عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2017, 09:57 AM   #10


الصورة الرمزية اندبها
اندبها غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1039
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 09-15-2019 (09:20 AM)
 المشاركات : 127 [ + ]
 التقييم :  637
لوني المفضل : Cadetblue
43 الرجوع من الذهاب .....بعيداً ( الجزء 7 )




بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله
فلم تمضي دقائق من وصولي للحديقة وأنا احرك رأسي يميناً وشمالاً
باحثة عن خياله ، فكنت متأكدة بانه سيأتي
فمن خلال إصرار ( مريم ) وثقتها بأنه سيأتي هو
ما أعول عليه ....
وبالفعل لم تمر لحظات حتى رأيته من بعيد بقامته الفارعة
واناقته المُبالغ فيها ولا شيء في يديه ...
سوى بعض المطويات الدعائية
والتى عرفتها بعد أن جلست
بجانبه ...
فأتجهت ناحيته وأنا أمشي وكأن على رأسي الطير
فتقدم خطوات في أتجاهي ووقف حتى أصل أليه ...
ــ مرحباً آنسة ماجدة....
زهرة الحديقة وزنبقتها الجميلة ...
ــ أهلاً أستاذ مفيد ...
ــ كيف حالك ...
ــ حالي ياوردتي هو حال الياسمينة التى تتلهف شوقاً
لمن يلثم أريجها ويتحسس مباهجها ويتنسم عبيرها
فأنا ياوردتي هكذا لا أرتاح حتى أتمتع بلقياك وأجلس
في ظِلك وأستمع لصوتك ...لأشحن وأستزيد قبل
فقدك أن فكرتي عدم الرجوع ....
هذا هو حالي ياوردتي ماجدة ...
هنا أنقلبت كل موازين فكري فأنشرح صدري
وتحركت أوصالي وأهتز كياني هزة عنيفة
ففتحت مسامات فؤادي لكلامه الذي لم أكن أتوقعه
وكأنه كان على علم بما أريد من سماع هذه
الخواطر الجياشة ...
فأنطلق لساني يترجم مافي نفسي بكلام لا أدري
كيف خرج وبأي لسان نطق ...ولكنه نطق وقال:
ــ نعم يامفيد هي هكذا
وردتك وحديقتك التى لم يسبق لأحد أن شم أريجها
ولا تحسس أوراقها
ولا جُرحت انامل من ملمس سيقانها
هذه هي وردتك التى أحتفظت بشذاها
ومخازن قطرات نداها
وإخضرار أوراقها فلم يعبث بها أحد أو سلاها ...
وستكون هكذا لمن يستحقها ويُحبها ويرعاها ...
وإن تطفل عليها أحد فلا يجد الا الأشواك
والقهر والندم من فرط التعدي على حِماها...
فأحذر يا من غزوت القلب
فوردتك مصاريعها مفتوحة فلا شمس ولا قمر
يستطيع إفساد ضوءها ولا جو سماها ...
ــ وردتي ماجدة
القُرب من الورد من غير سبب فناء
ومُحاكات أريج عِطرها يجدد اللقاء
فهذا قلبي ومفاتيحه تحت إمرة ماجدة سيدة الحديقة واللقاء ...
ــ لا فُض فوك ولا أندثرت حياتك تحت الفناء
فلا أستحق هذه الكلمات
الجميلة الخارجة ندية من قلب مليء بالرجاء ..
الرجاء لقبول زفّة قلبين تحت بريق النجوم في السماء ...
فمازال قلبي يدق ويرتعش
باول ضغط على شرايينه كي يشعر
أنه ليس بنائم أو مُكبل لحركته في هذا اللقاء ...
بادرني بعد ان صغت كلماتي والتى لا أدري
هل وصلت فكرتي له ليحذر ويعلم من انا ...
