوه, فهذه محصلة الإيمان الكامل, أن ترجوه دون أن تخافه قضية سهلة فيها سذاجة جداً.
تجد إنساناً مقيماً على كل المعاصي, يقول لك: عفا الله عنا, نحن عبيد إحسان لسنا عبيد امتحان, لا يسعنا إلا رحمته وفضله, طمع في سذاجة.
وأما أن تخافه إلى درجة أن تيأس من رحمته فهذا كفر.
لذلك البطولة أن تجمع بين الخوف والرجاء؛ أن تخافه بقدر ما ترجو رحمته, أن تعبده رغباً في جنته, ورهباً من ناره.
(( يا ربي أي عبادٍك أحب إليك حتى أحبه بحبك؟ قال: أحب عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحدٍ بسوء، أحبني، وأحب من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا ربي إنك تعلم أني أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي ونعمائي وبلائي))
[ من الدر المنثور عن ابن عباس]
الآلاء: الآلاء للتعظيم, والنعماء: النعم للحب, والبلاء: للخوف؛ ولا يكتمل إيمان عبد حتى يجتمع في قلبه تعظيم لله, وخوف منه, وطمع في رحمته.
لذلك: أية دعوة إلى الله تعتمد على التخويف فقط, دعوة عرجاء لا تفلح, وأية دعوة إلى الله تعتمد على الرجاء الساذج, دعوة عرجاء لا تفلح, لا بد من أن تخافه بقدر ما ترجو رحمته. قضية الرحمة هي محصلة اتصال بالله عز وجل :
الحقيقة ربنا عز وجل له حكم بالغة في خلقه؛ نظام الأبوة والأمومة, هذا النظام أن البشر إنسان يحب امرأة, بدافع أُودع في أعماقه يُنجب منها ولداً, هذا الولد, علاقة الأب مع هذا الولد, والأم مع هذا الولد, نحن ألفناها, والشيء إذا اشتد وضوحه ضعف تأثيره, أما أنت لو ترى قلب الأم شيء لا يصدق؛ إنسان يعيش لإنسان, يتمنى أن يجوع ليشبع هذا الصغير, تتمنى أن تعرى ليلبس هذا الصغير, قلب الأم فيه رحمة, تنام لتوها يبكي ابنها فتستيقظ .
الآن: كلكم آباء, الذي عنده أولاد وبنات يعيش لأولاده.
ما الذي يُسعد الأب؟ أن يرى ابنه قد كبر, وتزوج, وله سمعة طيبة, يدخل على قلب الأب من السرور, ومن الراحة, ومن الطمأنينة, ومن قرة العين ما لا يوصف, حسناً لكن الأب لم يأته شيء مادي إطلاقاً.
نظام الأبوة ونظام الأمومة يُعرفنا بالله, إذا كانت الأم هكذا, فكيف رب العالمين؟
لو إنسان له ابن شارد, ابن منحرف - لا سمح الله ولا قدر- وبعد هذا الانحراف والشرود رجع إلى أبيه تائباً منيباً, لعلي أقول: يدخل على قلب الأب من السعادة ما لا يوصف. فقلب الأب قد أُودعت فيه رحمة لا تساوي واحد بالملايين من رحمة الله, والدليل العلماء يقولون: "أرحم الخلق بالخلق على الإطلاق رحمة رسول الله". أي: (( لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً))
[ أخرجه الحاكم عن أبي الدرداء ]
السبب: أكثرنا ما دام معافى, وأولاده أمامه, وزوجته معه, ومن حوله من أخوته وأخواته بخير, فهو بخير, أما من الذي يحمل هموم البشرية كلها؟ الأنبياء, هو بخير, وأصحابه بخير؛ لكن أمته ليست كذلك, إذاً يتألم. فالحقيقة قضية الرحمة هي محصلة اتصال بالله عز وجل. الإنسان يرحم الخلق بقدر اتصاله بالحق ويقسو عليهم بقدر بعده عنهم :
كما قلت البارحة: ترحم الخلق بقدر اتصالك بالحق, وتقسو عليهم بقدر بعدك عنهم, لأنه رحيم فمن اتصل به كان رحيماً, وإذا كانت رحمة الأم لا توصف فكيف رحمة الله عز وجل؟
لذلك: (( إذا قال العبد يا رب وهو راكع، يقول الله له : لبيك يا عبدي، فإذا قال يا رب وهو ساجد، يقول الله له : لبيك يا عبدي، فإذا قال يا رب وهو عاصٍ يقول الله له : لبيك، ثم لبيك، ثم لبيك ))
[ ورد في الأثر ]
الله ينتظرنا. (( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف بالمقبلين؟ ))
[ورد في الأثر]
فهذا الكون بُني على المحبوبية، أي الله عز وجل لأنه يحب خلقه خلقهم, خلقهم ليسعدهم؛ فالذي يرجو رحمته يعرفه, والذي لا يرجو رحمته لا يعرفه, والقانت كافر, واليائس كافر, والذي يقول: هلك المسلمون, أين الله؟ الله موجود, الإسلام لن يَهلِك, هذا دين الله, لا تقلق على دين الله أبداً, والأمر بيد الله دائماً. الإنسان بين التأديب والتكريم :
فدرس اليوم: هدي النبي في الرجاء, كما كان هديه في الخوف, والخوف والرجاء متكاملان.
المؤمن أحياناً يخاف من الله جيد, يحمله خوفه على طاعته جيد جداً, أما إذا زاد الخوف عن حدّه المعقول انقلب إلى يأس, انقلب إلى سوداوية, عندئذ ربنا عز وجل يفتح باباً من التجلي على قلب المؤمن فيسعد, يطمئن, ينتعش بهذه النفحة.
أحياناً تأتي نفحات من الله, هذه النفحات تُطمئن المؤمن, ترفع معنوياته, شعر أنه قريب من الله, فارتاح, قصر, يأتي الحجاب, يحجبه ليعود كما كان من قبل؛ فحياة المؤمن مع ربه سلسلة نفحات وأحجبة, النفحات تقربه, والحجاب يؤدبه.
والإنسان بين التأديب والتكريم؛ يتبحبح يؤدبه, يقبل يكرمه, وكلما كان الإقبال أشد كان التكريم مستمراً, وكلما كان التقصير موجوداً كان هناك تأديب.
والحقيقة المؤمنون درجات, هناك مؤمن أشد أنواع التأديب له أن يحجبه الله عنه, لا يوجد فيه شيء؛ صحته, بيته, أولاده, مكانته, كله درجة أولى, يصلي فيشعر أن هناك حجاباً.
والله عز وجل يؤدب الدعاة, يؤدب العارفين بالله, يؤدب العلماء الكبار بالطريقة, لا يوجد شيء ثان, الله عز وجل حكيم.
أي من غير المعقول أن يتأدب الإنسان وهو قدوة للناس بطريقة تزعزع مكانته؛ هذا يؤدبه بالحجاب، فالإنسان؛ كلما كان افتقاره لله شديداً, والتزامه بالحق شديداً, وطاعته لله تامة, يرفع الحجاب, تجد الطريق لله سالكاً, يغمض عينه يصبح له وجهة لله عز وجل.
الله عز وجل ما أمرنا أن نقبل عليه إلا ليقبل علينا :
فاليوم درسنا عن الرجاء, أي الله عز وجل ينتظرنا؛ ما أمرنا أن نتوب إلا ليتوب علينا, ما أمرنا أن ندعوه إلا ليستجيب لنا, ما أمرنا أن نقبل عليه إلا ليقبل علينا، هناك بعض الأحاديث يقشعر منها الجلد: ((...إِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ))
[متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
شبراً ذراعاً, ذراعاً باعاً, مشياً هرولة, لأن الله ينتظرنا, وكلنا مطلوبون, الله لم يخلق أناساً للجنة, وأناساً للنار, هذا افتراء على الله, حتى أبعد: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
[سورة طه الآية:43-44]
إنسان في السجون ناجى ربه, قال له: يا رب! إذا كانت رحمتك بمن قال: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾
هكذا, فكيف رحمتك بمن قال: ﴿سبحان ربي الأعلى﴾
وإذا كانت رحمتك بمن قال: ﴿ما أرى لكم من إله غيري﴾
–فرعون-, فكيف رحمتك بمن قال: ﴿لا إله إلا الله﴾
فابشروا.
عندما يقبل الله عز وجل إنساناً صار ملكاً؛ يقبله, ينفحه بنفحات منه, يحوطه برعايته وعنايته, والله لكل خلقه, لا يوجد تمايز أبداً. ثمن القرب من الله طاعته :
أروع كلمة قرأتها لسيدنا عمر عن سيدنا سعد بن أبي وقاص, الذي كان النبي الكريم يداعبه, ويقول له: "أروني خالاً مثل خالي".
سيد الخلق, إذا دخل سيدنا سعد يداعبه فيقول له: "أروني خالاً مثل خالي".
والنبي ما أُثِر عنه في كل حياته أنه فدَّى إنساناً إلا سيدنا سعد, قال له: (( ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))
[ أخرجه الشيخان عن علي بن أبي طالب ]
سيد الخلق يقول لك: ((...فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))
[ أخرجه الشيخان عن علي بن أبي طالب ]
ومع ذلك: قال له سيدنا عمر: "يا سعد! لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله, فالخلق كلهم عند الله سواسية, ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له)).
هذه الحقيقة العظمى في الكون, ثمن القرب منه طاعته, لكن كن أي إنسان؛ من أطراف الدنيا, من أعرق الأسر، إن لم تكن كما يريدك الله عز وجل فلست بفائز.
في الحج: الإنسان, انظر كلمة حاج, أقل كلمة تُقال هناك: حاج؛ غير معروف من هو, ولا من أين أصله؟ ولا من أي بلد؟ ولا مكانته؟ إنسان يرتدي مناشف, قال: هذا الإنسان إذا أطاع الله صار قريباً منه: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾
[سورة الحجرات الآية: 13]
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :
الشيء الذي لا يُصدق: هناك عظماء بالحياة, هناك كبراء, هناك ملوك, بيدهم الأمور كلها؛ لكن لا يوجد طريق إليهم, لا تستطيع أن تقابلهم, لا يوجد أمل أن تصله إليهم, ولا تلتقي معهم, ولا خمس دقائق, أما ربنا عز وجل ملك الملوك فله مليون طريق كلهم سالك؛ إذا الإنسان أتقن عمله صار له طريق لله, إذا كان أباً مثالياً هذا طريق ثان, أماً مثالية طريق ثالث, ابناً مثالياً طريق رابع, إذا قرأ القرآن صار طريقاً, صلى طريق, غض بصره طريق, هو جعل لك إليه ألف طريق وطريق, بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
الحديث الأول قال الله عز وجل: ((أَنا عند ظَنِّ عبدي بي, وأنا معه حيث ذكرني))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
وهناك حديث آخر: ((أنا جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني))
[ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن جابر]
ملك الملوك ينتظرك.
فالله عز وجل يُفرحه أن تتوب إليه, ملك الملوك يغفر لك الماضي كله, بكلمة واحدة: ﴿وَسَارِعُوا﴾
[سورة آل عمران الآية: 133]
انظر: ﴿إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ﴾
[سورة آل عمران الآية: 133]
الماضي مغطى بالمغفرة, والمستقبل مغطى بجنة عرضها السموات والأرض, فما الذي ننتظر؟ (( أَنا عند ظَنِّ عبدي بي...))
[ البخاري و مسلم عن أبي هريرة ]
شُرَّاح الحديث قالوا: "إذا الإنسان استغفر الله عز وجل يجب أن يغلب على ظنه أن الله غفر له, وإذا تاب يجب أن يغلب على ظنه أن الله قَبِل توبته, وإذا سأله يجب أن يغلب على ظنه أن الله سيستجيب له هذا". الرجاء جزء من الإيمان والخوف جزء من الإيمان وكل منهما شرط لازم غير كاف :
حسن الظن بالله ثمن الجنة:
(( أَنا عند ظَنِّ عبدي بي...))
[ البخاري و مسلم عن أبي هريرة ]
والله حدثني أخ كان في روسيا قال لي: أريد أن أشتري جريدة, امرأة كبيرة في السن, لمحت في جيبه مصحفاً, قالت له: أنت مسلم, قال: نعم, قالت له: أنا كنت شيوعية -ملحدة-, وكنت رئيسة الاتحاد النسائي في الاتحاد السوفييتي, فلما كبرت سني, أُحِلت إلى هذا العمل, صار معها ورم خبيث, العملية بعد يومين, قالت له: خاطبته كما يلي: "أنا لست مؤمنة بوجودك؛ لكن قالوا: إله المسلمين يشفي المسلمين, فإذا أنت موجود وشفيتني أؤمن بك".
هكذا, بهذه البساطة, امرأة على وشك الموت من هذا الورم الخبيث, بعد يومين استيقظت ولا شيء في رقبتها! وفي المستشفى صار هناك مشكلة كبيرة جداً, قبل يومين صوروها! والتزمت بالصلاة, وبالصوم.
قالت له: "أنا لست مؤمنة بوجودك؛ أما قالوا: إله المسلمين, يشفي المسلمين, فإذا شفيتني, أؤمن بك" أحسنت الظن بالله عز وجل.
ويوجد من هذه القصة ألف قصة, شيء غير كل قوانين الطب, تتدخل يد الله مباشرة.
وهناك امرأة معروفة في المغرب, مدرِّسة لغة فرنسية, مقيمة في باريس, صار معها سرطان, أعلمها الأطباء أنه بقي لها أسبوعان فقط, فقالت تمضيهم في الكعبة, فذهبت إلى الكعبة, طبعاً لأنها ميتة, قالت: أول ما طفت ثمانية عشر شوطاً بشكل مستمر, وشربت من ماء زمزم, ورأيت رسول الله في المنام, وضع يده على رأسي, -كان السرطان في رأسها-, فشفيت, رجعت إلى فرنسا, وقابلت كل الأطباء, الذين يأسوني من رحمة الله, وهناك قصص كثيرة جداً, وألفت كتاباً, الكتاب مشهور.
الله له آيات, هذا الشفاء الذاتي بحث طويل عريض, بدون أي سبب, إلا أن يد الله عز وجل الكريمة تتدخل مباشرة.
فالإنسان لا ييئس, الرجاء جزء من الإيمان, والخوف جزء من الإيمان, ولا يُغني أحدهما عن الآخر, وكل منهما شرط لازم غير كاف, لا يكفي رجاؤك, سذاجة؛ لا بد من عمل, ولا بد من أمل, العمل ينقذك من الخوف, والأمل يضعك في رحمة الله عز وجل. باب التوبة مفتوح على مصراعيه :
الحديث الثاني: عن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول -قبل موته بثلاثة أيام-: ((لا يَمُوتَنّ أحدكم, إِلا وهو يُحْسِنُ الظن بالله عز وجل))
[أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد الله]
أحياناً تجد في القوانين, يقول لك: هذه مستحيلة, لا يستطيع, هناك أشياء لا يستطيع أن يحلها, وزير طلب منه أحدهم أن يطوي ضريبة, فيجيبه: لا يوجد مجال, مهما كان لك علاقة طيبة بأعلى إنسان هذا شيء صعب.
وردت آية قرآنية يقول له سيدنا عيسى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ﴾
[سورة المائدة الآية: 118]
إنسان لا يحفظ القرآن أحب أن يكملها يقول: ﴿فإنك أنت الغفور الرحيم﴾
الآية ليست هكذا: ﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
[سورة المائدة الآية: 118]
الله عز وجل إذا أراد أن يعفو لا يوجد جهة ثانية تحاسبه, والله عز وجل يعفو, ويعفو عن الذنب الكثير. ((يا بنَ آدمَ، لو بلغتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السماءِ، ثم استَغْفَرتَني غَفَرْتُ لك، ولا أُبالي))
[ الترمذي عن أنس]
والصلحة بلمحة، وباب التوبة مفتوح على مصراعيه.
وإذا قال: يا رب قد تبت إليك, يقول: عبدي وأنا قد قبلت. من لوازم كرم الله عز وجل أنه إذا غفر لإنسان ألقى في روعه أنه غفر له :
يوجد شيء ذكرته في درس من دروس الأحد -عقب مجيئي من الحج-: أن من رحمة الله عز وجل أنه إذا غفر لك يُلقي في روعك أنه غفر لك, لا يبقيك مشوشاً, يا ترى قبلني الله؟ يملأ قلبك رضى, يملأ قلبك طمأنينة, فمن لوازم كرم الله عز وجل أنه إذا غفر لك ألقى في روعك أنه غفر لك.
وأنا أرى أن أعظم إنسان في الأرض هو من كان على صلة بالله عز وجل, أي علاقته بالله طيبة.
فالمؤمن يجب أن تكون علاقته بالله علاقة طيبة؛ علاقة حب, علاقة إخلاص, علاقة شوق, علاقة انصياع, علاقة عبودية.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 07:57 AM   #22


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثانى و العشرون )