ــ ماجدة كيف انت وماهي اخبارك
فاني اعلم بأني تركتك دون أن أفسر لك ما تريدين فهمه
فان أردتي الأستفهام عن شيء فأنا جاهز لك ...
فقلت له وأنا مُنتشية من كلامه وخواطره
ــ لاتوجد أستفهامات سوي ماسألتك عنه بخصوص لعبتك
وأيضاً أريد أن أعرف من تكون أنت ...؟
اما أنا فبأختصار فتاة من طبقة متوسطة
فقاطعني وقال :
ــ اعلم ذلك من خلال طيبتك وسلوكك الطيب
فأستغربت مرة أخري في كيف يعلم وأنا لم احدثه عن نفسي
ولكن سأستغل الموقف وأستمع له بخصوص لعبته
ــ نعم ....ماهي قصة لعبتك...؟
ــ قصة لعبتي او كما تحبين ان تسميها هي
تمثال عاشرني وأنا طفل رضيع لازال في المهد ...
من هنا احببته ...
ــ ولكن كيف تحبه فمن أعطاك إياه ...؟
ـ أنا ياماجدة من عائلة معروف ثرائها
ولكثرة سفر والدي وأنشغال والدتي بالحياة الرغدة التى
نعيش فيها وأحياناً بسفرياتها
كُنت سبب في عرقلتهم في تنقلاتهم من هنا وهناك
فتم تكليف خادمة او سيدة فاضلة من الهند
وهي معروفة بنزاهتها وامانتها وحُبها للأطفال
فتم تكليفها كخادمة ومديرة ومدبرة المنزل
بالأضافة الاهتمام بي وباخوتي الأخرين
وتوفير متطلباتنا من أكل ونظافة وترتيب البيت
وأحيانا ً إستقبال الضيوف ...
فكانت هي الأم الثانية بعد والدتي
وكان هذا يرضي غرور أمي ويجعلها لاتهتم كثيراً
بمتطلبات طفل صغير لا زال يحبوا
فكانت هذه المُربية الفاضلة هي من تقوم بكل شيء
بدء بالعناية بي من نظافة واكل ولما كبرت
قليلاً ودخلت المدرسة كانت هي من تراجع لي دروسي
وبحكم انها تتقن الانجليزية ،
كانت تساعدني كثيراً في الواجبات
المدرسية ....فتجلس بجانبي وتهتم بي
حتى اتعب وانام فتنقلني الي فراشي ...
واحياناً اجلس بجانبها في حجرتها الخاصة
واكتب واجباتي تحت أشرافها ...
وعندما يتملكني النوم
انام بجانبها ...
وكانت امي لاترى في ذلك غضاضة
بل تفرح لأطمأنانها على أبنها وأنه في أيدي أمينة
ومن عادة هذه السيدة الفاضلة انها قبل أن تنام
تصلي ....
فلم أكن أدري ماهي الصلاة الا ماتعلمته من المدرسة
ولم يكن لأبي أو أمي أي دور حتى في تعليمي الصلاة
فكنت حينما أراها جالسة مع أعواد البخور
وهي متجهة نحو مُربع صغير فيه تمثال لأمراة لها أيدي كثيرة
كنت أسألها ماذا تفعلين ....؟
تقول :
ــ أني أصلي ....لربي هذا
وتشير للتمثال
فأقول من باب الأستغراب لاني لم أرى أي رجل من أهلي
او حتى امي يصلي أمام تمثال ...
ــ كيف تصلين لهذا الحجر ...؟
ـ فكانت تقول لي انه الإله الذي خلق الكون وهو من يعطيني
الصحة والنعمة والحياة ..والنجاح في كل شيء
فلفت أنتباهي لكلمة النجاح فقلت لها :
ــ هل أفهم منك أن صليت له سأنجح ....؟
فقالت :
ــ نعم ولكن أحذر أن يراك أحد من أهلك
ـ لماذا....؟
فالكل يصلي أمام بعض ولا مشكلة ...