الموضوع : هدية فى الحجامة





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
النبي في توجيهاته الطبية لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى :
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة، عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار وما أحب أن أكتوي))
[ البخاري ومسلم عن جابر]
طبعاً على موضوع الحجامة هناك عشرات بل مئات الأحاديث؛ إلا أن هذا الحديث ورد في البخاري ومسلم.
النبي عليه الصلاة والسلام في توجيهاته الطبية لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
[سورة النجم:3-4]
سأضع لكم مثالاً يوضح هذه الحقيقة: النبي عليه الصلاة والسلام وجهنا إن أردنا أن نذبح شاة أن نذبحها من أوداجها فقط، وألا نقطع رأسها، لا في عهد النبي ولا في كل المراكز العلمية في عهده في أطراف الدنيا ولا بعد ألف وأربعمئة عام؛ هناك ما يفسر هذا التوجيه؛ إلا أنه أخيراً توصل العلماء إلى أن القلب ينبض بأمر ذاتي من مركز كهربائي؛ مركز يعطي من واحد إلى ثلاثين، ومركز للستين، ومركز للمئة، فإذا تعطل أحد هذه المراكز عمل الآخر، إلا أن هذه المراكز كلها سقفها مئة، الإنسان أحياناً يخاف، يواجه عدواً، يصعد درجاً، يتحمل جهداً كبيراً؛ يأتي أمر استثنائي من الكظر عن طريق الرأس؛ فيرتفع النبض إلى مئة وثمانين نبضة، فإذا قطعنا رأس الخروف- ومهمة القلب بعد الذبح إفراغ الدم كله من الدابة- إذا قطعنا رأسه تعطل الأمر الاستثنائي؛ فبقي على الأمر النظامي من ثمانين إلى مئة؛ هذا الأمر لا يكفي لإفراغ الدم، يكفي لإفراغ ربع دم الدابة؛ الربع فقط، أما حينما يبقى الرأس عالقاً فالطريق الاستثنائي سالك؛ يأتي الأمر من الكظر عن طريق الرأس فيرتفع النبض إلى مئة وثمانين نبضة، عندئذ الدم كله يخرج من الدابة، ويصبح لحم الدابة وردياً شهياً؛ وهذه هي التزكية، هذا توجيه. توجيهات النبي إنما هي توجيهات من الله عز وجل :
قبل البارحة في الخطبة ذكرت أن رئيس أكبر مركز فضائي في العالم "قاعدة سيف كيبيدي" سئل عن موضوع الشموس، فقال: الشموس بثلاثة ألوان؛ عندنا شمس حمراء اللون، وشمس بيضاء، وشمس سوداء، فالشمس الحمراء في منتصف العمر، أما البيضاء؛ فهذه الشمس الحمراء يزداد حجمها ازدياداً مخيفاً، ثم تنكمش إلى واحد بالمئة، وينقلب لونها من لون أحمر إلى لون أبيض، أما حرارتها فصارت أضعافاً مضاعفة.
هناك مرحلة ثالثة اسمها مرحلة التكديس؛ هذه الشمس ترجع إلى حجم لا يصدق؛ لو أخذنا متراً مكعباً من الحديد؛ فانكمش إلى وزن ذرة واحدة لا ترى بالعين ولا بالمجهر، كذلك هناك شموس بفعل الضغط الشديد تغدو سوداء؛ طبعاً الحر أيضاً، ملايين الأضعاف بالحر، هذه النجوم التي انكمشت فأصبحت سوداء فيها قوة جذب مخيفة، بل هي مقبرة النجوم؛ لو أن الأرض اقتربت منها لأصبحت في حجم بيضة مع الوزن نفسه، سموها الثقوب السوداء، سموها مقابر النجوم، من شدة الضغط إلى الداخل الضوء لا يخرج منها؛ تبقى سوداء اللون؛ هذا الذي قاله رئيس هذه القاعدة الكبرى؛ وهو من أعلم علماء الأرض في الفلك، وفي الفضاء الخارجي.
وجدت في كتاب الترمذي وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أُوقِدَ على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة كالليل المظلم - قال عليه الصلاة والسلام وقودها الناس والحجارة-))
[الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة]
فهذا الإنسان الذي عاش في الصحراء، لا يوجد جامعات، ولا مراصد، ولا كمبيوتر...ولا يوجد شيء إطلاقاً؛ هذا كلام علمي؛ كلام توصل إليه العلم؛ الثقوب السوداء توصل إليها العلماء من عدة سنوات فقط؛ فهذه الموضوعات؛ الثقب الأسود، والانجذاب، ومقبرة النجوم، توصل إليها العلماء من عدة سنوات فقط؛ فعليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. الحكمة من الحجامة :
في الإنسان جهاز اسمه جهاز معامل كريات الدم الحمراء؛ هذه المعامل من أخطر الأجهزة في الإنسان؛ لو تعطلت عن العمل، أو لو توقفت عن العمل؛ لأصبحت حياة الإنسان في خطر، هذا المرض اسمه" فقر دم اللامصنع" معامل نقي الدم تكف عن تصنيع الكريات، طبعاً هذا الدم يشبه سرطان الدم، يسمونه أحياناً ابيضاض الدم، و إلى الآن لا أحد يعرف سببه ولا علاجه، وأشخاص كثيرون ماتوا بهذا المرض" فقر الدم اللامصنع".
قرأت مرة مقالة مترجمة بمركز بحوث طبي، أن نقص الدم المنتظم يصون هذه المعامل التي هي أخطر معامل بالإنسان، طبعاً يصنع في الثانية الواحدة اثنان ونصف مليون كرية؛ لأنه بكل ثانية يموت اثنان ونصف مليون كرية، ويولد من هذه المعامل اثنان ونصف مليون كرية، فحينما تربط أن هذا المعمل صيانته بنقص الدم المنتظم إذاً النبي عليه الصلاة والسلام حينما أمرنا بالحجامة لا ينطق عن الهوى، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((احتجموا لا يتغير بكم الدم فيقتلكم))
[رواه البزارعن عبد الله بن عباس]
ارتفاع الضغط..
فهناك بحوث طبية حول تفسيرها العلمي، أولاً: معالجة لارتفاع الضغط، و الإنسان عنده ما يسمونه "فيوز" بالتعبير الميكانيكي، آلة غالية جداً؛ نعمل لها وصلة ضعيفة جداً، لو جاء تيار شديد فجأة، بدلاً من أن يتلف الآلة تتلف هذه الوصلة؛ الوصلة رخيصة.
فالإنسان عنده أوعية بأنفه رقيقة الجدار جداً، لو ارتفع الضغط فجأة تتمزق الأوعية؛ فيصبح معه رعاف؛ فيتوازن الضغط.
يبدو أن الحجامة من أجل معالجة الضغط المرتفع، قال: ((احتجموا لا يتغير بكم الدم فيقتلكم))
[رواه البزار عن عبد الله بن عباس]
قالوا: هذا الحديث على التوتر الشرياني، وقالوا: على تجلط الدم، وقالوا: إن الحجامة لها علاقة بالشقيقة، وآلام الرأس المزمنة، على كلٍّ النبي أمرنا بها؛ وهو لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة :
أنا وقع تحت يدي كتاب- وبدون مبالغة- فيه مئة وخمسون حديثاً عن الحجامة؛ إلا أنه مأخوذ من كنز العمال؛ وكنز العمال فيه أحاديث ضعيفة كثيرة جداً، أما في الحد الأدنى هناك عشرون حديثاً صحيحاً في الحجامة، فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة، طبعاً النساء لسن بحاجة إلى الحجامة ما دمن دون سن اليأس، لأن الدورة الشهرية تقوم مقام الحجامة في حياتهن، لكن بعد سن اليأس النساء يحتجن إلى الحجامة كالرجال تماماً:
((احتجموا لا يتغير بكم الدم فيقتلكم))
[رواه البزار عن عبد الله بن عباس]
وما شكا إليه أحد إلا قال له: ((اذهب فاحتجم))
[ كنز العمال عن سلمى امرأة أبي رافع]
والنبي احتجم وهو في الحج، واحتجم وهو محرم، قد يقول لك إنسان: ما الفرق بينها وبين الفصادة؟ أنا أتبرع بالدم يؤخذ الدم من الشريان؛ قال بعض الأطباء: أخذ الدم من الشريان الواسع شيء، وأخذه من الشعريات الدقيقة شيء آخر، والإنسان حيثما كان هناك حركة بجسمه يكون هناك نشاط للدورة الدموية، وحيثما كان هناك منطقة ركود فالمنطقة تحتاج إلى تنشيط؛ فأوسع منطقة ركود بالجسم هي الظهر، لأنه عند المفاصل والأجهزة؛ فالحركة تسبب تنشيط الدورة الدموية، أما في أماكن أخرى فهذه الأماكن راكدة.
فيبدو أن الحجامة تتميز عن الفصادة بأن الدم يؤخذ من الأوعية الدقيقة جداً، وكأنها تجرف الذي أمامها.
هذا الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. توجيهات النبي الصحية من عند الله و ليست من اجتهاداته :
وإياك ثم إياك ثم إياك أن تعتقد أن توجيهات النبي الصحية اجتهاد منه، أو خبرة، انفِ هذا كله؛ توجيهات النبي الصحية من عند الله؛ من عند خالق الكون، في قضية الذبح؛ مستحيل أن تجد في العلم سابقاً ما يفسر هذا التوجيه؛ الآن في أوربا كلها تعلق الدابة من أرجلها، و يقطع رأسها كلياً فوراً ويبقى الدم في الدابة؛ لأن القلب بقي على الأمر النظامي- ثمانون ضربة- من ثمانين تخرج ربع الدماء أما المئة والثمانون فتخرج الدماء كلها عن طريق الأمر الاستثنائي الذي يأتي من الكظر عن طريق الرأس.
هذا الحديث ورد في البخاري ومسلم؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن كان في شيء من أدويتكم خير؛ ففي شرطة محجم،أو شربة من عسل، أو لذعة بنار؛ وما أحب أن أكتوي))
[البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله]
والله عز و جل قال: العسل فيه شفاء للناس.
أيضاً آثاره لا تصدق؛ العسل إلى أن يكون دواء أقرب منه أن يكون غذاء؛ العسل صيدلية بكاملها؛ صيدلية في لعقة، أي عدد الفيتامينات والمعادن والأنزيمات المتعلقة بالجسم لا تعد ولا تحصى.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:08 AM   #23


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثالث و العشرون )


الموضوع : هدية فى تلقية المصائب





الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلقيه المصائب :
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلقيه المصائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب- مرض- ولا هم ولا حزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه))
[رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة]
قاعدة أساسية: كل مصائب المؤمن تكفير لخطاياه؛ وتخفيف من ذنوبه، ما يصيب المؤمن من نصب- النصب هو التعب- ولا وصب - والوصب هو المرض- ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه، وفي رواية أخرى: ((ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته))
[رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة]
طبعاً هذا خاص للمؤمن؛ مصائب الكافر عقاب، مصائب الكافر ردع، مصائب الكافر قصم، لكن مصائب المؤمن دفع، ورفع، وترقية.
وهناك آية بالقرآن الكريم متعلقة بمصائب المؤمنين: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
[سورة البقرة:155-157]
الإنسان إما أن يعمل فيرقى وإما أن يصبر فيرقى :
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مُصيبة تُصِيبُ المسلم إلا كفَّر الله عنه بها، حتى الشَّوكةِ يُشاكُها))
[أخرجه مسلم، والبخاري، والترمذي، والموطأ عن عائشة]
ما من؛ "من" تفيد استغراق أفراد النوع، إنسان يمشي في الطريق، هناك مسمار في الباب بارز؛ خدشت يده- دون أي ألم- هذا الخدش داخل في المصيبة، ما من مصيبة؛ "من" تفيد استغراق أفراد النوع.
وفي رواية لمسلم: ((لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها؛ إلا نقص الله بها من خطيئته))
[مسلم عن عائشة]
وفي رواية ثالثة: ((إلا رفعه الله بها درجة، وحط الله عنه بها خطيئة))
[مسلم عن عائشة]
يبدو أن المؤمن له عند الله مرتبة؛ إما أن ينالها بعمله الصالح، وإما أن ينالها بصبره، فإذا عمله قليل ينالها بصبره؛ إما أن ينالها بعمله الصالح، وإما أن ينالها بصبره؛ معنى ذلك أمامكم خيار؛ العمل الصالح يؤدي المهمة نفسها؛ لذلك أنت اختر بين العمل الصالح وبين أن تصبر فترقى، إما أن تعمل فترقى، وإما أن تصبر فترقى.
ومن قصر بالعمل ابتلاه الله بالهم، أنت يفترض بك أن تكون لك سرعة معينة إلى الله هذه السرعة إن لم تكن بالعمل الصالح تكون بالصبر. المصائب للمؤمن تكفير لذنوبه ورفع لدرجاته :
هناك حديث آخر: (( دخل شاب من قريش على عائشة -وهي بِمنى- وهم يَضْحَكُون ، فقالت : ما يُضْحِكُكم؟ قالوا : خَرَّ فلان على طنُبِ فُسطاطِ- الطنب: الحبل، والفسطاط: الخيمة، يبدو تعثر على طنب فسطاط- فكادَتْ عُنُقُهُ،أو عينه أن تذهبَ، فقالت: لا تضحكوا، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: مَا مِنْ مُسلم يُشاكُ شوكة فما فوقها إلا كُتب له بها درجة، ومُحِيَتْ عنه بها خطيئة ))
[أخرجه مسلم والبخاري والترمذي والموطأ عن عائشة]
يجب أن نستبشر، أقل المتاعب، أقل الهموم، أقل الأحزان، أقل المصائب، نقص في الأموال، نقص في الأنفس، خوف، مرض، نقص في المحاصيل، آفة أطاحت بالموسم- هذه مصيبة- كل هذه المصائب للمؤمن تكفير لذنوبه، ورفع لدرجاته. ((عن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابنُ عباس: ألا أُرِيكَ امرأة من أهل الجنة؟ قلتُ : بلى، قال: هذه المرأةُ السوداءُ؛ أَتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: إِني أُصْرَعُ، وإِني أَتََكشَّف- تقع بالساعة- فادْع الله لي، قال: إن شئتِ صبرتِ، ولكِ الجنةُ، وإن شئتِ -دعوتُ الله- أن يعافيكِ، فقالت: أصبرُ، فقالت: فإني أتكشَّفُ فادْع الله أن لا أتكشَّف، فدعا الله لها ))
[رواه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح]
شيء آخر، قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً))
[رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري]
هذا من كرم الله عز وجل، والإنسان بالمرض كل أعماله التي كان يعملها وهو صحيح تكتب له؛ إنسان سافر؛ كل أعماله التي كان يعملها وهو مقيم تكتب له.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فمسسته؛ فقلتُ : يا رسول الله، إنك تُوعَك وَعْكا شديداً- مثل النار يده- فقال : أجل ، إني أُوعَك كما يُوعَكُ رجلان منكم، قلتُ: ذلك بأن لك أجْرين؟ قال: ' أجل، ما مِنْ مسلم يُصيبه أذى- من مَرَض فما سواه - إلا حَطَّ الله به سَيِّئاته كما تَحُطُّ الشجرةُ ورقَها ))
[ أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود]
هذا كلام مريح، مصائب المؤمنين تكفير للذنوب، وفي رواية أقولها لكم دائماً: لما رأى النبي الكريم ابنته فاطمة تشكو من الحمى، قال: "مالك يا بنيتي؟ قالت: حمى لعنها الله قال: لا تلعنيها؛ فو الذي نفس محمد بيده، لا تدع المؤمن وعليه من ذنب".
لا تدع شيئاً.
و هناك حديث آخر: ((أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخل على أمِّ السائب، فقال: مالَك تُزَفْزِفين؟- ترتجف من الحمى- قالت: الحُمَّى، لا بارك الله فيها، فقال: لا تَسُبِّي الحُمَّى، فإنها تُذْهِبُ خطايا بني آدم، كما يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحديد ))
[أخرجه مسلم عن جابر]
وجاء في الحديث القدسي: (( وعزتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحب أن أرحمه، إلا ابتليته بكل سيئة كان عملها سقماً في جسده، أو اقتاراً في رزقه، أو مصيبة في ماله أو ولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شددت عليه سكرات الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه))
[ ورد في الأثر ]
وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر- بعينيه-؛ عوضته منهما الجنة))
[أخرجه البخاري عن أنس]
المؤمن يتميز عن غير المؤمن بأنه شاكر صابر :
بقي حديثان الأول:
((عَجَبا لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيراً له، وليس ذلك لغير المؤمن))
[أخرجه مسلم عن صهيب]
هذه معاملة خاصة للمؤمن على الخير يرقى، وعلى المصائب يرقى، إن أصابهُ خير شكر فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر فكان خيراً له.
آخر مثل، المؤمن شبهه النبي بالنبات اللين؛ تأتي الريح فتفيئه- ينحني- تنتهي الريح يبقى كما كان؛ أما الكافر فمثل السنديانة؛ تأتي الريح فتقلعها مرة واحدة؛ مصيبة الكافر مصيبة قصم؛ ضربة واحدة، يكون ذا صحة، قوة، مال، عز، شأن، إلى أن يأخذ مداه؛ تأتيه ضربة قاصمة، أما المؤمن فيحاسب كثيراً؛ فهناك مرونة؛ تأتي الريح فتفيئه ثم يعود، تفيئه ثم يعود، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((مثل المؤمن كمثلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرعِ، تُفِيئها الريحُ، تَصرَعُهَا مرةً، وتَعْدِلُها أُخرى، حتى تَهيجَ ))
- حتى تعتدل- وفي رواية: (( حتّى يأتِيَهُ أَجلُهُ ))
[أَخرجه البخاري و مسلم عن كعب بن مالك]
هذه كلها أحاديث في البخاري ومسلم عن المصيبة، وكيف أنها تخفف من ذنوب المؤمن وتكفر من سيئاته.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:10 AM   #24


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الرابع و العشرون )