ـ لا يا ابني الصلاة عندكم عامة
اما نحن فهي خاصة ونفعلها لوحدنا كي لا يرانا احد ....
لذلك ياماجدة من باب أني صغير وطفل لايفقه شيء
كنت اجلس بجانبها وأفعل ماتفعل وأذهب للمدرسة
فصدف اني نجحت لأني في الأصل أُعتبر من التلاميذ النشيطين
فأتيت لها في غياب والدي ووالدتي المتكرر
وقلت لها
ـ ماما ( كنت أناديها ماما )
انا نجحت ....ومن الاوائل
ـ فقالت ماذا تفعل أن نجحت ....؟
رددت عليها وقلت ....
ـ لا أعلم ...
فقالت :
ـ يجب ان تصلي لربك وتشكره
على أنه ساعدك على النجاح
فتعال معي ...
فذهبت معها الى حجرتها وجلست كما جلست
وأشعلت اعواد من البخور وبدأت أصلي للتمثال ...
فتعودت على هذا الامر
الي أن حصل موقف
من أبي حين دخل فجأة في احد الأيام
فبحث عني في حجرتي ...فلم يجدني
فصعد لحجرة المربية فوجدني أصلي بجانبها
فغضب غضباً شديداً وانهال عليّ بالضرب
وقال للخادمة أنت لاتستحقين البقاء هنا فانت أفسدت ابني
وجعلتيه وهو صغير لايفقه شيء ...جعلتيه
مثلك يعبد الأصنام ....
فاخرجي غير مأسوف عليك ...
فقالت له وسيل من الدموع تجري على وجهها:
أهكذا هو المعروف الذي أستحقه منك
فأين ذهبت تربيتي لأبنك وخدمتك أنت والسيدة الفاضلة
والاهتمام بكل شيء في غيابكم المتكرر ....؟
فهل أستحق كل هذا لمجرد أن أبنك يجلس بجانبي ...؟
فما كان من أبي الا أن طردها...وأبلغ السلطات
المحلية وسمع بها الناس وأنتشرت حتى في الصحف
من أن الخادمات الهنديات يُفسدنا أطفال المسلمين ...
فالحقيقة ياماجدة لم أخرج من هذا الأمر
ولم أنساه لانه أنطبع في قلبي ولم أرد أن اتخلي عنه
وهو حُبي لهذه المرأة وحُب كل شيء منها
بدء بحاجياتها التى رماها أبي في الشارع
فأسرعت حينها واخذت هذا التمثال ليبقى ذكرى لي منها ...
هنا بادرته بسؤال مُحرج
ـ ولكن يامفيد أنت كنت طفل ولا تعلم شيء
فلماذا تُصر على أهمية هذا التمثال حتى وانت كبير الان
وتقول عنه أنه جالب للخير والبركة والراحة ....؟
ـ نعم أنا أفعل ذلك للشعور الذي أنطبع في نفسي منذا الطفولة
ولم يغيره أحد حتى أهلي لم يستطيعوا تغييره
فقالوا ربما حينما يكبر سيعرف
لوحده الخطأ من الصواب ....
ـ هل تعلم يامفيد
ان مشكلتك تكررت كثيراً في الدول الخليجية
التى تتنافس على الخدم من الهند
والفلبين وسيرلانكا وحتى من اوروبا
وهل تعلم أن المشاكل التى يعاني منها المجتمع الخليجي خاصة
والعربي عامة جاء من جراء استقدام الخدم الوثنيين وتركهم
ليغيروا ويبدلوا اخلاق ومناهج اطفالهم بحجة التنافس
بين العائلات في من يستقدم جنسية مغايرة للتي عند الأخر
وهل تعلم ان المفاسد الأخلاقية انتشرت في داخل البيوت
عن طريق الخادمات الأسياويات.....
وهل تعلم ان انتشار الأوبئة والانحرافات الغير اخلاقية
اتت من هذه الشريحة الخدمية التى تستقدمها
الشركات المُدعية انها تساعد
على توفير العمالة الرخيصة....
ـ نعم ياماجدة اعلم ذلك ولكن وجب
أن نتطور أمام زحف العلمنة الفكرية والثقافية حتى نواكب
المسيرة ولا نتخلف عنها بأمور ثانوية
فكل تقدم او محاولة الوصول للقمة لابد لها من نتائج
سلبية ....ولكن لايهم طالما أننا ننجح في البناء والتشييد
ونبذ التطرف والتحيز لدين دون الاخر ومعاملة الكل
سواسية ولا نفرق بين جنسية واخري او دين واخر ...
فالعالم كله يستقدم الخدم من جميع الجنسيات
فلماذا يُحلل لهم ويُحرم علينا نحن العرب.....؟
سرحت بخيالي مع ( مريم ) حين سمعته يتكلم
وكأنها هي التى تحادثني الأن وليس هو فقلت:
ـ العالم الاخر يا مفيد هو صفحة مفتوحة تتلقى كل شيء
وتطبق كل شيء ولا تهتم الا بما يفيدها أقتصادياً فقط
اما اجتماعياً فهم لايهتمون له ...
أما نحن فبناء المجتمع هو الأساس لانه لدينا شرائع
وقوانين تشريعية سماوية تحكمنا ....
لذلك أقول لك هذه أحدى المفاسد التى اٌبتليت بها
امتنا العربية المسلمة وهي الثروة التى لم نقدرها حق
قدرها فاتت إلينا فجأة فأنطلقنا هنا وهناك نعبث بكل شيء
حتى وصل الأمر بدخول العبث لبيوتنا ولعائلاتنا ولمجتمعاتنا ...
واخيراً وصل الأمر لأفساد حتى ديننا ....
مثل ماحدث لك ولأسرتك تماماً ....
فأسمح لي يامفيد ان أقول لك
حتى وأن لم اكن مُلتزمة وكثيرة الاخطاء
ولكن أقول لك أن ماتفعله من عبادة غير الله هو كفر واضح
ولا يستحق الجدال فيه ....
ـ ماجدة أسمحي لي أن استأذن الأن
فلي بعض المشاغل وربما سألتقي بك مرة أخري
وأريد أن أستفسر ياوردتي الجميلة هل أعجبكِ الكتاب ...؟
فقبل قليل كان يناديني بوردتي
وكنت سعيدة مُبتهجة جداً ....أما الان
لأول مرة حين سمعت كلمة وردتي تمنيت أنه لم يلفظها
على لسانه ...لا أدري لماذا
ولكن شعرت أنها زائفة وأنها خرجت من فم كله شوك
وأسلاك شائكة .....لماذا .....؟
لا أدري .....
فقلت له :
ـ نعم هو كتاب مثل كل الكتب لا جديد فيه ....
فما كان مني الا أن أستأذنت بالانصراف وأعقبت
وقلت له:
ـ اسمح لي بالذهاب لقضاء بعض المشاغل ....
ـ حسناً هل أراك مرة ثانية
ـ ربما ولكن دع اللقاء للظروف ....
ـ شكراً على تخصيص وقتك لهذا اللقاء ...
ـ مع السلامة
فأنصرفت دون أن أنتظر منه كلمة
فقبل ذلك كنت أخر من يغادر ، أما اليوم
فسيعلم من أكون ....
.......
اخوتنا الكرام
مالذي سيحدث لماجدة بعد هذا اللقاء العاصف
وهل ستستمرفي سعيها للحصول عليه
أم ستنقلب عواطفها في اتجاه اخر...
هذا ماسيتم معرفته في الجزء 8
من
الرجوع من الذهاب....بعيداً
تقديري وامتناني لمتابعاتكم الطيبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم...اندبها




 
 توقيع : اندبها




رد مع اقتباس