الموضوع : هدية فى قضاء حوائج المؤمنين



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من صحت عقيدته يعيش لعمل صالح يصلح للعرض على الله :
أيها الأخوة الكرام هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قضاء حوائج المسلمين؛ قبل أن نقرأ الأحاديث، ونشرحها إن شاء الله تعالى لابد من مقدمة.
الإنسان إذا صحت عقيدته؛ أي عرف سرّ وجوده؛ عرف حقيقة الكون؛ لماذا خلق الكون؟ ولماذا خلقت الحياة الدنيا؟ ولماذا خلق الإنسان؟ إذا عرف أنه المخلوق الأول؛ والمكلف، والمكرم، وأنه مخلوق للجنة، وأن الدنيا حياة دنيا تمهيد للحياة العليا؛ وأن ثمن الجنة تزكية النفس أولاً، والعمل الصالح ثانياً، إذا فهم هذه الحقائق؛ انطلق- بالتعبير الحديث- من إستراتيجية؛ أي هناك فلسفة، هو يعيش لعمل صالح يصلح للعرض على الله، يعيش ليزكي نفسه، لتسعد في جنة ربها إلى أبد الآبدين، هذه الحقيقة في ذهنه كل دقيقة؛ لذلك يبني حياته على العطاء، الكافر بنى حياته على الأخذ- بأي طريق- بشكل مشروع، بشكل غير مشروع؛ بشكل واضح، بشكل احتيالي، بشكل قسري، بالإمكانات، باستخدام قوته، أو باستخدام ذكائه ليأخذ، المؤمن ليعطي.
هناك بون شاسع بين المؤمن والكافر؛ هذا ينطلق من إستراتيجية، وهذا ينطلق من إستراتيجية؛ هذا ينطلق- المؤمن- من العطاء، والآخر ينطلق من الأخذ؛ لذلك الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، والطغاة أخذوا ولم يعطوا، أخذوا كل شيء، و لم يعطوا شيئاً، أما الأنبياء فأعطوا كل شيء ولم يأخذوا شيئاً؛ المؤمن تابع للأنبياء، وأهل الدنيا يتبعون الأقوياء، أهل الدنيا يأخذون؛ أي يعد نفسه ذكياً جداً إذا قدر أن يجمع أكبر قدر من المال- ولو من طريق غير مشروع- إذا قدر على أن يرفه نفسه إلى أعلى درجة، إذا قدر على أن يسكن بأفخر بيت، يركب أجمل سيارة، يقترن بأجمل امرأة، أن يكون له أعلى منصب، أن يصل لأعلى درجة من الترف والبذخ؛ يعد نفسه ذكياً وشاطراً، وهو الفهيم الوحيد، المؤمن بالعكس بقدر ما يعطي يعد نفسه ذكياً، بقدر ما يخفف عن الناس آلامها، بقدر ما يشيع الفضيلة والهدى والحق؛ يعد نفسه ذكياً؛ قضية رؤية، مثلاً هناك شخص بنى حياته على الإنفاق، و شخص بنى حياته على الاستثمار، يجمع ليشتري بيتاً، يقول لك: سيرتفع ثمنه فيما بعد، يجمع ليشتري دكاناً، يقول لك: سيرتفع ثمنها فيما بعد؛ باني حياته على التجارة، شخص باني حياته على إنفاق المال بشكل غير صحيح؛ هذا منطلق من فكرة وهذا من فكرة. العقيدة الصحيحة تضع الإنسان في مكانه الصحيح :
الحقيقة العقيدة الصحيحة تضعك في مكانك الصحيح؛ العقيدة الصحيحة تجعل حياتك مُجْدية؛ فتجد المؤمن الصادق ليس له همّ إلا هماً واحداً؛ يعطي؛ يعطي من علمه، يعطي من خبرته، يعطي من ماله؛ يخفف آلام الآخرين، يصبر الناس، يقنعهم، يدلهم على الله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
[سورة الأنعام:162]
والله هناك آية أيها الأخوة إذا الإنسان قرأها، وعرف أبعادها؛ يقشعر جلده؛ الله عز وجل خاطب سيدنا موسى؛ فقال له:﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾
[سورة طه:41]
أي أنت مصمم خصيصاً لخدمة الخلق، الناس يقلقون على الدين؛ يقول لك: الدين في خطر، أعداء الدين كثر، أعداء الدين أقوياء، أعداء الدين خبثاء، يتآمرون على الدين، أهل الأرض كلهم إهلاكهم كإهلاك واحد:
إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴾ [سورة يس:29]
الدين دين الله عز وجل وهو قادر على أن ينصره بأعدائه :
الدين دين الله عز وجل، الله عز وجل قادر على أن ينصر هذا الدين بأعدائه، والدليل: كل شيء إعلامي بيد أعداء الدين أحياناً الله عز وجل يخلق ظرفاً استثنائياً، هكذا قلة قليلة- مئتا ألف- يمرغون بالوحل أكبر دولة بالعالم، الأخبار تتناقل، الإذاعات تذيع الأخبار كلها؛ صار هناك دعاية للإسلام بشيء لا يصدق؛ أنا سمعت من يومين أن سليمان رشدي الذي ألّف كتاباً- اتهم به النبي اتهامات شنيعة جداً، وأهل بيت النبي- أربعون ألف بريطاني أسلموا عن طريق هذا الكتاب، كيف؟ كتاب صارت له ضجة كبيرة جداً، وهذا "سليمان رشدي" صدرت فتوى من الإمام الخميني بقتله؛ لفت النظر، صار الناس يريدون أن يقرؤوا الكتاب؛ يجدون أن الكتاب غير معقول؛ فيه اتهامات خطيرة جداً؛ يبحثون عن أصل الدين فيجدون أن الدين شيء عظيم فيسلمون؛ أربعون ألف إنسان أسلموا ببريطانيا من خلال كتاب"سليمان رشدي"؛ فالله عز وجل يسخر أعداءه- أعداءه الألداء- للدفاع عن دينه وهم لا يشعرون أساساً، فأنا أهم كلمة أقولها لكم: لا تقلق على هذا الدين إنه دين الله.
الدين الإسلامي واجه مؤامرات لو واجهتها جبال الدنيا كلها لانهارت؛ وهو صامد كالطود، كم مؤامرة مرت عليه بتاريخ المسلمين؟ القرامطة والشعوبيون، تجد آلاف الطوائف كلها الآن في الوحول، أين أصحابها؟ وأين مؤامراتهم؟ كله انتهى،والإسلام شامخ:﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾
[ سورة التوبة:33]
حياة المؤمن مبنية على البذل و العطاء :
لكن أنا أقلق أن الله هل سمح لي أن أنصر دينه؟ سمح لي أن أقدم شيئاً؟ سمح لي إذا وقفت بين يديه يوم القيامة يا رب! أنا عملت ما بوسعي، عملت جهدي في أن أنشر دينك، أن أنصره، اقلق فقط عن إذا سمح الله لك أو لم يسمح؛ لأنه:﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾
[سورة محمد: 38]
حياة المؤمن مبنية على العطاء؛ يعطي وقته، يعطي ماله، يعطي خبرته؛ تجد المؤمن إن كان لديه مصلحة أو حرفة؛ يعلمها ورزقه على الله، أما الثاني فيمنعها، لا يعلم أحداً؛ عنده وهم أنه إذا علم تقل رزقته، بكل المجالات إذا وازنت بين المؤمن والكافر فهناك مئة وثمانون درجة بينهما بكل شيء؛ في بيته, في زواجه- المؤمن يختار الزوجة الصالحة، ذلك يختار الزوجة الجميلة فقط لا يهمه دينها- هذا يختار حرفة تنفع الناس، ذاك يختار حرفة مربحة- ولو كان ملهى- الآن هناك ضائقة اقتصادية عامة بالعالم كله، هناك كساد, أما الفسق والفجور فرائج جداً؛ قال لي أحدهم- اشتغل بمقصف يقدم خموراً و يقدم رقصاً -قال لي: والله أرباح هذا المقصف ثمانية ملايين بخمسة وأربعين يوماً بهذه الضائقة الشديدة، بهذا الوضع الصعب؛ كل شيء واقف، الرذيلة رائجة؛ فيها أرباح طائلة، فالناس يريدون أن يربحوا؛ سواء أكان ملهى، أو محل أشرطة فيديو، تأجير بمواد محرمة؛ يريد أن يربح؛ استراتيجية المؤمن؛ المؤمن بنى حياته على العطاء، بنى حياته على خدمة الناس؛ لأنه هو الرابح، حينما يلقى الله يرى مقامه عند الله، هو يبحث عن سعادة أبدية؛ والناس يبحثون عن سعادة مؤقتة، وأنا قلت لكم سابقاً: كل مكتسبات الناس - تجد عمره خمسة وخمسين عاماً، ستين عاماً؛ مات موتاً حتى وصل إلى هنا- كل آماله منوطة باتساع شريان قلبه التاجي، كل آماله منوطة بنمو خلاياه؛ إذا اضطربت الخلايا؛ انتهى.
كان لي طالب له خال كان صاحب سينما، يأتي بأفلام منحطة؛ حتى يقبل هؤلاء الشباب ويربح هو، قال لي: أصابه مرض سرطان بالدم- بالأربعينات- فصار يبكي، هو ابن أخيه كان طالبي، فقال هذا الخال لابن أخيه: أنا جمعت حوالي خمسة أو ستة ملايين- هذه قصة بالستينات- تصور خمسة ملايين بالستينات، كان الدولار بثلاث ليرات، كان البيت ثمنه عشرة آلاف ليرة، جمعت خمسة ملايين أو ستة حتى أرفه نفسي فلم أتمكن من ذلك، كل شيء أنت تجمعه منوط بهذا الشريان التاجي، منوط بنمو الخلايا، منوط بسيولة الدم، أما الآخرة فمضمونة؛ الآخرة ليس فيها قلب، الآخرة ليس فيها سرطان، الآخرة ليس فيها أمراض، الآخرة فيها نعيم مقيم؛ فالمؤمن أعقل؛ آثر الآخرة وبذل في الدنيا، فانطلاقاً من هذه النظرة إلى العطاء في الدنيا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:(( المسلمُ أخو المسلم، لا يَظلمُهُ، ولا يُسْلِمُهُ، مَن كانَ في حاجَةِ أخيهِ كان اللهُ في حاجَتِهِ))
[ البخاري و مسلم عن عبد الله بن عمر]
مَن كانَ في حاجَةِ أخيهِ- أي باني حياته على خدمة الخلق-. للإنسان مقام عند الله يصل إليه بالعمل الصالح أو بالصبر على المصائب :
بالمناسبة إما أن تعطي، وإما أن تشغل بنفسك؛ لك عند الله مقام إما أن تصل إليه بالعمل الصالح، أو بالصبر على المصائب، فإما أن تعطي، وإما أن تبتلى، أيهما أريح؟ أن تعطي:
((....ومَن كانَ في حاجَةِ أخيهِ كان اللهُ في حاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عن مُسلِم كُرْبَة فَرَّجَ اللهُ عنه بِهَا كُرْبَة من كُرَبِ يومِ القيامةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِماً سَتَرَهُ اللهُ يوم القيامةِ ))
[ البخاري و مسلم عن عبد الله بن عمر]
هذا حال المؤمن:((لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا))
[رواه الطبراني عن عبد الله بن عمر]
هم في مساجدهم والله في حوائجهم؛ كل إنسان يخرج من ذاته لخدمة الخلق الله يتولى أموره الشخصية، أموره محلولة، ميسرة، مريحة.(( ومن فرج عن مسلم كربة))
[ البخاري و مسلم عن عبد الله بن عمر]
مهموم أقرضه، خائف طمأنه، في حيرة دلّه على الله:((وَمَنْ فَرَّجَ عن مُسلِم كُرْبَة فَرَّجَ اللهُ عنه بِهَا كُرْبَة من كُرَبِ يومِ القيامةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِماً سَتَرَهُ اللهُ))
هناك إنسان فضاح؛ يريد قصة يدندن بها، عندما يصل إلى سمعه موضوع ينشره بين الخلق و كأنه إذاعة، وهناك إنسان ستير يستر، قال لك قصة هذه بينك وبينه، أمر وأغلق، هذا المؤمن:((وَمَن سَتَرَ مُسلِماً سَتَرَهُ اللهُ يوم القيامةِ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من نفس عن مسلم مَن نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة من كُرَب الدنيا نَفَّسَ اللهُ عنه كُربة من كُرَب يوم القيامة، ومن يَسَّرَ على مُعْسِر في الدنيا، يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ على مُسلِم في الدنيا سَتَرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرَةِ، واللهُ في عَونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عَونِ أَخيهِ))
[أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود عن أبي هريرة]
الأحاديث السابقة أحاديث تحث على التعاون بين المسلمين :
هذه الأحاديث لو طبقت لكان المسلمون في حال غير هذا الحال، هذه الأحاديث كلها تعاون، تجد كل واحد يبذل جهده لخدمة أخوانه، والله عز وجل يحبنا عندئذ جميعاً، يصير يعطي الجميع؛ تجد مشكلات كبيرة جداً؛ قال لي شخص كلاماً مؤلماً جداً عن الدعارة؛ تسعون بالمئة من النساء يمارسن الدعارة عن فقر شديد، وعشرة بالمئة عن فساد، أما امرأة لها زوج ولها أولاد؛ تبيع شرفها وعرضها خلسة من أجل أن تأخذ المال- عن فقر شديد-؟! وأغنياء المسلمين غافلون، لو كان هناك أغنياء مؤمنون كانوا لا ينامون الليل؛ هناك امرأة عملت دراسة للسجون، والمصحات، ودور إصلاح الأحداث؛ وجدت أكثر المومسات عن حاجة، و قسم قليل عن فساد، أين الأغنياء؟! امرأة تبيع جسدها من أجل لقيمات! المسلمون يأثمون جميعاً؛ إذا ممكن أن تسقط المرأة من أجل المال، طبعاً هي جاهلة وفي حاجة ماسة للمال، تستغل هذه الحاجة، وتنتقل من امرأة شريفة إلى امرأة ساقطة، فلذلك المؤمن عندما يعيش للآخرين تحل مشاكل المسلمين كلها.
العطاء ثمن الجنةوالسعادة أساسها أن يخرج الإنسان من ذاته لخدمة الخلق :
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((على كُلِّ مسلمٍ صدقةٌ، قيل: أرأيت إنْ لم يَجِدْ؟ قال: يَعْتَمِلُ بِيَديْه، فينفعُ نفسَهُ ويتصدَّقُ، قال: أرأيتَ إنْ لم يستَطِعْ؟ قال: يُعينُ ذا الحاجة الملْهُوفَ، قال : قيل له: أرأيتَ إن لم يستطع ؟ قال: يأمُرُ بالمعروف، أو الخير، قال: أرأيت إنْ لم يفْعَل؟ قال: ' يُمسِكُ عن الشَّرِّ، فإنَّها صدقة))
[ أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري ]
كيفما تحرك هناك صدقة؛ الحد الأدنى الأدنى الأدنى أن يمسك أذاه عن الناس، تصدق عن نفسه أنه كف عن الناس، أو تكلم، أو أنفق، أو عمل عملاً طيباً؛ ونفع أهله وأولاده، أو خدم أو قدم ماله، في الإسلام لا يوجد إنسان ساكن هناك إنسان حركي؛ الحركة فيها بركة.
محور الدرس أن الإنسان إذا عرف الله، وعرف سرّ وجوده في هذا الكون، وعرف حقيقته، وعرف حقيقة الدنيا؛ ينطلق من إستراتيجية العطاء، العطاء ثمن الجنة، وأبلغ شيء الإنسان عند الموت يندم على عمل صالح فاته:﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾
[سورة المؤمنون:99-100]
إذاً الناس كلهم ورشة عمل للعمل الصالح، فالإنسان إذا خرج من ذاته لخدمة الخلق سعد، والسعادة أساسها أن تخرج من ذاتك لخدمة الخلق.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:11 AM   #25


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الخامس و العشرون )


الموضوع : هدية فى العمل الدؤوب



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العمل :
خطر في بالي هذا المثل تمهيداً لهذه الأحاديث؛ ماكينة خياطة قديمة، الخيط الذي يمشي في مكان معين، على معدن من أقسى المعادن، استطاع خلال ثلاثين عاماً أن يحفر مجرى له، استطاع أن يحفر هذا الخيط خلال ثلاثين عاماً من هذا المعدن القاسي ما يزيد عن واحد مليمتر نحو الأسفل.
في بعض الدوائر الحكومية- النفوس قديماً- المنزل في المرجة، تجد الرخام ممسوح أكثر من أربعة إلى خمسة سنتمترات؛ صار الدرج واضحاً جداً، وهناك أمثلة كثيرة أن العمل الدؤوب يؤثر في الأحجار، شيء خفيف، أحياناً نقطة ماء مستمرة تثقب صخراً.
هناك مجموعة أحاديث تبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العمل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
((كان للنبي صلى الله عليه وسلم حصير، وكان يُحَجِّرُهُ باللَّيل؛ فيُصلي عليه ....))
[النسائي عن عائشة]
أي يتخذه حجرة؛ الإنسان عندما يصلي على مصلى حصر نفسه - قضية نفسية - في هذا المصلى إذا وضع أمامه سترة- علامة أمامه- حصر نفسه في هذه العلامة - وهذا من السنة، الإنسان أحياناً يصلي وراء عضاضة؛ فيرتاح، لو صلى بمنتصف المسجد؛ قضية مفتوحة؛ فالإنسان حينما يحصر نفسه في مكان؛ هذا المكان يعينه على أن يجمع قلبه على الله عز وجل – فكان عليه الصلاة والسلام له حصير فكان يحجره بالليل -يجعله كالحجرة- فيصلي عليه: (( ...ويَبْسُطُهُ في النَّهار، فَيَجْلِس عليه، فجعل النَّاسُ يَثُوبُونَ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فيُصَلُّونَ بصلاته، حتَّى كَثُرُوا، فأقبَلَ عليهم وقال: يا أيُّها النَّاسُ، خُذُوا من الأعمال ما تطيقون، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتَّى تَملُّوا، وإنَّ أحَبَّ الأعمال إلى الله؛ أدَومهاَ وإن قلَّ))
[النسائي عن عائشة]
منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج متوازن لا ينتج عنه أخطار :
أحب الأعمال إلى الله - أي ركعتان كل يوم ضحى أحسن من مئة ركعة بالسنة مرة - أحَبَّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ، إنسان لزم هذا الدرس يثبت عليه، لزم صلاة الفجر في المسجد فليثبت عليها، لزم أن يصلي قيام الليل ركعتين يثبت عليهما، أما عملية الطفرة والفورة ثم الهمود؛ فهذه عملية محبطة؛ يهمك الأثر النفسي؛ العمل الدؤوب يعمل ثقة بالنفس، يعمل تراكماً، يعمل ثقة وتراكماً، أما العمل غير الدؤوب فيعمل إحباطاً، يضعف أثره، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام هذا توجيهه في مجموعة أحاديث؛ أي بساعة تألق دفع ألف ليرة صدقة، فيما بعد لم يكرر ذلك، صار معه إحباط، صار عند الله بخيلاً، عمل وندم؛ أما خمسون ليرة كل أسبوع؛ صدقة دائمة؛ فتعمل أثراً متنامياً في نفسه، تعمل له ثقة بالنفس، و تعمل له قوة تأثير، الثبات نبات، كل شيء مع الاستمرار له أثر، من دون استمرار يعمل ردة فعل معاكسة في النفس، يعمل إحباطاً، فإذا تمكن الإنسان - بعباداته، بإنفاقه، بصلواته، بصيامه، حتى في كل علاقاته - أن يثبت على شيء فهذا الشيء ينمو شيئاً فشيئاً، وهذا الشيء يعطيه ثقة بالنفس، وهذا الشيء يعطي تأثيراً.
لا أذكر أين ذهبت إلى مكان وجدت أثر شيء ضعيف، صارخ، لكن هذا الشيء الضعيف بشكل مستمر، أنا ذكرت الآن: خيط بالماكينة؛ كيف أنه قد حفر خمسة مليمترات، بأقسى أنواع المعادن، خيط بسيط لكنه يمشي في مكان مستمر، تذكرت وقع الأقدام على درج رخام، من أقسى أنواع الرخام؛ خلال أربعين عاماً، أخذ من الرخام مسافات كبيرة جداً؛ صار الدرج ممسوحاً، وهناك أمثلة كثيرة على هذا، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((وإنَّ أحَبَّ الأعمال إلى الله؛ أدَومهاَ وإن قلَّ))
[النسائي عن عائشة]
كثيراً ما يمر على المساجد شباب؛ يفور فور كبيرة؛ من قيام الليل لإنفاق إلى صدقة إلى.... وفيما بعد فجأة يتلاشى هذا الحال، ويعود إلى ما كان عليه- يسمونها نكسة، يسمونها إحباطاً - تضعف ثقته بنفسه، يظن نفسه منافقاً؛ لأنه لم يمشِ باعتدال، البارحة التقيت مع شخص، قال لي: أنا ما لزمت مسجداً، وما تعلمت على يد رجل، إلا أن بعض الكتب - بدأ يقرأها وحده، وكتب ممنوع قراءتها- فيها شطحات كبيرة جداً، فيها ألغام، قرأها وحده وصار معه فورة غير متوازنة؛ هذه الفورة أدت به إلى مرض نفسي، هذا المرض كان له آثار كبيرة جداً، فأنا قلت له: لو طبقت منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا منهج متوازن لا يمكن أن ينتج عنه أخطار، الله عز وجل قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
[سورة التوبة:119]
وقال: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
[سورة الكهف: 28]
من منهج النبي أن تلزم الجماعة و يكون لك مرجع ديني :
من منهج النبي أن تلزم الجماعة؛ من منهج النبي ان يكون لك مرجع ديني، لك ثقة به؛ أنت ابحث عن إنسان تثق به، واجعله مرجعاً لك في الدين، من منهج النبي عليه الصلاة والسلام الاستشارة و الاستخارة، فإذا لم يعبأ الإنسان لا بمنهج ولا بمرجع، وتحرك حركة وحده من دون توجيه؛ قد يصاب بمضاعفات خطيرة جداً، كان في غنى عنها؛ فلذلك أيها الأخوة، من منهج النبي عليه الصلاة والسلام أن نلزم الجماعة بشكل متوازن، أحياناً الإنسان يندفع فيهمل دراسته، ثم تذهب هذه الفورة؛ يرى كل أصدقائه تفوقوا ، معهم شهادات عليا وهو في أسفل السلم، فينقم على الدين - أنت لم تكن متوازناً- أحياناً يهمل عمله؛ فجأة يفاجأ؛ صار فقيراً، أهمل عمله؛ اختل توازنه، أهمل دراسته؛ اختل توازنه، ما خطط للزواج إطلاقاً؛ كان في فورة، هذه الشهوة خامدة، فلما ذهبت هذه الفورة سيطرت هذه الشهوة؛ ليس معه مال، لا يوجد عنده إمكانية، هذا الذي يمشي بشكل غير متوازن، لا يخطط تخطيطاً سليماً، أو إذا دعا الإنسان إلى الله، و لم يبنِ أخوانه بناء صحيح، بناء متوازن، بناء يجمع بين الحاجة والقيمة، بين الدنيا وبين الآخرة، فهو إنسان لا خير فيه، أي أعظم ما في الإسلام أنه منهج متوازن؛ اعترف بنوازعك الأرضية؛ قال لك: تزوج واعمل واكسب المال، فأحياناً تنشأ فورة انفعالية عاطفية عند بعض الشباب؛ تجده يهمل دراسته، يهمل عمله، يهمل كل شيء، هذه الفورة عندما تنتهي يجد نفسه تخلف. التوازن يقضي أن يفعل الإنسان عملاً مستمراً :
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام ما قبل أن يأخذ من سيدنا عمر كل ماله، أخذ نصف ماله للدعوة، أي عليه واجبات، هناك إنسان مستثنى فقط؛ هو سيدنا الصديق، الذي عنده إيمان لو وزع على لأهل بلد لكفاهم، إنسان فقط بتاريخ المسلمين، أما الباقي فهناك توازن، التوازن يقضي أن تفعل عملاً مستمراً:
((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل))
حتى بالعبادة، إذا الإنسان فار فورة ثم همد؛ فهذه فيها نكسة، افعل ما تطيق، لا تكلف نفسك ما لا تطيق، فالإنسان إذا حمل نفسه فوق ما يطيق ثم تراجع؛ تضعضعت ثقته بنفسه، وشعر حاله منافقاً، وشعر حاله كاذباً، أما إذا عمل عملاً مستمراً؛ فالعمل يتنامى، والثبات نبات، قال: ((خُذُوا من الأعمال ما تطيقون، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتَّى تَملُّوا، وإنَّ أحَبَّ الأعمال إلى الله ما دَامَ وإن قلَّ))
وأنا بحياتي أشخاص كثيرون سلكوا طريق الفورة والتألق السريع ثم اختفوا، وانتكسوا ويا ليتهم لم يتألقوا هذا التألق، ولم ينتكسوا هذا التنكس. أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُهاُ وإن قلَّ :
وفي رواية أخرى أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل: ((أيُّ الأعَمَال أحبُّ إلى الله ؟ قال: أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ))
[رواه أبو داود عن عائشة]
وفي رواية أخرى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((سَدِّدُوا وقاربُوا، واعلموا أنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُم عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ ))
[رواه البخاري ومسلم عن عائشة]
وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُهاُ وإن قلَّ .
أحياناً الإنسان يلزم الدرس؛ الدرس منهج متكامل؛ كتاب معين، فإذا لزم هذا الدرس حقق علماً متكاملاً، هناك شخص يأتي الدروس كلها وفيما بعد يغيب نهائياً، فأنت الزم درساً أو درسين، اثبت واصعد درجة درجة، حتى في التجارة، حتى في الأعمال؛ الطفرات المفاجئة هذه تعقبها نكسات خطيرة، عود نفسك على الثبات، أي خطوة خطوة، ضع قدمك على صخر ولا تنزع قدمك إلا إلى صخر، تعش سالماً وآمناً.
وفي رواية للبخاري:
((كان أحبُّ الأعمال إلى الله الَّذي يدومُ عليه صاحبُهُ))
[ البخاري عن عائشة]
وفي رواية لمسلم : ((كان أحبُّ الأعمال إلى الله أدومَها وإن قلَّ. وكانت عائشة إذا عَمِلتِ العمل لَزِمَتْهُ))
[مسلم عن عائشة]
إذا لزم الإنسان أن يقرأ في اليوم جزأين! أقرأ خمس صفحات في اليوم؛ أي أنا أقول لك الحد الأدنى؛ خمس صفحات؛ يحتاجون لعشر دقائق، عشر دقائق لا يغيرون منهجك، أما هذه الصفحات الخمس اليومية، قراءة متأنية مع تدبر، فجد نفسك خلال فترة معينة ختمت ختمة، أما إما أن نقرأ جزأين في اليوم، أو تدع القراءة كلياً؛ كلا؛ خطأ، أنت اقرأ، وضع لنفسك خمس صفحات، وعندما تكون نشيطاً، ومعك وقت، ومرتاح ومسرور؛ اقرأ عشر صفحات، اقرأ خمس عشرة صفحة، اعمل حداً أدنى لا ينخفض واعمل حداً أقصى، فاعمل خمس كحد أدنى، اعمل ورداً بسيطاً، هناك أوراد لطيفة؛ مئة مرة أستغفر الله، مئة مرة لاإله إلا الله، مئة مرة اللهم صلِّ على سيدنا محمد، إذاً استغفرت، ووحدت، وصليت على النبي، هذه كلها وارد فيها أحاديث صحيحة، وجدت نفسك نشيطاً قل: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم؛ نشيطاً أكثر؛ لا حول لا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
حدثني أخ - والآن والله متألق تألقاً كبيراً- قال لي: أنا ألزمت نفسي أن أقرأ "يس" كل يوم، طوال حياتي، فكأن هذه السورة تعطيني زخماً روحياً، فكلما قرأتها شعرت نفسي أني قدمت شيئاً، الزم أن تقرأ سورة معينة أو خمس صفحات من القرآن، أو أن تذكر الله عز وجل، صلِّ ركعتي ضحى، وليس ثمان، ابدأ باثنتين، اركع ركعتي قيام الليل، فقط ركعتين قبل الفجر؛ أنت صليت قيام الليل، فقط داوم عليها، يقوم ليلة ثماني ركعات، اثنتي عشرة ركعة، عشرين ركعة، و لا يعيدها بعد ذلك فأنت ابدأ بعبادة معتدلة، عبادة ثابتة.
درء المفاسد مقدم على جلب المنافع :
بالمناسبة أخطر شيء بالدين ترك الفرائض، هذه مقدمة على كل النوافل، فإن الله لا يقبل نافلة ما لم تؤد الفريضة.
فبالدين هناك شيء خطير جداً؛ ان تدع المحرمات كلها، والمخالفات كلها؛ مادمت قد تركت المخالفات والمعاصي والمحرمات فالطريق سالك إلى الله، أحد الشيوخ له كلمة لطيفة، كان له مريد يأتي إلى الجامع فيقول له: - كان لهذا الشيخ كاز قديم- مثل الكاز الذي مستودعه ملآن، والفتيلة مقصوصة، والجرس مجلس، والبلورة ممسوحة؛ يحتاج فقط إلى عود ثقاب؛ يتألق مادام مستقيماً؛ فالتألق سهل جداً، أما إذا إنسان له مخالفات، وجاء إلى المسجد؛ فبينما يعبئ المستودع، ويقص الفتيلة المحروقة، ويجلس الجرس، ويمسح البلورة؛ انتهى الدرس، لأن هذه المخالفات تعمل راناً على القلب:
﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
[سورة المطففين :14]
بالمناسبة درء المفاسد مقدم على جلب المنافع؛ الإنسان عندما يصلي قيام الليل، وله جلسة مختلطة مع النساء اللواتي لا يحللن له؛ لم يعد يقوم لقيام الليل لأنه ارتكب معصية، المعصية حجبته عن الله عز وجل؛ هذه نوافل العبادات لم يعد لها طعم، فالإنسان قبل أن يبدأ بالنوافل يجب أن يؤدي الفرائض، قبل أن يبدأ بالنوافل يجب أن يدع المحرمات كلياً؛ إذا ترك المحرمات صار الطريق سالكاً إلى الله؛ أية حركة، أي ركعتين، أي غض بصر، أي تلاوة قرآن، يصل إلى الله، وصل لأن الطريق سالك، وممهد، الطريق يمهد بالاستقامة، بالنوافل تمشي على هذا الطريق، أما إذا كان الطريق مسدوداً بالمخالفات فالنوافل لم يعد لها معنى. كلنا عند الله واحد و لا يرفعنا إلا طاعتنا له :
هناك أشياء بالإسلام خطيرة جداً؛ فالإنسان عندما يستقيم صار هناك خط ساخن بينه وبين الله، قال لي إنسان بالهاتف - من ألمانيا -: أنا من خمس و ثلاثين سنة لا أصلّي، و لا أصوم ، ولا أقوم بأي عمل؛ وعندما استقمت استقامة تامة فتح خط بيني وبين الله - أحببت عبارته - صار أكثر شيء أتمناه أن أدخل للبيت لأصلي، عندما استقام صارت الصلاة محببة له جداً، فالإنسان حكيم نفسه، يجب أن تعرف لماذا أنت غير قادر أن تصلي؟ لماذا إن وقفت بين يدي الله لا يوجد اتصال بالله؟ لماذا إذا قرأت قرآناً تتضايق؟ معنى ذلك أنك محجوب، محجوب بالمخالفات، لا تغلب نفسك، أزل المخالفات أولاً، فتجد أن الطريق صار سالكاً، الله لنا كلنا، لا تصدق أن الله لجهة دون جهة، لواحد دون واحد، الذي أعطى أخاك يعطيك، والذي أعطى الصحابة يعطيكم؛ الله موجود، وقوانينه ثابتة، وطرق التعامل معه واضحة، وكلنا عباده، ولا أحد أحسن من أحد.
مرة التقيت مع رجل عالم قال لي كلمة - كان عمري خمسة عشر عاماً -: اصدق أكثر مني تسبقني، هذه الكلمة طيرت لي عقلي، ما هذه الموضوعية؟ لا يوجد كهنوت؛ قال لي: اصدق أكثر تسبق؛ كلنا عند الله واحد:
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ*لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ*ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ*فَمَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾
[سورة الحاقة:44-47]
(( لا أمثل بهم فيمثل الله بي ولو كنت نبياً ))
تشعر نفسك أنه ليس لك أية ميزة إلا الطاعة فتتألق، ولا شيء يرفع المسلم إلا طاعته لله، عندما تؤمن لا شيء يرفعك عند الله؛ لا نسبك، ولا مكانتك، ولا ذكاؤك، ولا باعك الطويل إلا طاعتك له؛ هذه وحدها ترفعك، تعامل معه بالطاعة، واعرج في مدارج الكمال.






والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:14 AM   #26


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( السادس و العشرون )


الموضوع : هديه في العزلة لمن لا يأمن على نفسه من الاختلاط





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
العبادة أول شيء في الحياة :
أيها الأخوة الكرام، في حياة الإنسان أولويات، أول شيء في حياته أن يعبد الله عز وجل، وألصق شيء في حياته بلده، ومسقط رأسه، ومكان ولادته، وأهله، وعشيرته الذين نشأ بينهم، إذا حالت هذه البيئة التي نشأ فيها، حالت بينه وبين أن يعبد الله؛ القرآن الكريم يأمره أن يهاجر، ومن لم يهاجر يستحق دخول النار، لأن سرّ وجودك أن تعبد الله؛ فأي مكان حال بينك وبين أن تعبد الله لابد من أن تتحول إلى بلد آخر؛ إذاً أول شيء في الحياة، العبادة:
﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ﴾
[سورة النساء:97 ]
إلى آخر الآية. هدي النبي عليه الصلاة والسلام في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط :
الآن؛ الحياة الاجتماعية أساسية؛ الحياة الاجتماعية ضرورية، أما إذا أدى الاندماج في هذه الحياة إلى معصية الله؛ فلابد من أن تعتزل هذا المجتمع، هذا كلام دقيق، والذي أورد المسلمين موارد الهلاك هذا التساهل في هاتين النقطتين، من خلال الاندماج في المجتمع، ومع الأقارب، ومع الأهل،؛ صار هناك معاص و حجاب عن الله عز وجل، فاليوم الدرس؛ هدي النبي عليه الصلاة والسلام في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط.
صلة الرحم من أساسيات الدين؛ إذا أدت هذه الصلة إلى معصية فدعها، دع خيراً عليه الشر يربو، درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فنزل، فقال له: أنَزَلتَ في إِبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملكَ بينهم؟ - سيدنا سعد اعتزل- فضرب سعد في صدره، وقال اسكت، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يحب العبد التَّقيَّ الغنيَّ الخفيَّ ((

[أخرجه مسلم عن عامر بن سعد]
إن الله يحب العبد التَّقيَّ - المستقيم -، الغنيَّ عما سوى الله، الخفيَّ - الذي إذا غاب لم يفتقد، وإذا وجد لم يعرف، وهو عند الله في أعلى عليين -؛ أي ليس شرطاً أن تكون تحت الأضواء، أن تكون مهماً، وإذا دخلت فالناس يقفون، وأن تلاحقك العدسات، لا، قد تكون إنساناً مغموراً لا أحد يعرفك لكنك عند الله عظيم، لكنك عند الله كما قال الله عز وجل: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾
[سورة النجم:37]
وفيت عهد الله عز وجل؛ لأنه الآن الحياة الاجتماعية والاندماج فيها فيه معاص كثيرة جداً، نساء متفلتات، أفلام، برامج، أمسيات، سهرات، مقاصف، ندوات، فنادق، هذا كله يبعد عن الله عز وجل؛ ففي زمان الفساد، زمان التفلت؛ آوِ إلى الكهف؛ الكهف مسجدك وبيتك؛ فالإنسان دخل إلى بيته، أغلق الباب، يصلي ببيته، يقرأ القرآن، يقعد مع أولاده، يعبد الله بعيداً عن أية فتنة، عن أية ضلالة، عن أي فساد، عن أي اختلاط، فأحياناً تشتد الفتن، وتستعر؛ في مثل هذه الأزمنة يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً و يصبح كافراً؛ أفضل شيء أن تلوذ ببيت من بيوت الله، وببيتك الذي هو كهفك تؤوي إليه، فلذلك: ((إن الله يحب العبد التَّقيَّ الغنيَّ الخفيَّ))
[أخرجه مسلم عن عامر بن سعد]
سيدنا سعد صار هناك فتنة فانسحب. الاعتزال في البيت أو المسجد إذا اختلطت الأمور و تداخلت الأوراق :
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال:
((قال رجل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، قال ثم من؟ قال: رجل معتزل في شعب من الشعاب، يعبد ربه - وفي رواية: يتقي الله - ويدع الناس من شره))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي أبي سعيد الخدري]
الأمور إذا اختلطت، والأوراق تداخلت، والمضللون مع عامة المسلمين، ضلالات تطرح نظريات، تطرح كتباً ما أنزل الله بها من سلطان، تحتقر السنة أحياناً، و تقول: نكتفي بالقرآن، وهذه الآيات التي تقول: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
[سورة الحشر:7]
ماذا نفعل بها؟ وقوله تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوِل اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة﴾
[سورة الأحزاب: الآية21 ]
ماذا نفعل بهذه الآية؟
ومن أين نأتي بتفاصيل الصلوات؟ و تفاصيل الزكاة؟ وتفاصيل الأحكام الشرعية؟ وأحكام البيوع؟ وكيف أن الله سبحانه وتعالى وكَل النبي عليه الصلاة والسلام أن يبين للناس ما نزل إليهم، فكيف نقول نكتفي بالقرآن!؟ ضلالات، وترهات، واتهامات، على مستوى الكتب والتآليف و المكتبات والأفكار والندوات؛ قد تعقد ندوة لتعطيل أحكام الله عز وجل؛ قبل أسابيع جاء شخص من مصر أجريت معه ندوة قال: لا داعي لأن نقطع اليد، و قوله تعالى:
َ ﴿و السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾
[سورة المائدة: 38]
إله - خالق الكون – أمرنا بهذا، تقول: لا داعي لهذا؟! هناك أساليب للردع غير قطعية، يستخف بالقرآن وبأحكام القرآن، و طبعاً هو له مظهر ديني أيضاً، بزي ديني، وهو داعية، و ضلالات، وخزعبلات، وترهات. اتباع منهج النبي في الدعوة إلى الله عز وجل :
في زمن الفتن لذ بجامعك، لذ ببيتك، قرآنك معك، كتاب السنة معك، أخوانك حولك، اكتف بإخوانك، اكتف بالمؤمنين، اكتف بمسجد يذكر الله فيه.
سوف أقول لكم الحقيقة: الدعوة إلى الله لابد من أن تتبع منهج النبي في الدعوة، أما أن تأتي بإنسان ملحد وتقول له: تفضل اصعد؛ أسمع ملايين مملينة في العالم آراءك؛ اعمل اتجاهاً معاكساً، والناس يفرحون بهذه المحطة؛ يا أخي كلها ندوات جيدة، صاحب هذه المحطة يهودي؛ نحن في ضلال؛ أن أُمكّن إنساناً يتكلم عن كل ضلالاته، يحتقر الدين، يحتقر المسلمين، يحتقر كلام الله عز وجل، أأمكنه؟! أأسمع الملايين المملينة أفكاره، وأجعل الطرف الثاني أضعف منه - الذي يمثل الدين أضعف -؟! أهذه طريق الدعوة!؟ هذا طريق لم يفعله النبي إطلاقاً، والدعاة يجب أن يلتزموا بمنهج النبي في الدعوة، منهج النبي أن تلقي على الناس الحق، إنسان سألك تجيبه على انفراد، أما أن تعمل هذه الخصومات التي تبث في الفضاء، وتسمعها الخمس قارات، وتأتي بالطرف الصح ضعيفاً، حجته ضعيفة، لا يوجد عنده إمكانيات أن يدافع عن الدين، يظهر أمام الناس أن الإسلام ضعيف، ليس فيه حجة، الإسلام أسلوب تقليدي، أما ذلك فمتحضر، فكره نير، واقعي، قوي الحجة، جريء، أتعطي الكفر هذا الدور!؟
في الزمن الصعب عليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة :
الآن الناس بماذا انشغلوا؟ بهذه الندوات، كل يوم يقول لك: فلان ظهر، فلان تكلم، هذا الفكر الضال يسري في هذه القنوات، قنوات المجاري يسري بها، ويؤذي الناس، الذي أتمناه على الله عز وجل أن كل داعية ينبغي أن يتبع النبي في طريقة الدعوة، أما أن تُمكّن إنساناً ضالاً مضلاً أن يتكلم ما يشاء، ويسمعه الملايين المملينة؛ فهذا شيء لم يفعله النبي؛ هل ورد أن النبي عمل مناظرة أمام أصحابه مع إنسان كافر مع أن الحجة معه؟ ما فعل النبي ذلك إطلاقاً، ما التقى مع كافر وعمل مناظرة، واسأل لأجيبك! ما ورد هذا، والمشكلة أن الباطل أحياناً يتمكن من ضعاف النفوس؛ فتجد أن الإنسان الضعيف إيمانه، أو شهوته غالبة عليه، إن سمع فكرة تؤيده يتعلق بها، لم يعد يهمه الرد عليها، همه أن يفهمها هذه أعجبته.
الآن هناك أشياء كثيرة؛ كتاب مثلاً إذا أباح المعصية، أو غطى المعصية بشيء، بتعليل، بتغطية معينة؛ تجد الناس يتعلقون به تعلقاً شديداً، الآن آلاف مؤلفة يقولون لك: قد أفتوا بالربا في مصر- هذه علقت - كم حديث ديني ظهر في العالم لم يعلق أما الإفتاء بالربا فعلق؟ فأحياناً الخطأ يتمكن من الإنسان، فليس من المعقول أن أضحي بالمجتمع بأكمله عن طريق قناة فضائية، أسمع الناس الكفر، والإلحاد، والطعن بالدين، وأجعل الطرف الآخر ضعيفاً، فلذلك نحن بحاجة الآن أن نحافظ على صفائنا، نحن اجتماعيون إلى أقصى درجة؛ اجتماعيون إذا كان الوضع طبيعياً، اجتماعيون فيما بيننا، أما بحكم أنني أنا اجتماعي تزل قدمي، اجتماعي أقع بمعصية، اجتماعي أشتهي المنكر، فهذه مشكلة كبيرة؛ لذلك في الزمن الصعب؛ في زمن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، في زمن الأوراق تداخلت، في زمن الضلال طرح مع الهدى، في زمن الإنسان شعر بغربة؛ قال: في مثل هذا الزمان:
((عليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة، الزم بيتك وأمسك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة))
[صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
الخير كله في المؤاثرة :
لدينا قاعدة عامة مهمة جداً: أن الخير كله في المؤاثرة؛ ولكن لا مؤاثرة في الخير، أي مستحيل أن أؤثر إنساناً على طاعة الله؛ أنا هدفي أهديه؛ سأجلس معه، مع زوجته، بناته؛ وأتكلم عن الله! الآن أنت وقعت بالفخ ولم تعرف، وقعت بالفخ وانتهيت، أنا لا أؤثر إنساناً على طاعة الله؛ كثيراً ما تجد أشخاصاً يجتهدون أنه من الممكن أن أهدي هذه؛ لكن هذه أنثى؛ ممنوع أن تختلي معها، فأنت تنطلق من هدايتها فإذا أنت في معصية كبيرة، فهناك مزالق كثيرة جداً، ترهات كثيرة، طبعاً سبب اختياري هذه الأحاديث أنني كثيراً ما أسمع عن إنسان على أثر قليل من الانفتاح على المجتمع خسر دينه.
من اختار مصلحة بعيدة عن فتن المجتمع يكون قد أنقذ دينه :
والحديث السادس قال عليه الصلاة والسلام:
((يُوشِكُ أن يكون خيرَ مال المسلم؛ غَنَم يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجبال، ومواقع القَطْرِ، يَفِرُّ بدينه من الفتن))
[ أخرجه البخاري والموطأ وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري]
الآن في دمشق؛ محل في زقاق الجن - تصليح سيارات - أو بالمنطقة الصناعية؛ يوجد سيارات معطلة، شحم، زيت، أصوات، ومحل بالحمراء يبيع مثلاً ألبسة نسائية؛ العطر، والأناقة، والنعومة، والأغاني، أيهما أقرب للآخرة وللجنة؟! الذي في المنطقة الصناعية، هناك لا يوجد معصية، لا يوجد محلات فيها قنص؛ النساء كاسيات عاريات؛ أخ كريم فتح محلاً قال لي: والله غلطت، كل الزبائن نساء متفلتات لدرجة غير معقولة، قال لي: أنا محصن بالزواج، عندي شباب بالمحل، عندي موظفون؛ أول امرأة، وثاني امرأة، وثالث امرأة؛ هناك مشكلة؛ فكلما استطعت أن تبتعد عن مواطن الفتنة، كلما اخترت مصلحة بعيدة عن إغراءات النساء؛ كلما اخترت مصلحة بعيدة عن فتن المجتمع؛ تكون أنت قد أنقذت دينك، لذلك قال: ((يُوشِكُ أن يكون خيرَ مال المسلم غَنَم يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجبال - أي أعلاها ورؤوسها - ومواقع القَطْرِ ، يَفِرُّ بدينه من الفتن))
[ أخرجه البخاري والموطأ وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري]
الإيمان القوي يصمد أمام إغراءات الدنيا :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( منْ خَيْرِ مَعَايش الناس لهم: رَجُل مُمسِك بعِنان فرسه في سبيل الله، يَطِيرُ على مَتْنه، كلما سمع هَيْعة، أو فَزْعة، طار عليه يبتغي القتل، أو الموت مَظانَّه، أو رجل في غُنَيمة في رأس شَعَفة من هذه الشِّعاف، أو بطن واد من هذه الأودية، يُقيم الصلاة، ويُؤتي الزكاةَ، ويعبُد ربَّه حتى يأتيَه اليقين، ليس من الناس إلا في خير))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
أي يمكن أن تكون في بيت متواضع، مع أخ مؤمن جلست معه، قرأت قرآناً شعرت بصفاء، براحة، و يمكن أن تشرب فنجان قهوة بفندق خمس نجوم، جالس؛ ترى آلاف النساء شبه عرايا، أول مرة غضضت بصرك ثم هل هذا شاب أم بنت؟ تريد أن تتأكد؛ فرأيتها؛ هذا ما يحصل معنا، ينظر فلم يعد يريد أن يصلي؛ صارت الصلاة صعبة عليه؛ يريد أن يرى المناظر، فبين أن تجلس بغرفة من الدرجة العاشرة، مع أخ مؤمن، تقرأ قرآناً، وبين أن تشرب فنجان قهوة في فندق ما! اختلف الوضع اختلافاً كلياً؛ أنا أنبه لأنني لا أتكلم من هراء، أحياناً الإنسان يكون مستقيماً، منضبطاً، يؤوي إلى بيت من بيوت الله، بشكل أو بآخر تجده فلت؛ فلت من إغراء بسيط، ونحن نريد إيماناً قوياً يصمد أمام الإغراء.
إذاً هناك أربعة أحاديث: ((إن الله يحب العبد التَّقيَّ الغنيَّ الخفيَّ ))
[أخرجه مسلم عن عامر بن سعد]
(( رجل معتزل في شعب من الشعاب يتقي ربه تبارك وتعالى ويدع الناس من شره ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي أبي سعيد الخدري]
و: ((يُوشِكُ أن يكون خيرَ مال المسلم غَنَم يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجبال، ومواقع القَطْرِ، يَفِرُّ بدينه من الفتن))
[أخرجه البخاري والموطأ وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري]
((رجل في غنيمة في رأس شِعفة من هذه الشِّعف، أو بطن واد من هذه الأودية؛ يُقيم الصلاةَ، ويؤتي الزكاةَ، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين))
[رواه النسائي عن عبد الله بن عباس]
أثمن شيء في زمن الفتن أخ في الله :
بالمناسبة أثمن شيء في زمن الفتن أخ في الله، تأنس به ويأنس بك، تبثه حبك ويبثك حبه، تركن إليه، تسكن إليه، تعينه ويعينك، تأخذ بيده ويأخذ بيدك؛ فمن له أخ مؤمن فليعض عليه بالنواجذ، يحرص عليه، يلجأ له، يكثر جلسات معه؛ يصير هناك أنس، الإنسان ليس كل لحظة بالجامع، و ليس كل لحظة مع الشيخ، وليس كل لحظة مع من يحب، يجب أن يختار من بين المؤمنين مؤمنين يجلس معهم دائماً، يكون معهم؛ أحياناً يكون هناك يوم عطلة، تجلس مع أخيك فترتاح، فلابد من أن تصطفي أخوين، أو ثلاثة، هؤلاء يؤنسونك، ويحفظونك، وهم حصن لك.
درس اليوم؛ إذا كان هناك فتن فالعزلة أولى، أما إن لم يكن هناك فتن فالاختلاط أولى، المقياس أنه من خالط الناس فصبر على أذاهم، واستطاع أن يأخذ بيدهم إلى الله؛ أفضل من أن يعتزلهم، أما إذا كانوا أقوى منك، ولهم قوة جذب أكبر؛ فو الله تركهم أولى، هذا هو الأصل، نهاية المطاف: الوحدة خير من الجليس السوء، لكن الجليس الصالح خير من الوحدة، إذا كان المجتمع راقياً، والله هذا المجتمع أرقى من الوحدة بكثير، أما إذا المجتمع كله متفلت فالعزلة أولى، الآن: إذا الإنسان ذهب ليزور خالته؛ خرج له بنات خالته الثلاث بثياب متفلتة بالصيف: أهلاً!! أين إذاً صلة الرحم هذه؟ كلهن أجنبيات عنه، وهن متفلتات - اختلف الأمر - كنا بصلة رحم صرنا بثلاث معاص - هذا الذي ألح عليه، حافظ على استقامتك، وعلى صفائك، وحافظ على إخوانك المؤمنين، اجلس معهم، ولا تستبدل بهم غير المؤمنين.






والحمد لله رب العالمين




 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:16 AM   #27


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( السابع و العشرون )


الموضوع : هديه في من سلم المؤمنون من لسانة ويدة



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
المعنى الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام من الحديث التالي :
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت:
((يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من سلم المسلمون من لسانه ويده))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري]
قد يتبادر إلى الذهن المعنى الظاهري لهذا الحديث أن المسلم الذي لا يؤذي المسلمين, لا بلسانه, ولا بيده, هو أفضل المسلمين عند الله, إلا أنه قد ينشأ معنى آخر, سماه العلماء: (المعنى المخالف), أو (المعنى المعاكس), بمعنى أن غير المسلمين لا يسلمون من لسانه ويده, ممنوع أن يؤذي المسلمين وحدهم بلسانه أو بيده, ولا يتجه المنع إلى غير المسلمين.
هذا المعنى ما أراده النبي عليه الصلاة والسلام, لعل المعنى الذي أراده النبي أن سمعة المسلمين لا تُخدش من خلال تصرفات هذا الإنسان, فلو أساء لغير المسلمين يُتهم الإسلام كله, لو أكل المسلم مالاً حراماً على غير المسلم لاتهم هذا الذي هو غير مسلم المسلمين.
ودائماً وأبداًً إذا أساء إليك مسلم, تنظر إليه وحده, أما إذا أساء مسلم إلى غير مسلم, غير المسلم لا ينظر إلى أنه شخص أساء, ينظر إلى أنه دين قد أساء؛ فقبل أن تؤذي غير المسلم, وقبل أن تحتال عليه, وقبل أن تأكل ماله, وقبل أن تخدشه, عد للملايين, لأنه سيتهم الإسلام كله.
على كلٍّ؛ ينبغي أن يسلم المسلمون من لسان المسلم ويده, وينبغي أن يسلم الناس جميعاً من لسان المسلم ويده, إن كان إسلامه صحيحاً, وإن كان حريصاً على سمعة المسلمين, وإن كان حريصاً على أن يبقى اسمهم متألقاً, فعليه أن يستقيم مع الناس جميعاً.
يؤكد هذا المعنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((من غش فليس منا))
[أخرجه مسدد بن مسرهد في مسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى]
من غش؛ أي إنسان كائناً من كان. الحالات التي استثناها العلماء من أحكام الغيبة هي :
1 ـ التظلم :
أما أذى اللسان فهناك ست حالات استثناها العلماء من أحكام الغيبة: الحالة الأولى هي التظلم: الإنسان لو رفع أمره إلى القاضي, وﺇلى السلطان, أن فلاناً فعل معي كذا وكذا, فهل هذا من الغيبة؟ الجواب: لا, وإلا التغى العدل.
يمكن للمسلم أن يرفع أمره إلى القاضي, وأن يقول له: يا سيدي, فلان فعل معي كذا وكذا, فلان اغتصب مالي, فلان نهش عرضي, هذا لا يعد غيبة, إذا تظلمت إلى السلطان, وذكرت الفعل الشنيع الذي فعله أخوك معك, هذه حالة. 2 ـ أن تستعين بإنسان على إزالة منكر :
الحالة الثانية: أن تستعين بإنسان على إزالة منكر: لو أن هناك محلاً, أو بيتاً يبيع خمر سراً, وأنت ذهبت إلى إنسان قوي بإمكانه أن يمنع هذا المنكر, وذكرت له أن فلاناً الفلاني يبيع الخمر سراً من هذا البيت, فأنت إذا استعنت بإنسان قوي على أن تزيل هذا المنكر, لك أن تحدثه بما فعل هذا الإنسان, وليس هذا من الغيبة أيضاً, هذه الحالة الثانية. 3 ـ أن تستفتي المفتي في موضوع :
الحالة الثالثة: أن تستفتي المفتي في موضوع: أي فلان فعل معي كذا وكذا, ما الحكم الشرعي؟ أفعل معه كذا أم أسامحه أم ماذا أفعل؟
أخ كريم سألني قبل يومين, قال لي: بينما أنا نائم في غرفة النوم أنا وزوجتي, دخل لص إلى البيت, طبعاً ألقي القبض عليه, وأودع في السجن, قال لي: بإمكاني أن أعفو عنه, وأخفف عنه, وبإمكاني أن أضاعف له المدة, فماذا أفعل؟ قلت له: الحكم الشرعي إذا كان عفوك عنه يقربه إلى الله فينبغي أن تعفو عنه, وإذا كان عفوك عنه يزيده انحرافاً فينبغي أن تزجره, وهذا عائد إليك, وعائد إلى اجتهادك, والدليل قول الله عز وجل: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾
[سورة الشورى الآية:40]
أي من ابتغى الإصلاح بعفوه, إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يصلحه قال: ﴿فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾
[سورة الشورى الآية:40]
أما: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾
[سورة الشورى الآية: 39]
الأصل أن تنتصر, أما إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يقربه إلى الله فينبغي أن تعفو عنه, وعندئذ أجرك على الله. يجوز التعيين في التظلم وفي الاستعانة على إزالة منكر أما في الاستفتاء فممكن ألا تعين:
يوجد رأي آخر هنا فرعي: إذا الإنسان استفتى مفتياً في موضوع, وقال: يوجد رجل فعل معي كذا وكذا, لا يوجد داع أن يثني, ولا يعين, أما في موضوع التظلم فيجب أن يعين, فلان بن فلان فعل معي كذا وكذا, وفي موضوع الاستعانة بشخص قوي على إزالة منكر, ينبغي أن يقول: فلان يبيع الخمر في بيته سراً, وفي هذا البيت دعارة, وفي هذا البيت كذا و كذا.
يجوز التعيين في التظلم, وفي الاستعانة على إزالة منكر, أما في الاستفتاء فممكن ألا تعين, فلان فعل كذا وكذا, ماذا أفعل أنا؟ أو عفواً: رجل فعل مع رجل هكذا.
وأنا أرتاح كثيراً لبعض الأخوة الذين يستفتون دون أن يعينوا الأشخاص, وهناك إنسان يستحي, ويخجل أن يفضح نفسه, يقول لي: سألني صديق, ماذا أفعل؟
أكثر الأسئلة تأتي أحياناً بصيغة: أن صديقه سأله وكلفه أن يستفتي, فلا يوجد مانع؛ هذا نوع من الحكمة, ونوع من حفظ ماء الوجه, والله عز وجل ستار, وساتر, ستار العيوب. التَّائب من الذَّنب كمن لَا ذنب له :
نحن لا يوجد عندنا في الإسلام اعتراف إطلاقاً, إسلامنا فيه ستر؛ فإنسان فعل معصية لا ينبغي أن يفضح نفسه, بل إن الله عز وجل إذا ستر على عبد من الذنب الكبير, من الكبيرة أن يفضح نفسه.
أذكر قصة قديمة, من عشرين أو ثلاثين سنة, أخ هكذا في ساعة صفاء قال لي: ارتكبت الفاحشة, وقد تاب, وأصلح, وارتقى إلى الله, لكن سبحان الله! كلما نظرت إليه تذكرت فعله, كان عليه ألا يقول هكذا, لا يوجد داع, لا يوجد داع لأن تكون صريحاً بالموضوع, شخص الله عز وجل ستره, اقبل ستر الله عز وجل.
وأنا أذكر قرأت مرة: امرأة زنت أقيم عليها الحد في عهد سيدنا عمر, - وإذا أقيم الحد على إنسان, أو على امرأة, وتابت, فحدها كفارتها, وهي عند الله بريئة-, فبعد حين جاء من يخطب هذه الفتاة, ولا يعلم ما كان منها, فجاء أخوها لسيدنا عمر, وسأله, قال له: " أأذكر له ما كان منها؟ قال له: والله لو ذكرت له لقتلتك" أي لأوجعتك.
((التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ))
[أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود]
((التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ))
[أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود]
هناك إنسان يحب أن يستقصي ماضي الإنسان.
والبارحة فوجئت بسؤال: أن رجلاً شاباً تزوج من فتاة مستقيمة, ودينة, وملتزمة, إلى آخره, بعد حين علم أنها لم تكن كذلك من قبل, كانت طالبة جامعية, وكان لها أصدقاء, هو متألم جداً, وفي ضيق شديد, قلت له: هذا الضيق من الشيطان, لأن هذه الإنسانة تابت, انتهى الأمر, الإسلام يجب ما قبله, طبعاً: لا يوجد فاحشة لكن لا يوجد التزام سابقاً؛ الإسلام يجب ما قبله, يهدم ما كان قبله, الحج يهدم ما كان قبله, الهجرة تهدم ما كان قبلها.
وأنا أرى من الكمال إذا الإنسان له جاهلية, ثم صلح حاله, ألا تُذكّره بعمله السابق إطلاقاً. وموقف سيدنا يوسف لما قال: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾
[سورة يوسف الآية:100]
أيهما أخطر؟ الجب أخطر, الإنسان بالسجن حياته مضمونة, وأكله مضمون, و له مأوى, لكن ليس له مفتاح, أما بالجب فخطر الموت جوعاً, أو هلاكاً, فما ذكر أخوته بعملهم، قال: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾
[سورة يوسف الآية:100]
وما ذكر أنهم كادوا له, الشيطان دخل بيننا, أي لم يجعلهم مسيئين في نص هذه الآية, هذا أيضاً من كمال الإنسان. 4 ـ النصيحة :
الرابع هو النصيحة: إنسان يشارك شخصاً نصاباً, إنسان خطب من أسرة, وهذا الخاطب كذاب, شارب خمر, إنسان يريد أن يشتري بيتاً, وهذا البيت له إشكال بأساساته, وهناك أمر بإخلاء البيت، إنسان يريد أن يعقد صفقة مع إنسان, والصفقة لها مشكلة, فهذه نصيحة لا يُقصد منها الإفساد إطلاقاً, فالنصيحة مباحة.
صار التظلم, والاستعانة على إزالة منكر, والفتوى, والنصيحة, والمسلم يجب أن ينصح المسلمين.
أحياناً يكون هناك بيت فيه مشكلة كبيرة, يوجد عليه رهونات, يقول لك: سيأتيني زبون الآن, البيت أعجبه, أي يريد من الذي أعجبه البيت أن يعمل عقداً, يدفع عربوناً, و يمنعه من الكشف على سجله العقاري, قد يكون عليه حجوزات, أو عليه رهونات, أو إشكالات كبيرة جداً, فهو استغل رغبته بالبيت, ومنعه أن يبحث عن ماضيه, وتعلم أنت ما كان من هذا الموضوع, فهذا ليس من باب الغيبة, من باب النصيحة. 5 ـ أن يكون الإنسان مجاهراً بالفسق :
النوع الخامس لإباحة الغيبة أن يكون الإنسان مجاهراً بالفسق: هناك أشخاص يزني, ويتباهى بالزنا, يشرب الخمر, ويتباهى بشرب الخمر, فالمجاهر بالفسق لا غيبة له, هو زكى عن نفسه, هو فضح نفسه, فلا غيبة لفاسق, لفاسق مجاهر, ومن هو الذي يجاهر؟ هو الفاجر.
تجد شخصاً شرب الخمر, وستر نفسه, وشخصاً شرب الخمر, وفضح نفسه, الساتر لنفسه فاسق, أما الذي جهر بفسقه ففاجر, لا غيبة لفاجر؛ إنسان يتباهى بالمعاصي, يتباهى بأكل أموال الناس بالباطل, يتباهى بشرب الخمر, يتباهى بالزنا, هذا لا غيبة له, ذكروا الفاسق بما فيه, يحذره الناس. 6 ـ التعريف :
آخر شيء: التعريف: كنت تقول: الجاحظ, أي جحظت عيناه, تقول: الأعمش, تقول: المتنبي مثلاً, فهناك صفات للأشخاص لا يُقصد منها الغيبة إلا التعريف.
العلماء قالوا: "إذا أمكنك أن تعرفه باسم آخر, فالأولى أن تفعل ذلك".
أحياناً يكون الإنسان له اسم, وله كنية, المعلمون في المدارس يعرفون هذا الشيء, لو فرضنا اسمه أحمد, اسم ثان غير مناسب, يدعو للضحك, فإذا أنت ذكرت الاسم الأول فذلك أرقى.
كان عليه الصلاة والسلام: يغير أسماء أصحابه، قال له: "من أنت؟ قال له: أنا زيد الخيل, قال له: بل زيد الخير".
فالكمال أن تنادي الإنسان باسم محبب إليه.
بالمناسبة من حق الابن على أبيه أن يحسن تسميته، والاسم دقيق جداً، الآن هناك إنسان اسمه عدوان.
كنت مرة في محافظة, مدير التربية اسمه عدوان, عدوان والله اسم غير جميل, هناك أسماء قاسية, أسماء زاجرة.
فالإنسان عليه أن يحسن اختيار اسم ابنه, أما لو سماه اسماً خاطئاً, وأنت بإمكانك أن تسميه اسماً آخر فسمهِ.
أنا أعرف مدير مدرسة ابتدائية, رجل صالح جداً, إذا طفل له اسم يثير الضحك, يغير له اسمه المتداول أثناء العام الدراسي, أما بالسجلات فاسمه الحقيقي..
فالمؤمن ينضبط, لا يتكلم إلا بالنصيحة, أو التعريف, أو التحذير, والنصيحة, أو الاستعانة على إزالة منكر, أو الفتيا, أو التظلم.
هذه الحالات الست التي وردت في كتب الفقه, والتي يباح فيها أن تقول كلاماً يسيء إلى إنسان, لأن هذه الغيبة: ((ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته))
[ مسلم عن أبي هريرة]
البهتان أن تقول شيئاً لم يقع, أما الغيبة فأن تقول شيئاً وقع. من يسيء لغير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين :
لذلك: ((أي المسلمين أفضل؟ قال عليه الصلاة والسلام: من سلم المسلمون من لسانه ويده))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري]
المعنى الأكمل والأعمق أن سمعة المسلمين ككل تسلم من تصرفات هذا المسلم, ومن لسانه, ومن يده, أي إذا أساء إلى غير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.
مثلاً إذا إنسان أساء لإنسان, ولهذا المسيء أب محترم, فهذا الإنسان الثاني رأساً يسب أباه, يكون هذا الابن سبب مسبة لوالده, ووالده كامل, ووالده لا يستحق هذا اللوم, لكن لأن ابنه أخطأ خطأ, , جر للأب مذمة.
دائماً المسلم عندما يسيء لغير المسلمين يسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.
سمعت عن رجل, ذهب إلى أوروبا, ودرس الطب, أحب فتاة, وتزوجها, وهي أحبته حباً جماً, وقدمت له خدمات لا تقدر بثمن, سكن في بيتهم, وأكرموه, وتزوج منها, وأعانته على تعلم اللغة الأجنبية, وأعانته على الأطروحة, فلما أخذ الدكتوراه اختفى فجأة, لا يوجد مبرر لأن يختفي, فعلمت أنه عاد إلى بلده سراً, فلحقته, لم تجده في بلده, علمت أنه ذهب إلى بلد آخر بعقد, هو صار طبيباً, فانتقلت إلى البلد الآخر, وما زالت تبحث عنه, وتتصل بالمسؤولين, حتى وصل الأمر إلى ملك هذا البلد, فطرده من المملكة, وجاء في حيثيات القرار: إنك أسأت إلى مجموع المسلمين, تقول: ليقل ماذا فعلت معه حتى تركني؟
أحياناً الإنسان يسيء لمجموع المسلمين وهو لا يشعر, إذا أسأت إلى إنسان غير مسلم تسبب سمعة سيئة لمجموع المسلمين.







والحمد لله رب العالمين






 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:27 AM   #28


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثامن و العشرون )


الموضوع : هديه في الترهيب من رواية الأحاديث الموضوعة





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ديننا دين وحي و نقل وأخطر ما في النقل صحته :
أيها الأخوة الكرام: حديثان شريفان لهما علاقة وشيجة بالتشريع؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَنّ كذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
إن كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم ليس ككل كذب, هنا يوجد كذب تشريع؛ ديننا دين وحي, وديننا دين نقل, وأخطر ما في النقل صحته, فلو كذب أحدنا على رسول الله, أي روى حديثاً ضعيفاً, أو روى حديثاً موضوعاً, أحدث في الدين ما ليس منه؛ صار هناك تفرقة, صار هناك أديان, صار هناك شيع, صار هناك أحزاب, صار هناك تضارب, صار هناك انحراف, لا يجمعنا إلا الأحاديث الصحيحة, ولا يفرقنا إلا الأحاديث الموضوعة, وما من فرقة ضالة إلا اعتمدت على حديث موضوع, وما من مشكلة بين المسلمين إلا لسبب غير صحيح, لأن الصحيح يجمع, والضعيف يفرق, وكأن الله سبحانه وتعالى, كشف للنبي عليه الصلاة والسلام مسبقاً ما سيكون, لذلك كان هذا الوعيد الخطير: ((مَنّ كذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
الحديث غير الصحيح يبعد الناس عن الحقيقة :
الإنسان يتكلم, هناك رغبة عند بعض الخطباء والدعاة أن يتحفوا الناس بشيء جديد, فالشيء المألوف يدعونه, يبحثون عن شيء لم يُسمع من قبل, يقعون في هذا الفخ الكبير, أنه حديث غريب, يأتي به ليتحف الناس به, والحديث غير صحيح, فالحديث يبعد الناس عن الحقيقة؛ صار هناك انحراف بالفهم, انحراف بالتطبيق, لذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان وعيده شديداً, وهو لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى.
الإنسان قبل أن يذكر حديثاً ضعيفاً, أو موضوعاً, يجب أن يعد للمليون, قد يكون فيف توجيه خاطئ.
مرة خطيب بنى خطبة على حديث, ساعة ونصف, شرح حديث, حديث موضوع؛ كل الناس هلكى إلا العالمون, والعالمون هلكى إلا العاملون, والعاملون هلكى إلا المخلصون, والمخلصون على خطر عظيم, هذا الحديث وضعته الزنادقة للتيئيس, لم يبق هناك حديث حتى تجد حديثاً ييئسك! حديث يعمل حالة خوف غير طبيعية, وكل عطاء كبير لسبب بسيط, الحديث مشكوك فيه غير معقول بكلمة تتكلمها انتهى كل شيء.
فأنت أحسن من أن تصلي أربعين ألف سنة, كل يوم ألف ركعة, تكلم كلمة فيها موازين صحيحة, إنسان استقام, أطاع الله عز وجل, إنسان جاء بكل المعاصي والآثام, لكن حكم موته يوم الجمعة, للجنة, فتجد أحاديث ذات مقاييس مضحكة, عطاء كبير لأسباب تافهة, الحديث موضوع. من يتحرك بخلاف ما يعلم فهو منافق أما الجاهل فمحاسب :
الشيء المؤسف أنه في أكثر المساجد تدور على ألسنة الناس أحاديث غير صحيحة – موضوعة- ما قالها النبي عليه الصلاة والسلام, لأنه لا يوجد تدقيق.
فالإنسان كلما بقي بالصحاح يمشي على صخر, إن هذا العلم دين, نحن الحديث وحي: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
[سورة النجم الآية:3-4]
فإن كان الوحي مزوراً, أنت تقول: قال النبي؟!
هذا الحديث: ((مَنّ كذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
لا تفرح أنه حديث غريب, الغرابة مشكلة.
أنا أقترح ائت بالحديث المعروف المألوف, وعمق خطبه, بدل أن تأتي بشيء نادر, غريب, لا أحد سمعه, تطرب الناس فيه, لا, ائت بحديث مألوف, معروف, ورد بالصحاح, يسمعه الناس جميعاً, وأتحفنا بمعنى عميق له؛ أتحفنا بتعميق له, أتحفنا باستنباط رائع, أتحفنا بحكم فقهي, أما الآن: ((إذا لم تستح فاصنع ما تشاء))
[البخاري عن ابن مسعود]
حديث صحيح, له معان كثيرة, مألوف, المعنى المألوف: أنه في آخر الزمان لم يعد هناك حياء, لكن يوجد معنى آخر, معنى آخر راق جداً هو أنك إذا لم تستح من الله في هذا العمل لا تعبأ بكلام الناس افعله ولا تخش أحداً.
أحياناً: يكون هناك عمل عظيم, لكن الناس يتحدثون عنك, يتحدثون؛ ما دمت راضياً لله عز وجل, لا تعبأ بأحد. ((إذا لم تستح فاصنع ما تشاء))
[البخاري عن ابن مسعود]
والآن يقول لك شخص: أنا لا أعلم أنه حديث ضعيف, أنا لا علاقة لي, هنا الحديث الأول: ((من كذب علي متعمداً))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
يعرف أن هذا الحديث موضوع, و رواه, بالمناسبة: الإنسان قد يقول ما لا يعلم, أما المجرم فهو الذي يقول بخلاف ما يعلم, تعرف الحقيقة و لمصلحة, ولمكسب مادي, ولاتباع للهوى, تنطق بخلاف ما تعلم, لذلك هناك مفت يفتي بغير علم, محاسب عند الله أشد المحاسبة, لكن من هو المجرم؟ الذي يفتي بخلاف ما يعلم, يقدم فتوى لمصلحة مادية وهو يعلم خلافها, فكل إنسان يتحرك بخلاف ما يعلم منافق, أما الجاهل فمحاسب. من يعتمد في أفكاره المبتدعة على أحاديث ضعيفة أو موضوعة فهو آثم :
الآن: سيقول لك شخص: أنا لا أعرف, نقول له: اسمع الحديث, أيضاً في الصحاح:
((من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين))
[أخرجه مسلم والترمذي عن سمرة بن جندب]
هو ما دقق, ما تحقق, أما الحديث فيرى أنه كذب, الآن أول حجة: أنا لا أعرف, بالحديث الثاني: انتهت الحجة, انتهت. ((من حدث بحديث يُرى أنه كذب, فهو أحد الكاذبين))
[أخرجه مسلم والترمذي عن سمرة بن جندب]
مرة التقيت مع رجل مبطن, من فرقة ضالة, أول مأخذ أخذته عليه: كل النصوص موضوعة أو ضعيفة انتهى, المناقشة انتهت, أنت معتمد على أحاديث ضعيفة, أو على أحاديث موضوعة, الشيء الثاني هؤلاء يعتقدون أن هناك مسيحاً آخر, سيأتي بعد رسول الله, النبوة لم تنته, فرقة خطيرة جداً, تنفي وجود الجن, وتوقف الجهاد.
فأول مأخذ أخذته عليه أن الأحاديث التي اعتمد عليها في كل أفكاره المبتدعة أحاديث ضعيفة, أو موضوعة, المأخذ الثاني: الاستنباط كان ظنياً, متى سيأتي المسيح الموعود؟ عندهم أسى في الباكستان, حسناً: ما الدليل؟ قال: ﴿وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ﴾
[سورة البروج الآية:2]
هذا ليس المعنى القطعي كما تقول,في القرآن جاءت على يوم القيامة: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ* وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾
[سورة البروج الآية:1-3]
أنت حملت الآية معنى لا تحتمله, فلذلك الحديث الثاني ينفي أي حجة: ((من حدث بحديث يُرى أنه كذب))
[أخرجه مسلم والترمذي عن سمرة بن جندب]
يرى علماء الحديث أنك ما دققت, ما تحققت, ما سألت, ما بحثت عن تخريجه, فأنت آثم: ((... فهو أحد الكاذبين))
[أخرجه مسلم والترمذي عن سمرة بن جندب]
على الإنسان أن يتأكد من صحة الحديث قبل روايته :
طبعاً الحديث الأول أخواننا الكرام:
((مَنّ كذَبَ عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]
وهناك حديث: ((من أخلص لله أربعين صباحاً, تفجرت ينابيع الحكمة في قلبه))
الحديث ضعيف, هناك أناس قعدوا أربعين يوماً لكن لم يطلع معهم شيء, فانتكسوا نكسة قوية؛ لا يمكن أن ينشأ مشكلة من حديث صحيح, لا يمكن أن ينشأ إحباط, ماشي على صخر, لأن هذا التوجيه من عند الله عز وجل, من عند خالق الكون.
أعرف رجلاً درس اللغة العربية في إدلب, انطلق إلى الدين انطلاقة عجيبة, بسرعة مذهلة, اعتماداً على هذا الحديث, فعندما لم يجد الوعد الذي وعده النبي بهذا الحديث صار معه نكسة مخيفة, فأنكر الدين كله.
فأنا أجتهد, أصلي, أما أن أجد في اليوم الأربعين الأمور كلها صارت واضحة, يأتيني الفتح الفجائي على أربعين يوماً, فلعلك لم تنضج, أما تحتم فالتحتيم نوع من التألي على الله عز وجل.
وقال: ((وأنا رسول الله لا أدري ما يفعل بي ولا بكم))
[ البخاري عن أم العلاء الأنصارية]
طبعاً الحديث الأول متواتر تواتر لفظي, والمتواتر أعلى درجة في الأحاديث.
والحديث الثالث يقول عليه الصلاة والسلام - طبعاً الحديث الثالث في مسلم-: ((إن كذباً علي ليس ككذب على أحد, فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن المغيرة بن شعبة]
أحياناً النبي ما ذكر الحديث, هناك رجل فرضاً رأى هذه المعصية, أحب أن يحذر الناس منها, فعمل حديثاً, من فعل هذا ملعون.
البارحة شاهدت شاباً معنوياته محطمة, واقع بمعصية, هذه معصية لكن ليست كهذا الحديث الموضوع؛ فهناك تهديد, وهناك وعيد, وهناك وعيد بالنار, من فعلها فهي معصية لكن ليست بهذه الدرجة, هو سمع من عالم حديثاً موضوعاً عن هذه المعصية, فانهارت نفسه، وهكذا شعر بالإحباط، قلت له: لا, هذه ليست مثل هذه المعصية التي تفعلها, ليست كما تظن, مستواها أقل, فالوضع اختلف.
أحياناً يكون هناك وعيد في حديث موضوع, وهناك وعيد شديد بمعصية معينة, قد يفعلها بعض الشباب, وقد تنهار معنوياتهم, ويُسحقون إذا صدقوا, لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((إن كذِبا عليَّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليَّ متعمداً, فليتبوأ مقعده من النار))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن المغيرة بن شعبة]
يكذب على ألف إنسان, الأشخاص عاديون, أما أن تكذب على النبي عليه الصلاة والسلام متعمداً فواضحة, وغير متعمد, أي أنت تروي حديثاً لست متأكداً منه, لم تأخذه من مصدر صحيح, فهذه نصيحة لوجه الله: قبل أن تروي الحديث تأكد من صحته, انظر من أين أخذته, من أي كتاب أخذته, من رواه, في أي كتاب ورد, لأن هناك أحاديث كثيرة تثبط عزيمة الإنسان, وأحاديث كثيرة تحرفه عن سواء السبيل.





والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:33 AM   #29


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( التاسع و العشرون )


الموضوع : هديه في الحياء



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحياء من الإيمان :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ على رَجُلٍ من الأنْصَار وهُو يَعِظُ أخَاهُ في الْحياءِ، فقال عليه الصلاة والسلام:
((دَعْهُ فَإنَّ الحياءَ من الإيمانِ))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ عن عبد اللَّه بن عمر]
هذا الحديث يربط بين الخُلُق وبين الإيمان, والحقيقة التي يغفل عنها معظم الناس أنه لا يمكن أن تكون أخلاقياً إلا إذا كنت مؤمناً، لأن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى, فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً حسناً.
فالحياء من الإيمان, رحمة القلب من الإيمان, الإنصاف من الإيمان, التواضع من الإيمان, فإذا أردت خلقاً حسناً فابحث عن الإيمان, الإيمان أساس الخلق الحسن.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: ((الحياء لا يأتي إلا بخير))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عمران بن حصين]
الفضائل كلها لها حدود معتدلة, فالحياء خلق, أما الخجل فمرض, إنسان يخجل أن يطالب بحقه, يخجل أن يعلن عن اتجاهه, يستحي بدينه, هذا خجل, وإنسان يكون وقحاً, لا يعبأ بأحد مرض؛ فالخجل مرض, والوقاحة مرض, بينهما الحياء, ولو ذهبت لمعظم المكارم الأخلاقية لوجدت أن الفضيلة وسط بين رذيلتين, فالحياء فضيلة, الخجل رذيلة, الوقاحة رذيلة, الشجاعة فضيلة, التهور رذيلة, الجبن رذيلة, الكرم فضيلة, الإشراف رذيلة, التقصير رذيلة, فدائماً الفضيلة وسط بين رذيلتين: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾
[سورة البقرة الآية:143]
وسطاء, وهناك اعتدال بالخلق بين تطرفين. الحياء رادع داخلي :
فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:
((الحياء لا يأتي إلا بخير))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عمران بن حصين]
إذا الإنسان استحى أن يعمل معصية معنى هذا أن الحياء لجام, الحياء رادع داخلي, وبالمناسبة الإنسان يُحب أن يدعو إلى الله, أما إذا وجدت إنساناً أخلاقياً, و لو كان غير مسلم فإنك ستحترمه, أما إنسان غير أخلاقي أبداً, لو رأيته له عبادات لا تعبأ به إطلاقاً, لأنه لو كان له اتصال بالله لكان على شيء من الخلق, فما لم يتصل بالله إطلاقاً ستجد بالمقابل لا يوجد له أخلاق أبداً, لهذا قال عليه الصلاة والسلام: (( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ))
[ أحمد عن أبي هريرة]
قال له: (( أسلمت على ما أسلفتَ لك من خير ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام]
ولا يوجد مؤمن تفوق إلا لسبب بالجاهلية, كان له مواقف أخلاقية, فلما جاءه الهدى تفاعل معه؛ فالإنسان إن لم يكن فيه رحمة إطلاقاً, ولا يوجد عنده إنصاف أبداً, وقح إلى درجة متناهية, هذا الإنسان لا ترجو منه الخير إطلاقاً, لأنه مقطوع عن الله, فإذا بدا لك منه عبادة, أو التزام بالدين, فهذا لا يقدم ولا يؤخر, غير الملتزم الأخلاقي أقرب إلى الله من الملتزم اللاأخلاقي.
وفي رواية لمسلم: ((الحياء خير كله))
[ مسلم عن عمران بن حصين]
الحياء خير. الإيمان المنجي هو الإيمان الذي يحمل الإنسان على طاعة الله :
وعن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((الإيمان بضع وسبعون, أو بضع وستون شعبة, أفضلها قول: لا ﺇله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق, والحياء شعبة من الإيمان))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة]
الإنسان أحياناً يفعل عملاً, هذا العمل لا بد من أن يُفسَّر بالإيمان, شخص وجد قشرة موز في الطريق أزاحها, إذا أماط الأذى عن الطريق فهذا العمل يعد من أقل درجات الإيمان, وأن تصل إلى التوحيد هذا من أعلى درجات الإيمان, أعلى شيء في الإيمان التوحيد؛ فبين أن تميط الأذى عن الطريق وبين أن توحد ثلاثاً وسبعين درجة, أو ثلاثاً وستين درجة من هذه الدرجات, والحياء شعبة من الإيمان, لذلك الإيمان دائرة تتسع لكل المؤمنين, مركزها النبوة, فهناك مؤمن على المحيط, وهناك مؤمن بالأعماق, فكلما تقدمت إلى مركز الدائرة كنت أقرب إلى قوة الإيمان, مركز الدائرة النبوة.
أي كل شخص قال: لا ﺇله إلا الله, إنسان عمل عملاً صالحاً ابتغاء وجه الله, عمل صالح واحد هذا أدخله في دائرة الإيمان, لكن ما كل عمل يدخله في دائرة الإيمان يردعه عن المعاصي والآثام, الإيمان المنجي الإيمان الذي يحملك على طاعة الله, هناك إيمان غير منج, لذلك: ((الإيمان بضع وسبعون, أو بضع وستون شعبة, أفضلها قول: لا ﺇله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق, والحياء شعبة من الإيمان))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة]
الإيمان أن تجمع بين الأخذ بالأسباب وأن تتوكل على الله عز وجل :
التوحيد هو أعلى درجة في الإيمان, ما كل مؤمن موحد, الله عز وجل قال:
﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾
[سورة يوسف الآية:106]
مؤمن بالله خالق الكون, لكن يرى قوى بالحياة يتقيها ويهابها مما سوى الله عز وجل, فهذا شرك, عندنا شرك جلي, وعندنا شرك خفي؛ الجلي قلّما تجده في العالم الإسلامي, أما الخفي فمنتشر وواسع جداً. يقول الله عز وجل: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾
[سورة يوسف الآية:106]
فالإنسان إذا استطاع أن يصل إلى الإيمان بلا ﺇله إلا الله, ومات غير مشرك, وجبت له الجنة, واستحق شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام, فالنبي يشفع لمن مات غير مشرك, والشرك واسع جداً.
الإنسان إذا اعتمد على ماله فقد أشرك, إذا اعتمد على أولاده فقد أشرك, إذا اعتمد على صحته فقد أشرك, إذا اعتمد على خبرته فقد أشرك, بل إن الإيمان أن تجمع بين الأخذ بالأسباب وبين التوكل على الله, والجمع بينهما يحتاج إلى جهد, فالذي يأخذ بالأسباب يتوهم أنه وصل إلى نتائج ينسى الله عز وجل, وهذه مشكلة الغرب؛ أخذوا بالأسباب, وألَّهوها, ونسوا الله عز وجل, والشرق لم يأخذ بالأسباب فعصى, والإيمان أن تجمع بين الأخذ بالأسباب, وأن تتوكل على الله عز وجل, هذا الذي يرقى بك إلى مستوى الإيمان بلا ﺇله إلا الله, ومع الإيمان بلا ﺇله إلا الله لا ترى أحداً مع الله, ولا ترى منعماً إلا الله, ولا ترى جهة تخيفك إلا الله, هذا الإيمان كفكرة سهلة, أما أن تعيش هذا المعنى, فهذا يحتاج إلى جهد كبير, أما أن تعيش هذه الفكرة, أن تذكرها, أن تشرحها, فالقضية سهلة.
فالإنسان أحياناً يضعه الله في امتحان صعب, شخص قوي, وفيما يبدو لك أنه يفعل ما يقول, وكأن له إرادة, وفعل مستقلة عن الله عز وجل, فالإيمان البسيط يتزلزل أمام هذا الشخص القوي, أما الإيمان القوي فيضعف, الإيمان القوي يُضعف الخوف من هذا الإنسان, فلا يعبأ به. البِر و الإثم :
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال:
((سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: البِرُّ: حُسْنُ الْخُلُق، والإثمُ: مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهتَ أَن يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ))
[أخرجه مسلم والترمذي عن النواس بن سمعان]
البر: حسن الخلق, أما الإثم فما حاك في صدرك, هذه الفطرة السليمة, الإنسان يعلم علم اليقين ما إذا كان على حق, أو على باطل: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
[سورة القيامة الآية:14-15]
فالشيء الذي تكره أن يطلع الناس عليه هذا هو الشيء غير الصحيح, هذا هو الإثم بعينه, فالنفوس جبلت جبلة راقية, فما دامت على حق لا تستحي بحالها, ما دامت على باطل تستحي به, إذاً النفس بصيرة, ولو نمينا بالإنسان الفطرة العالية لحلت كل مشكلاتنا.
كل إنسان يبحث عن راحته, وعن سلامته, راحته في طاعة الله, والدليل: الطاعة مريحة للإنسان؛ الصادق مستريح, الصادق أمين, الصادق متوازن, أما الإنسان إذا خرج عن فطرته, فالاضطراب يبدأ, والكآبة تبدأ, فالكآبة هي عذاب الفطرة لصاحبها. صاحب الدين إنسان كامل ينبع كماله من اتصاله بالله عز وجل :
آخر حديث: يقول عليه الصلاة والسلام:
((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً, ولا متفحشاً, وكان يقول: إن من خياركم: أحسنكم أخلاقاً))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
غير مقبول أبداً أن تفصل بين الخلق والدين, فلان صاحب دين لكن قلبه قاس, معنى ذلك أن إيمانه ضعيف جداً, فلان صاحب دين لكنه يحب حاله, لا يصح ذلك, صاحب الدين إنسان كامل, كماله بسبب اتصاله بالله عز وجل.







والحمد لله رب العالمين


 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 06-25-2018, 08:35 AM   #30


السعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1095
 تاريخ التسجيل :  Oct 2017
 العمر : 47
 أخر زيارة : 11-22-2018 (07:57 AM)
 المشاركات : 12,670 [ + ]
 التقييم :  1432
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: هدى النبى صلى الله علية وسلم



بسم الله الرحمن الرحيم

هدى النبى صلى الله علية وسلم

الدرس : ( الثلاثون )


الموضوع : هديه في الجليس الصالح والجليس السوء



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
البيئة أخطر شيء في حياة الإنسان :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ، فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحاً خبيثَة))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري]
بعد أن تؤمن بالله, وبعد أن تستقر العقيدة الصحيحة في نفسك, أخطر شيء في حياتك البيئة التي تعيش فيها, هذه البيئة إما أن تشدك إلى الله, أو أن تشدك إلى النار, لذلك: قضية البيئة؛ أصدقاؤك, جيرانك, زملاؤك, مع من تجلس, مع من تسهر, مع من تسافر, مع من تتعامل, هذه البيئة خطيرة جداً؛ فإما أن تشدك إلى الله, وتزداد بصحبتها إيماناً وقرباً من الله, وإما أن تشدك إلى النار, فتزداد بصحبتها ضلالاً وبعداً عن الله عز وجل, والإنسان العاقل يختار أصحابه, وأصدقاءه, ومن حوله, بعناية فائقة, لأن الإنسان بساعة غفلة أحياناً قد تأتي كلمة ضالة تقع في قلبه موقعاً قوياً, الإنسان يميل للهوى, النفس تميل للهوى, تميل إلى الدنيا, تميل إلى الراحة, إلى الكسل, فقد تأتي فكرة من كافر, من فاسق, من فاجر, تريحك, تتوافق مع رغبتك, تأخذها. سنة النبي سنة توقيفية يجب أن تتبع :
فلذلك الآن سوف أنتقل إلى فكرة دقيقة: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله, طريقة دعوته إلى الله ينبغي أن تتبع بحذافيرها, سنته يجب أن تتبع, وطريقته في نشر الحق سنة توقيفية يجب أن تتبع, ما الذي يحدث الآن؟ باسم المناقشة والحوار, وباسم الاستفادة من هذه الأجهزة الفضائية, نأتي بشخصيتين؛ أحدهما كافر ملحد, والثاني مسلم, يتناقشون, أفكار الملحد أو الكافر تنتشر عبر الأقنية الفضائية, يراها مئات الملايين, معظم الناس يميلون للكسل, والشهوة, والتقصير, والدنيا, فقد تأتي أفكار هذا الملحد متوافقة مع نظرة الناس, فيتمسكون بها, لم ينتبه كيف ردّ عليه العالم؟ انتبه ماذا تكلم الأول؟ فهذه الطريقة خاطئة, وخطيرة جداً.
مرة خطر في بالي مثل؛ إنسان أمي لا يقرأ, ولا يكتب, تعرض عليه قضية: إذا إنسان انسد شريانه نوسعه بالبالون, أما نأتي بشريان من رجله؟ لكن هو لا يقرأ, ولا يكتب, بعيد عن أصول العلم, هذه قضية بمستوى عال جداً, بجراحة القلب؛ تحتاج شخصاً معه دكتوراه أولاً, تحتاج شخصاً طبيباً, تحتاج شخصاً اختصاصه قلب, تحتاج شخصاً جراحاً حتى يفهم القلب.
فنحن الناس على جهلهم, وعلى بعدهم عن الدين, رأساً نقحمهم بقضايا خلافية في الدين؛ لا يوجد عنده أساس, لا يوجد عنده مبادىء, لا يوجد عنده وسائل, فبدل أن نعلمهم أصول الدين نعلمهم خلافيات الدين, بدل أن نعلمهم من بديهيات المسلمات تكون مقياساً بيدهم, نقحمهم رأساً بأمور ثانوية جداً, وبعيدة عن أمور الدين. طريقة دعوة النبي إلى الله عز وجل ينبغي أن تتبع بحذافيرها :
لذلك يجب أن نتبع سنة النبي في الدعوة إلى الله, أما نمكن إنساناً كافراً من المسلمين فهذا شيء خطير.
مثلاً نقول لشخص: قطع اليد وحشية, نحن بعصر العلم والرقي, قطع اليد وحشية, نحن السارق نردعه, نردعه بغير قطع اليد, حسناً معنى هذا أن الإله كان خاطئاً. الله قال: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾
[سورة المائدة الآية:38]
هذا قرآن كريم, انظر كيف يتدرج؟ بدأنا أنه يوجد عندنا فقه قديم, نريد أن نجدده, ظهر عندنا نغمتان, النغمة الثانية: لا نريد السنة, نريد القرآن فقط, النغمة الثانية: لا نريد القرآن, عندما ترفض قطع يده, أنت معنى هذا أنك ترفض القرآن, لو أن الله قال: السارق والسارقة فاردعوهما, حسناً: نحن نعمل لهم ردعاً, في كل عصر طريقة ردع خاصة فيها, أما أنا أمكن إنساناً أن يقول للناس, أن يري الملايين أن قطع يد إنسان عمل وحشي, فلا يتناسب مع العصر, هذه طريقة في الدعوة ما فعلها النبي, قضية خطيرة, لا أمكن ملحداً, لا أمكن كافراً, لا أمكن إنساناً بعيداً عن الدين, لا أُسمع آراءه, وحججه للملايين.
هذا ما يفعله بعض أخواننا العرب في الخليج, الآن شغل الناس الشاغل هذه المحطات, الفضائيات, شغل الناس هذه الندوات, هذه الحواريات, ودائماً مدير الندوة منحاز, وعندما تقوى حجة الطرف الإسلامي يسكته, يسمح للطرف الثاني, كلما وصلت اللقمة للفم يوقفه, يمكن الطرف الثاني, فإذا بالمحطة صاحبها يهودي, ما قولكم؟ يهودي, مليونير يهودي. التفجير من الداخل :
هناك أسلوب اسمه التفجير من الداخل؛ أي ألا نكون سذجاً, نحن معنا كتاب, ومعنا سنة, والنبي دعا إلى الله, لكن لم يفعل النبي مناظرة أبداً, لو كان أسلوب المناظرة جيداً لفعله النبي, أتى بكافر من قريش, تعال إلى هنا, اليوم يوجد عندنا ندوة, اجلسوا اسمعوا, تفضل تكلم لنرى, نناقشه, ما فعلها النبي, الشيء الذي ما يفعله النبي ممنوع استعماله؛ يجب أن تدعو إلى الله وفق منهج رسول الله, شخص سألك تجاوبه, أما أمكّن شخصاً يتكلم على كيفه فهذا شيء خطير, طبعاً لأنه من قضية البيئة الإنسان عندما يحاط بأفكار تدعو إلى معصية, يجد المعصية سهلة, جالس في بيئة كلها شهوات, كلها انحراف, كلها تطاول, تجد الشيء طبيعي جداً، هنا الحديث:
((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري]
أخطر شيء بعدما آمنت بالله بيئتك؛ يجب أن تسهر مع مؤمنين, تعمل نزهة مع مؤمنين, تجلس مع مؤمنين, تصاحب مؤمنين, تعزم مؤمنين, تنعزم لعند مؤمنين, تشارك مؤمناً, وإلا مشكلة, الطرف الثاني إذا كان شارداً يعطيك تأثيرات سلبية وأنت تشعر, والإنسان مثلما قال النبي في دعاء له: ((اللهم لا تجعل لي خيراً على يد كافر أو منافق))
[ ورد في الأثر]
يميل الإنسان, فهذا الحديث: ((إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك ، ونافخِ الكِيْرِ، -الحداد, قال:- فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، - أي إما أن يعطيك من عطره-, وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبة))
شخص دخل لعند بائع ورود, لم يشتر, الحد الأدنى جلس دقيقتين برائحة طيبة, رائحة الزنبق, ورائحة الورود, شيء جميل, دخل لعند بائع عطر, لم يشتر, قال له: هل تسمح لي أن أنظر؟ ممكن أن أشم هذه؟ وضع له قليلاً على يده, شم, لم يشتر, لكنه استفاد, ادخل إلى عند حداد, تجد بدلتك جديدة, عليها ثقب, من أين أتى الثقب؟ من شرارة خرجت من الكير, حرقت البدلة, هذا الحد الأدنى. الوحدة خير من الجليس السوء :
لذلك قالوا: "الوحدة خير من الجليس السوء"، اجلس لوحدك، الله عز وجل قال:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾
[سورة الكهف الآية:16]
الكهف هو المسجد, بيتك الكهف, إذا البيئة سيئة؛ بيئة تفلت, بيئة اختلاط, بيئة مزاح رخيص, بيئة أفلام, بيئة فن, ليس لك مصلحة, اجلس لوحدك, أما إذا كان هناك مجلس علم, و أخوان أطهار, مؤمنون, طيبون, لا تجلس لوحدك, تستوحش. (( الجماعة رحمة والفرقة عذاب ))
[ أخرجه عبد الله، والقضاعي عن النعمان بن بشير ]
(( عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ))
[ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم في المستدرك عن عمر ]
(( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاسية ))
[ رواه أبو داود عن أبي الدرداء ]
فهذا ميزان دقيق, البيئة خطيرة جداً, وكم من مؤمن أخذ بيد مؤمن؟ وكم من مؤمن سقط لأن صاحبه غير مؤمن؟ والصاحب له تأثير كبير.
درسنا في علم النفس: الطفل في البدايات, ستون بالمئة من التأثير يأخذه عن صديقه, أكثر من أمه وأبيه, عن صديقه, فإذا صاحب الإنسان صديقاً سيئاً, دون أن يشعر الأفكار تأتيه تسللاً دون أن يشعر؛ فإما أن تبتاع منه, وتجد منه ريحاً طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة, لذلك: ﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
[سورة المجادلة الآية:22]
البراء والولاء أخطر شيء في الدين :
يوجد في الإسلام شيء اسمه: البراء والولاء, وهذا أخطر شيء في الدين؛ يجب أن توالي المؤمنين, وأن تتبرأ من المشركين, فالإنسان إذا والى غير المؤمنين, هناك خطر, خطر الانزلاق, أو لم يتبرأ من غير المؤمنين هناك خطر الانزلاق؛ ولاؤك إلى الله, ورسوله, وأوليائه, والمؤمنين, تبرئتك من الكفار, والمشركين, والمنحرفين, والعصاة.
إذا لم يوجد عند الإنسان حاسة, حاسة شم, يميز الرائحة الخبيثة من الطيبة, مشكلته مشكلة, يوجد شخص تجده ينسجم, سهرة فيها مزاح رخيص, فيها طرف جنسية بذيئة, تجده يضحك, وسعيد, هذه مشكلة, هذه بادرة خطيرة جداً, إذا لم يكن عندك نوع من الطهارة, بحيث تتأذى من عمل قذر, معنى هذا أن عندك مشكلة كبيرة.
والله مؤمن ممكن أن تجلس معه سنوات وسنوات, لا تسمع معه كلمة سيئة, لأنه صار عنده تهذيب راق, يتكلم, يشرح, يناقش, لا يوجد عنده كلمة بذيئة, لا يوجد عنده كلمة تخدش الحياء, فالعبرة أن تختار أصحابك.
أعظم سعادة للإنسان أن يكون الذين حوله على شاكلته :
أعظم سعادة للإنسان أن يكون الذين حوله على شاكلته, هذا تكريم؛ أي سهراتك, زياراتك, حتى نزهاتك, حتى أوقات فراغك, تمضيها مع من هم على شاكلتك, لذلك الله كرّم النبي بأصحابه, قال:
((إن الله اختارني, واختار لي أصحابي))
[ الجامع الصغير عن أنس]
فالإنسان إذا كان شارداً, واصطلح مع الله, يجب أن يغير الطقم كله, طقم الأصدقاء القدماء, يجب أن يغيرهم كلهم, ليس شرطاً أن يعاديهم عداء سافراً, لكن يجب أن ينسحب منهم شيئاً فشيئاً, حتى يقطع الكلام, بعدما انسحب, ومكّن إيمانه, واختار بيئة مؤمنة, إذا كان بطلاً يرجع يتفقدهم واحداً واحداً, يأتي بهم بعدما قوي, عملية شد حبل, إذا استطعت أن تشده فاجلس معه, إذا استطاع أن يشدك فابتعد عنه, وهذه مقياسها بيدك, الإنسان يمكن أن تؤثر فيه, تحمله على الطاعة, اجلس معه, و إن رغبك بالدنيا, كرهك بالدين, كرهك بالعلم, ابتعد عنه, وأخطر شيء بالإنسان بعد الإيمان الصحبة, الصاحب ساحب. البيئة الصالحة أحد أسباب رقي المؤمن :
لذلك:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
[سورة التوبة الآية:119]
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[سورة الكهف الآية:28]
هناك أحاديث كثيرة جداً مثلاً: ((لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِناً، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري]
وتلاحظ شخصين الآن في هذا العصر؛ شخص تجده متبرماً من الناس, دائماً في شكوى, وشخص لا يرى شيئاً, جالس مع المؤمنين؛ لا يوجد عنده مشكلة , لا يوجد عنده شخص غدار, شخص لئيم, شخص ثعلب, شخص محتال, هو جالس بين مؤمنين؛ كلهم صادقون, كلهم عندهم براءة, عندهم طيب, عندهم طهر.
فأنا ألاحظ الإنسان عندما يتشكى كثيراً تكون بيئته سيئة, يكون هو جيداً, لكن اختار بيئة سيئة, تؤلمه جداً, وعندما أجد شخصاً مرتاحاً, سبب راحته أنه اختار بيئة صالحة, ومن سعادة الإنسان أن تكون بيئته صالحة.
أحياناً تسهر مع شخص تصغر, مزحه فاحش, نظراته عابثة, كلامه بذيء, هذا الإنسان ليس لك, هذا لإنسان ثان؛ وهناك إنسان يسمو بك, وإنسان يهبط بك إلى أسفل سافلين؛ فيجب أن نعتني بأصحابنا, وأصدقائنا, ومع من نجلس, ومع من نسافر, ومع من نذاكر, عناية فائقة, أحد أسباب رقي المؤمن البيئة الصالحة, والآية واضحة: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
[سورة التوبة الآية:119]
كأن الآية تقول: لن تتقوا الله إلا إذا كنتم مع الصادقين.
أحياناً الإنسان يكون مقبلاً, متألقاً, ينور, اسأل عنه, يصاحب شخصاً هذا الشخص كرهه بالمسجد, كرهه بأصل الدين, حببه بالدنيا, فمال, فيجب أن نختار الأصحاب.
بالمناسبة كآباء يجب أن تتأكد من أصدقاء ابنك, هذه نقطة ثانية, أخطر شيء لابنك أصدقاؤه, فيجب أن تراقب, كذلك إذا كان أصدقاؤه جيدين, مؤمنين, فهذه علامة طيبة, ترتاح أنت, أما الذي له صديق فاسق فتعساً له، كم من إنسان انحرف بدعوة من صديق فاسق؟ وهناك حالات للانحراف التصحيح صعب, الإنسان عندما ينحرف, تزل قدمه, تصبح التوبة صعبة جداً بعد ذلك, فالبدايات أهون, الوقاية خير من العلاج.





والحمد لله رب العالمين










 
 توقيع : السعيد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الله, النبي, صلى, علية, هدى, وسلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 )
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضائل وثمرات الصلاة على النبى صلى الله علية وسلم السعيد رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 5 10-23-2018 12:01 PM
فصاحة الرسول صلى الله علية وسلم السعيد رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 3 08-07-2018 06:35 PM
مزاح النبي صلى الله عليه وسلم ليّےـلى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 6 10-13-2016 07:44 AM
النبي صلى الله عليه وسلم خليل الله منال نور الهدى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 4 06-09-2016 08:13 AM
مرض النبي صلى الله عليه وسلم سجى رِيَاض نَسَائِم عِطْرُ النُبُوَّة 5 09-08-2013 01:21 PM

HTML | RSS | Javascript | Archive | External | RSS2 | ROR | RSS1 | XML | PHP | Tags

أقسام المنتدى

|~ هدي الرحمن لتلاوآت بنبضآت الإيمان ~| @ رياض روحآنيآت إيمانية @ رياض نسائم عطر النبوة @ رياض الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ |~ قناديل الفكر بالحجة والبيآن ~| @ ريـــــــآض فلسفــة الفكـــر و الــــــرأي @ ريــــآض الـــدرر المـنـثـــــورة .. "للمنقول" @ رياض هطول الاحبة @ رياض التهآني و الإهدآءآت @ |~ صرير قلم وحرف يعانق الورق ~ | @ رياض منارة الحرف وعزف الوجدان "يمنع المنقول" @ رياض القصيدة و الشعر "يمنع المنقول" @ رياض القصة و الرواية المنقولة @ رياض صومعة الفكر واعتكاف الحرف @ رياض رشفة حرف @ |~ لباس من زبرجد وأرآئك وألوان تعانق النجوم~| @ رياض حور العين @ رياض آدم الانيق @ رياض الديكور و الاثاث @ رياض المستجدات الرياضية @ رياض ابن بطوطة لسياحة والسفر @ |~ فن يشعل فتيل الإبداع بفتنة تسحر ألباب الفنون ~| @ رياض ريشة مصمم @ رياض الصور المضيئة @ رياض الصور المنقولة @ |~ أفاق التكنولوجيا والمعلومآت الرقمية ~| @ رياض البرامج و الكمبيوتر @ رياض المنسجريات @ رياض الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية @ |~ دستور الهيئة الإدارية ~| @ رياض مجلس الادارة @ رياض المشرفين و المراقبين @ رياض الشكاوي والاقتراحات @ رياض الارشيف @ نــــور الأنــس @ ذائقة الشعر و القصائد المنقولة @ "ذائقة الخواطر والنثريات المنقولة" @ رياض رفوف الأنس @ رياض صدى المجتمع @ ريآض الآحاديث النبوية @ رياض الاعجاز القرآني @ ريآض سيرة الصحآبة رضوآن الله عليهم أجمعين @ ريآض الطفولة والأسرة @ ريآض أروقــــــة الأنــــــــس @ رياض ملتقى المرح @ رياض نفحات رمضان @ ريآض شهِية طيبة @ ريآض فعآلية رمضآن المبآرك @ ريآض الفوتوشوب @ ريآض القرآرآت الإدآرية العآمة @ ريآض برنآمج كرسي الإعترآف @ ريآض الفتوحآت والشخصيآت الإسلآمية @ ريآض التاريخ العربي والعالمي @ ريآض إبن سينآ لطب والصيدلة @ |~ وشوشة على ضفآف شهد التحلية ~| @ ريآض مجآلس على ضوء القمر @ ريآض YouTube الأعضآء " لأعمآلهم الخآصة والحصرية " @ ريآض YouTube العآم @ ريآض فكّر وأكسب معلومة جديدة @ ] البصمـــة الأولــــى [ @ رياض Facebook "فيسبوك" @ ريآض المؤآزرة والموآسآة @ رياض تطوير الذات وتنمية المهارات @ رياض فضاء المعرفة @ رياض Twitter "تويتر‏" @ رياض شبكة الأنترنت @ رياض المحادثات @ رياض سويش ماكس @ رياض الأنبياء والرسل @ رياض Google @ رياض الإدارة والمراقبين العامين @ قسم خاص بالشروحات برامج التصميم بكافة أنواعه @ رياض لأعمال المصمم المبدع "ابوفهد" @ ابداع قلم للقصة والرواية (يمنــــــع المنقــــــول) @ أرشيف فعاليات رمضان ( للمشاهدة) @ رياض خاص بأعمال المصممة الرائعة ذات الأنامل الماسية "سوالف احساس" @ |~ بانوراما للإبداع الفتوغرافي ~| @ رياض خاص بأعمال المصممة المبدعة ذات الأنامل الذهبية "سهاري ديزاين" @ |~ واحة غناءة تغازل الأطياف وتتماوج بسحر الألوان ~| @ رياض خاص بالصحفي المتألق محمد العتابي @ رياض عقد اللؤلؤ المنثور "يمنع المنقـــول" @ رياض لتعليم الفتوشوب من الألف الى الياء @


الساعة الآن 04:51 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7 Copyright © 2012 vBulletin ,
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.